صفحات سوريةوهيب أيوب

أأُسودٌ على حوران وأرانب في الجولان..؟!

 


وهيب أيوب

وظلمُ ذوي القُربى أشدُّ مضاضةً .. .. على المرءِ من وقعِ الحسامِ المهنّدِ

“طرفة بن العبد”

بحسب اتفاقية فك الارتباط، عام 74 بين سوريا والعدو الإسرائيلي، أنّه لا يُسمح للجانب السوري إدخال معدات ثقيلة إلى مقربة من خط وقف إطلاق النار على الجبهة السورية في الجولان المحتل. لهذا، يُقال إن النظام السوري طلب إذناً من الإسرائيليين لإدخال دباباته إلى درعا، وقد استجاب الإسرائيليون طبعاً، قائلين له بالتأكيد، تفضّل واقتل شعبك كما تشاء وحيثما أردت.  .

كيف يمكن تفسير هذا الإجرام والإيغال في دماء السوريين من نظامٍ اشتهر بالمزايدة والنفاق على سواه من الأنظمة العربيّة؟ والذي أثبتَ أنّه أسوأها جميعاً وأشدّ قمعاً ودموية وشراسة في قمع شعبه واضطهاده على هذا النحو المريع المُشبع بالكراهية والحقد. فالنظام السوري، التزم مثل الولد الشاطِر بحفظ الأمن والأمان للعدو الإسرائيلي على جبهة الجولان منذ عام 74، ولم يُطلق على العدو رصاصة واحدة، بحيث باتت تلك الاتفاقية بينه وبين العدو أفضل بما لا يُقاس من كامب ديفيد ووادي عربة وأوسلو.

كيف يمكن تعليل هذه الأخلاق الحميدة مع العدو والالتزام الصارم لمدة 37 عاماً بعدم إزعاجه، بينما لا يطيق مظاهرة احتجاجيّة من شعبه، فيمطرهم رصاصاً ومدافع ويحاصرهم بالدبابات، قاطعاً عنهم الماء والغذاء والدواء والحليب وجميع وسائل الاتصالات، ثم تهجير بعضهم عبر الحدود المجاوِرة؟

والحال، فإن جميع الوطنيين والقومجيين الذين ساروا على هدي البعث وحزبه المُشين، من عهد الديناصورات البائدة، مدعوون لإعادة النظر في مفاهيم الانتماء والوطنية والعروبة والقومية الفاشية التي جعلت منهم أُسوداً ووحوشاً ضارية على شعوبهم وأرانب مخذولين على حدود أعدائهم. فالنظام السوري، تارة يقاتل بدماء اللبنانيين وأخرى بالفلسطينيين والعراقيين، وتبقى وظيفته الوحيدة الممانعة، وقمع الشعب السوري وقتله والبقاء في الحكم إلى أبد الآبدين…!

الإعلام السوري الذي فاق كل التصورات بكذبه وتفاهته، ما زال يجِد من هؤلاء الديناصورات الذين حنّطوا ضمائرهم منذ زمنٍ بعيد، هؤلاء ما زالت لديهم الجرأة والوقاحة للظهور على التلفزيون السوري لمشاركة النظام باستباحة دماء السوريين! يدهشني بعض أولئكَ الإمّعات أمثال محمد عبيد وإيميل رحمة ووئام وهاب والأخوين قنديل وبعض الفضائيات اللبنانية، هؤلاء الفاشلون في بلدهم لبنان من تقديم أي شيء يُفيد، وهم يرتعون في لوثتهم الطائفية، يأتون لينظّروا علينا عروبة ومقاومة وممانعة، وتبريراً لجرائم حليفهم النظام السوري الذي أذلّ اللبنانيين كما السوريين، واصفين ما يجري في سوريا بالمؤامرة الخارجية؛ وهم الذين أيّدوا الثورات في باقي الدول! لكنّهم انقلبوا على الشعب السوري، فأيّ انحطاط خلُقي انحدروا إليه…؟!

أما قائدهم حسن نصر الله، الذي فاضت قريحته بمدح الثورات في تونس ومصر واليمن والبحرين وليبيا، نراه قد ابتلع لسانه، أو أنّ القط أكله، إزاء مطالب الشعب السوري واحتجاجاته. فهل هؤلاء دُعاة حريّة وتحرير، أم أنّهم تجّار مشاريع سياسيّة وطائفيّة مكشوفة..؟!

لا يحتاج النظام السوري كثيرا من العقل، لتبيان إجرامه واستبداده وفساده وظلمه للشعب السوري؛ لكن قليلاً من الضمير. فاخجلوا يا من لا ضمير ولا إنسانيّة عندكم.

لقد اختلطت على الناس الأمور، وما عادوا قادرين على التمييز بين العدو والصديق، بين الدبابة السورية والإسرائيليّة، بين شبّيحة النظام والقوى الأمنية وجيش العدو، بين سجون الأعداء وأساليب تعذيبهم، والسجون “الوطنية” ومبالغتها في التعذيب والوحشية وإهانة كرامة الإنسان…!

كيف يمكن لشعبٍ كهذا أن يقاوم أو يُمانع الأعداء، وهو مُداسٌ على رقبته وكرامته، وحقوقه ممتهنة في أبسط أمور الحياة؟ كيف يقوى هذا المواطن على التمييز بينكم وبين الأعداء، إذا كنتم أشدّ بشاعة وهمجية منه بأشواط…؟

لقد صدَقَ عارف دليلة حين قال لكم في إحدى محاضراته التي سُجِن بسببها: “إنّ هذا العمل، لا يفعله إلاّ عدوّ!”.

أذكُر أني قرأت عن رئيس الاتحاد التونسي للشغل، الحبيب عاشور، حين لفّق له النظام التونسي زمن الحبيب بورقيبة في الستينيات، ملفّاً يدينه ثم أدخلوه السجن، وكان قد سُجِن من قِبل الفرنسيين، فطلب منه القاضي إذا كان يودّ أن يقول شيئاً قبل اقتياده للسجن، فقال عاشور للقاضي، نعم، أريد أن أقول لكَ شيئاً واحداً فقط: “إنّه أثناء الاحتلال الفرنسي كان هناك عدل وقضاء أفضل مِما أنتَ فيه الآن”.

لقد أوصلوا الناس للترّحم على عهد الاحتلال والاستعمار، وما زالوا مُصرّين على المضيّ في غيّهم وعنجهيتهم التي فاقت المحتلين، فها هم اليوم يستأسدون على شعبهم في حوران ويتأرنبون في الجولان…!

وهيب أيوب

الجولان السوري المحتل / مجدل شمس

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى