صفحات المستقبلنائل حريري

نزاع على نفط سوريا/ نائل حريري

نائل حريري

 غداة تصريحات غير معتادة من عماد فوزي الشعيبي – أحد مروّجي النظام السوري – على قناة “الميادين” الفضائية انطلقت الأخبار عن حقول النفط والغاز المكتشفة قبالة السواحل السورية والتي تقدر بـ14 حقلاً من أغزر الآبار في المنطقة. بحسب الشعيبي هناك حقل واحد انتاجه قد يكون مساوياً لإنتاج النفط الكويتي. ويستغل الشعيبي هذه التصريحات ليؤكد: “هل عرفتم الآن لماذا هذا الصراع على سوريا ولماذا تتكالب القوى العالمية لفرض هيمنتها على مقدرات وثروات سوريا الطبيعية تحت مسمى ثورات الربيع العربي؟”.

للمرة الأولى تصدر تصريحات بهذا الخصوص من مصادر مرتبطة بالنظام السوري، برغم مرور أكثر من عامين من تجاهل الموضوع الاقتصادي النفطي فيما يتعلق بالثورة. وتحت سطح الصمت الذي يلف هذه القضية تسترجع الآن دراسات أميركية نشرت في العام 2010 عن كنز غازي ونفطي هائل يحوي 122 تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي و1،7 مليارات برميل نفط في حوض ساحلي ومائي “سوري” يمتد من لواء إسكندرونة حتى جنوب غزة، وتتحدث عن جهود إسرائيلية للتنقيب عن النفط والغاز متحديةً القانون الدولي.

 لماذا هذه التصريحات الآن؟ لم يكن التعتيم الإعلامي حول هذا الموضوع مقتصراً على الأحداث التي رافقت الثورة السورية، فبرغم أعمال المسح والتنقيب في عهد الرئيس الراحل حافظ الأسد بالتعاون مع الاتحاد السوفياتي سابقاً بقيت نتائج أعمال المسح سراً بين النظامين السوري وحليفه الروسي. وكان أن خرج وزير النفط السوري العام 2008 ليصرح أن النفط السوري سينتهي تماماً العام 2012 محولاً سوريا إلى بلد مستورد للنفط بشكل كامل.

 هل يحمل هذا الملف سر العلاقة الغرامية بين السوريين والروس؟ روسيا التي تعتبر أحد أكبر موردي الغاز والنفط عالمياً أصبحت تستورد النفط السوري وفق تصريحات رئيس الحكومة وائل الحلقي في تشرين الأول 2012. إذ أكد أن سوريا بدأت بتوريد النفط الخام بمعدل مليون برميل شهرياً إلى روسيا لقاء مقابل مادي أو عيني، الأمر الذي لا يستقيم إلا في ضوء الاسترشاد باتفاقية الغاز المصري الشهيرة مع الإسرائيليين. بعبارة أخرى، نفط سوري يباع بسعر التراب مقابل دعم لوجستي سياسي ومادي كانت المصادر السورية تتفق على وصفه بالودائع والقروض، ولم تتطرق يوماً إلى الحديث عنه كمعونات مباشرة.

 في ظل التدهور المادي الواضح للاقتصاد السوري، تبرز هذه التصريحات المخبأة كمحاولة لإثبات وجود ما يعوض الاقتصاد السوري، وفي الواقع يفسر هذا الملف كثيراً من المبهمات المحلية والدولية. لكنّ الحديث اليوم عن “نفط الساحل” لا النفط السوري ككل. الجزيرة السورية التي سميت تيمناً بحقول النفط مقارنةً مع الجزيرة العربية، يهمش دورها  الذي رسخ في أذهان السوريين كمصدر نفطي رئيسي في مقابل النفط الساحلي الذي يظهر الآن من العدم. قد يحمل هذا التصريح في طياته بوادر خطاب تقسيمي في هيئة اقتصادية توجه تحذيراتٍ مدروسة إلى أنّ الساحل السوري قادر على الاستقلال بنفسه اقتصادياً والنهوض الذاتي في حال استدعى الأمر.

 هكذا تتوضح تفاصيل صفقة ما بين طرفين، نفط الجزيرة مقابل نفط الساحل… وفي وقت تنشر الحكومة السورية و”مستشاروها” الأنباء عن ثروات هائلة في الساحل السوري، تتم التغطية على الدراسات الحقيقية الكاملة بهذا الشأن، ويخبو الحديث عن ثروات النفط المؤكدة في الجزيرة السورية ليتصاعد الحديث عن ثروات نفطية ساحلية لم يتم التثبت من وجودها بعد!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى