صفحات العالم

من يستطيع التمييز بين الفتنة والإصلاح في سوريا؟

 


عندما بدأت مصر بعد حرب اكتوبر بوضع القوانين الاساسية للانفتاح الاقتصادي 1974-1976 والابتعاد عن الاتحاد السوفياتي والاقتراب من الأميركيين كانت سوريا المشاركة في الحرب تعيش في ظل الرئيس حافظ الاسد وتعتب على مصر لعدم استكمال النصر وتقترب اكثر فاكثر من الاتحاد السوفياتي ومن نمطه الاقتصادي – الاجتماعي.

وفي الوقت الذي كانت فيه مصر تعيش عصر الانفتاح الاقتصادي ودفق الاستثمارات الاوروبية واليابانية والمساعدات الاميركية بعد “كمب ديفيد” في عهد الرئيس السادات، كانت سوريا تلملم اثار “كمب ديفيد” على المنطقة وتدير المشكلة اللبنانية ومن ضمنها الصراعات الفلسطينية.

كان الهم السوري كبيراً في ظل الابتعاد المصري عن القضايا العربية وعلى رأسها القضية الفلسطينية واندلاع الحرب اللبنانية التي مهما كان النقد اللبناني لسوريا بشأنها محقا في بعض الاحيان الا انه لابد من القول بأن سوريا تحملت وزر الحفاظ على موقفها اولا ووحدة لبنان ثانيا ومن ثم على القضية الفلسطينية برغم الصراع الكبير بين الرئيس حافظ الاسد وياسر عرفات الذي حمل لواء استقلالية القرار الفلسطينيي، في وقت انصب جهد الاسد للإمساك بالورقتين اللبنانية والفلسطينية من اجل التفاوض مع الاميركي والاسرائيلي بشكل يحفظ لسوريا وجهها القوي القادر وللبنان والفلسطينين حقوقا لا سيما ان استفراد كل بلد على حدة شكل هاجسه الاكبر.

ماذا يجري اليوم من خلال الانتفاضات؟

رب سائل لما هذا الحديث اليوم عن هذا الموضوع ولمَ المقارنة بين مصر وسوريا ؟ ليس في الامكان اغفال هذه المسألة المهمة لأننا اذا فعلنا فقدنا الموضوعية في قراءتنا لأسباب الانتفاضات الشعبية في بعض البلدان العربية. اذ لا بد لنا من التذكير بأن مصر وتونس مختلفتان عن سوريا فالمجتمع المدني حاضر ومتطور في كلا البلدين ومؤسسة الجيش قوية مدربة وموثوقة من الشعب والتجانس الطائفي قائم، اما الوضع الاقتصادي لا سيما في مصر فلقد خضع لبرامج التصحيح الهيكلي منذ منتصف الثمانينات وبداية التسعينات عبرالاتفاقات التي تم عقدها مع البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، كما ترافق برنامج اعادة الهيكلة مع برنامج خصخصة شركات القطاع العام بما يتلاءم وتحديث بنية القوانين من اجل فتح المجال امام اقتصاد السوق والاستثمارات الاجنبية والعربية.

دخلت البلادعلى الصعيد التكنولوجي الى عصر العولمة دون الولوج الى المبادىء الرئيسة لهذه العولمة وهي الحرية والديموقراطية – وهي من مستلزمات امتصاص الازمات في الانظمة المعولمة – بالاضافة الى حصر الثروة بيد النظام والحزب الحاكم وايداع الاموال والاستثمار في الخارج دون التطلع الى تنمية البشر والالتفات الى واقع الشباب في الداخل. لقد حملت الثورتان اوجها متشابهة لنخب مدينية عاشت في ظل علاقات طبيعية مع الغرب ولم تكن لها عداوة مباشرة مع اسرائيل او اراض محتلة مما سهل قيام الثورة لأسباب داخلية وان حاول الغرب ركوب الموجة ومحاولة توجيه البوصلة الى حيث يريد، والايام المقبلة يمكنها ان تكون الحكم.

لا يعني ذكر هذه المعطيات استحالة الانتفاضة في سوريا او ان لا مطالب شعبية فيها، حكما لا بل من اجل التمييز بين التركيبة الاجتماعية – السياسية والاقتصادية والشروط الموضوعية لنجاح التحرك الثوري الا اذا كان لدى البعض اعتقاد بأن الحرية والديموقراطية وحدهما حفزتا الشعوب على الانتفاض في وجه الحكام عندها نكون قد دخلنا في رومنسية لا مكان لها في قاموس العولمة اليوم. اذ ان سقف الثورات محدود جدا في هذا العصر التكنولوجي بامتياز حيث الريموت كونترول هو سيد اللعبة، والمركنتيلية السياسية تقود العالم، والثورات الملونة التي اجتاحت بعض بلدان اوروبا الشرقية، ونظرية الدومينو البوشية التي تحاول اختراق الشرق الاوسط والوصول الى اذربيجان وما بعد بعد اذربيجان. هذه الثورات تطرح علينا تساؤلات اقتصادية – سياسية في الاساس بما يضمن توسع العولمة وسيطرة الامبراطورية الاميركية الاستراتيجية ونمطها المعولم وقواعدها العسكرية ووضع اليد على الثروات العالمية.

من حق الشعوب التخلص من نير الاستعباد السياسي والشعور بالحرية والتخلص من الفساد المالي والاستئثار بمقدرات الشعب والدولة والتنعم بالشفافية والديموقراطية، هذا حق لا نناقش فيه لأنه مقدس ولأننا نعلم ماهية المشاكل الداخلية للسياسات العربية تجاه مواطنيها والتمييز الذي يرافقها.

يقودنا الحديث عن سوريا الى اهمية الاصلاح السياسي والاقتصادي حيث يترافق اليوم الموضوعان، فلا اولوية للسياسي على الاقتصادي ولا للاقتصادي على السياسي انما ضرورة ان ينتهج الحكم، اذا اراد الاستمرار، النهج الاصلاحي كحزمة واحدة يمكنها ان تدخل سوريا في ورشة عمل جدية غير متسرعة، اما الاكتفاء بالشق الاقتصادي على اهميته فهو لن يلبي وحده متطلبات العصر. لقد برهنت الاحداث بما لا يقبل الجدل ان الامن والمخابرات ليست لقمع الناس انما لحماية البلاد من الخارج اولا وان استعمالها للقمع لم يعد جائزا، والامثلة التي شاهدنا في مصر وتونس خير دليل. وفي هذا تتشابه الانظمة.

ماذا يميز اليوم الوضع في سوريا ؟

1- التركيبة الاجتماعية – السياسية حيث يسود التنوع الطائفي والمذهبي، اذ تشكل الاقليات بين دروز ومسيحيين وعلويين واسماعيليين 35% من الشعب السوري. كذلك هناك التنوع الاثني (كردي وارمني) هذا التنوع ما دونه مشاكل في التاريخ الحديث لسوريا التي خضعت لعدة انقلابات قبل تولي الاسد الأب الحكم واستمرت، بعد ان  حملت معارضة الاخوان المسلمين لواء مناهضة استئثار البعث بالسلطة ومحاولتها الانقلاب عام 1982 الامر الذي ادى الى صراعات دموية انتهت بتثبيت سلطة الدولة لكنها ابقت النار تحت الرماد. لا يمكن اعتبار هذه المحاولات محض داخلية انما يجب الاخذ بالحسبان موقع سوريا بالنسبة الى اسرائيل وحلفائها في المنطقة.

تفوّق الرئيس بشار الاسد على أبيه في بناء جسور بين سوريا العلمانية وسوريا الإسلامية. شملت هذه الإجراءات السماح للمساجد بأن تبقى مفتوحة بين أوقات الصلاة ورفع الحظر عن المصلين في الثكنات العسكرية ودعوة السلطات الدينية إلى المحاضرة بالطلاب العسكريين. وقد عكست هذه السياسة تسامحاً وتشجيعاً للإسلام، في الوقت الذي تمت فيه ملاحقة الإسلام السياسي. اما مشكلة الاكراد المزمنة فتعود الى العام 1962 ويمكن تحريكها لا سيما في ظل وجود مشكلة قديمة –جديدة في الشرق الاوسط يتم التداول بها في الاروقة الاميركية كورقة ضغط يمكن استعمالها للضغط على سوريا وتركيا وايران بعد ان استعملت في العراق.

2- الوضع الجيوبوليتيكي حيث لا تزال سوريا في حالة عداء مع اسرائيل مع العلم بأنها حاولت توسيط تركيا في سبيل اجراء مفاوضات للسلام معها باءت بالفشل لكنها اوصلت رسالة للاميركيين بأنها راغبة في السلام. ولا ننسى بانها لعبت دور الحاضن للمقاومة السنية في العراق مما اغضب الولايات المتحدة  لكنها عادت وشكلت ضمانة بالنسبة لهم في عملية اعادة تركيب السلطة في العراق بفضل علاقاتها الجيدة مع ايران وانفتاحها على السعودية بعد عداء مع الاخيرة استمر اعواما منذ 2005 وتوج بصلح شكل العراق قاعدة مصالح له. ولا يمكن تجاهل البرودة الشديدة في علاقات الاردن مع سوريا واتهام عمان لها بأنها تشكل الحلقة في الربط بين مكونات الهلال الشيعي. ان اتهام سوريا والتحريض الشعبي لا سيما السني عليها بعد اغتيال الحريري من قبل 14 آذار وضعها في مأزق داخلي واثار تساؤلات الداخل السوري حول حقيقة الامر مما دفع الاسد للدفاع عن النظام وسوريا في وجه محاولات زعزعة النظام انطلاقا من لبنان وبجهود اميركية- لبنانية. وبالرغم من محاولة سوريا اعادة العلاقات بعد تبرئتها من دم الحريري الا ان المسار السياسي الذي تم بناؤه من قبل 14 آذار طيلة الفترة السابقة ما زال هو الثابت في التوجه السياسي لهذه القوى تجاهها.

3 – التحالفات الاستراتيجية التي نسجها الرئيس حافظ الاسد مع ايران لم تنل استحسان السعودية ودول خليجية عدة والغرب عموما. وهو في الوقت عينه حافظ على علاقات مع السعودية ومصر وامسك بورقة المعارضة الفلسطينية. اما الاسد الابن فبنى  تحالفا استراتيجيا بين سوريا وايران و”حزب الله” وامسك بورقة “حماس” و”الجهاد الاسلامي” الامر الذي اثار العداء والتنافس مع مصر لكنه مكّن موقعه بالنسبة لأعدائه. كما انه فتح منذ خمس سنوات بابا واسعا من التعاون و المصالح المشتركة مع تركيا بعد طوال عداء وهي عبارة عن مصالح سياسية واقتصادية واستراتيجية.

4- الوضع الاقتصادي: بقي الاقتصاد السوري تحت الإشراف المباشر للقطاع العام الذي استمر لفترة أربعة عقود، كأساس للقاعدة الإنتاجية وملاذ لليد العاملة، ومختلف شرائح الموظفين الذين يزيدون على المليون وربع المليون.

يحتاج الاقتصاد السوري إلى الإصلاح في ظل رفض البعض الدخول في آليات السوق بشكل سريع. سرع الاسد عجلة الاصلاح في2005 اثر خروج الجيش السوري من لبنان فأدخل عملية انتشار المصارف والاستثمار. ادخل الاستثمار في سوريا بشكله العربي والأجنبي لكن كانت تعوزه القوانين الملاءمة التي يجري العمل عليها في إطار عملية التحديث هذه التي تشهدها سوريا منذ سنوات، ويحاول بناء السدود واستجرار الماء من تركيا ويقال ان سوريا تعتمد النظام الصيني في عملية الاصلاح والتحديث.لا يمكن فصل الاصلاح  الاقتصادي عن الإصلاح السياسي أو الإداري، لأن الإصلاح كيان عام والإصلاح الاقتصادي يشكل جوانبه كما إن الإصلاح الاقتصادي بحاجة إلى وعي شعبي على مختلف المستويات.

المعارضة السورية بين التشتت والفاعلية

منذ وصول بشار الأسد، الى سدة السلطة عام 2000 وبعد خطاب القسم الذي اوحى بعودة الحريات والحقوق إلى سوريا، شهدت البلاد حراكاً اجتماعياً سياسياً فالمشكلة كانت بالنسبة لبعض المثقفين تكمن في الاستبداد، وفي الحزب الواحد الذي يستأثر بالسلطة وينتهك الحقوق والحريات، فطالبوا بالحريات ولكن ساد في حينها تناقض بين اصلاحيي النظام ومعارضين للاصلاحات السياسية الا ان الامر لم يطل حتى ساد الصراع على السلطة.

بعد اجتياح العراق عادت الاولويات الامنية الى حالتها السابقة في ظل التهديدات التي شهدتها سوريا منذ عام 2005 ولكن الاصلاح الاقتصادي احتل المكان بدل ان يترافق مع الاصلاح السياسي.

ممن تتشكل المعارضة؟ اذا اردنا تجريد الواقع الداخلي من فكرة التآمر على سوريا. يمكن القول بان المعارضة الحالية في الداخل هي معارضتان:

– علمانية مؤلفة من المستقلين وتشمل بقايا تنظيمات يسارية وقومية عربية. والكثيرون منهم يتحدرون من التنظيمات السابقة، ومنظمات حقوقية، وتجمعات المجتمع المدني.

– المتضررون من الواقع الاقتصادي وبعضهم يعيش دون خط الفقر كأهالي درعا وبعض المناطق الزراعية الذين تردت اوضاعها المعيشية بسبب الجفاف وبسبب غلاء الغذاء لا سيما القمح حيث اضطر بعض السكان الى الهجرة الى دول الخليج للعمل .

اما المعارضة الخارجية فهي متمثلة:

– بتنظيم الاخوان المسلمين المحظور والذين يطبق عليهم القانون 49 الذي يقضى بإعدام من تثبت عضويته في هذا التنظيم مع العلم بأن لديه بعض المؤيدين غير المنظورين في الداخل وهو يريد اسقاط النظام.

– معارضة نائب الرئيس السوري عبد الحليم خدام الذي يعيش في باريس ولديه بعض المؤيدين في الداخل وهو الذي اعتبر بان وراثة السلطة هي للحزب وليست للعائلة.

– معارضة من داخل العائلة متمثلة برفعت الاسد وابناءه هو يريد اسقاط الاسد والحلول مكانه بعد ما جرى نفيه الى الخارج.

– المثقفون الذين يعيشون في الخارج منذ زمن طويل بسبب معارضتهم للنظام الحزبي الواحد ويطالبون بالديموقراطية والحريات ومواكبة العصر .

– التنظيمات الكردية، التي تشكو من مشاكل اجتماعية وقسم منها حانق على النظام بسبب تسليمه عبدالله اوج ألان الى تركيا.

الروابط السياسية بين المعارضات في الخارج غير وطيدة. وتنوع مشارب المعارضة لم يُكسبها قوة او ديناميكية ولكن هناك محاولات مدفوعة من الغرب لجمع المعارضة على الحد الادنى. وهنالك فئة مهمة في المعارضة السورية الداخلية تخشى ان تتلاقى رغبتها في التغيير مع رغبات اقليمية او دولية في تغيير النظام لاسيما انها تعبر عن مناهضتها للمشروع الأميركي في المنطقة، لكنها في الوقت عينه تطالب بالاصلاح. ولا شك بأن كل المشاكل الخارجية التي عصفت بسوريا اتت لمصلحة التماسك حول النظام لا سيما انها حاولت ان تطال من وحدة البلاد ولا يمكن هذه المعارضة ان تتجاهل الاصلاحات الاقتصادية ومحاولات التحديث التي ارضت بعض فئات الشعب.

اما اللحمة الاهم فهي الموجودة بين النظام والنخب الاقتصادية المدينية وهي سنية بالتحديد،  وتشارك في ادارة الاقتصاد السوري مما جعل هذه اللحمة غير قابلة للانفصام اذ انها مبنية على المصالح المشتركة مما حمل بعض المراقبين على الاستنتاج بأن هذه المصالح تبعد النخب المدينية عن الشارع المعارض.

الموقف من الاصلاحات وخطاب الرئيس

ما قاله الاسد، في رده على التظاهرات التي اندلعت في درعا اولا والتي جرى التعامل معها بشكل امني واوقعت النظام بحيرة وادت الى اقالة المحافظ واتخاذ اجراءات اصلاحية عبرت عنها المستشارة بثينة شعبان، لم يرضِ الشارع المعارض واثار حنق المعارضات الخارجية كل بحسب رؤيته. الاول لم يكن راضيا لأن الرئيس لم يحدد اجندة زمنية واضحة للاصلاحات المطلوبة التي تتضمّن إلغاء حالة الطوارئ المفروضة منذ 1963، وتعديل بعض المواد الدستورية والنصوص القانونية التي تهيّئ للتعددية الحزبية وانتخابات تشريعية وتضمن الحرية والوصول الى الديموقراطية. اما معارضة الخارج فهي في معظمها تريد اسقاط النظام. بعضها كالمثقفين يرى بأن هذا النظام بتركيبته الحالية لا يستطيع القيام باصلاحات جذرية والمعارضون السياسيون يريدون الحصول على هذه السلطة بمساعدة عربية وغربية.

لكن الرئيس قبل استقالة الحكومة وخاطب المجتمع بهمومه المعيشية. وشدد على عملية الاصلاح الاقتصادية التي عمل عليها ويعمل، آخذا في الاعتبار التحولات الاقتصادية التي تفاقم الضغوط المعيشية على الشعب. ومع اعترافه بالتقصير من ناحية الاصلاحات السياسية وضرورة مواكبة العصر شدد على تعزيز الوحدة وسحق الفتنة ومكافحة الفساد والتصدي للاعلام الذي يشوه الحقائق وضرورة تحديث الاعلام السوري وزيادة فرص العمل والاشادة بأهالي درعا ووطنيتهم والوقوف على طلبات الاهالي في اللاذقية وحماه وحمص، واصلاح القضاء الخ…

هل رأت الولايات المتحدة بأن على النظام ان يكون اكثر فاعلية واكثر ديناميكية في الاسراع بإصلاحات سياسية واقتصادية؟ يبدو التصريح الاميركي بعدم الرغبة بالتدخل العسكري اسوة بما فعلت في ليبيا، اوالتدخل السياسي كما فعلت في مصر وتونس، مطمئنا بقدر معين بالنسبة لسوريا لاسيما ان للنظام السوري اوراقا وادواراً عليه ان يلعبها بالنسبة للاميركيين الذين يستعدون للانسحاب من العراق، وكذلك في العلاقة مع ايران بالنسبة لافغانستان، ولعب ورقة المفاوضات والعلاقة مع المنظمات الفلسطينية وكذلك دور الوساطة في البحرين. ولكن استنزاف سوريا بالنسبة للولايات المتحدة امر لا بد منه، فاضعاف سوريا اليوم هو مطلب اقليمي ودولي يتضرر منه ما يسمى بخط الممانعة اي طهران وبيروت وغزة، وعليه فاللعبة بدأت الآن!

صحيح انه لا اسقاط للنظام ولكن الاحداث في مصر غير المعروفة النتائج تضعف الجبهة الاسرائيلية وتقوي جبهة الممانعة. والتظاهرات في البحرين والسعودية تقلق الاميركيين الذين يتمنون تظاهرات حاشدة في طهران. فالفوضى تعم المنطقة ووراء هذه الفوضى يتم التساؤل هل اضعاف سوريا هو الرد على ايران لدعمها التظاهرات في السعودية وفي البحرين، مع العلم بأن ايران لم تتحمس للتصعيد الذي جرى من قبل المعارضة فيها؟ وان كان كذلك هل يمكن ايران القبول بضرب استقرار سوريا وهي حلقة الوصل القوية بين فلسطين ولبنان؟ ما هو الرد على محاولة كهذه؟ لماذا نشرت اسرائيل خريطة لبنك الاهداف في لبنان؟ هل هو الخوف من حرب قريبة في المنطقة تكون الرد الايراني – السوري واللبناني والفلسطيني على اميركا واسرائيل ودول الخليج في الوقت الذي يتخوف فيه الاسرائيليون من غياب النظام المصري.

وعليه ما المطلوب اليوم من سوريا التي يمكنها وحدها التمييز بين الفتنة والمطالب الاصلاحية؟ المطلوب من الاسد اليوم ان يكون اصلاحيا ويرضي طموحات شعبه ويستغل موقعه الممانع لكشف الفتنة.

قد يقال ان الدكتور بشار الاسد لن يحدد اجندة ويمكن ان يتمهل بالاصلاحات -الاسراع لا التسرع – وهذا ما اوحى به ولكن عليه تدارك امور كثيرة اهمها ان للولايات المتحدة اولويات ويمكنها ان تمهله، ولكن عليه ان يتيقظ لأنها قد تفاجئه باستبدال اولوياتها كما فاجأت غيره لا سيما انه في المصالح لا عداوات طويلة الامد ولا صداقات دائمة.

هدى رزق

النهار

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى