رستم محمودصفحات سوريةعلي العبداللهغسان المفلحفايز سارههوشنك بروكا

مقالات لكتاب سوريين تناولت أزمة الائتلاف السوري الأخيرة

الخلاف داخل الائتلاف!/ فايز سارة

على مدار الأسبوع الماضي، كان موضوع الخلاف في الائتلاف بين المواضيع الأكثر سخونة في الإعلام العربي وفي بعض الإعلام العالمي، والأمر في هذا طبيعي انطلاقا من أمرين اثنين؛ أولهما أن الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، هو الوعاء الأكبر والأكثر تمثيلا والأهم بين كيانات المعارضة، والثاني أن إعلان الخلاف داخل الائتلاف إنما يأتي والائتلاف على بوابة «جنيف 2»، الذي يُفترض أن يكون فيه الائتلاف على رأس وفد المعارضة ممثلا للشعب السوري في مواجهة وفد نظام الأسد، للبحث في حل سياسي للقضية السورية وفق إرادة المجتمع الدولي وخطته في عقد «جنيف 2».

وعودة إلى الخلف، يمكن التأكيد أن الخلاف في الائتلاف ليس بجديد، وهذا أمر طبيعي يكمن في طبيعة أي تحالف سياسي نتيجة اختلافات آيديولوجية وسياسية، يمكن أن تذهب إلى افتراق في أي لحظة، أو تظهر تناقضاتها وخلافاتها إلى العلن، والائتلاف ليس أكثر من ذلك، إضافة إلى أن ظروف تشكيل الائتلاف الذي بدا في لحظة التأسيس عبارة عن عملية جمع ولصق سريعة لقوى وشخصيات من المعارضة، من أجل إنجاز مهمة محددة، بدت في ذلك الوقت وكأنها التمهيد لمرحلة انتقالية تعقب سقوط نظام الأسد، والبدء في إقامة نظام جديد يخلفه.

وسط تلك الحالة ولد الائتلاف وفي داخله خلافات عادية، لكن هذه الخلافات تطورت في ظل مشكلات واجهها الائتلاف بفعل مهمته التي جرى تفصيلها بصورة مرحلية، وبسبب سيطرة مجموعة معينة عليه جعلت من الائتلاف هيكلا على مقاسها، فقد جرى تسريع أزمة الائتلاف، وجعله عرضة لعملية توسعة مرتين في نحو ثمانية أشهر، بحيث صار الائتلاف إلى نحو ضعف عدده الأول.. وزيادة أعداد ممثلي التيار الديمقراطي في التوسعة الثانية، أدت إلى حدوث انقلاب سياسي وتنظيمي في الائتلاف قاده تحالف سياسي جديد استبعد القيادة السابقة في أول عملية انتخابية يشهدها الائتلاف، وهو تحول جعل الخلاف يفجّر صراعا بين الكتلتين؛ واحدة فازت عبر انتخابات ديمقراطية وشفافة، وتدعو إلى عمل مشترك، وأخرى تصر على وجودها ونفوذها، ولو عبر الكيدية وسياسة التعطيل، مما أدى إلى بطء عملية الإصلاح السياسي والتنظيمي في الائتلاف وتعطيل بعض مساراتها الممكنة.

لقد فتحت الدورة الأخيرة للائتلاف الباب أمام معالجة الخلافات داخل الائتلاف بصورة ديمقراطية، عبر عملية انتخابية تتيح فرصا متساوية لمختلف الأعضاء في الوصول إلى عضوية الهيئتين الرئاسية والسياسية، وعبر مناقشة حرة لأعضاء الهيئة العامة لتحديد مواقف وسياسات الائتلاف، لا سيما في موضوع «جنيف 2»، الذي يفترض أن تقرر الهيئة العامة إذا كان للائتلاف أن يذهب أو لا يذهب للمشاركة فيه، لكن روح الصراع منعت الذهاب إلى معالجة أوضاع الائتلاف، ودفعت بالخلافات حد الانفجار لدى الخطوة الأولى من العملية الانتخابية، وحسم موقع الرئاسة، فبدأت عملية الانسحابات والاستقالات من الائتلاف، بعد إصرار على تعطيل اجتماعاته دون فائدة لمدة يومين.

إن المبررات التي ساقها المنسحبون والمستقيلون تفسيرا لموقفهم ركزت على رفضهم الذهاب إلى «جنيف 2»، علما بأن الهيئة العامة لم تكن ناقشت، وهي لم تتخذ حتى الآن قرارا بالذهاب إلى «جنيف 2»، وأضافوا إلى ذلك مبررا آخر، وهو كلام عن استئثار وتفرد بالقرار السياسي في الائتلاف، وهو أمر غير حقيقي، وعلى مدى الفترة الماضية، شارك ممثلون عن كل التيار، وكثير من الشخصيات الوطنية في أنشطة الائتلاف، وجرى ضم كثير منهم إلى الهيئة السياسية الموسعة، بل إنهم دعوا للمشاركة في الهيئة السياسية المرتقب توسيعها لزيادة حجم تمثيل أعضاء الائتلاف. كم أُشير في المبررات إلى استخدام المال السياسي، وللأسف، فإن أحدا لم يقدم معطيات ووثائق على هذا السلوك، مما يسمح بمحاسبة أصحاب هذا النهج الذي يعرف كثيرون أنه كان حاضرا في فترات سابقة، وكان يجري بصورة علنية.

خلاصة القول إن هناك مستوى طبيعيا من خلافات في الائتلاف، وهذا مقبول ولا خلاف عليه. لكن ثمة مستوى آخر غير مقبول، وينبغي حسمه، تمثله خلافات مصطنعة مغرضة هدفها السيطرة على الائتلاف أو تعطيله، عبر الكيدية وحملات الاتهام والتشهير، دون أخذ المعطيات القائمة؛ سواء داخل الائتلاف أو خارجه بعين الاعتبار، بل ومن دون النظر إلى المصلحة الوطنية العليا للشعب السوري وثورته، التي تتطلب اليوم مستوى أعلى من الوحدة واليقظة والإرادة السياسية للتقدم على خط الصراع مع النظام، سواء في المجال العسكري لتغيير توازنات القوة المختلة على الأرض، أو في المجال السياسي الذي يسعى النظام إلى التقدم فيه وإعادة تأهيل وتسويق ذاته؛ سواء عبر «جنيف 2» أو غيره، مستفيدا من سلبيات موقف المعارضة، وعدم قدرتها على خوض صراع مع نظام تقول عن حق إنه نظام ضعيف وفاقد لشرعيته السياسية والأخلاقية.

الشرق الأوسط

النظام والمعارضة.. رأسان يديرهما عقل واحد/ هوشنك بروكا

لا شبيه للمعارضة السورية في العالم سوى “سوريا المعارضة” نفسها. فقط هي تشبه نفسها؛ فقط أهلها المعارضون يشبهون أنفسهم. منذ اليوم الأول لخروجها من “البطن التركي” بعملية قيصرية، قبل حوالي سنتين ونيف، هي لاتكاد تخرج من أزمة شقاقٍ حتى تدخل أخرى أكبر. هي بإختصار معارضة ضد نفسها قبل أن تكون معارضة ضد النظام، وتحفر ألف حفرةٍ لنفسها قبل أن تحفر حفرةً للنظام.

المؤتمر الأخير ل”الإئتلاف الوطني السوري”، الذي انعقد نهاية الإسبوع الماضي في استانبول، والذي كان من المفترض به أن يكون “مؤتمراً حاسماً”، كما روّج له، لمواجهة النظام كمعارضة واحدة على قلب رجل واحد في “جنيف2″، أثبت للمرّة الألف أنّ المعارضة السورية معارضة فاشلة بإمتياز، لا تصلح للحكم، مشروعها (هذا إن كان لديها مشروع وطني أصلاً) هو مشروع سوريا فاشلة، سوريا ضد سوريا لسوريين ضد سوريين.

هي، قليلاً أو كثيراً، “صورة طبق الأصل” عن النظام، ولا تختلف عنه في شيء، اللهم سوى في إسمها. فعقلها هو كنقلها من عقل النظام ونقله. كلاهما وجهان لعملة سورية واحدة. فذاك له “البعث” وبعثييه، وتلك لها “داعش” وداعشييها.

مؤتمر إستانبول الأخير للمعارضة السورية أثبت للأصدقاء قبل الأعداء، أنّ خلاف المعارضين السوريين ليس خلافاً على “المبادئ” بقدر ما هو خلافٌ (بل خلافات) على المصالح. حتى قضية “جنيف2” (حضور المعارضة فيه من عدمه) التي باتت الشغل الشاغل لكلّ اجتماعات المعارضة، في الأشهر الماضية، فقد تبيّن أنها لا تتجاوز كونها أكثر من “قميص عثمان” تحت الطلب، يرفعه فريقٌ معارض ضد فريق آخر، كلما دعت الحاجة أو المصلحة إلى ذلك.

ثلث المؤتمرين (أكثر من 40 من أصل 120 عضواً) انسحب من المؤتمر بسبب “الديمقراطية”، أو لنقل شبيهتها، التي فاز من خلالها “أحمد الجربا” بحصوله على 65 صوتاً على حساب منافسه، رئيس الوزراء المنشق رياض حجاب، بفارق 13 صوتاً. المشكلة ههنا، لا تكمن بالطبع في نجاح الجربا ورسوب حجاب، بقدر ما أنها تكمن في رسوب الديمقراطية أو رسوب المعارضة نفسها، التي فشلت الآن في تطبيق أبسط مبادئ الديمقراطية على نفسها، ولم تستطع حتى الآن الخروج من مؤتمر واحد من مؤتمراتها (وما أكثرها)، بنفَس ديمقراطي، بدون حساسيات شخصية، أو خلافات أو انسحابات أو عراكات أو مناوشات أو حروب كلامية بين المؤتمرين.

والإنسحاب الأخير ل”الثلث المعطّل” من المؤتمر الأخير ل”الإئتلاف” يشير إلا أنّ المعارضة السورية تعيش أزمة حقيقية، عنوانها الأبرز هو الشقاق. هذه ليست المرّة الأولى التي تهدد فيه المعارضةُ المعارضةَ، أو تعارض المعارضة نفسها، بدلاً من معارضتها للنظام. سواء بقي “الإئتلاف” مؤتلفاً أو انشق على نفسه وآل إلى “إئتلافات”، برفع قميص “جنيف2” أو بدونه، فإنّ ذلك لن يغيّر من عقل المعارضة السورية شيئاً. عقل المعارضة السورية، كان ولا يزال، عقل شقاق لا عقل وفاق؛ عقلٌ في من “ضد سوريا” وخارجها، أكثر من كونه عقلاً “مع سوريا” ومن داخلها إلى داخلها.

المعارضة السورية لم تخلق في الخارج فحسب، بل خلقت، على ما يبدو، للخارج أيضاً.

ولعلّ ما كتبه أحد عقول هذه المعارضة، د.برهان غليون، على هامش هذا المؤتمر، يعبّر عن “الحقيقة الضائعة” لسوريا، تلك الحقيقة التي ضاعت بين كرسييّن: كرسي النظام في الداخل وكرسي المعارضة في الخارج. ذات العقلية التي ركبها النظام صاحب “نظرية الأسد أو نحرق البلد”، ركبتها المعارضة أيضاً، لكن على طريقتها الخاصة.

النظام ضرب سوريا والسوريين من الداخل، فيما المعارضة ضربتهم من الخارج.

النظام أسقط الثورة بالداخل عن طريق “أهل المقاومة”، فيما المعارضة أسقطها بالخارج عن طريق “أهل الجهاد”.

أما النتيجة فكانت واحدة: قتل الثورة في سوريا، وقتل سوريا في الثورة.

النظام والمعارضة، كلاهما طرفان لمشكلةٍ واحدة إسمها سوريا، بلد المليون جرح.

كلاهما سببٌ في مشكلة كبيرة إسمها “المحرقة السورية”.

المعارضة والنظام..رأسان يديرهما عقل واحد؛ عقلٌ لا تتجاوز حدوده حدود الكرسي الذي يجلس عليه صاحبه؛ عقل شمشوني بإمتياز، لم يخلق لبناء سوريا “معبداً” لكلّ السوريين، بقدر ما أنه خلق لهدمها فوق رؤوس الجميع.

كلاهما “شمشون سوري واحد”، على مبدأ واحد: “أنا ومن بعدي الطوفان”!

ايلاف

الائتلاف وانتخاباته/ غسان المفلح

اثناء اجتماعات الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية 06.01.2014 ارسلت الامم المتحدة الدعوات لأكثر من خمسين دولة لحضور جنيف2، مستثنية إيران. تلك الاجتماعات التي ماتزال متواصلة تمت عملية انتخاب قيادة الائتلاف، ونجح الرئيس الحالي احمد الجربا كما نجح الدكتور بدر جاموس وبقي في موقعه كأمين عام للائتلاف. بكل معارضات العالم، البشر يناقشوا البرنامج السياسي والخطة السياسية، وما فعلته القيادات السابقة قبل المؤتمر، وماهي النتائج التي حققتها لصالح تلك المعارضة أو المؤسسة، وبناء على تلك المداولات، يتقدم المرشحون ببرامجهم السياسية للمرحلة المقبلة، وفيما بعد تجري انتخابات بناء على هذه البرامج… إلا في الائتلاف السوري تنتخب القيادات ودون أن تقدم تقريرا عن عملها السابق وتترك المسائل السياسية لمابعد…لأنه من المفترض أن الناس تترشح وتنتخب بناء على معطيات السياسة… وهذا ان دل فهو يدل على أن الاهم هو الموقع وليس منتجه السياسي.الاغرب من كل هذا أنه بعد الانتخابات المعيبة هذه، حصلت انسحابات عديدة من الائتلاف، ودون أن تقال كلمة سياسية واحدة حتى لحظة تكاثر الانسحابات!! الغريب أنه لم يخرج عضو واحد من هذا الائتلاف ليعترض على ما تم من مهزلة، ليقل مثلا: الانتخابات تختتم الاجتماع وليس العكس. ما يؤكد كلامنا هنا، أن الاستقالات والانسحابات حاولت أن تتلطى خلف الموقف من جنيف، مع أن الائتلاف لم يتخذ قراره حتى لحظة كتابة هذه المادة!! لم يتجرأ اصحابها بعضهم على الأقل، على القول أننا انسحبنا لأننا لم ننجح انتخابيا!! لو كان همهم سياسي فعلا لاستطاعوا تأجيل الانتخابات لمابعد مناقشة المعطيات السياسية والحلول المقترحة بخصوص جنيف2. الاستقالات تعيد نفس الاسطوانة المشروخة، لنفس الاشخاص الذين ساهموا هم ومن بقوا في شرذمة التمثيل السياسي للثورة. لاقيمة سياسية لها سوى الاستمرار في هذا الانحدار للمعارضة السياسية.

رغم أنه من المفترض البدء بتقرير عن المرحلة السابقة، وماذا فعلت القيادة القديمة؟ ما الذي قدمته للثورة؟ مع ذلك لو تغاضينا عن هذا الامر، كان الاجدى البدء بمناقشة ما يحدث على الارض من استمرار للصوملة. المعركة مع داعش تجري في المناطق المحررة، وماذا يعني هذا؟ وهل القوى التي تقاتل داعش تقاتلها بناء على غطاء سياسي محدد أم ماذا؟ ثم المناطق المحاصرة جوعا كيف يمكن مساعدتها؟ مناقشة الموقف العسكري والتدخل الايراني ومرتزقته.. أين وصل الموقف الدولي من الثورة السورية؟ كلها اسئلة من المفترض أن تناقش وأن تطرح اجوبة عليها قبل مهزلة الانتخابات هذه. طبعا بات من الواضح أن الطرف الذي نجح بالانتخابات هو الطرف الذي يستمر في مهمة تشكيل الائتلاف وهي الذهاب لجنيف2 دون أية ضمانات ربما طمعا ” بانقاذ دمشق”!. قلت في مقال سابق ليذهبوا لجنيف2 لأنه مؤتمر لسد الذرائع أمريكيا، سيذهبون إليه وهم مكللين بالشرذمة. لهذا ذهابهم من عدمه واحد. والاطرف ان التيار الذي نجح ليس لديه برنامجا سياسيا واضحا من أية قضية. والاغرب من كل هذا وذاك أن الكتل انقسمت انتخابيا، ولم تنقسم سياسيا… كيف تنقسم كتلة لها نفس البرنامج السياسي من أجل انتخاب شخص لايوافق على هذا البرنامج؟ اللاجئون والمعتقلون والمفقودون والناس المتواجدة بالمناطق المحررة، وبعض المناطق غير المحررة… هم الثورة وليس هؤلاء.

ايلاف

التدخل الدولي في سورية والائتلاف/ غسان المفلح

اوضح الربيع العربي بما لايقبل الشك، أن المنطقة العربية والشرق الاوسط، هي مسرحا للاعب الدولي. حيث اتضح أكثر تبعية التحولات النوعية التي يمكن أن تجري في المنطقة، لمجمل النظام الدولي. أربكت النظام الدولي قضية الحرية وما تعنيه بالنسبة لشعوب المنطقة، خاصة في سورية، جارة إسرائيل. المعادلة أمام الثورة السورية كانت بسيطة جدا” أمريكا لا تريد التخلي عن نظام الاسد” لهذا لم تساعد منذ أول يوم في الثورة، على محاولة احتضان الثورة السورية، بل ساهمت مساهمة جدية في تخريب المشهد السياسي للثورة. كانت تتوقع أن يقضي الاسد على الثورة السلمية لكنه فشل. فشله جعل الامريكان يعيدون حساباتهم من جديد، صار الاسد طرفا “طائفيا” بالنسبة لهم، لأنه لم يستطع تقديم أي تنازل سياسي جدي. كان لدى المعارضة السورية مجموعة من القوالب الايديولوجية، جاهزة لتكون حلا لكل شيئ وهي لاتحل شيئا، تخلي أمريكا عن مبارك وزين العابدين بن علي قبله، خلقت لديهم وهما جديدا، بإمكانية اسقاط النظام دون تدخل دولي.بنت كل استراتيجيتها على هذا الاساس. ( يا غسان ما بدك تبطل هالمعزوفة، الجماعة لا يريدون التدخل..أو جماعتك الامريكان لايريدون التدخل!!) هذا قول كنت اسمعه من بعض رموز المعارضة، التي احتلت واجهة المشهد المعارض. قوتان غير نظام الاسد كان الغرب عموما يتواصل معهم:

– الاولى الفعاليات الدينية والتجارية لدى الطائفة السنية، والفعاليات الدينية والطائفية لدى الاقليات، كلها لا تريد التدخل..

– المعارضة السياسية أيضا من استمع لكل مقابلات قادة المجلس الوطني عند تأسيسه، ولخطاب هيئة التنسيق يجد المزايدة البينية حول رفضهم التدخل الدولي. من كان مع التدخل قلة قليلة رغم أن المظاهرات الشعبية ارادت التدخل وخير دليل استقبال السفير الامريكي في حمص وحماة وغيرها من المناطق التي زارها.

أصل القصة أن المعارضة السورية بغالبية اطيافها واسماءها كانت تعتبر، سورية الاسد كاملة السيادة، لهذا رفضت التدخل الدولي لحماية المدنيين. كانت الدول الغربية تختبرهم منذ أول يوم في الثورة، حتى قبل الثورة بسنوات، عبر أسئلة ذات طابع استراتيجي بالنسبة للغرب توجه لهذه المعارضة.اهمها يدور بالطبع حول الموقف من إسرائيل وعملية السلام، حول الموقف من حزب الله وحماس، حول الموقف من القضية الكردية، وزاد بالطنبور نغما، حول الموقف من اسقاط الامريكان لنظام صدام حسين، كان موقف المعارضة لا يختلف عن موقف النظام ماعدا اصوات قليلة جدا. كما هو معروف شكلت هذه المعارضة نسبيا حاضنا ايديولوجيا في الاعلام لما كان يسمى آنذاك المقاومة العراقية، ومن ضمنها تنظيم القاعدة الذي كانت تمده الاستخبارات الايرانية والاسدية بكل أنواع الدعم اللوجستي. من جهة أخرى الغالبية العظمى من فعاليات الاقليات في سورية وخاصة الفعاليات الروحية المسيحية، كانت ترفض أمام المحافل الغربية حتى مجرد الضغط على النظام السوري، فمابالنا بالتدخل!!؟ حتى هنالك اسماء وربما قوى لم تكن قادرة على الافصاح عن موقفها الفعلي، بسبب تلك الموجة العارمة من التخوين المعارض. حدثت الثورة منذ 32 شهرا تقريبا، وبدأ التدخل الدولي في سورية لأنه كان موجودا أساسا، لكنه تدخل لحماية مصالحه المتقاطعة مع بقاء سورية تحت حكم آل الاسد. بعض معارضة كانت تخون اكراد كوردستان العراق تماما كالنظام، لقبولهم التدخل الامريكي وتحرير العراق من صدام حسين. الدول ليست علاقات شخصية، اليوم رأيي كذا وغدا يصبح كذا وعلى الدول ان تبني مواقفها على رأيي هذا المتقلب. موجة عارمة ومزايدات رخيصة حملتها هذه المعارضة منذ اول يوم في الثورة أنها ضد التدخل الدولي، وهي نفسها من سكتت على تدخل روسيا وإيران. من رفض التدخل الدولي، وحمل الثورة مسؤولية العسكرة والحل الامني والجريمة الاسدية، يعرف أن لاحل بسورية بدون استخدام القوة التي تفوق قوة النظام…وهو مع بقاء قوة النظام اساسا…لكي تضمن له حلا سياسيا مضمون طائفيا وطبقيا…بداهتان كانت تلك المعارضة تداور وتناور عليهما:

الأولى- أنهم جميعا يعرفون طبيعة هذا النظام. نظام يتعامل مع البلد كمزرعة عائلية وطائفية وطبقية، ومهما حاولنا جميعا في السابق واللاحق عقلنة سلوكه العنيف، تذهب وذهبت محاولاتنا ادراج الرياح لأن هذه طبيعته بنيته وتكوينه.

الثانية- ماذا تعني القوة؟ وأنه لايمكن فصلها عن ممارساتها، وإلا لن تصبح قوة. بداهة أن السلطة متغلغلة في البلد بحكم القوة، ولا يمكن ايقاف هذا التغلغل بشوية شعارات فارغة. لأنه رب عمل من جهة وشريك طبقي للتجار مسيطر سياسيا وأمنيا، وممثل طائفة غالبية شبابها في الجيش والامن بمواجهة الشعب السوري.

الائتلاف هنالك كثر في قياداته ساهمت مساهمة فعلية، بوصولنا لما وصلنا إليه من صوملة، وهي من رفعت لاءاتها بوجه الثورة، منذ اليوم الاول واهمها لا للتدخل الدولي. الآن الائتلاف سيعقد اجتماعاته من أجل تحديد موقفه من جنيف2 ومن أجل انتخاب قيادات جديدة، احد قادة الائتلاف وكان في السابق احد قادة هيئة التنسيق يتحدث عن شخصيات وازنة داخل الائتلاف، تساهم في التوافق!! كيف وازنة ومن أين اتى لها الوزن، ولا أحد من شعبنا الآن يثق بالائتلاف كله؟ بالتالي إذا أراد الائتلاف ان يخرج من دائرة هذه الشخصيات الوازنة بحقيبة نقودها وولاءها لمصدرها، أن يتقدم بخطة استراتيجية متكاملة تطالب المجتمع الدولي بحماية المدنيين وعودة المهجرين واطلاق سراح المعتقلين. لأن الموضوع ليس ماذا يريد العالم؟ بل ماذا نريد نحن؟ وكيف نتعامل معه؟ إذا رفض العالم التدخل ليرفض، نحن بدورنا نرفض ما يريد أيضا. نبني استراتيجيتنا على ما ينفعنا وليس على ما يريدون هم… استراتيجية سواء بالذهاب لجنيف2 من عدمه.

كما انه عليه التوقف عما يجري في المناطق المحررة بسبب ممارسات داعش، لأن افتتاح حقل المعارك في المناطق المحررة كارثة بكل معنى الكلمة، يجب مواجتهتها والاستعداد لها لأنه على ما يبدو داعش اسفرت عن وجهها نهائيا. والمعارك التي تخاض ضدها، لا تخاض تحت قياداة سياسية تستطيع توظيف الخطوة لخدمة الثورة.

التدخل الدولي كان صعبا جدا لكنه لم يكن مستحيلا لو عرفنا كيف نعمل عليه.

ملاحظة أخيرة لكوني لا اراهن على هذا الائتلاف ومعظم شخصياته التي اختبرت في واجهة الثورة منذ بدايتها وكانت تنقل المعارضة من فشل لآخر، صوتت لصالح ذهابهم لجنيف2 لأنه مؤتمر لسد الذرائع امريكيا فقط، وليس لتطبيق جنيف1.

ايلاف

أكراد سورية ما بعد الرومانسية القومية/ رستم محمود *

ذهول واسع لف الكثير من الأوساط الشعبية والقواعد الحزبية و «النخب الثقافية» الكردية السورية، حيث لم تؤدِّ سبع ليال من المفاوضات الماراثونية في أربيل، بين المجلس الوطني الكردي وحزب الاتحاد الديموقراطي، إلى أي توافق حقيقي أو نتيجة حاسمة، وبقيت العلاقة متوترة بين الطرفين الرئيسين في المعادلة الكردية – السورية.

منبع الاستغراب أن المتن المجتمعي الكردي – السوري لا يستطيع إلا أن يؤمن بوجود مصلحة كردية عليا يجب أن تتجاوز كل الحساسيات السياسية الأخرى. كما لا ترى «النخبة» الثقافية في الأكراد إلا كتلة بشرية إثنية بكماء، لا تتنازعها ميول أخرى. أما القواعد الحزبية، فمخيالها لا يمكن أن ينزاح عن اعتبار الأكراد محاطين بشبكة سياسية من «الأعداء» و «أشباه الأعداء». لذا، فما من شيء يجب أن ينافس الاستنفار و «التكاتف» لمواجهة هذه اللحظة «التاريخية» الاستثنائية!

مركّب مجموع تلك «المخيلات» الجمعية الكردية – السورية، يمكن فهمه ورده إلى حالة «الرومانسية القومية» العميقة التي ما زالت تغطي مساحة واسعة من الذاكرة والوعي الجمعي للأكراد السوريين. فكما باقي الأكراد في الإقليم الشرق أوسطي، فإن التيار القومي تحول إلى حالة شعبية في الأوساط الكردية – السورية منذ أواسط الخمسينات.

لكن الاستثناء في الحالة الكردية – السورية كان كامناً في أن هذا الوعي القومي لم يخضع للتحولات والتجارب والممارسات عبر مسيرتها الطويلة لأكثر من نصف قرن، بل إن الوعي القومي الكردي – السوري بقي في حيزه النظري الذهني والأيديولوجي فقط، لأن الفعل السياسي للأكراد السوريين جُيّر لمصلحة «إخوتهم» الأكراد في البلدان الأخرى، وكذلك لأن الممارسة السياسية الكردية – السورية لم تنخرط في الحيز السياسي الوطني السوري فعلياً، إلا في فترات متأخرة من تاريخ البلاد.

مع هذه الحيوية السياسية الراهنة التي تطاول المجتمع السياسي الكردي – السوري، وتحول الأكراد لاعباً فاعلاً في الساحات السورية والكردستانية والإقليمية، منذ بداية العام الثاني للثورة السورية، فإن تحولاً في المسلّمات لا بد من حدوثه.

فالمتن المجتمعي الكردي سيعي أن ما يُنعت بمصالح ومتطلبات وتوجهات الأكراد ما هو إلا توجهات ورغبات حزب أو طرف سياسي كردي بعينه، يتم تعميمها وتعويمها وكأنها مصلحة كردية عامة، وأن هذه الأطراف السياسية ستبدل بالتقادم جملة مصالحها، وستبقى على تقديمها على أنها مصالح كردية عمومية عليا، وأنه في الكثير من المنعطفات، قد تظهر مصلحتان كرديتان عموميتان متصارعتان، وأن الأطراف الكردية سيحتاجون إلى التفاوض لا التحاور فحسب، لمنع سفك الدماء في تضارب «المصالح» الكردية هذه.

كذلك ستدرك «النخبة» الثقافية الكردية أن الأكراد ليسوا مجرد «أكراد» فحسب، بل ثمة بين طيات هذا التعميم ما يتجاوز هذا الاختصار. فهم طبقات اقتصادية مختلفة الأمزجة والميول، وينقسمون إلى حيّزات ريفية ومدينية، وغير متوافقين في النزعات الأيديولوجية والسلوكية. كذلك، يفرقهم مستوى التعليم وأنواع المهن وشبكة العلاقات مع غير الأكراد من السوريين. وكل تلك المعطيات تعتبر مداخل بالغة الأهمية لأشكال التمايز التفصيلية في المجتمع الكردي – السوري.

إلا أن أهم أشكال الوعي لما بعد الرومانسية القومية، هي تلك التي تنتاب القواعد الحزبية، حيث باتت تدرك أن جملة الشروخ السياسية والأيديولوجية التي تقسم الشرق الأوسط بطوله وعرضه، ليست عصية على تقسيم الأكراد أنفسهم، وأن الانتماء إلى الإثنية الواحدة ليس برادع كاف، وأن المشاريع والخيارات والأدوات الكبرى متجاوزة لأي استنثاء متخيل مصدره القومية الواحدة.

فالأكراد – السوريون سينقسمون بسهولة بين إيران وتركيا، بين خيارات «الممانعة» والاعتدال، بين الفروض الروسية والتوجهات الأميركية… إلخ.

لقد حفر الوعي القومي عميقاً في الأكراد السوريين، وشكل صورتهم عن ذاتهم باعتبارهم «جماعة»، وقد آن الأوان ليكتشفوا أنهم مجتمع وليسوا جماعة فحسب.

* كاتب سوري

الحياة

الائتلاف وعقدة الاستقطاب/ علي العبد الله

على جدول اعمال الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة في اجتماع الهيئة العامة المنعقد في اسطنبول موضوعات تنظيمية وسياسية في مقدمتها انتخابات للرئيس ونوابه وأعضاء للهيئة السياسية والموقف من جنيف2. موضوعات لا تحظى بإجماع اعضاء الهيئة العامة ما يطرح أسئلة حول الخلفيات التي تحكم المواقف والاصطفافات.

 يأتي الاجتماع في لحظة سياسية شديدة الدقة والتعقيد في ضوء استحقاق جنيف2 في الثاني والعشرين من الشهر الجاري ووقوع الائتلاف تحت ضغوط محلية وإقليمية ودولية متباينة في هذا الخصوص، وحاجته الى جسر الهوة مع القوى السياسية والعسكرية الرافضة لحضور المؤتمر، وعدم الاضرار بعلاقاته مع دول اقليمية ودولية تطالبه بحضور المؤتمر، وخسارة دعمها السياسي، مع وجود تباينات داخله حول هذا الملف وملفات سياسية وتنظيمية أخرى ما يجعل التوفيق بين هذه المطالب والمواقف المتعارضة في غاية الصعوبة.

يعاني الائتلاف من هشاشة بنيوية ترتبت على ظروف تشكيله والخلفيات التي حكمتها والصيغة التي أخذها. فقد تشكل برعاية أمريكية قطرية دون اعتبار لمواقف اطراف اقليمية( تركيا والسعودية) ودولية( اوروبا وفرنسا بخاصة). غير ان تركيا تكيفت مع الوضع بعد ان ضمنت موقعا مناسبا للقوة التي ترعاها( جماعة الاخوان المسلمين) وبقيت السعودية خارج الصيغة ما دفعها لتبني المجلس الوطني السوري ووضعه في مواجهة  الائتلاف ورعاته، ولما لم تجد خطوتها سعت الى وضع اليد على الائتلاف بالتفاهم مع واشنطن، التي تحفظت على اسلوب قطر في ادارة الملف السوري، ونجحت في ايصال محازبيها الى قيادته( الجربا وفريقه).

فتح التصرف السعودي معركة استتباع الائتلاف من جديد، خاصة بعد التوتر الذي طغى على علاقتها مع قطر والفتور الذي ساد علاقتها مع تركيا في ضوء تداعيات الانقلاب المصري والمواقف المتعارضة منه، فنشط التحالف التركي القطري لاستعادة حضوره في الائتلاف والمشاركة في ادارة الملف السوري وقد عبر عن نفسه في التواصل مع كتائب مسلحة ورعاية تشكيل تحالفات وتكتلات عسكرية بعيدة عن قيادة الاركان المرتبطة بالائتلاف الذي ترعاه السعودية قبل ان يتم التنسيق لخوض معركة انتخابات رئاسة الائتلاف ( اجتماع وزيري خارجية البلدين خالد العطية واحمد اوغلو في اسطنبول قبل ايام) وحشد القوى لذلك عبر تشكيل تحالف بين الدكتور رياض حجاب ومصطفى الصباغ وترشيح الأول لرئاسة الائتلاف في مواجهة رجل السعودية احمد الجربا، والثاني للأمانة العامة في مواجهة الامين العام بدر جاموس، وتعزيز فرص التحالف بالفوز عبر تبني موقف متحفظ من المشاركة في جنيف2 لكسب أصوات الرافضين من اعضاء المجلس الوطني السوري والمجلس العسكري.

لم تأت الريح بما تشتهي سفن التحالف حيث لم ينجح مرشحوها في الانتخابات ما ينذر بتجدد الضربات الجانبية التي سيوجهها للائتلاف في الايام القادمة كما حصل عندما خسر الانتخابات الماضية حيث حولت اموال الاغاثة من وحدة الدعم التابعة للائتلاف الى غسان هيتو لاستخدامها في كسب الانصار والولاءات.

كل هذا والشعب السوري يواجه دون سند جاد وحشية النظام وحلفائه وظروف معيشية وطبيعية بالغة القسوة في ضوء تراجع الدول الداعمة اما بسبب سعيها لكسب ولاءات( فقد انتشر نبأ وقف تسليم الدعم الى  بلدة المعضمية المحاصرة لان الناشطين فيها ليسوا اسلاميين) أو تحت ضغط واشنطن التي تعمل على تجفيف موارد الثوار حتى تضطرهم على المشاركة في جنيف2، ناهيك عن ارتباك في صفوف الثورة ان على الصعيد المدني او العسكري ما قاد الى خسارة مواقع وتدني في معنويات البيئة الحاضنة وقبول المواطنين بشروط النظام لرفع الحصار عن المعضمية وبرزة بعد ان تسارعت وتزايدت حالات الوفاة من الجوع والبرد.

يعود  تدني مستوى اداء الائتلاف وعجزه عن توفير احتياجات المواطنين في الشتات، داخل البلاد وخارجها، ناهيك عن متطلبات الحراك الثوري المدني والعسكري، وفشله في فرض أي من مطالبه لحضور مؤتمر جنيف2، الى سيادة الاستقطاب وعقلية ثأرية لدى كوادره وبعض الدول الداعمة له تجلت بتصرف رئاسة الائتلاف والقوى المتحالفة معها بمنطق المنتصر الذي حاز حق التصرف دون اعتبار لمواقف الاطراف الأخرى، وفق ما يفرضه منطق الائتلاف والتحالفات السياسية، وإبعادهم عن أي دور في صنع القرار، باعتبارهم مهزومين، واحتكارهم حق التحدث باسم الائتلاف، والتصرف بمقدراته بعنجهية سافرة( تحول اعلام الائتلاف الى بوق لتسويق تصرفات الجربا وكثيرا ما استخدم وصف رئيس معرفة ودون اضافة تربطه بالائتلاف، كما وصف محازبوه المبالغ التي وزعت في الداخل السوري بتبرعات منه) وقد عمقت هذه الحالة صراعات الدول الداعمة واعتمادها ذات العقلية الثأرية في الرد على مكاسب الخصوم بالتصرف دون اعتبار للنتائج وانعكاسها على الشعب والثورة السوريين.

يحتاج الائتلاف الى اعادة الاعتبار لمنطق التحالف والقوانين التي تحكمه كي ينجح في تكوين جسم صلب ومتماسك قادر على التعاطي مع لحظة سياسية شديدة الخطورة تنذر بمخاطر قد تطيح بتضحيات الشعب السوري طوال شهور الثورة ما لم تدر بجدية وحرفية، وتوحيد الجهود والخبرات والعلاقات بشكل محسوب لانجاز مهمة تحقيق اهداف الثورة في نقل البلاد الى نظام ديمقراطي تعددي يساوي بين مواطنيه في الحقوق والواجبات دون اعتبار للدين او المذهب او العرق او الجنس وإلا استمر شلال الدم والدمار.

المدن

هل مؤتمر قرطبة بطة سوداء بين المؤتمرات البيضاء/ فواز تللو

قل ما شئت من تهم وبهتان دون دليل وانسبها لمؤتمر قرطبة دون ان تنسى التأكيد على ثورجيتك، تكلم همزا ولمزا ومارس لعبة الحزازير والكلام حمال الأوجه في كل حرف تطلقه وانسبها لمؤتمر قرطبة دون أن تنسى أن تقول أنك شفاف تكره الازدواجية، قيم المؤتمر من خلال بعض الحضور دون أن تشير إلى أن نفس هؤلاء كانوا حاضرين في هيئات ومؤتمرات أيدتها أو كنت جزء منها، ولا تنسى أن تستثني بعض “الشرفاء” مع غمز بهم باعتبارهم “سذج” مع أن الواحد منهم يتعلم العالم منه السياسة والشرف أيضا… لكن لا  تنسى الإشارة إلى أنك أبديت رغبتك بالحضور لكن الدعوة لم تصلك، أو أنك تخاف على من تظنه قد يزاحمك في موقعك المعارض كممثل “لقوى الثورة والمعارضة”، وأنك تلهث لتكون طرفا في جنيف وتخاف من المزاحمة، وأنك لم تعرف من الثورة يوما إلا الفيس بوك والمؤتمرات وحضرت منها ما هب ودب باستثناء هذا المؤتمر الذي “فلت” منك، ولا تنسى أن تفتح سيرة ارتزاقك طوال سنوات الثورة الثلاث في التجمعات والهيئات والمؤتمرات ولا تنسى أيضا تاريخ العشق والمصالح مع النظام قبل الثورة، ولا تنسى أنك تجاهلت قراءة كلمة واحدة من وثائق المؤتمر والتي قد تكون أنت ممن شاركوا في وضعها في مرحلة ما أو وضعت ما هو اق منها بمناسبات أخرى، لا تنسى أن من يشنون حملة التخوين هم نفس من سيذهب عاريا إلى جنيف ليفاوض النظام بعبقرية سياسية وأن بعضا من هؤلاء تخلى عن حصرية تمثيله للثورة لهيئة التنسيق وتيار لؤي حسين والمنبر الديموقراطي وشبيحة حزب العمال وغالبا قدري جميل وربما رفعت أسد وهم من يتهم مؤتمر قرطبة بمحاولة تسويقهم، وتذكر أنك أعطيتهم الحق للذهاب معك إلى جنيف لتمثيل الثورة في “وفد وطني” وكأن التمثيل الذي أعطاه الثوار لك في لحظة غفلة هو شيك يمكن تجييره حتى لأعداء الثورة ليمثلوها.

قل إن المؤتمر مدعوم من الأمريكيين مع أنك تعرف أنهم وبمعاونة المعارضين الذين ترتزق على أبوابهم شنوا حربا لإلغائه ونجحوا في تأجيله شهرا ونصفا وكل ذلك “خوفا من تشويشه على مؤتمر جنيف”، قل إن المؤتمر ممول من “حمشو” وأمثاله دون أن تشير إلى أن الحكومة الإسبانية التي تموله علنا هي من أرسل الدعوات فهي بتحليلك العبقري حكومة تتآمر مع “حمشو” وتدعي التمويل ثم تجير الفواتير له، وإن شعرت بالحرج من هذا المنطق السخيف فقل أنه ممول من دولة خارجية متناسيا أنك ومنذ أول مؤتمر ثوري ترتزق من الفتات الذي تقدمه تلك الدول الممولة لحزبك وكتلتك وشخصك ومجلسك وائتلافك، تمويل السيد للخادم وبكل الأساليب الرخيصة والمذلة.

أصحاب الأسماء الوهمية الفيسبوكية يعتمدون على غباء البعض لنشر ما يقولون ويجدون بعضا منهم، بعض أخر من موزعي التهم يتهاوون يوميا أمام مقصلة الثورة ولكل منهم يوم وفضيحة “وما في شي مخبى”، بعض يردد ما يقرأ من تهم فضائحية فيسبوكية ممتعة دون عناء قراءة وثيقة واحدة للمؤتمر، وبعض جرفه التيار لكبر حملات التخوين التي لم أرى لها مثيلا منذ خروجي مجبرا من سوريا بعد سنة من الثورة إلى مستنقع المعارضات الآسن الذي لم أتحمله أكثر من أربع أشهر،

ويا للصدف، ففي الوقت الذي يطبخ دوليا وإقليميا ومعارضجيا “الوفد الوطني” الذاهب لمؤتمر جنيف مكونا من بعض أو كل الائتلاف الوطني الذي رحب بالشراكة بعد أن جير بعضا من تمثيله للثورة لشركائه في الوفد من هيئة التسيق والمنبر الديموقراطي وجماعة لؤي جسين وتجمعات أقلوية وشخصيات معارضجية إعلامية أتقنت فن الوصولية والارتزاق وكل من هب ودب من ثوار من جماعة “أمرك طال عمرك” أو “أوكي سير” موظفي السفراء الأجانب بل سوف يحضر “جنيفهم”  قدري جميل وربما رفعت أسد، ويا للصدف فهؤلاء جميعا هم نفس من يقال أن مؤتمر قرطبة يسعى لتسويقهم، ويا للصدف أن دعوة هيئة التنسيق لمؤتمر في القاهرة (حيث يعيش السوريون في فردوس حرية الوصول والحركة السياسية) ولنفس غرض مؤتمر قرطبة أي دعوتهم لمؤتمر تشاوري يبحث عن الاتفاق على رؤية سياسية ووفد موحد لجنيف (مؤكدين بذلك ذهاب الجميع إلى جنيف) مع تحديد العدد للسيطرة على الموضوع هو ما لاقى تجاوبا لدى بعض من الائتلاف ومع ذلك لم يثر الأمر هذه الأعاصير مع أن السقف الذي طرحه مؤتمر قرطبة بداية أعلى بكثير من كل ما طرحته أية معارضة حتى اللحظة.

قبل تسعة أشهر عقد خلال عشرة أيام وعلى التسلسل أربع مؤتمرات في اسطمبول حضرهم بمجموعهم ما يزيد عن ستمائة شخص بعضهم تكرر اسمه في أكثر من مؤتمر وصرف عليها ما يقارب مليوني دولار دفعتها دول خليجية وكانت حصيلتها للثورة صفرا وكان ورائها نفس الجهات المعارضة التي تهاجم مؤتمر قرطبة اليوم ومرت الأمور مرور الكرام واللاجئون يتضورون جوعا وبردا، وبالمناسبة وللتذكير لقد اطلق هؤلاء نفس الإشاعات على مؤتمر مدريد وإذا بوثائقه ترسم رؤية أعلى مما كان يقدمه أي من هؤلاء والقرب لأهداف الثورة، وقبل ثلاثة أسابيع صدرت الوثيقة التحضيرية لمؤتمر غازي عنتاب التي دعي الناس لمؤتمر قرطبة على أساس هذين المؤتمرين ووثائقهم الأعلى سقفا حتى الان لكن ما قيمة الوثائق لدى فرسان الكذب؟ وبالمناسبة أيضا هناك مؤتمر أو اجتماع موسع بمعدل حدث من هذا كل اسبوع يصرف عليها من أموال الثورة بتمويل خليجي وكلها بلا استثناء محصلتها صفرا في أحسن الأحوال لكنها غالبا تكون خسارة لأنها تسعى لسرقة الثورة وركوبها واختراقها وشراء الذمم وبناء الولاء السياسي وأنتجت اليوم ما تعانيه الثورة من فوضى سياسية وعسكرية وإغاثية وإعلامية وفساد وكل ذلك بضمير مرتاح لدى منظميها وكتبتهم الكاذبون الذين يشنون اليوم حربا على مؤتمر قرطبة ويتباكون على مال صرفته إسبانيا على المؤتمر وهي الدولة الباحثة كأي دولة عن دور دولي لكنها لا تطلب مقابل ذلك الثمن الباهظ الذي يدفعه هؤلاء المعارضون لمموليهم الإقليميين والدوليين، وكأن المال الذي سيصرف على قرطبة بيد الحضور وقد سرقوه بعد أن كانت إسبانيا تستعد لإرساله للسوريين، وبالمناسبة نفس كتبة الكذب يتعيشون على مئات ملايين الدولارات التي تصرفها امريكا وبريطانيا وفرنسا على بعضهم لمشاريع “تدربنا على الديموقراطية وتقنعنا بالحل السلمي” ثم تدعي هذه الدول أنها أكبر المتبرعين للشعب السوري الذي اختصروه بهؤلاء المتعيشين.

مؤتمر قرطبة ككل المؤتمرات التي لا تنتقدها أيها الوطني الغيور، سيحضره كثيرون يحضرون مؤتمرات تحظى بشهادة الوطنية منك، بعضهم “له تم ياكل ما لو تم يحكي” ما دام داخل القطار كحالهم في المؤتمرات التي لا تنتقدها، وبعضهم أتى ليفشل المؤتمر وقد أرسله نفس من يشنون الحملة الحالية، وبعضهم فرضته جهات تسعى لإفشال المؤتمر أو اختراقه أو “رفع تقرير عنه وعن شخوصه” وبعضهم يستعد لمغادرة مركب الائتلاف الغارق الذي ساهم شخصيا بإغراقه لكنهم يبحثون عن مركب آخر يركبوا من خلاله الثورة ويستمروا في فسادهم، وبعض الحضور مفروضون من تلك الجهة أو تلك، وبعض الحضور يحمل رؤيته التي تقترب كثيرا أو قليلا من الثورة تماما ككل التجمعات والمؤتمرات الأخرى، وبعضهم يحمل هم الثورة ويستشعر المؤامرة ورأى في المؤتمر منبرا ومحاولة لرمي آخر ما في جعبته قبل أن تدخل الثورة نفقا كاد أن يوصلها له فشل وتقصير وأحيانا تآمر نفس من يشن اليوم الحملة على مؤتمر قرطبة، وقد يتساءل البعض إذا لماذا  يدعى للمؤتمر كل هؤلاء؟ والجواب بسيط، لو لم يدعى هؤلاء لقامت الدنيا ولم تقعد على المؤتمر لأنه يستبعد هؤلاء وقد  باتوا جزء من مشهد فرضته بساطة وتسامح الثوار، وبالمناسبة من يعترض على شخص فما عليه إلا أن يؤشر عليه ويخرج دليله، وبالمناسبة أيضا فإن الاعتراض بان بعض من الحضور انشق عن النظام أمر مضحك، فالائتلاف كان على وشك انتخاب رئيس وزراء النظام المنشق (الذي نحترمه) ألا يستوي الأمران؟

الفرصة ضعيفة أصلا في أن يقدم هذا المؤتمر شيئا في ظل ما وصلت له الأمور وتزداد ضعفا كلما انهالت السهام المسمومة عليه من كل الجهات المعارضة ومن يقف خلفها، لا توقعات حالمة ولا قدسية للحضور بل إن بعضهم يتلوث منه الهواء كما أن بعضهم الآخر يتشرف به الشرف، هو محاولة قد تنجح وقد تفشل، قد تدفع بأشراف إلى المشهد وقد تدفع بنفس الأنذال، هو مؤتمر تداعت عليه المؤتمرات وما على الغيورين (وليس الكذبة المرتزقة) إلا قراءة الوثائق والعمل على ما يعلن لا على ما يشاع، ولينتبه الجميع إلى أنهم بينما تسلط السهام على مؤتمر قرطبة تصرف الأنظار عن أكبر مؤامرة على الثورة السورية، تطبخها بعض من الجهات التي تشارك في الحملة كما تصرف جهات الأخرى النظر عن فشلها وشراهتها للمال و”السلطة وارتزاقها و”صراعاتها الانتخابية” التي تتمحور حولها اجتماعاتها الثورجية، ليغطي الجميع كل  ذلك بهذا الهجوم على مؤتمر قرطبة الذي صوروه كبطة سوداء وسط أكوام البط الأبيض من مؤتمرات أخرى ربما كانت أسوء بكثير مما وصف به مؤتمر قرطبة بأهدافها وأشخاصها ونتائجها، ففي النهاية ليست المشكلة في لون البطة.

الجزيرة

الائتلاف السوري يصعد حربه ضد الكرد والأقليات/ طارق حمو

انصاع (الائتلاف الوطني السوري) لأوامر الإدارة الأميركية بمباركة الحرب ضد تنظيم (الدولة الإسلامية في العراق والشام/داعش) مؤيدا التنظيم الجديد (الجبهة الإسلامية) الذي تموله استخبارات إحدى الدول الخليجية، وجاء ليكون بديلا عن “الجيش الحر” المنهار. وتبدو من التصريحات الأخيرة لوزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو بأن القرار الأميركي التركي قد أتخذ فعلا بتصفية “داعش” في مناطق الداخل والشمال السوري، باستثناء المناطق الكردية طبعا، وترجيح كفة (الجبهة الإسلامية) بعد تزكيتها مؤخرا في الاجتماع السري مع أجهزة الاستخبارات الإقليمية بمدينة الإسكندرون، حيث حٌددت مهامها وعملها. وكالعادة أذعن (الائتلاف الوطني السوري) للأمر الأميركي التركي، وبدأ بالترويج ل”الجبهة الإسلامية” ووسم “داعش” بالإرهاب و”التعاون مع نظام الأسد”، بعد أن كان يسبح بحمده شهورا طويلة، ويبارك بندقيته الموجهة لصدور السوريين، وخصوصا أبناء الأقليات، ويصفها بأنها “صديقة” و”جاءت لنصرة الشعب السوري”!. وبعد الاتفاق على “إخراج” هذا التنظيم الإرهابي من سوريا، عمل “الائتلاف” الطائفي العنصري العميل في الترويج، بشكل تدريجي، ل”جبهة النصرة” القاعدية، حيث ظهرت في الأيام القليلة الماضية في الإعلام (في المقدمة طبعا: فضائية “أورينت” الغوبلزية!) مقالات وتصريحات لأعضاء في “الائتلاف” المرتزق تعتبر “جبهة النصرة” معتدلة وأغلب أعضائها سوريون، بالإضافة طبعا إلى لقاء أجرته محطة “الجزيرة” مع محمد الجولاني، زعيم “النصرة” أطلق فيه تصريحات “منفتحة” و”مرنة”، وعد فيها بأنه لن يقطع رؤوس السوريين من غير المؤمنين بعقيدة “القاعدة” التي يتبناها، مثلما تفعل “داعش” هداها الله!. وللعلم فقد كان أيمن الظواهري زعيم تنظيم “القاعدة” قد أمر “داعش” بالخروج من الساحة السورية والعودة إلى العراق، وتركها لتنظيم “جبهة النصرة” الذي اعتبره الوريث الشرعي لفكر “القاعدة” في “بلاد الشام”!.

الظواهري و”الائتلاف” الاسطنبولي العميل وتركيا والاستخبارات الخليجية والأميركية تتفق جميعها على تزكية “جبهة النصرة” وإدماجها في “قوات الثورة السورية” والتنسيق معها لطرد تنظيم “داعش” من كافة مساحة سوريا، وبشكل خاص في المناطق الحدودية مع تركيا!.

وفي الوقت الذي يستمر فيه “الائتلاف” في إعلان الحرب ضد “داعش” في الداخل السوري وحلب وأدلب، يستمر في التعاون معها في محافظة الحسكة لمحاربة الشعب الكردي والمسيحيين هناك. ومن ذلك فقد أصدرت “داعش” و4 فصائل مقاتلة هي ( الجبهة الإسلامية وأنصار الخلافة ولواء العقاب واللواء 114) بيانا مشتركا أعلنت فيه الحرب ضد وحدات حماية الشعب(YPG) وتشكيل غرفة عمليات مشتركة للتنسيق فيما بينها. وقد أيد “الائتلاف” الاسطنبولي البيان فورا، مباركا التحالف بين “داعش” و”الجبهة الإسلامية” لمقاتلة الشعب الكردي واحتلال مدينة القامشلي بغية تخريبها وارتكاب المجازر بحق أهلها من الكرد والسريان والآشوريين والأرمن والعشائر العربية من “شبيحة النظام السوري” !. وكان “الائتلاف” العميل قد أصدر بيانا في وقت سابق يؤيد فيه “داعش” في مواجهاتها ضد وحدات حماية الشعب(YPG) في منطقة “تل حميس”، ويصف تلك الوحدات بأنها “شبيحة النظام الأسدي”، وهي الحجة التي اعتاد “الائتلاف” المجرم على سوقها لتبرير مجازر حلفاءه في منظمات “القاعدة” ضد الكرد والعلويين والإسماعيليين والدروز والمسيحيين في كل مساحة الوطن السوري.

أهل القامشلي يستعدون لمحاربة “داعش” وبقية المجموعات الإرهابية المجرمة المتحالفة مع “الإئتلاف” العميل، عدو الكرد والأقليات السورية، وقد أعلن (المجلس العسكري السرياني) وهو تنظيم يضم مئات الشباب السريان المسيحيين من أهل القامشلي وديريك وتربه سبي/القحطانية، انضمامه إلى وحدات حماية الشعب(YPG) للدفاع عن القامشلي وبقية المدن في المحافظة في وجه المجموعات الإجرامية المتحالفة مع “الائتلاف” والتي تتلقى الدعم السياسي الواضح منه.

الحرب الشاملة التي أعلنها (الائتلاف الوطني السوري) ضد الشعب الكردي وجميع الأقليات في سوريا مستمرة وعلى كافة الصعد العسكرية والسياسية، ففي الأخبار الأخيرة بأن “الائتلاف” قد رفض مشاركة كل من حزب الاتحاد الديمقراطي و(هيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الديمقراطي) في ملتقى قرطبة الذي رعته الحكومة الإسبانية بحجة أن هؤلاء ” موالون للنظام”!. يا سلام… “الائتلاف” الذي غطى على تدفق الآلاف من عناصر “القاعدة” إلى سوريا لتصبح أكبر خزان للإرهاب في العالم، والذي يده ملطخة بدماء عشرات الآلاف من المدنيين السوريين، والذي يضم “معارضين” هم في الحقيقة عملاء أجهزة الاستخبارات الإقليمية والدولية، وممول من ألف جهة وجهة، يتهم جهات وطنية رفضت العمالة وبيع دماء الثوار للمحاور الاقليمية ب”التشبيح للنظام”!. وطبعا، مثل كرة مرة، جمع “الائتلاف” في قرطبة جماعته المعروفة اللون والطعم: شخصيات طائفية عنصرية متعصبة، وبعض صائدي الفرص من رواد الفنادق ورحلات الطيران، من أبناء الأقليات من الذين لا يمثلون سوى أنفسهم، ليصدر ورقة ختامية توصي ب”الديمقراطية” و”دولة القانون والحريات”!.

أميركا وتركيا ودول الخليج والوهابية العالمية يتعاونون معا لإفراغ سوريا من الأقليات، وفرض لون مذهبي وقومي أحادي مؤمن بفكر متعصب وظلامي، ورأس الحربة في هذا المخطط الجهنمي هو “الائتلاف” الذي تحول إلى واجهة سياسية ل”القاعدة” في سوريا، وبات خطرا وجوديا على الشعب السوري كله، وعلى المنطقة بأسرها…

ايلاف

السوريون والخيارات المؤلمة/ فرمز حسين

القوى الدولية تمارس أسوأ أنواع الغبن السياسي تجاه الشعب السوري في محنته ومعاناته التي شارفت على دخولها في عامها الرابع متمثلا بانحصار جلّ تفكيرهم في شكلين للسلطة أحلاهما مر. هذا الأمر هو الذي يفسر مواقفهم المتخاذلة تجاه الأحداث الدامية في البلاد و يمنع توصلهم الى اتفاق في مجلس الأمن من شأنه وضع حد للمذابح التي يتعرض لها السوريون , هذه ليست مجرد استنتاجات بل هي وقائع صبغت صيرورة الأحداث المؤلمة في البلاد و سدّت جميع منافذ الخلاص أمام السوريين الطامحين الى الانتقال السلمي ببلادهم من حكم استبدادي الى آخر ديمقراطي , تعددي, مدني.

يقول السويدي يان إلياسون نائب الأمين العام للأمم المتحدة في كلمة له ألقاها في جامعة أوبسالا الأسبوع الماضي بمناسبة مرور مائتي عام من السلام على السويد وانقضاء مدة مائة عام منذ الحرب العالمية الأولى, نشرت صحيفة سفينسكا داغبلادت مقتطفات منها:

صعوبة التوصل الى اتفاق في مجلس الأمن هو العائق أمام التوصل الى حل سلمي و الحرب الدائرة في سورية هي الأكثر صعوبة , إيلاما ومصدرا للقلق أكثر من أية بقعة أخرى في العالم اليوم.

يضيف إلياسون قائلا: لقد طال أمد النزاع في سورية كثيرا , حيث كان حله أسهل لو أن العالم الخارجي تدخل منذ بداية التظاهرات المناوئة للسلطة , المشكلة أن أعداد الضحايا ترتفع , يزداد حجم الدمار, تتفاقم المعاناة وتتعاظم درجة الكراهية بين الأطراف المتنازعة مع كل شهر يمر.

سورية وطن فقد أمل الخروج من نفق القتل المظلم , مع التفاتة بسيطة إلى الخلف لاستحضار أسباب الاحتجاجات السلمية نرى أنها كانت في مجملها ترنوا للوصول إلى تحرير المواطن من عقدة الخوف , كسر طوق التبعية , الشعور بالعجز تجاه استبداد النظام والرعب الذي زرعه في نفوس المواطنين على مدى عقود من الزمن , من كتم للأفواه ,غياب العدالة الاجتماعية ,الاستحواذ على الامتيازات من قبل شرائح محدودة من المجتمع , تصنيف النظام للسوريين في درجات متباينة على أسس طائفية , حزبية , قومية , طبقية كانت من أهم العوامل المحركة للشارع السوري للنهوض ضد الطغيان.

الذي يحصل الآن في ظل الـتأثيرات الدولية و الاقليمية على أطراف النزاع هو تغيير كامل لتوجه الثورة ووصولها مسارات غدت بعيدة عن العوامل المذكورة آنفا ليس ذلك فحسب بل في ظل المعطيات التي يفرزه الوضع المأساوي فإن عوامل الثورة ستبقى قائمة حتى لو رحل النظام فهناك الجماعات الاسلامية المناهضة للسلطة وخطابها السياسي الطائفي الذي لا يبشر بالخير والتي تأتي من بعض شخصيات المعارضة السياسية الذين يقدمون أنفسهم كمشاريع قادة المستقبل, هم يريدون كما قال “كمال اللبواني”على قناة الجزيرة بأن : سورية ستكون دولة عربية اسلامية سنية شاء من شاء وأبى من أبى !؟

بير جونسون محرر في معهد الشؤون الخارجية السياسية السويدية ,مراسل سابق في الشرق الأوسط ومن المتابعين والمعلقين للشأن السوري منذ انطلاقة الاحتجاجات ربيع 2011 يقول في الصحيفة نفسها والتي تعدّ من كبريات الصحف السويدية اليومية:

بدأت الاحتجاجات في سورية سلمية بعد خمس سنوات متواصلة من الجفاف من قبل شعب مظلوم ضد حكم ديكتاتوري متأئرا برياح التغيير التي هبت مع الربيع العربي و أطاحت بحكام تونس, مصر, اليمن, ليبيا , الفرق بين سورية و مصر أن الجيش السوري لم يقف بجانب الثائرين وتحوّل إلى صراع مسلح سرعان ما سيطرت المجموعات الجهادية الاسلامية الداخلية والخارجية على جانب المعارضة, اثنان منهم على الأقل على ارتباط مباشر مع تنظيم القاعدة الإرهابي (جبهة النصرة ودولة العراق والشام).

يتابع يونسون : الحقيقة المؤلمة الآن هي أنّ هذه الحرب ليست بين شعب مسالم متعطش للحرية وبين نظام شمولي جائر ومعزول , أعمال العنف التي تسببت بتشريد ملايين السوريين من بيوتهم يتحمل مسؤوليتها الطرفين أو بالأحرى جميع الأطراف لأنّ مسلحي المعارضة قاتلوا بعضهم البعض مثلما فعلوا مع النظام.

تضيف الصحيفة:

قبل أعياد الميلاد بقليل نشرت معهد دراسات الشرق الأوسط في واشنطن دراسة رائدة لمختارات بعنوان “العلوم السياسية في الحرب السورية ” اشترك فيها 17 باحثا سياسيا لتحليل الحروب الأهلية التي جرت بعد الحرب العالمية الأولى بغرض استنباط العبر منها في الحرب المحتدمة في سورية اليوم.

 تقول الدراسة : 125 حربا أهلية تجاوز عدد القتلى فيها على الألف شخص في السنة نشبت منذ 1945 , دامت تلك الحروب وسطيا 10 سنوات , هذا يعني أن الحرب السورية ما زالت في بداياتها , غالبية تلك الحروب انتهت بانتصار عسكري لطرف على آخر , اثنان من أصل ثلاثة انتصرت فيها القوات الحكومية , واحد من أربعة انتهت من خلال التوصل الى توافق سياسي.

هذه الدراسة تدفعنا الى التفكير بنسب النجاح المأمولة من مؤتمر جنيف 2 المزمع عقده في” مونترو” السويسرية أواخر الشهر الجاري , كل الدلائل تشير الى أن فرص التوصل الى حل مبدئي في ضوء المعطيات الموجودة على الساحة الآن شبه معدمة , حيث الأطراف التي تنفذ عمليات القتل والتدمير , نظام البعث بقيادة الأسد لن يقبل بأية تنازلات عن السلطة خاصة مع تصريحات كيري الأخيرة حسب نيويورك تايمز التي مفادها بأن ايران قد تشارك في المؤتمر, الأمر الذي يشجع النظام على الاستمرار في قصف المدن بالبراميل المتفجرة ولا ننسى الخلافات الكبيرة والاستقالات الجماعية من الائتلاف المعارض الذي لا يزيد الا في الطين بلّة. من جهة أخرى أين مصلحة إيران من رحيل الأسد؟ أين مصلحة جبهة النصرة ودولة العراق والشام من سورية دولة يعمّها السلام؟

ستوكهولم

ايلاف

حقوق الأقليات وإعادة بناء الدولة السورية/ فيصل يوسف *

أفضت انطلاقة الثورة السورية، بأفكارها السلمية، إلى حالة ثقافية سياسية وفكرية كانت مغيبة إما قسراً او لانشغال عامة الناس بأمورهم الحياتية من دون الخوض في التفاصيل الاخرى. وهذا كان خوفاً من ان ينعكس ذلك عليهم سلباً، بسبب طغيان النظام الشمولي على الوضع العام برمّته. وربما كان من اهم ما سُكت عنه، الحديث في الاسس التي قامت عليها الدولة السورية بعد اتفاقية سايكس- بيكو، ولاحقاً الانتداب الفرنسي. هكذا حُرمت بعض المكونات السورية حقوقها الوطنية (سياسية كانت أو ثقافية أو دينية)، لا بل تم اقصاؤها تالياً من المشهد الوطني العام عبر المزيد من السياسات التي كرست الأحادية القومية والدينية والدولة المركزية، وتسوية جميع القضايا المتعلقة بذلك بطرق لم تأخذ في الاعتبار الانتماءات المختلفة للسوريين قومياً ومذهبياً، وبات هذا السلوك منهجاً رسمياً للسلطة بعد استلام البعث الحكم.

وقد يعتبر البعض أن طرح قضايا هذه في الأوضاع الراهنة ليس في مصلحة إنجاح اهداف الثورة حيث الأولوية لإسقاط النظام الحالي وإقامة البديل الديموقراطي، على أن يُبتّ من ثم بمسائل الاقليات وغيرها مما يستدعي الحلول. لكن اصحاب هذا الرأي يتجاهلون أن غياب الرؤية الواضحة والشفافة لسورية المستقبل وحقوق مكوناتها لدى قوى المعارضة الوطنية التي افتقرت الى قيادة موحدة حتى الآن، هو الذي جعل من شرائح وفئات اجتماعية وقومية تنكفئ ولا تساهم بفاعلية في الانخراط بالثورة.

لقد باتت غالبية القوى السورية مقتنعة بأن الاوضاع وصلت الى مرحلة لم يعد معها ممكناً ايجاد الحلول من الداخل على اهمية ذلك، بل بمساعدة دولية وإقليمية عبر مؤتمر دولي يتم التحضير له راهناً تحت تسمية «جنيف 2»، وأن من عوامل إنجاح هذا المؤتمر اتفاق قوى المعارضة على تصور موحد يأخذ في الاعتبار حقوق مكونات الشعب السوري القومية والمذهبية عبر نظام ديموقراطي وشكل للدولة يلائم ذلك دستورياً ويضمن الحريات الاساسية للأفراد والجماعات، كما يقر بأن سورية دولة متعددة القوميات والأديان.

ومن فضائل الثورة انها أملت على مجمل القوى إعادة النظر في رؤاها السياسية على ضوء الوضع الراهن، وفي مقدمها شكل الدولة، او ما يسمّيه الكثيرون من المثقفين والسياسيين بالجمهورية الثالثة، عبر صوغ دستور جديد يضمن حقوق الجميع وجمعية تأسيسية توافقية لا تستثني أياً من المكونات الوطنية.

فالشعب الكردي في سورية كان اول المستهدفين من الممارسات والاجراءات التي اتخذت أبعاداً شوفينية مقيتة. وكان من نتائج ذلك تصاعد نضالاته السلمية في مواجهة المشاريع التي استهدفت وجوده القومي، مطالباً بالديموقراطية والتعددية والشراكة الحقيقية في البلاد. وكانت الحركة السياسية الكردية تؤكد ذلك في خطابها السياسي وتوثّق علاقاتها مع مختلف القوى التي تؤمن بالديموقراطية واحترام حقوق الانسان، فاعتبرت نفسها جزءاً لا يتجزأ من الحركة الديموقراطية العامة في البلاد، والتي بدورها وضعت الخطط التي فعّلت انشطتها بعد الضربات التي كانت قد تلقتها من الانظمة الشمولية في السنوات السابقة. والآن، وفي ظل ما يطرح من حلول لسورية المستقبل، حسم المجلسان، الوطني الكردي وغربي كردستان، خيارهما وبلورا رؤيتهما التي تقر بأن «الشكل الأرقى للدولة المنشودة هو أن تكون اتحادية فيدرالية متعددة القوميات والأديان بنظام حكم ديموقراطي يقر دستوره بحقوق كل المكونات ويعترف بالوجود القومي للشعب الكردي في سورية وحقوقه القومية في اطار وحدة البلاد». ونعتقد بأن الإقرار بحقوق المكونات السورية هو المعيار الدقيق والواقعي لحقيقة وضرورة الامتثال لإرادة الشعب السوري وثورته العظيمة لبناء دولة الحق والقانون، دولة الكل من دون استئثار وهيمنة او اقصاء. فتحقق ذلك من شأنه ان يجعل من سورية ما يطمح إليه شعبها، أي أن تكون دولة مزدهرة ومستقرة تتبوأ موقعها الطبيعي بين الامم وتضع حداً للمعاناة المزمنة لأبنائها. ومن دون ذلك فالفرصة ستكون متاحة لممارسة استبداد جديد.

* عضو الامانة العامة للمجلس الوطني الكردي

الحياة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى