صفحات مميزة

الثورة تتقدم …وعناصر قوتها في الداخل


فايق المير

… حاولت الطغمة الحاكمة وعلى لسان رئيسها التضليل والتعمية على الواقع وإبعاد شبح الثورة الذي كان يحوم فوق السماء العربية عن سوريا , والإدعاء أنًّها مختلفة , وأنًّ القيادة متماهية مع الشعب ومع مطالبه !! .لكنّها لم تفلح في ادعائها , وقد جاءها الرد من أمام وزارة الداخلية ومن حناجر السوريين في سوق الحميدية وهي تردد نداء الكرامة : الشعب السوري ما بينذل .

ـ حاولت الطغمة وبكل السبل وأ د الاحتجاجات الأولى قبل أن تتوسع وتتحول إلى ثورة في درعا الأبية لكنها لم تفلح أيضاً .

ـ حاولت الطغمة حرف الثورة عن سلميتها وعن حرصها على الوحدة الوطنية بمزيد من الشحن والاستحضار الطائفي ,وكل أشكال القتل الممنهج ـ خصوصاً في حمص ـ لكنها لم تفلح أيضاً ؟!.

ـ حاولت نفيَ كل ظاهرات الثورة حين وضعت لكل متظاهر دبابة أو من الطلقات ما يكفي لتمزيقه , وأطلقت عصاباتها وفرق الموت لتمارس القتل والسادية ولترسل من خلال ضحاياها رسائل رعب وإرهاب للشعب الثائر لكنها لم تفلح أيضاً .

ـ استقدمت خبرات الحلفاء الإقليميين بالقمع / إيران , حزب الله , القومي الاجتماعي السوري , وو…/, واستعانت بأصدقائها وحلفائها من عرب ودوليين لتعطيل استنكار العالم وإدانته لجرائمها الوحشية ولم تفلح في ذلك !! .

ـ حاولت الطغمة وبوحشية وقسوة قمع ظاهرة انحياز أبناء الجيش السوري إلى صف الشعب ورفضهم قتل أبنائهم وذويهم فلم تفلح !! , وتحولت هذه الظاهرة النبيلة إلى قوة أساس من قوى الثورة تحمي التظاهرات وشباب الثورة, بل وتردع عصابات الطغمة , وتؤمن الحماية الذاتية للشعب من بطش الطغمة , في ظل تباطؤ المجتمع الدولي وعدم تأمينه لهذه الحماية المطلوبة لحد الآن

الآن وبعد ما يقارب العشرة أشهر على انطلاق الثورة , نجدها أكثر نضجاً وتجذراً في التربة السورية , وهي تنتقل من طور إلى طور كاشفة عن إمكانات لا تنضب , وعن إبداعات مدهشة في النضال من أجل نيل الحرية والكرامة لهذا الشعب الأبيِّ, ليس آخرها الإضرابات المتواصلة والتي يمكن أن تتحول إلى عصيان مدني شامل , ما لم يرحل الطغاة عنًّ بلاد باتت تضيق بهم , وشعب ذاق الأمريّن على أياديهم .

ما أردت قوله : أنّه وبالرغم من محاولات الطغمة لإنهاء الثورة , واستخدامها كل وسائل العنف والقتل وارتكابها جرائم ترقى إلى مصاف الجرائم الإنسانية من أجل ذلك !!, وبالرغم من تباطؤ وتلكؤ الموقف العربي والدولي قي نصرة الشعب السوري , وتحمل مسؤولياته بهذا الخصوص ولأسباب لسنا بصددها الآن , فإنَّ الثورة وبقواها الذاتية ـ قوى الشعب السوري ـ تتقدم وتحقق الانتصار تلو الآخر في الصراع الدائر مع الطغمة الباغية , ونجد أفعالها وممارساتها ـ الطغمة ـ وعلى كل الأصعدة أقرب إلى ردّات الفعل ومحاولات لدرء المخاطر التي باتت تضيّق الخناق عليها , أكثر مما هي نابعة عن سياسات دولة أو حتى سلطة تمسك بزمام الأمور وتتنطح لقيادة بلد ما ؟! . تبدو الطغمة السورية الحاكمة الآن أمام تقدم الثورة وهي فاقدة التوازن تتآكل وتفقد قواها الذاتية / موارد تمويل مالية , تآكل قواها العسكرية ,ضيق القوى والفئات اجتماعية / , وسندها العربي والدولي أيضاً , وتقترب من عزلة خانقة وقاتلة . بهذا المعنى ووفق منطق الأواني المستطرقة الاجتماعي لأي صراع في الحياة , فإنّ تقدم وتوسع أحد طرفي الصراع يعني بالضرورة تراجع الطرف الآخر, بل وبداية النهاية له , خصوصاً عندما يتحول الصراع إلى صراع وجود لامكان فيه للتجاور أو المشاركة كما هو حاصل عندنا , كيف لا ؟! وقد أوصدت االطغمة كل المنافذ أمام الحلول السياسية ومضت في خيارها الشمشوني المدمر . أمام هذه الحالة يصبح الحديث عن تسويات سياسية وو.. ضرب من المحال , ولو حدث وتمَّت فهي لن تكون إلا على حساب الثورة وأهدافها , ولنا في الدرس المصري وما تتعرض له الثورة من محاولات للالتفاف على مطالبها وأهدافها ما يدفعنا لأخذ العبر واستخلاص الدروس . فأمّا أن تكون الثورة والحرية وأمّا أن تكون الطغمة وحلفائها ؟!!.

أقول هذا للمترددين والقلقين والصامتين ولمن هم في صف الطغمة حتى الآن , ولمن لم تتلوث أياديهم بدماء السوريين وبالمال الحرام :أنَّ الوقت لم يفت بعد وإن كان ينفذ بسرعة !!. وأنَّ الثورة ستنتصر …بعد أيام ..أو أسابيع ..أو أشهر… لاشك ولا تراجع عن ذلك , وهي لن تجلب الحرية والكرامة لمن عمل وضحّى من أجلها فقط , وإنِّما لكل الشعب وبمختلف فئاته ومشاربه الاجتماعية , والأهم أنَّ صيرورة قد انفتحت في سوريا بعد عقودٍ من الاستبداد والعهر السياسي, وستكون هناك سوريا جديدة أراد من أراد وأبى من أبى ؟!!. وما كان قبل انطلاق الثورة من استبداد وتسلط واستفراد بالسلطة والثروة لن يكون ,وهو الآن يترنح و في طريقه للزوال !!, فهل يبادر أمثال هؤلاء ويساهموا في استحقاقات الثورة والتغيير , لا من أجل الإسراع في الخلاص وتخفيف الآلام فقط وإنَّما من أجل حكم التاريخ وإنصاف أبنائه . وأقوله أيضاً : للكثير من قادة المعارضة السورية ومن شباب الثورة الذين شدّوا الرحال بعد أولى الجولات في الصراع الدائر وغادروا تحت ذرائع مختلفة , و باعتقادي أنَّ السبب الأساس لهذه الهجرة الغير محمودة يعود إلى قصور لدى هؤلاء في فهم طبيعة هذه الثورة وعناصر قوتها الداخلية , وإلى قناعتهم بل وربما مراهنة البعض منهم على أهمية الدور الخارجي في عملية التغيير الجارية . فنراهم يهجرونها منذ البداية ويذهبون للمرابطة في مراكز صنع القرارات الدولية , اعتقاداً منهم بل ومراهنة على دور يتحصلون عليه أو طموح شخصي لديهم وربما خوفاً وبحثاً عن ملاذ آمن ؟!! , غير مدركين قوة عناصر قوة الثورة الداخلية التي أشرت إليها في البداية وضرورات العمل عليها قبل أيِّ شيء آخر .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى