صفحات سورية

من يقف وراء اعتداءات المجموعات المسلحة على الكرد في حلب؟


طارق حمو

في أول أيام عيد الأضحى المبارك، حاولت مجموعة مسلحة تدعيّ تبعيتها للجيش السوري الحر التوغل في حي “الأشرفية” ذو الغالبية الكردية في مدينة حلب، وقالوا للأهالي “جئنا لنقضي العيد معكم”!. وهو الأمر الذي رفضه أهالي الحي تخوّفا من ردة فعل جيش النظام السوري الذي اعتاد قصف الأحياء التي يتموقع فيها عناصر الجيش الحر. الأنباء تقول بأن تلك المجموعات انسحبت بعد حضور شابه أخذ ورد. ولكن هذا “الحضور” كافيا لكي يرسل جيش النظامي حممه على رأس المدنيين في “الأشرفية” مما اسفر عن سقوط 15 مدنيا، بينهم 9 أكراد وبعض المواطنين العرب والتركمان، واصابة أكثر من 20 آخرين بجروح، بينهم أثنين من الصحفيين العاملين في فضائية “روناهي” ووكالة “فرات” للأنباء.

في اليوم الثاني من العيد، قرر أهالي حييّ “الأشرفية” و”الشيخ مقصود” التظاهر للمطالبة بعدم دخول “مجموعات مسلحة تقول انها تابعة للجيش السوري الحر” الى الحيّين الذيّن يحتضنان مئات العائلات العربية الهاربة من مناطق الداخل من بطش آلة الجيش النظامي. ولكن هذه المجموعات لم تستوعب الأمر، فاطلق بعض أفرادها النار على المدنيين العزل، مما اسفر عن مقتل 5 مواطنين كرد واصابة العشرات. وحال سماعها بالجريمة، سارعت وحدات الحماية الشعبية( التي ضحى 5 من أفرادها بحياتهم قبل شهرين في قصف لحوامة عسكرية تابعة لجيش النظام عندما كانوا في مهمة تأمين الخبز للعوائل النازحة) وجرت مواجهات بين الطرفين، اعتقلت الوحدات الكردية 7 من أفراد المجموعة المسلحة. من جهتها وحال سماعها بالنبأ، لجئت هذه المجموعة الى قطع الطريق بين حلب وعفرين، واعتقال عشرات المارة من أبناء القومية الكردية بشكل عشوائي.

هذه التطورات اودت باتفاقات سابقة أبرمها الكرد مع الجيش السوري الحر، وكانت تقضي بعدم تعرض أي طرف لآخر، وتعهد الجيش الحر بعدم التوغل في الحييّن الكردييّن الذيّن يحتضنان آلاف النازحين العرب.

لكن أمورا مبهمة حصلت اودت بهذا الاتفاق، ودفعت بالمجموعة التي تقول بتبعيتها للجيش الحر الى خرق الاتفاق واقرار المواجهة مع وحدات الحماية الشعبية الكردية.

بعض المصادر تتحدث عن ان المسلحين الذين دخلوا حي “الأشرفية” كانوا يحملون أعلام تنظيم “القاعدة” أي انهم من جماعة “جبهة النصرة” التكفيرية، والتي لم تلتزم اصلا بالهدنة التي كان الجيش السوري الحر أحد طرفيّها.

الوضع مايزال متوترا في حلب، في الحين الذي استنفرت فيه وحدات الحماية الشعبية قواتها للدفاع عن سكان حييّ “الأشرفية” و”الشيخ مقصود” حيال أي هجوم قد تتعرضان اليه من جانب المجموعات المسلحة التي تقول بانها تابعة للجيش السوري الحر، أو قوات النظام السوري.

ماذا نفهم من هذه التطورات؟

لاشك بأن الدولة التركية فرحة للغاية بالمواجهات بين هذه المجموعات وبين وحدات الحماية الشعبية( التي يرفضها بعض المثقفين السوريين المعارضين من منطلق عنصري حاقد على الكرد، بينما يرحبون بالجماعات الأجنبية التكفيرية الموالية لتنظيم “القاعدة”!)، كما أن النظام السوري هو المستفيد الآخر، لأنه نجح في خلق مواجهات بين أطراف الثورة( هذا اذما اعتبرنا ان لهذه المجموعات علاقة بالثورة وبشعاراتها في الحرية والديمقراطية، واذما اعتبرناها غير مخترقة من استخبارات النظام واستخبارات اجنبية أخرى). ولاشك بان هناك ايادي خفيّة دفعت هذه المجموعات الى الاصطدام مع الكرد.

في حال نجاح الطرفين في التهدئة وتسليم هذه المجموعات المدنيين الكرد الذين اختطفتهم( وهو العار الذي لطخّ وجهها، وليس وجه الثورة السورية) وتسليم وحدات الحماية الشعبية الكردية للعناصر المسلحة، والتوقيع على اتفاق جديد يقضي بعدم تعرض هذه المجموعات للأحياء الكردية، وعدم التعرض للمواطنين الكرد، فان الاحتقان سوف يتلاشى، وستنتعش الآمال من جديد. أما في حال رهان هذه المجموعات على التصعيّد، فإن الجانب الكردي، الذي اتخذ كل الاحتياطات منذ عشرين شهريا لحماية الكرد في أحياء حلب، سوف يرد الصاع صاعين على كل من يفكر في قتل المدنيين الكرد والنيل منهم. ومن يعتقد بان الكرد في سوريا ضعفاء واهمون، لأنه ببساطة الكرد في سوريا ليسوا وحدهم، بل خلفهم أمة كبيرة متمرسة على الكفاح والمقاومة تعدداها أكثر من 40 مليونا. والأكيد بان هذه الأمة لن تترك كرد سوريا رهينة في أيدي عملاء الدولة التركية.

حزب العمال الكردستاني ( الذي يحارب الجيش التركي، ثاني اقوى جيش في حلف “الناتو” منذ 30 عاما) سبق وان حذر تركيا وحكومة العدالة والتنمية من ان أي عدوان يطال الكرد في سوريا سيقابله ضربات في العمق التركي. والكردستاني، كما يشهد له الأعداء قبل الأصدقاء، اذا وعد فهو سيوفي بالوعد.

وحدات الحماية الشعبية ( الآخذة في التوسع تسليحا وتدريبا، كما ونوعا، لتحقيق هدفها في تشكيل قوات من 30 ألف مقاتلة ومقاتل) سوف لن تدع بعض مئات من أنصار المجموعات المسلحة العميلة للدولة التركية وللقوى الشوفينية الطائفية بالنيل من المدنيين الكرد وتطبيق مخططات (مجلس الأمن القومي التركي) بتهجيرهم من عفرين ومناطق محافظة حلب. وعلى العنصريين الحاقدين ان يعلموا بان الكرد لن يتركوا مناطقهم ليتحولوا الى مهاجرين في تركيا والأردن، ويأتي الأنذال ليسمسروا عليهم.

الحرب التي اعلنتها هذه المجموعات على الكرد لن تحقق أهدافها، ومثلما نجحت الحركة السياسية الكردية في النأي بالكرد عن الحرب الطائفية التي تجري بالوكالة الآن في سوريا تحت يافطات ماعادت تقنع احدا، فلن تسمح للمجموعات المسلحة العميلة لأعداء الأمة الكردية بالتوغل في المناطق الكردية لتخريبها وبث الفوضى والدمار فيها.

على العقلاء والوطنيين في الجيش السوري الحر، الذين تركوا سلاح النظام لرفضهم قتل الشعب المنتفض الثائر، وللدفاع عن أهلهم، ومن أجل تحقيق دولة الحرية والديمقراطية والكرامة، ان يتداركوا الوضع وأن يضبطوا المجموعات المسلحة التي تعتدي على المدنيين الكرد في عقر دورهم وتتمترس بالمدنيين بعد ان تخطفهم من على قارعة الطرقات.

وهذا النداء موجه أيضا إلى الوطنيين في المعارضة السورية، الذين نترقب معرفة مواقفهم من هذه التطورات الأخيرة التي تهدد الثورة السورية ودماء شهدائها من العرب والكرد…

ايلاف

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى