صفحات العالم

مع الإخوان ذلك أفضل كثيراً

 

باسم يوسف

فيها إيه لما الإخوان يحكموا ويتمكنوا؟ لا صحيح؟ فيها إيه؟ أليسوا من هذا البلد؟ ألا يحملون الجنسية المصرية؟ لماذا نعاملهم كأنهم من كوكب آخر أو من بلد آخر؟

 يا أخي هؤلاء مواطنون مثلنا مثلهم، لماذا لا نثق بهم؟ لماذا لا نسكت و”نهدّي اللعب شويتين” حتى يتسنى لهم حكم البلد في هدوء وليتمكنوا من تطبيق مشروعهم؟

فيها إيه يعني لو وضعوا رجال الجماعة في كل الوظائف؟ الحمد لله هم الآن موجودون ومتغلغلون في الصف الثاني من القيادات والوزارات، وبكرة تكْمل إن شاء الله.

 هم لا يريدون السلطة يا أخي، بل هم يطبقون نفس استراتيجيتهم التي كانوا ينتهجونها في السابق، فيسيطرون على النقابات والجمعيات العمومية ويتركون منصب النقيب لمن يضمنون تعاونه.

هم يا سيدي ليسوا بحاجة إلى منصب وزير أو محافظ.

 ليه تحتاج وزير خارجية وأنت عندك عصام حداد في منصب همايوني كمستشار الرئيس للشؤون الخارجية؟

ليه تحتاج منصب محافظ الإسكندرية وأنت عندك حسن البرنس في منصب همايوني أكثر كنائب محافظ؟

هم قوم يؤمنون بالمشاركة مادامت مشاركتك صورية وأليفة، فهناك دائماً متسع للجميع في السلطة، ولكن كمستشار لا يؤخذ برأيك أو مسؤول صوري مريح لا وزن لك في نفس الوقت الذي يدير عملك نائبك الإخواني.

فيها إيه يعني لما يستقيل جميع مستشاري الرئيس من خارج الجماعة؟ يا أخي هناك الكثير من عبده مشتاق الذين على استعداد لتقديم أنفسهم كجزء من صورة معارضة حلوة ومتنوعة.

أرجوك لا تتصور أن الإخوان يستعملون من يتفق معهم ويثق بهم ثم يلقونه خارج السلطة أو يضعونه كمالة عدد في مكتب مكيف مكتوب على بابه لقب مستشار للرئيس، هو صحيح لم ولن يقابل الرئيس، ولو قدم اقتراحاً لن يؤخذ به، لكن يا أخي البركة في الجماعة، فهذا يا أخي ضروري لتكملة اللوحة الجميلة داخل برواز الديمقراطية المزيف حتى لو كان من اتفق معهم من حزب سلفي تعاهدوا معه على تطبيق الشريعة، يا أخي أنت بتاكل من الكلام ده؟ ده كان زمان.

أرجوك لا تحاول أن تقنعني أن الإخوان يأتي بعضهم ببعض، ويحتلون الوزارات والمحليات والهيئات كالجراد ويهمشون الآخرين، هذا ظلم وافتراء، يعني ضع نفسك مكان هذا الإخواني، الذي كبر وترعرع في الجماعة، يعني معقول يجيله قلب يجيب حد من بره الجماعة؟ كيف يتأتى له أن يثق به وهو قد تربى على عدم الثقة بأحد وعدم السماع لأحد خارج دائرة قياداته؟ معذور، فبعد عقود من التعقب والاضطهاد لا يمكن أن تثق بأحد قد يكون مدسوساً عليك، كم مرة سمع هذا الإخواني الطيب من قياداته أن الآخرين يتربصون به؟ أو أن خروجه عن الطاعة قد يهدد أمنه وأمن عائلته؟

لكن ده كان زمان، الآن لا يوجد اضطهاد ولا تعقب وهم قد أصبحوا في السلطة، ولكن الآن أصبح هناك خلاف سياسي وانتقاد لسياسات الجماعة، إذن لابد الآن من حجة أخرى، فهؤلاء أعداء للمشروع الإسلامي (مش مشكلة لو مش شايفه) وأعداء لاستقرار الوطن (مش مشكلة إن لم يكن هناك أدلة)، والإعلام والشرطة والقضاء والجيش والنشطاء والسياسيون كلهم ضدنا، كلهم “زن ناموس”، كما تفضل ووصَفهم رئيس الجمهورية، فلابد من القضاء عليهم الواحد تلو الآخر، واستخدام الحلفاء المؤقتين الذين سيسهل التخلص منهم لاحقاً.

فغداً إن شاء الله سيستطيع الإخوان أن ينتشروا في كل مرافق ومفاصل الدولة، وسيصبح البلد أكثر هدوءاً بلا أي معارضة مغرضة أو إعلام مزعج يتساءل كيف ولماذا، أو قضاء يكشف عورات النظام القانونية.

سنحيا في هذا البلد تحت مظلة الحكم الإخواني الرشيد، فتباع مصر من خلال الصكوك اللي مش إسلامية قوي، ويأتي رجال أعمال جدد من الإخوان ليملأوا فراغ مَن طفشوا أو أفلسوا أو رفضوا التعاون معهم، وستحدث كوارث في إدارة البلد سياسياً واقتصادياً بل وعلى مستوى الأمن القومي والسيادة، لا يهم وعود الخلافة أو طرد السفير الأميركي أو استعادة القدس، كله بأوانه، وأوانه لم يحن بعد، ولا نعرف متى سوف يحين، فالقرار بيد إخواننا في المقطم فلا داعي للجدال، كل ذلك لا يهم، فساعتها سيكون مَن يتخذ القرار ويؤيد القرار ويعارض القرار إخوانياً أوً مستفيداً منهم، وسيتم تبرير كل هذه الكوارث من خلال حديث ودي داخل الجماعة، فإخواننا يا أخي يعرفون أكثر، فلنترك أنفسنا كقطع الشطرنج في أيديهم، فهم يعرفون الخطوات التالية، نحن علينا فقط التأييد والتأمين والثقة بهم، بل وفرم المعارضين المغرضين إذا لزم الأمر.

فمَن منا لا يحب أن يعيش في دولة مثل هذه؟ ماذا أخذت من الاعتراض وعلوّ الصوت غير الصداع ووجع القلب؟

أدعوك يا أخي أن تتقبل وتؤيد هذا النموذج الرائع من الدولة الإخوانية، دعهم يتصرفون كما يحلو لهم ودعهم يتمكنون كما يريدون، واستمتع بكونك قطعة شطرنج أو متفرجاً أليفاً.

أليس هذا أكثر هدوءاً؟

يلَّا خلِّي البلد يهدى شوية

*ينشر باتفاق خاص مع «الشروق» المصرية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى