صفحات الثقافة

من كلّف إيران التحدث باسم الانتفاضات العربية؟

 


ب.ش.

عرف من أين استمّدت إيران هذا “الحق الإلهي” طبعاً (وكل حقوق حكامها إلهية بإذنه تعالى) بالتدخل السافر في القضايا العربية؟ من أين تتسلل إلى ذلك: من عروبتها؟ من ديموقراطيتها الفقيهية الأحادية؟ من حسها بالعدالة؟ من مشاعرها “الانسانية”؟ من مساربها المذهبية؟ من ذهنيتها القطيعية؟ من فكرها العالمي والأممي؟ كل ذلك، ولو وُجد، لا يخولها مثل هذا التدخل. وإذا كان عندها “بعضهم” من بعض الداخل اقصد حلفائها من الأحزاب وهذا النظام أو ذاك، فإن ذلك غير كاف، لأن الشعب العربي في مكان آخر اليوم: يثور من أجل حريته، وعروبته الديموقراطية، ولاسقاط الطغاة الشموليين والاستبداديين من فقهاء الظلام والظلامية والقتل والقمع والترهيب وقوانين الطوارئ! وهل يختلف هذا النظام الإيراني عن هذه الأنظمة العربية الغاشمة والاستبدادية. وهو النظام الوحيد في العالم الذي يرى في تظاهر شعبه خيانة وعمالة وكفراً، ويرى في بناة نظام الثورة الاسلامية في إيران مجرد لصوص وعملاء مرتبطين بالخارج، يهددهم ويفرض عليهم الاقامة الجبرية. هذا النظام لو كان يتمتع بشيء من الديموقراطية، وبشيء من احترام شعبه، وبشيء من احترام القيم الإنسانية، لقلنا عالّ! أهلاً! ولكن كيف يندد نظام دكتاتوري بأنظمة دكتاتورية مماثلة؟ وكيف لنظام قائم على الطغيان أن يندد بطاغية عربي! بل كيف يمارس نظام الملالي هذا اختياراً استنسابياً بين الطغاة: بين طاغية وطني. وبين طاغية خائن. بين ثورة يعتبرها مظفرة واخرى عميلة، كيف يحرض مثلاً على حسني مبارك وبن علي، بكل ادواته وبكل عملائه هنا وهناك. ونراه يتواطأ ضمناً او علناً مع آخرين: كالقذافي وعلي بن صالح.. وآخرين! ومن كلفه القيام بهذا الدور الاستنسابي؟ هل كلفه الانتفاضيون من شباب البحرين ان ينطق باسمهم؟ وهل كلفه هؤلاء ان يحول الصراع في مملكة البحرين صراعاً مذهبياً فينحاز إلى فئة هي وطنية وثقافية لها الأدوار المتقدمة في الثقافة العربية، ويحولها مجرد “قطيع” مذهبي يحلو له ان يستغله في طموحاته “العربية” وفي استراتيجيته لتصدير “ثورته” التي فشلت فشلاً ذريعاً في منشئها ودليل ذلك الثورة الخضراء الشبابية المضيئة الساطعة الوطنية، الحرة، الصامدة، أمام جبروت الطواغيت والقتلة. وإذا كان لا بد من ان تتدخل فعليك أيها النظام الإيراني المستبد ان تحل قضايا شعبك أولاً، وتتخلى عن الوحشية في التعامل مع شباب بلادك، وان تبيع هذه الاسطوانة التي يستخدمها كل الطغاة العرب والتي تكرر اتهام كل معارض لها بالخيانة والعمالة لإسرائيل وأميركا وللاستكبار العالمي. “بيعنا ياها هذه” فهي تعزف منذ اكثر من قرون.. ولم تحل دون نجاح الثورات وسقوط فقهاء الظلام!

حاولت أيها النظام البائس ان تؤسس لك قواعد في لبنان. وقد نجحت مرحلياً! وان تعلن انتصارات لك في لبنان (وفي مصر وتونس.. كأن المنتصرين هناك من “صنع يديك” شيء مضحك حتى القهقهة) لكن تغيرت ظروف الحروب الباردة. وتغيرت ذهنيات الشباب.. والناس. والوسائل. والوسائط. تغير العالم وانت أيها النظام ما زلت واقفاً على محطتك الألفية. ونظن ان الثورة الخضراء في بلاد عمر الخيام التي تختزن نضالها ومقاوماتها المدنية، وتوقها إلى الحرية، ستسقطك قبل ان تتكحل عيناك بخراب لبنان والعرب، لأن ذلك الزمن لا يأتي. بل ان زمنك قد زفت نهايته. كما أزفت نهايات الطغاة في بلاد العرب. ذلك ان عروبة الشباب الثوري ستسد عليك كل النوافذ التي تزمع التسلل لها: العروبة آتية، في العراق وفي مصر وتونس والبحرين وليبيا واليمن والجزائر!

الزمن العربي آتٍ، ولن يحتاج لأذن منك أو من عملائك، أو حلفائك، لكي يكمل دربه ويتعزز ويُحدث التحولات الديموقراطية والشعبية ويبعث المجتمعات المدنية التعددية.. ومن أي مسرب ستخترق هذا الزمن العربي الجديد!

الأصوليات إلى أفول. الدكتاتوريات إلى أفول. الولايات الالهية الفقهية إلى أفول. الاستبداديات الدينية (التي تشوه الأديان) إلى أفول: فمن اين ستتسلل إلى هذا الزمن العربي الجديد، وانت يا نظام ولاية الفقيه صرت جزءاً من الماضي البالي!

المهم أن تحّل عنا! نحن في لبنان والعالم العربي. فمكة أدرى بشعابها! والعروبة أدرى بشعابها! والعرب أدرى بشعابهم!

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى