صفحات الثقافة

من تماثيل صنمية إلى فكر صنمي


ميلاد ديب

افسحوا المجال قليلا للزمن، كي يمسد عقل المكان. عذرا، الأعلام الوطنية ليست للتجارة. عذرا الأرواح حرة في كل زمان ومكان. أليس من الواجب أن نرفع دموعنا، لنلون أحزاننا التي لا تنتهي في الطرقات المزدحمة بالقامات؟

دمنا ليس مزادا لأحد.

كل ليلة، أنتظر بعض الصمت، لكن الصمت لا يأتي، لكنه يذهب إلى حيث يأخذه الوجع البطولي. الفرد لن يكون نفسه، إلا من خلال التبرع بلهاثه المطحون للريح العابرة للقارات.

الشفقة تهمة الأنبياء. ألا نستطيع أن نأخذ قبلة بعيدا عن حراس القبور والموت؟ كثيرا جلجلت. قليلا رقصت. سال دمعي هابطا في الجحيم، وصاعدا في بركان المشاعر.

آخذا مني نفسي، أخذا مني لحمي وموزعا على شظايا الحجارة المتناثرة على القذائف المنغرسة في الروح.

من يطهر البياض من رحيق دمنا؟ مهلا ما زال لدينا النبض، والصوت، والحنين لنطهر آخر الضحايا من قيح الرصاصة.

اللحظة عسيرة، هذا هو أوان اليخضور في الحناجر.

كيف نشغل كوننا بغير رجة البكاء واهتزازات النعوش والمصائر؟ أحلامنا المتكئة على لحمنا، أو ما تبقى منه تصرخ ببلاغة. لتقدم وردة أخيرة.

ما أجمل الورود حينما يذكرنا عطرها بالأنثى، والأرض .

انظروا ما عاد يلبي الموت احتياجاتنا. ما عاد أحد ينكر روحه فوق المقبرة.! هناك نسكن في المساحات المعتبرة للفضاء. الروح التي تعاصر الوهج، هي مفهوم جديد للنظافة.

سوريا أعمق من أرواحنا، من يجد العمق في غير أرواح تقيس هاوية الوطن.؟ التساؤل لايحتاج إلى إجابة، البريق لعنة خيرة. هكذا تهتك الظلال والنفوس المعتمة.

لماذا نشوه مفردات الذاكرة والمكان الذي هو فكر مضاعف: بوجوده عبر الزمن، ولحظات الخيال المستعمر؟

الفكر الصنمي قتل مضاعف: فأولا: يقتل وعي المكان والزمان، وثانيا يقتل التجسد في الوجود.

صور وأعلام على الجدران، وفوق الأبنية، وفي الشوارع، ومسبات مكتوبة على حاويات القمامة؟ وعلى إسفلت الشوارع… لعنة وثنية وغريزة حجرية.

الأجدر بنا إطلاق آخر الرحيق، وكفى مجدا للحرية، أن نموت في العطر، وفي سوريا.

(حمص)

السفير

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى