بدرالدين حسن قربيصفحات سورية

والي الشام السـفّاح وذكرى السادس من أيار..

 


بدر الدين حسن قربي

ســاحتا الشهداء في دمشق وبيروت تشهدان على أنه في الحادي والعشرين من آب/أغسطس 1915 تمّ إعدام أحد عشر رجلاً من المطالبين بالحرية والكرامة، وتبعها في 6 أيار/ مايو 1916 إعدام واحد وعشرين آخرين، بعضهم في ساحة المرجة الدمشقية وبعضهم في ساحة البرج البيروتية. ومن ثم اعتمد فيما بعد تاريخ 6 أيار من كل عام ليكون ذكرى لهؤلاء الرجال وأمثالهم في الشام من أحرار الرأي والكلمة في وجه المستبدين والفاسدين، وللذين استشهدوا دفاعاً عن وطنهم طلباً للحرية والكرامة، كما تمّ إطلاق لقب السـفّاح على جمال باشا والي الشام وأصبح له لقب، وعلى اسمه غلب.

وتتجدد قصة السوريين الثائرين لحريتهم وكرامتهم من أيام جمال السفّاح إلى عهد الأسد الأب وسنينه الثلاثين التي زاد عدد ضحاياها عن عشرات الآلاف قتلاً وتصفية وعشرات الآلاف منفيين في الأرض وأمثال أمثالهم من الأبناء والأحفاد، ومنه إلى عهد الابن الوريث للجمهورية والعهد، وقد دخلت انتفاضة السوريين الشعبية والسلمية طلباً للحرية والكرامة في عهده أسبوعها الثامن بعد أن يئس الناس من وعودٍ بالإصلاح تكررت عبر عشرات السنين من أيام الأب، وتجددت أيام الابن ولكنها لمن تأت بعد. ومع ثورة الحرية والكرامة الحالية، نستدعي الكلام عن الوالي جمال السفّاح بمناسبة الذكرى السنوية ليوم الشهداء، والسوريون يواجهون بصدور عارية القمع والقتل وسفك الدماء على مدار الساعة من قبل قوات الأمن والحرس الجمهوري وشبيحة النظام تحت مبررات كثيرة واهية ومفبركة تتغير من يوم إلى يوم، فهي يوماً مندسون، وأياماً أخرى عصابات مسلحة، وأياماً غيرها متآمرون مأجورون، ومرتبطون حاقدون.

ولئن جعل الوالي جمال السفاح من ساحتين في دمشق وبيروت مسرحاً لتصفية اثنين وثلاثين شهيداً، فإن النظام السوري أراد للوطن بكل مدنه وقراه أن يكون ساحةً لتصفية معارضيه وقتل المتظاهرين المسالمين المطالبين بالحرية والكرامة سلميّة سلميّة، وفي مقدمتهم درعا عروس حوران ورمز ثورة الياسمين السورية، فضحاياه قاربت الألف شهيدٍ فضلاً عن آلاف المعتقلين والجرحى. ولئن كان السادس من أيار يوماً أسود في تاريخ الوالي الباشا العثماني، فماذا يمكن أن تكون أيام تجاوزت الخمسين، يُسفك فيها كل يوم دم الأحرار أبناء الأحرار ولاسيما أيام الجمع بأضعاف أضعاف ما فعله السفّاح الباشا، حتى بات ما فعله الوالي العثماني رغم عظم جريمته التي خّلدت بعيد الشهداء لاشيء يذكر أمام أهوال ومشاهد مجازر الأسابيع السورية الأخيرة للنظام، وبات معها جمال باشا سفّاحاً صعلوكاً لا يستحق الذكر أمام قاتلي شعبهم بالمئات ومحاصريهم ومانعي الطعام عنهم والماء والدواء.

الرحمة والرضوان لمن قدّموا ويقدمون أرواحهم قرابين من أجل حرية سليبة، وكرامة مستباحة على امتداد سورية الوطن وأرض البطولات، من درعا عروس الجنوب ومرابع العز وشعلة الحرية والكرامة المتوقّدة، يتبادلها أحرار سورية وحرائرها من بلد إلى بلد ومن محافظة إلى محافظة، فتلهب قلب المستبدين والجلادين واللصوص والنهابين، وتضرب كراسيهم وتهز الأرض من تحت أرجلهم، تؤكد لأعداء الحرية ومستعبدي الناس من الشبيحة أن الشعب السوري ما بينذل، وأن كرامة الوطن بكرامة مواطنيه حريةً وعدالةً ومواطنةً، يعيشون فيه كراماً آمنين على حياتهم ووطنهم حاضراً ومستقبلاً، وليسوا فيه عبيداً لحاكم ولا رهائن لأزلامه، ولا سدنة لأوثانه، ونداؤهم: اللي بيقتل شعبه خاين، وأن الشعب يريد إسقاط النظام رفضاً للذل والخنوع ولقيم القمع والقهر والفساد من السفّاكين والمجرمين الجدد من المقامرين بأرواح الناس وسرّاق لقمة عيشهم. والويل لكل أعداء الإنسان وقيمه الإنسانية وحقوقه المدنية من سلالة جمال باشا وجنسه من طغاة العصر، والخزي والعار  للسفّاحين الجدد ممن طمسوا ذكرى شهداء 6 أيار بأهوال ما اقترفوا من قتل وارتكبوا من مجازر بحق شعبهم ومواطنيهم.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى