صفحات العالم

هل حسمت إسرائيل موقفها من نظام الأسد؟

    رندى حيدر

ثمة قاعدة اساسية تتحكم بسياسة إسرائيل حيال التطورات السياسية التي تشهدها دول المنطقة هي المصلحة الإسرائيلية. فعلى سبيل المثال كانت هذه المصلحة هي التي دفعت إسرائيل الى الوقوف ضد الثورة في مصر وضد موقف الإدارة الأميركية، والتمسك ببقاء نظام حسني مبارك. وهي التي جعلتها تتخوف من صعود “الإخوان المسلمين” الى الحكم في مصر. ففي نظر إسرائيل شكل بقاء نظام مبارك ضمانة للمحافظة على مصالحها الامنية طوال الاعوام الماضية. ولم تتخل إسرائيل عن تخوفها من نظام “الإخوان” في مصر إلا بعد الدور الايجابي الذي اضطلع به محمد مرسي في التوصل الى وقف النار مع حركة “حماس” في غزة الخريف الماضي.

وينطبق هذا ايضاً على الموقف الإسرائيلي من نظام بشار الأسد. فعلى رغم تصدر سوريا جبهة المقاومة ضد إسرائيل، وتشكيلها ركناً أساسياً في المحور الراديكالي إيران – سوريا – حزب الله، فقد حافظ نظام الأسد طوال الاعوام الاربعين الماضية على الهدوء على الحدود الإسرائيلية – السورية، واحترم اتفاق فك الاشتباك الموقع عام 1974. لذا شكل بقاء هذا النظام في نظر إسرائيل ضمانة لها في المحافظة على الستاتيكو في هضبة الجولان.  لكن هذه النظرة بدأت تشهد تغيراً تدريجياً وبطيئاً مع تطور الحرب الأهلية في سوريا، وبصورة خاصة بعد التدخل القوي لإيران و”حزب الله” في المعارك الدائرة هناك. فقد انكشفت امام إسرائيل وجوه اخرى لنظام بشار الأسد، وبدأ يتضح خطأ مقولة “الشيطان الذي نعرفه أفضل من الذي لا نعرفه”. فظهور الدور الإيراني الكبير في سوريا، فتح أعين الإسرائيليين على حقيقة مهمة هي ان نظام بشار الأسد بات اليوم واقعاً بصورة شبه كاملة تحت النفوذ الإيراني، مما يجعله يشكل خطراً مباشراً على إسرائيل، ويغير الى حد بعيد الموازين التي كانت سائدة في الماضي.

حتى وقت قريب كان بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الاسرائيليين، مقتنعاً بان بقاء الأسد أفضل من رحيله وحلول المسلمين الجهاديين المتشددين محله، او تدهور سوريا الى حال من الفوضى الكاملة. ولكن مع بروز دور إيران ومقاتلي “حزب الله” في الحرب الدائرة في سوريا، تبدلت المعطيات، وبدأ التحول في الموقف الرسمي في اتجاه وجهة النظر الإسرائيلية التي تعتبر ان اطاحة نظام الأسد ستضعف إيران وستصب في المصلحة الإسرائيلية، وستساعد إسرائيل في المواجهة المقبلة التي ستخوضها ضد المشروع النووي الإيراني.

ومما لا ريب فيه ان التصريحات السورية وتصريحات زعيم “حزب الله” عن فتح جبهة جديدة في هضبة الجولان، كان لها دورها في تحول الموقف الإسرائيلي نحو تفضيل رحيل الأسد.

النهار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى