بدر الدين شننرضوان زيادةصفحات سوريةعمر قدورغسان المفلحفايز سارهلؤي صافي

مقالات لكتاب سوريين تناولت جنيف 2

مؤتمر باريس واستحقاق جنيف/ لؤي صافي

تواجه المعارضة السورية خلال أسبوع استحقاقا مهما في خضم الصراع مع نظام الأسد. مؤتمر جنيف الذي يعقد بعض السوريين والعديد من الدول الصديقة عليه الآمال، تقاربه المعارضة بحذر شديد، وبمشاعر يختلط فيها الإحباط من ضعف موقف الدول الداعمة للثورة والخوف من المفاجآت غير المحسوبة التي يمكن أن تطرأ في الأيام والأسابيع القادمة. من وجهة نظر المتحمسين،يحمل مؤتمر جنيف بين طياته إمكانية تشكل هيئة حكم انتقالي، تمتلك صلاحيات تنفيذية كاملة، لبدء عملية الانتقال والدخول مرحلة جديدة من تاريخ سورية الحديث. لكن الصوت الداعم لجنيف لا زال خافتا داخل أروقة المعارضة، نظرا لوجود مخاوف كبيرة لدى الناشطين السياسيين والإعلاميين  من المفاوضات نتيجة انعدام الثقة في المجتمع الدولي، وبدرجة أقل في قدرة المعارضة المنقسمة على الدخول في مفاوضات صعبة ومعقدة. ثقة الشارع السوري في أصدقاء سورية قريبة من العدم بعد مرور ثلاث سنوات من الجعجعة المستمرة التي لم تنتج إلا القليل. فبعد العشرات من المؤتمرات والبيانات والتصريحات والتهديدات لا زال نظام الأسد يهدر الدم السوري دون حساب، أو حتى خوف من حساب.

اللقاءات التي عقدها وفد الائتلاف الوطني السوري قبل يومين مع الدول الداعمة وروسيا لم تضف ما يكفي لتغيير الانطباع العام في أن المعارضة السورية تواجه بمفردها نظاما مشاكسا ومخادعا مدعوما دعما غير محدود. فالسوريون على اختلاف مشاربهم يدركون بأن الدعم الأمريكي والغربي ضعيف جدا، ودون حاجات الشعب السوري وطموحاته بكثير. ولا زال دعم الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين دون المستوى المطلوب، ويكاد يقتصر على المواقف المعلنة، والبيانات الصحفية كبيان لندن وبيان باريس الصادرين عن مجموعة الدعم الأساسية، واللذين صدرا عقب انتهاء الاجتماعين الأخيرين اللذين عقدا في العاصمتين الأوربيتين على التتابع. فالبيانين يدعمان المعارضة السورية دعما كاملا ودون أي تحفظ والدول الداعمة جميعا تؤكد بأن لا مكان للأسد في سورية المستقبل.

الائتلاف الوطني طالب خلال الأشهر الثلاثة الماضية بخطوات عملية محددة تمثلت في فك الحصار عن المدن والقرى المحاصرة والافراج عن المعتقلين السياسيين بدء بالنساء والأطفال. ثمة تقدم محدود باتجاه تحقيق المطلب الأول بدءا بالسماح لدخول شاحنات تحمل الغذاء والدواء إلى المعضمية، وتأكيدات سمعناها خلال لقاء باريس من وزيري خارجية الولايات المتحدة وروسيا حول لتحضير لدخول كميات أكبر من المساعدات الإنسانية وإمكانية إخراج معتقلين من خلال عمليات تبادل “أسرى”.

ليس هناك أي تقدم على مستوى تقديم السلاح إلى قوات المعارضة، ولا زالت الولايات المتحدة تعترض على وصول الأسلحة عبر الحدود التركية إلى المقاتلين بحجة مخاوف من وصولها إلى القوى المرتبطة بالقاعدة. الدول الداعمة لم تخف مخاوفها من تزايد قدرات القوى المرتبطة بالقاعدة، وتلمح إلى سعي الكتائب المسلحة التابعة لجيش الإسلام من الاستيلاء على مخازن تابعة لقوات منضوية تحت الجيش الحر.

الحوار مع وزير الخارجية الروسي أظهر أن الموقف الروسي لم يتحرك قيد أنملة، ولا زال التزام روسيا بالنظام كبير وواضح. فقد أعاد الوزير رواية النظام عن الثورة، بل أنكر وجود ثورة من الأساس. ولم يبد أي اهتمام بتخفيف المعاناة الإنسانية في المناطق المحاصرة. وعندما طلبت منه أن يمارس ضغطا على النظام للإفراج عن معتقلين سياسيين ولتسهيل دخول المساعدات الغذائية والطبية إلى المناطق المحاصرة كمبادرة لإظهار موقف روسي أكثر حيادية، رفض الفكرة من الأساس وأصر على أن القضايا الإنسانية يمكن أن تبحث فقط بعد الوصول إلى تسوية سياسية مع النظام.

التقدم الإيجابي الملموس في أحد مطالب المعارضة الرئيسية تمثل في رسالة الدعوة لمؤتمر جنيف والتي حددت الغاية من المؤتمر في تشكيل هيئة حكم انتقالي بكامل الصلاحيات التنفيذية وحددت بيان جنيف إطارا مرجعيا للمفاوضات. هذا الموقف الدولي يمثل استجابة لمطالب الائتلاف، ويدعم موقف المعارضة المطالب بالانتقال السلطة، ويفرض واقعا سياسيا جديدا مناسبا لبدء العملية الانتقالية بعيدا عن هيمنة رئاسة الجمهورية ومراكز القوى المحيطة بها.

جملة المعطيات المتوفرة عشية اجتماع جنيف تظهر صعوبة القرار وتعمق انقسام الشارع السوري حول المشاركة بين راغب بالمشاركة ورافض لها. الأصوات الرافضة للمشاركة في جنيف تبرر موقفها بالإشارة إلى نقاط ثلاثة: عدم وجود ضمانات دولية، تخاذل المعسكر الغربي في دعمه للثورة، وتعنت النظام وإصراره على الحل العسكري. النقاط الثلاثة صحيحة ولكنها لا تكفي في تقديري للوصول إلى قرار رافض لجنيف، لأنها تغفل عن نقطة أخرى مهمة ترتبط باستراتيجية النظام وحلفائه القائمة على تمويه الإرادة الحقيقية تحقيق نصر عسكري بادعاء رغبة معلنة في انخراط بالعملية السياسية وتأكيد مشاركة النظام غير المشروطة في جنيف.

عدم وجود ضمانات دولية، وضعف موقف الدول الغربية الداعمة، يعقدان بالتأكيد مهمة المعارضة في تعاطيها مع نظام مخادع ومرواغ. ولكن مراوغة النظام وغياب دعم عسكري للمعارضة يجب أن يكون سببا للذهاب إلى جنيف والمشاركة في المفاوضات بدلا من الهروب منها. لأن المطلوب إحراج النظام وإظهار تضليله للرأي العام المحلي والدولي بادعائه أن راغب في حل سياسي، وبالتالي الاستمرار في تضييق الخناق الاقتصادي والسياسي حوله. أما غياب الضمانات الدولية فناجم بالدرجة الأولى عن الدعم الروسي المطلق للنظام وإصرار روسيا على حمايته في مجلس الأمن والمسارعة إلى نقض أي قرار أممي مناوئ. وهذا يعني أن سعي المعارضة لمحاصرة النظام يتطلب المضي حتى النهاية لأظهار غياب الجدية في حديثه عن حل سياسي. تخلف المعارضة عن حضور جنيف سيحسن موقف النظام الدولي ويحرج الدول الإقليمية الداعمة للثورة لأن غياب المعارضة عن جنيف وحضور النظام سيعطي حلفاء النظام ذريعة للمطالبة برفع الحصار الاقتصادي والدبلوماسي بحجة أن المعارضة هي من ترفض الخيار السياسي وتسعى إلى الحسم العسكري.

الخطر الأساسي في تقديري لمشاركة المعارضة في جنيف، ولعله السبب المضمر لرفض بعض المعارضين لجنيف 2، ينبع من الخوف من تشرذم فريق المعارضة وتشتته في مواجه فريق النظام المتماسك. وتجنب هذا الخطر يتطلب اختيار فريق من السياسيين والخبراء والاستشاريين يمتلك الكفاءة والمصداقية، ويحظى بدعم شريحة واسعة من قوى الثورة والمعارضة السورية، ويعمل وفق استراتيجية واضحة تحافظ على مطالب الثورة في الانتقال الديمقراطي وتوظف بيان جنيف لتحقيق ذلك.

جنيف معركة سياسية ودبلوماسية وهي معركة الائتلاف بامتياز، وربح هذه المعركة لا يقل أهمية عن الانتصارات التي تحققها الكتائب المقاتلة على الأرض، وهي بالتأكيد معركة ضرورية للحفاظ على قدرة الشعب الثائر على متابعة تلقي للدعم الخارجي الحيوي. وهذا يؤكد أهمية تلاحم الجناح السياسي والعسكري للثورة، والحصول على دعم قوى الثورة المدنية والعسكرية، وطمأنة الشارع السوري إلى أن قيادة الائتلاف ملتزمة بالمصلحة الوطنية ولن تألو جهدا لتحقيقها والحفاظ عليها. هذه التطمينات تأتي في المقام الأول من التزام الهيئة العامة للائتلاف بتوفير الغذاء والدواء للأماكن المحاصرة، وتأمين ممرات آمنة لأعمال الأغاثة. كما تأتي من المطالبة بالإفراج عن النساء والأطفال المحتجزين في سجون النظام، دون تهم ومحاكمات وفي ظروف إنسانية مخزية، خلافا لكل الاعراف والقوانين الدولية. الأيام القادمة يجب أن تشهد تصعيد كبير لهذه المطالب الإنسانية العادلة.

نعم جنيف معركة سياسية صعبة، ولكنها معركة لا يمكن للائتلاف تجاهلها، ولا يقبل منه الهروب منها دون توظفيها لمصلحة الثورة وتحقيق المصلحة الوطنية للشعب السوري. وكما أن التردد والهروب من مواجهة هذا الخيار لا يخدم الثورة وأهدافها، فإن الهرولة إلى جنيف والدخول في حوار مع ممثلي النظام بينما يستمر النظام في حرمان الشعب السوري من أبسط الاحتياجات الإنسانية من غذاء ودواء أمر غير مقبول وعبئ ثقيل على ضمير السوريين، وخزي للقوى الدولية الصامتة والمترددة في وجه جرائم ضد الإنسانية صادمة.

*د. لؤي صافي أستاذ العلوم السياسة وناشط حقوقي وسياسي سوري ومؤلف لثلاثة عشر كتابا صدر آخرها تحت عنوان الحرية والمواطنة والإسلام السياسي (2013). يمكن قراءة تعليقاته على مدونته http://safireflections.wordpress.com

قبيل جنيف 2: العالم ينقلب على الأسد/ نائل حريري *

كاد أن يفعلها النظام السوري حقاً، إذ أنهى العام المنصرم في أفضل حالاته. بعد مسيرةٍ طويلة تقارب ثلاثين شهراً أصبح يبدو أقل تناقضاً مع صورة الأسد واقفاً تحت قبة مجلس الشعب السوري في خطابه الأول، وهو يتحدث عن الإرهاب المسلح والطائفية البغيضة، يوزع الابتسامات والنكات ويستقبل التهليل والتصفيق. يقول له أحد النواب الانتهازيين: «يجب أن تحكم العالم يا سيادة الرئيس!».

خلال أيام قليلة مضت من عام 2014 انقلبت طاولة المؤتمر حتى قبل أن تجهزها الأمم المتحدة في جنيف. كان النظام السوري قد جهز أوراقه الرابحة ودخل اللعبة عن آخرها مراهناً على فشل المعارضة السورية. تلك كذبة ما زال يصدّقها لكثرة تكراره إياها: «الأزمة السورية شأن داخلي». لكنّ الوقت فات والدعوات أرسلت والوفود في طريقها إلى جنيف أو أنها وصلت بالفعل، وخسر النظام السوري فجأة في الوقت بدل الضائع، لكن لم يعد بإمكانه التراجع الآن.

بعد أن أصبحت الأزمة السورية مشكلةً إقليمية تتجاوز وضع السوريين وحدهم، بدأت نواقيس الخطر المفاجئة تدقّ في دول الجوار. في لبنان نكص حزب الله عن موقفه العنيد في شأن الحكومة اللبنانية، وبدأ يدعو إلى تشكيلها بأسرع وقت متخلياً عن مطلبه المبدئي بامتلاك الثلث المعطل. يريد حزب الله الآن حكومةً تشرعن تدخله في سورية وتحوّله من «قرار مستقل» إلى «سياسة دولة». لقد أصبح بحاجة إلى شرعية لبنانية، بالأصح يحتاج شرعية بديلةً عن شرعية النظام السوري.

أما المالكي فعاد يتنفس الصعداء إثر إعلان حرب «دولة الإسلام في العراق» على الصحوات. لقد قرر البغدادي التخلي عن سورية وإعادة البوصلة إلى العراق، معترفاً بالسنوات الطويلة لنضال دولته في أراضي بلاد الرافدين، ومعلناً توبته إلى الظواهري الذي كان قد انشقّ عنه في حزيران (يونيو) الماضي. هكذا اكتسب المالكي الشكل السياسي الملائم لفرض سيطرته على العراق بدعم دولي مطمئن، وغدا مستعداً ليصبح لاعباً مستقلاً في المنطقة، مستقلاً عن النظام السوري بشكلٍ أساسي.

إيران من ناحيتها تبدو أكثر انفتاحاً، وتحاول الآن إظهار انقلاب واضح في صيغة التعامل مع محيطها الإقليمي والدولي. لعل أهم مفاصل اختبار هذا التحول وجود إيران في مؤتمر جنيف والمشروط «بتبدلات جذرية وواضحة في موقف إيران من الأزمة السورية». يسعى وزيرا الخارجية الأميركي جون كيري والروسي سيرغي لافروف إلى حل وسط يقرر اعتماد العصا والجزرة، والقبول بمشاركة إيران على هامش المؤتمر لا في متنه. النقطة الأهم هي أنّ إيران ليست العائق أمام هذا الاتفاق بل الائتلاف السوري المعارض، وإذا تخلى الائتلاف عن موقفه الرافض وجود إيران في المؤتمر فلن تكون المرة الأولى التي يغير فيها مواقفه.

أما الأردن فبدأ يتسلّم مكان النظام السوري في المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية، ويبدو أنّ وجود جون كيري في عمان قبل أيام كان لهذا السبب بالتحديد. لن يفوّت الملك عبد الله الثاني هذه الفرصة التي سنحت لتبنّي القضية الفلسطينية وتثبيت مفاصل حكمه بحجز مقعد في كتلة المقاومة والممانعة الجديدة، خصوصاً بعد أن أصبح مخيم اليرموك نقطةً سوداء في تاريخ النظام السوري وموقفه تجاه الفلسطينيين. كما أنّ العاهل الأردني لم يفوّت هذا اللقاء التاريخي من دون التذكير بالأزمة المالية المتصاعدة في الأردن والتي دفعت الحكومة الأردنية لطلب 2.4 بليون دولار إضافية لشؤون اللاجئين السوريين.

الآن تطمئن المعارضة السورية إلى أنّ الأسد لم يعد حصاناً رابحاً، بعد أن عبّر مؤتمر باريس عن استعداده ضمان خروجه من اللعبة السياسية وإعادته التأكيد على أن لا جنيف 2 من دون جنيف 1. خرج رئيس الائتلاف السوري أحمد الجربا مستبشراً بما يحاول تسويقه على أنّه نصره السياسي الشخصي، ومعلناً، ضمنياً، أنّ الائتلاف سيكون موجوداً في جنيف أخيراً بعد أسابيع طويلة من التخبط السياسي. ولم لا يشارك؟ ما دامت تصريحات النظام السوري ومواقفه قد تم إفراغها من أيّ معنى؟ لا المؤتمر مخصص للحديث عن الحرب على الإرهاب، ولا طرح لانتخاباتٍ رئاسية هذا العام أساساً، ولا النظام السوري معوّل عليه ليحارب الإرهاب بنفسه.

لقد اجتمع العالم لإثبات فشله الذريع في محاربة «داعش»، وتم تسويق «الجيش السوري الحر» إعلامياً وسياسياً على أنه حامل اللواء الجديد لمكافحة الإرهاب برعايةٍ سعوديةٍ قطريةٍ مشتركة. ووصل التصعيد بوزير الخارجية الفرنسي إلى التصريح أن «القضاء على الإرهاب يتطلب القضاء على الأسد»، وأعرب جون كيري عن رغبته بلقاء ممثلين عن الجبهة الإسلامية والإسلاميين «المعتدلين» الذين يحاربون تنظيم البغدادي في سورية.

بغض النظر عن تمسك النظام السوري بمبدأ «المؤامرة الدولية»، يبدو أنّ عليه توخّي الحذر في ما يتمنّى. فالمؤامرة الدولية عليه تتحول إلى حقيقة، ويبدو أنّ هذه الحقيقة ستفصح عن نفسها بشكلٍ قاطع قريباً جداً بعد ما لا يزيد على أسبوعين.

* كاتب سوري

الحياة

هل سيسقط «جنيف 2» نظام الأسد؟/ رضوان زيادة *

كان الهدف الرئيسي والشعار الأساس للثورة السورية منذ قيامها في آذار (مارس) ٢٠١١ هو إسقاط نظام الأسد. بالطبع ليس هناك تعريف سياسي أو تحديد قانوني لعبارة الإسقاط هذه، وإنما كانت مستنسخة من شعارات ثورات الربيع العربي الأخرى في تونس واليمن وليبيا ومصر، لكن عموماً كان الفهم الشعبي العام بحكم أن كل هذه الثورات شعبية بالأساس وليس لها قيادة سياسية، يعني ذهاب رأس الهرم السياسي ممثلاً في الرئيس عن موقعه سواء عبر الاستقالة الطوعية كما في حالة حسني مبارك او في الهروب كما في حالة زين العابدين بن علي في تونس او في التسوية السياسية مع ضغط الدول الإقليمية والدولية او القتل كما في حالة القذافي، وبالتالي كل الجهود السياسية والعسكرية في سورية كانت تتركز على رحيل الاسد بأي طريقة كانت، وبالتالي ما زال رحيل الاسد هدفاً لا محيد عنه للثورة السورية برغم الآلام الكثيرة والمعاناة الضخمة.

عاند الأسد منذ البداية مفتتحاً عهداً جديداً في سورية يقوم على القتل والإبادة. أصبح الشعب السوري ينظر أكثر وأكثر باتجاه ما يسمى المجتمع الدولي علّه يساعده كما جرى في ليبيا في وقف آلة القتل التي لم تتوقف يوماً. كان المجتمع الدولي يوماً بعد يوم يخذل السوريين وينساهم ويحاول جاهداً محو معاناتهم وتشويه ثورتهم كما هي صورة الثورة السورية في الإعلام الدولي.

الآن أصبح واضحاً أن اللغة العسكرية هي اللغة الوحيدة في سورية لكن الوعود الإقليمية في تسليح «الجيش الحر» لم تساعده في إسقاط النظام وإن نجحت في طرد قواته من الكثير من المناطق والمدن المحررة، لكن الاسد ازداد وحشية وشراسة وباتت معها معاناة المدنيين والشعب السوري معضلة بحد ذاتها والأرقام تتحدث عن نفسها لجهة عدد الشهداء والنازحين واللاجئين والجرحى والمشردين وغير ذلك كثير مما أصبح يشكل المادة اليومية للإعلام اليوم، لكن وعلى رغم كل ذلك لم يدفع هذا المجتمع الدولي للتدخل العسكري لإسقاط النظام وإنهاء معاناة الشعب السوري، بل إنه يقدم بديلاً اليوم يقوم على ما يسمى مؤتمر جنيف، يقوم على فكرة تقليدية في كل النزاعات الدولية وهي إحضار الأطراف كلهم مع داعميهم من قوى إقليمية ودولية من أجل التوصل الى حل تلتزم كل الأطراف بتطبيقه لأنها شاركت في صناعته، ويقوم على مبدأ: بما أن الحل العسكري فشل ولم يستطع أي من الطرفين تحقيقه لذلك لا بد من تفاهم الطرفين على حل سياسي.

بكل تأكيد تشعر الثورة السورية أنها أصيبت بجرح عميق، فبعد كل الذي جرى وما قام به الاسد، يُطلب من الشعب السوري ان يتفاوض مع جلاده وقاتله، وهو أمر بكل تأكيد من الصعب فهمه فضلاً عن تقبله، لكننا يجب ان نعترف أننا لن نستطيع تحقيق نصر عسكري من دون تدخل عسكري، وطالما أنه ليس هناك اي تدخل عسكري في الوقت الحالي فلا بد من اتباع طرق أخرى من أجل تحقيق الهدف ذاته وهو إسقاط النظام عبر الوسائل السياسية، فجنيف معركة سياسية اكثر صعوبة من المعركة العسكرية على الارض، لكن إذا نجحت المعارضة السياسية في كسبها فإنها ستحقق نصراً حقيقياً، لا سيما ان الكلمة المفتاح في جنيف والتي اتفقت كل الأطراف عليها هي تشكيل جسم انتقالي، سواء فهم الروس ان الاسد جزء منه او لا فإن الأطراف الدولية اتفقت كلها ان سورية لن تُحكم عبر الاسد في المرحلة الانتقالية وإنما من خلال هذا الجسم الانتقالي، فإذا نجحت المعارضة السورية في تركيز كل المفاوضات القادمة في جنيف على تشكيل هذا الجسم يكون إسقاط النظام قد تحقق عبر وسائل سياسية، ويبقى تطبيق هذا الاتفاق عند إنجازه، وهنا غالباً ما تلعب الأطراف الراعية أدواراً في تنفيذه لأن صدقيتها في عقد المؤتمر تتعلق بقدرتها على تنفيذ توصياته، وقد نجحت مسبقاً في إجبار الاسد على تنفيذ الاتفاق الخاص بالسلاح الكيماوي وتسليمه، وبالتالي فهناك فرص كبيرة ربما تتحقق في إجبار الاسد على التنازل عن السلطة لمصلحة هذا الجسم الانتقالي صاحب الصلاحيات الكاملة التنفيذية والتشريعية بما فيها الصلاحيات الأمنية والعسكرية، وان هذا الجسم سيعود من جنيف الى دمشق للحكم كما ذكر الاخضر الإبراهيمي، وبالتالي فالمعركة الحقيقية بين المعارضة لا يجب ان تكون حول نذهب ام لا نذهب الى جنيف، او من سيذهب الى جنيف ومن لا يذهب؟ وإنما المعركة الصادقة هي كيف ننجح في إنجاز هذا الجسم الانتقالي ذي الصلاحيات الكاملة بالسرعة القصوى لسحب الشرعية السياسية والقانونية من الاسد وحكومته وتسليمها الى هذا الجسم. فالمعركة الحقيقة هي تشكيل وتحديد أسماء وصلاحيات هذه الهيئة الانتقالية التي ستحكم سورية المستقبل من دون الاسد.

* مدير المركز السوري للدراسات السياسية والاستراتيجية

الحياة

على عتبة مؤتمر جنيف 2/ بدر الدين شنن

    تحاول المصادر السياسية والإعلامية الدولية ، أن تضع الرأي العام ، أمام استحقاق عقد مؤتمر جنيف 2 ، بموعده ، وأطرافه ، ومدعوويه ، ومضمونه ، كحقيقة لابد أن تحدث في موعدها في 22 الجاري ، وليس هناك سوى عقبة وحيدة ، هي عدم وحدة المعارضة السورية ، المتفرقة ، المتعددة المرجعيات ، وتحاول أن تشي أيضاً ، أن هذه المعارضة إن حضرت المؤتمر ، موحدة ، تحت عباءة ” الإئتلاف الوطني ” سوف تسهل حل الكثير من المسائل .

    وهي أي المصادر ، تحاول حقيقة ، أن تغطي على الأسباب الحقيقية لتعثر انعقاد المؤتمر . ويأتي في مقدمتها ، أن منظومة المعارضة ( الدولية ، والإقليمية ، والمعارضة السياسية والمسلحة ” السورية ” ) لم تتمكن من أن تفرض على النظام ، بالسلاح والتلويح بالحرب ، الدخول في مفاوضات تؤدي إلى أن يسلمها السلطة ، وأن قوى هذه المنظومة ” السورية ” منها ، ليست واثقة من فوزها ، حسب مقترح النظام ، في أي انتخابات لحسم الخلاف والصراع بينها وبين النظام . ولذا ، فإن المنظومة مجمعة ، على تحقيق مكاسب سياسية ، قبل الدخول في عملية التفاوض أو الحوار . أي أن يضمن المؤتمر فوزها ، مسبقاً ، في أية انتخابات قادمة ، وأن تتسلم ، قبل أي تفاوض أو حوار ، نسخة من مفاتيح السلطة .

    وقد أكد ” أحمد الجربا ” بعد انفضاض مؤتمر باريس الأخير ، أن أصدقاء سوريا قرروا ، أن المفاوضات المقبلة في سويسرا ، سيكون مؤداها ، أنه لم يعد لبشار الأسد وعائلته أي دور في مستقبل سوريا ، وذلك دون أي التباس أو غموض . كما رفضت ” هيئة التنسيق الوطنية للتغيير الديمقراطي ” حضور مؤتمر جنيف 2 ، لأن روسيا لم تضغط بما يكفي على النظام السوري ، ليستجيب لطلبات المعارضة .

    يتزامن ، ويتوازى ، مع هذه الخلفية الواقع الميداني في المشهد الداخلي ، الذي يقدم معطيات متواترة عن سير العمليات العسكرية الميدانية ، تدل على أن قوى ” المنظومة المعارضة ” في حالة تقهقهر أمام القوات المسلحة الحكومية . لاسيما ، في المناطق التي ظلت فترة طولة تحت سيطرتها . يضاف إلى ذلك معطيات أخرى ، عن تفكيك قسري وطوعي ، وإعادة تشكيل ، الجماعات المسلحة ، وعن صراعات دامية فيما بينها ، تجاوزت خسائرها حسب المعلومات الأخيرة الألف قتيل . ما أدى إلى إضعافها عسكرياً ومعنوياً .

    وإذا استمر هذا التردي وتوسع وكبرت خسائره ، في الأيام القليلة الجارية ، فإنه سيضع ” المنظومة المعارضة ” في موقف حرج وضعيف جداً ، قد يبدل موقفها ، من معوق لانعقاد المؤتمر زمنياً إلى مقاطعته عملياً ، والتمترس في موقف اللا حوار . وفي حال قبولها المشروط بوقف إطلاق النار، فإنه يعني محاولة منها لوقف تداعيات التردي ، ولكسب الوقت للدخول في مرحلة تحسين أوضاعها ، وأوراقها .

    إن التمسك بهكذا مسار لحل الأزمة السورية ، يعني أن قوى ” المنظومة المعارضة ” مازالت متمسكة بثوابت موقفها من الأزمة ، وهي إسقاط النظام ، والعبث بالجغرافيا السياسية السورية ، وهي غير مبالية بكل ما حدث ، ويحدث ، وما سيحدث ، من دمار وآلام للشعب السوري .

    بيد أن التعثر في عقد المؤتمر ، لايقتصر فقط على ما ذكر من أسباب وحسب ، وإنما هناك سبب لايقل أهمية .. بل هو أكثر أهمية ، ألا وهو الخوف من غياب الشعب عن هذا المؤتمر ..

    ولو أن الشعب كان حاضراً .. ومصالح الشعب كانت سيدة الحوار وأولوياته ، لما كان هناك تعثراً وتردداً في الاستجابة لدعوة المؤتمر ، ولما كان السوريون ، أصلاً ، بحاجة إلى واسطة دولية تجمعهم في بلد آخر غير بلدهم ، وإنما كانت الأمور سارت في منحى آخر ، تبدأ بوقف الحرب ، وترحيل المسلحين الأجانب ، والتوسط داخلياً لتشكيل لجان أمان ، تشرف على وقف إطلاق النار، وعلى لجم التعديات العشوائية على المواطنين ، والأخذ بيد المتضررين في المناطق المنكوبة ، وفي مناطق الإيواء ، والمخيمات ، تمهيداً بناء الثقة ، التي تفتح الطريق للحلول الشعبية .. الوطنية المشرفة .

    لكن الشعب وإن لم يحضر من خلال ممثلين حاصلين على تفويض مجمع عليه ، فإنه سيحضر ، من خلال مشروعية وقداسة حقوقه .. ومن خلال هالة الرهبة التي تحيط بأرواح الضحايا ، التي تساقطت ظلماً ، لأنها كانت بمحض صدفة تاريخية ، ولدت ، وعاشت في سوريا ، وعايشت الحرب القذرة التي فجرت كل ما هو قيمي نبيل وجميل في سوريا . وكذلك سيحضر ، من خلال رعود الجدران والأسقف المنهارة على الأرض بفعل الإجرام الحربي المتوحش .. ومن خلال أنين بؤس وآلام المهجرين ، الذين جرفهم رعب الحرب ، وخداع تجار الحرب .. ومن خلال صرخات واحتجاجات الباحثين عن الرغيف لإطعام أطفالهم تحت إطلاق النار ، وعن لحظات أمان وسط العبوات الناسفة ، والسيارات المفخخة ، والصواريخ المدمرة .. ومن خلال شرارات الغضب الصادر عن أضرحة شهداء الاستقلال ، احتجاجاً على التفريط اللئيم والغبي ، بما دفعوا ثمنه من حيواتهم ودمائهم .

    كل ذلك سيكون حاضراً .. ومحلقاً .. فوق طاولة الحوار العلني ، وفي جلسات الحوار السري في الغرف المغلقة ، أو بالواسطة . وسيكون رقيباً صارماً ، على من يؤثر الخضوع لإملاءات ومصالح الغرباء على حقوقه ومصالحه ، وسيحفظ لحظاتهم المشينة ليوم الحساب الشعبي والتارخي ، الذي لن يتمكنوا من الإفلات منه .

    ولذلك ’يكثر ” اللاعبون الكبار ” من الحركة شرقاً وغرباً . ويعقدون المؤتمرات واللقاءات ، لملء فراغ غياب الشعب ، وذلك بتكثيف ” الحشد المعارض ” وتنوعه ، وتوحده ، قدر الإمكان . وطرح اتخاذ خطوات ، مثل وقف إطلاق النارفي بعض المواقع ، وتبادل المعتقلين ، وتمرير المواد الغذائية إلى الأماكن المحاصرة .

    غير أن مثل هذه التحركات لن تعوض غياب الشعب ، وإنما تعبر عن التخبط في التوفيق ، بين الأمان والإرهاب ، وبين الحرية وعبودية الهيمنة الأجنبية أو الخضوع للشمولية المفوتة ، بين السيادة الوطنية ولعبة إعادة رسم خريطة الشرق الأوسط ، بين المتغيرات الدولية لصمان استقرار الاقتصاد الرأسمالي العالمي وتقاسم النفوذ والقطبية الدولية وبين المتغيرات الداخلية ، التي يعبث يها دعاة تمزيق الوطن الواحد .. والشعب الواحد .

    وفي التعاطي مع اللحظة السورية ، تعمل قوى سياسية وإعلامية تشعر بمسؤوليتها التاريخية والأخلاقية ، على إجراء تحول أعمق ، من قبل أصدقاء سوريا الحقيقيين ، في البحث عن مخرج مبدئي ومسؤول أكثر للأزمة السورية . مخرج يستند إلى مبدأ ، أن أول المشاركين فيه هو الشعب . بمعنى وضع أسس تحرر الأطراف في العملية الحوارية من أية خلفية أجنبية تستثمر ظروف الأزمة السورية لتمرير مصالحها الإقليمية والدولية ، والكف عن الجري إلى العواصم الأجنبية لاتخاذ هذا الموقف أو ذاك ، وتلزم هذه الأطراف بالقيم والمصداقية الوطنية ، وبحرية وكرامة ورغيف الشعب ، وبحيث تكون أولويات حل الأزمة ، تتمثل بوقف الحرب ، وتحرير سوريا من الإرهاب ، وعودة المهجرين إلى مدنهم وبيوتهم آمنين مكرمين والتعويض لهم عما أصابهم من أضرار مادية ، والالتزام ببناء عهد جديد يوفرللشعب الحرية والكرامة والأمان ، ومحاسبة الذين أدموا جسده وروحه ووطنه ، من دول الجوار ، والأشقاء ، وأبناء البلد .

    وإذا كان لايوجد إجماع ، لأسباب مختلفة ، مع عقد مؤتمر للحوار في سويسرا أو غيرها ، للوصول إلى عقد ” صفقة سياسية ” محلية ، تعكس الصفقة الدولية ، التي تتضمن اعتراف وقبول أطراف الصراع بعضهم ببعض ، وتقاسم السلطة والمصالح ، بعد إنكار وتخوين واحتراب دام ثلاث سنوات من الجحيم .. غير أنه يوجد إجماع ، على أن الشعب يريد الحرية لكنه لايريد الدمار والموت .. يريد حلاً سياسياً يرتقي به إلى الأفضل لكنه لايريد حلاً يرجعه قروناً إلى وراء .. يريد عدالة اجتماعية وديمقراطية على كل الصعد والمستويات لكنه لايريد اقتصاد السوق الليبرالية وانحدار المزيد من ملايين المواطنين تحت خط الفقر .

    هل سيعقد مؤتمر جنيف 2 في موعده المحدد ؟ .. هل سيحضره كل المدعويين .. لاسيما المعارضة السورية ؟ .. هل سيفشل المؤتمر أم ينجح ، في لم شمل الطبقة السياسية السورية .. وتقاسم السلطة ؟ .. أم سيؤجل ، بعد إلقاء الكلمات الاستعراضية إلى موعد آخر .. لجنيف آخر في مكان آخر يحمل رقم 3 .. لاتاحة الفرصة لإعادة الحسابات وتعديل موازين القوى ؟ ..

    الجواب هو عند الشعب السوري .. إن لم يكن اليوم فغداً ..

اذهبوا لمونور1 بلازعبرة/ غسان المفلح

الثورة السورية كانت فريدة، وككل ثورة لها خصوصياتها واشتراطاتها، الداخلية والاقليمية والدولية. وفي هذا الجو الدولي الموبوء الذي لم يكن راضيا عن انطلاق الربيع العربي في أول ثورة له في تونس. أول علامة فارقة سجلتها الثورة السورية: أن الدول الكبرى تجد ضالتها في أن يبقى الشرق الاوسط محكوما بعادلة الفساد والعسكر. سهولة التعاطي مع هذه الثنائية يسهل النفوذ والنفط وإسرائيل. اعمل للقذافي خيمة في باريس تأخذ عقودا نفطية مهمة.

غطي نظام الاسد تحصل على استمرار عدم السلام والارهاب وعدم الاستقرار لشعوب المنطقة، ويستمر الافقار بسبب النهب والفساد وكم الافواه. المواطن العربي خصوصا كان مبعثرا بين واقع حاله المزري من جهة، وبين حلم أن يجد نفسه في دولة تحترم كينونته وكرامته وتسمع صوته بالمعنى النسبي للعبارة. الربيع العربي حاول كسر هذه المعادلة الممتدة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. في هذه الاجواء أتت الثورة السورية كآخر ثورة في هذا الربيع العربي، بعدما بدأ الغرب عموما وأمريكا خصوصا استيعاب موجة الربيع العربي. الثورة السورية استمرت رغم قلة الدعم وخاصة الامريكي والمحاولات الحثيثة من أجل افسادها. ثلاث سنوات وشعبنا لم يهدأ عن تقديم الغالي والرخيص من أجل ان يرتاح وإلى الابد من هذا النظام، الذي لم تعد تحتاج للكثير لكي تثبت أنه لاينتمي لهذا الشعب بل عبارة عن محتل دموي لا أكثر ولا أقل. استطاعت امريكا ان تصبح سيدة الموقف في اي قرار يخص مستقبل سورية. لهذا كل من يعتقد أن تعثر الثورة هو نتاج سياسة النظام وحله الامني، إنما يحاول أن يتعامل مع الامر بأنه لابديل عنه. بينما واقع الحالي هو” الجو الدولي اراد تغطية الجريمة الاسدية وليس مرتكبي الجريمة هم من اقنعوا العالم بعدالة جريمتهم، أيا تكن حججهم”. تدمير مدن فوق رؤوس سكانها لاتحتاج لعبقرية سياسية. لكن الاهم عندما تجد من يغطي على هذه الجريمة لأنه يريدها.

لايزال هذا الجو مستمرا. في هذا الجو البارحة ليلا 17.01.2014بدأ الائتلاف السوري اجتماعه تقريبا بكامل اعضاءه المنسحبين وغير المنحسبين، لمناقشة موضوعة الذهاب لجنيف2- مونور1- لا اريد الآن فتح ملف الائتلاف في هذه المادة، لأنه مفتوح اساسا منذ لحظة تشكله الصوميلية. الائتلاف وعلاقته بالداخل السوري هي من يجب أن تحدد موقفه من الذهاب أم من عدم الذهاب. الائتلاف سلم رأس المعارضة السياسية لامريكا تغطي الجريمة.

كيف وصلنا إلى هنا؟ لم يعمل هذا الائتلاف لتغيير الموقف الامريكي أو زحزحته قليلا. عندما يجدهم السفير فورد يعملون بهذه الطريقة وبهذه الاساليب، وعلاقتهم بالعالم والثورة متمحورة حول ذاواتهم التي وجدت نفسها في صدر مشهد لم تكن تصدق أن تكون جزء منه فمابالكم بتصدره؟ فكان الرجل قديرا في تمرير السياسة الامريكية في رفض التدخل وتوريط سورية لتتحول لصومال جديدة. هذه السياسة التي لاتريد لهذا النظام أن يرحل بمعزل عن موقفها من آل الاسد. ليس لأن لديها مشاكل أو أنها تريد الانسحاب من المنطقة، لم تتدخل لصالح حقن دماء شعبنا، بل لأنها لا تريد ربيعا سوريا. وتريد توريط كل الاطراف بالدم السوري. وهذا ما حصل.

شاهدت الارهاب يصدر لسورية من كل دول العالم بما فيها العراق- داعش- والقاعدة من افغانستان ومن الشيشان. وتدفق مرتزقة إيران من كل حدب وصوب. لهذا يصرح جون كيري هذا اليوم أنه يدرك ان الاسد هو من احضر الارهاب لسورية. بناء عليه وصلنا لمرحلة شبه القطيعة بين الائتلاف والداخل وتفاعلاته. لهذا اجد الآن أن هذا الائتلاف عليه أن يكمل مهمته الاساس وهي الذهاب لجنيف2 أو مونورو1 و” بدون زعبرة” ومزايدات..

وإذا فشل هناك عليه أن يترك المشهد لجيل الثورة. أما المقاطعة فهي ستكون خدمة مجانية للنظام والثورة مستمرة بغض النظرعن هذا الائتلاف. لكن علينا أن نرى ما الذي تريده الصديقة أميركا من جنيف2. إن نجح الشباب في جنيف2 فهم يستحقون مواقعهم.

ايلاف

ماذا تحقق المعارضة في الذهاب إلى جنيف 2؟/ فايز سارة

أكد القسم الأكبر من المعارضة السورية موافقته على الذهاب إلى مؤتمر جنيف 2 في ختام مناقشات طويلة ومتعبة، استمرت طويلا داخل أطراف سياسية وعسكرية في المعارضة، بينها الائتلاف الوطني لقوى المعارضة السورية وجبهة ثوار سوريا وغيرهما، وجاءت تلك الموافقة مضافة إلى موافقات سابقة أبدتها قوى معارضة بينها هيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الديمقراطي، وإن تكن الأخيرة أعلنت مقاطعتها للمؤتمر لأسباب إجرائية كما هو معروف.

وتمثل موافقة المعارضة على الذهاب إلى جنيف 2 نقطة تحول سياسي في مواقف وسلوك المعارضة، التي اتسمت مواقفها بالتشدد في المفاوضات مع نظام الأسد بعد طول تجربة مرة معه في محاولات معالجة الأزمة في سوريا، التي اقترنت بإصرار النظام على المضي عمليا في خياره العسكري – الأمني، مما عزز قناعة المعارضة وعموم السوريين بأن النظام غير جدي مع المساعي السياسية التي بذلت في المستويات الداخلية والخارجية الإقليمية والدولية لحل الأزمة السورية.

والأساس في تحول موقف المعارضة إنما يستند إلى معطيات داخلية وخارجية. الأهم في المعطيات الداخلية وصول الأزمة السورية إلى نقطة اللاحسم عسكريا وسياسيا، مما يؤكد أن تطورات الأزمة في سوريا مفتوحة فقط على بوابة المزيد من القتل والتهجير للسوريين والدمار لسوريا، فيما الأهم في المعطيات الخارجية تزايد التدخلات الخارجية مقرونة مع عجز المجتمع الدولي عن حل عاجل للقضية السورية سواء عبر المساعي السياسية أو من خلال حل عسكري.

وبفعل تقاطع المعطيات الداخلية – الخارجية، فقد أصبح الخيار الممكن والوحيد أمام المجتمع الدولي هو الذهاب إلى حل سياسي، يلقى فيه العبء على القوى المحلية بمشاركة القوى الخارجية وبمساعدة الأمم المتحدة والجامعة العربية عبر دور مباشر يقوم به المبعوث العربي والدولي الأخضر الإبراهيمي وفريقه.

والأساس في فكرة الحل السياسي عبر جنيف 2، استناده إلى جنيف 1 وقرار مجلس الأمن الدولي 2118 لعام 2013 القاضي بمرور الحل عبر هيئة حكم انتقالي كاملة الصلاحيات، تتشكل بمفاوضات بين النظام والمعارضة، تكون مهمتها خلق ظروف انتقال سياسي في سوريا نحو إقامة نظام جديد معبر عن طموحات ومصالح الشعب السوري، ويكون بديلا للنظام الحالي.

ورغم أن محتوى جنيف 2 يفتح الباب نحو التغيير الشامل في سوريا، فإن من الصعب تصور أن المعارضة سوف تحقق تقدما سريعا على هذا الطريق عبر مشاركتها في المؤتمر، والسبب في ذلك جملة من الوقائع الداخلية والخارجية، منها توازنات القوة الميدانية بين النظام والمعارضة، ودخول الجماعات المتطرفة على خريطة الصراعات الداخلية وتأثيراتها الإقليمية، كما أن بين الوقائع حجم التدخلات الإقليمية والدولية في الأزمة السورية، ولا سيما تدخلات حلفاء النظام وبينها روسيا وإيران وحزب الله اللبناني.

ولأن الأمر على هذا النحو، فإن ما يمكن أن تحققه المعارضة على نحو عاجل في ذهابها إلى جنيف 2، سيكون جملة من الإنجازات البسيطة، في مقدمتها تأكيد وجودها باعتبارها قوة في مواجهة النظام في أزمة سوريا، وليس كما يقول النظام إنها مجرد عصابات مسلحة وتنظيمات إرهابية، وتأكيد أنها قوة سياسية ذات قدرة على خوض صراع سياسي تستخدم فيه كل إمكانياتها وتحالفاتها في مواجهة النظام وإمكانياته وتحالفاته، وسوف تستفيد المعارضة من فرصة انعقاد جنيف 2 للقيام بحملة إعلامية – دعائية، تكشف فيها سياسات وارتكابات وجرائم النظام ضد السوريين.

وبخلاف الإنجازات البسيطة، فإن ذهاب المعارضة إلى جنيف 2 يمكن أن يؤدي إلى نتائج أكثر تعقيدا وأثرا في القضية السورية ومستقبل سوريا، لكن الأمر في هذا سوف يكون بحاجة إلى جهد ودأب وتراكم ووقت، وهذه بعض من الاحتياجات اللازمة لإنجاز مهمات من طراز المهمات التي تطرحها الأزمة الراهنة في سوريا.

الشرق الأوسط

السوريون على أبواب جنيف: ما الذي خلف الأبواب؟/ عمر قدور

أكثر ما يتملك السوريين جميعاً إزاء مؤتمر «جنيف 2» هو الحيرة. النظام يذهب مضطراً مع محاولات مكشوفة لاستفزاز المعارضة ودفعها إلى المقاطعة لتتحمل مسؤولية فشل المؤتمر، والمعارضة تخشى أن يكون «جنيف 2» مناسبة لتعويم النظام وتجميله. الطرفان بالأحرى لا يريدان الذهاب وفق المعطيات الحالية غير الكافية لطمأنة أحد منهما. على المستوى الشعبي لا تختلف الصورة كثيراً، إذ لا أحد يعرف أو يخمن ما الذي يدبّر للسوريين في المؤتمر، ولا أحد يثق بالأطراف الدولية المشاركة فيه، ولا أحد أيضاً يتوقع نتائج سريعة من عملية شبّهها الوسيط الدولي بالقطار الذي سيتوقف في محطات كثيرة وقد يتغير ركّابه.

توقع ما سيحمله وفدا النظام والمعارضة أسهل ما في الأمر. فوفد المعارضة سيعتمد على الدعوة الموجهة إليه للمطالبة بتنفيذ بنود «جنيف 1» كاملة. وفد النظام سيمارس هواياته اللفظية بالحديث عن مكافحة الإرهاب، وعن السيادة الوطنية التي تعني بخاصة «حق» الشعب السوري بالضغط على رئيسه للترشح ثالثة ورابعة. لا شك في أن الوفود الأخرى المشاركة في انطلاق المؤتمر ستتململ سراً وهي تسمع سردية النظام وسردية المعارضة المعروفتين مسبقاً، بينما تنتظر إشارات خفية من بين سطور كلمات الراعيين الأساسيين. الوسيط الدولي في الجلسات اللاحقة لن يجد جديداً ينقله بين الوفدين لعدم وجود أرضية مشتركة بينهما أصلاً، ولأن وفد النظام حدد سقف التفاوض عملياً بما لم يقبله راعيه الإيراني الذي رفض المشاركة على أساس «جنيف1»، وأنذر وزير خارجيته من يريدون استبعاده لهذا السبب بالندم لاحقاً.

ضمن أجواء الحيرة ذاتها، لا أحد من السوريين يعرف تحديداً الموقف الروسي من بقاء الأسد أو عدمه، ولا أحد يعرف ما هي أوراق الضغط التي يملكها الروس أو هم على استعداد لاستخدامها. الإشارات التي ترسلها إدارة بوتين متناقضة جداً، فهي توحي أحياناً بقدرتها على التأثير الكبير، بينما تبلغ معارضين مقربين منها عجزها حتى عن التوسط لإفراج معتقلين معروفين بتبنيهم الخيار السياسي. مثلاً، لا أحد يعرف بالضبط ما إذا كان النظام يستقوي بالفيتو الروسي لمنع وصول المساعدات الإنسانية إلى المناطق المحاصرة، أم أن استخدام الفيتو تحصيل لعجز الروس عن فرض هذا التنازل على حليفهم، ومن ثم يفضّلون استخدامه لشرائه بدل إعلان عجزهم وإفلاسهم؟

قال الروس مراراً إنهم غير متمسكين ببقاء الأسد، وقالوا أيضاً إنهم لا يستطيعون إجباره على التنحي، وتفاوضوا دائماً نيابة عن النظام أو انطلاقاً من قدرتهم غير المُختَبرة على التأثير فيه. مؤتمر جنيف قد لا يساعد على تعزيز النفوذ الروسي على النظام، لأنه في أحد جوانبه بمثابة سحب للملف السوري من منظمة الأمم المتحدة، وتخليص للروس من الإحراج المتكرر لاستخدام الفيتو، مثلما هو تخليص للنظام من مغبة القطيعة التامة مع الأسرة الدولية. على غرار عملية أوسلو، ومن ثم اللجنة الرباعية، ستخرج المسألة السورية من دائرة القضايا التي تمس الأمن والسلم الدوليين بما يتبع ذلك من التزامات واضحة، أو تنصّل منها واضح أيضاً، لتصبح مجرد خصومة مزمنة ومعقدة.

الثقة بالراعي الأميركي ليست أحسن حالاً، فهو لم يجد إغراء يقدمه للمعارضة لحضّها على المشاركة في جنيف أفضل من تهديده بسحب دعمه الهزيل أصلاً، فضلاً عن التأكيدات المستمرة بعدم وجود حسم عسكري للصراع، ما يعني تحمل المعارضة عبء أعمال الإبادة التي تقوم بها قوات النظام. السياسة الأميركية، كما يشرحها روبرت فورد المكلف بتفاصيل الملف السوري، تقفز بخفة بين مقدمات ونتائج متباينة. ففي مقال في جريدة «الحياة» بتاريخ 6/1/2014 ينوّه أولاً بنضال الشعب السوري ووحشية نظام الأسد، اللذين شاهدهما عن قرب، وسرعان ما يقفز في الفقرة التالية إلى اعتبار «جنيف 2» الفرصة الديبلوماسية الأفضل للبدء بعملية يمكن من خلالها إنهاء الحرب الأهلية». هكذا يتحول النضال والوحشية المقابلة له إلى «حرب أهلية» ينبغي أن يتفق طرفاها على إنهائها وتشكيل هيئة انتقالية بـ «موافقة متبادلة»، كما يكتب السيد فورد الذي لا يشرح لنا بالطبع لماذا سيوافق ممثلو النظام على هيئة انتقالية تضمن رحيل رموزه.

المراهنة على إحراج النظام في جنيف أشدّ تهافتاً من المراهنة على إحراجه ببيانات ضعيفة غير ملزمة من مجلس الأمن، أو بمثيلاتها من قرارات الجمعية العامة. أما مراهنة الإدارة الأميركية على عقد صفقة مع الروس تتضمن عزل الأسد فضعيفة بدورها، لأن موافقة الروس على عزله لن تصل إلى حد الموافقة على جهد دولي حقيقي يطيحه، ولن تصل بالتأكيد إلى حد استخدام القوة لإطاحته أو لمنع وصول المساعدات العسكرية والمقاتلين الأجانب لدعمه.

إيران التي لم تقبل بـ «جنيف 1»، ولا تريد حتى الآن أن تكون جزءاً من صفقة تبقي النظام من دون رموزه، ستكون قادرة على عرقلتها وجعلها ركناً أساسياً من مفاوضات «جنيفها» الخاص. ذهاب وزيري خارجية النظام وإيران معاً إلى موسكو عشية جنيف هو على الأرجح لفرملة أي مرونة روسية محتملة، وللحصول على تطمينات روسية لا يقدر النظام على الحصول عليها بمفرده لأنه لا يملك إمكانية الضغط على موسكو أسوة بالحامي الإيراني.

خلاصة القول: إما أن يكون جنيف محكوماً بالفشل بسبب المعطيات المعروفة حتى الآن، أو أن يكون غطاء لمفاوضات دولية ترسم المسار السوري وتفرض الحل على طرفي الصراع. حيرة السوريين إزاء المؤتمر لا تأتي من قبوله أو رفضه على أسس راسخة، بل تأتي على الأرجح من تسليمهم بأن الحل لم ولن يكون سورياً، ومن قناعتهم بأن الأطراف الدولية الفاعلة ليست جاهزة بعد لإبرام صفقة مقبولة. لندع جانباً الشعارات والمزايدات اللفظية، لأن الحل، كما يعلم الجميع، لن يأتي به وفدا التفاوض من المعارضة والنظام، وليس مستبعداً أن تلقي الأطراف الدولية بعجزها عليهما، بذريعة أنهما ليسا جاهزين بعد لإبرام صفقة. هذه الذريعة كما جرى استخدامها في الملف الفلسطيني كانت دائماً ضوءاً أخضر لمزيد من القتل والتدمير.

الحياة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى