صفحات سورية

هل هناك معارضة حقيقية في سورية؟

 


علي الزين

ماذا تتوقع أن يحدث يوم الجمعة في سورية؟ سؤال يُطرح عليّ عشرات المرّات كل يوم. والجواب هو: لا أحد يعلم ماذا يمكن أن يحدث.

والأسباب في عدم معرفة ماذا يمكن أن يحدث ليس لها علاقة بعدم القراءة الصحيحة لمجريات الأمور, بقدر ما هي قلّة للمصادر الموثوقة أو من جهة أولى, عدم وجود أي معطيات أو معلومات دقيقة من نظام يعامل الموضوع بسرية تامة كي لا تفلت الأمور من يده ومن جهة ثانية عدم وجود معارضة بالمعنى السياسي الصحيح للكلمة مما يعقّد الأمر ويجعله عرضة للتأويلات.

لن ندخل هنا في لعبة من يقول الحقيقة ومن يريد الإصلاح ومن لا يريد, ولا نريد أن نناقش موضوع السلفيين ولا موضوع التدخل الخارجي ولا حتى موضوع الفتنة الطائفية والتي أعتقد جازماً أنّ التحضير لها يجري في مطابخ إسرائيلية, لأن إسرائيل هي المسؤول الأول عن التحريض المذهبي والطائفي في منطقتنا.

لكننا نريد أن نناقش الموضوع من زاوية المعارضة,و نتوجه لهم بمجموعة أسئلة, يمكن لها أن تحسم خيارات الأكثرية الساحقة من الشعب السوري والذي يقف اليوم مع الإصلاحات الضرورية ويقف ضد الفساد لكنه لا يقف بالضرورة مع التظاهرات كل يوم جمعة لأسباب أهمّها, أنّ الناس تقول: نحن نعرف هذا النظام ومن هو المسؤول فيه, ونعرف مكامن الفساد فيه لأننا نراها بأم العين.

لكن من هم الذين يقفون وراء المظاهرات التي تدعو إلى إسقاط النظام؟ هل هم أحزاب أم هم أشخاص مستقلون؟ وإذا كانوا كذلك فمن هم؟ وأين هم؟ وما هو خطهم السياسي؟ وماذا يريدون؟ وما هو نوع النظام الذي يريدون؟

هل هم سلفيّون؟ أم علمانيون؟

هي جميعها أسئلة مشروعة تجعلنا نفكر جدياً ويعمق أكبر ونتوجه إلى من هم في المعارضة والذين يكتبون أنّهم مع سورية علمانية ومع فصل الدين عن الدولة وقد قرأنا الكثير من المقالات المعارضة ضد النظام لكنها لم تطرح بدائل بشكل واضح باستثناء مساهمات الأستاذ ميشيل كيلو في هذا المجال.

نريد من المعارضة أن تقوم بإطلاق نوع من القيادة الموحدة, تمثل شرائحها وتعلن للناس بياناً تعلن فيه مواقفها بوضوح للرأي العام السوري.

نريد بياناً شفّافاً يعلن المواقف الواضحة من جميع القضايا السياسية, الاقتصادية, والاجتماعية العالقة. ونريد مواقفاً صريحة وواضحة وشفّافة تقول لنا بدون مواربة ولا لف أو دوران المواقف التالية:

1- الموضوع الداخلي:

أولاً: هل هم مع إسقاط النظام أم مع الإصلاح والتغيير, وإذا كانوا مع إسقاط النظام فأي نظام يريدون؟

ثانياً: هل هم ضد الطائفية السياسية ومع علمنة المجتمع أي مع فصل الدين عن الدولة مما يكفل الحقوق المدنية للجميع؟

2- الموضوع الإقليمي:

أولاً: ما هو موقف المعارضة من الصراع العربي الإسرائيلي؟

ثانياً: ما هو موقف المعارضة من دعم النظام الحالي للمقاومات ضد إسرائيل في لبنان وفلسطين؟

3- الموضوع الدولي:

أين يجب أن تقف سوريا برأي المعارضة من الصراعات الدولية؟

وأين يجب أن تقف فيما يتعلق بالتدخل الغربي في المنطقة العربية؟

عندما نرى بياناً من هذا النوع يعلن للناس عن الهدف السياسي لقوى المعارضة, وبكل وضوح وشفافية, نحن نتوقع من الشعب السوري عندها أن يتخذ المواقف التي يراها مناسبة. وعندها فقط, يستطيع المرء أن يقول: قالت المعارضة وقررت المعارضة.

لكن حتى ذلك اليوم, فليسمحوا لنا أن نقول لهم أنّ ما يحدث من تظاهرات متفرقة في مناطق متفرقة, وفي أيام الجمعة فقط, يعني لا يتعدى كونه تحركات لن تأخذ الناس إلى أي مكان سوى إلى المزيد من الفوضى والعنف.

لم يحدث أن سقطت أنظمة من خلال مسيرات بدأت في الريف وبقيت في الريف. وحتى اليوم, لم نر مظاهرات حقيقية في حلب أو دمشق إلا تلك المؤيدة للنظام.

أحد أصدقائي من المعارضين قال لي منذ عدة أيّام, أنّ السبب بعدم القدرة على حشد مظاهرة كبيرة في دمشق هو أنّ النظام يمنعنا من ذلك!!!

هل ما قاله صديقي هو نسخة غير مكتملة عن بيان سيعلن وقف التظاهرات وإفساح المجال للبدء بإصلاحات داخلية ليس لها علاقة بما قاله أوباما والذي يطل علينا وكأنه حامي الثورات في ما يختار من دول. وكأن السعودية والبحرين ودول الخليج أصبحت أمثولة الديمقراطية في العالم العربي؟ ولا نزال ننتظر.

كاتب سوري

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى