صفحات سورية

نحن سوريون

 


زيد قطريب

بقدر ما كنا نشعر بالاعتزاز ونحن نشاهد أو نسمع عن لقاءات إسلامية مسيحية ومعايدات في الفصح المجيد جمعت بين أبناء المجتمع الواحد، أصبنا بالخيبة ونحن نشاهد مقطعاً مسجلاً لأحد «رجال الدين» وهو يقوم بتكفير طائفة كاملة أو التعدي على عاداتها واتهام أهلها بأقذع الصفات التي يندى لها الجبين.. وكان من المريب فعلاً أن يعمد البعض إلى أخذ الأمور إلى غير مصباتها الطبيعية وكأنهم يريدون لهذا الجسد الواحد أن يتمزق ويتحارب في عملية إلغائية ليست في مصلحة أحد من أبناء سورية سواء كان محسوباً على هذه الطائفة أو تلك!.

مشروع «النهضة العربية» الذي أرهقته -منذ بداية القرن الماضي- عوامل كثيرة تنوعت بين المستعمر الخارجي والافتئات الداخلي أو الاختلاف في تفسير وجهة الدين وعلاقته مع المجتمع، مازال يحاول أن يتلمس الطريق نحو الحياة التي يفترض أن نطمح لها جميعاً، وهي مرتبطة أولاً بالسؤال الكبير «من نحن؟» الذي طرحه سعاده منتصف القرن الماضي، وسوى ذلك من أسئلة تتعلق بأسباب تخلّف العرب وتقدم الآخرين في العالم، فإن كان البعض مازال يشتغل على موجة التكفير الطائفي والنظر إلى المجتمع الواحد وكأنه جزر معزولة عن بعضها، فإن حضور سؤال الانتماء في هذه المرحلة كمسألة معرفية يبدو ملحاً جداً مثلما هو ضمانة لتكريس العامل الوطني الجامع والشامل لكل مكونات هذا الطيف السوري الجميل والثري الذي يعدّ تنوعه عامل دعم وقوة لا عامل ضعف وافتئات.

نحن سوريون أيها السادة، ولن ننجر إلى عُصاب القبائل والاتنيات أو الطوائف مهما لبست من شعارات وتلونت بأهداف.. نحن سوريون وأمنا سورية هي الجسد الواحد المتماسك الذي لن يتفكك مهما كان الثمن.

اختلاط الأوراق في هذه المرحلة يتطلب من المثقفين والأحزاب العلمانية مسؤولية كبيرة لأننا في الامتحان الأصعب لشخصيتنا الاجتماعية والحقوقية، فما يجري اليوم في سورية لا يمكن النظر إليه ككتلة واحدة من زاوية الأهداف والطموحات والتيارات التي تطل برأسها بين حين وآخر، فمرة يبشرنا أولئك بإهدار دماء من يسمون «بالطوائف الأخرى»، ومرة بضرورة العودة إلى القرون الوسطى من حيث التشريع والذهنية وطبيعة الوطن الذي نريد، وكأن المطلوب أن نفكك سوريتنا العزيزة إلى قبائل نائية ومعزولة عن مفهوم التفاعل الاجتماعي ومغرقة في الوقت نفسه في مفهوم الغزو والثأر وإنشاء «المضارب» والأسيجة في أسوأ ردّة في التاريخ..!.

هنا نسجل لعلماء الدين الوطنيين ردّهم على الفتاوى الطائفية وتأكيدهم على وحدة الشعب السوري.. فسورية الآن تحتاج تضافر جميع الجهود دون استثناء.. سورية التي يجب أن تبقى مصلحتها فوق كل مصلحة!.

جريدة النهضة

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى