أحداث وتقارير اخبارية

أحداث الأحد 23 نيسان 2017

 

قوات النظام السوري تتقدم إلى ريف إدلب

لندن، بيروت، عمان – «الحياة»، أ ب

استمرت المعارك على أشدها في وسط سورية أمس، وسط تقدّم القوات النظامية صوب مدينة مورك الاستراتيجية على الخط الفاصل بين محافظتي حماة وإدلب. وأفيد مساء بأنها سيطرت على موقع مهم جنوب مورك وبلدة كفير الطيبة غرب بلدة طيبة الإمام، في مؤشر إلى أنها تريد مواصلة التقدم من ريف حماة الشمالي نحو ريف إدلب الجنوبي لتقترب بذلك من بلدة خان شيخون التي كانت مسرحاً لهجوم بغاز السارين مطلع هذا الشهر.

جاء ذلك في وقت حقق تحالف «قوات سورية الديموقراطية» العربي- الكردي المدعوم من الأميركيين تقدماً لافتاً ضد تنظيم «داعش» في ريف محافظة الرقة (شمال شرقي سورية)، إذ اقترب مقاتلوه على محورين من الالتقاء ببعضهم بعضاً شمال المدينة، الأمر الذي سيفرض على «داعش» إما الانسحاب أو المخاطرة بالوقوع ضمن طوق كامل، ما يشير إلى أن معركة طرد التنظيم من عاصمته السورية باتت على الأبواب.

وبعد يوم من تصريحاته لوسائل إعلام روسية أبقى فيها الباب مفتوحاً أمام تقارب مع الأميركيين على رغم قصفهم قاعدة الشعيرات رداً على هجوم خان شيخون، سُجّل أمس كلام جديد للرئيس السوري بشار الأسد اتهم فيه «الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة» بأنها «تتدخل لمصلحة الإرهابيين كلما كان هناك تقدم كبير للجيش»، معتبراً أن «ضربة الشعيرات جاءت على خلفية هزيمة الإرهابيين» في ريف حماة. ونقلت وكالة «سانا» الرسمية عن الأسد قوله خلال ترؤسه «اجتماعاً موسّعاً للجنة المركزية لحزب البعث» إن حكومته «ستستمر بالتصدي للسيناريوات الغربية الهادفة لضرب وحدة بلدنا وسيادته، بالتزامن مع مواصلة العمل السياسي»، معتبراً «أن أحد أهداف الحرب على سورية كان ضرب الفكر القومي وإرغامها على التخلي عن الفكر العروبي». وأعلن مساء تشكيل لجنة قطرية جديدة لحزب البعث.

وفي عمّان، أكدت مصادر أردنية أن للمملكة «تقديرات أمنية دقيقة» لطبيعة ما يجري على حدودها الشمالية مع سورية، في وقت تشير معلومات حصلت عليها «الحياة» من مصادر مطلعة، إلى مساعدة الأردن «جيش العشائر» السوري الذي قوامه آلاف المسلحين، في مواجهة التنظيمات الإرهابية وعلى رأسها «داعش». وقالت المصادر الأردنية لـ «الحياة»، إن اقتراب الحرس الثوري الإيراني وميليشيات حزب الله من الحدود الأردنية يتطلب أقصى درجات الحذر، خصوصاً في ظل بحث «حزب الله» عن دور استعراضي سياسي بالقرب من منطقة القنيطرة على الحدود مع إسرائيل في الجولان المحتل.

إلى ذلك، نشرت وكالة «أسوشييتد برس» تحقيقاً عن الصينيين الذين يقاتلون في صفوف الحزب الإسلامي التركستاني وجماعات أخرى في سورية، مشيرة إلى أنهم منظمون ولديهم تجربة قتالية. وكشفت أن وجود هؤلاء في سورية أدى إلى تزايد التعاون بين حكومتها وبين أجهزة الاستخبارات الصينية التي تخشى «الجهاديين» الذين يمكن أن يعودوا إلى الصين.

 

الحسكة:مناهج تربوية مسيسة تهدد مستقبل جيل بأكمله

سامر الأحمد

أعلنت مديرية التربية التابعة للنظام في محافظة الحسكة، الخميس، قراراً بتمديد ﺍﺳﺘﻘﺒﺎﻝ ﻃﻠﺒﺎﺕ ﻣﺴﺎﺑﻘﺔ ﺗﻌﻴﻴﻦ المدﺭﺳﻴﻦ الجدد حتى 27 ﻧﻴﺴﺎﻥ/إبريل، بسبب “الظروف التي تعاني منها المحافظة”. وكانت مديرية التربية قد نشرت الأسبوع الماضي قوائم بأسماء 600 معلم جديد سيتم تعيينهم في مدارس المحافظة. ويحاول النظام، كما يبدو، من خلال هذه المسابقات بيع الوهم للمعلمين الجدد، في ظل غياب مدارس كافية أصلاً للمعلمين القدامى. فالنظام فَقَدَ سلطته على ما يقارب 90 في المئة من مدارس المحافظة، التي باتت تحت السيطرة الفعلية لـ”الإدارة الذاتية” التابعة لحزب “الاتحاد الديموقراطي” الكردي التي فرضت بدورها منهاجاً خاصاً أجبرت معظم المدارس على الالتزام به وترك منهاج النظام.

المنهاج الجديد الذي فرضته “الإدارة الذاتية” هو موحد لمناطق الشمال السوري الثلاث التي يسيطر عليها حزب “الاتحاد الديموقراطي”، أي مقاطعات الجزيرة وعفرين وعين العرب “كوباني” بلغة “الإدارة الذاتية”. وحاولت الإدارة من خلال هذا المنهاج تقديم طرح مختلف عن منهاج النظام، فقامت باستبدال مادة “التربية القومية” التي كانت تمجد “حزب البعث” بكتاب جديد يدعى “الأمة الديموقراطية” يُروّج لفكر “الاتحاد الديموقراطي” والفيدرالية، ويتضمن أفكار قائد حزب “العمال الكردستاني” عبدالله اوجلان المعتقل في تركيا. كما قامت “الإدارة الذاتية” باستبدال كتاب “التربية الإسلامية” بكتاب “تاريخ الأديان” الذي يتناول الحديث عن الديانة الإسلامية والمسيحية وحتى الزردشتية. كما أضافت مقررات “علم المرأة” و”الثقافة والأخلاق” بالإضافة إلى تعليم اللغة والأدب الكرديين، وتعديل كتاب التاريخ ليكون تاريخاً لجميع شعوب المنطقة، بدل اقتصاره على الحضارة العربية.

مسؤولة التعليم في مقاطعة عين العرب “كوباني” نسرين كنعان، قالت لـ”المدن”، إن “الهدف من تغيير المنهاج كان مرتبطاً بالوضع السوري. ومع طرح مشروع الفيدرالية كان من الضروري أن تشهد الساحة تغييراً للمناهج يتوافق مع تطلعات جميع مكونات المجتمع. وكان الطرح قائماً على أساس التعددية في اللغة والفكر. والمناهج الجديدة تختلف عن المناهج القديمة بأنها وُضعت على أساس الاختلاف في الاعراق من دون تهميش أي مكون على حساب الآخر، وهو بعيد عن فكرة القومية الواحدة التي اعتمدها النظام السوري”.

ولكن كما يبدو هناك رفض في بعض المناطق لفرض هذا المنهاج، وبعد اعتراض الأهالي على تدريس أبنائهم المنهاج الجديد وخروج الطلاب في تظاهرة ضد “الإدارة الذاتية”، قررت الأخيرة إغلاق المدارس بشكل نهائي في حي غويران في مدينة الحسكة. مسؤولة هيئة التربية والتعليم في “مقاطعة الجزيرة” التابعة لـ”الإدارة الذاتية” سميرة حاج علي، قالت لـ”المدن”: “نحن في ثورة ولا بد أن يكون هناك مشاكل أو اعتراضات، وستحل خطوة بخطوة. ونحن الآن كإدارة ذاتية ندير جميع مدارس الجزيرة تقريباً، وقد قمنا بإدخال اللغة الكردية كما افتتحنا جامعة روج آفا لتأهيل كوادر في مقاطعة الجزيرة. ونحن نواصل العمل لرفع سوية التعليم ويجب أن نبني مستقبلاً مشرقاً لأولادنا. هنالك فرق كبير بيننا، فنحن كإدارة نظام ديموقراطي، والنظام السوري هو نظام دكتاتوري”.

الأستاذ محمود الماضي، وهو مدرس سابق للغة العربية في ثانويات القامشلي، قال لـ”المدن”، إن “هذا المنهاج هو تجميع يعتمد على الترجمة الكردية، وعدا أنّه غير مدروس ومعدّ بشكل صحيح فهو مسيس. وكأنّهم لا يُفرّقون بين السياسة ومبدأ التعليم الذي هو أبعد ما يكون عن السياسة. والحقيقة أن هذا المنهاج يؤجّج الطائفية والقوميات والانقسام في المجتمع، ويخلق جيلاً مؤدلجاً. فما هو الفرق عندما تحذف صورة بشار وتلصق مكانها صورة عبدالله أوجلان”. وأضاف “نحن نقول إنه من حقّ الأكراد أن تكون لهم مدارس خاصة تدرّس فيها لغتهم لكن أن تستولي مليشيات الإدارة الذاتية على كلّ مدارس البلد وتفرض منهاجها بقوة السلاح فهذه جريمة بحقّ الأجيال والوطن، وقد تسبّبت بإغلاق مئات المدارس وحرمان مئات آلاف الطلاب من حقّهم في التعليم”.

“المدن” تواصلت مع عدد من المعلمين الذين يُدرّسون المنهاج الجديد في منطقة ريف رأس العين، ممن أوضحوا أن الأهالي مجبرون على الوضع الحالي بسبب تهديد السلاح، ولكنهم أوضحوا أن المنهاج الجديد يعتبر مقبولاً نوعاً ما، لولا التقديس الزائد لعبدالله أوجلان، و”فكر الأمة الديموقراطية”. ولم تختلف الأمور كثيراً، بالنسبة لهؤلاء المعلمين، فالأمر مشابه لتقديس الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد و”حزب البعث” في المنهاج السابق. كما أن المنهاج الجديد لا يركز كثيراً على تعلم اللغات الأجنبية، وهناك أمر آخر متعلق بمحاولة إفهام الأطفال مصطلحات سياسية كبيرة مثل الفيدرالية والديموقراطية، وهذا أمر صعب جداً خاصة مع غياب الكوادر المؤهلة. لذا فقد لجأت “الإدارة الذاتية” إلى استبدال الكثير من المعلمين السابقين بمعلمين جدد موالين لها، بعضهم لم يُكمل دراسته الجامعية، والبعض منهم غير حاصل على شهادة الثانوية العامة، ما يؤثر سلباً على طريقة التدريس.

الصراع العسكري الذي طغى على المشهد بين مختلف القوى في الجزيرة السورية أخفى على ما يبدو صراع السيطرة على مستقبل المنطقة، عبر فرض مناهج تعليمية تخدم السلطات القائمة. فالنظام سبق وفرض منهاجاً عروبياً بعثياً يكرس تقديس الديكتاتور، ثم جاءت المعارضة السورية لتقوم بتعديل على منهاج النظام وتحذف كل ما يشير إلى النظام و”حزب البعث” مع الحفاظ على المادة العلمية وقد عممت هذا الامر على أرياف محافظة الحسكة عندما كانت فصائل الجيش الحر مسيطرة عليها. قبل أن يُغلق تنظيم “الدولة الإسلامية” المدارس ثم يفرض منهاجاً إسلامياً متطرفاً. وبعد طرد التنظيم من الحسكة جاءت قوات “الاتحاد الديموقراطي” وفرضت منهاجها لتكرّيس أفكار الفيدرالية وتمجيد عبدالله أوجلان، فأصدر النظام قراراً بإغلاق أي مدرسة تعمم المنهاج الجديد، وقطع الرواتب عن المعلمين فيها.

تغيّر الأساليب والمناهج، خلال السنوات الماضية، يدفع للتأمل في مستقبل جيل من أطفال الجزيرة السورية ضاع مستقبله وهو يتقلب من منهاج إلى آخر.

المدن

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى