صفحات الناس

مقالات تناولت “داعش” ومعاناة الناس في سورية منها

لماذا قررت المعارضة السورية محاربة تنظيم داعش في سوريا؟/ كمال شيخو

داعش…حرف بوصلة المواجهة من النظام إلى الثوار

يواجه مقاتلو الجيش السوري الحر وتشكيلات المعارضة السورية الإسلامية وغير الإسلامية تنظيم داعش المرتبط بالقاعدة بعدما فتح معارك ضدهم بدلاً من محاربة النظام وقام بإعدامات وفرض تقاليد غريبة على المجتمع، كما يقول المقاتلون المعارضون والنشطاء السوريون، بحسب استطلاع كمال شيخو التالي من دمشق.

محمد شعيب طالب في كلية الهندسة بجامعة حلب، ويشغل حاليا منصب الناطق الرسمي لحركة “حقنا” من مدينة الرقة شمال- شرق سوريا. شعيب تحدث عن قصة غريبة وقعت في المدينة بعد سيطرة المعارضة عليها بشهرين وكانت بدايات ظهور القاعدة. شعيب قال إن عناصر تابعة لـ “داعش” قامت بإعدام ثلاثة أشخاص بتهمة أنهم من شبيحة النظام ومن “الطائفة العلوية”.

والأغرب أن الإعدام تم في وضح النهار في تمام الساعة الثالثة بعد الظهر في الثاني من شهر أيار/ مايو من عام 2013 في ساحة الساعة؛ وهي ساحة تحمل رمزية خاصة في المدينة لأن المظاهرات في الرقة كانت تنطلق من هناك.

ويضيف شعيب أنّ الإعدام جاء بعد حالة الطلاق بين جبهة النصرة و”داعش” وأنه “نفذ أمام أعين أهل الرقة صغاراً وكبارا، ولم يجرؤ أحد على إنزال الجثث ودفنها”. فقط شخص واحد اسمه محمد سعدو، يعمل ممرضا، تجرأ بعد عدة ساعات من إعدامهم على إنزالهم ودفنهم. وكشف شعيب أنّ “الممرض سعدو اغتيل في اليوم التالي مباشرةً على يد مجهولين، يرجح أنهم كانوا من مقاتلي داعش”.

المعارض دياب سرية المعتقل السابق في سجن صيدنايا العسكري لخمس سنوات ما بين عامي 2006 و2011، على خلفية تنظيم حراك شبابي كان أحد مؤسسيه، مناهض للنظام السوري، أفاد أنّ عدد الإسلامويين “الذين أطلقهم النظام السوري خلال النصف الأول من العام 2011 بلغ قرابة 900 سجين، معظمهم كانوا على علاقة بالقتال في العراق بشكل أو بآخر، سواء تنظيم (دولة العراق الإسلامية في بلاد الرافدين) أو من خلال تنظيم (فتح الإسلام)”.

وبحسب سرية كان أبرز هؤلاء “أبو محمد الجولاني قائد جبهة نصرة أهل الشام، ويعتقد أنّ اسمه الحقيقي عدنان الحاج علي أو محمود المحمد، كان معتقلاً في فرع فلسطين لدى المخابرات العسكرية بدمشق؛ قبل خمس سنوات على الأقل وتحديداً في عام 2008، وأطلق سراحه مطلع العام 2011”. وأضاف أنّ “هؤلاء شكلوا النواة الأولى والخلايا الأساسية للمجموعات الأصولية المتطرفة الأساسية التي تقاتل النظام الآن”.

نديم بالوش، أحد قادة تنظيم داعش، كان أحد الإسلامويين الذي أطلق سراحهم؛ يصنف على أنه من أكثر الإسلامويين تطرفاً بحسب سرية، وساهم في مقتل الكثير من السجناء والعسكريين أثناء اعتصام سجن صيدنايا العسكري صيف 2008. بالوش كان يلقي خطبا حماسية أمام المساجين يحثهم فيها على محاربة النظام وقتل المرتدين من السجناء، والمقصود بهم المنتمين لكل التيارات غير الجهادية.

مقاتلو داعش في استعراض لهم بمدينة تل أبيض في محافظة الرقة: توعد المتحدث الرسمي باسم الدولة الإسلامية أبو محمد العدناني بـ “سحق” مقاتلي المعارضة واعتبار سياسييها من قادة الائتلاف السوري المعارض وأعضائه أهدافا مشروعة لتنظيمه، متهما إياهم بالردة.

ونقلَ المعارض سرية أنّ بالوش “هدد منذ اليوم الأول للثورة بضرب القرى العلوية بالأسلحة الكيماوية وتسميم مياه نهر السن”. وأضاف أن بالوش “يعد أبرز المتهمين بقضية مقتل النقيب رياض الأحمد بعد أن خطفه من معبر باب الهوى على الحدود السورية- التركية، فعذبه وأقتلع عينه ثم قتله بدم بارد”.

تنظيم “داعش” يُمارس ضغوطاً رهيبة على أهالي المناطق الشمالية من سوريا ويفرض عليهم أمورا غريبة عن مجتمعهم. فقد أمر هذا التنظيم “الإرهابي” مؤخراً تلميذات من الصف الخامس الابتدائي وحتى الثالث الثانوي في إحدى مدارس الإناث بمدينة سراقب بمحافظة إدلب “الالتزام بالزي الإسلامي الشرعي” مع التحذير بأن التلميذة التي لا تلتزم بهذا اللباس ستطرد من المدرسة.

واستنكر محمد خير الله، أحد سكان مدينة سراقب تصرفات “داعش”، حيث أشار إلى أنّ “التنظيم حرَف البوصلة من مواجهة النظام إلى مواجهة الثوار والجيش الحر؛ إنه يعادي الناشطين والمدنيين والإعلاميين، لذلك وجب على كل من يتمسك بما ثار الشعب لأجله أن يحارب “داعش” ويضع حدا لانتهاكاته وعملياته الكثيرة والمتكررة”.

أما المرصد السوري لحقوق الإنسان، المحسوب على المعارضة، فذكر أنّ جهاديين ينتمون إلى “داعش” أقدموا على إعدام بائع مازوت (ديزل) في محافظة إدلب العام الماضي، وأوضح المرصد أنهم “أعدموا إبراهيم قسوم في شهر تشرين الثاني/ نوفمبر من عام 2013، وهو بائع مازوت ورجل غير متزن عقلياً، بتهمة سب الذات الإلهية، بعد يومين من اعتقاله”.

كما أقدم عناصر من التنظيم في حزيران / يونيو عام 2013 على إعدام فتى في الخامسة عشرة يدعى محمد قطاع من مدينة حلب بإطلاق النار على رأسه أمام أعين أفراد عائلته، بعد أن اتهموه بـ “التلفظ بما يسيء إلى النبي محمد”.

هل المعارك ضد “داعش” حقيقية أم مفتعلة؟

يرى ياسر من سكان بلدة تل رفعت بريف حلب شمالاً التي تشهد أشد المعارك بين تنظيم “داعش” و”جيش المجاهدين”، أنّ المعارك بين بعض فصائل المعارضة المسلحة وداعش “مفتعلة وتخدم أجندات خارجية حتى وإن كانت تصب في مصلحة الشعب السوري”.

أحد مقاتلي الجبهة الإسلامية التي أعلنت الحرب على داعش: نشبت، ابتداءً من الجمعة الثالث من يناير/ كانون الثاني 2014، اشتباكات عنيفة بين تنظيم داعش المرتبط بالقاعدة، وثلاثة تشكيلات من مقاتلي المعارضة هي “الجبهة الإسلامية” و”جيش المجاهدين” الذي تشكل حديثا و”جبهة ثوار سوريا” غير الإسلامية.

ويتساءل ياسر قائلا: “لماذا الآن اشتعلت هذه الحرب رغم تجاوزات دولة البغدادي منذ عدة شهور؟”. وأشارَ إلى أنّ “الشرارة التي أطلقت هذه المعركة كانت تسمية يوم الجمعة (03 كانون الثاني / يناير 2014) بجمعة “أبو ريان ضحية الغدر” نسبة للطبيب حسين السليمان المعروف بأبي ريان الذي اختطفه عناصر من داعش وقتلوه تحت التعذيب، فكانت طريقة التعامل من قبل دولة البغدادي طريقة فظة وقاموا بتفرقة بعض المظاهرات بالرصاص ما أدى إلى جرح العشرات”.

تنظيم “داعش” دخل معركة مع تشكيلات الجيش الحر من ناحية، والجبهة الإسلامية من ناحية أخرى، بعد أن أعلن معركة السيطرة على مدينة الأتارب في ريف حلب و”الفوج 46″، وهما المنطقتان الخاضعتان لسيطرة مقاتلي الجيش الحر. ما دفع كتائب وفصائل عسكرية معارضة في حلب إلى الإعلان عن تشكيل تحالف عسكري جديد، يضم عدداً من أبرز التشكيلات المقاتلة في حلب وريفها الغربي، تحت مسمى “جيش المجاهدين”.

أبو الوليد قياديٌ ميداني في “جيش المجاهدين” كشف أن “هدف تشكّيل جيش المجاهدين هو وضع حد لتدهور الأوضاع الأمنية المنفلتة التي وصل إليها الحراك العسكري في حلب”. وشرح أنه “يجب تحرير مدينة حلب وباقي المناطق من تنظيم “داعش” الذي اعتدى على الحرمات، وقام بفتح معارك مع الجيش الحر بدلاً من محاربة النظام”.

وقال قائد إحدى أهم الكتائب في منطقة القلمون، طلب عدم الكشف عن اسمه، إن “هناك مخططا مقصود ومحكما لجعل الجيش الحر يبحث عن ثمن رصاصة، في حين عناصر جبهة النصرة وداعش يملكون الذخيرة والعتاد المتوسط والثقيل من دون معرفة مصدره”. وأكد هذا القائد أنّ “هناك من يعمل بكل ما لديها من إمكانيات لعرقلة وصول الدعم إلينا، في حين يغدق الدعم على داعش والنصرة”.

– دمشق

تحرير: عارف جابو

حقوق النشر: دويتشه فيله 2014

صراع «الجهاديين» بين «جنيف 2» وإمارة الشام/ عبد الله سليمان علي

زعيم تنظيم «القاعدة» أيمن الظواهري يسعى إلى فرض زعامته في الشام، عبر تنفيذ الحكم الذي أصدره بين زعيم تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» (داعش) أبو بكر البغدادي وزعيم «جبهة النصرة» أبو محمد الجولاني، بالتزامن مع صدور تسجيل صوتي لأبي خالد السوري، مندوب الظواهري، لحل الخلاف يصف فيه «الدولة الإسلامية» بالخوارج، وهو وصف يترتب عليه التكفير ووجوب قتال عناصره، بينما تفرض الظروف الميدانية نفسها وتؤدي إلى مزيد من التعقيد في مشهد «الجهاد» الشامي.

وكانت لحظة «جنيف 2»، على ما يبدو، ساعة الصفر لإطلاق أكثر من معركة بين التنظيمات «الجهادية»، إذ مع اقتراب موعد انعقاد المؤتمر في 22 كانون الثاني الحالي لمناقشة الأزمة السورية، تم الإعلان عن تشكيل «الجبهة الإسلامية»، التي ضمت أكبر أربعة فصائل هي «أحرار الشام»، و«جيش الإسلام»، و«لواء التوحيد»، و«ألوية صقور الشام»، وتحالفت هذه الجبهة بوضوح مع «جبهة النصرة»، وحظيت برعاية سعودية خاصة، لم يكن ممكناً لولاها تجاوز الخلافات بين هذه الفصائل، كما بين «أحرار الشام» و«جيش الإسلام»، أو بين «جيش الإسلام» و«جبهة النصرة»، لاستكمال تشكيل الجبهة، ومن ثم التحالف مع «النصرة».

إفشال مؤتمر جنيف ومحاربة «داعش»

كان إفشال مؤتمر جنيف هو القاسم المشترك الذي تقاطعت حوله غايات الجميع، فلا السعودية راغبة بنجاح المؤتمر، لأن التوجه المعلن في التحضيرات التي تسبقه لا يقول بضرورة تنحي الرئيس السوري بشار الأسد، كما أن الفصائل الإسلامية تنظر إليه بعين الريبة والشك وتعتبره منصة لشن حرب إقليمية، أو ربما دولية، ضدها تحت مسمى مكافحة الإرهاب. لذلك التقت مصلحة الجميع على التوحد والعمل على نسف فكرة «جنيف 2» من أساسها، أو على الأقل تأجيلها، ريثما تتغير معطيات الميدان العسكرية. أما إذا كان ولا بد من انعقاد المؤتمر، فينبغي العمل على إفشاله وعدم السماح له بالوصول إلى نتائج إيجابية.

ومع اتضاح أن مكافحة الإرهاب قد تكون العنوان الرئيسي لمؤتمر «جنيف 2»، لا سيما في ظل التصريحات الروسية العديدة التي تؤكد هذا التوجه، كان على أجهزة الاستخبارات السعودية وبعض الأجهزة الإقليمية الأخرى الراعية لـ«الجبهة الإسلامية»، أن تجد طريقة لسحب ورقة مكافحة الإرهاب من على طاولة المؤتمر، أو محاولة تجييرها لمصلحتها. وقد كان ذلك واضحاً من خلال الحملة الإعلامية الضخمة التي استهدفت على مدى أسابيع طويلة شيطنة «داعش» لإظهاره على أنه التنظيم الإرهابي الذي ينبغي مكافحته والتخلص منه، بالتزامن مع سكوت مريب عن «جبهة النصرة» وغيرها من الفصائل الإسلامية المتطرفة الأخرى، مثل «أحرار الشام».

وقد تسربت معلومات كثيرة عن اجتماعات عديدة لرجال دين ودعاة سعوديين وكويتيين وسوريين، عقدت بإشراف الاستخبارات السعودية، قد يكون أهمها الاجتماع الذي عُقد في منزل الشيخ الداعية محمد العريفي، بحضور شيوخ معروفين بتأييدهم لـ«صحوات» العراق مثل ناصر العمر وعصام العويد وسعد الحميد وسعد البراك ومحمد الفراج، وذلك لمناقشة فكرة واحدة هي محاربة «داعش»، وإصدار الفتاوى والبيانات التي من شأنها تهيئة المناخ الديني والشرعي الذي يتيح للفصائل السورية محاربته، من دون أن تتعرض لانتقادات فقهية من المشايخ المعروفين.

وبينما كان الشيوخ المحسوبون على السلطات السعودية ينفذون توجيهاتها بضرورة شيطنة «داعش» ومحاربته، كان كبار الشيوخ المحسوبين على تنظيم «القاعدة» ينفذون السياسة نفسها، عبر إصدار بيانات وفتاوى تشكك بصحة بيعة البغدادي، وتطالب بإعمال «الشورى»، كما في البيان الذي صدر عن أبي محمد المقدسي، من داخل سجنه في الأردن، وبيانات أخرى صدرت عن عبد العزيز الطريفي وأبي قتادة الفلسطيني (رغم أن ابنه نفى صدور البيان عنه)، وأخيراً بيان منسوب إلى الشيخ الذي يحظى باحترام كبير من أنصار السلفية «الجهادية»، وهو السعودي سليمان العلوان. وهي من الحالات النادرة التي يتفق فيها شيوخ السلفية «الجهادية» المناصرة لتنظيم «القاعدة» مع شيوخ التيارات المناهضة لها، مثل شيوخ التيار «السروري» أو التيار «الجامي». ولكن على ما يبدو فإن مصالح شيوخ السرورية والجامية، الممثلين لإرادة الاستخبارات السعودية، تقاطعت مع مصالح «القاعدة»، الذي يمثله شيوخ السلفية «الجهادية». وتجسد هذا التقاطع في التنسيق بين الطرفين لتهيئة المناخ «الشرعي» الذي يبيح محاربة «داعش».

الظواهري يريد فرض زعامته

لكن تنظيم «القاعدة» العالمي، الذي يقوده الظواهري، ويمثله الجولاني في سوريا، لا تقتصر أهدافه على إفشال «جنيف 2» بما يتضمنه من تهديد بإعلان حرب شاملة على التنظيمات «الجهادية» تحت مسمى مكافحة الإرهاب، فهناك هدف ثانٍ قد لا يقل أهمية عن الهدف الأول، وهو يتعلق مباشرة بالمركز القيادي لأيمن الظواهري وقدرته على فرض كلمته بين التنظيمات «الجهادية» في المنطقة.

فأيمن الظواهري سبق له أن أصدر حكماً في الخلاف الشهير بين البغدادي والجولاني، وكان من أبرز بنود هذا الحكم هو الفصل بين «الدولة الإسلامية» و«جبهة النصرة» وإلغاء «داعش»، وأن تكون الولاية المكانية لـ«الدولة الاسلامية» هي العراق ولـ«جبهة النصرة» هي الشام، وأن يبقى كل من البغدادي والجولاني في منصبه لمدة عام، ترفع بعدها تقارير «مجلسي شورى» الطرفين إلى قيادة خراسان للتجديد لهما أو تعيين بديل منهما. وقد مضى حوالي ثمانية أشهر على الخلاف، وحوالي ستة أشهر على إصدار حكم الظواهري، الذي لا يريد أن تنتهي مهلة العام من دون أن يكون قد استطاع فرض معادلة جديدة تتيح له القول انه نفذ الحكم الصادر عنه، وأن البغدادي لم يستطع أن يتنصل منه، خصوصاً أن قيادة خراسان تشعر بأنها أخطأت في إدارة الملف العراقي عندما سمحت لجناحها هناك، بقيادة أبو أيوب المصري، بمبايعة أبو عمر البغدادي أول «أمير للدولة الإسلامية»، وخسرت بالتالي وجودها ونفوذها في العراق، وهي لا تريد أن تُمنى بخسارة مماثلة في سوريا.

وقد رأت قيادة خراسان أن ملابسات لحظة «جنيف 2»، ولا سيما لجهة شيطنة «داعش» ومحاربته، فرصة سانحة لتوجيه الإنذار الأخير إلى البغدادي، فإما أن ينصاع لحكم الظواهري ويعود أدراجه إلى العراق مقراً بهزيمته، وإلا فإن تنظيم «القاعدة» سيشارك في الحرب ضده مع الفصائل الأخرى الممثلة بـ«الجبهة الإسلامية» و«جيش المجاهدين» و«جبهة ثوار سوريا».

أبو خالد السوري يكفّر «داعش»

وحصلت «السفير» على تسجيل صوتي للقيادي القديم في «القاعدة» بأفغانستان وأحد القيادات الحالية المؤثرة في «أحرار الشام» وهو أبو خالد السوري «أمير الأحرار في حلب»، يتهجم فيه بقسوة غير معتادة على «داعش» ويقول إن «فيه الكثير من صفات الخوارج»، وبأنه «يخالف الكتاب والسنة».

وقال السوري، في تسجيله، «أرسلت رسالتين إلى أمراء الجهاد عن واقع الجهاد في الشام، وحذرتهم فيه من الفتنة قبل وقوعها»، مشيراً إلى أن «التنظيم الذي يُدعى الدولة يسعى إلى إفساد الجهاد في الشام كما أفسده في العراق بسبب مخالفاته الواضحة والصريحة للكتاب والسنة». وأضاف «أنا اليوم أبشر بأن ما كان في العراق وغيره لن يكون في الشام بسبب خيرة أهلها مقابل فساد أهل العراق».

وكرر السوري مجمل الاتهامات التي توجه إلى «داعش» مثل استهداف الناشطين والإعلاميين، وقتل كل من يخالفه، وضم البر والفاجر إلى صفوفه، ونقض العهود والخداع ومعاملة الناس بالعنجهية، وغيرها من الاتهامات.

وقد يكون أقسى ما ورد على لسان السوري قوله «إنني رجعت إلى أحاديث النبي وأقوال الصحابة وجمع من أهل العلم، فوجدت أكثر صفات الخوارج التي ذكروها تنطبق عليكم». وطالبه بأن يمحو اسم «الدولة» عن نفسه. وخاطبهم بقوله «عودوا إلى الجماعة والمرحلة التي أنتم فيها من الجهاد».

وما يشير إلى أن مطلب التخلي عن اسم «الدولة» هو المطلب الجوهري قوله إن «المجاهدين يرحبون بكم إخوة أعزاء إن انضممتم إليهم وجاهدتم معهم في كتائبهم وضمن صفوفهم»، مطالباً «مجاهدي الدولة الإسلامية» بالتوحد مع «الجبهة الإسلامية» التي اعتبر أنها نواة «الدولة الإسلامية» المنشودة.

ووجه السوري كلمة إلى الظواهري فيها الكثير من الانتقاد المبطن بالعتب. وقال «يا شيخنا، إن ما حدث ويحدث من قتل للمسلمين تحت أسباب واهية ما أنزل الله بها من سلطان، بسبب ما يدعى الدولة في العراق ثم في الشام، سببه تأخركم كقيادة للجهاد في العالم في الإنكار عليهم، والتبرؤ منهم ومن أفعالهم حتى لا يخدع أحد بهم». وأضاف إن «اعترافكم بهم وإسباغكم الغطاء الشرعي عليهم أساء ويسيء إلى الجهاد وإلى التنظيم». وتابع «ابرأ إلى الله منهم، ولا تمهلهم مرة بعد مرة، واعلم أنك مسؤول ومحاسب».

وأبو خالد السوري هو من انتدبه الظواهري ليكون حكماً يتولى الإشراف على حل الخلاف بين البغدادي والجولاني وينظر في إشكالاته، وبالتالي فإن كلامه يعتبر بمثابة حكم نهائي ضد «داعش»، وهو حكم يجعل من «الدولة الإسلامية» تنظيماً كافراً يجب محاربته، وإن لم يقل السوري ذلك صراحة، إلا أن الحكم بالتكفير ووجوب القتال يستفاد من إطلاقه صفة الخوارج على عناصر التنظيم وقياداته، مع استثناء القلة من الصالحين منهم، بحسب قوله.

وقد وصلت هذه الرسالة إلى قيادة «داعش» الذي سارع إلى الدفع بأحد عناصره لتنفيذ أول عملية انتحارية ضد حاجز لـ«جبهة النصرة» في مدينة الرقة، بينما دفع بانتحاري آخر لتفجير حاجز لـ«أحرار الشام» في رام حمدان بريف إدلب، وذلك في رد واضح على رسالة خراسان القاسية.

مبايعات وانشقاقات

ثمة تعليمات واضحة وصلت من قيادة خراسان إلى أذرعها العديدة في سوريا بضرورة الكشف عن وجهها، وإعلان مبايعتها لـ«أمير فرع القاعدة في الشام» أبي محمد الجولاني لتعزيز قوة «القاعدة» وإظهار مقدرته الحقيقية على الأرض، حيث سارعت بعض الكتائب والفصائل إلى تنفيذ هذه التعليمات، وأهمها «جيش الخلافة» بقيادة سيف الله الشيشاني، وحوالي سبعة فصائل في الغوطة الشرقية، و«كتيبة صقور العز» بقيادة الشيخ عبد الواحد صقر الجهاد الذي يعتبر من أصدقاء زعيم «القاعدة» الراحل أسامة بن لادن وقدامى الأفغان العرب في أفغانستان (علماً أن بعض المصادر أشارت إلى أن بعض عناصر الكتيبة فضّل مبايعة الدولة الإسلامية). ورغم ذلك فمن المتوقع أن تؤدي تعقيدات المشهد السوري إلى إحداث تأثير معاكس لتعليمات خراسان الساعية لإعلان توحيد الفصائل التي طالما كانت تابعة لها بالسر.

فإذا كانت المعركة في شمال حلب تحدث بين تنظيمين إسلاميين، هما «الجبهة الإسلامية» و«داعش»، وهو ما يسمح لتنظيم «القاعدة» أن يشارك بها على خلفية أن «الجبهة الإسلامية» ذات توجه سلفي «جهادي» صحيح بينما «داعش» انحرف وبغى، فإن المعركة في ريف إدلب تبدو شبه مستحيلة، لا سيما أن من يقودها في الطرف المقابل لـ«داعش» هو جمال معروف، قائد «ألوية شهداء سوريا وجبهة ثوار سوريا»، والمعروف بتوجهاته اللادينية، لذلك لم ولن يكون بإمكان «جبهة النصرة» في ريف إدلب أن تقاتل ضد «داعش» إلى جانب جمال معروف، الذي طالما اتهمته الفصائل الإسلامية نفسها بأنه علماني لا يؤمن بالله. وقد كان من آثار ذلك أنه سرعان ما انضمت مجموعات «النصرة» في ريف إدلب إلى «داعش» للقتال ضد جمال معروف، وكذلك في منطقة القلمون، حيث رفضت «جبهة النصرة» محاربة «داعش»، مؤكدة، في بيان، أن سياسة «الدولة الإسلامية في القلمون سياسة متوازنة ومتوافقة مع مصالح المسلمين».

وما يزيد من احتمال ألا يتمكن الظواهري من تحقيق هدفه، إعلان بعض الفصائل المحسوبة على «القاعدة» حيادها في الصراع بين الطرفين وعدم نيتها المشاركة فيه، وهو ما أعلنه «أمير حركة فجر الشام» الإسلامية أبو عبدالله الشامي، وأبو حفص الجزراوي «المفتي العام لحركة شام الإسلام» التي يقودها المغربي ابراهيم بنشقرون خريج سجن غوانتانامو، علاوة على إعلان «جند الأقصى» حيادها ومسارعتها إلى تشكيل تحالف «المهاجرين والأنصار» مع «لواء الحق» في إدلب و«لواء عمر» وبعض الفصائل الأخرى. إلا إذا كان إعلان هذه الفصائل حيادها واعتزالها الفتنة بمثابة «الأكمة» التي تخفي وراءها غايات أخرى، قد تكون إحداها استقطاب من يود الانشقاق عن «الدولة الإسلامية»، وحفظ خط العودة إذا فشلت الهجمة على «داعش» ولم تحقق أهدافها.

السفير

“داعش”.. صعود سريع وهبوط أسرع/ سالم ناصيف

بالسرعة نفسها التي أعلن فيها ولادة تنظيم “الدولة الاسلامية في العراق والشام” (داعش)، جاءت الحرب عليه سريعة من قبل “الجيش الحر” والفصائل المقاتلة، لتعلن أن التنظيم تجاوز حدوده تجاه السوريين مستغلاً الدين في تحقيق تسلطه واستبداده.

بضعة أيام من الحرب ضد “داعش” كانت كفيله بخروجها من أكثر المناطق التي سبق له أن سيطر عليها بعد تحريرها من قبل الفصائل الأخرى المقاتلة أكثر الأحيان، أو بعد مشاركة التنظيم للفصائل في القتال ضد النظام، كما حدث في حالات قليلة جداً كان منها تحرير مطار منغ.

يشير ناشطون كثر، الى أن أسباب قوة “داعش” عائدة لاعتماده الأسلوب الدعوي في تجييش مشاعر السكان الذين لم يجدوا مناصراً لهم يوقف حرب النظام ضدهم. لذلك راحت دعوة التنظيم بوجوب نصرة الإسلام ودم المسلمين، تجوب المناطق لتطلقه من المنابر الدينية في المناطق المحررة مستغلة مشاعر الناس المقهورين وانشغال باقي الكتائب من جهة وحاجة السكان المادية من جهة أخرى. حيث اعتمد التنظيم أسلوبا مشابها لما يفعله النظام في المناطق المحتلة باعتماده تجنيد المحتاجين ومنحهم رواتب تصل حتى 20 الف ليرة في الشهر الواحد مقابل التجنّد في صفوفه.

وحسب ما ذكر الإعلامي حازم الداكل من حلب أن امتلاك داعش للمال الكثير جعله يستغل حاجة بعض الكتائب بشرائه الأسلحة منها والتي كانوا يغتنمونها في المعارك. فعلى سبيل المثال لا الحصر كان التنظيم يعمد إلى تجريد الكتائب من أسلحة عبر دفع أثمان باهظة لقاء السلاح المتوسط والثقيل بشكل خاص فكان يشتري الدبابة بمبلغ 15 مليون ليرة سورية على الأقل والرشاش بثلاثة ملايين ليرة. بهذا امتلك “داعش” ترسانة أسلحة بالمال وليس من خلال القتال. ذلك السلاح الذي عاود التنظيم تسليطه ضد السكان وليس النظام.

التنظيم الذي ناهزت تجاوزاته ما اقترفه النظام ضد شعبه، وفي زمن قصير جداً منذ ولادته، جعل المقاتلين الشرفاء يتوحدون من جديد لإعادة الثورة إلى نصابها الحقيقي، فولد “جيش المجاهدين” في الثالث من الشهر الجاري ليعلن الحرب ضد “داعش” داعياً باقي الفصائل للاشتراك في اجتثاث الورم السرطاني وإعادة الثورة لمسارها الصحيح.

بعد مرور أكثر من أسبوعين من الحرب ضد “داعش” لاتزال المعارك تسير بوتيرة متسارعة وسط انحسار ملحوظ لنفوذ الأخير أمام ضربات الفصائل المقاتلة للتنظيم. ففي إدلب لم يتبق لداعش فيها تواجد إلا بعض جيوب بعدما اضطر للانسحاب امس من سراقب، حيث دارت المعارك الضارية التي قتل فيها أمير داعش أبو البراء الجزائري، تلك المعركة التي تكبد فيها التنظيم ولواء داوود المناصر له خسائر كبيرة على يد جبهة ثوار سوريا المشترك الأكبر في المعركة وأحرار الشام حسب ما أكد ناشط ميداني من داخل إدلب والذي قال إن الغموض لايزال يكتنف موقف جبهة النصرة الواقفة على الحياد هناك ولم تشترك بالقتال على عكس اشتراكها في بداية المعارك في الرقة وبعض مناطق من حلب.

أما في حلب فيقتصر تواجد داعش فيها على بعض المناطق والمنطقة الصناعية ومدرسة الأرمن القريبة من عنجارة، التي يعتقد أنه يتواجد فيها أغلب المخطوفين من الإعلاميين النشطاء والصحافيين الأجانب، حسب ما ذكر الإعلامي حازم الداكل الذي يعتقد أن يجري تحريرها في أي لحظة من قبل الكتائب المقاتلة التي تطبق حصارها لداعش.

وذكر الداكل أن “الموقف الملتبس للنصرة والجبهة الإسلامية يثير عدة تساؤلات ومخاوف من وجود صفقة مبرمة بين التنظيمين وداعش، مفاده إطلاق يد التنظيم في الرقة ودير الزور مقابل انسحابها من حلب وإدلب” حيث أشار إلى “انسحاب النصرة والجبهة الإسلامية من الرقة وتل أبيض ما جعل الطريق مفتوحاً أمام داعش لتعاود السيطرة على المناطق التي انسحبت منها”، ذلك الأمر حسب الداكل “غير مبرر ولا يأتي إلا في سياق وجود اتفاق ضمني بهدف استنزاف الكتائب المقاتلة لصالح النصرة”.

لكن توسع المعركة ضد “داعش” قد تحول دون ذلك، إذ إن ساحة المواجهات ضد التنظيم لم تعد محصورة في الشمال السوري بعد أن انتفضت فصائل “الجيش الحر” في الرستن ضد “داعش” وقتلت أكثر من 16 عنصرا للتنظيم، بعدما عمد “داعش” إلى خطف القيادي في “الحر” الملازم همام الديك.

المستقبل

حلب: مفخخات داعش تسقط جرابلس/ أحمد العقدة

لليوم الثاني على التوالي يهتز قبر القائد العسكري المعروف، العقيد يوسف الجادر، أبو فرات، قائد معركة السيطرة على مدرسة المشاة، وابن مدينة جرابلس، على وقع التفجيرات التي تحدث في مدينته نتيجة المعارك المحتدمة بين فصائل من الجيش الحر بقيادة الجبهة الإسلامية وتنظيم “الدولة الإسلامية في العراق والشام”.

قائد أركان “لواء التوحيد” سابقاً، أبو فرات، لم يكن ليتخيل في أسوأ السيناريوهات أن الذين يدعون مقاتلتهم للنظام هم ذاتهم من سيجعلون مدينته تهتز على وقع تفجيرات بالسيارات المفخخة، التي أخذت ما أخذت معها من أرواح نساء وأطفال، كان كل ذنبهم أنهم نزحوا إلى المدينة البعيدة الآمنة في أقصى الشمال، ليحتموا من قصف النظام.

 ولم تتوقف أفعال “الدولة الإسلامية” على إرسال السيارات المفخخة، التي كانت عاملاً أساسياً في حسم المعركة، وتفجيرها في المدينة، بل تجاوز ذلك إلى قطع الرؤوس، إذ قاموا بقطع رأسي مقاتلين من كتائب “نور الدين الزنكي” وعلقوهما على حائط المركز الثقافي وسط المدينة، بعدما سيطروا عليها، كما قاموا بإعدام 4 آخرين.

أحد النازحين إلى جرابلس، وهو من مدينة السفيرة في ريف حلب، يقول في حديث لـ”المدن” واصفاً ما يحصل في جرابلس “تركت شخصية وشجاعة (أبو فرات) أثراً  نبيلاً في قلوب السوريين، بينما خلفت مفخخات ومجازر (داعش) اليوم بالسكاكين، ندبةً في ذاكرة كل من حضرها وشاهدها” ويضيف “يدعونَ رفعهم راية لا اله إلا الله .. دون أن يعلموا أن الله لا يسكنُ قلوبهم السوداء”.

 ويروي أحد أبناء جرابلس، عبد اللطيف، في حديث لـ”المدن” عملية السيطرة على المدينة، موضحاً أن “الدولة الإسلامية” حسمتها بعد “تسلل 25 مقاتلاً من عناصر التنظيم كانوا قد قدموا ضمن رتل كبير الى المدينة”.

ويتابع “تسللت عناصر داعش إلى داخل المدينة بجرأة كبيرة..، وسيطروا على وسط المدينة، بينما أحاطت بقية الرتل بالمدينة وحاصرتها من الخارج” مضيفاً أن “مختلف فصائل الثوار الأخرى انسحبت من المدينة بعد هجوم رتل للتنظيم عليها”.

 من جانب آخر، قال مصدر عسكري في حديث لـ”المدن” إن “قائد الفوج الثالث في جرابلس تعاون مع الدولة الإسلامية لضرب الجيش الحر هناك، وحصلت عمليات إعدام في كتيبة الرادار في منطقة الشعالة” التي كان الجيش الحر قد سيطر عليها قبل مدة.

 وبعد عملية طرد عناصر التنظيم من مدينة حلب، ومؤخراً من مدينة سراقب في ريف إدلب، عمدت “الدولة” إلى تحشيد قواتها في مناطق الريف الحلبي. مصدر عسكري من غرفة عمليات الريف الشمالي في حلب، قال في حديث لـ”المدن” إن وجود “الدولة” انحسر في القرى الهامة القريبة من الحدود التركية لتصبح مناطق توزعهم حالياً في كل من ” كفر حمرة، حريتان، رتيان، ماير، معرسته، أعزاز” ومناطق أخرى في ريف حلب الشمالي.

 ويؤكد المصدر العسكري من لواء التوحيد أن “قراراً تم اتخاذه بجعل الريف الشمالي منطقة خالية من داعش بشكل كامل، ليكونَ قوة تمركز كبيرة للجبهة الإسلامية وجيش المجاهدين بغية القضاء على التنظيم نهائياً الذي يعزز تواجده في الشرق الآن”.

 مكاسب التنظيم في ريف حلب الشرقي المتاخم لمحافظة الرقة، معقل التنظيم الأكبر، كان يقابله خسائر كبيرة في الريف الغربي، إذ تمكنت الفصائل المقاتلة، صباح الجمعة، من السيطرة على الفوج 46 الذي تحول إلى معقل للتنظيم، بشكل أساسي بعد طرد عناصره من إدلب. وأعلن جيش المجاهدين في بيان مصور سيطرته الكاملة على الفوج بعد 12 يوماً من المعارك المتواصلة.

 في السياق، نعت “تنسيقية مدينة الباب وضواحيها” في بيان لها “استشهاد قائدين عسكريين كبار” من “الجبهة الاسلامية” قضيا على يد التنظيم، خلال المعارك الجارية في محيط مدينة الباب في ريف حلب الشرقي، التي سيطر التنظيم على معظم أجزائها الأربعاء الماضي.

المدن

بعد تكفير تويتر.. جريدة داعش/ نذير رضا

لن تغني صحيفة “سنا الشام” الأسبوعية التي يصدرها تنظيم “داعش”، عن موقع “تويتر”. صحيح أن بعض أصوات التنظيم كفّر موقع التواصل الإجتماعي، واتخذ آخرون قراراً بالبحث عن بديل… لكن امتداد الموقع، وقدرته على نقل أخبار التنظيم، سيحول دون مقاطعته تماماً. وهذا ما بدا في التغريدات المتتالية لـ”داعش” في صفحتها الرئيسية في الموقع، فضلاً عن الصفحات المناطقية.

وتتولى صحيفة “سنا الشام” المهمة التسويقية، في مواقع سيطرة “داعش”، حيث يتم توزيعها. هي خطة بديلة، الى حدّ ما، للتسويق للتنظيم، نظراً لتضمنها مفاهيم إسلامية متشددة، كما يطغى عليها الجانب التعبوي سياسياً ودينياً. ويُنظر الى إحجام القائمين على جريدة “سنا الشام” عن نشرها على صفحتها في “تويتر”، على أنه خطة لتكريس التوجهات الدعوية الداخلية، ورقياً، وتوجيه خطاب مختلف عما تتوجه فيه الى الآخرين خارج مناطق سيطرتها. وتوقف تحميل الجريدة منذ عددها الثاني في 6 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

في الصحيفة التي أطلقت قبل شهرين، وتوزع في مناطق سيطرة التنظيم في الرقة وبعض مناطق ريف حلب بسوريا، أخبار وتقارير عن الإنجازات العسكرية، وسير “الشهداء” وقادة التنظيم. بسهولة، يمكن تتبع المسار الخطابي للتنظيم الذي لا يختلف بتاتاً عن الخطاب الصوتي الذي يتضمنه زعماء “داعش”. “رسول المرحمة والملحمة”، تعبير درج الجهاديون على استخدامه في معرض وصفهم للنبي محمد. كذلك التوجه الدعويّ للجهاد، والكشف عن أسماء وقادة ميدانيين، تنشر الجريدة مقابلات معهم، وخصوصاً مع المقاتلين/المهاجرين الأجانب.

والقول إن “داعش” يتنبى خطاباً موحداً، لا يبدو واقعاً. يتبنى التنظيم خطاباً أقل تشدداً في مواقع التواصل الإجتماعي، عما هو عليه في صحيفة “سنا الشام”. وفي الأخيرة، تقارير مفصلة عن عملياتها التي عادة ما تثير جدلاً في سوريا. خطابان يتفاوتان في تقييم المخاطر. يولي الخطاب الخارجي أولوية لصورة التنظيم في الخارج. أما في الداخل، فيعمِّم ويعبّئ، ويعلن مظلوميته. كلاهما تقدير للمكاسب، في وسائل إعلامه.

ولم يعلن التنظيم بشكل مباشر، مقاطعة “تويتر”، رغم أن بوادره يمكن الإستدلال إليها، من خلال إحجام القائمين على جريدة “سنا الشام” عن نشر محتواها في “تويتر”. فتوى “تكفير” الموقع المغرّد، تناقلتها مواقع إلكترونية كثيرة، عن صفحات تعود إلى منتمين للتنظيم في العراق تحديداً. وأفادت مواقع إلكترونية، آخرها موقع قناة “العالم” الإيرانية، بأن وصف “داعش” للموقع بالكفر “أتى كردّ فعل على حذف كلمة لأمير التنظيم أبو بكر البغدادي الذي يتّخذ من العراق مقراً له”. وشنّ روّاد الموقع المنتمين لـ”داعش” حملة شعواء على الموقع، داعين إلى مقاطعته وإيجاد طرق بديلة لنشر أخبارهم.

وكانت صفحة “أنصار الشيخ أبو بكر البغدادي” في “فايسبوك”، أكدت حذف “تويتر” لكلمة البغدادي. تلك الصفحة بدورها، حذفها “فايسبوك” بحسب ما تناقلت صفحات تابعة لـ”داعش”. وأعيد تأسيس الصفحة نفسها، قبل أيام، للمرة السادسة. وكانت صفحة “أنصار الشيخ ابو بكر البغدادي” أوردت أن حذف الصفحة جاء على ضوء “نشر الإنتصارات المتتالية للمجاهدين”.

‏ويُقرأ تكفير “تويتر” على أنه “خطوة إعتراضية”، بما يتخطى كونه واقعاً. فالتنظيم، كما سائر المجموعات المتشددة، لا يمكن له أن يستغني عن الموقع كوسيلة للتواصل، وتعميم “الأخبار”، ونقل البيانات وجمع الأصدقاء. ويعتبر الموقع المسوق الأبرز لبيانات وأخبار “داعش”، كون عناصر هذا التنظيم المرتبط بالقاعدة تستخدمه لنشر وتغطية أخبارها.

ويُستدلّ الى حجم نشاط الجماعات الجهادية اليوم، في سوريا والعراق واليمن على وجه التحديد، من حجم الضخ الإعلامي في صفحاتها في “تويتر” و”فايسبوك”. وتتابع تلك الصفحات أخبار الجهاديين وبياناتهم لحظة بلحظة، في ظل عجزهم عن تأسيس شاشات تلفزة، وفي ظل عجز الصحيفة الخاصة بـ”داعش” عن نقل صورة تسويقية للتنظيم، سواء بالصورة أم بالصوت.

المدن

ناشطان سوريان يرويان فظاعات الإحتجاز في سجون ‘داعش

بيروت ـ ا ف ب: كتبت لناشطين اعلاميين سوريين حياة جديدة بعد خروجهما من سجون الدولة الاسلامية في العراق والشام، حيث شاهدا فظاعات اعدام سجناء آخرين، وتعرضا للضرب المبرح وامضيا اياما بفتات من الطعام.

فقد والدا سيف (22 عاما) اي امل في رؤيته مجددا بعدما خطفه عناصر جهاديون من الدولة الاسلامية في العراق والشام من المكتب الاعلامي حيث يعمل في محافظة ادلب (شمال غرب).

وتعرض الشاب للضرب من قبل محتجزيه، قبل ان يحكم عليه بالاعدام بسبب نشاطه الاعلامي، وتبلغ والداه ان الحكم قد نفذ فيه. الا ان الحملة العسكرية التي تشنها كتائب مقاتلة بعضها اسلامية ضد هذا التنظيم الجهادي منذ اكثر من اسبوع، انقذت حياته.

وعندما اجتمع سيف مع عائلته وخطيبته، كسب حياة جديدة.

ويقول سيف عبر الانترنت ‘اخبرت الدولة الاسلامية والديّ انه تم ذبحي. لم يتمكنا من تصديق اعينهما عندما رأياني مجددا’.

ولم يعتقد سيف ان خروجه من السجن ممكن، لا سيما بعد الحكم عليه بالاعدام من قبل احد العناصر الاجانب في التنظيم.

ويقول ‘لم احظ بمحاكمة عادلة. القاضي (الجهادي) التونسي دخل الغرفة واصدر الحكم مباشرة (…) اختار الحكم الاقصى لان مزاجه اقتضى ذلك’.

وخطف عناصر من الدولة الاسلامية سيف في 28 تشرين الثاني/نوفمبر، واطلق في السادس من كانون الثاني/يناير بعدما شن مقاتلو المعارضة هجوما على السجن التابع للدولة الاسلامية في مدينة الدانا في ادلب.

واتى الهجوم ضمن المعارك التي تخوضها ثلاثة تشكيلات كبرى من مقاتلي المعارضة السورية منذ الثالث من الشهر الجاري، ضد الدولة الاسلامية.

ويحتجز عناصر هذا التنظيم الجهادي المرتبط بالقاعدة، مئات المقاتلين من كتائب مختلفة، اضافة الى ناشطين وصحافيين بينهم اجانب.

ويقول ناجون من سجون الدولة الاسلامية، ومنهم سيف، ان الظروف فيها ‘غير انسانية، وأسوأ من سجون نظام’ الرئيس بشار الاسد، والتي احتجز فيها سيف العام 2011.

ويضيف هذا الشاب الذي كان طالبا في جامعة حلب حين انضم الى الاحتجاجات المناهضة للنظام في عام 2011 ‘صدقوني، سجون داعش (وهو الاسم الذي تعرف به الدولة الاسلامية اختصارا) أكثر رعبا. أقله في سجون الأسد كنت احصل على الغذاء كل ليلة’.

ويوضح ‘كنت احصل على نصف ليتر من المياه كل يومين، اضافة الى فتات من الغذاء. لانهم يكرهون الناشطين الاعلاميين، كنت اتعرض للضرب والسباب واتهم بانني كافر’.

ويقول سيف انه رأى عناصر الدولة الاسلامية يعدمون سجناء آخرين، بينهم فتى كردي في الخامسة عشر من العمر، اتهموه بالاغتصاب والانتماء الى حزب العمال الكردستاني، والذي خاض فرعه السوري (حزب الاتحاد الديموقراطي) معارك ضد ‘داعش’ منذ اشهر.

ويوضح ان الفتى ‘نفى الاتهامات الموجهة اليه، الا انهم ضربوه طوال خمسة ايام، الى ان +اعترف+. حينها اطلقوا النار عليه مباشرة’.

ويشير الى ان الدولة الاسلامية تحتجز ايضا ارمنيين حاولا الهرب من سوريا بعدما هاجم الجهاديون الكنائس، لا سيما في محافظة الرقة (شمال).

ويقول ‘أرونا الأرمنيين ورؤوس السجناء الذين اعدموا لارهابنا’. ويتابع ‘كان التعذيب بلا رحمة. كان جبيني ينزف مدة يومين من شدة الضرب، بدون ان اتلقى اي علاج. رأيت رجالا في السبعينات من العمر خطفوا لطلب فدية’.

يضيف ‘كان ثمة العديد من الاكراد في سجونهم، وكان اطلاق اي منهم يكلف عائلته مئات الآلاف من الليرات السورية’.

وتحدثت منظمات انسانية غير حكومية عن تعرض مئات الاكراد للخطف على يد الدولة الاسلامية في الاشهر الماضية، تزامنا مع الاشتباكات بين الدولة وعناصر الحماية الشعبية الكردية في شمال سوريا وشمال شرقها.

اما ميلاد الشهابي، فناشط اعلامي خطفته الدولة الاسلامية من مقر عمله في وكالة ‘شهبا برس′ في مدينة حلب (شمال) نهاية كانون الاول/ديسمبر.

ويقول ‘قالوا علي ان اتعلم كيف اتحدث عن داعش’.

وكان الشهابي في زيارة الى تركيا المجاورة قبل احتجازه، الا انه اصر على العودة الى سوريا رغم تلقيه تهديدات. وعلى عكس سيف، لم يخضع الشهابي للمحاكمة، بل مضت ايام قبل ان يدرك انه محتجز لدى ‘داعش’.

ويقول ‘بقيت معصوب العينين وفي الحجز الانفرادي مدة 13 يوما. لم اتمكن من رؤية شيء. كنت اسمع بعض الاصوات فقط’.

واحتجز الشهابي في مستشفى الاطفال في حي قاضي عسكر في ثاني كبرى مدن سوريا، والذي كانت تتخذ الدولة الاسلامية منه مقرا رئيسيا لها.

وتمكن مقاتلو المعارضة هذا الاسبوع من السيطرة على المستشفى وتحرير عشرات المحتجزات، بعد ساعات من قيام الدولة الاسلامية باعدام عشرات المحتجزين في المقر، بحسب المرصد السوري لحقوق الانسان وناشطين.

ويوضح الشهابي ‘سمعت الطلقات النارية عندما كان العناصر يعدمون المحتجزين. كان ثمة رصاص كثيف، لدرجة اعتقدت ان ثمة اشتباكات’.

وكما سيف، يرى الشهابي نفسه محظوظا للنجاة بحياته. ويقول ‘طلبوا مني فدية قيمتها 200 الف ليرة (نحو 1300 دولار امريكي). لم يكن لدي سوى 15 الفا. سألتهم ما اذا كان في امكاني ان اخبر عائلتي بمكان وجودي، لكنهم منعوني من ذلك’.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى