صفحات الحوار

ميشال كيلو : درعا كسرت الصمت ومطالب المعارضة تصب في مصلحة النظام

 

«هل سينجح التغيير؟» عنوان مقالة كتبها ميشال كيلو في شهر فبراير 2011. المعارض السوري الذي أمضى فترات اعتقال طويلة، ومتقطعة، منذ السبعينات، في السجون السورية بتهمة «الجرائم السياسية»، الى أن تمّ الافراج عنه يوم 19 مايو 2009، يشغل منصب رئيس مركز «حريات» للدفاع عن حرية الرأي والتعبير، ويعتبر من أبرز نشطاء المجتمع المدني، وأحد المشاركين في صياغة إعلان بيروت – دمشق.

ميشال كيلو الكاتب والمترجم، وعضو اتحاد الصحافيين السوريين، لم يتراجع عن مطالبته، بالحرية واحترام الرأي الآخر، رغم مرارة الاعتقال التي وضعت تحت عناوين كثيرة ومن بينها «إضعاف الشعور القومي والتحريض على التفرقة الطائفية» وهي التهم التي أدانته على اساسها المحكمة العسكرية في مايو 2007، فحكمت عليه بثلاث سنوات في السجن.

وفي ذروة الحراك العربي الذي وصلت أصداؤه الى درعا السورية أجرت «الراي» حواراً مع ميشال كيلو وسألته عن خلفية احداث درعا «الكاشفة» كما يفضل تسميتها وعن مطالب المعارضة وموقع حركة «الاخوان المسلمين» فيها، وإمكان الاصلاح المنشود. وفي ما يأتي نص الحوار:

• أعلنت القيادة السورية عن رزمة قرارات امس تتعلق بالعمل على قانون جديد للأحزاب وتأسيس لجنة لإلغاء قانون الطوارئ ومنع الاعتقال العشوائي وسلسلة من الاجراءات الاخرى. هل هذه المقرارات كافية؟

– إذا كان هناك من جدية لتحقيق هذه المقرارات فهي تكفي، لكن سبق لنا أن تلقينا وعوداً من النظام حول إلغاء قانون الطوارئ وقانون جديد للأحزاب ولم يتحقق شيء من هذه الوعود. ما يحدث اليوم في سورية يختلف عن الفترة الماضية، والاختلاف عن الماضي يحدده الشارع. على النظام أن يقرأ جيداً ما يجري في العالم العربي، ونتمنى أن تطبق كل المقرارات التي أعلنت عنها السيدة بثينة شعبان.

• ما تفسيرك للأحداث الجارية في درعا؟ ولماذا تنحصر الحركة الاحتجاجية في هذه المنطقة تحديداً؟

– في المسار التاريخ ثمة أحداث كاشفة، مثل المعركة التي وقعت بين اليابان وروسيا عام 1905، ومقارنة بهذا الحدث يمكن أن نقرأ ما يجري في درعا المنطقة الحدودية، التي تعاني مشاكل وتقييد لحركة تبادل الأراضي، التي بدأت منذ عشرة اعوام تقريباً. لكن الأهم من ذلك أن درعا منطقة محرومة على المستوى الانمائي، ما أدى الى زيادة الاحتقان عند الناس، وحين بدأت التحولات المفصلية في كل من تونس ومصر وليبيا واليمن، والتي كانت مطالبها بالدرجة الاولى، مطالب تتعلق بالحرية وحقوق الانسان، كسر أهالي درعا حاجز الصمت، فكتب الأطفال على الجدران «الشعب يريد اسقاط النظام» الأمر الذي دفع السلطات الى احتجازهم، ومن المعروف أن أسرة الأبزيد من الأسر التي ينتمي اليها أهالي درعا، احتجز أحد أطفالها، فوقعت المظاهرات وطالبت بالحرية، وجرى ما جرى. هذا ما قصدته بالحادثة الكاشفة، وفي رأيي كان من الممكن التعامل مع هذا الحدث بحلول معقولة، لكن الطريقة التي تعاملت بها السلطة أدت الى تفجير الأوضاع التي ذهب ضحيتها كما يؤكد عدد من الشهود مئتي قتيل من أهالي درعا. كل العالم العربي اليوم يريد الحرية، ولا يمكن الوقوف بوجه الموجة الثالثة من الديموقراطية، فالجميع يريد الاصلاح الكامل وليس الجزئي، وإذا لم تتم المباشرة بعملية الاصلاح في سورية والدول العربية الاخرى فلا مجال إلاّ للتمرد.

• ميشال كيلو من أبرز رموز المعارضة السورية. ما الخطوط الاصلاحية التي تبنتها المعارضة؟

– لا يمكن القول إن المعارضة السورية كتلة واحدة، هناك مطالب أعلن عنها منذ اعوام، وعلى رأسها إلغاء حالة الطوارئ، ورفع مستوى الحريات العامة، وتقبل الرأي الآخر، وإيقاف الاعتقال السياسي، وإيجاد الحلول للمشاكل الانمائية تحديداً البطالة، والاهتمام بالتعليم والصحة، وإجراء مراجعة لسياسات الدولة الداخلية، على قاعدة الحوار مع مكونات المجتمع السوري. والمعارضة لا تطالب بإسقاط النظام بل تدعو الى الاصلاح.

• أشرت الى أن المعارضة تطالب بالحرية والتعددية السياسية. أين انتم من مطلب تداول السلطة والى أي مدى تتعارض مطالبكم مع بنية النظام؟

– نحن من حيث المبدأ لا نطالب بتداول السلطة كي لا نتهم بأن لدينا مشروع انقلابي. نحن نطالب بالاصلاح، ومطالبنا مشروعة، وكل ذلك يصب في صالح المصلحة العامة. تداول السلطة يكون في شكل تدريجي لأن أي فراغ يهدد سورية. وفي رأيي أن مطالب المعارضة تصب في مصلحة النظام، الذي يواجه أزمات داخلية، ولا بد من حل هذه الأزمات. ولا شك أن كل الأنظمة القائمة على الحزب الواحد، هذه أنظمة تعتمد على تدابير وإجراءات ضبطية، وليست حوارية.

• هل جرى في الفترة الماضية فتح قنوات اتصال بين المعارضة والنظام؟

– في الاعوام الماضية تعرضنا للقمع، والمشكلة مع النظام لا ترتبط بالخيار الوطني الكبير، وإنما في دعوتنا الى الديموقراطية وتقبل الرأي الآخر. لكن النظام أوهم الرأي العام المحلي والعالمي بأن أي تحول دراماتيكي سيصب في مصلحة المشروع الاسلامي، وقد أثبتت التجارب في مصر وتونس عكس ذلك، وهذا المؤشر مهم جداً.

• الشعب السوري يطالب بالديموقراطية هل يعكس هذا المطلب تبلور بنية ديموقراطية فاعلة في سورية أم العكس؟

– ترسيخ الممارسة الديموقراطية يحتاج لفترات زمنية طويلة، والقسم الأكبر من شرائح المجتمع السوري تفتقد لبنية الديموقراطية، وهي تطالب اليوم بالحرية والتنمية وحل مشاكل البطالة ولقمة العيش. بهذا المعنى الحرية تشكل القاعدة الأولى لتأسيس البنية الديموقراطية، بعد مرور أكثر من خمسين عاماً من القمع وفشل التنمية.

• الرئيس بشّار الأسد قام بإصلاحات محدودة. برأيك هل الاصلاح الشامل قد يجنب سورية أي تحول فجائي؟

– الرئيس السوري مع الاصلاح، وفي هذا السياق أود الاشارة الى حدث نوعي وقع منذ يومين، فقد أكدت احدى الجهات السياسية القريبة من النظام على الأهمية التي يعطيها الرئيس بشار الاسد للاصلاح، والصعوبات التي يواجهها من جهات معينة داخل النظام تعرقل وتيرة الاصلاح. هناك مجموعات تمسك بالقرار والثروة، وأكثر رجال الدولة هم أغنى الأغنياء.

• سورية لها دور استراتيجي في الشرق الاوسط. الى أي حد يؤثر ما يجري في العالم العربي على النظام السوري في شكل ايجابي؟

– لا بد للأنظمة من إعادة النظر في حساباتها انطلاقاً من الأحداث التاريخية الجارية في العالم العربي. التحولات الاقليمية هي لصالح الدور العربي القومي، وهذا الدور ليس بعيداً عن النظام السوري، لكن من المهم جداً الأخذ في الاعتبار مصالح الشعب السوري عبر توسيع دائرة الحرية والديموقراطية، والذي لا يبتعد أبداً عن الرؤية الاستراتيجية السورية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية والوحدة العربية، وما يجري في الدول العربية ليس لصالح الاستبداد، نحن في زمن ما بعد الأنظمة الاستبدادية.

• أين هو موقع «الاخوان المسلمين» في الحركة الاحتجاجية في سورية؟ وكيف تفسر الموقف الذي اتخذوه في المرحلة الاخيرة؟

– الاخوان المسلمون قوة هامشية في سورية، وهي تبحث عن فكرة الدولة المدنية، والمساواة بين الناس من المنطلق المدني وليس الديني، وهذا مؤشر مهم عند حركة الاخوان.

• هل هناك علاقة تواصل بين المعارضة السورية وحركة «الاخوان المسلمين»؟

– المعارضة السورية تنطلق من معايير مشتركة، وليس لدينا أي اتصال مع حركة «الاخوان المسلمين»، ثمة اتفاق على خطوط عريضة. وأظن أن الذي يجري في سورية سيكون له تأثير مهم في العالم العربي. ومن المهم قراءة الأحداث تحديداً تلك التي تجري في ليبيا، فالقذافي انتصر لكنه هُزم في ميزان القوى الدولية.

• سجناء الرأي في سورية كُثر. بعد تجربتك في السجن ماذا تقول؟

– هؤلاء الناس ليسوا خطرين على البلد ولا على النظام. هؤلاء أشخاص وطنيون، وعلى درجة عالية من الحس الوطني، وليسوا طائفيين، ولا يريدون التآمر على النظام بغية إسقاطه. هم يطالبون فقط بالحرية واحترام الرأي الآخر، ويتبنون اولويات النظام الخارجية تحديداً ما يتعلق بالصراع العربي – الاسرائيلي وبالنهج العروبي ومركزية القضية الفلسطينية.

الرأي العام

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى