روزا ياسين حسنصفحات سورية

مهرجان التخوين العالمي


روزا ياسين حسن

فعلاً، أنا أحسد النظام السوري على كل هذه الهدايا الثمينة والمجانية التي تُهدى إليه كل يوم.

معارضة في الداخل تنهش بعضها البعض، وتنتظر بعضها البعض على (نكشة). تسفيه كل فعل وتجييره إلى خانة التخوين، إن كان لجهة العمالة للخارج أو لجهة العمالة للنظام، ومعارضة في الخارج تنهش معارضة الداخل، وتنّظر يومياً من عواصم العالم وكأن أعداءها المعارضة في الداخل وليس النظام!!

ومثقفون ينهشون معارضين، ومعارضون ينهشون مثقفين..

شارع يخوّن المعارضة، ومعارضة تخوّن الشارع، وكل منهم مصرّ على قدسيته التي لا تمسّ، ومصالح شخصية تقدّم على المصالح الوطنية.. وثورة تتفكك، جهات تتحدث بالتسليح وجهات تقول بتدخل الخارج وجهات أخرى تخوّنهم، والكل يعتقد نفسه الأوحد.. وهلمجرا..

معارضة مفككة إقصائية، وشارع مفكك إقصائي، الكل ينهش الكل، والبلاد مفتوحة على الكارثة: الحرب الأهلية أو حرب النيتو أو سقوط المزيد من شهدائنا أو سنوات أقسى وأعسف ظلماً إن انكسرت ثورتنا..

وتكاد الحناجر التي تنادي بوحدة المعارضة تبحّ، والحناجر التي تنادي بالتفاف الشارع والمعارضة حول بعضهم تبحّ، فيما لا تنجح إلا مهرجانات التخوين والنهش والإقصاء والتسفيه.

ومهرجانات التخوين هي وحدها التي تلاقي رواجاً، فيما تترك كل أصوات العقل والهدوء وقبول الرأي الآخر والنقاش والحلم لتذهب إلى الجحيم.

والمحزن أن قلة قليلة تقتنع بأن الثورة لن تنتصر إلا بالتفاف الشارع والشباب والمعارضة الوطنية في الداخل والخارج معاً، وليؤجل (الجميع) خلافاتهم الإيديولوجية والعقائدية التي لن تنتهي يوماً، وليؤجل (الجميع) اقتسام الطريدة حتى نجاح الثورة، لأن الأمور إذا ظلّت كما هي فلن يكون ثمة طريدة ولا ما هم يحزنون.

أنا أحسد النظام السوري حقاً، فوحده من يرقص طرباً في مهرجانات التخوين هذه، ووحدها تلك المهرجانات تجعله متربعاً فوق الخراب القادم، والذي بتّ أراه بعيني ما لم تنقلب كل هذه الطاولات القائمة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى