صفحات العالم

5 أسباب لعدم التدخل في سورية


    ترجمة: عوض خيري عن «كاونتر بانش»

فتش عن إسرائيل والمحافظين الجدد في حجج دعاة الحل الخارجي

في 28 من الشهر الماضي كتب المؤرخ العسكري للمحافظين الجدد، ماكس بوت، بالتعاون مع نائب مساعد وزير الدفاع لشؤون الدبلوماسية العامة في إدارة الرئيس السابق، جورج بوش، مايكل دوران افتتاحية في صحيفة «نيويورك تايمز» تحت عنوان «خمسة مبررات للتدخل في سورية الآن». ونورد هنا ان بوت اكتسب سمعة سيئة من خلال تصوراته الخاطئة بشأن الكثير من القضايا المهمة، أبرزها غزو الولايات المتحدة للعراق عام .2003 ويحتل دوران الآن منصب زمالة بارزاً في مركز سابان في بروكينجز.

مهد دوران وبوت لمقالهما بما اطلقا عليه «عقيدة أوباما»، التي هي عبارة عن «التزام نهج متماسك لاستخدام قوة الولايات المتحدة، التي تتبنى الدخول في منطقة النزاع والخروج منها بسرعة، من دون خوض حروب على الأرض أو احتلال عسكري موسع». وأشارا إلى ليبيا مثالاً، من دون ان يذكرا فشل اوباما في استخدام قانون التفويض الحربي، والتحقيق في الخسائر التي تكبدها المدنيون الليبيون جراء قصف حلف شمال الأطلسي (الناتو)، أو أياً من الفوضى التي اعقبت تلك العمليات.

فشل أوباما

ثم وجّها اللوم لأوباما لفشله في تطبيق عقيدته هذه في سورية، حيث «إن هذا التدخل من شأنه ان يفيد الولايات المتحدة اكثر من غيرها»، ويقران بأن «سورية وقعت في اتون الفوضى»، لكنهما يعتقدان ان العلاج يكمن في تغيير النظام وفقاً لمبرراتهما الخمسة التي ساقاها في مقالهما والتي تتمثل في ما يلي:

أولاً: إن اسقاط الرئيس السوري بشار الأسد سيقلص «النفوذ الإيراني في العالم العربي». ونتساءل: أي نفوذ يقصدان؟

فالحكام العرب يكرهون النظام الإيراني، كما ان منطقة شمال افريقيا العربية لا تكترث بما يفعله الرئيس الايراني احمدي نجاد، وان زعيم حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، خالد مشعل، غادر منفاه في دمشق وشجب النظام. وبغض النظر عن بعض تصرفات حكومة رئيس وزراء العراق، نوري المالكي، في بغداد، وتحركات «حزب الله» في جنوب لبنان، فليس لدى العرب سوى القليل من الوقت لطهران.

ويستهدف دوران وبوت بالتأكيد «حزب الله» لارتباطه بهذه القضية ومناوءته لإسرائيل، حيث تعتبر «إسرائيل» الهدف الأسمى للمحافظين الجدد، فمن خلال إسرائيل يستطيع المحافظون الجدد المحافظة على بيئتهم المتطرفة مثلهم مثل رئيس الوزراء الاسرائيلي، بنيامين نتنياهو، خلافاً لنشطاء حركة «السلام الآن» أو الإسرائيليين العرب الذين يمثلون 20٪ من سكان اسرائيل، فمن دون استخدام سورية معبراً لنقل الأسلحة الإيرانية إلى لبنان سيصعب على «حزب الله» الحصول على الإمدادات الحربية خلال دفاعه عن لبنان في المرات المقبلة ضد العدوان الإسرائيلي.

مفارقات

ثانياً: يعتقدون ان صب الزيت على نيران سورية «سيمنع الصراع من الانتشار»، ويشيرون إلى الاضطرابات الطائفية في لبنان والعراق، والاتهامات التركية بأن الأسد يدعم مقاتلي حرب العصابات الأكراد ضد تركيا «من أجل تأجيج التوترات بين الأكراد وتركيا».

ويبدو كأن الأكراد الأتراك يحتاجون الى المساعدة من الحكومة السورية ليشعروا بالتوتر حيال أنقرة، ففي حقيقة الأمر قدم الرئيس السابق حافظ الأسد الدعم للأكراد المتطرفين خلال ثمانينات القرن الماضي، وسلم بشار قيادة بعض القرى الكردية السورية للميليشيات الكردية الصيف الماضي، رداً على دعم الحكومة التركية للمعارضين السوريين، ولكن الحقيقة تقول ان الأكراد تمردوا على الإمبراطورية العثمانية منذ اكثر من 200 سنة. وأدى قيام الدولة التركية الحديثة (أشد المعادين للأكراد) لاشتعال حركات التمرد الكردية في أعوام ،1920 ،1925 ،1930 و.1938 وبدأ التمرد الحالي عام 1984 بعد انقلاب عسكري عام ،1980 وقيام حملات واسعة ضد المجتمع المدني التركي. ومن المفارقات أن العراق الذي كان أكثر الملاذات أماناً للميليشيات الكردية بعد حرب الخليج، اصبح خلاف ذلك بسبب تغيير المحافظين الجدد للنظام بغزوهم العراق عام .2003

من المرجح ان يؤدي أي تدخل اميركي، أو غيرها من الدول في الحرب الأهلية السورية، إلى انتشار الصراع في البلدان المجاورة بدلاً من احتوائه، ولننظر الى المثال الذي ساقه دوران وبوت عن ليبيا، فقد أدى سقوط (الزعيم الليبي السابق معمر) القذافي مباشرة إلى تمرد الطوارق في مالي، حيث ازداد الصراع تعقيداً الآن بعد الدور الذي لعبه فيه كل من الإسلاميين وبعض المتحالفين مع تنظيم القاعدة، والانقلابيين العسكريين في باماكو، لكن متى كان المحافظون الجدد يهتمون بمكان ليس فيه نفط أو مقاومة لإسرائيل؟

ثالثاً: يعتقد دوران وبوت ان على الولايات المتحدة «تدريب وتجهيز شركاء موثوق بهم داخل المعارضة السورية الداخلية»، وهذا سيؤدي ـ حسب زعمهما ـ الى تشكيل حاجز ضد الجماعات المتطرفة مثل «القاعدة» الموجودة حالياً في الصراع، التي تسعى للبحث عن ملاذات آمنة في زوايا سورية غير الخاضعة لسلطة الحكومة». ويبدو هذا مألوفاً لدى المحافظين الجدد الذين يسعون هذه المرة باستماته للحصول على أحمد الجلبي السوري، في اشارة الى الجلبي العراقي.

وكما كانت الحال في العراق فإن تنظيم القاعدة لا يمكن رصده والتعرف إليه قبل بدء الصراع.

رابعاً: إسقاط الأسد «يمكن أن يساعد على تحسين العلاقات مع الحلفاء الرئيسين مثل تركيا وقطر»، لكننا نجد أن المسؤولين الأتراك والقطريين يشتكون من أن الولايات المتحدة لا تقدم للمعارضة السورية الرصاص أو البنادق، لكنها تقدم لهم بدلاً من ذلك مساعدات غير مدمرة. واذا كان الأمر حسب رغبة الزعماء الأتراك والقطريين، كما يعتقد دوران وبوت، فإن الولايات المتحدة ينبغي ان تفرض حظراً جوياً على سورية وتشكيل «مناطق آمنة» للاجئين السوريين في الداخل. ويأمل الكاتبان في إرسال نسخة من تلك الافتتاحية لنشرها في الصحف التركية لدعوة أنقرة على التدخل في سورية، الا ان الواقع يقول ان حكومة رجب طيب أردوغان ليست مهتمة بمهاجمة أحد جيرانها الذي لم يكن في حالة حرب معها.

أهوال

خامساً: يتذكر دوران وبوت الأهوال التي عاناها السوريون من قبل عملاء الأسد، ويذكّرون أوباما بآخر وعوده المتمثلة في «رصد الإبادة والفظائع الجماعية والرد عليها»، واقترحا ان «يكون الحلفاء في المقدمة» مع الابتعاد عن «الانزلاق نحو الحرب البرية»، ويبدو كأن المحافظين الجدد لم يتعلموا شيئاً من أفغانستان أو العراق. ولكن تحدوهم رغبة جامحة في استخدام الطائرات من دون طيار في باكستان واليمن، وضربات جوية على إيران وسورية.

ستيف بريمان – أستاذ مادة «السياسات النفطية» بمعهد رينسيلار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى