صفحات العالم

من هو حسن نصر الله يا قنواتنا؟

 


طارق الحميد

لا أفهم من هو حسن نصر الله حتى تقطع قنواتنا الإخبارية برامجها لتبث نص خطابه المليء بالمغالطات والدعاية الفارغة، فلا هو بالرئيس المنتخب، ولا بملك، بل زعيم ميليشيا مسلحة مثلها مثل طالبان. خطاب نصر الله الذي استمر زهاء الساعة كله تضليل، وأهم قيمة خبرية فيه هي ثلاثة أخبار، أو معلومات..

الأولى، اعترافه بوجود جواسيس إسرائيليين بحزبه.. والثانية، أنه يدعم نظام الأسد الذي يقمع الشعب السوري الأعزل.. والثالثة، أنه يهاجم البحرين، في طائفية مقيتة.. عدا عن ذلك لا توجد أي قيمة خبرية في خطاب نصر الله حتى تقطع قنواتنا برامجها وتعرّض المشاهد لهذه الجرعة المكثفة من الدعاية المضللة. فلو كانت هناك حرب، مثلا، على لبنان مثل حرب 2006 التي ورط حزب الله لبنان فيها مع إسرائيل لفهمنا، لكن أن تقطع قنواتنا برامجها كلما قرر نصر الله أن يسحب الميكروفون ليتحدث فهذا أمر غير مفهوم، وغير مبرر أيضا!

كل ما يستحقه خطاب نصر الله تلفزيونيا هو بث خبر في نشرات الأخبار لتلك المعلومات الثلاث المهمة، أي اعترافه بوجود جواسيس لإسرائيل بحزبه، ودعمه للأسد، وتهجمه على البحرين، مع ضرورة وجود من يفند ما قاله حول تلك المواضيع الثلاثة، عدا عن ذلك فلا توجد أي قيمة خبرية حتى تعرّض القنوات المشاهد لكل تلك المغالطات، والدعاية الفجة التي قدمها نصر الله، الذي بدا وكأنه أحد «محللي» نظام الأسد، خصوصا عندما قال إنه لا يجب التركيز على قصة الجواسيس، بقدر ما يجب التركيز على الإنجاز الأمني لحزب الله الذي اكتشفهم.. فهل هناك استخفاف أكثر من هذا؟

التلفاز ليس مثل الصحافة المكتوبة، فلا توجد صحيفة محترمة تنقل نص خطاب نصر الله كاملا، أو غيره، ما لم تكن هناك قيمة خبرية حقيقية، وقد تنشر الصحف نص الخطاب في موقعها على الإنترنت للتوثيق، بينما تنشر الصحف أهم ما في الخطاب، أي خطاب، مع تفنيد لما قيل، ناهيك عن تفنيد الخطاب بصفحات الرأي.

الغريب، أن القنوات الإخبارية الغربية، ومثلا الأميركية، تبث خطابا لأوباما مدته 30 دقيقة، ثم تبث قرابة الساعة فقط لتحليل الخطاب، ناهيك عن دور الصحف والمجلات والإنترنت، التي تفكك الخطاب طوال الأسبوع، بينما تقطع قنواتنا برامجها لتبث خطاب نصر الله المليء بالدعاية والمغالطات لمدة ساعة، ثم تحلله، إن حللته، لمدة خمس دقائق.. فقنواتنا تمنح نصر الله شرعية، وقيمة لا يستحقها، وهي بهذا الفعل مثلها مثل من ارتضى من المسؤولين العرب أن يؤخذ مغطى العينين وبسيارة مضللة لمقابلة نصر الله بأحد أقبية الضاحية ببيروت، وهذا أمر معيب!

فمتى تحترم قنواتنا الفرق بين تغطية أخبار رجال الميليشيا، ورجال الدولة.. والفرق بين تغطية الدعاية، والأخبار؟ وعندما نقول إن حزب الله مثل طالبان فذلك ليس مبالغة، فنصر الله يقول إنه ليس لديه بنوك بلبنان نظرا للموقف الشرعي منها، فما الفرق بينه وبين طالبان هنا؟

ولذا فمن الخطأ أن تسهم قنواتنا في نشر دعاية نصر الله المضللة!

الشرق الأوسط

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى