صفحات سوريةمازن كم الماز

نداء عاجل لكل شيوعي و يساري سوري

 


مازن كم الماز

الحقيقة أنه يمكن القول بكل بساطة اليوم أن القيادات اليسارية و الشيوعية السورية في أغلبها على الأقل ارتكبت اليوم أيضا خيانة طبقية واضحة , صريحة و أمام أعين الجميع , بوقوفها إلى هذه الدرجة أو تلك ضد الثورة السورية , بوقوفها الصريح و دون أي مداورة إلى جانب العدو الطبقي للجماهير السورية الكادحة , الذي يستغلها و يفرض سلطته الديكتاتورية عليها بقوة القمع الوحشية , و من الطبيعي أنها تستخدم في تبرير موقفها هذا مفاهيم و أفكار و أطروحات تعود إلى فترة ما قبل سقوط أنظمة رأسمالية الدولة البيروقراطية في الاتحاد السوفيتي و أوروبا الشرقية التي سمت نفسها اشتراكية , مفاهيم تهمش الإنسان لصالح السلطة , الحزب , الزعيم , الإيديولوجيا , تماما كما يفعل النظام السوري اليوم , إن ربط مفاهيم السلام الأهلي و المقاومة و علمنة المجتمع باستبداد النظام و قمعه الوحشي و تغوله على الشعب و نهبه للجماهير الكادحة هو اليوم بالتحديد , خاصة منذ بداية ثورة الشعب السوري , خيانة طبقية لمصالح الجماهير السورية الكادحة من جهة و خيانة لقيم و أفكار الحرية و العدالة و المساواة التي قامت عليها الحركة العمالية و الشيوعية العالمية منذ الأممية الأولى من جهة أخرى , صحيح أن هذه الحركة نفسها قد تعرضت للخيانة مرارا من قبل قياداتها البيروقراطية التي احترفت العمل السياسي كمهنة أو كوظيفة تستقل بها دون الطبقة العاملة في الحكومات و البرلمانات البرجوازية أو البيروقراطيات الحزبية الحاكمة في دول رأسمالية الدولة البيروقراطية التي مسخت الشيوعية إلى فكر شمولي يبرر تسلطها أو إلى فكر إصلاحي يبرر مساوماتها مع الطبقات الحاكمة , لكن الصحيح أيضا أن العمال , الكادحين , كانوا دائما يعيدون إحياء نضالاتهم العفوية و الثورية ضد مستغليهم تحت راية الحرية و العدالة و المساواة , تحت راية بناء مجتمع شيوعي لا طبقي و من دون سلطة أو دولة تخضع المجتمع لنهب و تحكم الطبقة المستغلة , مجتمع لا استغلال فيه و لا إكراه أو استلاب , إننا بحاجة اليوم أيضا لانتفاضة في صفوف اليسار السوري , ليس فقط في صفوف القوى المنظمة بالفعل , بل أيضا بين الشيوعيين و اليساريين غير المنظمين و الذين تركوا لأسباب مختلفة هذه الفصائل القائمة , إن سوريا اليوم , و خاصة بعد ثورة الشعب السوري , بحاجة , أكثر من أي وقت مضى , ليسار سوري جديد , و تماما كما أن الشعب السوري يستطيع أن يعيش دون قمع النظام و أجهزة مخابراته و سجونه فإن اليسار السوري يستطيع أيضا أن يوجد دون وصاية قيادات تسمي نفسها تاريخية , بل إن التعريف الحقيقي للحرية اليوم في سوريا , لحرية الجماهير السورية الكادحة , يبدأ بالتخلص من استبداد النظام , تماما كما أن بداية يسار سوري جديد يبدأ بالتخلص من وصاية تلك القيادات على الصوت اليساري السوري و قيامها بتدجينه لصالح النظام , لم نأت إلى صفوف اليسار في سبيل أشخاص , بل لأننا نريد أن نناضل في سبيل تحقيق أحلامنا و آمالنا في العيش بحرية و عدالة و مساواة و أحلام و آمال طبقاتنا الكادحة في الحرية و العدالة و المساواة , لكن هذا الشيء لم يحصل , بل أصبح اليسار السوري الذي أردناه و اعتقدنا أنه قوة تغيير اجتماعية جذرية نحو عالم , نحو سوريا , تقوم على الحرية و العدالة و المساواة , أصبح عبارة عن مؤسسة هامشية بين مؤسسات النظام القائم , إننا نريد أن نمارس ما جئنا لأجله إلى صفوف اليسار , نريد أن نقاوم من يستغلنا و من يقمعنا , و من يستغل شعبنا و يقمعه , لقد فهمنا الشيوعية على هذا الأساس و لم نفهمها كتبرير للاستبداد أو الطغيان أو الاستغلال , بل العكس تماما , و لذلك على كل شيوعي و يساري سوري يرفض القمع و الاستغلال , يرفض أن يغيب صوته أو أن يجير لصالح النظام , يرفض أن يبقى مجرد مستمع , مطيع , لقيادات اختطفت الحركة الشيوعية و اليسارية السورية لحسابها و لحساب النظام , أن يبادر لإطلاق أو للمشاركة في أوسع نقاش ممكن , نقاش حر , لا قيود عليه و لا يخضع لأحد إلا لحرية كل من يريد المشاركة فيه بالتعبير عن آرائه بكل حرية , إلا لإرادتنا جميعا في التغيير و الحرية , نقاش عن أفضل أشكال التنظيم و أفضل أشكال النضال في سبيل أهداف الجماهير الكادحة السورية و في سبيل قيم الحرية و العدالة و المساواة التي ننشدها كيساريين لأنفسنا و لكل سوري و لكل إنسان , صحيح أن الكثيرين منا يرفضون بالفعل وضع اليسار السوري الحالي و صحيح أن الكثير منا يتعاطفون أو يشاركون في فعاليات الانتفاضة السورية لكن تذكروا أن هذا لا يكفي و لا يساعد في تحقيق ما نريد و تريده الجماهير السورية الكادحة اليوم , تذكروا أن قوتنا هي في تنسيق نضالاتنا و جهودنا , هذا لا يعني بناء منظمة فوقية يخضع الأدنى فيها للأعلى مرة أخرى , و لا تشكيل قيادات بيروقراطية محترفة تدخل في بنى السلطة القائمة أو في مساومات فوقية مع النخب الحاكمة أو الطامعة في الهيمنة , بل نتحدث عن منظمة أفقية قاعدية , شبكة تضم أعضاءا متساوين تنسق نضالاتهم و أفكارهم و جهودهم في جهد جبار ضد مستغلي و مضطهدي الطبقات السورية الكادحة , ليس فقط أنهم يملكون جميعا الحق في التفكير و التعبير عن آرائهم و إيصالها للجميع و الدفاع عنها بكل حرية , بل أعضاء يشاركون مباشرة في قيادة و توجيه نضالهم المشترك ضد أعداء الشعب السوري , هذه مجرد أفكار هي أيضا تخطأ أو تصيب , لا أحد يملك الحق اليوم في أن يفرض علينا آراءه , سيكون كل شيء نتاج تفكير و نقاش حر نشارك فيه جميعا , لنختلف و لنمارس حقنا الطبيعي المشروع في الاختلاف و في الحوار و في الجدل و في النقاش , في التفكير و في التعبير , هذا أكثر من طبيعي , بل هذا هو عنوان المرحلة الحالية من الحراك الشعبي العارم في سوريا , لننتزع حريتنا نحن أيضا , لنتناقش حول كل شيء بحرية , و لكن المهم أيضا على نفس الدرجة , أن ننسق نضالاتنا المشتركة في سبيل تحقيق آمال و مطامح العمال السوريين و كافة الجماهير السورية الكادحة , أن ننسق نضالاتنا للمشاركة في الغضبة الشعبية الحالية في سبيل حرية الشعب السوري و دفاعا عن مصالحنا و عن مصالح طبقاتنا الكادحة المستغلة في سوريا اليوم , لتكن انتفاضتنا داخل اليسار السوري جزءا من انتفضة السوريين , الشباب السوري , في سبيل حريته و كرامته و حياته التي سرقها النظام و يفضل ان يدمرها على أن يسمح لها بالعيش بحرية و كرامة و عدالة و مساواة …..

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى