رياض خليلصفحات سوريةغسان المفلح

مقالات تناولت العلويين في سورية

الأقليات خارج الصراع.. أولهم العلويون/ ميس الكريدي

من شدة غياب الصورة والبوصلة والتطور الطبيعي ضمن المسارات السياسية تأخذ أفكار المفكرين هذه الشطحات والتباينات، حتى إنك تقرأ لكاتب من مشاهير الثورة رأيا وتقرأ نقيضه في المقال التالي. قلة قليلة حافظوا على مسار عقلاني حمّال أوجه ودبلوماسي النقد، وهذا ينبع من وعي كبير.. كبير لدرجة أنه لا ينتمي لأدوات وحركة وتطورات التداعيات في سوريا، مما جعل هؤلاء المفكرين في مكانة النخب، وشيئا فشيئا تحولوا لمنظّرين يتحدثون من خارج الموقف.

ثمة غرابة في سياق الحركة الإجمالية للحراك المدني في سوريا وللحالات التي يتمثلها في كل مرحلة من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار.. حيث إنك تجد في كل منطقة شيئا من كل شيء. لا توجد بؤر مغلقة بالكامل على منهج فكري موحد، باستثناء الحالات المستوردة التي تفرض حالتها من خلال التمويل. وقد يعود هذا التنوع إلى الدور التاريخي لسوريا الذي يمنحها أهميتها، أي موقعها الاستراتيجي والدور التجاري لدمشق، مما يبرر التنوع والتساهل.. مع ذلك ثمة تناقض آخر.

بفعل الموروث السوري الخاص مع النظام طوال الأعوام الخمسين الماضية، هذا الموروث المتجسد في كل مناحي الحياة السياسية والفكرية والاجتماعية، لم يطور المجتمع السوري علاقاته لإنتاج الشكل المتوازن للعيش المشترك، وهذا ما سهل التحولات السريعة باتجاه الحوامل الاجتماعية الأضيق والأقرب لبدائية المجتمع وموروثه الجمعي، فالعشائرية والطائفية والمناطقية تعبيرات متوقعة جدا في ظل تفشي الصراعات والتربية الشمولية والتعاطي مع الشعب ضمن كتل وفئات ومحددات تؤطرهم كجماعات، مما حول المجتمع كاملا إلى أقليات أو بمعنى أدق نشر فكر التقوقع الذي توسم به مخاوف الأقليات.. وحتى الحركات السياسية الحزبية المحدودة قديمها وجديدها اتخذت السمة ذاتها بالالتفاف حول نفسها وشخوصها. وهنا أصبح الجميع فعليا باستثناء المجموعات الحاملة للسلاح من كلا الطرفين خارج القدرة الفعلية وإمكانية التأثير إلا على نطاق نخبوي محدود عاجز عن مواجهة تحديات أساسية حيث لا إمكانية لمواجهة السلاح بالحراك المدني لعدة أسباب:

1) الضخ الطائفي التحريضي الذي أصبح المحرك الفعلي لاستمرار المعركة واستجرار المتطرفين لمساندة الطرفين.

2) المال السياسي الموجه لخدمة الضخ الطائفي وإشعال فتيل الحرب السنية الشيعية.

3) أصبح النشطاء المدنيون في مرمى استهداف كل القوى المتصارعة، لإحباط أي محاولة لاستعادة الصيغة الوطنية للصراع على يد هؤلاء.

4) فاعلية المجتمع الدولي وارتهان الحل لقراره وتسوياته، والتعبير عن العجز السياسي لدى الأطراف السياسية التي اقتنعت تماما بعجزها الذي تجلى في التهافت على بوابات السفارات.

5) انقسام البلد حول معسكرين إقليميين ورفع راية الصراع السني الشيعي لتتحول سوريا لساحة اقتتال معبأة ودائمة التوقد وتغييب الصراع الوطني الأساسي.

6) لم تعد فكرة الديمقراطية وحرية التعبير والرأي موجودة إلا بقدر استثمارها دوليا وسياسيا وكل الأطراف المتصارعة لا تمارسها وترفضها وترفع شعارات تسقطها.

لقد عبرت مسبقا عن غياب قادم للأقليات عن الصراع، وسيتجلى خلال فترة متسارعة نتيجة ارتفاع وتيرة الضخ الطائفي، وكثيرون اعتبروا هذا الرأي تعبيرا عن الهزيمة وهو ليس إلا مصارحة مع الذات مردها سبر التطور المتوقع للصراع، لدرجة أنه فعليا حتى الطائفة العلوية كخزان شعبي افتراضي للنظام ستكون خارج الصراع مع الزمن لأن معالمه ستأخذ منحى متطرفا، والعلويون ليسوا فعليا فئة تحمل تاريخيا هذا النمط الفكري المتطرف أو الجهادي، لا بل إن الجيش السوري النظامي يكاد يخرج من المعركة طوعا أو قسرا.. كما أن العلويين لا يستطيعون تقديم وقود لصراع عالمي سني شيعي تدفع باتجاهه أطراف إقليمية، والحرب باسم الله ستدخل منطق العقيدة، وعندها يصبح هؤلاء المنظرون هم كبار من أفتوا بكفر تلك الأقليات.

قد يتفاجأ البعض من هذا التحليل ويرد بتعداد أعداد كبيرة من الضباط العلويين المتورطين في القتل، لكنهم عمليا أشخاص بوصفهم في خدمة النظام ولا يعبرون عن مزاج شعبي لأن عموم الشعب السوري كشعب لا يريد القتال إلا مجبرا، أي بمعنى أدق باسم صراع الوجود.

وفي المقلب الآخر ليس الضباط السنة المنشقون ضمن الصراع أصلا إلا بأعداد قليلة جدا ووفق أجندة القتال المطروحة ولا سواها، ومن يحاول تبديلها يستبعد بكل الطرق المشروعة وغير المشروعة.

فكما استبدل الجيش النظامي بالميليشيات الطائفية، كذلك يتم استبدال فكرة الجيش الحر بالجبهة الإسلامية، بمعنى تحديد قواعد المعركة وخطوطها العامة. وهذا لا يعني الاستبعاد التام وإنما تحديد آليات المتابعة، فمن يريد الاستمرار من كلا الطرفين سينزل في الخندق المحدد للقتال وتحت قواعده ولا سواها.

إن عموم الشعب السوري بمختلف أطيافه، بعيدا عن الانغماس في الحالة، يتلفظ بألفاظ مشابهة تحدد علاقته بالمشكلة بكلمة الله يفرجها، الله يكف البلاء، الله يرجع الأمان.

*ناشطة سورية سياسية

الشرق الأوسط

إيران والطائفة العلوية والثورة السورية/ غسان المفلح

يكثر الحديث اليومي عن المشروع الايراني في المنطقة. هذا المشروع الذي عرته الثورة السورية، لكونه اضطر أن يشارك في قتل السوريين، وتخسر إيران من اموال الشعب الايراني ومن رصيدها كدولة، حيث اتضح أن هذا المشروع يعتمد على مكونين الأول: أدوات طائفية والثاني نظم فاسدة. الاول يمكن التدليل عليه بحزب الله اللبناني كحزب طائفي والحوثيين وبعض القوى المسلحة الشيعية في العراق. الثاني نظام نوري المالكي في العراق وتحاول مع النظام السوري الذي كان يتمتع باستقلالية نسبية حتى بدء العد التنازلي عن هذه الاستقلالية النسبية، الخطوة الاولى كانت مع الخروج المذل للجيش الاسدي من لبنان2005 بعد اغتيال رفيق الحريري، ومحاولة بعض الاطراف الدولية جر القاتل وهو النظام الاسدي إلى محكمة الجنايات الدولية، ووقفت إيران مع آل الاسد وافتعلت ما افتعلته في لبنان لاحقا من أجل ذلك، مستخدمة حزب الله كالعادة، والذي اثبت أنه ليس فقط تابعا لايران بل هو جزء منها كما كنا نقول ونكتب منذ لحظة تأسيسه. والخطوة الثانية هي انطلاق الثورة السورية، وعلى مدار 1000 يوم من عمر الثورة، كانت إيران السند المالي والعسكري لآل الاسد، وراهنت كغيرها على قدرتهم على قمع الثورة، لكن هذا الرهان فشل حتى وجدوا انفسهم شريكا بالجريمة ووظفوا كل ادواتهم المليشياوية في لبنان والعراق وإيران. خسارة إيران المالية لن يعوضها الاسد.

 الملاحظ أن هنالك اتفاقا ضمنيا بين الدول جميعها على توريط إيران اكثر فأكثر في سورية، بما فيها روسيا. الطائفية لدى إيران ليست وسيلة وحسب بل هي جزء عضوي من نظام ولاية الفقيه، وبدونها ينهار النظام، لا اتحدث على المستوى الاقليمي بل على مستوى الداخل الايراني. حيث التمييز الطائفي هو عنوان من العناوين الرئيسية لسلوك نظام الملالي داخل إيران. كل هذا لم يمنع إيران من جعل مدينة قم الايرانية أهم مرجع شيعي عالمي، ونقلت المرجعية الشيعية من كربلاء والنجف الاشرف إلى قم حيث مقر مؤسسة الولي الفقيه. إيران تخوض حربها في سورية تحت شعار الدفاع عن المراقد الشيعية فيها وعن الشيعة، بينما هي في داخل إيران لا يوجد حقوق لأية أقلية. ما حققته إيران خلال العقود الثلاثة المنصرمة، هاهي تخسره بالتدريج، ولأنها شعرت بالخسارة وثقلها تحاول عقد مساومة مع الغرب. سؤال من باب الشيئ بالشيئ يذكر: هل من مصلحة روسيا والصين عقد مثل هذه الصفقة؟ السلوك الايراني عموما يذكرنا بسلوك الاتحاد السوفييتي في الحرب الباردة، والذي خسر المعركة انهيارا وانتصر الغرب في هذه الحرب. ودخلت جحافل استثماراته وحتى قواعده العسكرية إلى منظومة ما كان يعرف بدول المعسكر الاشتراكي. لاتزال روسيا تحاول لملمة ديون السوفييت وفشلت في لملمة الكثير منها وكانت على حساب شعوب دول المعسكر الشرقي. الآن إيران تحاول التعويض الجزئي عبر علاقاتها مع حكومة نوري المالكي. لكن هذه العلاقة محكومة بسقف أمريكي وداخلي عراقي. أمريكا ليست جمعية خيرية لكي تنقذ الاقتصاد الايراني. ضمن هذه اللوحة الناقصة بالطبع، تحولت إيران إلى عنصر داخلي في سورية. لولاها لسقط الاسد. جماهير الاسد تعرف ذلك جيدا. من ضمن هذه الجماهير جمهوره في الطائفة العلوية التي يشكل غالبية ساحقة داخل الطائفة. الطائفة التي بدات تتشيع سياسيا وليس دينيا كما يعتقد بعضهم، ولو أن هنالك مؤشرات تشير على ان بعض افرادها يحاول التشيع. ليس من مصلحة السلطة الاسدية تشيع الطائفة، وهذا ما رفضه حافظ اسد سابقا. لكن الآن الاوضاع اختلفت كليا. قبل زمن البعث والاسد، كان للطائفة كبقية الطوائف فعاليات تتحدث عنها وباسمها، خاصة مع تأسيس سورية واستقلالها وما بعده، تمثلها نسبيا. لكن الاسد استطاع ان يصبح الممثل الوحيد للطائفة. من هذا المنطلق اصبحت اللغة السياسة الايرانية- التشيعية- تتحرك بحرية داخل اماكن سيطرة النظام وداخل الطائفة. الطائفة بغض النظر عن كل ما يقال في هذه المسألة، إلا انها تملكت وعيا طائفيا على المستوى الداخلي السوري، وعيا عماده الاساس أنها صاحبة السلطة. هذا نتاج مشروع الاسد الاب وتبعه الاسد الابن على نفس المنوال. جماهير الطائفة لايمكن أن تقبل لا قبل الثورة ولا خلالها ولا الآن ان تذهب السلطة منها. هذه المسألة لم تعد وعيا مدركا بقدر ما اصبحت بعد عقود اربعة من الممارسة الاسدية، حسا عمليا متراكما بالممارسة ومقترنا بفوائد هذه الممارسة التي عادت على جماهيرها. فهي نهبت البلد ماديا ورمزيا، او كما يقول بعضهم أنها نهبت باسمها. تحول العلوي إلى سلطة.

 اقترن العلوي بالشيعي الآن. هنا تكمن النقلة الثانية للوجود الايراني في سورية، ليصل إلى احتلال، يحاول أيضا أن يكون استيطانيا. الطائفة إن كانت مقبلة على تغيرات تذكر فهي تغيرات تشيع سياسي. لهذا كل ما كان يقال عن أن سبب ما حدث في الثورة هو العسكرة- بغض النظر عن امراض العسكرة- وغير ذلك من ترهات، هو كلام عار عن الصحة. لأن الوضع كان يسير بهذا الاتجاه إيرانيا واسديا. لهذا إيران تعتبر معركتها في سورية معركة وجود. وتحتاج لحامل مجتمعي، وهذا الحامل المجتمعي لن يكون سوى الطائفة العلوية باعتبار ان الطائفة الشيعة لا يتجاوز عددها بضعة مئات من الالاف فعليا من اصل 23مليون سوري. لن ينقذ الطائفة من هذا التحول سوى عاملين: إما دعما غربيا رافض لهذا المشروع الايراني أو دعما مجتمعيا سوريا. إيران في المحصلة لا تريد العلويين لوحدهم بل تريدهم حكاما لسورية لأنها تريد سورية كلها، وإن لم تستطع فعلى الاقل طرفا معطلا لسورية، كحزب الله في لبنان هذا جوهر مشروعها. لهذا أي كلام عن أن إيران يمكن أن تكون طرفا في حل سوري عبر جنيف أو غيره هو محض هراء. إلا في حالة واحدة إما ان ترضخ للغرب كليا، أو تتغير طبيعة النظام في إيران. ومن يعد لسلوك نظام الشاه في إيران، يتذكر ان هذا النظام لم يستخدم أبدا الورقة الشيعية في خطابه ونفوذه الاقليمي الذي كان يحاول بناءه.

 وكلا الامرين في حال حدوث احدهما يمكننا الحديث عن دور ايراني في جنيف2.

إيران لم يعد وجودها برانيا الآن لكنه أيضا لم ولن يستقر جوانيا إلا عبر استمرار سلطة آل الاسد وبنفس طرائق الحكم والممارسة. لهذا إيران كانت وستبقى جزء من المقتلة السورية التي على السوريين التخلص منها في بلدهم.

ايلاف

عن المعارضة العلوية السورية/ رياض خليل

المعارضة العلوية كانت دائما جزءا لايتجزأ من المعارضة السورية التي لها الخصائص ذاتها ، من حيث الشكل والمضمون . ولاتوجد معارضة علوية محضة .. ولامعارضة علوية من منطلق ديني أو مذهبي أو طائفي أو أي شكل خاص بالعلويين . وكانت المعارضة السورية بأنواعها تضم معارضين من سائر المكونات الاجتماعية السورية ، لأنها لم تقم على أساس التمييز الديني أو الإثني أو الطائفي أو أي شكل من أشكال التمييز اللاسوري . والاستثناء الوحيد لهذا هو استحالة تأييد المعارضة العلوية للمعارضة الإسلامية وتجلياتها المختلفة ، وفي مقدمها حزب الإخوان المسلمين ، الذين كانت سائر الأقليات السورية تتوجس منه ، ومن توجهاته وخططه ومواقفه ، وتعمل ضده بكل ماأوتيت من قوة وبأس .

شهدت سوريا منذ الخمسينات والستينات ، تناميا متسارعا للقوى والتيارات القومية والاشتراكية ، مقابل تقهقر القوى الليبرالية الديمقراطية ، وانتهى هذا التطور بسقوط السلطة الليبرالية الديمقراطية التقليدية ، واستيلاء القوى القومية الاشتراكية عليها بدءا من عهد الوحدة بين مصر وسوريا عام 1958 – شباط . وبعده عهد حكم حزب البعث السوري وحلفائه ، الذي استمر حتى الآن ، بعد أن تحول حكم حزب البعث سريعا إلى حكم الديكتاتور حافظ الأسد وابنه من بعده ( بشار ) ، والذي كافح وقمع بشدة كل القوى القومية الاشتراكية المعارضة له ولسياساته الديكتاتورية طوال أربعة عقود .

وكما تشتت شمل الليبراليين السوريين ، حصل نفس الشيء لليبراليين العلويين ، مقابل الظهور والحضور القوي للمعارضة القومية والاشتراكية السورية والعلوية ، والتي لم تقم لها قائمة قبل الثورة ، وعانت ماعانته من القمع والاعتقال والقتل والملاحقة .

إن المعارضة العلوية الحالية هي امتداد للمعارضة السورية السابقة والراهنية ، وهي من حيث المضمون العقائدي لاتختلف عن المضمون العقائدي لحزب البعث السوري الحاكم ، سوى في اعتراضها على احتكار السلطة والحكم ، وتحصين ديكتاتورية الحاكم الفرد المطلق ، الذي حول الحزب إلى منظمة مافيوية لحماية الديكتاتورية .

أما المعارضة العلوية الليبرالية فليس لها وجود وتأثير على الساحة حتى الآن ، إلى بقدر تحول الكثير من المعارضين العلويين التقليديين من القومية والاشتراكية إلى نوع مقبول من أنواع الديمقراطية ، حيث اكتشفوا من خلال خبراتهم السياسية التاريخية ، أن طريق الديمقراطية هو الخيار الوحيد والحل الأمثل لحكم سوريا ، وهو الخيار الوحيد لتأمين حقوق العمل السياسي والمشاركة بتقرير الشان السوري العام .

المعارضة العلوية لاتزال تعاني من الضعف الذي تسبب به النظام السوري الأسدي الحاكم . ولايزال حضور تلك المعارضة في الوسط العلوي ضعيفا ، ولم تتمكن من كسب تأييد الشارع العلوي المدجن والمصنع لتأييد سلطة آل الأسد وخدمته والدفاع عنه بأي ثمن ، وهؤلاء العلويين العاديين انخرطوا مع آل الأسد لدوافع وأسباب عديدة : عقائدية وانتهازية وارتزاقية … وحتى لو وجد القليل من المعارضين العلويين في الوسط العلوي ، فهؤلاء سلبيون .. صامتون .. خائفون .. ليس لهم أي حاضنة تحميهم . ولايملكون أية وسائل وشروط مواتية ليتخذوا موقفا فاعلا . وكل الشروط الموضوعية غير مواتية لهم في ظل سيطرة آل الأسد وأتباعه على الشارع العلوي بقوة ، بطرق الترغيب والترهيب المعروفة .

لايمكن للمعارضة العلوية الراهنة أن تكون معارضة علوية ، بل جزءا لايتجزأ من المعارضة الديمقراطية السورية ، وضد أي شكل من أشكال المعارضة الإسلامية ، لأنها تهددهم كأقلية طائفية ومذهبية كما تهدد المكونات والأقليات السورية الأخرى ، ولايسع العلويين إلا أن يقفوا ضد الإرهاب والتطرف والتمييز العنصري الديني والمذهبي والطائفي ، بالتعاون مع القوى العلمانية والديمقراطية السورية عامة ، والإسلامية ( السنية ) خاصة . ولايسع المعارضة العلوية أن تعمل وحدها وبمعزل عن المعارضة السورية ، لأنها في فكرها وسلوكها مع الوحدة الوطنية السورية ، ومع احترام حقوق الإنسان ، ومع الدولة المدنية الديمقراطية .

ولهذا كله تعتبر المعارضة والمعارضون العلويون رافدا قويا ومضمونا للمعارضة السورية العلمانية والديمقراطية من سائر المكونات السورية . ولها كل المصلحة في قيام الدولة المدنية التعددية الديمقراطية التي تعلي مبدأ المواطنة على سائر المبادئ ، والولاء للوطن والشعب هو الأولوية ، وله الأفضلية على أية ولاءات أخرى .

لايوجد أي تنظيم سياسي على غرار ” الإخوان المسلمين ” في الطائفة العلوية . ولايمكن أن يحصل هذا . ولامصلحة للعلويين في تنظيم طائفي سياسي .

وتقوية المعارضة العلوية تصب في مصلحة تقوية المعارضة السورية المناهضة للمعارضة الدينية المتطرفة من أي نوع كان .

لايزال الشارع العلوي تحت تأثير ونفوذ وسيطرة آلة السلطة الأسدية الديكتاتورية ، ولايزال تأثير المعارضة العلوية على ذلك الشارع العلوي في أدنى حدوده ومستوياته . ولن تتغير تلك المعادلة مالم يحس العلويون بانهيار وسقوط حكم آل الأسد ، ويصبحوا أمام استحقاقات سياسية مختلفة تفرضها عليهم المرحلة المقبلة التي لن يكون فيها لآل الأسد أي دور أو مكان في المشهد السياسي السوري . حينئذ ، سيعود معظم العلويين لحالتهم الطبيعة من العيش المشترك مع الآخرين ، وستسقط أوهام الخوف التي دأب الأسد على زرعها في أذهانهم لتجنيدهم في حربه الظالمة ضد الإنسان السوري والعلوي سواء بسواء .

الحوار المتمدن

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى