صفحات العالم

نحن وسوريا


نايلة تويني

يسألونني باستمرار عن الموقف من سوريا، وأجيب ترداداً ان شيئاً لا يدعو الى تبديل اي موقف من النظام السوري، كما ليس ما يدعو الى الشماتة اذ ليس الأمر من شيم الكبار، واللبنانيون كانوا كباراً على الدوام، حتى عندما كانوا يُضربون بالحذاء السوري، اذ قاوموا المخرز بالعين، ولو ضعف بعضهم أمام إغراء السلطة والمكاسب، فيما افاق عدد منهم فانتفض ولو متأخراً.

وعلينا كلبنانيين ان نميز بين النظام السوري والشعب السوري. فنظام الأسد، الأب والإبن، اضطهد مواطنيه قبل غيرهم، والشواهد كثيرة على ذلك، وما زالت امهات كثيرات ينتحبن على أزواج وابناء فقدوا او قتلوا او اقتيدوا الى سجون الداخل اليها مفقود والخارج منها مولود. ونظام الاسد تدخل سلباً في لبنان والعراق والكويت ودول اخرى بمخابراته المباشرة او بواسطة عملاء، ودائما بحجة مقاومة اسرائيل، مع ان جبهة الجولان لم تفتح يوما، ولم تخض دمشق اي مواجهة حقيقية مباشرة مع اسرائيل. حتى اتفاق الدفاع المشترك مع لبنان لم يترجم على ارض الواقع، بل سبقه اتفاق مع اسرائيل سمح للطيران الحربي السوري بالتحليق في سماء لبنان ودك قصر بعبدا ووزارة الدفاع بالصواريخ على رأس العماد ميشال عون الذي لجأ انذاك الى السفارة الفرنسية ونفي الى باريس قبل ان يعود منتصرا للدبابة السورية.

هذا النظام الذي قصف الأشرفية وحاصر زحلة، هذا النظام الذي قتل كمال جنبلاط ورينه معوض ورفيق الحريري، ولاحق، مع أزلامه، الطلاب والشباب والصحافيين والسياسيين، وصولاً الى رعاية قتلة ابطال انتفاضة الاستقلال، لا يكفيه العزل، بل يستحق المحاكمة الدولية العادلة، اذ ليس رأسه اهم من جاك شيراك او حسني مبارك وغيرهما.

أما الشعب السوري، فاني وبقلب صادق لا أتمنى له الحرب الاهلية ولا الانقسام المذهبي الطائفي، ولا التدخل الخارجي لفرض التغيير، لأننا عانينا ويلات هذه الامور وعشنا التجارب المرة من جرائها، ولا نطلبها لعدو، فكيف والشعب السوري مظلوم مثلنا ومضطهد؟

لكننا في المقابل لا نريد للشعب السوري ان يعيش عقدة الخوف من التغيير، والتخوف من تجارب أخرى محيطة لم تحقق النجاح المطلوب الى حينه، او الاقتناع بأن الرئيس الاسد قد تحول ضحية يستدعي وضعه الجديد تضامنا من الضحية الحقيقية مع الجاني الذي يوهم الناس انه ضحية، لأن الفرصة اذا ما ضاعت اليوم فلربما لن تكون متاحة في الزمن الآتي القريب.

النهار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى