صفحات الثقافة

نهايتك أنت من يختارها


باسم النبريص

يقول سركون بولص. ويقول أيضاً: “لكلّ شئ ٍحدّ، إذا تجاوزتـَهُ، انطلقت عاصفة ُالأخطاء”. لا أعرف لمَ جاء في بالي, الرئيس السوري, وأنا أقرأ تلك القصيدة الرائعة للشاعر العظيم. ربما يغضب عليّ سركون هناك في سكونه وسلامه الأبديين. ومع هذا, لا بأس يا عزيزي. فلن نجد أفضل من كلمات الشعراء الرّائين, لنذكّر بها طغاتنا معدومي البصر والبصيرة. الكلمات العابرة للزمن, حتى لو تناولت حدثاً زمنياً عابراً _ وتلك معجزتك يا سركون.

لقد جاوز الأسد الحدَّ, وها نحن, منذ شهورٍ خمسةٍ ونيّف, نرى ويرى العالم معنا, انطلاق عاصفة الأخطاء والخطايا في سوريا. أخطاء وخطايا تتدحرج ككرة الثلج, فتكبر ساعة بعد ساعة, ويوماً في إثر يوم, حتى تصل إلى مهاجع الأطفال والجدّات. غير مستثنية إلا من استمرأوا عبوديتهم, وأعمتهم مصالحُهم الصغيرة عن رؤية وتقدير الحدث الكبير.

نهايتك أنت من يختارها أيها الأسد الإبن. فكن شجاعاً وحكيماً, ودع شعبك واخرج, أفضل لك وله وللجميع. يكفي ما ألحقت به من خراب, أنت ووالدك وعائلتك والحاشية. خراب سيحتاج إلى سنوات طوال, لكي يتجاوزه: سنوات ربما تضاهي عدد سنوات بقائكم في السلطة لا أقلّ.

طبعاً سيبدو رجائي هذا, كصرخة في بريّة الظلمات. وربما يسخر منه الضالعون في السياسة, بمعناها اليومي المباشر, فماذا تقول وتحلم أنتَ أيها الساذج, والسياسة, مذ كانت, وإلى الأبد: بلا أخلاق, وبلا مشاعر وبلا ضمير!

معلش.

لست من دهاقنة السياسة ولا أريد أن أكون سياسياً بمعناكم أنتم. فما أنا غير مثقف مسيّس بالمعنى العتيق والحزين للكلمة.

مثقف أعيش وأنزف, وبلغة سركون أيضاً, “أرى إصبُعَ رودان في كلّ هذا .أراهُ واقفاً في بوّابة الجحيم، يشيرُ إلى هوّة ستنطلقُ منها وحوشُ المستقبل ..”. وما إصبع رودان هذا في الاستعارة السركونية سوى صواريخ  أطلسية تترى من طائرات رُخ لا قبل لسوريا بها, ولا مقدرة. ولا حاجة أصلاً. فرئيس يفوت ولا أحد يموت. ويكفي مَن ماتوا. بلى. تكفي البيوت التي عشش عليها طائر الخراب الأبدي. تكفي الدماء التي نزفت, والعيون التي بكت, والقلوب التي استوحشت أيها الظلَمَة!

لِيخرُج الأسد, قبل أن يُفني شعبه. وقبل أن ينتقل السيناريو الليبي لدمشق. يكفى الفجيعة الحاصلة في ليبيا. يكفي أن لا أحد يعرف كم وصل عدد الشهداء هناك؟ وكم بيت دُمّر, وكم قرية هُدّمت, وكم مدينة سويّت بالأرض.

 لِيخرُج الأسد, قبل أن يُفني شعبه. وقبل أن نكون بليبيا واحدة, فنصير باثنتين.

نهايتك أنت من يختارها أيها الأسد الإبن. فكن شجاعاً وحكيماً, ودع شعبك واخرج, أفضل لك

وله وللجميع.

اخرج اليوم ببعض كرامة, خير من ألا تخرج, أو تخرج بعد خراب مالطة.

اخرج اليوم, خير لك من قفص حسني مبارك: من مشنقة صدام حسين: من سواد وجه علي عبد الله صالح: من رصاصات شاوشيسكو على الإسفلت.

اخرج, أرجوك, لكي لا تصبح سوريا مثل العراق: شعباً من الأرامل والأيتام.

أخرج, واختر, فنهايتك أنت من يختارها أيها “الرئيس”!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى