صفحات سورية

نقد الثورة السوريّة : ثورة مقطوعة الرأس


حمزة رستناوي

بمناسبة مرور عام على انطلاق الثورة السوريّة , من الواضح للمراقب أنّ هذه الثورة تواجه صعوبات متعدّدة , و أنّ مستقبل سوريا كدولة و وطن مهدّد.

و قبل الشروع في النقد من الضروري التأكيد عن نقطتين:

النقطة الاولى : النقد هو فعل إيجابي يستهدف إلى دعم الثورة و تحصينها من السلبيات التي تعترضها , و الدافع إليه هو المحبّة و الحرص على مستقبل سوريا الانسان و الوطن , سوريا الحرّية و الكرامة , سوريا ملك لكل السوريين و ليس لفرد و عائلة .

النقطة الثانية : إن النظام الاستبدادي في سوريا هو نظام فاقد الصلاحيّة و المشروعيّة , من غير الممكن عمليّا التعايش معه أو البناء عليه و اصلاحه.

(1)

كنتيجة لشدّة القمع الممارس من قبل السلطة , هذا أدّى إلى تصفية أو اختفاء أو هروب معظم النشطاء الشباب الميدانيين المبادرين و الموجّهين للحراك الثوري في الداخل , لذلك اكتسبت المعارضة السياسية للنظام في الخارج و هي بمعظمها سابقة للثورة السورية أهمية كبيرة , و هذه المعارضة الضعيفة المشرذمة أساسا لم تستطع أن ترتقي بحسّها الوطني و الانساني لمستوى تضحيات و آمال الشعب السوري , لتوجد على الاقل اطار سياسي موحّد يكون بمثابة ممثّل سياسي للثورة السوريّة , و متحدّث باسم الثورة اقليميّا و دوليا بغرض التعاون و التنسيق لإنجاح الثورة السوريّة.

إن معارضة سياسيّة لا تستطيع تحقيق حد أدنى من التعاون و التوحّد في مرحلة تاريخية حاسمة كهذه , هي معارضة لا تصلح لأن تكتسب صفتها كمعارضة وطنيّة ديمقراطيّة للنظام الاستبدادي.

من أسباب تشتّت المعارضة الخارجيّة للسلطة هيمنة التفكير الأحادي الجوهراني سواء أكان جوهر شخصي(حب الزعامة) أو جوهر حزبي أو جوهر فئوي طائفي..الخ.

و لكن ما الذي يمنع على سبيل المثال أن تقوم كل الاحزاب السياسية السورية – و هي أحزاب هشّة و ضعيفة أساساً – بحل نفسها و تشكيل إطار معارض تحت عناوين سياسية وطنيّة ديمقراطيّة جامعة تفرضه متطلّبات المرحلة التاريخية ؟!

ما الذي يمنع تشكيل اطار سياسي يضم أحزاب متعدّدة على غرار التجربة الرائدة للقاء المشترك في اليمن أو تفاهمات المعارضة التونسيّة بشقّيها الاسلامي و العلماني قبل و بعد سقوط حكم زين العابدين بن علي ؟

(2)

المعارضات الديمقراطية هي قبل أن تكون معارضة للنظام الاستبدادي هي معارضات ذات هيكلية و رؤى و سلوك ديمقراطي بالحد الادنى.

التخوين كسلوك و موقف يتنافى مع الموقف الوطني الديمقراطي , و قد شهد الحراك السياسي المعارض مماحكات و اتّهامات متبادلة تصل إلى درجة التخوين بين المجلس الوطني و هيئة التنسيق و الجيش الحر ..الخ.

(3)

في حال وجود هيكل أو اطار سياسي وطني ديمقراطي معارض للسلطة يحظى بدعم شعبي ,عندها كثير من الاشكالات الراهنة و السابقة تأخذ طريقها إلى الحلحلة .فقضايا من قبيل : التدخّل العسكري الخارجي , التحوّل إلى العسكرة , المبادرات السياسية المطروحة , التعامل مع القوى الاقليمية و الدولية ,كلها قضايا يجري بحثها بمسؤولية و في اطار المصلحة الوطنية للشعب السوري , بحيث لا تستقوى أجزاء من المعارضة على بعضها بقوى خارجية , و لا تكون العلاقة مع القوى الاقليمية أو الدولية علاقة تبعية ,بل علاقة طبيعية ضمن حدود المصلحة الوطنية , علنيّة و بحيث يكون القرار

السياسي تمثلي و ليس فردي ارتجالي.

(4)

وجود هيكل أو اطار سياسي وطني ديمقراطي يحصّن الثورة السورية من الانجرار إلى نزاع طائفي يسعى اليه النظام , و هو كذلك يعطي اشارات ايجابية للفئات الغير منخرطة بالثورة أو الخائفة منها خاصة من أبناء الاقليات الدينية و العرقية.

و هذا يمنع نسبيا سيطرة فصيل معارض دون غيره على الثورة و استحواذه عليها , و يسحب البساط من تحت النظام بدعاوى أنها ثورة سلفية أو اخوانيّة . و يضعف التأثيرات السلبية للأصوات الطائفيّة و الغير مسئولة التي تظهر بين حين و آخر.

للأسف لا يلوح في الافق اشارات لتوافق سياسي حول قيادة للثورة السوريّة أو نظام ادارة فاعل و مسئول , مما يعتبر خذلانا لتضحيات الشعب السوري و تطويلا لمعاناته تحت حكم الاستبداد .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى