أحداث وتقارير اخبارية

أحداث الأحد 14 كانون الثاني 2018

 

النظام السوري يتقدم في محيط مطار أبو الضهور في إدلب

بيروت – أ ف ب

 

سيطرت قوات النظام السوري اليوم (الاحد)، على عشرات القرى والبلدات الواقعة في ريف حلب القريب من مطار أبو الضهور العسكري، لتشمل 79 قرية على الأقل، بعد طرد «هيئة تحرير الشام» وفصائل اخرى منها، وفق ما أفاد «المرصد السوري لحقوق الانسان».

 

وقال مدير «المرصد» رامي عبد الرحمن: «سيطرت قوات النظام خلال 24 ساعة على 79 قرية على الأقل في ريف حلب الجنوبي، المحاذي لمطار أبو الضهور العسكري».

 

وتخوض القوات السورية منذ ثلاثة أسابيع معارك عنيفة ضد «هيئة تحرير الشام» (جبهة النصرة سابقاً)، وفصائل أخرى للسيطرة على المطار الواقع في ريف ادلب الجنوبي الشرقي على الحدود مع محافظة حلب.

 

وتمكنت القوات من السيطرة على عشرات البلدات والقرى في المنطقة، ودخول حرم المطار قبل أن تتراجع اثر هجوم مضاد للفصائل.

 

ومن خلال هجومها في ريف حلب الجنوبي، تحاول قوات النظام التقدم الى المطار من جهتي الشمال والشرق بموازاة تقدمها جنوبه من ادلب.

 

وخرجت القرى والبلدات الواقعة في ريف حلب الجنوبي عن سيطرة قوات النظام منذ العام 2012، وفق المرصد الذي أفاد بأن «تقدم قوات النظام السريع سببه انهيار هيئة تحرير الشام، وانسحاب مقاتليها ومجموعات أخرى من المنطقة».

 

والى جانب السيطرة على المطار، تهدف قوات النظام الى تأمين طريق حيوي يربط مدينة حلب، ثاني أكبر مدن سورية، بدمشق.

 

وأشار عبد الرحمن إلى أن تقدمها الأخير يقربها من تحقيق هدفها مع سيطرتها على عدد من القرى في محيط بلدة خناصر الاستراتيجية التي يمر عبرها الطريق الدولي.

 

مقتل مدير سجن صيدنايا العميد معتوق

دبي – «الحياة»

 

قتل مدير سجن صيدنايا، أكبر معتقلات النظام السوري، العميد الركن محمود معتوق، المعروف بمسؤوليته عن عمليات تعذيب المعتقلين، وقالت شقيقته منال عبر «فايسبوك» إنه «قتل أثناء خدمته للوطن وشيع أمس في قريته فديو» في ريف اللاذقية الجنوبي.

 

وذكر موقع صحيفة «عنب بلدي» القريبة من المعارضة اليوم (الأحد) انه لم يعرف اذا كان معتوق قتل في المعارك الدائرة بين الجيش والمعارضة أو اغتيل او توفي في شكل طبيعي.

 

وأكدت شبكة «أخبار فديو» مقتل معتوق، وهو أخ الرائد محسن معتوق الذي قتل في معارك مدينة دير الزور. ولم يعلّق النظام السوري رسمياً على الخبر، واقتصر نشر نبأ مقتله على الصفحات الموالية للنظام في مدينة اللاذقية.

 

ونقلت «عنب بلدي» عن الصحافي والناشط الحقوقي دياب سرية، وهو معتقل سابق في صيدنايا، قوله عبر «فايسبوك» إن «معتوق هو المسؤول الأول عن عمليات التعذيب والتنكيل بالمعتقلين داخل سجن صيدنايا».

 

وشهد السجن تصفيات جماعية أبرزها أثناء اقتحامه من قبل الفرقة الرابعة في الجيش النظامي بقيادة ماهر الأسد، في 2008. ووجهت منظمات حقوقية أبرزها «منظمة العفو الدولية» اتهامات متكررة إلى النظام بسبب السجن، واصفة إياه بأنه «المكان الذي تذبح فيه الدولة السورية شعبها بهدوء»، مستشهدة بـ «روايات مرعبة» حول التعذيب الذي تتعدد طرقه منها «السلق بالمياه الساخنة وصولًا إلى الضرب حتى الموت»، بحسب الصحيفة.

 

لكن صفحة معارضة باسم «ذئاب سورية» نقلت عن «مصادر معارضة القول إن سبب الوفاة نوبة قلبية، بينما اكدت مصادر في قريته إنه لقي حتفه اثناء تأديته الخدمة على جبهة حرستا».

 

وتولى معتوق ادارة سجن صيدنايا خلفاً للعميد طلعت محفوض الذي قتل في مكمن لـ «الجيش السوري الحر» في ايار (مايو) من العام 2013.

 

أردوغان: سنسحق وحدات حماية الشعب الكردية في عفرين

اسطنبول – رويترز

 

قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان اليوم (السبت)، إن التوغل العسكري التركي في محافظة إدلب بشمال سورية، سيسحق قوات كردية مسلحة تسيطر على منطقة عفرين المجاورة.

 

وقالت وحدات حماية الشعب الكردية إن القوات التركية المتمركزة في سورية، قصفت قرى كردية عدة في منطقة عفرين اليوم، من دون أن يسقط قتلى أو جرحى.

 

ودخلت القوات التركية إدلب قبل ثلاثة أشهر بعد اتفاق مع روسيا وإيران تحاول بموجبه الدول الثلاث خفض حدة القتال بين القوات الموالية للحكومة السورية ومسلحي المعارضة في أكبر جزء لا يزال خاضعاً لسيطرة المعارضة في سورية. لكن مواقع المراقبة القليلة التي يقول الجيش التركي إنه أقامها، قريبة من الخط الذي يفصل بين المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة العربية ومنطقة عفرين التي يسيطر عليها الأكراد.

 

وأوضح أردوغان أمام مؤتمر لحزبه «العدالة والتنمية» الحاكم في مدينة معمورة العزيز في شرق تركيا أنه «إذا لم يستسلم الإرهابيون في عفرين فسنمزقهم».

 

وذكر أردوغان أن قوات حماية الشعب الكردية تحاول إقامة «ممر للإرهاب على حدود تركيا الجنوبية، يربط عفرين بمنطقة كبيرة يسيطر عليها الأكراد إلى الشرق».

 

وكانت تركيا شرعت العام 2016 في هجومها العسكري (درع الفرات) في شمال سورية، لطرد تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش) من الحدود، وإقامة منطقة عازلة بين الأراضي التي يسيطر عليها الأكراد.

 

وذكر الرئيس التركي في إشارة إلى عفرين «تمكنا بفضل عملية درع الفرات من قطع ممر الإرهاب في منتصفه. استهدفناهم ذات ليلة فجأة. وبعملية إدلب فإننا نقوم بهدم الجناح الغربي».

 

وأضاف أن «تركيا قد تطرد وحدات حماية الشعب من منبج». وتقع المدينة التي يغلب العرب على سكانها غربي نهر الفرات، وتطالب تركيا منذ فترة طويلة بأن ينسحب المقاتلون الأكراد إلى شرق النهر.

 

وتابع: «إذا خالفوا تعهداتهم في منبج، فسنأخذ الأمر بأيدينا إلى أن لا يتبقى هناك إرهابيون. سيرون ماذا سنفعل في غضون أسبوع».

 

وتركيا داعم كبير للمعارضة التي تقاتل للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لكنها منزعجة من قوة القوات الكردية، التي تقول أنقرة إن لها صلة بالفصائل الكردية المسلحة التي تقاتل في جنوب شرقي تركيا.

 

وانتقدت الولايات المتحدة لتسليحها وحدات حماية الشعب الكردية والمقاتلين العرب في «قوات سورية الديمقراطية» التي طردت «داعش» من الرقة وأجزاء أخرى من سورية.

 

وقال أردوغان إن «الولايات المتحدة أرسلت 4900 شاحنة من الأسلحة في سورية. نحن نعرف ذلك. الحلفاء لا يفعلون هذا… نحن نعرف أنهم أرسلوا ألفي طائرة مليئة بالأسلحة».

 

أردوغان لواشنطن: سنبدد المقاتلين الأكراد في أسبوع

بيروت – «الحياة»، رويترز

 

هدّد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بتدمير معاقل «وحدات حماية الشعب» الكردية في مدينة عفرين شمال سورية، إذا لم يستسلم عناصرها. وجدّد في تصريحات أمس، تأكيده عزم بلاده على منع إنشاء «حزام كردي» شمال سورية، وهدّد بأن القوات التركية «ستدمّر الجناح الغربي للحزام» من خلال عملية في محافظة إدلب. وأكّد أن «عملية إدلب ستُفشل محاولات الإرهابيين في عفرين كما أفشلناها في درع الفرات»، مضيفاً: «إن لم يستسلم الإرهابيون سنقوم بعملنا».

 

وشنّ أردوغان هجوماً على الولايات المتحدة على خلفية دعمها المقاتلين الأكراد، وقال: «أميركا تظن أنها أسست جيشاً ممن يمارسون السلب والنهب (في سورية)، وسترى كيف سنبدد هؤلاء اللصوص في أقل من أسبوع». وأضاف، موجهاً حديثه إلى واشنطن: «عندما تلبسون إرهابياً زياً عسكرياً، وترفعون علم بلادكم على مبنى يتحصن فيه، فهذا لا يغطي الحقيقة»، مضيفاً: «الأسلحة الأميركية أرسلت إلى المنطقة بواسطة آلاف الشاحنات والطائرات، يباع جزء منها في السوق السوداء، والجزء الآخر يستخدم ضدنا».

 

وتابع: «سبق وقضينا على 3 آلاف مسلح من تنظيم داعش الإرهابي ما بين مدينتي جرابلس والباب (منطقة درع الفرات)، وإن لزم الأمر فسنقضي على 3 آلاف إرهابي آخر في تلك المناطق. نحن مصممون على وأد الفتنة بطريقة أو بأخرى».

 

وتزامناً مع تصريحات أردوغان، قصفت القوات التركية المنتشرة في سورية بموجب اتفاق «خفض التوتر»، من موقعيها في قرية كفرلوسين في ريف إدلب ودارة عزة في ريف حلب الغربي، مراكز لـ «وحدات حماية الشعب» الكردية في محيط مدينة عفرين بنحو 25 قذيفة مدفعية، كما أفادت مواقع إخبارية محسوبة على المعارضة.

 

من جهة أخرى، أكد وزير الخارجية التركية مولود جاويش أوغلو أن الأوضاع في سورية «لن تتحسن تماماً» ما لم يتم التوصل إلى الحلّ السياسي. وأثنى في تصريحات أمس على نتائج عملية «آستانة» مع روسيا وإيران، معتبراً أن «الوضع في سورية أصبح أفضل» نتيجة «الخطوات التي أقدمنا عليها». لكنه تساءل: «هل الأوضاع جيدة تماماً؟ لا ليست كذلك»، وأضاف: «الأوضاع لن تتحسن تماماً ما لم يتم التوصل إلى حل سياسي يحقق الاستقرار في سورية»، مؤكداً أن تركيا تركز على مسار الحل السياسي «وتلعب دوراً كبيراً» في هذه العملية. وأشار إلى مشاركة إيران وروسيا في مسار الحلّ السياسي، فضلاً عن دورٍ للولايات المتحدة. وأكد في السياق أن لأوروبا وجوداً في العملية وهي «ليست مهمّشة».

 

في غضون ذلك، شدّد وزير الدولة البريطاني لشؤون الشرق الأوسط أليستر بيرت، على أهمية مفاوضات جنيف للتوصل إلى تحقيق السلام في سورية. واعتبر في تغريدات بعد اجتماعه مع المبعوث الدولي إلى سورية ستيفان دي ميستورا مساء أول من أمس، أن محادثات جنيف هي «السبيل الوحيد» لتحقيق سلام مستدام في سورية. وأعرب المسؤول البريطاني عن قلق بلاده إزاء تصاعد العنف في محافظة إدلب وغوطة دمشق الشرقية، وطالب النظام السوري بالالتزام بوقف إطلاق النار المتفق عليه والمشاركة في العملية السياسية والسماح فوراً بدخول المساعدات الإنسانية إلى المناطق المحاصرة.

 

وفد ديبلوماسي أميركي

 

إلى ذلك، أفادت وكالة «الأناضول» أمس، بأن وفداً أميركياً برئاسة الديبلوماسي ماكس مارتن زار مناطق سيطرة المقاتلين الأكراد شمال سورية مساء الجمعة، والتقى عدداً من القيادات الكردية. علماً أن مارتن، مثّل الولايات المتحدة خلال اجتماعات «آستانة» لكنّه غاب عن الاجتماع الأخير في كانون الأول (ديسمبر) الماضي.

 

واجتمع مارتن والوفد المرافق بآلدر خليل القيادي البارز في «حركة المجتمع الديموقراطي» (ائتلاف أحزاب كردية أبرزها «حزب الاتحاد الديموقراطي»)، إضافة إلى فوزي يوسف وبدران جيا كرد، اللذين قدما من جبال قنديل معقل «حزب العمال الكردستاني» شمال العراق، كما أفادت «الأناضول».

 

وأبلغت القيادات الكردية الوفد الأميركي مطالبهم المتعلقة بإقامة النظام الفيديرالي في سورية. وفي وقت لاحق، انتقل الوفد إلى منطقة عين العرب (كوباني)، للقاء قائد «قوات سورية الديمقراطية» (قسد) فرهاد عبدي شاهين الملقب بـ «شاهين جيلو». واجتمع الوفد أيضاً بأعضاء «مجلس الرقة» لمناقشة مسألة إعادة إعمار المدينة.

 

وكان خليل، الذي يُعدّ «مهندس» خطط إقامة الحكم الذاتي للأكراد في شمال سورية، توقّع أن يستمرّ الصراع في البلاد إلى العقد المقبل. ورأى في مقابلة صحافية الجمعة، أن المساعي التي تقودها روسيا لإنهاء الحرب في سورية «ستبوؤ بالفشل». وفيما أكد مشاركة «المجتمع الديموقراطي» في «مؤتمر الحوار الوطني السوري» المرتقب في سوتشي نهاية الجاري، وصفه في المقابل بأنه «استعراض لن ينجح».

 

ورجّح القيادي الكردي فشل مساعي جنيف لحلّ الأزمة، متوقعاً أن يشهد النزاع السوري «مرحلة مدّ وجزّ» وصولاً إلى عام 2021 على الأقل، وهو العام الذي تنتهي فيه الولاية الحالية للرئيس السوري بشار الأسد.

 

واعتبر، في المقابل، أن القوات الأميركية المنتشرة في سورية «غير مستعجلة» لمغادرة المناطق التي ساعدت فيها المقاتلين الأكراد ضد تنظيم «داعش»، وتوقّع أن تتطور العلاقات مع واشنطن مع بدء المساعي الأميركية لإعادة الإعمار. وأضاف أن «تحقيق الأهداف الأميركية بمساعدة مدن مثل الرقة على التعافي ينطوي على التزام مدته 18 شهراً إلى عامين على الأقل».

 

وحذر من أن الخلايا النائمة لـ «داعش» تمثل خطراً كبيراً، واعتبر أن الحرب ضد التنظيم الإرهابي لم تنتهِ، مضيفاً: «الآن بدأت المرحلة الأصعب». وأشار إلى أن «داعش» يتمدد في مناطق جديدة و «الأتراك قد يحاولون إثارة المشاكل في بعض المناطق».

 

وعلى رغم تنديد النظام السوري بالقوات الكردية المدعومة من الولايات المتحدة وحلفائها ووصفهم بأنهم «خونة»، أكد خليل أن القوات النظامية عاجزة عن مهاجمة المناطق الخاضعة لسيطرة الأكراد، وحذّر من أنه في حال شنّ النظام هجوماً فـ «قواته جميعها ستُقتل».

 

أردوغان يهدد بــ «تدمير وتبديد» حلفاء أمريكا شمال سوريا والجيش التركي يبدأ قصفا مكثفا للوحدات الكردية في «عفرين»

إسطنبول ـ «القدس العربي» من اسماعيل جمال: لم يكد يُنهي الرئيس التركي رجب طيب أردوغان خطابه الذي توعد فيه، امس السبت، بـ»تدمير وتبديد» حلفاء أمريكا في شمالي سوريا، حتى بدأ الجيش التركي بتنفيذ ضربات مدفعية غير مسبوقة من حيث الكثافة ضد مواقع وحدات حماية الشعب الكردية في «عفرين»، في إشارة على ما يبدو إلى قرب العملية التي هددت تركيا بتنفيذها مراراً على مدار الشهور الماضية.

وحسب ما أكدت مصادر سورية وتركية متطابقة نفذت المدفعية التركية بدءاً من ظهر السبت عشرات الضربات المدفعية ضد عدد من المواقع العسكرية التي يتمركز فيها مسلحو تنظيم «ب ي د» الذي تقول تركيا إنه الامتداد السوري لتنظيم «بي كا كا الإرهابي»، فيما تحدثت وكالة الأناضول الرسمية عن تنفيذ الجيش لـ36 رشقه مدفعية شملت مناطق «باصوفان»، و»جنديريس»، و»راجو»، و»دير بلوط»، في عفرين.

وفي تطور لافت شاركت المدفعية التركية المتمركزة في نقاط المراقبة التي أنشأها الجيش التركي بموجب اتفاق مناطق خفض التوتر في إدلب بتنفيذ الضربات وذلك لأول مرة، حيث يُقيم الجيش التركي 3 نقاط مراقبة داخل إدلب بموجب الاتفاق الأخير مع روسيا وإيران، وأُعلن قبل أيام عن بدء الجيش التركي بإقامة نقطة المراقبة الرابعة.

وبموجب الاتفاق يفترض أن يُقيم الجيش التركي 12 نقطة مراقبة لخفض التصعيد والتوتر في إدلب، لكن الجيش التركي بدأ بإقامة النقاط الممتدة على طوال الخط الفاصل بين إدلب وعفرين، وذلك في خطوة قالت وسائل إعلام تركية إنها تهدف إلى منع تمدد الوحدات الكردية نحو إدلب، واستخدام هذه النقاط في العملية العسكرية المرتقبة ضد عفرين، فيما أظهرت صور بثها الجيش التركي لأول مرة إحدى نقاط المراقبة التي بدت كموقع عسكري يحتوي على عشرات المدرعات والآليات وأنظمة الصواريخ.

هذه التطورات الميدانية جاءت بالتزامن مع تهديدات الرئيس التركي بـ»تدمير» معاقل الوحدات الكردية في عفرين «في حال عدم استسلام المسلحين»، وقال أردوغان في خطاب أمام أعضاء من الحزب الحاكم، السبت: «من خلال عملية درع الفرات غرزنا خنجراً في مشرع الممر الإرهابي، وندمر الجناح الغربي للحزام من خلال عملية إدلب. وعلى الجميع أن يعلموا أنه في حال لم يستسلم الإرهابيون بعفرين فسوف ندمرهم».

وأضاف أردوغان: «من يصر على تقسيم بلادنا فسنهاجم أوكاره بطائراتنا ودباباتنا ومدافعنا»، وهاجم سياسات أمريكا في سوريا بقوة، مخاطباً واشنطن بالقول: «عندما تلبسون إرهابيا زيا عسكريا، وترفعون علم بلادكم على مبنى يتحصن فيه (شمالي سوريا)، فهذا لا يغطي الحقيقة. الأسلحة (الأمريكية) أرسلت إلى المنطقة بواسطة آلاف الشاحنات والطائرات، يباع جزء منها في السوق السوداء، والجزء الآخر يستخدم ضدنا»، وأضاف: «أمريكا تظن أنها أسست جيشا ممن يمارسون السلب والنهب (في سوريا)، وسترى كيف سنبدد هؤلاء اللصوص في أقل من أسبوع».

وتعارض أمريكا بقوة أي توجه تركي لمهاجمة الوحدات الكردية في سوريا، ودعمت طوال السنوات الماضية هذه الوحدات تحت غطاء «قوات سوريا الديمقراطية» التي تتكون في معظمها من الوحدات الكردية، وتقول أنقرة إن واشنطن دعمت هذه القوات ب4 آلاف شاحنة أسلحة لتحولها إلى جيش فعلي يُقيم «دولة إرهابية» على الحدود السورية مع تركيا تكون بمثابة أداة أمريكية للضغط على تركيا.

 

سيتم الرد بالمثل

 

في السياق ذاته، توعد رئيس الوزراء التركي، بن علي يلدريم، السبت، بالرد على الهجمات الموجّهة ضد بلاده عبر حدودها الجنوبية (مع سوريا)، وقال: «ينبغي أن يعلم الجميع بأن الهجمات والاعتداءات الموجّهة ضد تركيا ومواطنيها عبر حدودها الجنوبية لن تبقى بدون رد»، مضيفاً: «سيتم الرد بالمثل على الذين يحاولون إلحاق الضرر ببلادنا من الداخل والخارج عبر الإرهاب».

وبالتزامن مع هذه التطورات، قال موقع «خبر7» الإخباري التركي إن مصادر مقربة من المباحثات الأخيرة التي جرت في أستانا قالت إن روسيا وإيران ردوا على الطلب التركي بالقيام بعملية عسكرية في عفرين بأن الأمر يعود لها وأن موسكو وطهران لن يعيقا العملية، لافتةً إلى أن المعضلة الأخيرة ما زالت تتمثل في الموقف الأمريكي المعارض.

وخلال الأيام الماضية، تصاعدت الخلافات بين تركيا والولايات المتحدة الأمريكية على خلفية استمرار تقديم الدعم للوحدات الكردية في سوريا، ولهذا السبب استدعت الخارجية التركية، الخميس، القائم بالأعمال الأمريكي في العاصمة أنقرة «فيليب كونسيت»، وأبلغت الخارجية التركية «كونسيت» انزعاجها من مسألة الدعم المقدم إلى تنظيم «ب ي د»، والجمعة، حذرت تركيا مواطنيها من السفر إلى أمريكا عقب تحذير أمريكي مشابه.

وما زاد حدة الغضب التركي من واشنطن، قيام وفد من وزارة الخارجية الأمريكية، الجمعة، بتنظيم زيارة إلى المناطق التي تسيطر عليها الوحدات الكردية في شمالي سوريا، وقالت تركيا إن الوفد التقى مع قيادات خطيرة من تنظيم ب ي د وبي كا كا «الإرهابيين» ومنهم من جاء من جبال قنديل شمالي العراق حيث تتمركز قيادات تنظيم العمال الكردستاني.

ولا تبدو التطورات الأخيرة في عفرين بمعزل عن التطورات التي سبقتها في إدلب لا سيما مع وجود اتهامات روسية غير مباشرة لأمريكا بالمسؤولية عن هجوم الطائرات بدون طيار الذي استهدف قاعدتين رئيسيتين للجيش الروسي في سوريا، وما تبع ذلك من محاولات روسية «لابتزاز» تركيا، وسط محاولات من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لاستغلال التطورات الأخيرة لصالح إطلاق عملية عسكرية ضد الوحدات الكردية في عفرين.

وفي حين تدفع روسيا بشكل غير مسبوق باتجاه إجبار تركيا على الدخول في مواجهة مباشرة مع المجموعات المسلحة في إدلب وخاصة جبهة تحرير الشام «النصرة سابقاً»، وهو ما سعت تركيا لتأجيله كثيراً منذ اتفاق مناطق خفض التصعيد، يحاول أردوغان إنجاز عملية «عفرين» بغطاء روسي.

هذا الأمر ظهر جلياً في التصريحات التركية والروسية عقب سلسلة الاتصالات التي جربت بين الرئيسين رجب طيب أردوغان وفلاديمير بوتين، وبين وزيري الخارجية مولود جاويش أوغلو وسيرغي لافروف، وبين كبار المسؤولين في الجيش والاستخبارات من الجانبين، حيث جرى التأكيد على أن الجانبين اتفقا على تعزيز وتنسيق جهود محاربة الجماعات الإرهابية في سوريا»، وهو ما يؤشر بالتأكيد إلى جماعات غير تنظيم «الدولة» الذي أعلنت روسيا هزيمته ولم يتبق منه سوى بعض الجيوب في مناطق متفرقة من سوريا.

كما أجرى أردوغان مباحثات مطولة مع قائد الجيش خلوصي أكار، ورئيس الاستخبارات هاكان فيدان عقب اتصاله مع بوتين، دون الإفصاح عن فحوى هذه المباحثات.

مصادر خاصة مقربة من الرئاسة التركية تحدثت لـ»القدس العربي» أكدت أن موسكو تسعى بقوة لاستغلال التطورات الأخيرة في إدلب من أجل ممارسة مزيد من الضغوط على تركيا و»ابتزازها» فيما يتعلق بالوضع في سوريا، وذلك من خلال التأكيد للمسؤولين الأتراك في الاتصالات التي جرت الأيام الماضية على أن «هجوم الطائرات» انطلق من مناطق النفوذ والسيطرة التركية، متهمين تركيا بأنها لا تمتلك «السيطرة الكافية» على الفصائل المعارضة في إدلب وأن المخابرات الأمريكية تعمل مع هذه الفصائل بعيداً على الرقابة التركية.

محاولات الابتزاز هذه، أكد المصدر الذي رفض الكشف عن اسمه أنها تأتي على الرغم من تصريحات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الأخيرة، حيث أبدى بوتين في تصريحات صحافية، الخميس، عن «قناعته بأن لا علاقة لأنقرة لهجوم الطائرات الأخير»، والتي قالت روسيا إنها انطلقت من إدلب لا سيما «مناطق خفض الاشتباك» الواقعة تحت سيطرة تركيا.

ونقلت وسائل إعلام تركية عن بوتين قوله: «أنا مقتنع بأن لا علاقة للعسكريين ولا للسلطات التركية بهذا الأمر».

 

الهجوم استفزاز

 

وركزت وسائل الإعلام التركية وكبار المحللين الأتراك على اعتبار أن الهجوم الذي حصل على القواعد الروسية تم التخطيط له على الأغلب من قبل واشنطن وأنه هدف إلى الإيقاع بين الدول الثلاث الضامنة لاتفاق مناطق خفض الاشتباك وهي روسيا وتركيا وإيران، وهو ما ألمح إليه بوتين أيضاً بالقول: «الهجوم استفزاز يهدف إلى تقويض الاتفاقات التي تم التوصل إليها بين موسكو وأنقرة وطهران، والى تدمير علاقات موسكو بكل من إيران وتركيا».

مصادر تركية رجحت لـ»القدس العربي» أن تكون أنقرة لا تعارض الموقف الروسي بالتخلص من الجماعات «المتشددة» في إدلب، لكنها تفضل الانتهاء أولاً من إقامة نقاط المراقبة في المدينة لتسهيل العملية وتمكين الجيش التركي من المنطقة.

وفي المقابل، تسعى تركيا لاستغلال الغضب الروسي على الولايات المتحدة وحلفائها في سوريا من أجل انتزاع موقف روسي نهائي بإعطاء أنقرة الضوء الأخضر بالقيام بعملية عسكرية لطرد مسلحي الوحدات الكردية من مدينة عفرين شمالي سوريا، وهو ما تسعى له أنقرة بقوة منذ أشهر.

 

إسماعيل جمال

 

روسيا تستمر في تنفيذ منطقة «خفض التصعيد» وعيون تركيا مفتوحة على عفرين فقط

منهل باريش: أوقفت فصائل الجيش الحر تمدد قوات النظام في شرقي إدلب بعد أصبحت على أسوار مطار أبو الظهور الحربي من الجهة الجنوبية إثر سيطرتها على قرية تل سلمو الملاصقة للمطار.

وشنت سبعة فصائل من الجيش الحر وثلاثة إسلامية هجوما واسعا على قوات النظام من المحور الممتد من قرية عطشان في ريف حماة الشمالي (شرق مدينة مورك) وصولا إلى قرية أم الخلاخيل في ريف إدلب الجنوبي.

وقسم محور الهجوم على ثلاثة قطاعات، ضم الأول أربعة فصائل هي: جيش العزة، حركة أحرار الشام الإسلامية، حركة نور الدين الزنكي، وجيش الأحرار تسلمت القطاع الممتد من بلدة عطشان جنوبا إلى بلدة الخوين شمالاً فيما انضوى فيلق الشام، جيش النصر، جيش إدلب الحر، جيش النخبة، والجيش الثاني في القطاع الثاني الممتد من الخوين إلى أرض الزرزو. وانفرد الحزب الإسلامي التركستاني بالقطاع الثالث الممتد من أرض الزرزور وصولا إلى أم الخلاخيل والمشيرفة الشمالية.

واخترقت الفصائل خلال ساعات قليلة الخط الأول وسيطرت بالتوازي على عطشان والخوين وأم الخلاخيل وتقدم في اتجاه سكة قطار الحجاز وصولا إلى أم حارتين، وسيطرت على نحو 16 بلدة وقرية ونقطة عسكرية بعمق تجاوز الثمانية كيلو مترات.

فصائل المعارضة استفادت من سرعة انتشار قوات النظام وحلفائها وتقدمها شمالا باتجاه أبو الظهور، وعدم تحصين خطوط دفاع في القرى والبلدات التي تقدم إليها النظام خصوصا بلدة الخوين وأم حارتين وأم الخلاخيل.

وأسرت فصائل المعارضة نحو 50 أسيرا في مناطق متفرقة أغلبهم حوصروا داخل بلدة الخوين ويتبعون إلى الفيلق الخامس المشكل مؤخرا والذي تشرف عليه القوات الروسية العاملة في سوريا . يشار إلى أن عددا كبيرا من الجنود الذين نعتهم صفحات النظام كانوا من المهندسين ومن كبار السن الذين سيقوا إلى الاحتياط الإجباري وهو ما ينطبق على الأسرى أنفسهم حسب مصادر من الجيش الحر.

بعد ساعات من تقدم فصائل المعارضة امتصت قوات النظام وحلفاؤها الهجوم الواسع على المحاور وأوقفت تقدم مقاتلي المعارضة من خلال القصف براجمات الصواريخ على كامل القرى والبلدات المسيطرة عليها، ما أوقع إصابات كثيرة في صفوف المقاتلين ومنع مقاتلي المعارضة من التقدم إلى قرية أبو دالي أبرز أهداف الفصائل المهاجمة.

وتدخلت القوات الفضائية الروسية بعنف كبير إذ ركزت عملياتها الجوية في ريف إدلب الجنوبي والقرى والبلدات المنشرة بين سكة القطار وطريق حلب ـ دمشق الدولي . كما قصفت كامل القرى والبلدات المجاورة لطريق أبو الظهور- سراقب وركز قصفها على بلدة تل الطوقان ( أكبر البلدات غرب أبو الظهور) التي تعرضت لقصف مستمر مدة أسبوعين متواليين. مع ليل الخميس تراجعت فصائل المعارضة في القطاعين الجنوبي (عطشان) والأوسط (الخوين)، فيما صمد مقاتلو الحزب الإسلامي التركستاني في المحور الشمالي وحافظوا على تقدمهم في محور أم الخلاخيل الزرزور. وأوقع مقاتلو التركستان رتلا لقوات النظام في كمين محكم قتلوا خلاله نحو 40 عنصرا وسيطروا على كامل العتاد العسكري من دبابات ورشاشات ثقيلة وصواريخ م/د وقواعدها وعلى ذخائر متنوعة وسيارات رباعية الدفع.

من جهته، تقدم تنظيم «الدولة الإسلامية» شمالا وسيطر على بلدات عدة جنوب منطقة البويدر بدون أي مقاومة تذكر من «تحرير الشام» التي تسيطر على البادية شرق منطقة أبو الظهور وصولا إلى خناصر. ما يعني احتمالية أن فرضية التفافه إلى إدلب من شمال أبو الظهور مازالت قائمة بل وأصبحت أكثر وضوحاً.

سياسياً، اعتبر سياسيون سوريون معارضون أن تدخل «فيلق الشام» بشكل كبير في المعركة وظهور عربات مدرعة ناقلة للجند هو بمثابة اعتراض تركي مباشر على العمليات الجارية في ريفي إدلب وحماة الشرقيين. وترافق الهجوم مع تصريحات وزير الخارجية التركية المنتقدة للتقدم النظام وحلفائه، واستدعاء سفيري موسكو وطهران للاستفهام عما يجري في منطقة «خفض التصعيد». وانتهت التصريحات المتبادلة بين انقرة وموسكو باتصال هاتفي بين الرئيسين بوتين واردوغان ليل الخميس. شدد خلالها الرئيس التركي على «ضرورة وقف النظام السوري لهجماته وطالب اردوغان بوتين «بالضغط على نظام الأسد لوقف الهجمات على المدنيين بشكل فوري في إدلب والغوطة»، معتبرا أن «وقف الهجمات سيكون له دور مهم بالنظر إلى

 

عملية أستانا ومؤتمر سوتشي للحوار الوطني»

 

التصريحات التركية – حتى اللحظة ـ لا تشير إلى أي خلاف في ما يحصل في إدلب خصوصا مع عدم اتهام انقرة للضامنين الروسي والإيراني بخرق اتفاق «خفض التصعيد» وتحميل المسؤولية فقط للنظام السوري وربط ذلك بإنجاح مؤتمر سوتشي فقط.

إلى ذلك نشرت المعرفات الخاصة بقاعدة حميميم تصريحا للناطق الرسمي اليكسندر ايفانوف يشير فيه إلى ان «الهجوم الذي تشنه القوات الحكومية بدعم من القوات الجوية الفضائية الروسية في منطقة خفض التصعيد في إدلب لا يتنافي مع بنود الاتفاق» ونوه إلى «عدم اشتمال التنظيمات المتطرفة باتفاقية خفض التصعيد وقد تعهدنا سابقا بالقضاء على تنظيم جبهة النصرة في جميع مناطق سوريا خلال هذا العام».

التغيرات العسكرية على الأرض والتصريحات التركية توضح إلى حد كبير أن انقرة تدرك أن روسيا وحلفاءها يتقدمون ضمن منطقة خفض التصعيد مع بعض التجاوزات في مناطق غرب سكة قطار الحجاز، لكن بالمقابل فإن انقرة تستعجل الخلاص من «وحدات حماية الشعب» في منطقة عفرين وتحاول ربط ملف عفرين بتطبيق خرائط «خفض التصعيد» في شرق إدلب. إن حل مسألة عفرين يبدو متأخرا كثيرا بسبب تعقيدات المصالح بين «الوحدات» وواشنطن من جهة وبين روسيا وواشنطن من جهة أخرى.

العملية العسكرية التركية في عفرين هي أشبه بالمستحيل لكن حلا بين النظام السوري والوحدات قد يفرج من أسارير انقرة وتعتبره زوالا لخطر يهدد أمنها القومي في أحد أقاليم جوارها الجنوبي.

 

الجيش الحر يأخذ زمام المبادرة من النظام السوري

حسام محمد

أنطاكيا ـ «القدس العربي»: اعتبرت العديد من المصادر المسؤولة وتحليلات الخبراء بأن احتدام الصراع المسلح في إدلب جاء كنتيجة حتمية لفشل المؤتمرات السياسية والأطراف المنخرطة فيها، وخاصة روسيا التي وقفت ودعمت بشكل كبير العمليات العسكرية للنظام السوري في ريفي إدلب وحماه، وتخلت عن مخرجات أستانا التي اتفقت على مضمونها مع تركيا وإيران.

وحملت المصادر روسيا ما آلت إليه التطورات الميدانية، خاصة عجلة التهجير التي طالت عشرات القرى والبلدات والصغيرة، وقضاء أكثر من 400 مدني سوري وإصابة أكثر من 1400 آخرين في الغوطة وإدلب وحماه، فيما تظهر المؤشرات بأن النظام السوري لا يعول على أي اتفاق دولي، وأن استغلال العامل الزمني أكثر ما يهتم به الأسد لتحقيق مكاسب ميدانية على حساب المعارضة.

تقدم النظام وعودة أسرع للمعارضة

نجحت قوات النظام السوري خلال أيام قليلة فقط من التقدم بشكل كبير في ريفي حماه وإدلب. وقالت مراكز استراتيجية بأن النظام السوري تقدم قرابة 800 كيلو متر خلال أيام. إلا إن المعارضة السورية المسلحة، وخاصة المشاركة منها في مفاوضات أستانا، عادت بشكل أسرع للمشهد، لتستعيد زمام المبادرة وتنتزع مناطق استراتيجية ومواقع هامة من قبل النظام السوري والميليشيات الموالية له. ففي حصاد اليوم الأول من المعارك في ريفي حماه الشمالي الشرقي وإدلب الجنوبي سيطرت المعارضة السورية المسلحة على سبع قرى ومزارع هي (أم الخلاخيل، المشيرفة، أرض الزرزور، الجدعانية، مزارع عطشان، الويبدة والخزنة) وكانت المعارضة قد سيطرت في البداية على 14 قرية ومزرعة.

ورأى القائد العسكري في حركة أحرار الشام الإسلامية حسام سلامة أن خرق اتفاق خفض التصعيد من قبل النظام السوري والقوات الروسية كان ناتجا عن شعور روسي بفشل مؤتمر سوتشي بعد مقاطعته بشكل كبير من قبل المعارضة السورية.

وقال سلامة لـ «القدس العربي»: «روسيا تريد إلزام المعارضة السورية بمؤتمر سوتشي بهدف إعادة تدوير النظام السوري من جديد، واعتمدت روسيا على المعارك بهدف الضغط العسكرية للحصول على تنازلات، ومن هنا عادت لغة الرصاص للساحة من جديد».

العقيد الركن فاتح حسون، رئيس اللجنة العسكرية في وفد المعارضة إلى أستانا، قال لـ «القدس العربي»: «ما يحدث يشكل خرقا كبيرا لكل التفاهمات والاتفاقيات التي حصلت بين فصائل الثورة بواسطة الضامن التركي من جهة وبين النظام وضامنه روسيا من جهة أخرى.»

وزاد «إن لم تعد روسيا إلى الخلف وتتراجع عما أقدمت عليه وتضع نفسها في مكان الضامن الصادق، فلا أعتقد أنه سيكون هناك مؤتمرات استانا مقبلة، وأما سوتشي فلا توافق حوله حتى اليوم أي من قوى وفصائل المعارضة الحقيقية.

وقال العقيد الركن فاتح حسون، الذي يشغل أيضاً منصب القائد العام لحركة تحرير الوطن، إن «فصائل الجيش الحر أخذت زمام المبادرة، ونفذت هجوما معاكسا من محاور عدة استطاعت من خلاله استعادة السيطرة على عدد كبير من القرى والمناطق، ولن تتوقف عن الاستمرار في المعارك حتى تحقيق الأهداف الموضوعة». وفي جولة مفاوضات أستانا 6 لم يتم تبادل خرائط أو الاتفاق على شكل نهائي لمناطق خفض التصعيد في إدلب، وكان الطرح الذي تم تداوله أن يكون كل ما هو غرب السكة تحت سيطرة المعارضة مع انتشار لنقاط مراقبة للجيش التركي. وكل ما هو شرق السكة منطقة لا يتواجد فيها النظام وميليشياته ويقوم بإدارتها من قبل أهالي المنطقة (كلهم مجالس ثورية وأبناء فصائل) على أن يتم نشر نقاط شرطة عسكرية روسية وبأعداد محدودة شرق السكة. الإيرانيون طلبوا أن يكون لهم مراقب واحد ضمن نقاط الشرطة الروسية، وتم رفض هذا الطلب من قبل وفد قوى الثورة. وقال حسون «لقد أكدنا على أن أي إيراني في المنطقة هو هدف مشروع، وكان الموقف التركي مع موقفنا وتجاوب الروس لذلك، ومن أعطى أوامر المعارك والرمايات الخلبية هم الإيرانيون ليتقدموا بهذه الطريقة للمنطقة».

وكشف المسؤول العسكري أن المندوب الإيراني في أحد الاجتماعات أرسل رسالة لأحد القادة في الوفد وقال له تريدون دخول تركيا لإدلب وترفضوننا ؟ أقول لكم لن يتم هذا الاتفاق وأنا بذلك زعيم.

وقال المسؤول العسكري حسون: «المغامرات والمعارك الخُلبيّة التي قامت بها بعض الفصائل، وبرعاية ودعم ممن يُعارض الاتفاق أدت إلى خروقات كبيرة في الاتفاق، وبعد فشله لا يوجد أي التزام به وما يجري من معارك وقصف ومجازر هي نتائج إفشال الاتفاق ولا يمكن لأي اتفاق أن تكون نتائجه التنازل عن أرض حررناها بدماء شهدائنا».

من يقوم بالتصدي لهذه الهجمة على شراستها وقوتها هي الفصائل المشكلة لوفد قوى الثورة العسكري وأهالي المناطق وشبابها بينما يحصد المدنيون نتائج المعارك الوهمية.

خرجت القاعدة العسكرية الروسية عن صمتها مع التقدم العسكري الكبير الذي أحرزته المعارضة السورية في ريفي حماه وإدلب. وقال المتحدث الرسمي باسم القوات الروسية في حميميم اليكسندر إيفانوف: «يتعين على الجانب التركي إبداء موقف واضح تجاه التنظيمات المتطرفة الموجودة في سوريا، وعلى المجتمع الدولي تكثيف الجهود للمساهمة مع روسيا في القضاء على الإرهاب المتفشي في البلاد».

وقالت مصادر في الرئاسة التركية إن الرئيس رجب طيب أردوغان أبلغ نظيره الروسي فلاديمير بوتين في اتصال هاتفي بضرورة وقف هجمات النظام السوري على محافظة إدلب ومنطقة الغوطة الشرقية قرب دمشق من أجل نجاح قمة سوتشي وعملية أستانا. كما ألمحت تركيا حول مصير سوتشي ومشروعيته محكومة بوقف النظام السوري وروسيا لعملياتهم العسكرية الجارية في إدلب شمالي سوريا.

وبعد المعارك العنيفة التي شهدها ريفي حماه وإدلب بتغطية جوية كبيرة من قبل الطائرات الروسية التي اتبعت سياسة الأرض المحروقة، أظهرت صوراً بثها الجيش السوري الحر «فيلق الشام» استخدام الفيلق لمدرعات حديثة تركية في المعارك، الحدث الذي رأى فيه مراقبون للشأن السوري تطوراً كبيراً ورسائل تركية واضحة المعالم، أن أنقرة لن تتخلى عن محافظة إدلب والمعارضة السورية المعتدلة بهذه السهولة، وأن عدم التزام موسكو بمخرجات الاتفاقيات الدولية والانتهاكات الكبيرة بحق السوريين لن يكون دون مقابل.

الباحث في الشؤون الروسية التركية الدكتور باسل الحاج جاسم اعتبر أنه من غير الواقعي القول إن ما يجري في محافظة إدلب مؤخرا لم يكن متوقعا، بل هو يأتي في إطار المعارك المؤجلة، فطالما هناك أطراف ومجموعات مصنفة في قوائم الإرهاب الدولية، فهذا يجعل المنطقة هدفا عسكريا لأكثر من جهة. والسجال الذي دار حول رد الفعل والموقف التركي لم يخرج عن إطار اتفاق أستانا، حيث أن الهجوم العسكري الأخير استهدف المعارضة المعتدلة أيضا.

وقال جاسم: التقارب التركي الروسي الذي نراه مؤخرا، ولا سيما بعد تجاوز حادثة إسقاط تركيا الطائرة الروسية التي قالت إنها اخترقت أجواءها، وهذا التقارب يمكن وصفه بأنه أقل من تحالف وأكثر من مجرد اتفاق ولا سيما فيما يخص سوريا.

كل من تركيا وروسيا بحاجة للسلام في المنطقة، وهذا يشكل نقطة تلاقٍ رئيسية، بالإضافة إلى الشق الاقتصادي والطاقة، وهو ما يصبح أساساً للتعاون السياسي بين البلدين، ومزيد من استمرار الحرب في سوريا يجلب المزيد من الخسائر في الجنود الروس، وكذلك انتشار الإرهاب والانفصال وعدم الاستقرار في تركيا، وفي المنطقة، على نطاق أوسع. وفق ما قاله الباحث في الشؤون الروسية التركية.

وقد يكون هذا التقارب مجرد توافق مرحلي إلا أنه في المحصلة يصب في مصلحة الدولتين، ولو لاحظنا تصريح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بأن محاولة الهجوم على القاعدة الجوية الروسية في سوريا هي محاولة لتقويض واستفزاز العلاقة مع الشركاء بمن فيهم تركيا، ونفيه علاقة تركيا بتلك الهجمات، ليؤكد بذلك أن هذا التقارب مع انقرة لا يروق للكثير من الأطراف.

التركيز أكثر على التحالف الروسي الإيراني وعلى وجه التحديد في سوريا ومدة استمرار هذا التحالف الذي يتقاطع مرحليا وليس على المدى البعيد، استراتيجيا.

 

رسائل سياسية بالرصاص

 

العقيد الطيار، والقيادي في جيش العزة، مصطفى بكور، اعتبر أن المواجهات العنيفة التي تجري شمالي سوريا تندرج في مجال الدفاع عن السوريين وصد هجمات الميليشيات الطائفية الأجنبية، والجرائم المرتكبة من قبل الطيران الحربي الروسي، التي أدت لتهجير مئات العائلات السورية، كما تندرج المعركة ضمن هدف من النظام السوري من التغلغل ضمن المناطق المحررة.

وأضاف بكور، خلال اتصال مع «القدس العربي»، أن: القرار في الثورة السورية لمن يدافع عن السوريين ضد قوى الاحتلال الأجنبي والعملاء، وليس لمن يسكن الفنادق ويرغب بالسياحة في سوتشي وأستانا على حساب دماء السوريين.

والرسالة الثانية، هي لمن ظن أن قطع الدعم عن فصائل الثورة سيجعلها تستكين وتتراجع عن العمل على تحقيق أهداف الثورة السورية في إسقاط النظام القاتل، وتحرير الأرض السورية من كل أنواع الاحتلال الأجنبي، وثالث الرسائل، إن الثورة مستمرة حتى تحقيق أهدافها رغم كل الخسائر والمجازر والمتغيرات الدولية.

 

عملية إدلب مؤشر على احتدام الحرب في سوريا واستمرار التنافس الإقليمي والدولي

إبراهيم درويش

تؤشر العملية الجديدة في إدلب إلى عدد من الدلالات في الحرب المشتعلة منذ عام 2011 وهي أن المعركة على سوريا لم تنته بعد، وأن المتصارعين لم ينتهوا من تحقيق طموحاتهم، والأطراف الدولية ستواصل التأثير على البلاد سواء عبر الجماعات الوكيلة أو الدبلوماسية التي تقودها ظاهريا الأمم المتحدة وفعليا روسيا. وتحضر الأخيرة لمؤتمر يجمع فصائل من المعارضة السورية وليس كلها بالإضافة للنظام والدولتين الراعيتين لمناطق خفض التوتر إيران وتركيا، وربما حضرت الأمم المتحدة وأمريكا والسعودية. ولو حصل هذا فسيكون فلاديمير بوتين الذي أعلن الانتصار على تنظيم «الدولة» (داعش) نهاية العام الماضي قد حقق ما يريد، أي شرعنة مساره التفاوضي على حساب مسار جنيف الذي عقدت فيه ثماني جولات عبثية بدون أي تقدم حيث ظل الجدال يدور عن سوريا بالأسد أم بدونه.

وعليه تكتسب العملية في إدلب أهمية خاصة نظرا لأنها تشير لاستمرارية الحرب وإمكانيات تواصلها عام 2018 فإن كان عام 2017 هو عام ملاحقة تنظيم «الدولة» الذي طرد من معاقله الرئيسية في كل من العراق وسوريا فهذا العام قد يكون عام الغوطة وإدلب التي يعيش فيها أكثر مليوني سوري وهي أكبر منطقة خاضعة للمعارضة لنظام بشار الأسد. وتأتي العملية بناء على إنجازات العام الماضي حيث وسع النظام في دمشق من مناطق سيطرته  في الشرق ونجح بالتخلص من بعض الجيوب المحاصرة ضمن اتفاقيات خفض التوتر ونقل المقاتلين وعائلاتهم بالحافلات إلى إدلب. وفي الوقت نفسه تشرذمت المعارضة العسكرية وقطع حلفاؤها الخارجيون عنها الدعم العسكري والمالي فيما همشت المعارضة السياسية.

ولم تعد مسألة خروج الأسد من السلطة مطروحة في الخطاب السياسي الغربي والأمريكي إلا من ناحية تأكيد تكرار الموقف لا الحديث عن الواقع الذي يجري على الأرض. ولا يبدو أن العملية الأخيرة للنظام تهدف للسيطرة على كامل المحافظة، فقد نقلت مراسلة «بي بي سي» ليز دوسيت عن مسؤولين سوريين قولهم إن روسيا لا تدعم حملة واسعة لاستعادة المحافظة، وربما وجد الأسد فرصة خاصة أنه تعهد باستعادة كل «شبر» من سوريا خسره منذ عام 2011. وتظل في النهاية عملية ذات أهداف محددة وهي تأمين الطرق إلى حلب والساحل والسيطرة على مطار أبو الظهور والمناطق ذات الكثافة السكانية القليلة كمقدمة للتقدم نحو مدينة إدلب إلا أن هذا يعتمد على قدرة الروس الحصول على موافقة تكتيكية من الأتراك أم لا. وفي الوقت الحالي اعترضت أنقرة على لسان وزير خارجيتها، خاصة أن لديها نقاطا عسكرية في المنطقة وتخشى من تدفق موجات جديدة من اللاجئين حيث قدرت الأمم المتحدة عدد النازحين بسبب العملية الأخيرة بحوالي 100.000 شخص.

وربما ناقش النظام السوري وداعموه أن المناطق التي يستهدفها ليست خاضعة لاتفاقيات خفض التوتر وأن الجماعة المعارضة التي تسيطر عليها هي «هيئة تحرير الشام» التي تعتبرها روسيا والولايات المتحدة منظمة إرهابية. وفي ضوء تردد جماعات المعارضة المشاركة في مؤتمر «الحوار الوطني» في منتجع سوتشي فالمواجهة مستمرة ليس فقط في منطقة إدلب ولكن مع ما تبقى من جيوب للمعارضة وهي الغوطة الشرقية التي كثف النظام ضرباته الجوية عليها والحصار في محاولة منه لوقف إنطلاق الصواريخ إلى العاصمة دمشق. وهناك الرستن قرب حمص ومناطق الجنوب المتاخمة للحدود الأردنية والإسرائيلية بالإضافة إلى إدلب. وربما تم إقناع الرستن والجنوب بتوافقات وتظل جبهتا الغوطة وإدلب وهما أقوى الجبهات العسكرية المعارضة للنظام الذي سيتعامل معهما بالقوة.

ويقدر مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة أن هناك 417.000 سوري لا يزالون يعيشون في المناطق المحاصرة وغالبيتهم في الغوطة. فعملية عسكرية في الغوطة وإدلب ستكون عنيفة وتؤدي لضحايا وتخلق أزمة لجوء جديدة. ولا بد من الإشارة إلى أن الحرب لم تتوقف حتى في ظل اتفاقيات خفض التوتر وظل النظام وحلفاؤه الروس والإيرانيون يخرقون الاتفاقيات بشكل مستمر. واعتبر نظام الأسد هذه الاتفاقيات بمثابة «راحة» لقواته كي يركز على جبهة الشرق ومواجهة تنظيم «الدولة» والسيطرة على جزء من المناطق التي خرج منها ومنع قوات سوريا الديمقراطية، ذات الغالبية الكردية من التقدم أكثر. وأدت التطورات في العام الماضي واستمرار الدعم الروسي والإيراني إلى تعزيز موقع بشار الأسد.

وتأمل روسيا أن يتعزز النظام أكثر من خلال مؤتمر سوتشي الذي دعت إليه أطراف من المعارضة السورية وحتى الكردية بصفة غير رسمية. وتريد أن تعقد تفاهمات بين النظام والأكراد وتبادل مناطق خاصة الرقة مقابل اعتراف دمشق بمنطقة حكم ذاتي كردية على طول الحدود السورية مع تركيا. ويرى أستاذ العلاقات الدولية في كلية كوين ماري في جامعة لندن بتحليل نشره موقع «ميدل  إيست آي» (10/1/2018) أن سوتشي سيقوي من موقع الأسد، ملمحا إلى أن المحور الثلاثي ـ موسكو وطهران ودمشق لم يبد نزعة تصالحية خلال الحرب الدائرة منذ 6 أعوام ولن يفاجأ أحد لو تم تعويق أي اتفاق أو تجاهله. وعليه فمهما حدث في سوتشي فلن يكون نهاية للحرب لأن الديناميات المحلية والإقليمية والدولية تؤشر إلى أن الحرب ستتواصل خلال عام 2018 لأسباب منها إيمان الأسد وداعميه بالحل العسكري وهزيمة ما تبقى من جيوب للمعارضة. أما الثاني فهو الملف الكردي والذي يمكن أن يتحول إلى مواجهة مع النظام. صحيح أن قوات النظام السوري تواجه قوات سوريا الديمقراطية اليوم على ضفة نهر الفرات إلا أن ما يمنع المواجهة اليوم هو سيطرة الطيران الأمريكي على الأجواء السورية و10 قواعد عسكرية في مناطق الأكراد بالإضافة إلى 3.000 جندي أمريكي. لكن الحماية الأمريكية ليست مضمونة رغم تأكيد البنتاغون. وفي ظل رئيس متقلب في البيت الأبيض واستعداد الأمريكيين التخلي عن المصالح الكردية كما كشفت أحداث كركوك في تشرين الأول /أكتوبر 2017 فأكراد سوريا يشعرون بالقلق. وفوق كل هذا فتركيا غير راضية عن الدعم الأمريكي لحزب تعتبره فرعا لحزب العمال الكردستاني الانفصالي الذي يخوض حربا ضد الدولة التركية. وعلى المدى البعيد فلن تستمر القوات الأمريكية في الانتشار في مناطق الأكراد وسيجد النظام السوري طرقا للتأثير على منطقة الحكم الذاتي إما من خلال التلاعب السياسي أو المواجهة العسكرية. وهناك عامل ثالث وهو إسرائيل التي لا تريد وجودا إيرانيا ولحزب الله على الأراضي السورية، وكثفت من غاراتها على القوافل العسكرية في داخل سوريا. وهناك فرص لأن تندلع الجولة المقبلة من الحرب مع حزب الله على أرض سوريا ولبنان أيضا.

وعلى العموم فربما ربح الأسد الحرب إلا أن معركة السلام طويلة وشائكة. ففي ظل الغياب الأمريكي عن الساحة وتسليمها الملف الدبلوماسي لروسيا تحاول هذه عملية السلام والتمسك بالأسد فيما تريد المعارضة السلام بدون الأسد. وهناك نوع من التقبل الدولي لدورالروس. ففي مقال لكولام لينتش بـ «فورين بوليسي» «الرقص على النغمة الروسية» (8/1/2018) تحدث فيه عن قبول الولايات المتحدة والسعودية، وحتى المبعوث الدولي إلى سوريا بدور روسي أوسع في حل الأزمة السورية. ويشير إلى ما قاله وزير الخارجية السعودي عادل الجبير لوفد من المعارضة السورية في 24 كانون الأول /ديسمبر دعاه إلى الرياض ليخبره بأن السعودية ستخفف من جهودها الداعمة للإطاحة بنظام بشار الأسد. وقال الجبير إن الوقت قد حان لأن تكرس المعارضة جهودها وتأمين تسوية سياسية مع دمشق، من خلال مؤتمر السلام المقرر في سوتشي. وأكد الوزير السعودي أن المعارضة لو كانت جاهزة بالقدر الكافي فستؤمن اتفاقا لعملية نقل السلطة. ويعتقد لينتش أن ما نقله إليه مسؤولان في المعارضة أن «دعوة الجبير تعد إشارة أخرى على تراجع حظوظ المعارضة السورية للأسد والمحاصرة، التي خسرت الدعم السري من الحكومة الأمريكية.

وتؤكد الرسالة السعودية نجاح الدبلوماسية الروسية، ومحاولتها تشكيل مستقبل سوريا ما بعد الحرب التي باتت تنافس جهود الأمم المتحدة في جنيف التي عانت الفشل على مدار السنوات الخمس الماضية». ويتحدث لينتش عن خلاف في الأمم المتحدة حول مزايا المشاركة في سوتشي من عدمها، فالمبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا يعمل من وراء الستار لتأمين مقعد في سوتشي ويحث السعوديين والمعارضة السورية على المشاركة. ويعتقد لينتش ان سيطرة الروس على الملف السوري أصبح متاحا بسبب التردد الأمريكي حيث ركزت إدارة دونالد ترامب على محاربة تنظيم «الدولة»، ومنع إيران من تشكيل مستقبل البلد الذي مزقته الحرب. ولخص المبعوث الأمريكي السابق إلى التحالف الدولي لإضعاف تنظيم «الدولة» وهزيمته الجنرال المتقاعد جون ألن الحال بالقول: «تقوم روسيا بتحديد المسار السياسي ومن أكثر من منحى. للأسف لم يعد للولايات المتحدة سوى قدرة بسيطة على ممارسة دور قيادي أو المشاركة في هذه العملية». ويربط الكاتب بين مؤتمر سوتشي ومحادثات أستانا التي بدأت في كانون الثاني /يناير 2017 بمشاركة إيرانية وتركية وتغيب أمريكي حيث تركز الحديث على مناطق خفض التوتر. أما سوتشي فتريده أن يكون بمثابة النقطة الذي تنطق منه عملية تشكيل مستقبل سوريا وتأمل أن يكون الأسد من ضمن التسوية. وعبرت الدول الغربية وأطراف المعارضة أن يؤدي سوتشي لأخذ زمام المبادرة من جنيف، خاصة أن هناك من يرى في موسكو عاملا من عوامل الأزمة لا الحل. ويرى لينتش أن عملية جنيف لم تعد قابلة للحياة وهذه مشكلة، فالدعم العسكري الذي قدمه الجيش الروسي للأسد جعل من حكومة دمشق أقل استعداد للتخلي عن الحكم مقابل عملية نقل للسلطة، وهو عنصر مهم في خطة جنيف. بالإضافة إلى أن واشنطن لا تفعل الكثير من أجل إبقاء عملية جنيف على قيد الحياة. واشتكى الحلفاء الأوروبيون، وإن بطريقة هادئة، من أن الولايات المتحدة لم تستخدم تأثيرها لدعم عملية جنيف.

فمن خلال الرسالة السعودية للمعارضة والانقسامات داخل الأمم المتحدة فإن هناك في الحقيقة من يتحمل العبء: الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، مع أن مسؤولين في إدارة ترامب يزعمون أن الولايات المتحدة لها نفوذ في سوريا أكثر من ذي قبل، خاصة أن الأكراد يسيطرون على مناطق واسعة، وهناك قوات أمريكية على الأرض.

 

القوات الأمريكية لن ترحل من سوريا وشكوك حول موقف واشنطن حول دولة انفصالية في الشمال

رائد صالحة

واشنطن ـ «القدس العربي»: يعترف الأمريكيون بأن مهمتهم لم تنته في سوريا حتى الآن ولكنهم يصرون على أنهم حققوا نجاحات كبيرة منذ ظهور تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش) في عام 2014 وقالوا إن تركيزهم في الفترة الأخيرة ينصب عل هزيمة «داعش» والجماعات الإرهابية ومكافحة النفوذ الإيراني ومنع استخدام المواد والأسلحة الكيمائية وضمان سلامة جيران سوريا والتوصل في نهاية المطاف إلى حل سياسي للصراع السوري والأزمة الإنسانية من خلال تخفيف حدة العنف وفقا لقرار مجلس الأمن رقم 2254.

وزعمت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أنها حققت خطوات كبيرة نحو هزيمة مستمرة لـ «داعش» وقالت إنه وعلى الرغم من أن قوات التحالف لا تزال تحارب التنظيم الإرهابي في سوريا إلا أنها أحرزت تقدما كبيرا ضد المنظمة حيث حرر التحالف الدولي 98 في المئة من المناطق التي تسيطر عليها الجماعة. وهناك الآن ما يزيد عن سبعة ملايين ونصف المليون شخص بعيدون عن إرهاب «داعش» في العراق وسوريا .

وقالت إدارة ترامب إن فقدان سيطرة التنظيم الإرهابي على الأراضي التي كان يسيطر عليها لا يعنى نهايته، ولا يشير إلى نهاية التحالف، فالعمل الشاق لا يزال مطلوبا لضمان هزيمة مستمرة للجماعة وتدمير الجيوب المنبثقة عنها وغيرها من الجماعات الإرهابية. وتعهد مسؤولو إدارة ترامب بالتزام الولايات المتحدة في هزيمة التنظيم وضمان عدم عودة الجماعات الإرهابية إلى سوريا والعراق.

ما الذي تريده إدارة ترامب في سوريا؟ وفقا لتوضيحات ديفيد ساترفيلد، وهو مسؤول كبير في دائرة الشرق الأدنى في وزارة الخارجية الأمريكية، فالإجابة هي أن السبب الذي تحتاجه الولايات المتحدة للبقاء في سوريا هو هزيمة «داعش» ولكن استمرار التواجد هناك سيحقق فوائد كبيرة لواشنطن ولذلك فإن الحديث عن رحيل القوات الأمريكية من سوريا سابق لأوانه.

وبالنسبة إلى العديد من مسؤولي إدارة ترامب فإن مغادرة القوات الأمريكية لسوريا ليس خيارا مطروحا بسبب المخاطر الناتجة عن ذلك مثل عودة التنظيمات الإرهابية وزيادة المخاطر على جيران سوريا وتمكين إيران من توسيع نفوذها وتحقيق المزيد من المكاسب. وقالوا إن استمرار التواجد الأمريكي سيحقق الاستقرار في المناطق المحررة وسيساعد على تمكين الجهود الدبلوماسية في حل النزاع .

وزعمت وزارة الخارجية الأمريكية أنها تبذل جهودا في شرق سوريا في مجال الإنعاش المبكر والمساعدة بهدف تعزيز المكاسب العسكرية وتوفير المساعدة للسوريين المتضررين من النزاع وتحقيق الاستقرار في المناطق المحررة واستعادة الخدمات الأساسية وتهيئة الظروف لعودة طوعية للمشردين السوريين.

وقالت واشنطن إن سوريا تواجه تحديات أكثر من العراق عندما يتعلق الأمر باستقرار المناطق المحررة بسبب عدم الثقة في شريك حكومي يعمل في البلاد لأن الولايات المتحدة لا تعمل ولن تعمل مع أو من خلال نظام الأسد.

وأوضح ساترفيلد في أحدث شهادة رسمية أمام لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ الأمريكي أن الولايات المتحدة والأردن وروسيا قدمت قبل ستة أشهر إجراءات لتخفيض العنف والتوتر في جنوب غرب سوريا. وقد أدت جهود وقف إطلاق النار بالفعل إلى انخفاض كبير في العنف وهو شرط ضروري لزيادة عمليات توصيل المساعدات الإنسانية. وفي 8 تشرين الثاني/ نوفمبر وقعت الولايات المتحدة وروسيا والأردن مذكرة مبادئ تستند إلى وقف إطلاق النار. وتتضمن هذه المبادئ ضرورة استمرار الاجتماعات لتقديم تعريفات أكبر للقواعد والآليات لرصد وتعزيز الاتفاق وتقديم التزام ثلاثي للمساعدة في الحكم والترتيبات الإدارية في الأراضي التي تسيطر عليها المعارضة. والأهم من ذلك كله فإن المذكرة تؤكد على أن الأجانب بما في ذلك القوات الإيرانية وحزب الله عليهم الانسحاب من المناطق الواقعة ضمن خطوط وقف إطلاق النيران.

هذا التحديث الأخير للسياسة الأمريكية بشأن سوريا يوفر لنا صورة كبيرة قد تقدم إجابات بشأن الأحداث الأخيرة المتلاحقة في إدلب التي حذرت المنظمات الدولية الإنسانية من احتمال تعرضها لكارثة كبيرة بسبب الصراع المعقد.

ازدواجية المعايير في السياسة الأمريكية تجاه الشرق الاوسط ليست تهمة وإنما حقيقة برهنتها الأحداث على مدى عقود بما في ذلك الأحداث الأخيرة في إدلب حيث صمتت إدارة ترامب على مئات الضحايا من المدنيين الذين قتلوا جراء القصف في حين كانت تحرض العالم ضد إيران بسبب اتهامات مفادها أن طهران تقوم بقمع المتظاهرين. وقد اكتفت وزارة الخارجية بتعليقات روتينية وبلغة غير قوية لاستنكار ضرب المستشفيات في المدينة بواسطة طائرات تابعة للنظام السوري والقوات الروسية.

ورددت منصات إعلامية أمريكية تقارير عن قلق المجتمع الدولي من تصاعد القتال والدمار في محافظة إدلب شمال غرب سوريا، وهي آخر منطقة رئيسية في البلاد يسيطر عليها المتمردون. وبرز اهتمام في وسائل إعلام أمريكية بالتوقعات التي تشير إلى اقتراب نزوح أكثر من 100 ألف شخص بسبب الهجوم على إدلب مع إشارات إلى أن قوات النظام السوري لم تتخذ أي تدابير لتفادي وقوع إصابات بين المدنيين.

هذه الازدواجية المصحوبة بصمت متعمد انتقلت إلى مرحلة أكثر خطورة بعد تردد تقارير تفيد بأن الولايات المتحدة قد تتخذ خطوات الاعتراف الدبلوماسي بالمناطق السورية في شرق نهر الفرات التي تسيطر عليها قوات الدفاع الذاتي. وعلى الرغم من توضيح وزارة الخارجية بأن واشنطن تؤيد السلامة الإقليمية لسوريا موحدة وديمقراطية إلا أنه لا يمكن الوثوق في مواقف إدارة ترامب التي تسعى إلى إحراج روسيا وتركيا وإيران في ضربة واحدة ناهيك عن أي التزام حقيقي بوحدة أي دولة عربية.

 

مخاوف من عمليات إبادة في حال وصول النظام السوري إلى إدلب

سلطان الكنج

إدلب ـ «القدس العربي»: استطاعت قوات النظام وفي أيام قليلة من السيطرة على مساحات واسعة كانت خاضعة لسيطرة المعارضة السورية إذ وصلت قوات النظام إلى مشارف مطار أبو الظهور العسكري بعد سيطرتها على بلدة سنجار والقرى بينها وبين بــلــدة أبو الظهور، كما تمكن النظام من التقدم في ريف حلب الجنوبي متجها نحو المطار من الجهة الشمالية مقتربة من فرض حصار على مناطق تعادل ثلث مساحة لبنان.

وحول مآلات الوضع العسكري يقول الباحث والصحافي السوري خليل المقداد إن النظام أوقع نفسه في مأزق بتقدمه نحو مطار أبو الظهور لأن قواته شبه محاصرة ويترنح في هذه المناطق ومن السابق التكهن بنتائج معاركه علما أن المعركة قد تنتهي لصالحة.

ويقول المقداد في حديث لـ «القدس العربي»: «تعامل الفصائل كان عبارة عن ردة فعل، وللأسف دائما ننتظر حتى يتقدم النظام لكي ندافع عن المناطق، فقرار الفصائل ليس حرا علما أن المعارك الحالية تثبت أن النظام أوهن مما نظن، فالفصائل استعادت بساعات قليلة ما تقدمه إليه النظام بأشهر وهذا عندما تتوفر الإرادة والقرار وهذان الأمران لم يتوفرا «.

وحذر من أن النظام يمكن أن يصل إلى إدلب وهذا يتعلق بأمور عدة منها التوافقات الدولية واتفاق خفض التصعيد، كما أن هذا يتعلق بقدرة الفصائل على مواجهة النظام وهجومه ففرصه قائمة لكي يعيد فرض نفسه كدولة وجيش وهو مدعوم عالميا وعربيا مثل السعودية والإمارات فالجميع بات يتحدث عن بقاء الأسد.

واعتبر أن النظام في حال وصوله لإدلب سيكون هناك استسلام كامل وستكون إبادة لأن هناك آلاف المهجرين في إدلب ولابد من استخدام أسلوب عسكري يقوم على عدم الاحتفاظ بالمدن وضرب النظام من خلال حرب عصابات، لافتا إلى تحرك فصائل الجيش الحر الأخيرة يدل على رغبة تركية في أن لا تظهر بمظهر المستسلم وربما، مجريات الأحداث تدل على صفقات من قبيل أبو الظهور مقابل منبج كل هذا وارد .

وأكد أن تركيا وقطر هما الدولتان الوحيدتان اللتان لا تزالان تدعمان الثورة السورية «بالنسبة لتركيا لم تكن جــادة فــهـي لم تشــكــل جــســما عســكريا سياسيا جديا يجابه الــدعم الإيــرانــي وبالــتــالي هــي مضطرة للتنازل عن الملف السوري مقابل مصالحها وخاصة المسألة الكردية».

من جهته يقول الناشط خالد الجنوبي إن النظام يسعى لفرض حصار على منطقة تقدر بثلث مساحة المحرر في الشمال السوري.

ويقول الناشط في حديث لـ «القدس العربي»: إن «النظام يريد الوصول إلى مطار أبو الظهور الذي وصل لمشارفه ويتحرك من جهة الشمال من تلة الأربعين وقرية أبو الرويل وهما يبعدان عن المطار 13كلم وبالتالي يطبق النظام حصاره على مناطق واسعة، كما أنه يتقدم في جبل الحص، وبذلك يكون النظام قد حاصر تحرير الشام وفصائل المعارضة إضافة إلى تنظيم «الدولة» الذي هو الأخر يتجه نحو مطار أبو الظهور ويسعى للوصول إلى جبل الحص الذي يوفر له جغرافية عسكرية يستفيد منها «.

ويذهب الناشط إلى أن النظام في حال نجح في هذا السيناريو سيتجه للانتقال لمرحلة الاتجاه نحو عمق إدلب والوصول إلى كفريا والفوعة وذلك انطلاقا من محاور أبو الظهور وقرية الحاضر التي يسيطر عليها النظام. وهنا يصل إلى شرق إدلب وبالتالي سيصعد من هجماته الجوية التي ستشكل ضغطا على المدنيين المتواجدين بكثافة في منطقة جغرافية صغيرة تحوي أعدادا هائلة من البشر فأي ضربة جوية تودي بحياة العشرات .

واعتبر أن النظام سيحصر الفصائل في منطقة صغيرة على الحدود التركية وهنا يفرض الحل الذي يريده وينهي الثورة عسكريا وسياسيا وكذلك من خلال حرقه للمدن التي تشكل حواضن الثورة .

ولفت إلى أن النظام سيفتح معركة قريبة جدا وهي محور مورك وخان شيخون والوصول إلى المعرة التي تشكل خزانا بشريا كبيرا وثوريا أيضا، وهذا ما نرى مقدماته الآن من خلال قصف عنيف يطال المعرة وخان شيخون ومورك وبذلك يؤمن النظام الطريق الاستراتيجي دمشق – حلب الدولي .

في هذا الصدد يعتبر القيادي المقرب من الجهاديين أبو حذيفة الشامي أن ما يجري فيه أمور عدة: الأول توافق تركي روسي بموافقة فصائل المعارضة على سيطرة النظام على هذه المناطق .الثاني هو التخبط العسكري الذي تعيشه الفصائل الجهادية بسبب الخلافات الموجودة بينها وخاصة الخلاف بين تحرير الشام وأنصار القاعدة كما أن تحرير الشام لم تستعد للمعركة بشكل جيد على اعتبار أنها فخ منصوب لها يستهدف استنزافها .الأمر الثالث هو أن تحرير الشام تريد أن تقول للفصائل المشاركة في الأستانا أن هذا ما جنته المفاوضات مع الروس .

ويقول القيادي إن «هجوم الفصائل الثورية الأخير هو مناورة سياسية وإعلامية من قبل تلك الفصائل تهدف لإبعاد التهم الموجهة إليها من قبل تحرير الشام والحواضن الشعبية، كما أنها تريد أن تثبت أن الذي يسلم المناطق ليست هي بل تحرير الشام التي هي من كان يسيطر على المناطق التي تقدم إليها النظام «.

وأشار إلى أن الفصائل كلها لم تستعد لهذه المعركة بشكل جدي لأسباب منها عدم التوافق بين الفصائل على تشكيل غرفة عمليات تواجه تقدم النظام وأيضا وجود المناكفة بين الفصائل التي أصبحت هي من يحدد كل التوجهات الفصائلية. ومن الأمور المهمة هو أن تحرير الشام تواجه النظام منذ أكثر من شهرين في أرياف حماه وحلب الجنوبي وريف إدلب الشرقي. وأبرز سبب جعل الفصائل لا تستعد لهذه المعركة التي كانت متوقعة هو الإرادة الدولية وخاصة من قبل الدول المحسوبة على الثورة، كما أن الفصائل تتهم تحرير الشام بعدم إرجاع حقوقها من السلاح والذخيرة. والحقيقة هذه مطالب حق يجب على تحرير الشام أن تسارع فيها لأن هذه المرحلة ستكون حاسمة في عمر الثورة السورية».

في هذا الموضوع يقول المحلل العسكري النقيب في الجيش الحر عوض الأحمد إن النظام يتبع أسلوب معاركه ضد تنظيم «الدولة» في الشرق السوري وذلك من خلال السيطرة على تلال خارج البلدات والمد،ن وبالتالي فرض طوقا على تلك البلدات والمدن، وهذا يعطي قوات النظام سرعة أكبر في التقدم وبخسائر أقل لأنه يتجنب خوض معارك المدن والبلدات إلا في حال حصارها فسيطرته على التلال خارج المدن مكشوفة وهذا يساعده باعتبار امتلاكه سلاح الجو والدبابات وهذه الأنواع من السلاح فعالة في الأماكن المكشوفة .

ويقول الأحمد في حديث لـ «لقدس العربي»: «إذا بقيت الفصائل تتعامل عسكريا مع أسلوب النظام هذا المتبع فإن تقدمه سيكون سريعا فعلى الفصائل تحصين التلال وجر النظام لمعارك المدن والبلدات التي تحجم سلاح النظام الثقيل، وعلى الفصائل اتباع أسلوب المباغتة وضرب النظام في نقاط ارتكازه وقطع خط عرضه العسكري الذي يبلغ حاليا في اتجاه أبو الظهور 10كلم وهذا يسهل قطعه وإرباك رأس حربة النظام المتقدمة، كما أن الفصائل عليها اتباع تكتيك الكمائن وهذا ناجع في تعطيل خطط النظام».

 

هل ستكون معركة إدلب آخر معارك جبهة «فتح الشام»؟

رائد الحامد

ركز التحالف الدولي وعموم دول العالم على خطر تنظيم «الدولة» (داعش) بشكل أوسع نطاقا من خطر تنظيم قاعدة الجهاد والمجموعات المرتبطة بها، مثل جبهة النصرة لأهل الشام قبل وبعد فك ارتباطها مع تنظيم القاعدة لتصبح جبهة فتح الشام.

ووفقا لرؤية التحالف الدولي فإن القضاء على أحدهما دون الآخر لن يساهم بشكل كامل في تأمين متطلبات الأمن القومي الأمريكي، أو أمن الدول الغربية بشكل أعم.

ومع تشديد ضربات التحالف الدولي منذ تشكيله في أغسطس/آب 2014 وتركيزه على تنظيم «الدولة» ظلت جبهة فتح الشام في دائرة استهداف التحالف الدولي كهدف مؤجل إلى مرحلة ما بعد الانتهاء من قتال التنظيم.

وأتاح تركيز الولايات المتحدة والتحالف الدولي على استهداف تنظيم «الدولة» بالدرجة الأولى متسعا من الوقت والفرص للتنظيمات الأخرى المحسوبة على الجهاد العالمي، مثل جبهة فتح الشام، لتنمية مواردها البشرية وبناء قدراتها وتعزيز بناها وهياكلها التنظيمية.

وضعت جبهة فتح الشام في أولويات عملها ما يجعلها أكثر بعدا عن «شبهات» الارتباط بتنظيم القاعدة، وأكثر قربا من المجتمعات المحلية التي تسيطر عليها الجبهة بالتنسيق والشراكة مع فصائل سورية موصوفة بالاعتدال؛ وبدت الجبهة تتعامل بأسلوب أقل تشددا مع السكان الخاضعين لسيطرتها كسياسة تؤدي في نهاية المطاف إلى تداخل العمل العسكري مع العمل المدني بخطين متوازيين «قد» يضمن للجبهة البقاء بين السكان حتى في حال هزيمتها عسكريا.

وعلى الصعيد الداخلي استطاعت جبهة فتح الشام إقناع جنودها ومؤيديها «بسورنة الجهاد» وعدم تخطيه حدود البلد بعد أن أعلنت فك ارتباطها عن تنظيم القاعدة، وهو خلاف ما عليه تنظيم قاعدة الجهاد العالمي الذي يركز على تنفيذ عمليات تستهدف «العدو البعيد» في الدول الغربية قبل أن تتراجع نشاطاته في هذه الدول. لكن هذا لا يعكس استراتيجيات التنظيم بعيدة المدى إنما هي «قد» تكون خطوات مؤجلة لحين الانتهاء من حسم الصراعات التي تشهدها ساحات عدة في المنطقة.

وكانت معظم هجمات تنظيم القاعدة في العالم قد تم تنفيذها في وقت كانت المنطقة العربية تشهد استقرارا نسبيا وبعيدة إلى حد ما عن الصراعات الدموية الداخلية.

واعتمدت جبهة فتح الشام في حقيقة الأمر سياسات بعيدة المدى لحشد المزيد من الدعم الشعبي من خلال النشاطات التي تؤديها في المدن الحضرية مستفيدة من موقف السكان المحليين الذين يهمهم في المقام الأول توفير الخدمات والأمن، في الوقت الذي ترى جهات دولية معنية بالتنظيمات «الجهادية» أن الجبهة تؤسس لمشروع دولة أو إمارة إسلامية من خلال مأسسة عملها في محاكم شرعية ومكاتب جباية ومؤسسات إعلامية وغيرها.

كما ركزت جبهة فتح الشام على العمل ضمن سقف مطالب المعارضة السورية المعتدلة المناهضة للرئيس السوري بشار الأسد، والتداخل مع معظم الفصائل عن طريق التنسيق الميداني والاجتماعي معها، أو عن طريق الدخول في تحالفات وجبهات بما فيها جبهات متحالفة مع دول إقليمية أو عربية، مثل جيش الفتح سابقا الذي يتلقى دعما من تركيا العضو الحليف في التحالف الدولي للحرب على تنظيم «الدولة».

وعلى الصعيد العسكري، تبنت جبهة فتح الشام سياسة الوثوب إلى صدارة المشهد للجماعات المقاتلة ضد قوات النظام كجماعة جهادية سنية على أمل إسقاط النظام وإقامة إمارة إسلامية شبيهة إلى حد ما بإمارة افغانستان التي أقامتها حركة طالبان قبل الغزو الأمريكي وإسقاط الإمارة في 2001؛ كما أن الارتباط التنظيمي مع تنظيم القاعدة يمكن أن يجعل من الجبهة جزءا من الجبهة الجهادية العالمية المعادية للغرب والولايات المتحدة.

لكن طبيعة المواجهة العالمية للجماعات «الجهادية» تفرض على تنظيمات مثل جبهة فتح الشام خفض سقف مشروعها المرحلي وانتقاله من العالمية إلى المحلية.

وبدت جبهة فتح الشام القوة الأكبر في الساحة السورية بعد تراجع تنظيم «الدولة» وخسارته المتتالية لمناطق سيطرته، واجتذبت الجبهة المزيد من المقاتلين إلى صفوفها أو من خلال تحالفات ثنائية وضعتها في صدر المشهد القتالي الذي ركزت فيه على جوانب اكتساب الشرعية الشعبية من خلال التركيز على قتال قوات النظام وتصعيد الخطاب المناهض للشيعة والعلويين في سوريا بما ترى أنه تعزيز لمصداقيتها في المواءمة مع اتجاهات الرأي العام في سوريا الذي يشكل السنة غالبيتهم العظمى.

ومنذ بدايات الحرب الأهلية السورية وظهور جبهة فتح الشام كطرف فاعل في ساحة الصراع، تأرجحت كفة موازين القوى بين قوات النظام السوري والمعارضة المسلحة وفقا لمعطيات المكان والفصائل المسلحة المتواجدة فيه وأهمية منطقة ما للنظام دون أخرى، وفي الغالب ظلت الكفة راجحة لصالح المعارضة السورية المسلحة إلى أن تدخلت روسيا عسكريا في سبتمبر/أيلول 2015 لتنقلب الموازين إلى حد ما لصالح قوات الرئيس السوري الذي اعترف في يوليو/تموز 2015 بأن قواته قد «تعبت».

وفي الواقع اتجه الصراع المسلح بعد معركة حلب نهاية العام 2016 نحو سياق ثابت تمثل في نجاح قوات النظام باستعادة السيطرة على الأراضي من تنظيم الدولة وفصائل المعارضة السورية المسلحة سواء بالقتال او بالمصالحات والهدن المناطقية في ما ظلت مناطق سيطرة هيئة تحرير الشام التي تمثل جبهة فتح الشام (النصرة سابقا) الفصيل الأكبر فيها بمنأى عن الخسارة حتى اندلاع القتال في ادلب وريف حماه الشرقي منذ بداية هذا العام.

وشكلت معركة حلب نهاية 2016 علامة فارقة في مسار الحرب الأهلية السورية والصراع بين قوات النظام والمعارضة المسلحة التي استقطبت ادلب الآلاف من مقاتليها الذين أرغموا على مغادرة حلب بعد تسوية رعتها روسيا وشاركت فيها تركيا كطرف ضامن لفصائل المعارضة.

بعد معركة حلب أصبحت ادلب الخاضعة لسيطرة جبهة فتح الشام وفصائل أخرى أقل نفوذا، المعقل الأهم لتجمع، أو في حقيقته تجميع لمقاتلي مختلف الفصائل التي عقدت اتفاقيات مصالحة مع النظام في مناطق ريف دمشق والزبداني ووادي بردى وعشرات البلدات القريبة من العاصمة التي غادرها المسلحون ممن رفضوا البقاء في مناطقهم للعمل كجنود ضمن قوات النظام وفضلوا المغادرة إلى ادلب ومناطق أخرى بالدرجة الثانية.

وحضرت ادلب بشكل واضح في ذهنية النظام بعد استعادة دير الزور بداية خريف 2017 على لسان أكثر من مسؤول، من بينهم مستشارة الرئيس السوري بثينة شعبان التي أكدت على أن الهدف بعد دير الزور هو الرقة وادلب؛ ويسير النظام بخطوات ثابتة نحو استعادة جميع الأراضي والمدن التي فقد السيطرة عليها خلال الحرب الأهلية.

وعلى الرغم من أن جبهة فتح الشام لم تشكل أي تهديد لمصالح الولايات المتحدة والدول الإقليمية الحليفة لها سواء داخل سوريا أو خارجها صنفت الولايات المتحدة جبهة النصرة (جبهة فتح الشام) على أنها منظمة «إرهابية» في ديسمبر/كانون الأول 2012، وهو التصنيف الذي لا يزال نافذا حتى بعد إعلان فك ارتباطها مع تنظيم القاعدة، وهو الإعلان الذي أيده أمير تنظيم القاعدة أيمن الظواهري.

لكن الولايات المتحدة معنية ضمن استراتيجياتها في سوريا بالقضاء على جبهة فتح الشام بعد أن انتهت إلى حد ما من تحجيم خطر تنظيم «الدولة» الذي خسر جميع مراكزه الحضرية وبات ينتشر على شكل مجموعات صغيرة متنقلة في العراق، أو في جيوب متفرقة على الأراضي السورية.

وتفضل الولايات المتحدة أن لا تخوض حربا مباشرة ضد جبهة فتح الشام طالما هناك قوى أخرى تخوض هذه الحرب التي تراقبها عن كثب، حيث تركت مواجهة التنظيمات «المتطرفة» الأخرى مثل جبهة فتح الشام لكل من روسيا وقوات النظام بمساندة المجموعات الشيعية المسلحة الحليفة لإيران.

وإذا كان من الصعب التنبؤ بمستقبل جبهة فتح الشام بعد معركة ادلب، يبقى إصرار الولايات المتحدة واستراتيجياتها في القضاء على الجبهة بعد أن فرغت تقريبا من قتال تنظيم «الدولة» في قائمة الأولويات التي ستؤدي حتما إلى تحقيق الهدف الأمريكي في القضاء على الجبهة طالما ظلت مصنفة على لائحة المنظمات «الإرهابية» حتى مع محاولات جبهة فتح الشام من خلال فك الارتباط الإيحاء بإمكانية استيعاب الجبهة ودمجها في إطار توصيف الفصائل المعتدلة بوسائل سياسية أو غير سياسية.

 

دخان معارك إدلب يخيم على العلاقات الروسية ـ التركية

فالح الحمراني

موسكو ـ «القدس العربي»: تواصل قوات النظام السوري هجومها على إدلب رغم قلق منظمة الأمم المتحدة من تداعياته على الوضع الإنساني والاعتراضات التركية من كونه انتهاكا صارخا لاتفاق «تخفيف التصعيد» الذي تراعاه كذلك روسيا وإيران والشكاوى من تعريضه حياة المدنيين للخطر. وتنطوي العملية على سيناريو يهدف إلى تصفية تشكيلات جبهة النصرة والمتحالفين معها، التي من بينها الموالية لتركيا. وتقف انقرة الآن في نقطة حرجة إذ أن نجاح الهجوم سيجعلها في مفترق طرق مع شركيتها موسكو وطهران.

وساعد دعم القوة الجوية الروسية قوات النظام السوري على التقدم بسرعة بالسيطرة على عدد من القرى ومدينة الرهجان الاستراتيجية في طريقها إلى إدلب، والتضييق على مقاتلي الشاكوسية وتركستان و أحرار الشام التي تدور بصورة وثيقة بالمدار التركي. وفي حال تجسيم السيناريو الذي تشن به قوات النظام حملتها، فإن تشكيلات المعارضة المسلحة في إدلب ستجد نفسها منقسمة إلى جزأين، مما سيعني حسب تقديرات المراقبين العسكريين في روسيا «بداية احتظارها». وسيطول ذلك ليس جبهة النصرة، هدف الجانب الروسي في الوقت الحالي، وإنما الجماعات الموالية لتركيا. ومثل هذا التطور سيقود ليس إلى تعزيز مواقع قوات النظام في الشمال وحسب وإنما التشكيلات الكردية أيضا.

 

الإنذار التركي

 

وعلى وفق القراءات الروسية فإن رد فعل تركيا الحاد جاء من احتمالات تطور الأحداث وفق ذلك السيناريو، وشملت ردود الفعل التركية على التحفيز على القصف أو محاولة قصف التشكيلات المسلحة الموالية لتركيا حسب معطيات غير رسمية قاعدة حميميم من الدرونات المقاتلة، ولكن الرئيس بوتين قال: «إن تركيا لا تقف وراء تلك الأعمال وإنما محرضون نعرفهم ونعرف كم كم دفعوا لتلك العملية». وتذهب معطيات غير رسمية إلى أن الجانب التركي، وليس الولايات المتحدة أو حلفاؤها كان وراء ذلك القصف. ورصدت مراكز التحليل في روسيا أن تركيا في هذه الحالة كما في حالة تصفية المقاتلة الروسية سو 24 ترسل إشارات لموسكو عن « شعورها « بالقلق من تقدم قوات النظام السوري المدعومة روسيا باتجاه إدلب. ويكشف هذا عن وجود خلافات عميقة مع تركيا في مسألة التسوية السلمية للنزاع السوري.

وعلى خلاف التفسيرات الروسية للتطورات الأخيرة، قال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو إن قوات الحكومة السورية وبذريعة مكافحة الإرهاب تقصف المعارضة المعتدلة في محافظة إدلب، لافتا إلى أن من « الضرورة أن تتحمّل إيران وروسيا مسؤولياتهما، إزاء هجمات النظام السوري، على محافظة إدلب المشمولة باتفاق مناطق خفض التصعيد». وأشار الوزير التركي إلى أن «على موسكو وطهران كبح هجمات النظام السوري على مناطق خفض التوتر المتفق عليها»، مشيرا إلى أن من المتوقع أن تحدث بعض الخروقات لاتفاق وقف إطلاق النار، لكن ما يحصل في الفترة الأخيرة، من اعتداءات على مناطق خفض التصعيد، تجاوز حد الانتهاكات المتوقعة». واكد أن «قوات بلاده تواصل إنشاء نقاط مراقبة وقف إطلاق النار، داخل حدود محافظة إدلب». واستدعت وزارة الخارجية التركية في التاسع من الشهر الحالي سفراء إيران وروسيا «على خلفية انتهاك قوات النظام وقف إطلاق النار، كما يقول الجانب التركي، في منطقة إدلب التي تندرج ضمن مناطق تخفيف التصعيد.

ويلفت المراقبون إلى أن الجماعات المسلحة تتقاسم النفوذ على المدن والبلدات في محافظة إدلب، التي من بينها جماعة نصرة الشام، وأنه وعلى خلفية تقدم قوات النظام بهجومها على جنوب المحافظة فقد راحت تتنامي الخلافات بين زعماء التشكيلات المسلحة وغالبا ما تسفر عن موجهات مسلحة بين عناصرها مما يؤدي إلى قتل المدنيين. إن هذا يشهد مرة أخرى لصالح من يسيء لتحركات موسكو وطهران ودمشق والقائل: إن النظام وبذريعة مكافحة جبهة النصرة ينزل الضربات بالمدنيين. وثمة قناعات بأن هذا الوضع يمكن أن يحبط التسوية السلمية. وكان وزير الخارجية التركية قد لمح لذلك بقوله: إن على الأطراف التي ستلتقي في سوتشي خلال المؤتمر الوطني السوري المقرر انعقاده في 29ـ 30 يناير/ كانون الثاني، أن لا تتصرف بهذا الشكل». واعتبر مراقبون في موسكو أن ذلك التصريح « إنذارا صريحا يتوجب الرد عليه بصورة مناسبة».

 

الدور الروسي

 

وتباينت تقديرات المراقبين الروس في تعليقاتهم على الوضع الناشب في شمال سوريا، البعض طرحوا فرضية مفادها أن القوات الحكومية تقوم بعملية في إدلب بديلة عن القيادة الروسية، منتهكة بذلك نظام تخفيف التصعيد، وتحاول من خلالها كسب نقاط لنفسها عشية مباحثات التسوية السلمية الحاسمة. وذهب بعض الخبراء إلى أن موسكو لا تسيطر بالقدر الكافي على بشار الأسد وأعماله. ويرى البعض الآخر أن « العملية في إدلب وحماه بمجملها تجري برقابة العسكريين الروس الشديدة وباشراف مقرهم والدعم الجوي». وتقول لا أحد يخفي أن عملية تصفية جبهة النصرة في إدلب تجري على أساس مبرمج وأن عام 2018 سيكون عاما حاسما لإلحاق الهزيمة بهذه الجماعة. وتشير بذلك إلى بيانات وزارتي الدفاع والخارجية مما يعني أن القيادة السياسية العليا للبلاد تبنت قرارا مبدئيا بصدد هذا الموضوع. وقالت بعض المعطيات إن هذا القرار جاء بعد أن رفضت تركيا دعم فكرة عقد المؤتمر الوطني السوري بصيغته الروسيه فيما عرقل وفد المعارضة وفقا للرؤية الروسية، مباحثات جنيف. بيد أن الأهم يكمن في أن تركيا امتنعت عن دفع قواتها لتطهير إدلب. والخيار الوحيد كان قيام قوات النظام، مدعومة بسلاح الجو الروسي، بتصفية تشكيلات جبهة النصرة وحلفائها من جماعات المقاومة الموالية لتركيا. وهو ما يجري الآن على الأرض. وقال خبير مركز الدراسات الإسلامية التابع لمعهد الاستشراق الروسي بوريس دولجوف إن القوة الجوية الروسية لعبت دورا رئيسا ومهدت الطريق لقوات النظام بإنزالها ضربات بدفاعات جبهة النصرة.

وعلى خلفية تلك التطورات نشطت التحضيرات لعقد المؤتمر الوطني ولكن من دون مشاركة الجماعات الموالية لتركيا فيما سيحضر الكرد من حزب الاتحاد الديمقراطي. وتجدر الإشارة إلى أن هذا التطور يعني أن الكرد سيشاركون لاحقا في عملية التسوية، مما سيعرقل مشاركة القوى الموالية لتركيا في مثل هذه الأنشطة. وأعلنت إيران على لسان وزير خارجيتها جواد ظريف خلال مباحثاته الاربعاء مع نظيره الروسي سيرغي لافروف أن طهران مستعدة للتحرك في اتجاه واحد مع روسيا. وقال «إننا نلتزم بالتعاون معكم ومع أصدقائنا الأتراك والتحرك في اتجاه واحد من أجل عقد المؤتمر الوطني في سوتشي وإيجاد السبيل المؤدي إلى تسوية الأزمة السورية بالطرق السلمية». ووفقا لقوله فإن اللقاء في سوتشي سيساعد على تحقيق النجاح في مباحثات جنيف الجارية برعاية الأمم المتحدة.

إن كل الدلائل تشير إلى أن معركة إدلب غدت بمثابة مفترق الطرق التي يقف عندها اليوم محور روسيا ـ إيران ـ تركيا. والسؤال الذي يتطلع الخبراء للرد عليه هو فيما إذا ستلتزم تركيا بموافقتها على الانضمام إلى روسيا وإيران في عملية تصفية جبهة النصرة والجماعات الموالية لها، أم أنها ستتمسك بمواقفها الخاصة التي قد تهمش دورها، أم تلجأ إلى التطبيع مع أمريكا والتعاون معها في الشأن السوري!

 

تجدد المعارك جنوب إدلب… والغارات الروسية تستهدف الدفاع المدني

عمار الحلبي

شهدت جبهات محافظة إدلب تجدّد الاشتباكات، إثر استئناف الطيران الروسي، صباح اليوم، شن غارات كثيفة في مناطق سيطرة المعارضة السورية، مع استمرار المعارك العنيفة على محاور عدة شرق إدلب وشمال شرق حماة، بين قوات النظام المهاجمة مع مليشيات محلية وأجنبية، لمواقع وبلداتٍ وقرى تسيطر عليها فصائل الجيش السوري الحر و”أحرار الشام” و”هيئة تحرير الشام”.

 

من جهتها استعادت “حركة أحرار الشام” اليوم الأحد، نقاطاً عسكرية تقدمت لها قوات النظام خلال المعارك العنيفة الدائرة جنوب مطار أبو الظهور العسكري شرق محافظة إدلب، في وقتٍ خسرت قوات النظام نقاطاً أخرى بذات المنطقة لصالح “هيئة تحرير الشام”.

 

وقالت مصادر محلية لـ “العربي الجديد” إن “حركة أحرار الشام سيطرت اليوم على مزارع الحسيان شمالي بلدة عطشان في ريف حماة الشمالي الشرقي وطردت قوات النظام منها”، مضيفة أن “هيئة تحرير الشام” سيطرت على قريتي “اسطبلات ورسم الورد” الواقعتين جنوب مطار أبو الظهور العسكري.

 

وذكرت غرفة عمليات “وإن الله على نصرهم لقدير” أنها سيطرت على قرى “أم الخلاخيل، الجدعان والويبدة ” في ريف إدلب الجنوبي، وسط أنباء تحّدثت عن سيطرة “جيش النصر” على نقاط للنظام شمال غرب بلدة أبو دالي في ريف حماة الشمالي الشرقي.

 

وتجددت الاشتباكات في إدلب، منذ صباح السبت، على عدّة نقاط تماس في الريف الجنوبي، بين فصائل المعارضة وقوات النظام، فيما سقط ضحايا بتجدد القصف الجوي للنظام وروسيا على أرياف إدلب وحماة.

 

كما تجدّدت الاشتباكات بين فصائل المعارضة المسلّحة و”هيئة تحرير الشام” من جهة، وقوات النظام السوري والمليشيات الموالية لها من جهةٍ أخرى، على محور بلدة الخوين، وذلك في محاولةٍ للمعارضة السيطرة عليها، حيث دمّر “جيش النصر” قاعدة إطلاق صواريخ كورنيت للنظام في محيط “تل مرق”، بعد استهدافها بصاروخ مضاد للدروع.

 

وقالت مصادر محلية لـ”العربي الجديد”، إن فصائل المعارضة المقاتلة ضمن غرفتي عمليات “رد الطغيان” و”إن الله على نصرهم لقدير”، تمكّنت حتّى حلول ليل أمس السبت من السيطرة على عدّة نقاط وهي (تلة الخزنة، أم الخلاخل، الدبشية، خيارة، طلب، برنان، عجاز وأرض الزرزو)، الواقعة على محور ريف إدلب الجنوبي وريف حماة الشمالي الشرقي.

 

وشهدت الساعات الأربع والعشرون الماضية، سلسلة غاراتٍ كثيفة، من طائرات النظام الحربية والطائرات الروسية، على أحياء المدنيين في قرى وبلدات ريفي إدلب وحماة.

 

واستهدف القصف الجوي أمس، مركز قطاع أريحا للدفاع المدني السوري، بخمس غارات متتالية، واستطاع عناصر المركز النجاة إثر إخلاء المكان في اللحظات الأخيرة، ما أسفر عن إصابة عنصر ودمار مبنى المركز بشكل كامل واحتراق إحدى الآليات.

 

كما تعرّضت قرى وبلدات (معرة النعمان، خان شيخون، جرجناز، معرشورين، أم جلال، كفر بطيخ، خان السبل، سرجة، بزابور)، لقصفٍ مماثل، ما أسفر عن مقتل وإصابة عدد من المدنيين، فضلاً عن دمارٍ واسع في البُنى التحتية ومنازل المدنيين.

 

وتحاول قوات النظام التقدّم للوصول إلى مطار “أبو الظهور” العسكري، غير أن العمليات العسكرية التي أطلقتها فصائل المعارضة حالت دون قدرة النظام على الوصول إلى هناك، واضطر للتراجع في عدد كبير من المناطق التي كان قد تقدّم نحوها.

 

المعارضة السورية تتحرك لمواجهة استحقاقات يناير ومقاومة الضغط الروسي/ محمد أمين

تحرّكت المعارضة السورية على أكثر من مستوى سياسي أخيراً، من أجل مواجهة استحقاقات مهمة في شهر يناير/ كانون الثاني الحالي، وفي مقدمتها جولة جديدة من مفاوضات جنيف، على الرغم من يقينها أن هذه المفاوضات وصلت “إلى طريق مسدود”، فضلاً عن مؤتمر سوتشي الروسي، مع سعي المعارضة إلى محاصرته لعدم حرف القضية السورية عن مسار جنيف الأممي مع محاولة النظام وحلفائه تحييده وإفراغه من مضامينه. وبدأ الائتلاف الوطني السوري، أمس السبت، اجتماع هيئته العامة في مقره الدائم بمدينة إسطنبول التركية، ومن المتوقع بحث الوضع العسكري والإنساني في الغوطة الشرقية للعاصمة دمشق، وفي أرياف إدلب وحماة وحلب في ظلّ الحملات العسكرية المتلاحقة لقوات النظام ومليشيات إيرانية، والتي تشي بانهيار اتفاقات أستانة برمتها. كما أن مؤتمر سوتشي لـ “الحوار السوري السوري”، المقرر عقده أواخر الشهر الحالي حاضر على طاولة النقاش وفق مصادر في الائتلاف الوطني السوري. وأشارت المصادر إلى أن “أعضاء الهيئة العامة يناقشون على مدار يومين، آخر التطورات الميدانية والسياسية الأخيرة، والعملية السياسية في جنيف والجولة الجديدة المرتقبة للمفاوضات”.

وأكد نائب رئيس الائتلاف الوطني، عبد الرحمن مصطفى، في تصريحات صحافية، أن “المجازر المرتكبة بحق المدنيين، تأتي في سياق الاستراتيجية العسكرية التي ينتهجها النظام وحلفاؤه لإيجاد حل يتناقض مع القرارات الدولية الخاصة بالشأن السوري”. ولفت إلى “أن المجتمع الدولي، وعلى رأسه الولايات المتحدة، مطالب بأخذ دوره المنوط به في حماية المدنيين ووقف المجازر اليومية بحقهم”.

من جانبه، أكد رئيس الدائرة الإعلامية في الائتلاف السوري، أحمد رمضان، في تصريحات لـ “العربي الجديد”، أنه “لا تغيير في موقف الائتلاف من مؤتمر سوتشي، الذي تحاول موسكو ممارسة ضغوط كبيرة على المعارضة السورية لحضوره”. وسبق للائتلاف أن شدّد عبر تصريحات قياديين فيه على رفض المشاركة في مؤتمر سوتشي، معتبراً إياه “محاولة سافرة لخلق مسار بديل عن مسار جنيف، بهدف تكريس وشرعنة الاحتلالين الروسي والإيراني لسورية، وتثبيت منظومة الاستبداد المتمثلة بنظام بشار الأسد”.

وأشار رمضان إلى أن “جنيف هي المكان الطبيعي للمفاوضات”، مشدّداً على “أنه لا بديل عنها، مهما كانت هناك محاولات لحرف المسار السياسي أو الاستئثار به من قبل روسيا أو غيرها”. وأضاف أن “الموعد المبدئي للجولة المقبلة من مفاوضات جنيف هو في 21 يناير/ كانون الثاني الحالي، ولكن لم يتم تثبيت الموعد بشكل رسمي”.

مع العلم أن عضو هيئة التفاوض لقوى الثورة والمعارضة السورية، بسمة قضماني، ذكرت في تصريحات لها، يوم الجمعة، أن “مفاوضات جنيف مع النظام وصلت إلى طريق مسدود”، ما أكد عمق قلق المعارضة السورية من تفرّد موسكو في مقاربة القضية السورية، وهو ما يعني تمييعها وفرض حلول لا تحقق الحد الأدنى من مطالب الشارع السوري المعارض.

وعقد وفد من هيئة التفاوض، بقيادة رئيس الهيئة نصر الحريري، اجتماعات مكثفة على مدى يومين في واشنطن ونيويورك، في محاولة جديدة لقطع الطريق أمام الروس. ومن المنتظر أن تعقد الهيئة الأسبوع المقبل اجتماعات في مقرها الدائم في العاصمة السعودية الرياض، في إطار الاستعدادات للجولة المقبلة من مفاوضات جنيف، السابقة بأيام الموعد المقرر لمؤتمر سوتشي.

واستبق النظام الجولة العتيدة من جنيف بهجوم دبلوماسي على الموفد الأممي إلى سورية ستيفان دي ميستورا، محمّلاً إياه مسؤولية فشل مفاوضات جنيف. واتهم نائب وزير خارجية النظام فيصل المقداد، في تصريحات له يوم الخميس الماضي، الموفد الأممي بـ”عدم القيام بدور متوازن ونزيه وجدي لحلّ الأزمة في سورية”، مضيفاً أنه “كان منحازاً لمصلحة من يملي عليه من دول غربية وخليجية”.

كذلك شنّ المقداد هجوماً على هيئة التفاوض لقوى الثورة والمعارضة السورية، وقال إنها “لا تمثل الشعب السوري إنما تعمل لمصلحة من شغلّها وموّلها واشتراها وروّج لها”، وفق قوله، رافضاً فكرة تغيير الدستور الذي وضعه النظام في عام 2012. وادّعى أن “هذا الدستور من أحدث الدساتير في العالم”. وجاء تصريح المقداد للتأكيد مرة أخرى على عدم نيّة النظام الانخراط في مفاوضات جادة في جنيف، خصوصاً المتعلقة بمبدأ الانتقال السياسي، “وهو ما يجعل المفاوضات مضيعة للوقت لا أكثر، ما لم يضغط المجتمع الدولي على النظام وحلفائه الروس والإيرانيين”، وفق مصدر في الائتلاف الوطني السوري.

في موازاة كل ذلك، حاولت روسيا الضغط على المعارضة السورية المسلحة، فأبلغت لجنة التفاوض في ريف حمص الشمالي، وريف حماة الجنوبي، عن انتهاء اتفاقية خفض التصعيد في ريف حمص الشمالي الموقّعة في القاهرة في أغسطس/ آب الماضي، في منتصف فبراير/ شباط المقبل.

واعتبر المتحدث الرسمي باسم هيئة التفاوض في ريف حمص الشمالي وريف حماة الجنوبي، بسام السواح، مضمون الرسالة التي وصلت من الجانب الروسي بهذا الخصوص “نوعاً من الضغط على لجنة التفاوض للقبول بالجلوس مع النظام خلال مرحلة التفاوض من أجل تجديد الاتفاق”.

وأكد السواح أن “هيئة التفاوض المذكورة رفضت الجلوس مع النظام، واشترطت أن تكون جلسات التفاوض مع الجانب الروسي فقط من دون النظام”. وأكد أن “الجانب الروسي استجاب لهذا الطلب”، مضيفاً أنه “يتم حالياً التنسيق مع الجانب الروسي لتحديد موعد جولة جديدة من مفاوضات اتفاقية خفض التصعيد”. وأشار إلى أن “قرارات التفاوض في ريف حمص الشمالي تنبع من خلال الحفاظ على مصلحة الريفين المحررين والتزامها الكامل بثوابت الثورة السورية”.

وفي السياق، أكدت مصادر محلية لـ “العربي الجديد” أن “اتفاق خفض التصعيد لم يطبّق أساساً في ريف حمص الشمالي وحماة الجنوبي”، مشيرة إلى أنه “تمّ استثناء بلدة الدار الكبيرة فقط من القصف الجوي بسبب وجود شرطة عسكرية روسية مشرفة على معبر إنساني في البلدة المذكورة”.

من جهته، أكد رئيس اللجنة العسكرية في وفد قوى الثورة إلى مفاوضات أستانة، العقيد فاتح حسون، أن “الوفد لم يُعلم رسمياً بانتهاء اتفاقات خفض التصعيد في منتصف الشهر المقبل”، موضحاً أن “تفاهمات أستانة لم تحدد موعداً لانتهاء الاتفاقات”. وأضاف أنه “تم تحديد موعد جولة أستانة المقبلة في 15 فبراير المقبل”. وحول مشاركة المعارضة المسلحة في الجولة العتيدة في ظل تصعيد النظام في الغوطة الشرقية وريف إدلب، أكد حسون في حديث مع “العربي الجديد” أنه “من المبكر تحديد موقف”، مضيفاً أن “كل ما ينفع الثورة وأهلنا نحن معه، وكل ما يسيء للثورة ولا يحقق المكاسب فلا نقدم عليه”.

العربي الجديد

 

مهام جديدة للتحالف الدولي في سوريا والعراق

أ. ف. ب.

 

واشنطن: يقوم التحالف الدولي بقيادة واشنطن في سوريا والعراق اثر الانتصارات العسكرية الساحقة ضد داعش من الموصل إلى الرقة بتقليص عمله الميداني مع التركيز حاليا على مهام “ترسيخ الاستقرار” تجنبا لعودة هذه الجماعات.

 

وكان وزير الدفاع الاميركي جيم ماتيس اعلن مؤخرا إنه بعد ثلاث سنوات من الجهود الرامية الى القضاء على “خلافة” تنظيم داعش، فإن المهام “ستتطور وتتجه من السيطرة على الاراضي الى تحقيق الاستقرار”.

 

والهدف من ذلك هو استكمال تدريب اجهزة الامن العراقية التي يتعين عليها تطهير شمال البلاد والمساعدة في انشاء اجهزة أمنية مهنية في شرق سوريا من اجل تجنب ظهور ما يطلق عليه ماتيس “داعش نسخة ثانية”.

 

وبينما كان توسع تنظيم داعش يهدد بغداد، اطلقت الولايات المتحدة التحالف الدولي في اكتوبر 2014 مع نحو 50 بلدا. اصبح عددها حاليا 74، بالاضافة الى منظمات دولية مثل الانتربول وحلف شمال الاطلسي.

 

وطوال ثلاث سنوات، قصف التحالف وخصوصا واشنطن المناطق الخاضعة لسيطرة تنظيم داعش الذي فقد اكثر من 98% من أراضيه في حين تتولى قوات خاصة اميركية وفرنسية وكندية وبريطانية تقديم دعم عسكري وخدمات لوجستية للجيش العراقي أو قوات سوريا الديمقراطية، وهي تحالف يضم مقاتلين من الاكراد والعرب.

 

ودفعت هذه الانتصارات العسكرية عدة دول الى تخفيف انتشارها في سوريا والعراق. وبحلول نهاية نوفمبر، اعلنت الولايات المتحدة التي نشرت الفي جندي في سوريا واكثر من خمسة الاف في العراق انسحاب 400 من عناصر المارينز من سوريا.

 

وفي الوقت نفسه، ارسلت واشنطن ثلاثة الاف جندي الى افغانستان حيث دخل الصراع عامه السابع عشر. من جهتها، اعلنت استراليا في كانون الاول/ديسمبر انتهاء حملتها الجوية، واستدعت مقالاتها الست من طراز “اف 18 هورنت” التي شاركت في عمليات التحالف لمدة ثلاث سنوات.

 

وذكرت صحيفة “التايمز” ان بريطانيا التي بدأت ايضا خفض قواتها في المشرق قد تعيد نشر بعض طائراتها بدون طيار والمروحيات في منطقة الساحل دعما للعمليات الفرنسية ضد داعش.

 

من جهتها، اعلنت مصادر عسكرية فرنسية ان باريس سحبت مؤخرا اثنتين من مقاتلاتها ال 12 من طراز رافال المتمركزة فى المنطقة، كما انها تستعد لسحب مدفعيتها من العراق قريبا.

 

استخبارات وتدريب

 

مع ذلك، فإن واشنطن مثل باريس، وغيرهما وعدتا بمواصلة جهودهما للحد من احتمال عودة تنظيم داعش، من خلال عمليات الاستخبارات والمراقبة وتدريب قوات الامن المحلية.

 

وقال نيكولاس هيراس من مجموعة “نيو اميركان سيكيوريتي” مشيرا الى ايطاليا التي تساعد قوات سوريا الديموقراطية على تشكيل قوة من الدرك في الرقة، انه “سيكون لدينا العديد من الشركاء يتولون مختلف المسؤوليات في مهمة تحقيق الاستقرار وفقا لمهاراتهم”.

 

واضاف ان الولايات المتحدة تشكل حماية للشركاء في التحالف نظرا “لامكانياتها العسكرية المهمة”.

 

وتحذر اجهزة الامن الغربية من ان تنظيم داعش لا يزال يشكل تهديدا كبيرا، رغم هزيمته وفقدانه مناطق سيطرته، وذلك من خلال شبكاته النائمة وسيتمكن من استعادة ما خسره اذا فشلت عملية السلام.

 

وكان الجنرال الاميركي بول فونك، قائد التحالف قال في رسالته بمناسبة العام الجديد إن “ظروف عودة داعش لا تزال موجودة، ويمكن ان تصبح هزيمته دائمة بفضل التحالف والجهود التي يبذلها المجتمع الدولي”.

 

بدوره، قال مصدر حكومي فرنسي “نتذكر سنوات الالفين عندما قاتل الاميركين القاعدة التي تحولت بعد ذلك الى داعش، نخشى ما يمكن ان تصبح داعش عليه إذا كان الاهتمام لا يلقى دعما كافيا”.

 

وفي مؤشر على مشاركة الولايات المتحدة هذا القلق، اعلن البنتاغون الشهر الماضي ان الولايات المتحدة ستحتفظ بوجودها العسكري في سوريا “طالما دعت الضرورة”.

 

وبمجرد الانتهاء من جهود تحقيق الاستقرار، فإن الخطوة التالية للتحالف ستكون اعادة اعمار سوريا، وهي عملية تربطها الولايات المتحدة بمحادثات السلام برعاية الأمم المتحدة في جنيف وتنحي الرئيس السوري بشار الاسد.

 

الغارديان: حملة الأسد على إدلب ستؤدي إلى كارثة إنسانية

منال حميد – الخليج أونلاين

قالت صحيفة الغارديان البريطانية، إن الحملة العسكرية التي يقودها نظام بشار الأسد على مدينة إدلب، الخاضعة لسيطرة فصائل المعارضة السورية، ستؤدي إلى كارثة إنسانية.

 

ونقلت الصحيفة عن مسؤول تركي رفيع المستوى، قوله إن الهجوم الذي تشنه قوات الأسد على إدلب سيؤدي إلى موجة نزوح جديدة.

 

وبحسب منير مصطفى، رئيس منظمة الإنقاذ للدفاع المدني، المعروفة باسم “الخوذ البيض”، فإن موجة النزوح من إدلب هي الكبرى منذ بداية الثورة السورية وحتى اليوم، حيث يشن النظام السوري هجوماً مكثفاً على المدينة منذ عدة أيام.

 

وفر عشرات الآلاف من المدنيين من إدلب التي كانت إلى وقت قريب خاضعة لسيطرة المعارضة السورية.

 

فبحسب الأمم المتحدة غادر 30 ألف نسمة المدينة منذ الأسبوع الماضي وفروا باتجاه الحدود التركية، وهو ما أدى إلى ازدحام المخيمات وسط أجواء البرد القارس الذي تشهده المنطقة، إلا أن مصادر محلية قالت لـ “الغارديان” إن رقم النازحين أعلى بكثير مما ذكرته إحصائيات الأمم المتحدة.

 

رئيس الوزراء التركي، بن علي يلدرم، قال في تصريحات نشرتها وكالة الأناضول، إن الهجمات المكثفة على إدلب ستؤدي إلى موجة نزوح جديدة ومعاناة جديدة.

 

ثلث النازحين من إدلب يعيشون في خيام مؤقتة بعد أن تركوا بيوتهم، في وقت لا تتمكن منظمة “الخوذ البيض” من توفير مأوى مناسب لهم، حيث يعتمد أغلب النازحين على خيم بدائية يقومون بنصبها دون أن تتوفر فيها أدنى مقومات الحياة.

 

وقال توماس غارفالو، وهو مسؤول في مركز الشرق الأوسط الإغاثي، إننا قلقون جداً على سلامة 2.6 مليون شخص يعيشون في إدلب إذا استمرت المواجهات العسكرية هناك، “لقد أبلغنا الناس أنه لن يكون أمامهم خيار جديد للنزوح والهجرة صوب الشمال، لم يبق أمامهم سوى الفرار إلى مخيمات ومعسكرات نزوح لا يمكنها أن تكون قادرة على استيعابهم في أيام الشتاء البارد”.

 

من جهته اعتبر مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، زيد بن رعد الحسين، أن هجوم الأسد على إدلب يهدد سلامة مئات الآلاف من المدنيين.

 

يذكر أنه في ربيع عام 2015 تمكنت فصائل المعارضة السورية المسلحة من اجتياح مدينة إدلب وطرد القوات الموالية للنظام، ومنذ ذلك الحين والمدينة تتعرض لهجمات نظام الأسد.

 

ومع تقدم قوات النظام على مناطق أخرى في سوريا كانت تحت سيطرة المعارضة، اضطر الكثير من سكان تلك المناطق إلى النزوح نحو إدلب، وهو ما رفع من عدد سكان المدينة إلى أكثر من مليوني شخص.

 

هيئة تحرير الشام، وبعض فصائل تابعة لتنظيم القاعدة، تعد الأكثر سيطرة على إدلب، وهو ما يستخدمه نظام الأسد كمبرر لهجماته على المدينة، حيث شن الطيران الحربي خلال الفترة الماضية عدة هجمات على مركز المدينة أدت إلى مقتل العشرات من المدنيين.

 

معارك كر وفر بإدلب والنظام يقصف الغوطة بالكلور

يشهد ريف إدلب (شمال سوريا) معارك كرّ وفرّ بين فصائل المعارضة وقوات النظام والمليشيات المتحالفة معه، واستعادت المعارضة السيطرة للمرة الثانية على قرى وبلدات بريف إدلب الجنوبي، بينما أعلن النظام استعادة السيطرة على 15 قرية في ريف حلب الجنوبي المحاذي له، وذلك في ظل استمرار حركة نزوح واسعة للمدنيين.

 

وقال مراسل الجزيرة إن قوات المعارضة المسلحة استعادت السيطرة للمرة الثانية على قرى وبلدات الخوين وتل مرق والويبدة وأم الخلاخيل وجدعان بريف إدلب الجنوبي؛ وذلك بعد مواجهات بينها وبين قوات نظام بشار الأسد.

 

وِأشار المراسل إلى أن معارك كر وفر بين الطرفين تدور في المنطقة في ظل استمرار حركة نزوح المدنيين؛ جراء حملة القصف الجوية التي تشنها مدفعية وطائرات النظام على مناطق المعارضة في محافظتي إدلب (شمال) وحماة (وسط).

 

وبحسب شبكة شام، تمكنت فصائل “رد الطغيان” التابعة للجيش الحر من استعادة السيطرة على قرى المشيرفة والخوين وتل مرق، وقتلت وجرحت العشرات من عناصر النظام.

 

كما أوضحت شبكة شام أن المعارك العنيفة تتواصل في ريف إدلب الشرقي والجنوبي، حيث تمكنت هيئة تحرير الشام وفصائل معارضة أمس السبت من استعادة السيطرة على قرى تل الخزنة وطلب والدبشية والربيعة والخريبة، كما قتلت مجموعة كاملة من قوات النظام خلال اشتباكات عنيفة جرت على محور قرية طلب.

 

قصف بغاز الكلور

وبعد أن استعادت كتائب المعارضة وهيئة تحرير الشام بلدة الخوين بالريف الجنوبي، ذكر ناشطون أن مروحيات النظام استهدفت البلدة ببراميل متفجرة تحوي غاز الكلور السام.

 

وبحسب شبكة شام، شن الطيران الروسي والسوري عشرات الغارات على ريف إدلب، لا سيما على بلدات خان السبل وكفر بطيخ وسرجة وخان شيخون، حيث ارتفع عدد القتلى إلى 15، بينهم أطفال ونساء، فضلا عن سقوط جرحى، ووقوع أضرار مادية كبيرة.

 

وفي تطور آخر، قالت وكالة سانا الرسمية إن قوات النظام استعادت السيطرة على 15 قرية في ريف حلب الجنوبي؛ بعد مواجهات مع قوات المعارضة، وبحسب الوكالة فإن مجموع القرى التي استعادتها قوات النظام خلال اليومين الماضيين بلغ 28 قرية، مشيرة إلى أن قوات النظام ما زالت تواصل عملياتها العسكرية في المنطقة، وأنها قتلت عددا من المسلحين.

 

يشار إلى أن قوات النظام تسعى إلى وصل مناطق سيطرتها في ريف حلب الجنوبي الشرقي بمناطق سيطرتها في ريف إدلب الشرقي؛ بهدف الوصول إلى قاعدة أبو الظهور الجوية العسكرية.

 

الغوطة الشرقية

من جهة أخرى، نقل مراسل الجزيرة عن مصادر ميدانية أن المعارضة صدت هجوما عنيفا لقوات النظام بهدف فك الحصار عن إدارة المركبات في الغوطة الشرقية بريف دمشق، وأضافت المصادر أن قوات النظام تقدمت خلال اليومين الماضيين لتصبح على بعد أقل من كيلومتر واحد من إدارة المركبات.

 

وقال الدفاع المدني العامل بمناطق سيطرة المعارضة إن قوات النظام شنت هجوما بثلاثة صواريخ محملة بغاز الكلور على مدينة دوما في الغوطة الشرقية، مما أسفر عن إصابات عديدة بحالات اختناق، كما تسبب قصف آخر في مقتل ثلاثة مدنيين في دوما.

 

ووفق شبكة شام، تعرضت مدن وبلدات الغوطة الشرقية المحاصرة بريف دمشق أمس السبت لقصف جوي ومدفعي وصاروخي عنيف، حيث تعرضت الأحياء السكنية في مدينة عربين وأطرافها لقصف بـ 11 غارة جوية وبستة صواريخ “أرض-أرض” وبأكثر من سبعين قذيفة، مما أدى إلى سقوط قتيل وجرحى.

 

كما تعرضت مدينة حرستا لـ33 غارة جوية، بالإضافة إلى قصف بـ44 صاروخ “أرض-أرض” وأكثر من 140 قذيفة مدفعية، بحسب المصادر نفسها.

 

وذكرت فرق الدفاع المدني أن قوات النظام تواصل استهداف مدن الغوطة منذ 29 من الشهر الماضي، ولم يهدأ القصف ليلاً أو نهاراً.

 

يشار إلى أن مدن وبلدات الغوطة الشرقية تتعرض بشكل يومي لقصف عنيف، دفع دائرة شؤون المساجد والأوقاف التابعة للهيئة الشرعية في دمشق وريفها لإلغاء خطبة الجمعة في كافة المساجد، وسبق ذلك إعلان مديرية التربية تعليق الامتحانات في مدن وبلدات الغوطة الشرقية، حفاظا على أرواح الطلبة.

المصدر : الجزيرة

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى