أحداث وتقارير اخبارية

أحداث الأحد 22 نيسان 2018

مفتشو «الاسلحة الكيماوية» جمعوا عينات من دوما

لاهاي، موسكو – أ ف ب

 

اعلنت منظمة حظر الاسلحة الكيماوية ان خبراءها اخذوا عينات اليوم (السبت) من موقع الهجوم الكيماوي المفترض في مدينة دوما.

 

وجاء في بيان للمنظمة ان بعثة تقصي الحقائق التابعة لها زارت دوما «اليوم لجمع عينات للتحليل بما يتصل بالشبهات باستخدام اسلحة كيماوية في السابع من نيسان (ابريل) 2018، أن منظمة حظر الاسلحة الكيماوية ستقيم الوضع وتنظر في خطوات لاحقة بما يشمل زيارة اخرى محتملة الى دوما».

 

وكانت وزارة الخارجية الروسية أعلنت أن مفتشي المنظمة زاروا اليوم دوما. وقالت الوزارة في بيان «بحسب المعلومات التي بحوزتنا، فإن البعثة الخاصة للمنظمة زارت قبل الظهر دوما، الموقع الذي يشتبه بأنه تم استخدام مواد سامة فيه».

 

وكانت البعثة وصلت الى سورية في الـ 14 من الشهر الجاري.

 

واضاف البيان «تم ضمان سلامة العاملين في المنظمة ليس من الطرف السوري فحسب، بل ايضا من قيادة القوات الروسية في سورية». وتابع «نتطلع الى قيام المفتشين باجراء التحقيق الاكثر حيادية، لكشف ملابسات ما حصل في دوما، وبان يقدموا تقريرا موضوعيا» عن الحادثة.

 

واشار البيان إلى «خصوصا وانها الزيارة الاولى لمكان حادث كيماوي مفترض في تاريخ وجود ما يسمى الملف الكيماوي السوري».

 

وأوضح «ان المنظمة والامم المتحدة اكتفيتا حتى الان باجراء تحقيقات عن بعد استنادا الى معلومات يقدمها معارضون للسلطات الرسمية السورية».

 

مجلس الأمن يبحث الملف السوري في مزرعة سويدية نائية

باكاكرا (السويد) – أ ف ب

 

التقى أعضاء مجلس الامن في مزرعة معزولة على الطرف الجنوبي للسويد اليوم (السبت)، في مسعى لتخطي الانقسامات العميقة في شأن كيفية انهاء الحرب في سورية.

 

وفي أول خطوة من نوعها للمجلس الذي عادة ما يعقد جلسته السنوية للعصف الذهني في نيويورك، دعت السويد العضو غير الدائم في المجلس، المندوبين الـ 15 والامين العام انطونيو غوتيريش إلى عقد اجتماعهم غير الرسمي في باكاكرا.

 

ويتوقع أن ينضم إليهم الموفد الدولي الخاص إلى سورية ستافان دي ميستورا غداً.

 

وعلى بعد آلاف الكيلومترات عن نيويورك ودمشق، يبحث المجلس «سبل تعزيز مهمات الأمم المتحدة لحفظ السلام وجعلها اكثر فعالية»، وفق الحكومة السويدية.

 

ورحبت وزيرة الخارجية السويدية مارغوت فالستروم بقرار عقد الاجتماع في السويد «التي تؤمن بالحلول السلمية للنزاعات ومنع حدوثها»، لكنها حذرت لدى وصولها إلى باكاكرا صباح اليوم من عقد آمال كبيرة على حل المسألة السورية خلال عطلة نهاية الأسبوع. وقالت «نأمل بأن يتم طرح أفكار جديدة على طاولة النقاش، وبحسب اعتقادي ستتركز على الوضع الإنساني والأسلحة الكيماوية»، مضيفة «لكن حتى أجواء رائعة (التي يعقد فيها الاجتماع) ليس بإمكانها حل جميع المشاكل».

 

وأوضح نائب المندوب السويدي لدى الأمم المتحدة كارل سكاو أن الفكرة من الاجتماع التشجيع على الحوار و«إعادة اطلاق الزخم» بـ «تواضع وصبر»، بعد اسبوع من ضربات جوية نفذتها فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة على مواقع للنظام السوري.

 

وقال سكاو للصحافيين في نيويورك إن الاجتماع «مهم لمصداقية المجلس»، وأضاف إن «باكاكرا موقع مناسب وملهم لتنشيط العمل الديبلوماسي»، وتابع «إنه مكان للعمل والابتعاد عن الرسميات والتوصل لطرق حقيقية وذات معنى للمضي قدما».

 

وانتقدت بعض الدول من الاعضاء غير الدائمين في مجلس الأمن عقد الاجتماع في السويد. وقال أحد السفراء، طالبا عدم ذكر اسمه، إنه «وسط النزاعات التي سيناقشها المجلس، ومنها النزاع في سورية، فإنه من غير الطبيعي أن تسافر الوفود كل هذه المسافة». وتساءل «ما الذي سيحدث إذ حصل أمر سيء؟».

 

وكانت المزرعة، المقر الصيفي لداغ هامرشولد، الذي كان ثاني أمين عام للأمم المتحدة ولقي مصرعه في حادث تحطم طائرة في افريقيا العام 1961.

 

وتضم المزرعة الواقعة في قلب محمية طبيعية على بعد مسافة قصيرة من بحر البلطيق، باحة وسط اربعة مبان اخضعت لاعمال ترميم في السنوات الاخيرة. والجناح الجنوبي هو المقر الصيفي للاكاديمية السويدية التي تمنح جوائز نوبل للآداب.

 

التخلّص من «الكيماوي» … عمل محفوف بأخطار

ريسفيك (هولندا) – أ ف ب

 

يجلس مايكل باريت خلف مكتبه أمام هاتف من الطراز القديم، لكن حين يتلقى اتصالاً على خط الطوارئ هذا، تكون أمامه مهلة لا تتعدى ثلاث ساعات لتحضير معدات فائقة تطور يحتاج إليها خبراء، للانتشار في موقع يشتبه بأنه شهد هجوماً كيماوياً.

 

ومع انتشار صور مروعة لأطفال ونساء ورجال مذعورين بعد تعرضهم لهجوم يعتقد بأنه تم بواسطة غازات سامة أو غازات أعصاب في سورية، تحول مختبر منظمة حظر الأسلحة الكيماوية ومخزن تجهيزاتها إلى خلية نحل تضج بالحركة. ويعمل حوالى عشرين موظفاً منذ عقدين في ذلك المبنى المؤلف من طابقين الواقع في منطقة صناعية صغيرة في مدينة ريسفيك (ضواحي لاهاي) جنوب هولندا، ساعين إلى نزع الأسلحة الكيماوية من العالم.

 

في هذا الموقع، بدأت مهمة الخبراء المكلفين التحقيق في الهجوم الكيماوي المفترض الذي استهدف المدنيين في مدينة دوما قرب دمشق في السابع من نيسان (أبريل) الجاري.

 

وفي ظل التصريحات السياسية المستنكرة ومطالبة الرأي العام العالمي بأجوبة، يجري العمل عادة على وضع أختام على العينات التي يجمعها خبراء المنظمة، وتنقل إلى المختبر وفق سلسلة صارمة من تدابير المراقبة، لإخضاعها لتحاليل دقيقة ومفصلة.

 

ويقوم مايكل باريت منذ 21 عاماً بتدريب وتجهيز خبراء يتطوعون لزيارة المواقع السامة الأخطر في العالم، وهو نفسه شارك في مثل هذه المهمات في السابق.

 

وقال العسكري السابق (61 عاماً) في مقابلة مع وكالة «فرانس برس»: «بالطبع تشعر بالعصبية، وإن لم تشعر بذلك، فهذا يعني أنك لست على ما يرام».

 

وقبل مغادرة أي فريق من الخبراء، ينبغي الكشف على بزاتهم في شكل دقيق من الرأس إلى أخمص القدمين، للتثبت من فاعلية قمصان الحماية وأحذية الكاوتشوك التي تغطي الأحذية العادية. وتنطبق عملية التدقيق ذاتها على كل المعدات، خصوصاً أجهزة الرصد الفائقة التطور والهواتف عبر الأقمار الصناعية واللوازم الطبية التي تتضمن قوارير مواد مضادة لسموم الأعصاب الأكثر فتكاً.

 

ويقول باريت وهو كبير الفنيين اللوجستيين ورئيس فريق مخزن تجهيزات منظمة حظر الأسلحة الكيماوية: «تصوروا قناعاً للغاز يكون صمامه في الاتجاه الخطأ».

 

وفيما تتصاعد اللهجة ويتبادل القادة السياسيون الاتهامات والنفي في شأن استخدام مواد كيماوية في هجوم دوما أو مادة سامة للأعصاب في مدينة سالزبري البريطانية الهادئة، تبقى التعليمات الأهم في مختبر ريسفيك «حماية» الفريق و «الحفاظ» على سلامة النهج العلمي. فأي ثقب مهما كان صغيراً في أحد القفازات قد يؤدي إلى مقتل الخبير.

 

وهذه التدابير المشددة هي التي أمنت الحماية لخبراء المنظمة، ومنعت إصابة أي منهم خلال مهمات رسمية قاموا بها على مدى 21 عاماً، إذ بلغ عددها سبعة آلاف مهمة. وأتاحت هذه المهمات الخطيرة والشديدة المنهجية للمنظمة التي تضم حوالى 400 موظف، إزالة 96 في المئة من ترسانات الأسلحة الكيماوية في العالم، في إنجاز حازت عليه «جائزة نوبل للسلام» عام 2013.

 

ويوضح مايكل باريت أن «عمل خبير الكيمياء التحليلية هو من الأخطر هنا، لأنه يقضي بأخذ العينة». ومعظم الخبراء هم علماء لم يستخدموا في غالب الأحيان أقنعة غاز قبل الانضمام إلى المنظمة، وهم باتوا الآن مؤهلين تماماً للعمل في مناطق تشهد حروباً.

 

وفي 2012، أضيفت إلى حقائب معداتهم الثقيلة سترة واقية من الرصاص في حال تعرضوا لإطلاق نار. وبعد وصول الفريق الذي يتألف من خبيرين إلى 25 خبيراً إلى الموقع، يقوم بتفحص المنطقة بمساعدة أجهزة استشعار لقياس ضوء اللهب أو أجهزة قياس الطيف لرصد أي مادة سامة.

 

ولدى الخبراء مهلة قصيرة جداً لا تصل أحياناً إلى عشرين دقيقة، لجمع عينات من التربة والنبات وحتى من أطر النوافذ المطاطية، يمكن أن تحوي أدلة على التلوث وتحتفظ بها لأسابيع. كما يتعين أخذ عينات من دم وبول المصابين، وتحليل عينات أنسجة من القتلى.

 

وبعد نقل العينات إلى ريسفيك، يتم تقسيمها وإرسالها إلى عدد من المختبرات المستقلة يتم اختيارها من بين عشرين مختبراً في العالم تصادق المنظمة على عملها، فتعد تقاريرها وسط سرية تامة، يتم جمعها في ما بعد في لاهاي. ويبقى هدف عمل المنظمة هو نفسه: ضمان سلامة الأدلة والنتائج.

 

ضربات جوية تستهدف جيبا لمقاتلي المعارضة قرب دمشق

بيروت: أظهرت لقطات بثها التلفزيون السوري أن ضربات جوية استهدفت منطقة تسيطر عليها المعارضة قرب دمشق الأحد في حين تكثف قوات النظام جهودها لسحق آخر معقل للمقاتلين قرب العاصمة.

 

وأظهرت اللقطات الحية تصاعد أعمدة الدخان الكثيف من حي الحجر الأسود في حين كان يسمع أزيز الطائرات المحلقة في سماء المنطقة.

 

والمنطقة جزء من جيب إلى الجنوب مباشرة من دمشق يضم مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين ويسيطر عليه مقاتلون من تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” وجبهة النصرة.

 

وهو متاخم لجيب تسيطر عليه جماعات معارضة أخرى تقاتل تحت راية الجيش السوري الحر.

 

ويسعى الرئيس بشار الأسد المدعوم من إيران وروسيا لسحق آخر جيوب محاصرة للمعارضة بعد أن هزم مسلحي المعارضة في الغوطة الشرقية التي كانت آخر أكبر معقل لهم قرب العاصمة.

 

وبدأ مقاتلو المعارضة الأحد الانسحاب من جيب كانوا يسيطرون عليه يقع شمال شرقي دمشق في منطقة القلمون الشرقي بموجب اتفاق استسلام مع الحكومة. ويجري نقلهم لمنطقة تسيطر عليها المعارضة على الحدود مع تركيا.

 

وباستعادة القلمون الشرقي والجيب الواقع إلى الجنوب من دمشق لم يتبق للمعارضة سوى جيب واحد محاصر شمالي مدينة حمص لكن مازالت أجزاء كبيرة من الأراضي السورية على الحدود مع الأردن وإسرائيل وتركيا والعراق خارج سيطرة الأسد.

 

ويسيطر المعارضون على أراض في جنوب غرب وشمال غرب البلاد ويسيطر مقاتلون أكراد مدعومون من الولايات المتحدة على أراض في شمال وشرق سوريا. (رويترز)

 

روسيا تفشل في تغيير مسرح جريمة الكيميائي: جثث الضحايا في عهدة منظمة حظر الأسلحة الكيميائية

منهل باريش: فشل محققو منظمة حظر الأسلحة الكيميائية من الدخول إلى مدينة دوما لمعاينة الموقع الذي استهدفه النظام السوري يوم السابع من نيسان (أبريل) الجاري، وتسبب في مقتل 50 ضحية جلهم من الأطفال والنساء، الذين كانوا يختبئون في أحد الأقبية، هربا من القصف الجوي الروسي على أكبر مدن الغوطة الشرقية قرب العاصمة دمشق. ورغم وصول فريق المنظمة إلى دمشق قبل 9 أيام، إلا أنهم لم يتمكنوا من الوصول إلى مسرح الجريمة لمعاينته، بسبب الحجج الروسية عن سوء الأوضاع الأمنية في المدينة. وذهبت الشرطة العسكرية الروسية إلى حد إطلاق النار على الوفد الأمني التابع للأمم المتحدة الذي سبق فريق منظمة حظر السلاح الكيميائي، بهدف عودته ومنعه من الدخول بسبب سوء الأوضاع الأمنية. وعاد الوفد الأمني بعد وصوله إلى ساحة الشهداء وسط دوما، خشية تعرضه إلى الاستهداف المباشر. علما أن الشرطة العسكرية الروسية منتشرة في المكان ولم تتعرض إلى أي استهداف من قبل أي جهة، ما يعزز فرضية إعاقة عمل فريق المحققين الدوليين من قبل الجانب الروسي والنظام السوري.

مصادر محلية في دوما أكدت انتشار الشرطة العسكرية وخبراء روس في مسرح الجريمة، في الأيام التي تلت بدء عملية التهجير القسري من دوما وإخراج مقاتلي «جيش الإسلام». وبث نشطاء من مدينة دوما شريطا مصورا للجنرال الروسي زورين متجولاً في دوما ويدخل المبنى الذي استهدف بالسلاح الكيميائي. وأضاف المصدر، الذي رفض ذكر اسمه، أن الخبراء الروس يعملون على تنظيف المكان ونقلوا فوارغ الصواريخ المنفجرة في المكان. وأضاف: «تعرض الأطباء إلى عملية ابتزاز ومساومة وتهديد من قبل الضباط الروس وضباط أمن النظام، حيث وُعدوا بإعفاءات من الخدمة العسكرية بشكل نهائي وهُددوا بحياتهم وحياة أسرهم في حال خروجهم عن الرواية الرسمية التي يقولها النظام». ولم يقتصر التهديد على الأطباء الذين بقوا في دوما، بل حتى الذين خرجوا إلى منطقة «درع الفرات» شمال سوريا، إذ هدد النظام الذين اصطحبوا أولادهم وزوجاتهم بقتل آبائهم وأمهاتهم في حال قاموا بالإدلاء بأي شهادات أو تصريحات، وهو ما منع أي منهم من التواصل مع وسائل إعلام أمريكية أو أوروبية.

 

مسرح الجريمة

 

يبدو أن محاولة الروس إعاقة التحقيق كانت وراء تأخير وصول خبراء منظمة حظر السلاح الكيميائي «OPCW» لأن الروس كانوا بحاجة إلى أسبوع آخر حتى يتم التخلص من آثار السارين بشكل نهائي. ويواجه الروس مشكلة كبيرة للغاية وهي العثور على جثث الضحايا الخمسين الذين سقطوا في دوما، فالجهة الوحيدة التي تعلم مكان دفنهم هي التي دفنتهم خصوصا مع ما ترافق من حالة ذعر، ومن غير المعروف بالنسبة للنظام والروس أنه تم دفنهم في مقبرة واحدة أو في مقابر. فالمعلومات المتواترة أن كل الأطباء الذين وُعدوا بإعفائهم من التجنيد الإجباري لا يعلمون أماكن دفن الجثث، حتى عمال المقابر لا يعلمون أي الجثث التي دفنوها هم من ضحايا السلاح الكيميائي ولا يعلمون أسماء الضحايا الذين سقطوا في الأيام الأخيرة بسبب القصف العنيف الذي تعرضت له دوما. قائد الدفاع المدني السوري «الخوذ البيضاء» حسم الجدل بخصوص أماكن ضحايا القصف الكيميائي، وتبنى دفن جثث من قبل عناصره في دوما قبل خروجهم إلى الشمال السوري. وقال رائد الصالح في تغريدة على حسابه الرسمي على تويتر: «لقد قمنا بالإبلاغ عن مكان وجود الضحايا للجنة الأممية، الضحايا الذين سقطوا في دوما نتيجة الهجوم الكيميائي عليهم» متمنياً «أن يسمح النظام وروسيا بدخول اللجنة إلى دوما». وعبر عن خشيته من «التلاعب بمكان وجود الضحايا وطمس الأدلة في المواقع المستهدفة».

في سياق متصل، علمت «القدس العربي» أن فريقا تابعا لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية حصل على عينات من المصابين الذين وصلوا إلى منطقة الباب شمال سوريا، واستمعوا إلى شهادات بعضهم، وإلى شهادة أخرى من المسعفين. هذه المعلومات والأدلة الجنائية حصلت عليها أطراف دولية أخرى في سياق آخر، من الواصلين نفسهم إلى شمال سوريا.

ومن غير المتوقع أن تقوم منظمة حظر السلاح الكيميائي بتحديد الجاني، وتقتصر مسؤوليتها على تحديد نوع السلاح فقط، فتحديد المسؤولية الجرمية هو بحاجة إلى لجنة تحقيق مشتركة على غرار اللجنة التي فتشت في خان شيخون والتي تمتلك صلاحيات أوسع تمكنها من تحديد الجاني، وهي التي انتهى عملها في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي بسبب الفيتو الروسي.

إعلان الدفاع المدني السوري عن تحديدهم أماكن دفن الضحايا للجنة الدولية، يحمّل المنظمة مسؤولية أخلاقية كبيرة، لكنه سيكشف مقدرة الروس على المناورة في مسألة السماح للفريق الدولي بالدخول من عدمه، وسيزيد من حالة الإحراج التي تتعرض لها موسكو والتي تُتهم من قبل بريطانيا وأمريكا أنها شريكة في جريمة استخدام السلاح الكيميائي، خصوصا بعد القصف الدولي الثلاثي على أهداف تعنى بتطوير السلاح وتخزينه وأمر استخدامه من قبل النظام السوري.

منع دخول فريق المنظمة الدولية أصبح أكثر تأكيداً، فالعبث في مسرح الجريمة وإعلان موسكو عن اكتشاف معامل تصنيع لغاز الكلور في الغوطة، والاتهامات الكثيرة لـ«الإرهابيين» والتي وصلت حد التضارب في التصريحات الروسية، يؤكد أن روسيا لم تستطع تغيير كامل مسرح الجريمة. وحتى تكمل ذلك، بقي لديها خيار نبش كل قبور دوما وفحص الضحايا وتحديد أيهم قضى بالسلاح الكيميائي. وهذا خيار شبه مستحيل يحتاج شهورا طويلة، لا يمكن خلالها أن ينتظر الفريق الأممي على أبواب دوما.

 

الكرة تعود الى ملعب الرقة بعد تحويله سجناً!

الرقة (سوريا) ـ «القدس العربي»: في ملعب الرقة البلدي، السجن الرئيسي السابق لتنظيم الدولة الاسلامية، يخوض اللاعب عزيز الساجر، حيث اعتقل فيه قبل سنوات، مع فريقه مباراة مشوقة ضد خصمه من مدينة الطبقة المجاورة للفوز ببطولة محلية لكرة القدم في شمال سوريا.

ورغم أن مدرجات الملعب الكبيرة كانت شبه خالية، إلا أن ذلك لم يمنع عشرات المشجعين الذين أتوا لمشاهدة المباراة، ويتحمسون مع كل محاولة تسجيل هدف لفريقهم. ويقول عزيز (25 عاماً) قبل استعداده للدخول مع زملائه في فريق الرشيد الى أرض الملعب الذي يفتقد للعشب الأخضر: «هذا السجن خلفي ذهب مع الماضي وانتهى. الآن نحن مرتاحون». واعتقل الشاب قبل نحو ثلاث سنوات لمدة شهر في قبو الملعب، خضع خلالها للتحقيق والاستجواب من عناصر التنظيم بعد انشقاقه عن الجيش السوري. قبل ان يتم اطلاق سراحه. ويوضح: «كان الماضي جميلاً بخلاف السنوات الثلاث السود. كنا نسرق الرياضة سرقة، لم تكن الرياضة ممنوعة… لكن مكروهة منهم». وسيطر تنظيم الدولة على مدينة الرقة في وسط سوريا مطلع 2014، تزامناً مع سيطرته على مناطق واسعة في سوريا والعراق المجاور. وجعل المدينة معقله الأبرز في سوريا قبل أن تتمكن قوات سوريا الديموقراطية المؤلفة من فصائل كردية وعربية وبدعم أمريكي من طرده منها في تشرين الاول/أكتوبر 2017. وخلال سيطرته على المدينة، فرض التنظيم أحكاماً وقيوداً مشددة على حركة المدنيين شملت لباسهم أيضاً. وتوقفت الأنشطة الرياضية والترفيهية بشكل شبه كامل. ويشرح عزيز: «منعوا الشعارات الرياضية على الألبسة كشعار فريقي ريال مدريد أو برشلونة»، مضيفاً: «أخذوا قمصان فريقنا بالكامل، وكان ينبغي أن يصل لباسنا الرياضي الى أسفل الركبة». وحوّل التنظيم المتطرف الملعب الى سجن رئيسي له، وكان آخر النقاط التي تم طرده منها قبل اعلان السيطرة الكاملة على الرقة. وطوال تلك الفترة، منع التنظيم المدنيين من الدخول الى الملعب أو الاقتراب منه. وفي القاعات الخلفية للملعب، يبدو الدمار واضحاً في بعض الأقسام حيث رميت رصاصات فارغة على الأرض. ولا تزال بعض شعارات التنظيم مكتوبة على الجدران، ومن بينها «دولة الخلافة». وفي الغرف التي كانت تستخدم كزنازين، كتبت عبارات عدة بينها «فرجك يا الله». وتفتقر الغرف المخصصة للاعبين وأماكن استراحتهم للنوافذ والأبواب، بعدما كانت غرف تحقيق للتنظيم.

على المدرجات، يهتف مشجعو الفريقين بحماس افتقدته المدينة خلال وجود التنظيم المتطرف فيها. يرتدي لاعبو فريق الرشيد من الرقة ثيابا رياضية يطغى عليها اللون الأبيض، فيما يطغى اللون الأصفر على زي فريق السد من مدينة الطبقة. ويتنافس الفريقان في اطار بطولة تنظمها هيئة الرياضة والشباب التابعة لمجلس الرقة المدني، هيئة تتولى تسيير شؤون المدينة وترتبط بقوات سوريا الديموقراطية. وتشارك ثمانية فرق من مناطق عدة تحت سيطرة قوات سوريا الديموقراطية في شرق وشمال سوريا في المنافسة. وتقول الرئيسة المشتركة لمكتب الرياضة في الرقة نشوة رمضان الشيخان وهي تتابع المباراة: «هذا أول دوري لكرة القدم بعد تحرير المدينة من ارهاب داعش… أعدنا الملعب مكاناً مخصصاً للرياضة»، مشيرة الى مشاريع مستقبلية تتضمن أنشطة رياضية للنساء. ومع تسجيل الأهداف، تعلو صيحات الجمهور من رجال وشباب وأطفال أحضروا معهم العصير والبزورات. ويتولى أحد المشجعين العزف على الطبل تشجيعا لفريق السد الذي حسم المباراة لصالحه وضمن التأهل للمباراة النهائية، بينما يصفق مشجعون آخرون ويرقصون فرحاً. ويقول قائد فريق السد خالد قاسم (34 عاماً) بعد انتهاء المباراة: «نتمنى من خلال هذه البطولة أن نحرك النشاط الرياضي في المدينة مجددا». وتستعيد مدينة الرقة بعد ستة أشهر من طرد تنظيم الدولة الاسلامية منها عافيتها مع عودة عشرات الآلاف من سكانها رغم الأوضاع الانسانية الصعبة، فيما لا يزال الدمار يلف أحياء عدة فيها. وبدأت الأسواق والمحلات تفتح أبوابها تدريجيا. ويقول الشاب محمد الهاروني من سكان الرقة بعد مشاهدته برفقه ابن أخيه المباراة: «كانت الحسبة تقول لنا الجهاد أفضل رياضة». ويضيف: «الحمدالله تخلصنا منهم وعادت الحياة الى طبيعتها. الرياضة حياة ومتعة».

 

الملعب متنفس لشبان بترت أطرافهم في الحرب السورية

إدلب (سوريا) ـ «القدس العربي»: مع اطلاق الحكم صفارته، يبادر شاب بترت احدى ساقيه وهو يتكئ على عكازه الى دفع الكرة لتبدأ مباراة حماسية في ملعب بمدينة ادلب في شمال غربي سوريا، يتنافس فيها لاعبون حرمتهم الحرب من أحد أطرافهم.

تتواصل المنافسة خلال المباراة بحركات ماهرة يؤديها اللاعبون، يقومون بتمرير الكرة وهم مستندون على عكازاتهم، قبل أن يسدد أحد لاعبي الهجوم بحماس. ولدى محاولة حارس المرمى الذي بترت ذراعه صد الكرة، يقع أرضاً ويسجل خصمه هدفه الأول بينما يحاول جاهداً الوقوف وسط هتافات الجمهور. ويجمع كافة اللاعبين، سواء كانوا مدنيين أم مقاتلين، المعاناة جراء الحرب التي حرمتهم ساقاً أو يداً، وتسببت منذ اندلاعها في العام 2011 بمقتل أكثر من 340 ألف شخص في سوريا. ويروي صلاح أبو علي (23 عاماً) بهدوء أثناء استراحته على طرف الملعب: «يحدث أحيانا أن تمر الكرة أمامي فأهم لأشوطها بقدمي اليسرى لكنني أتذكر أن رجلي مبتورة». ويقر بمواجهته وزملائه «الكثير من الصعوبات متل الركض والسرعة».

قبل عشرة أشهر، كان صلاح يقف أمام منزله حين سقطت قذيفة أدت الى بتر ساقه في مدينة الرقة (شمال)، التي كانت تعد أبرز معقل لتنظيم الدولة الاسلامية قبل ان تتمكن فصائل كردية وعربية من طرده منها في تشرين الأول/أكتوبر. ومنذ مطلع كانون الأول/ديسمبر، باشر هذا الفريق الذي يضم حتى الآن 19 لاعباً تدريباته بمبادرة من مركز المعالجة الفيزيائية في مستشفى ادلب التخصصي. وتتراوح أعمار لاعبيه بين 13 و40 عاماً يتدربون لساعتين ثلاث مرات أسبوعياً. ويتذكر صلاح، النحيل البنية، يومياته قبل الانضمام للفريق. ويروي: «كنت أمكث في المنزل، لم أكن أرغب بالخروج وأتذكر أياماً خلت»، لكنه يقول: «بدأت حياة ثانية». ويضع اللاعبون أمامهم هدفين، التقدم في علاجهم الفيزيائي من جهة ورفع معنوياتهم من جهة ثانية. وتغير أسلوب حياة صلاح كليا تغير كلياً وبات يخرج من منزله. ويوضح «لا تشعر بأن حياتك توقفت لأنك فقدت عضوا من جسدك». منذ تأسيسه قبل أكثر من عام، عالج مركز المعالجة الفيزيائية 900 شخص، من نساء ورجال من مختلف الأعمار، يعانون بشكل خاص من بتر أحد الأطراف أو من كسور. ويوضح أحد المعالجين الفيزيائيين في المركز محمد مرعي أن «الشباب استجابوا بسرعة» لفكرة التدريب وتكوين فريق كرة قدم، لافتاً الى ملاحظته خلال اسابيع قليلة تطوراً كبيراً على الصعيد الجسدي و«النفسي والمعنوي» لدى اللاعبين. ولن تتوقف نشاطات المركز عند هذا الحد، وستتضمن المرحلة المقبلة التدريب على رفع الأثقال والسباحة. واستضاف المركز مؤخراً مباراة كرة قدم ودية في إطار مسابقة رياضية بمبادرة من جمعية شفق الخيرية المحلية. فانقسم اللاعبون الى فريقين، ارتدى الأول قمصاناً برتقالية والثاني خضراء اللون. وقبل بداية الشوط الأول، شكل لاعبو كل فريق حلقة مستديرة، وهتفوا «أوليه، أوليه، أوليه»، وهم يحركون أذرعهم بحركة حماسية وقفزوا على قدم واحدة.

يقف عبدالقادر اليوسف (24 عاماً) إلى جانب الملعب، يراقص الكرة على عكازه، معتزاً بهذا الانجاز الذي يقوم به. وانضم مصفف الشعر السابق المتحدر من حمص (وسط) إلى صفوف حركة أحرار الشام الإسلامية بعد تحول حركة الاحتجاج ضد النظام في العام 2011 إلى نزاع مسلح، وفقد ساقه خلال احدى المعارك ضد قوات النظام في العام 2015. واثر انتهاء المباراة، غادر جميع اللاعبين بعدما حازوا على ميداليات وملابس رياضية وأحذية جديدة. ولدى وصول عبدالقادر الى منزله، يهرع ابنه ليعانقه طويلاً. يضع الوالد الفخور الميدالية حول عنقه، ويخاطب ابنه مبتسما: «انظر ماذا ربح والدك اليوم، هل تريد ان تلعب بالكرة؟». ويروي عبدالقادر الذي جلس متربعاً على فراش وسط غرفة جدرانها بيضاء عارية، أن خسارته لرجله اليسرى «كانت صدمة كبيرة» خصوصاً أنه كان قبل اندلاع النزاع لاعباً ضمن فريق الناشئين في نادي الكرامة ومقره مدينة حمص. ويروي عبدالقادر ذو اللحية الخفيفة بتهكم «واجهنا بعض الصعوبات في البداية، إذ مرّ وقت طويل علينا من دون أن نركض… وبقينا جالسين لسنوات». وسرعان ما تغير الأمر بعد بدء عبدالقادر للتمارين الرياضية مع زملائه. باتوا يشعرون بتحسن أجسادهم وقادرين على التحرك أكثر. ويقول: «بعد التدريب شعرت أن جسمي أقوى وأصبحت قادراً على القيام بأمور كثيرة داخل البيت وخارجه… لم أكن اقوى على فعلها من قبل كحمل أسطوانة الغاز». ويضيف الشاب الذي يعمل حالياً سائقاً لدى احدى الجمعيات الخيرية: «الحياة لم تتوقف عند الاصابة… يجب أن نمتلك الثقة بالنفس». ورغم تكيفهم مع واقعهم الجديد، لكن معاناة لاعبي الفريق لم تتوقف، اذ قتل أحد رفاقهم السبت جراء تفجير عبوة ناسفة أثناء عمله بائعاً على عربة متوقفة في وسط ساحة عامة في مدينة ادلب.

 

لاجئات سوريات في غزة يطالبن “أونروا” بتحسين أوضاعهن

غزة ــ علاء الحلو

حملت اللاجئة السورية راجحة العلي من مدينة حلب طفلها، وإلى جانبها عدد من اللاجئات السوريات خلال وقفة احتجاجية نظمتها لجنة المرأة في دائرة شؤون اللاجئين الفلسطينيين من سورية إلى غزة، اليوم الأحد، أمام مقر وكالة غوث وتشغيل اللاجئين “أونروا” وسط المدينة المحاصرة.

 

وهُجرت العلي قبل أربع سنوات من بلدها نتيجة الأوضاع والخطر المحدق، لكنها قالت لـ “العربي الجديد” إن الأوضاع في قطاع غزة بعد أربعة أعوام من اللجوء باتت لا تطاق، إذ شمل التقليص كل الخدمات المقدمة، من جميع الاتجاهات.

 

وأوضحت العلي وهي أم لخمسة أطفال أنها حصلت على بطالة عمل مؤقت لمدة سنة عند وصولها إلى قطاع غزة، وكانت تحظى ببدل إيجار، لكن الظروف تغيرت و”في الفترة الحالية لا نحظى سوى بالفتات، يمكن أن نحصل على بدل إيجار شهر أو شهرين، بعد انقطاع ستة شهور أو أكثر”.

 

حالة البؤس مرسومة على وجوه مجموعة أخرى من اللاجئات السوريات والفلسطينيات القادمات من سورية إلى غزة. تجمعن أمام “أونروا” لتسليم رسالة لمدير العمليات فيها ماتياس شمالي، وقالت عائدة النواجحة من منطقة جوبر القريبة من دمشق، إنها وصلت إلى غزة عام 2012 بسبب الحرب الدائرة في بلدها.

 

وأشارت النواجحة إلى أن أوضاع اللاجئين السوريين في قطاع غزة سيئة للغاية، مبينة أنها لا تقوى على توفير مصروف ابنها الجامعي، وبناتها الطالبات، وتتابع “جئنا للمطالبة ببدل إيجار، وتوفير سكن آمن ومناسب، إلى جانب توفير فرص عمل تعيننا على قساوة الحياة”.

 

ولم تختلف صعوبة الأحوال عند اللاجئة تغريد إبراهيم (37 عاماً) من مخيم اليرموك، إذ بيّنت أنها هربت من الحرب في سورية، وإن التعامل في غزة كان جيداً في البداية، لكنه شهد تقلصاً واضحاً من الحكومة والوكالة وكل الجهات. وقالت: “نطالب الوكالة بصرف بدل الإيجار الذي التزمت به دون انقطاع”.

 

وألقت اللاجئة كاملة أبو جقيم كلمة لجنة المرأة في شؤون اللاجئين الفلسطينيين من سورية إلى غزة، الموجهة إلى مدير عمليات “أونروا” في قطاع غزة، والتي تدعو فيها إلى عدم التأخير والاستمرار في صرف بدل الإيواء “لأن أسراً كثيرة أصبحت مهددة بالطرد إلى الشارع نتيجة عدم السداد”.

 

وطالبت أبو جقيم بتوفير فرص عمل خصوصاً أن اللاجئين يملكون العديد من المؤهلات والمهن، ودعت إلى إدراج اللاجئين ضمن المشاريع السكنية، وتوفير مشاريع صغيرة لمساعدتهم في تأمين دخل يحفظ لهم حياة كريمة.

 

وأكدت أن اللاجئين يمرون بظروف صعبة اقتصاديا واجتماعياً ونفسياً، مع تعرض أرباب الأسر لملاحقة أصحاب العقارات، والذمم المالية. وطالبت “ألا توثر الأزمة المالية التي تمر بها الوكالة على ملف اللاجئين من سورية، لأنهم الشريحة الأكثر تدميراً في معاناتهم في القطاع الذي لا تلتفت إليه الحكومات”.

 

النظام السوري يواصل قصف مخيم اليرموك ويجدّد محاولات الاقتحام

عدنان علي، أيهم العمر

واصل الطيران الحربي الروسي وطيران النظام السوري، قصف مخيم اليرموك ومدينة الحجر الأسود جنوب دمشق، لليوم الرابع على التوالي، بالتوازي مع قصف مدفعي وصاروخي، واشتباكات على أطراف المنطقة بين قوات النظام والمليشيات الداعمة لها من جهة، وتنظيمي “داعش” الإرهابي و”هيئة تحرير الشام” من جهة أخرى.

 

وأفادت مصادر جنوب دمشق، لـ”العربي الجديد”، بأن “الغارات الجوية استهدفت، صباح اليوم، بشكل خاص منطقة المخيم القديم، ومدينة الحجر الأسود، بالتزامن مع قصف مدفعي وصاروخي من ثكنة سفيان الثوري وأبراج القاعة، التي استهدفت الأبنية السكنية في شارع 30 وأطراف التضامن، تمهيداً، كما يبدو، لاقتحام المنطقة”، مضيفةً “كذلك، ألقت مروحيات النظام السوري براميل متفجرة على مخيم اليرموك، فيما حلقت طائرة استطلاع في سماء المنطقة”.

 

في المقابل، قالت مصادر موالية للنظام إنّ عملية الاقتحام بدأت بالفعل “على محاور الحجر الأسود والقدم ومخيم اليرموك، بالتزامن مع إسناد جوي”.

 

ودارت معارك عنيفة بين قوات النظام و”هيئة تحرير الشام”، على جبهة منطقة الريجة وشارع الثلاثين في مخيم اليرموك، تمكنت الهيئة خلالها من إعطاب 4 دبابات وقتل وجرح عدد من قوات النظام.

 

ونشرت شبكات إعلامية جنوبي دمشق، تسجيلات مُصورة تظهر جانباً من المعارك في تلك المنطقة، فيما نعت وسائل إعلامية تابعة للنظام السوري، خلال الأيام الثلاثة الماضية، أكثر من ستين عنصراً، بينهم ضباط من مليشيات الفرقة الرابعة والحرس الجمهوري، ومليشيات محلية، قضوا على أطراف أحياء جنوب دمشق.

 

ويبلغ عدد مقاتلي “تحرير الشام” في مخيم اليرموك حوالي 100 عنصر، مع عدد من عائلاتهم والقليل من عائلات المدنيين المحاصرين في جادة عين غزال.

 

وأعلن “الإعلام الحربي المركزي”، التابع للنظام، سيطرة قوات الأخير على مسجد الإمام علي، عند محور زليخة بين حيي التضامن وسيدي قداد، وعلى حي الزين الفاصل بين حيي يلدا والحجر الأسود، بعد مواجهات مع تنظيم “داعش”، إلى جانب التقدم على كتل الأبنية غربه باتجاه حي التضامن.

 

وذكرت مصادر إعلامية أنّ قوات “الفرقة الرابعة” استهدفت مواقع فصائل المعارضة عند المنطقة الفاصلة بين بلدات يلدا وحجيرة وحي الحجر الأسود، بعشرات صواريخ أرض- أرض، ما أدى إلى تدميرها بالكامل، وانسحاب مقاتلي الفصائل منها.

 

وتشير المصادر إلى مقتل وجرح العشرات من الطرفين، خلال تلك الاشتباكات.

 

وتسيطر فصائل المعارضة جنوب دمشق على بلدات ببيلا ويلدا، وبيت سحم، وعقربا، وجزء من الحجر الأسود، بينما يسيطر تنظيم “داعش” على الحجر الأسود، والقسم الأكبر من مخيم اليرموك، إضافة إلى أجزاء من حيي التضامن والقدم.

 

وأسفر قصف قوات النظام عن مقتل العديد من المدنيين، بينهم عائلة فلسطينية كاملة مكونة من أب وأم وطفل رضيع، نتيجة القصف المكثف الذي استهدف شارع صفد في مخيم اليرموك.

 

كما تسبب القصف في دمار كبير في أحياء المخيم كافة، فيما اتّهم ناشطون من أبناء مخيم اليرموك، النظام السوري وروسيا والمجموعات الموالية باتباع سياسة تدمير ممنهج للمخيم، حيث يتم القصف بشكل منظم، ولا علاقة للقصف بوجود عناصر “داعش”.

 

وقال شهود عيان إنّ “دماراً كبيراً أصاب منازل المدنيين في شارع المغاربة والقدس والمنصورة والـ15 وشارع الـ30 ومحيط دوار فلسطين وشارع اليرموك الرئيسي وعين غزال والعروبة”.

 

من جهة ثانية، قالت مصادر طبية إنّ “جميع مستشفيات مخيم اليرموك باتت متوقفة عن العمل، بعد خروج مستشفى فلسطين التابع للهلال الأحمر الفلسطيني عن الخدمة، بسبب استهدافه من الطيران الحربي التابع للنظام قبل يومين”.

 

ووجّه ناشطون من أهالي مخيم اليرموك المحاصر نداء إنسانياً إلى الهيئات والمنظمات العربية والعالمية ومنظمة التحرير الفلسطينية، لإنقاذ المدنيين تحت الأنقاض، ونقل الضحايا، وإسعاف الجرحى، مشيرين إلى أن عدداً كبيراً من المدنيين ما زالوا عالقين في بيوتهم أو في الأقبية التي سُوي بعضها بالأرض.

 

وشجبت 16 منظمة حقوقية وإنسانية الأعمال القتاليّة المشتعلة في جنوب دمشق، وطالبت الأطراف المتصارعة بالتوقّف الفوريّ عن تدمير المنطقة وتحييد المدنيّين فيها، ونادت بالتوصّل إلى أيّ حلّ آخر، باستثناء الحلّ العسكريّ، يضمن سلامة السكان المدنيّين، والممتلكات العامّة والخاصّة والبنية التحتيّة.

 

ودعا البيان منظّمات وهيئات المجتمع الدوليّ إلى التدخل السريع والعاجل لحماية المدنيّين والحفاظ على حياتهم، وفتح ممرّات آمنة، والسماح بدخول الطواقم الطبيّة وإخراج الجرحى إلى المستشفيات، وتقديم المساعدات الطبيّة العاجلة للمرضى، ودخول المساعدات الإغاثيّة والإنسانيّة من غذاء ودواء وحليب أطفال.

 

الرقة: مقبرة جماعية تكشف هول جرائم “داعش”/ خليل عساف

اكتشف “فريق التدخل المبكر” التابع لمجلس الرقة المدني، مقبرة جماعية تضم رفاة أكثر من 500 شخص دُفنوا في ملعب ثانوية الرشيد لكرة القدم في قلب مدينة الرقة، في حين قال رئيس لجنة اعادة الاعمار في مجلس الرقة المدني عبدالله العريان، إن المقبرة تحتوي على ما بين 150 إلى 200 جثة، وقد تم انتشال حوالى 50 جثة منها حتى الآن. وتُرجح الأنباء الأولية أن تكون واحدة من المقابر التي استحدثها تنظيم “الدولة الإسلامية” أثناء سيطرته على المدينة بين عامي 2014 و2017.

وبينما لم تُعرف بعد هويات القتلى المدفونين في المقبرة، ساد القلق والترقب في الرقة وفي أوساط سكانها في المنافي، حيث لا تكاد عائلة واحدة في المحافظة بمنأى عن ترقب أخبار فرد أو أكثر من أفرادها، اُعتقل أو اختطف من قبل التنظيم، أو اختفى أثناء سيطرته على المدينة أو خلال معركة السيطرة عليها بين حزيران/يونيو، وتشرين الأول/أكتوبر من العام الماضي.

الاحتمالات والتكهنات المطروحة حتى الآن حول هويات القتلى تذهب إلى إمكان أن يكونوا مِمَن خطفهم واعتقلهم التنظيم أيام سيطرته على الرقة، بتهم “الردة” والتعامل مع “الصحوات” وأفراد “الجيش الحر” والنشطاء الإعلاميين. وتستند تلك الاحتمالات على أن الملعب الذي اكتشفت فيه المقبرة يقع بجوار مبنى القصر العدلي، الذي حوله تنظيم “داعش” إلى مركز أمني لفترة من الزمن.

بيد أن الحجة ذاتها، أي تحويل ملعب كرة قدم إلى مقبرة، يشير إلى احتمال أن تكون الجثث المدفونة فيه لخليط من المعتقلين الذين قضوا أثناء قصف طائرات التحالف لمقار “داعش” الأمنية وعناصر التنظيم ذاته، وربما مدنيون اضطر التنظيم إلى دفنهم بعد أن قضوا بالقتال، ولا بد أن يكون ذلك قد جرى أثناء حصار الرقة وعجز التنظيم عن استخدام المقابر الموجودة سلفاً في محيط المدينة، أو تلك التي استحدثها لإخفاء جثث ضحاياه مثل “الهوتة” بالقرب من بلدة سلوك أو بحيرة “سد البعث” بالقرب من بلدة “المنصورة” غرب مدينة الرقة.

أياً تكن الحال، فإنها أول المقابر المكتشفة في الرقة بعد طرد التنظيم من المدينة، وقد تكون أكبر مقبرة جماعية خلفها التنظيم في المنطقة. كما أن تحديد هويات القتلى المدفونين فيها يمكن أن يساهم في توضيح وحسم مصائر كانت مجهولة، وتالياً في حلّ كثير من القضايا الاجتماعية والسياسية التي كان يمكن أن تبقى معلقة دون ذلك.

تقديرات ناشطين سوريين تُشير إلى أن تنظيم “داعش” كان قد اعتقل واختطف ما يقارب 7500 شخص يصنفهم في خانة المعارضين. وهؤلاء يتوزعون سياسياً على كافة الأطياف المعارضة، سواء تلك القائمة منذ ما قبل الثورة أو تلك التي استجدت بعد الثورة، بما فيها فصائل مسلحة تتبع لـ”الجيش الحر” وأخرى إسلامية، من ضمنها “جبهة النصرة”، التي كانت إحدى مصادر تشكل التنظيم أيديولوجياً وبشرياً. ومصائر هؤلاء لم تُشكِّل هاجساً لأي من الأطراف الفاعلة اليوم على الأرض في سوريا، دولاً وأطرافاً محلية، إذ إنهم جميعاً تقريباً من العرب السنة، أي المحيط الاجتماعي المتهم بأنه الحاضمة الاجتماعية للتنظيم.

في المقابل، يظهر احتمال أن تكون تلك الجثث التي اكتشفها مجلس الرقة المدني، الذي أسسته “قوات سوريا الديموقراطية”، لقتلى وأسرى من قوات النظام السوري، أو المليشيات الكردية، وهؤلاء لم تظهر أي علامات عن مصيرهم بعد انسحاب التنظيم من معظم مناطق سيطرته في سوريا.

ضحايا التنظيم يتوزعون أيضاً على مناطق مختلفة كانت خاضعة لسيطرته سابقاً؛ الرقة وريفها، ريفي حلب الشمالي والشرقي، ديرالزور وأريافها، أرياف الحسكة كلها تقريباً، إضافة إلى الأرياف الشرقية لحماة وحمص في منطقة البادية السورية. ولذا فإن مقبرة “ملعب الرشيد”، وأياً يكن السر الذي ستفشيه، لن تجيب عن كل الأسئلة المطروحة عن مصائر الآلاف مِمَن دخلوا جوف هذا الغول المسمى “داعش”، لكنها قد تساهم في تفسير بعض هذه الوقائع وفي تقليص حجم الترقب  التي تعانيها آلاف الأسر السورية.

المدن

 

عودة مقاتلي حزب الله من سوريا: الاستعداد للحرب؟

سامي خليفة

بين الحرب الأهلية في سوريا ومواجهة طهران المتصاعدة مع إسرائيل، كان حزب الله مشغولاً في الآونة الماضية. والآن مع ما ينتشر من أخبار عن العودة التدريجية إلى لبنان، يطرح تحليل مطول لصحيفة “ذا غلوب آند ميل” الكندية تضمن عدداً كبيراً من المقابلات والتساؤلات في شأن ما سيحدث عندما يعود مقاتلو الحزب إلى لبنان من حرب عالمية صغيرة في الشرق الأوسط.

 

تشير إسرائيل مراراً وتكراراً إلى أنها لن تسمح لإيران بمواصلة بناء بنيتها التحتية العسكرية في سوريا. فالسيناريو الكابوس بالنسبة إلى إسرائيل، وفق الصحيفة، هو رؤية إيران تستغل الحرب الأهلية السورية لبناء قوة شبيهة بحزب الله هناك، بالطريقة نفسها التي استخدمت فيها فوضى حروب لبنان في الثمانينيات لإنشاء النسخة الأصلية. وقد أكد عساف أوريون، وهو عميد إسرائيلي متقاعد، للصحيفة أن أي جهد لمواجهة إيران في سوريا سيشمل على نحو شبه مؤكد حزب الله ولبنان أيضاً.

 

أعلنت إسرائيل هذا الأسبوع أنها ستلغي خطة إرسال مقاتلات إلى ألاسكا للمشاركة في مناورات مشتركة مع الولايات المتحدة، حيث أنها تحتاج إلى الطائرات الحربية على الجبهة الداخلية. وفي حين يرفض بعض المحللين فرضية الحرب، يقول الخبير الاقتصادي اللبناني كامل وزنة للصحيفة إنه يعتقد أن الخطر حقيقي، فما حدث في الأسبوع الماضي خطير للغاية وتقديره هو أن الحرب بين إسرائيل وإيران ستحدث، وأي سوء حساب من أي جانب سيؤدي إلى نشوب حرب إقليمية في الشرق الأوسط.

 

في الداخل اللبناني، يواجه الحزب مع بدء عودته التدريجية من سوريا استحقاقاً مهماً يوم 6 أيار لتأكيد قوته الشعبية في الانتخابات البرلمانية اللبنانية. ويقول المرشح في لائحة “معاً نحو التغيير” رياض الأسعد (صور- الزهراني) للصحيفة إن لدى الحزب قاعدة قوية، “لكننا ترشحنا لنثبت أن ليس كل الناس مؤيدون للحزب وحركة أمل”. يضيف: “لن تكون قادراً على محاربة حزب الله ولا يجب محاربة حزب الله. والسؤال هو كيف سندخل حزب الله في الجسد السياسي؟ في هذه الانتخابات يقول الجميع للحزب ليس لدينا مشكلة مع سلاحك، ليس لدينا أي مشاكل مع المقاومة. نحن نقول من الذي سيخلق فرص عمل؟ من سيوصل الكهرباء؟ يعمل المستقلون الآن لإبراز فشل حزب الله في المساعدة على جلب التنمية الاقتصادية إلى البلاد، فلو كان الحزب استخدم نفوذه السياسي للتصدي لهذا الفساد لكان كسب تأييد كثير من اللبنانيين المشككين”.

 

غير صراع العام 2006، وفق الصحيفة، طريقة عمل حزب الله. فبعد مغازلتهم لفترة وجيزة للإعلام الأجنبي واللبناني، وكسب بعض معارك العلاقات العامة من خلال تسليط الضوء على معاناة المدنيين اللبنانيين في حرب تموز 2006، تحول الحزب مرة أخرى إلى صندوق مغلق أمام الغرباء. وبينما استطاع الصحافيون الأجانب زيارة المكتب الإعلامي قبل الحرب لطلب مقابلات مع كبار قادة حزب الله (باستثناء الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله)، فإن المكتب الإعلامي الجديد موجود إلى حد كبير لجمع بطاقات العمل وجوازات السفر. وتشرح آية، وهي شابة تعمل مع الحزب، عن هذا الموضوع للصحيفة قائلة باختصار “لقد وجدنا أن التعامل مع وسائل الإعلام لا يناسبنا فلقد تسبب لنا بكثير من المشاكل”.

 

يواجه الحزب مع عودة تركيزه على لبنان استحقاقات دقيقة. فإلى جانب الحرب المحتملة بين إيران وإسرائيل التي قد تصل إلى لبنان، سيضطر الحزب أكثر إلى الانخراط في الحياة السياسية والاقتصادية والتعامل مع قلق الأحزاب المعارضة له. وهذا القلق عبر عنه الوزير السابق وعضو حزب الكتائب سليم الصايغ بقوله للصحيفة: “لا أحد قوي إلا حزب الله. فهو يحتكر السلطة. لقد سمح للأحزاب الأخرى بالتعامل سياسياً في ما يتعلق بقضايا الدولة، لكن كل القضايا المهمة بما فيها الدفاع والأمن والشؤون الخارجية والقانون الانتخابي تخضع لسيطرة حزب الله”.

 

ميدل إيست آي: هل وضعت سوريا العالم على شفا حرب عالمية ثالثة؟

ترجمة منال حميد – الخليج أونلاين

سلط موقع “ميدل إيست آي” البريطاني الضوء على تداعيات الأوضاع الجارية في سوريا، خاصة بعد التصعيد الأخير المتمثل بالضربة الثلاثية التي وجهتها كل من واشنطن وباريس ولندن على مواقع تابعة لنظام الأسد.

 

وتساءل الكاتب أليكسي خليبنيكوف في مقال نشره الموقع، إن كان الوضع في سوريا قد جعل العالم على أعتاب حرب عالمية ثالثة.

 

هذا التساؤل وإن بدا للبعض مبالغاً فيه، بحسب الكاتب، إلا أنه مشروع ويستحق الطرح من وجهة نظر آخرين، خاصة أنه أكد من جديد أن العالم بات أقل أمناً وأكثر قلقاً.

 

ففي روسيا، يتفق العديد من الخبراء على أن أي مواجهة عسكرية محتملة بين واشنطن وموسكو “ستؤدي إلى تدمير البشرية”. ونقل الكاتب عن أحد المدونين الروس قوله: إنه “لا يجب أن ندخل حرباً عالمية ثالثة في سوريا”.

 

ولم يقتصر الأمر على المحللين والخبراء ونشطاء التواصل الاجتماعي في روسيا، بل إن القيادة نفسها ترى أن الانخراط في عمل عسكري مباشر مع الولايات المتحدة سيؤدي إلى عواقب وخيمة “لا رابح فيها، وهو ما يدركه كلا البلدين”.

 

وعلى الرغم من الخطاب العدائي بين واشنطن وموسكو، فإن الطرفين ملتزمان بعدم المواجهة المباشرة، فإن الكاتب يعتبر أن التصعيد الأخير يختلف عن الضربة التي نفذتها أمريكا عام 2017 على مطار الشعيرات، رداً على مجزرة خان شيخون.

 

وحسب الموقع البريطاني، فإن الضربة الأخيرة التي تم فيها إطلاق 105 صواريخ، وشهدت أول مشاركة مباشرة من قبل بريطانيا وفرنسا، “تنذر بعواقب وخيمة”.

 

وفي الضربة الأخيرة، ادّعت موسكو ودمشق أنهما اعترضتا صواريخ الدول الثلاثة، على عكس ضربة العام الماضي التي لم يتم فيها ذلك، كما أن واشنطن اتهمت موسكو بالتواطؤ مع نظام الأسد في مجزرة دوما، وهو ما أثار الكثير من التوترات.

 

ويعتبر الكاتب أن مشاركة بريطانيا وفرنسا للولايات المتحدة في ضربتها أظهرت بشكل جلي وحدة الحلفاء، الذين ظهروا بمشهد حاسم أمام الشعوب الأوروبية، على حد وصفه.

 

– أنقرة والموقف المتغير

 

وفسر بعض الخبراء موقف أنقرة من الضربة العسكرية الداعم لها تماشياً مع موقف الناتو، بأنه خروج عن شراكة أنقرة وموسكو، ما أثار العديد من التساؤلات حول مدى اتساق سياسة أنقرة في سوريا.

 

وهذا الأمر دفع الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، إلى القول: إن “الضربة الثلاثية فصلت الشراكة الروسية التركية في سوريا؛ فالأتراك أدانوا الهجوم الكيمياوي ودعموا الضربة الغربية”.

 

ولم تكن مواقف تركيا متناسقة مع مواقفها بشكل كبير تجاه ما يجري في سوريا، فلقد غيرت نهجها حيال الصراع عدة مرات، ومع ذلك بدا الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يحاول أن يكسب مزيداً من النقاط لحساب تعزيز حضوره الداخلي.

 

وعلى الرغم من وجود بعض الخلافات بين أنقرة وموسكو حول سوريا، فإن أردوغان يدرك حاجة تركيا إلى روسيا هناك؛ لتحقيق هدفه المتمثل بمنع قيام حكم ذاتي للأكراد شمالي البلاد.

 

ويختم الكاتب مقاله بالقول: إن “الجولة الأخيرة من الصراع أظهرت أن واشنطن وموسكو تحافظان على قنوات اتصال تسمح بتجنب سوء الفهم والحوادث التي قد تؤدي إلى تصعيد غير منضبط، لكن ذلك قد لا ينجح كل مرة”.

 

عميد منشق: روسيا وحزب الله يخزنان كيميائي الأسد

محمد النجار-الجزيرة نت

 

اتهم العميد السابق والمتخصص بالأسلحة الكيميائية في الجيش السوري زاهر الساكت روسيا وحزب الله بالتورط في نقل وتخزين السلاح الكيميائي بالتعاون مع نظام بشار الأسد، مؤكدا “وجود عمل مستمر لطمس أدلة الهجوم الأخير في دوما”، الذي قال إنه جرى باستخدام غاز السارين وليس الكلور.

 

وقال الساكت -وهو الرئيس السابق لفرع الكيمياء في الفرقة الخامسة بالجيش السوري- للجزيرة نت إن روسيا حريصة على عدم الكشف عن أي أدلة تدين نظام الأسد “لأنها ستكون أدلة إثبات على إدانتها أيضا”.

 

وأضاف العميد الذي انشق عن النظام السوري مطلع 2013 “روسيا أشرفت على إبقاء مخزونات من الأسلحة الكيميائية لدى نظام الأسد والمساعدة في تصنيع عناصر أخرى”.

 

وأكد الساكت أنه يمتلك أدلة ومعطيات من داخل “الفيلق السادس” في الجيش السوري والذي قال إن ضباطا روسا يشرفون عليه، تؤكد كلها أن روسيا أشرفت على احتفاظ نظام الأسد بكميات من الأسلحة الكيميائية.

 

وتابع “لدي معطيات مع داخل الفيلق السادس الذي أنشأه الروس والمتموضع في مقر الفرقة الثالثة في القطيفة بريف دمشق كون المنطقة مليئة بالمستودعات لتخزين الكيميائي، ولم نسمع له أي أعمال قتالية، حيث يشرف خبراء روس فيه على نقل مخزونات الأسلحة الكيميائية في أماكن عدة خاصة في مستودعات الفيلق في القطيفة بريف دمشق”.

 

الفرقة السادسة

وبحسب العميد السابق في الجيش السوري، فإن مقر الفيلق يحتوي على العديد من المستودعات تحت إشراف ضباط روس، إضافة إلى كونها منطقة مقالع يتم فيها تصنيع وتخزين العناصر الكيميائية.

 

وقال أيضا “يقوم الخبراء الروس بالتعاون مع الفرقة 450 بتخزين الأسلحة، وتوزيعها على الوحدات 416 و417 و418 و419 بالتعاون مع المخابرات الجوية، حيث يجري نقل وتخزين العناصر الكيميائية في مستودعات ببانياس وبرمايا وهي منطقة مقالع تحتوي على مستودعات مجهزة للتخزين الكيميائي”.

 

كما اتهم الساكت حزب الله اللبناني بالمشاركة في تخزين العناصر الكيميائية التي يستخدمها جيش الأسد، وقال “هناك مستودعات في منطقة بللوزة على الحدود اللبنانية وهي تحت حراسة حزب الله ونظام الأسد”.

 

وقال إن الشركات البلجيكية الثلاث التي كشف مؤخرا عن تورطها في بيع عناصر كيميائية تستخدم في تصنيع غاز السارين، “قامت بذلك عن طريق لبنان”، وزاد “لا يوجد طرف متورط في الحرب مع نظام الأسد لديه القدرة على نقل هذه العناصر للأسد سوى حزب الله، إضافة لسيطرة حزب الله على المطار والموانئ اللبنانية”، على حد تعبيره.

 

بلجيكا وحزب الله

العميد السابق -والمتخصص بالأسلحة الكيميائية لدى نظام الأسد- قال إن الشركات البلجيكية الثلاث اعترفت بأنها زودت اللبنانيين ونظام الأسد بنحو 168 طنا من مادة الإيزوبروبانول بين 2014 و2016، وهي تمثل واحدا من التكوينات الأساسية لغاز السارين الذي أثبتت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية التابعة للأمم المتحدة أنه استخدم في قصف النظام السوري لبلدة خان شيخون بريف إدلب في أبريل/نيسان 2017، أي بعد أربعة أعوام من تسليم نظام الأسد مخزوناته من السلاح الكيميائي.

 

كما قال إن الشركات الثلاث زودت نظام الأسد عبر لبنان بنحو 300 طن من الميثانول والديكلورميثان، وهي تدخل في صناعة المواد السامة.

 

وطالب الساكت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية بالتفتيش في مواقع حزب الله في لبنان وسوريا، مؤكدا أن لديه معلومات عن أماكن التخزين لدى حزب الله.

 

وكانت وكالة رويترز قالت الخميس الماضي إن محكمة بلجيكية حددت موعدا لمحاكمة ثلاث شركات بلجيكية بتهمة تصدير مواد كيميائية لنظام الأسد، منها مادة الإيزوبروبانول التي يمكن استخدامها في إنتاج غاز السارين.

 

تصنيع السارين

ونقلت عن مصدر أن المحاكمة ستبدأ في مدينة أنتويرب منتصف الشهر المقبل، وأن لائحة اتهام أشارت لضلوع الشركات الثلاث في تصدير مواد كيميائية عدة بين عامي 2014 و2016 إلى لبنان وسوريا بواسطة مجموعة “أي.أي.إي- تشيمي” الكيميائية البلجيكية واثنين من الوكلاء هما شركتا “دانمار لوجيستيكيس” و”أنيكس كاستمز”.

 

من جهتها نقلت صحيفة الحياة اللندنية عن أسبوعية “كناك” البلجيكية التي شاركت في التحقيق إلى جانب منظمة غير حكومية ألمانية (الأرشيف السوري) ومكتب التحقيقات البريطاني، أن النتائج دلَّت على أن ثلاث مؤسسات بلجيكية انتهكت توصيات منظمة حظر الأسلحة الكيميائية التي دعت عام 2013 إلى وجوب إلزام مصدري المواد الكيميائية إلى سوريا للحصول على تراخيص مسبقة من السلطات المعنية في كل بلد.

 

وبحسب الحياة فإن المفارقة تكمن في أن منظمة حظر الأسلحة الكيميائية أخرجت من سوريا 120 طنا من مادة الإيزوبروبانول التي تدخل في صناعة غاز السارين، بعد اتفاق الولايات المتحدة وروسيا على نزع الأسلحة الكيميائية من سوريا في خريف عام 2013. وفي الفترة بين 2014 و2016، صدَّرت المؤسسات الثلاث أكبر من تلك الكمية (168 طنا) من الإيزوبروبانول الذي قد يكون النظام السوري استخدمه في تصنيع غاز السارين.

 

وفي إطار متصل، اتهم العميد الساكت القوات الروسية في سوريا بالعمل بشكل حثيث على طمس مكان الهجوم في دوما، معتبرا أن هناك تخبطا غير مسبوق في التصريحات والمحاولات الروسية في هذا المسعى.

 

تخبط واختلاق

واعتبر الساكت أن أهم أوجه التخبط الروسي جاءت تارة عبر إعلان العثور على قنابل مصدرها بريطانيا وأميركا، وأخرى تتعلق بـ”فبركة” فيديوهات تساهم في إدانة موسكو والأسد، وصولا لإعاقة وصول مفتشي الأمم المتحدة لمكان الانفجار الكيميائي في دوما قبل أن تتمكن من تدمير كل الأدلة.

 

وقال إنه يملك بالدليل القاطع أن الغاز الذي استخدم في دوما هو السارين وليس الكلورين، وقال إن جزءا من عينات هذا الغاز هو الآن في حوزة قائد جيش الإسلام محمد علوش، الذي قال إنه تحدث إليه مؤخرا بشأن هذه العينات.

 

وشرح الساكت للجزيرة نت إمكانية الطمس النهائي لأدلة هجوم دوما، وقال “مادة السارين لا يمكن أن تتبخر من نقطة التفجير إلا على درجة غليان تصل 147 درجة مئوية، وهي درجة لا يمكن الوصول لها في سوريا”.

 

وبين أن ما يحدث الآن ليس إخفاء آثار السارين و إنما “العبث في مسرح الجريمة”، وقال “العبث ممكن عبر إحداث تفجيرات في منطقة الإحداثيات بسيارات مفخخة، وقصف بالبراميل المتفجرة والصواريخ، بحيث لا تتمكن اللجان الدولية من الوصول لمنطقة الإصابة”.

 

الأدلة موجودة

وقال إن السحابات الناتجة عن استخدام السارين “ممكن أن تكون قد تبخرت بفعل الحرارة”، وزاد “ما أتوقع أن الروس والنظام قد فعلوه الآن هو أنهم قاموا بنزع الطبقة السطحية للتربة في مكان الإحداثيات، واستبدلوها بتربة من منطقة دوما نفسها، كما يمكن أن يكونوا قد استبدلوا الصخور وحتى بقايا الأبنية المهدمة، أي صناعة منطقة إصابة جديدة في منطقة الإحداثيات نفسها”.

 

لكن الساكت أشار إلى أن كثيرا من الأدلة “باتت في منطقة آمنة”، وأضاف “كل الأطباء والممرضين والمصابين أصبحوا اليوم في منطقة جرابلس، كما أن الأشخاص الخمسين الذين قتلوا في الهجوم الكيميائي دفنوا في مكان لا يعلم به إلا أشخاص محددون”.

 

ولفت إلى أن بقايا العناصر الكيميائية تبقى في جثة المتوفى لمدة ما بين سنة وسنتين، كما يمكن أن تبقى في الجسم المصاب حتى مع استخدام الأدوية المعالجة لمدة تصل إلى ثلاثة أشهر.

 

وبرأيه فإن لجان التفتيش يمكن أن تصل لأدلة هامة إن سمح لها باستخدام حوامات فوق منطقة الإحداثيات، أو عبر إدخال أجهزة عالية الدقة “يمكنها أن تستخرج أدلة مهما كان نوع العبث في مكان الهجوم”.

المصدر : الجزيرة,رويترز

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى