صفحات سورية

من اعماق الوطن …!!!


خالد قمبر

إن التطور و مواكبة الحضارة والتكنولوجيا المستقبلية يتطلب الكثير من العمل و القليل جدا من الكلام فمثلا إعلامنا الرسمي يشدد علي الرؤية”الاقتصادية” 2030 ومن المؤسف إن الكثيرون يرددونها دون معرفة ماهيتها و تركيبتها و طرق التفعيل فهي مجرد حدث إعلامي فقط وليس عمليا كما هو المفترض ..فنحن اليوم كما يقال بأننا نعيش عهد الإصلاح . ولكننا في الواقع مازلنا بعيدين عنه و الدليل تلك التقارير التي تثبت عكس ذلك الطموح ….فالفساد بكافة أشكاله الإداري و المالي مازال مستشريا و بشدة ..وهو ظاهر للأعيان وفي وضح النهار وهذا يعكس مدى ضعف الخطط لتحقيق الإصلاح.. وبالتالي تحقيق الرؤية الاقتصادية ..المسماة 2030 ..!! إن تحقيق التطور و التقدم بحاجة إلي رؤية واضحة والي أسس قوية وراسخة لكي يمكن البناء عليها بدون خوف من الإخفاق..وعلى مبادئ كالعدالة و المساواة وتكافؤ الفرص .. وتحقيق الأمن و الاستقرار..

عندما طرح الملك موضوع الحوار التوافقي لمناقشة الحلول اثر الأزمة التي مرت علي البحرين ..لم يكن الحوار موفقا لسبب بسيط لكونه جاء مجرد ردة فعل ..!! فمبادئ الحوار كانت محدودة وتتلخص في الأسس و القواعد وعددها “12 ” والتي كان المفترض مناقشتها والتركيز عليها.. ولكن انجرفت هذه القواعد تم استبدالها بأمور ثانوية لغرض تفريغها من الأساسيات من محتواها ..!!! كان هناك “12” محورا فأصبحت 1350 محورا..!!! ومن الغريب إن كافة أطياف المجتمع الفنية و الرياضية و النسوية و الأسرية والخيرية والإعلامية وذات العلاقة الهامشية .. تم دعوتها إلى الحوار التوافقي بالرغم من الحوار سياسي و دستوري بالدرجة الأولي ..!! ولكن بسبب تلك التوجهات الحكومية ضيقة الأفق ..فقد فشل الحوار ” وهو رأي شخصي ” وهو بالتالي معارض أو شاذ أو حتى كما يحلو للبعض تسميته..” بالخائن ” …!!!

إن ما تم طرحة من كماليات و أمور ثانوية قد تم التركيز عليه وإشباعه إعلاميا بالمدح و الثناء وتسخير كافة وسائل الأعلام للتطبيل له ومن جهة أخرى تم حصر كافة الآراء المخالفة تحت تسميات فضيعة وصلت إلى الخيانة العظمى والعمالة و انعدام الشرف و الأمانة ..!!!

في البداية كان الاعتقاد السائد بان الدولة جادة في الإصلاح الحقيقي الذي يعتمد علي الشفافية و المصارحة ولكن عندما تم إسناد رئاسة الحوار التوافقي إلي رئيس النواب تبخرت كافة الأحلام و التصورات لكون الأخير معروف عنه مدى موالاته للسلطة..!!! كما كان وراءه حزمة من الخبراء الذين يعملون أصلا مع الحكومة ولعل ذلك التوجه المصرح به من قبل الأمانة العامة للحوار قد كشف المستور .. فالحوار سيكون توافقي ولا مجال للاختلاف ولا حتى التحفظ ….!!! بالإضافة إلى أن الحوار سيخلو من التصويت أو الاستفتاء..في حالة الاختلاف ..!!! فالحوار التوافقي محسوم أمره مسبقا ..!!!

إن وجود ذلك الكم الهائل من بنود الحوار والتي تم الكشف عنها وظهرت علي السطح ..هي في الغالب كمالية أو ثانوية قد تكون مستساغة بعض الشيء ..ولكنها جاءت في غير محلها أو توقيتها ..فالمطالبة علي تحقيقها قبل مناقشة الأساسيات و القواعد كانت الطامة الكبرى ..للمواطن بالطبع وليس للجهة الرسمية ..!! عند التفكير ببناء منشأة أو بيت أو عمارة فمن الواجب الحرص علي بناء القواعد المتينة والأسس السليمة فهي التي سيقام عليها البناء .. أما مناقشة الأصباغ والألوان والستائر و الكنبات و السفرة و أنواع المصابيح وأنواع الشبابيك و الأبواب فهذه أمور ستكون بلا قيمة .. عندما ينهار المبني أو المنشأة بسبب هشاشة القواعد الضعيفة والأسس المغشوشة…وضعف الطاقم الفني أو الهندسي..!!

ومن المؤسف بالرغم من ذلك الزخم الكبير بنجاح الحوار إلا انه في الواقع غير ذلك والدليل بدأت الحكومة “السلطة التنفيذية ” وليس مجلس النواب ” السلطة التشريعية ” بطرح تطبيق مرئيات الحوار وذهب البعض إلى إن الحكومة قد طبقت 74% من المرئيات عن طريق وزاراتها المختلفة …!!! على افتراض صحة التصريحات الرسمية .. فان الأزمة السياسية والتي تشمل الأمور الدستورية و القضائية .. وليست الخدمية أو الإعلامية قد تم حلها وانتهت الأزمة ..!!!

إن المواطن يتطلع لإيجاد الحلول السليمة و الموضوعية وليس تلك الحلول التي تشمل علي المهدئات و المسكنات ..والإسهاب في الهوامش .. فمفعولها مؤقت هذا من ناحية و من ناحية أخرى هي غالبا ما يصاحبها تأثيرات جانبية سلبية قد تكون تفاقم الواضع الحالي ..وهو ما تعكسه الأيام المعاصرة ..!!!

إن الإيمان بحل مشكلة ما يتطلب عمل جاد و موضوعي من أصحاب القرار .. ولكن إلي اليوم فغالبية القرارات ارتجالية وهى مجرد ردود أفعال ..لقد فشل الحوار التوافقي الرغم من التصور العام الرسمي بنجاحه ..!!! اعتقد وبسبب جذور الأزمة السياسية .. التي لا يقر بوجودها البعض .. سندخل في حوارات متعددة .. تحت مسمى مرئيات أو توجهات أو مجرد أفكار ..!!!

إن البحرين مازالت تعاني من خواء و ضعف أمنى و استقرار بسبب عدم وجود القانون أو ما يسمى بدولة المؤسسات و القانون.. فهناك ما هو مكتوب و مسطر في دساتير .. وهى اليوم لا تعد سوى إن تكون مجرد أوراق متناثرة و ملطخة بحبر اسود …!!! ومن جهة أخرى هناك متسلقون و منافقون للسلطة .. و مطبلون ..وهناك مرتزقة القلم يطلق عليهم المثقفون والأدباء المقربون ..وهناك الطامة الكبرى الكتل الإسلامية التي تناست إن موقفها الديني يجب التصريح بما هو حق و بما هو باطل شرعا أو فقها ..فالأخبار و الحقائق تنكشف عن حصول هذا مكرمة مالية و عطية سخية و ذاك مكرمة معنوية تتمثل في نيل المناصب ..حتى تلك الفئة التي يطلق عليها بالمعارضة فقد نالوا نصيبهم من الملايين ومن الأراضي و الهبات السخية …فالجميع إلا من رحم ربي ..قد تكشف مدى انغماسهم في الدجل والنفاق.. وهم مأجورون علي هذا التملق .. فالعطايا والهدايا المادية و المعنوية والمناصب .. حتى الأوسمة الرسمية .. فالجميع قد دخل لعبة السياسة ..” المصلحة الشخصية ” .. فالسياسة بلا أخلاق ..!!!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى