صفحات سورية

وردة وثلاثة اشواك إلى …. روزا ياسين حسن

 


كتبت الأديبة روزا ياسين حسن على صفحتها على الفيسبوك:

((أسفي على طائفتي، ظلمت ثلاث مرات

مرة كان الظلم تاريخياً، وهناك الكثير مما قيل فيه وعنه.

ومرة حينما اعتبر النظام القادم منذ سنة 1970 نظاماً علوياً، وحُسبت الطائفة عليه.

واليوم حين تجبر على الاصطفاف إلى جانب نظام يقتل شعبه، لخوفها الأقلوي، أو لاعتبارات شخصية لدى مجموعات منها، أو لأنها صدقت إعلام النظام فابتعدت عن ثورة شعبها خائفة مشككة بالقادم (الأسود).

واليوم يقتل بعضهم بعضاً من أجل هذا النظام أيضاً.. واأسفي)).

لا أستطيع إلا أن أحترم خوف الكاتبة تجاه طائفتها، وأن أقدم إليها وردة مشتقة من اسمها الآرامي لعل رحيقها يقطع سلسلة الأسف الطويلة التي التفت حول مشاعرها.

لكن الوردة التي أقدمها لها تحمل معها ثلاثة اشواك:

الأولى: لم تكن الطائفة العلوية وحدها عبر التاريخ من عانت من الظلم والاضطهاد، لأن جميع الطوائف والمذاهب بما فيها مذاهب أهل السنة، كان لها في مرحلة ما من مراحل التاريخ، نصيبها من الظلم والاضطهاد. فالأسف هنا ينبغي أن يوجه إلى التاريخ الاسلامي برمته ولا يخصص لجزء منه دون آخر.

الثانية: لا أنكر أن النظام كان وما زال يعتبر  من قبل البعض “علوياً” … لكن هذا الاعتبار من الإفرازات العادية التي يمكن أن تنتج عن مجتمع ورث تركة ثقيلة من فتن الماضي وحروبه الأهلية الدموية والتي ما زالت آثارها تدوّي بين ظهرانينا كأنها حدثت بالأمس. وبالتالي فإن أي نظام قام من قبل أو يقوم من بعد سوف تضفى عليه من قبل الآخرين صبغة طائفته  شاء ذلك أم ابى، وذلك حتى نتمكن من تنظيف عقولنا وأرواحنا مما علق بها من أدران التاريخ ورواسبه.

الثالثة: وهي الأهم، ليس صحيحاً أن الطائفة العلوية مجبرة على الاصطفاف مع النظام ، كما أنه ليس صحيحاً أن كل من يقف مع النظام يفعل ذلك لأنه مجبر، وليس صحيحاً أن العلويين فقط من يقفون مع النظام!!

إضافة إلى أن اختصار الطائفة العلوية بثلاث فئات: إما خائفة أو جشعة أو بليدة وغبية، هو تصنيف جائر ولا يمت إلى الواقع بصلة. والأكثر جوراً منه أن يقال أن أبناء الطائفة يقتل بعضهم بعضاً من أجل النظام، فمن جهة هذا الكلام غير واقعي ولا نعرف من اين جاءت به الكاتبة! فمتى قتلوا بعضهم وأين؟ ومن جهة ثانية إذا كان بين أفراد الطائفة من يرتكب القتل، فإن ارتكاب القتل ليس حكراً على أحد في هذا الزمن الأسود وهناك كثيرون يقتلون ويذبحون ويقطعون الجثث والأعناق بناء على فتوى تأتيهم من خلف البحار؟

وفي الختام أجد نفسي مضطراً أن اقول: عندما يكون الوطن بكامله قد تحوّل إلى جرح نازف، يصبح من العبث أن نتوجع بسبب جراح سطحية في بعض أجزائه. وعندما يكون شبح الفتنة الطائفية مخيماً فوقنا بانتظار ثغرة يقتحم منها إلى تعايشنا، يغدو التركيز في الكلام على طائفة ما من قبيل إغواء الشبح لتعجيل اقتحامه.

وأنا إذ أجلُّ الكاتبة عن أن يكون لديها سوء قصد فيما قالت، وأنها لم تقل ذلك إلا من باب الخوف الغرائزي على بيتها الصغير الذي يحويها رغم أن المفهوم من الكلام هو انتقاد وتوبيخ في ثوب أسف، فإنني أرى من الضروري أن نبتعد عن مثل هذه الكتابات وما يماثلها، خشية أن تقع بين يدي من لا يفهمها بحسن نية فتولد عنده رد فعل غير محمود العواقب. وإذا كان المثقفون يقعون في فخ التعبير عن انتماءاتهم الضيقة بينما انتماؤهم الكبير يكاد يتهاوى، فماذا ننتظر من عوام الناس وبسطائهم؟. لننسى التاريخ الذي مضى قليلاً ونتطلع ولو بعين دامعة إلى التاريخ الذي علينا أن نصنعه.

عبد الله علي : كلنا شركاء

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى