أحداث وتقارير اخبارية

أحداث الأحد 24 تموز 2015

 

 

 

«شيطان التفاصيل» محور المحادثات الأميركية – الروسية

لندن – إبراهيم حميدي

تتكثف المحادثات الأميركية – الروسية في جنيف ولاوس في الأيام المقبلة لوضع لمسات أخيرة وحل «شيطان التفاصيل» في مسودة اتفاق بين البلدين يتضمن هدنة ووقف قصف «المعارضة المعتدلة» مقابل محاربة «جبهة النصرة» وإطلاق عملية سياسية على أمل أن تشكل هذه المسارات «فرصة سحرية» كي يدعو المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا إلى استئناف مفاوضات جنيف في شهر آب (أغسطس) باعتبار أن القرار الدولي 2254 حدد بدايته موعداً لتشكيل هيئة الحكم الانتقالية.

وكان وزير الخارجية الأميركي جون كيري أعلن أنه سيلتقي نظيره الروسي سيرغي لافروف في بداية الأسبوع المقبل في لاوس التي تستضيف اجتماعات قمة «آسيان»، موضحاً «سنرى إلى أين وصلت مفاوضاتنا. في حال لم يتم حل بعض الأشياء أو الأسئلة من خلال المفاوضات الجارية، يجب أن نعمل على حلها» على اعتبار أن لقاء كيري – لافروف سيتزامن مع محادثات ستجرى في جنيف بين مسؤولين أميركيين وروس بمشاركة الأمم المتحدة بدءاً من الثلثاء.

ويستكمل المسؤولون الأميركيون والروس بينهم خبراء من العسكريين والسياسيين، البحث في مسودة الاتفاق التي كان سلمها كيري خلال زيارته إلى موسكو قبل أسبوعين، وتتضمن «إجراءات ملموسة» وتبادل معلومات وخرائط وإحداثيات والتعاون بين الجيشين وأجهزة الاستخبارات لمحاربة «جبهة النصرة» المصنفة مع «داعش» على قوائم الإرهاب، مقابل أن تقوم موسكو بالضغط على دمشق لوقف قصف «المعارضة المعتدلة» وعدم تحليق الطيران السوري في مناطق عمل الطيران الروسي والأميركي، إضافة إلى إطلاق عملية «انتقال سياسي» بموجب القرار 2254. وإذ أبدى مسؤولون في وزارة الدفاع الأميركية (بنتاغون) و «وكالة الاستخبارات الأميركية» (سي آي أي) شكوكاً إزاء نجاح خطة كيري، بدا المبعوث الأميركي الرئاسي لمحاربة «داعش» بريت ماغورك بين المتحمسين لهذه الخطة والتعاون مع الروس لمحاربة «النصرة» و «داعش». وقد يشارك ماغورك في محادثات جنيف بعد يومين، التي تضم نائب وزير الخارجية الروسي غينادي غاتيلوف. وقال مسؤول غربي: «كيري قال أكثر من مرة أنه ليس هناك بديل من التعاون مع الروس. لكن واقع الحال أن كيري كان يقترب كل يوم من موقف لافروف خلال الأشهر الأخيرة».

ويدفع كيري، الذي حصل على تفويض من الرئيس باراك أوباما، للتوصل إلى اتفاق قبل 31 تموز (يوليو) الجاري لتوفير أرضية لاستئناف مفاوضات جنيف الشهر المقبل لـ «اختبار ما إذا كان الروس مستعدين أم لا لتنفيذ ما قالوا لنا أنهم سيفعلونه خلال المفاوضات في موسكو» التي شملت لقاء مع الرئيس فلاديمير بوتين وتضمنت بحث «خطوات ملموسة» للتعاون، في وقت أنهى دي ميستورا أمس جولة شملت برلين وأنقرة بعد محادثات مع مسؤولين أميركيين وروس للدفع باتجاه عودة الأطراف السورية إلى جنيف بعد توقف المفاوضات في نيسان (أبريل). وقال دي ميستورا أنه والأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون «مصممان على تحديد موعد مناسب للمفاوضات». وأوضح مسؤول غربي أمس أن هناك شعوراً بضرورة «التقاط اللحظة السحرية» وهي قرب نهاية ولاية أوباما ورغبته بإحداث اختراق على المسار السوري ونهاية ولاية بان بعد اجتماع الجمعية العام للأمم المتحدة في أيلول (سبتمبر) المقبل، لاعادة إطلاق مفاوضات السلام. ويتطلب ذلك إقناع «الهيئة التفاوضية العليا» المعارضة التي أعربت عن القلق من القصف الذي تتعرض له مناطق سورية عدة وفرض القوات النظامية الحصار على حوالى 300 ألف في الأحياء الشرقية لحلب ليرتفع عدد المناطق المحاصرة إلى 19 منطقة «تخنق» معظمها القوات النظامية.

 

الحكومة السورية “مستعدة” لمواصلة محادثات السلام

بيروت – رويترز، أ ف ب

أعلنت الحكومة السورية اليوم (الأحد) استعدادها لاستئناف محادثات السلام مع المعارضة وعزمها على التوصل لحل سياسي للصراع المستمر منذ خمس سنوات، فيما استهدفت غارات جوية أربعة مشاف ميدانية وبنكاً للدم في مدينة حلب خلال الـ 24 ساعة الماضية.

ونقلت «الوكالة العربية السورية للأنباء» (سانا) عن مسؤول في وزارة الخارجية قوله أن «سورية… مستعدة لمواصلة الحوار السوري – السوري من دون شروط مسبقة… ومن دون تدخل خارجي بدعم من الأمم المتحدة والمجتمع الدولي».

وتأمل الأمم المتحدة أن تُعقد جولة جديدة من مفاوضات السلام السورية في جنيف في آب (أغسطس) المقبل، علماً ان الجولات السابقة في العام الحالي انهارت في ظل تصاعد القتال.

من جهة أخرى، أفادت منظمة طبية اليوم بأن غارات جوية أربعة استهدفت مشاف ميدانية وبنكاً للدم في مدينة حلب خلال الـ 24 ساعة الماضية، وذكرت منظمة الأطباء المستقلين التي تدعم هذه المستشفيات أن رضيعاً يبلغ عمره يومان قُتل في القصف الذي استهدف مشفى للأطفال في الأحياء الشرقية للمدينة.

 

المعارضة السورية مطمئنة بعد فشل الانقلاب: لا تبديل في الموقف التركي تجاه الثورة السورية

منهل باريش

القدس العربي»: ربما تكون الساعات الخمس، التي بدأت بعد العاشرة ليلة الانقلاب، هي من أسوأ أيام السوريين في تركيا، منذ بدء لجوئهم في حزيران/يونيو 2011، بعد بدء «جيش النظام» اقتحام مدينة جسر الشغور. أسرعت المعارضة السورية «مسلحة وسياسية» إلى إصدار بيانات إدانة الانقلاب صبيحة اليوم الثاني لوقوعه. واستعجلت الحكومته المؤقتة باستصدار بيان إدانة، متسرع، ينم عن ضعف خبرة سياسية، لأن النص لم يقتصر على اتهام الكيان الموازي، بل تعدى ذلك إلى اتهام دول إقليمية ودولية «لم يسمها البيان» بدعم الانقلاب. هذا في حين أن تركيا، صاحبة الشأن لم تتهم أي دولة بالوقوف وراء عملية الانقلاب، بل اتهمت الكيان الموازي بزعامة فتح الله غولن فقط، وذلك رغم كل الاشاعات عن تورط أمريكي من خلال قاعدة انجرليك.

وأصدر الجناح السياسي في حركة أحرار الشام الإسلامية بيانا أدان «الانقلاب الفاشل ضد الحكومة التركية المنتخبة»، وتمنت الحركة «أن تكون المحنة، منحة تجمع شمل الشعب التركي وأطيافه السياسية، وتحقق السلم الأهلي الداخلي». ووصف البيان فشل الانقلاب بأنه «انتصار الإرادة الحرة للشعب التركي الشقيق ضد المحاولة الانقلابية الفاشلة التي استهدفت تركيا العدالة وسياستها». ويتخوف السوريون من أنصار الثورة السورية في تركيا وسوريا من ارتدادات الانقلاب الفاشل، لجهة تأثيرها سلبا على قرارات الدولة التركية بحق السوريين، خصوصاً بعد فرض حالة الطوارئ في عموم البلاد.

وخفف جورج صبرة، عضو الهيئة العليا للمفاوضات، من تبعات الانقلاب الفاشل على السوريين والملف السوري لدى الحكومة التركية، وقال لـ«القدس العربي»: «أعتقد لن يتغير الموقف التركي، وسيبقى التغيير بحدود طفيفة ومحسوبة». واعتبر صبرة أن القرار التركي بالوقوف إلى جانب الثورة السورية «هو قرار حكومي وشعبي، وأرى أن انتصار الإرادة الشعبية في تركيا، بمثابة دعم جديد، خصوصاً وأن المشترك بين الشعبين السوري والتركي هو دفاعهما عن حقهما في الديمقراطية وسيادة الشعب ضد السلطة العسكرية».

وتظاهر أعضاء في الحكومة السورية المؤقتة مع عدد كبير من الفصائل الإسلامية وفصائل الجيش الحر في بلدة أطمة الحدودية ضد الانقلاب، و«دعماً للشعب التركي ورئيسه المنتخب ديمقراطياً»، حسب أحد النشطاء الذي حضروا المظاهرة.

من جهته، اعتبر موفق نيربية، نائب رئيس الإئتلاف الوطني السوري، أنه من المبكر الحديث عن انعكاسات الحدث التركي على «القضية ووضع السوريين». وقال نيربية: «ربما يحتاج الأمر إلى وقت قريب من الوقت الذي حددته الحكومة التركية لحالة الطوارئ! على الرغم من ذلك، يمكن التأكيد أن فشل الانقلاب من جهة، وطريقة هزيمته من جهة أخرى، أمران وثيقا الصلة بنا وبقضيتنا، فالانقلاب كان سيعني انعطافاً محتماً في السياسة الخارجية، وخصوصاً في ما يخص مسألتنا المهمة لجارتنا الكبيرة».  وأشار نيربية إلى أن «طريقة مساهمة الشعب النشيطة والفاعلة والسلمية هي دعم معنوي كبير لقضيتنا، إضافة إلى غلبة الروح الوطنية على أجواء تلك الساعات العصيبة، وحتى الآن». وأضاف: «لا أظن أبداً أن انعكاس ما حدث سيكون حاداً، بل أعتقد أن الموقف التركي من قضيتنا سيكون بعد الآن أكثر عمقاً وتوازناً وثباتاً. وهو حتماً سيكون داعماً لقوى الثورة، بل الشعب السوري، وللعملية السياسية في الوقت نفسه».

داخليا، قال غسان حمو رئيس مجلس محافظة ادلب الحرة لـ «القدس العربي» أن تركيا «ستتعافى من محنتها سريعاً، ولسنا خائفين من تبدل في الموقف التركي تجاه دعم الثورة».

وأشار حمو إلى أن السلطات التركية «فتحت معبر باب الهوى بعد يومين من قرار إغلاقه. وسمحت للقوافل الإنسانية باستكمال حركتها باتجاه الداخل السوري. كذلك استقبلت تركيا الجرحى، والحالات المستعجلة».

وأكد قائد عسكري تابع للجيش الحر «عدم وجود تغيرات بشكل مطلق» فيما يخص الدعم المقدم عبر غرفة «الموم»، وأن «الأمور ما زالت ضمن الإجراءات والآلية المعتادة».

ومن الملاحظ، بعد فشل الانقلاب على الرئيس التركي وحكومته، أطمئنان المعارضة السورية إلى أن علاقة تركيا بالثورة السورية لن تتغير، ومن اللافت أن قراءة المشهد يشوبها الكثير من الواقعية، أو الرغبة الغنكارية.

ذلك لأن فشل الانقلاب، والذي تصدى له الشعب التركي، سيؤثر داخليا على الوضع السياسي والتحالفات السياسية. صحيح، أن المعارضة السياسية اصطفت إلى جانب الحكومة ضد الانقلاب، لكن هذا لا يعني أن الأمر سيستقر سياسيا في وقت لاحق. وحملات الاعتقال الكبيرة، التي طالت حتى المدرسين وأساتذة الجامعات، ستخلق أزمة اجتماعية سوف تظهر آثارها بعد وقف حالة الطوارئ، فآلاف الأسر ستجد نفسها بلا دخل في تركيا النامية اقتصاديا.

ويبقى على أنصار الثورة ومعارضتها التفكير جدياً في مصيرهم ومصير»الثورة « لو خسر أردوغان وحزبه في أي انتخابات مقبلة، أو تعرض النظام السياسي التركي لأي هزة أو تغيير. وصار واضحاً أن هذه الدولة تترصدها أعين الفاعلين أقليميا ودولياً، وتحاك ضد التجربة التركية مؤامرات متلاحقة في مطابخ سياسية واستخباراتية عديدة.

 

طهران: دعمنا أردوغان لنحافظ على الأسد

نجاح محمد علي

لم يتردد الرئيس الإيراني حسن روحاني لحظة واحدة في فتح قنوات إتصال مع نظيره التركي رجب طيب أردوغان، لدعمه وفهم ما يجري في تركيا على الرغم من إعلان TRT»» القناة التركية الرسمية أن أردوغان ما عاد الرئيس الشرعي، وان زمام الأمور باتت في يد الجيش.

روحاني وكذلك الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي الأميرال علي شمخاني الذي أجرى إتصالات مماثلة مع مسؤولين أمنيين مقربين من أردوغان، كانا يتحركان بعد تفاهم»مستعجل» مع المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي الذي أمر بفرض إجراءت أمنية على مناطق الحدود المتاخمة مع تركيا لمنع تسلل «معادين للثورة» خصوصا عناصر من منظمة مجاهدي خلق، يتخذون من تركيا مقرا لهم.

وبالفعل، أعلن شمخاني نفسه أن جميع الحدود البرية والجوية تحت المراقبة والرصد التام، وأكد وجود اشراف شامل في هذا المجال.

 

خلية أزمة

 

في الوقت ذاته وقبل أن يلتئم شمل أعضاء المجلس الأعلى للأمن القومي للاجتماع بحضور قائد فيلق القدس قاسم سليماني الذي تتحفظ المصادر الإيرانية عن كشف طبيعة الدور الذي لعبه إبان تلك الأزمة، وبرئاسة الرئيس روحاني، شكلت وزارة الخارجية الإيرانية «خلية أزمة» بدأت نشاطها بعد دقائق فقط من إعلان الانقلاب، برغم أن الجمعة في إيران عطلة رسمية.

وبينما كان شمخاني تسلم الملف التركي برمته، كان وزير الخارجية محمد جواد ظريف وهو عضو ثابت في المجلس الأعلى للأمن القومي بحكم وظيفته، يترأس «خلية الأزمة» ومعه كبار مساعديه أبرزهم مساعده لشؤون آسيا والمحيط إبراهيم رحيم بور الذي برر «الاستعجال» فيما سماها «مبادرة المسؤولين بالجمهورية الإسلامية الإيرانية في الدفاع عن الديمقراطية ودعم الحكومة الشرعية في تركيا» بقوله إنها» تعزز بناء الثقة» بين إيران وتركيا بما يسمح بالطبع لايجاد تغيير في المواقف التركية من أزمات حاسمة في المنطقة أبرزها المسألة السورية. وعملت «خلية الأزمة» على جمع معلومات عن طبيعة الانقلاب وما يجري في تركيا في تلك اللحظات، وكانت الاتصالات مفتوحة على مدار الساعة مع السفارة والمؤسسات الإيرانية في تركيا، ومع مصادر تعمل لحساب إيران مختصة بشكل أساسي في متابعة المعارضة الإيرانية وفي مواجهة تحركات الموساد الإسرائيلي.

وأوضح رحيم بور: أن وزارة الخارجية كانت تتلقى المعلومات بسرعة من تركيا، وبدأت بتحليل الأوضاع واتخاذ الموقف، ما يعد نموذجا ناجحا في العمل الدبلوماسي.

وأضاف: رغم أن الوقت كان ليلا ويوم عطلة إلا أن المؤسسات المعنية كانت تعمل بنشاط وسرعة وتعاونت مع السفارة ووزارة الخارجية، وقام الجميع بأداء مسؤولياتهم بشكل جيد.

ونفى مساعد وزير الخارجية الإيرانية أن تكون طهران تعلم بالانقلاب، مشيراً إلى أن ما سماها الجهود الحثيثة هذه أثمرت عن اتخاذ مواقف دقيقة ومدروسة جدا من قبل وزير الخارجية وباقي المسؤولين الإيرانيين، «حتى أن البعض تصور أننا كنا على اطلاع بهذا الانقلاب في حين لم يكن الأمر هكذا».

المسارعة الإيرانية في رفض الانقلاب جاءت في الوقت الذي كانت الأوضاع في أنقره واسطنبول ملتهبة، ورغم أن مصير أردوغان لم يكن محددا وواضحا بما سمح لبعض المعترضين داخل مؤسسة النظام إلى وصف الموقف الرسمي بـ«المغامر المؤيد لانقلاب أردوغان على الشعب» لكن وزير الخارجية ظريف سارع من جهته لتبرير ذلك بنشره ثلاث تغريدات على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» دفاعا عن «الديمقراطية وسيادة الشعب التركي».

وهكذا ظلت طهران تتابع وفي الوقت ذاته تعلن عن تأييدها لأردوغان رافضة الانقلاب على «الشرعية» في موقف يعيد للأذهان صورة مختلفة عما شهدته العاصمة الإيرانية بُعيد الإعلان عن نتائج الانتخابات الرئاسية في حزيران/يونيو 2009.

في الساعات الأولى من ليل تركيا الطويل، كانت الاتصالات الإيرانية سواء من الرئيس روحاني، أو من باقي المسؤولين الإيرانيين بنظرائهم الأتراك، تركز على تشجيع أردوغان على دعوة جماهيره للنزول إلى الشوارع، ومواجهة الانقلابيين، وتكرار تجربة الثورة ضد الشاه وجيشه الأسطوري في العام 1979.

وبغض النظر عما إذا كان أردوغان نفسه هو من «دبر» الانقلاب أو أنه استغله للقيام بانقلاب مضاد لتطهير الجيش والقضاء والمؤسسة التربوية والإعلام من خصومه ومعارضي حزبه الإسلامي كما عبرت صحف إيرانية مثل «عصر إيران» المقربة من الأجهزة الأمنية، فان طهران الرئيس روحاني، وخلفه المرشد علي خامنئي، وقادة الحرس الثوري والجيش الأعضاء في المجلس الأعلى للأمن القومي، أيدوا المظاهرات الشعبية ضد الجيش في شوارع اسطنبول وأنقرة ومدن رئيسية أخرى ساهمت في إحباط الانقلاب، وهو مشهد يشبه تماما مع فارق حاد في الزاوية، لما شهدته طهران وأصفهان ومشهد وتبريز ومدن أخرى من مظاهرات في العام 2009 احتجاجاً على ما قيل أنذاك بشأن تزوير الانتخابات الرئاسية.

هذا الأمر دفع بعدد من أعضاء مجلس الشورى المهيمن عليه الآن من قبل الاصلاحيين والاصوليين المعتدلين، إلى إستدعاء وزير الخارجية ظريف ليمثل أمامه في جلسة غير علنية، برغم أن ظريف كما قال مساعده رحيم بور، لم يغمض له جفن سوى نصف ساعة بسب عمله في «خلية الأزمة». وبحسب المتحدث بإسم لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في المجلس «البرلمان» حسين نقوي حسيني، فقد قدم وزير الخارجية محمد جواد ظريف لأعضاء البرلمان تقريراً مفصلا حول التطورات الأخيرة في تركيا.

ونقل أيضا النائب الإيراني على لسان ظريف قوله، إنه شرح أهمية أن تبادر إيران إلى رفض الانقلاب العسكري، لتستفيد من هذا الموقف في وقت لاحق في دعم اسلوبها نحو حل الأزمة السورية على الموال ذاته: أي رفض تغيير الأنظمة المنتخبة إلا عبر صناديق الاقتراع، وهي الحجة الرسمية التي تم وفقها عام 2009  «قمع» الاحتجاجات على نتائج الانتخابات.

 

إنقاذ الأسد

 

وبرر ظريف ما كان أعلنه قبل ليلة على حسابه الشخصي بأنه لا مكان للانقلابات العسكرية في المنطقة معتبرا أن مصيرها الفشل، وأن فشل الانقلاب في تركيا، يجب أن يقود إلى تفاهم إيراني تركي حول العديد من القضايا خصوصا في سوريا، وأكد أن النجاح في سوريا يعني نجاح إيران في مواقع أخرى من الصراع مع السعودية.

وبين ظريف وجود تباين في المواقف مع الحليف الروسي حول تركيا وكشف في هذا السياق النائب غلام علي جعفر زاده أيمن آبادي أن وزير الخارجية الإيراني، أبدى امتعاضه من الموقف الروسي حيال الانقلاب العسكري الفاشل في تركيا، ورآى أن موقف روسيا تجاه ما جرى في تركيا لم يكن قوياً وهو مثير للقلق للغاية. وقال آبادي في تصريح لموقع صحيفة «جام جم» المحافظة الصادرة عن مؤسسة الإذاعة والتلفزيون، إن «ظريف أكد خلال جلسة استضافة غير علنية في البرلمان، إنه ومعه الجنرال قاسم سليماني وأمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي شمخاني تابعوا مع رجب طيب أردوغان الانقلاب الفاشل منذ اندلاعه وحتى فجر يوم السبت».

وأضاف النائب الإيراني إن «ظريف وصف موقف بلاده تجاه محاولة الانقلاب الفاشلة في تركيا بأنه من أفضل المواقف الدولية»، مشيراً إلى أن «المسؤولين الإيرانيين أبدوا امتعاضهم من موقف روسيا تجاه الانقلاب الفاشل في تركيا».

المرشد آية الله خامنئي وعبر مستشاره للشؤون الدولية علي أكبر ولايتي كان أكثر وضوحاً عندما دعا تركيا إلى احترام رأي الشعب السوري وقراره في اختيار حكومته بنفسه، وقال ولايتي في تصريح لوكالة «تسنيم» الدولية للأنباء التابعة للحرس الثوري: «على الرغم من وجود تباين في الرأي بيننا وبين تركيا حول مواضيع مثل الأزمة في سوريا فإننا رفضنا الانقلاب وأيدنا الحكومة المنتخبة ونأمل أن تحترم تركيا رأي الشعب السوري وأصواته وقراره في اختيار حكومته بنفسه».

وأضاف ولايتي إن «الرئيس بشار الأسد هو رئيس منتخب من قبل الشعب السوري ولو لم يدعمه الشعب لما استطاع أن يصمد لمدة 5 أعوام في مواجهة حرب دولية».

ولفت ولايتي إلى أن تركيا «بلد جار» لإيران وأن ممارسات من قبيل الانقلاب العسكري «تؤدي إلى إبعاد البلاد عن مسار التقدم والعدالة والديمقراطية ونحن لا نؤيد هذه الممارسات».

ولوحظ في هذا البيان أيضا أن الصحف الإيرانية المحافظة والاصلاحية والمعتدلة مضت في طريق المجلس الأعلى للأمن القومي ذاته، وذكرت مصادر أنها تلقت إشارة من المجلس بضرورة أن لا تعكس أي تأييد ولو ضمني، للانقلابيين، بما سمح لمساعد وزير الخارجية رحيم بور أن يصف أداء وسائل الإعلام الإيرانية، وأداء الخارجية أيضا، بالمهني، وقال: إن وزارة الخارجية الإيرانية اتخذت سلسلة من الإجراءات من الساعة الـ11 ليلا وحتى الـ8 صباحا، جعلت المسؤولين الأتراك ورغم وجود بعض الاختلافات الإقليمية السابقة، يعبرون عن ارتياحهم التام لمواقف الجمهورية الإسلامية الإيرانية، واتضحت الرؤية الإقليمية لإيران لهم بشكل واضح.

ولم تمنع التعليمات الرسمية بعض الصحف من توجيه إنتقادات إلى أردوغان، وهو أمر متعارف عليه في إيران، إذ لا توفر هذه الانتقادات الرئيس روحاني وطاقمه الذي خاض المفاوضات النووية مع مجموعة دول 5+1 الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن وألمانيا.

 

الكرد

 

وبدا واضحاً في كل هذا السجال أن سوريا والقضية الكردية، من القضايا التي ساهمت في التباعد بين كل من تركيا وإيران، هما أيضا شكلتا محور التقارب وشكل العلاقات المقبلة الذي سيسفر عنه موقف إيران المؤيد لأردوغان الذي قال خلال المكالمة مع روحاني: «إننا اليوم عازمون أكثر من أي وقت مضى، على أن نسير جنباً إلى جنب مع إيران وروسيا، لنساهم بالتعاون معهما في حل القضايا الدولية، كما أننا مصممون على تكثيف الجهود الرامية إلى استعادة السلام والاستقرار في المنطقة»، مع ملاحظة أن روحاني هو من توسط لتطبيع العلاقات بينه وبين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

 

قصف جوي بريف دمشق.. والنظام يحاول مجدداً التقدم بداريا

ريان محمد

شن الطيران الحربي التابع لقوات النظام السوري، اليوم الأحد، عدة غارات جوية على مدينتي عربين ودوما، في الغوطة الشرقية المحاصرة في ريف العاصمة السورية دمشق، في حين لم تصل معلومات عن وقوع ضحايا، في وقت تشن قواته، أيضا، هجوما على مدينة داريا، في محاولة جديدة منها للتقدم فيها.

وقال الناشط الإعلامي في الغوطة الشرقية، حسان تقي الدين، في حديث مع “العربي الجديد”، إن “الطيران الحربي يقوم بتركيز قصفه حاليا داخل المدن”، لافتا إلى أن “الجبهات نوعا ما هادئة باستثناء جبهة منطقة الأحواش والريحان، حيث يقوم النظام بقصف المنطقة ويحاول التقدم فيها”.

من جهتها، قالت مصادر إعلامية موالية إن “سلاح الجو الحربي في الجيش السوري يستهدف مواقع للمجموعات المسلحة في ‏عربين والمنطقة الفاصلة بين عربين وزملكا بعدة ضربات جوية في الغوطة الشرقية”.

وفي داريا المحاصرة في الغوطة الغربية لدمشق، جددت قوات النظام محاولاتها لاقتحام المدينة في ظل قصف مكثف من الأسلحة الثقيلة، حيث جلبت تعزيزات إضافية إلى الجبهة الجنوبية من المدينة، من بينها عدد من الدبابات وكاسحات الألغام.

وأفادت مصادر إعلامية موالية للنظام السوري بأن اشتباكات تدور بين قوات النظام والمعارضة التي تسيطر على المدينة، في ظل قصف تمهيدي بصواريخ أرض- أرض.

وكان قوات النظام قد شنت، أمس السبت، قصفا عنيفا على داريا، عبر الطيران المروحي، الذي ألقى على المناطق السكنية أكثر من 35 برميلا متفجرا، إضافة إلى العديد من صواريخ أرض-أرض وقذائف المدفعية الثقيلة والهاون.

كما جددت قوات النظام ومليشيا “حزب الله” اللبناني استهداف نبع بقين في بلدة بقين المحاصرة، إلى جوار مدينة مضايا، بالرشاشات الثقيلة وقذائف الهاون، في وقت استهدفت مدينة الزبداني بصاروخ أرض-أرض، ولم ترد معلومات عن سقوط ضحايا.

وحاول “حزب الله” أخيرا السيطرة على نبع بردى، وهو المصدر الوحيد لمياه الشرب لأكثر من 40 ألف مدني محاصرين في بقين ومضايا، إلا أن محاولته باءت بالفشل.

يشار إلى أن النظام كثف، خلال الفترة الماضية، عملياته العسكرية في المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة في محيط دمشق، متبعا سياسة القضم البطيء والأرض المحروقة، في وقت تعاني الفصائل المعارضة في تلك المناطق من ضعف الإمكانات والحصار المطبق.

 

رسائل “جبهة النصرة” إلى أميركا

منهل باريش

تشعر “جبهة النصرة” باقتراب ساعة الصفر، لبدء الهجمات الجوية الروسية-الأميركية عليها، بعد التقارب بينهما خلال الأيام الماضية حول التنسيق العسكري في سوريا. وتلافياً لأي عمل محتمل ضدها، قامت “النصرة” بنقل مقراتها الأساسية من مدينة إدلب وبعض المناطق الأخرى، وقامت بتغيير مواقع سجونها.

 

وتحاول “جبهة النصرة” اتباع أساليب جديدة، للتقرب من خلالها من الحاضنة الشعبية التي بدأت تفقدها مؤخراً. كما أنها بدأت تعمل على إشاعة خبر انفصالها عن تنظيم “القاعدة”، ما يُحوّلها إلى تنظيم جهادي سوري عادي بالنسبة للغرب.

 

ويُعتبر تعليق الناطق الرسمي باسم “جبهة النصرة” أبو عمار الشامي، على مقالة لديفيد أغناتيوس، تطوراً يصب في هذا السياق. فـ”النصرة” التي تعتقد بأن الحرب عليها قد بدأت، باتت بحاجة إلى طمأنة الغرب وكسب الحاضنة السورية بعد طول تجاهل.

 

وكان أغناتيوس قد كتب مقالاً بعنوان “خطر جهادي جديد ربما يلوح في الأفق في سوريا”، نشرته جريدة “واشنطن بوست” الأميركية في 19 تموز/يوليو. واتهم اغناتيوس “جبهة النصرة” بأنها “تخطط لعمليات خارجية، ضد أوروبا والولايات المتحدة، وحاول ناشطوها (النصرة)، على ما يُعتقد، اختراق تجمعات المهاجرين السوريين في أوروبا”.  وأشار اغناتيوس إلى أن “جبهة النصرة لعبت لعبة انتظار ذكية خلال السنوات الماضية، ودمجت نفسها بالجماعات المعتدلة، وقدمت نفسها على أنها مقاومة سنية ضد نظام بشار الأسد، وتجنبت الجماعة العمليات الإرهابية الخارجية، ولم تركز في عملياتها على استهداف الجنود الأميركيين، وقامت في الوقت ذاته بتطوير شبكة علاقات قريبة مع جماعات المعارضة، مثل جماعة أحرار الشام”.

 

من جهته، كتب الشامي في “تويتر” تغريدات رداً على أغناتيوس، وجّه من خلالها رسائل واضحة إلى الولايات المتحدة، وعامة السوريين والفصائل العسكرية المعارضة. واعتبر الشامي أن “مسارات الدعاية الأميركية قبيل كل حرب أو دمار، لم تعد تنطلي على أحد”، وبيّن أن “استهداف جبهة النصرة، هو استهداف للثورة السورية لصالح بشار الأسد، واضعاف لقوة المجاهدين”.

 

الشامي خاطب الولايات المتحدة، بشكل غير مباشر، بالقول: “إننا في الشام، اليوم، في حاجة ماسة لمن ينصرنا وينفر إلينا، لا أن نرسل الشباب إلى ما وراء البحار ليقاتلوا عدواً يقاتلنا اليوم بنفسه وبأدواته”. وأضاف الشامي أن “النصرة” أمام مصلحة الحفاظ على الجهاد الشامي قائماً قوياً، “تنزوي وتغيب كافة المصالح المرجوحة الأخرى من استهداف الغرب وأميركا”.

 

وخاطب الشامي الفصائل العسكرية محذراً المجاهدين من “القضاء على جبهة النصرة، اليوم، والسماح للاتفاق الروسي الأميركي بالمرور من دون موقف منكم لله.. ثم للتاريخ”. ووصف صمت الفصائل بأنه “الخذلان لإخوانكم وإضعاف لقوتكم، ولن ترضى أميركا بعدها منكم سوى الإذعان لحلّ سياسي يُرجح كفّة الأسد وحلفائه”. وناشد الفصائل بالقول: “ما ظننا بكم إلا خيراً، فأعينوا إخوانكم وادفعوا عنهم باللسان والبيان والتخذيل”.

 

وعلّق عشرات المغردين على تغريدات الشامي، مُستهجنين كلام الشامي، وسط حالة من الاستغراب من استخدامه وصف “اخوانكم” لفصائل المعارضة المسلحة، بعدما اعتدت “النصرة” على العديد منها، وخطفت الثوار، ولم تخضع لمحكمة واحدة. وغمز البعض من قناة الردّ على مقالة لكاتب أميركي بينما لا تستمع “النصرة” إلى مطالب الناس وحقوقها.

 

وكان أغناتيوس قد أشار إلى دراسة سابقة نشرها “معهد دراسات الحرب” وحملت توقعات بـ”إنشاء جبهة النصرة لإمارة إسلامية في شمال غربي سوريا، مطلع كانون الثاني 2017، وستندمج مع جماعة أحرار الشام المعتدلة”. استناد لم يكن موفقاً لأغناتيوس، فالعلاقة بين “الأحرار” والنصرة”، هي في حالة فتور كبير، لأسباب مختلفة، ليس أقلها اعتداءات “النصرة” المتكررة على الفصائل الأخرى واعتقالها الثوار وسلبها السلاح ورفضها الخضوع لمحاكم شرعية. وباتت العلاقة بين “الأحرار” والنصرة” مقتصرة على العمل العسكري المشترك ضد النظام فقط، بالإضافة إلى قيام “الأحرار” بابعاد بعض قادتها المُقربين من “النصرة”، وتعيين قيادات سياسية وعسكرية جديدة. وهذا ما يحول دون مضي “أحرار الشام” في دعم أي “إمارة إسلامية”، ما يجعل من إعلان إمارة تقودها “النصرة” منفردة، أمراً شبه مستحيل، ومصيره الفشل.

 

من جهته، الداعية الجهادي السلفي الأردني أبو محمد المقدسي، دعا “جبهة النصرة” إلى تغيير اسمها، وقال: “إن مسمى جبهة النصرة، أو غيره، إن صار عائقاً أو سبباً لاستهداف أهله، فتغييره أو التنازل عنه ليس تنازلاً عن قرآن، وفك الإرتباط ليس ردة عند الحاجة إليه”. وأضاف: “من جاهد لتكون كلمة الله هي العليا فلا يهمه المسمى؛ إنما يهمه وضوح هذه الغاية ومن جاهد لأجل اسم؛ وفارق لتغيره؛ فلا يحزن عليه”.

 

وأشار المقدسي الى أن مسمى “النصرة” والإرتباط بـ”القاعدة”، ليس هو السبب الحقيقي لاستهداف الجبهة وأمثالها، وإنما “الراية والغاية وعدم الخضوع لمشاريع الأميركان وأذنابهم”.

 

في حين علّق القاضي في دار القضاء، أبو أيوب المصري، بالقول: “لا أظن أحداً، لا أنا ولا الشيخ المقدسي، ومن قبله عطية الله الليبي ولا الشيخ أيمن نفسه؛ يقصد بفك الإرتباط نقض بيعة. بل اسم جديد يلمُّ شمل الفصائل”. وشدد المصري على أن: “الذي يطالب بفك الإرتباط يطلبه بإذن الظواهري، وليس خروجاً عليه، وهو نفسه أذن فيه، ثم رجع عنه، وأنا أطالبه بالسماح للنصرة لتكون شامية”.

 

ويرى مراقبون أن رسائل “النصرة” للولايات المتحدة، عبارة عن مناورات فات وقتها منذ زمن بعيد. فالولايات المتحدة وضعت “النصرة” على لائحة الإرهاب، قبل عام من إعلان ارتباطها بـ”القاعدة” وزعيمها أيمن الظواهري، وأن محاولات “خداع ” الفصائل واستعطافها لم تعد تجدي نفعاً بعد كل الحروب التي شنتها “النصرة على فصائل الجيش الحر.

 

قد تُغير “النصرة” اسمها قريباً، وتعلن فكّ ارتباطها بـ”القاعدة”، بمباركة من الظواهري نفسه، ولكن بعد فوات الأوان. وحين سيبدأ الطيران الأميركي والروسي، بضرب “النصرة”، فقد لن تتجرأ بقية الفصائل (ومعظمها يتلقى الدعم الأميركي مباشرة أو بشكل غير مباشر)، حتى على التنديد بذلك.

 

ديرالزور: عامان في ظل “داعش

محمد حسان

مرّ عامان كاملان على سيطرة تنظيم “الدولة الإسلامية” على محافظة ديرالزور شرقي سوريا. سنتان كانتا كافيتين ليفرض التنظيم نمط حياته وقوانينه الخاصة، وتغليف المحافظة بالسواد، وتفريغها من ناشطيها وجميع ثوارها. سنتان من القتل والتهجير في مناطق سيطرة التنظيم، وجوع وعطش في القسم المتبقي من المدينة الخاضع لسيطرة قوات النظام، والمحاصر من قبل التنظيم منذ مطلع العام 2015.

 

ديرالزور التي كانت تسير بخطوات ثابتة نحو طرد قوات النظام من الأجزاء المتبقية تحت سيطرتها، إلى أن بدأ الاحتقان يتصاعد بين عناصر “داعش” من جهة، وأحرار الشام و”جبهة النصرة” والجيش الحر من جهة أخرى. وكان وجود التنظيم قبل العام 2014، قد اقتصر في ديرالزور على منجم الملح وقرية جديد عكيدات في الريف الشرقي، وبعض النقاط داخل المدينة، من دون أي دور يذكر في جبهات القتال. ولم يكن التنظيم قادراً على التدخل في شؤون الحياة اليومية للأهالي. الفعل الوحيد الذي سُجّل لـ”داعش” في تلك المرحلة، كان هجوماً لعناصره بمساندة “جبهة النصرة” وفصائل أخرى على “تجمع أحفاد الرسول” نهاية العام 2013، بحجة فساده، واعتقال عدد من عناصره ومصادرة كميات من سلاحه.

 

اندلعت الاشتباكات بين “الدولة الإسلامية” والفصائل الأخرى في ديرالزور، كباقي المحافظات السورية الأخرى،على خلفية قتل التنظيم للطبيب وعضو “حركة أحرار الشام” حسين السليمان “أبو الريان”، مطلع العام 2014. فاندلعت ثورة في المناطق التي يتواجد فيها التنظيم في أرياف اللاذقية وإدلب وحلب والرقة وديرالزور. وتركزت الاشتباكات في ديرالزور في منجم الملح غربي المدينة ومعمل غاز كونيكو ومنطقة المعامل وصوامع الحبوب شمالاً. وتمكنت فصائل الجيش الحر و”جبهة النصرة” و”أحرار الشام”، من طرد التنظيم بشكل كامل من ديرالزور، وصولاً إلى الحدود الإدارية لمحافظة الرقة غرباً ومدينة الشدادي شمالاً.

 

لكن “الدولة الإسلامية” ما لبثت أن استجمعت قواها، وشنّت هجوماً كبيراً على ديرالزور من أربعة محاور؛ الرقة غرباً والشدادي شمالاً والشولا جنوباً والبوكمال شرقاً، لتتمكن في 20 تموز/يوليو 2014، بعد سبعة شهور من القتال، من السيطرة على ديرالزور، وطرد الفصائل العسكرية منها. التنظيم خسر في عملية الاستيلاء على ديرالزور المئات من خيرة مقاتليه وعدداً كبيراً من الآليات.

 

بعد سيطرة التنظيم على المناطق المحررة في ديرالزور، قام بطمس معالمها، محطماً تكايا المدينة الدينية وهادماً المزارات، وعلّق عمل المجالس المحلية مشترطاً العمل تحت إشرافه، كما منع العمل الإغاثي والإعلامي خارج سلطته، مهدداً المخالفين بالقتل والسجن.

 

ممارسات التنظيم الوحشية وسياسة القتل الممنهج، دفعت إلى اشتعال ثورات محلية ضده، فبعد سيطرته على ديرالزور بتسعة أيام، ثار أبناء عشيرة الشعيطات بعد اعتقال التنظيم عدداً من أفراد العشيرة مخالفاً الاتفاقية التي عقدت بينه وبين وجهائها. وتمكن أبناء الشعيطات من طرد التنظيم من قراهم، لكنه سارع إلى قمع ثورتهم بكل وحشية، وتفجير أكثر من 12 سيارة مفخخة بين المدنيين. وبعد 17 يوماً من القتال، تمكن عناصر التنظيم من دخول قرى الشعيطات، وقتلوا أكثر من 1000 مدني من الرجال والنساء ذبحاً بالسكاكين، واعتقلوا المئات منهم ممن وجدت جثثهم لاحقاً في مقابر جماعية. التنظيم طرد المتبقين من الشعيطات من قراهم لأكثر من سنة.

 

عمليات القتل والإرهاب الممنهج، دفعت نشطاء ديرالزور الإعلاميين، لإنشاء شبكات إعلامية لفضح ممارسات التنظيم وقوات النظام في ديرالزور، ومنها “حملة ديرالزور 24″ و”حملة ديرالزور تذبح بصمت” و”مرصد العدالة من أجل الحياة” وغيرها، لكن التنظيم سرعان ما بدأ البحث عن هؤلاء النشطاء في الداخل والخارج، ورصد المكافآت لمن يقتل أو يشي بأحد منهم. وخسرت ديرالزور، أكثر من 15 إعلامياً منذ سيطرة التنظيم عليها، وكان آخرهم 5 من إعلاميي المدينة، قتلوا بطريقة بشعة، وبث عملية قتلهم في شريط مصور حمل اسم “وحي الشيطان”.

 

بعد عامين من احتلال “الدولة الإسلامية” لديرالزور، مازال المدنيون في مناطق سيطرته تحت رحمة قرارات جائرة يفرضها التنظيم، كمنع المغادرة إلا بموجب إذن سفر من “ديوان الحسبة”. كما غابت الكهرباء ومياه الشرب عن الأهالي رغم تربع المدينة على الفرات. كما منع التنظيم فتح صالات الانترنت، وأمر بإزالة أجهزة الإستقبال الفضائي “الستلايت”، ما جعل المدينة أشبه بسجن كبير معزول عن العالم الخارجي.

 

أما في مناطق الجورة والقصور وهرابش، الخاضعة لسيطرة قوات النظام، فقد قام التنظيم بفرض حصار خانق عليها منذ العام 2015، ومنع دخول الطعام والدواء إليها، ما تسبب في موت العشرات بسبب الجوع ونقص الدواء، أو بقذائف الهاون والمدفعية، وقناصة التنظيم الذين يحاصرون ذالك الجزء من المدينة.

 

وجود “الدولة الإسلامية” في ديرالزور وما تبعه من انعدام مقومات الحياة، لمدة عامين، كان كافياً لتهجير الآلاف من أبنائها، باتجاه مناطق سيطرة الجيش الحر وقوات النظام ودول الجوار، وبحثاً عن الخلاص من نمط الحياة التي فرضها التنظيم والتي لم يعتاد عليها الأهالي.

 

عامان من احتلال “الدولة الإسلامية”، شهدت فيها ديرالزور تراجعاً كبيراً في المجال الصحي وعدم توافر الأدوية، وانتشار الكثير من الأوبئة والأمراض، ومنع التعليم المدرسي بكافة مراحله، الأمر الذي ينذر بكارثة تحمل دماراً لجيل كامل يرزح تحت الجهل، وينمو في ربوع تطرف ديني، لم يوفر التنظيم جهداً لزرع أفكاره فيه.

 

بعد عامين، لا يزال من تبقى من أبناء ديرالزور ينتظرون عودة أبناءهم الذين غادروا بعد سيطرة التنظيم، لتحريرها. وتتوجد فصائل عسكرية “ديرية” في الشمال السوري كـ”أحرار الشرقية” و”جبهة النصرة قاطع الشرقية” و”أحرار الشام” و”جيش أسود الشرقية”. كما أن “جيش سوريا الجديد” هو أول فصيل عسكري من الجيش الحر، من ديرالزور، يشتبك مع التنظيم في ريف الدير، في معركة أطلق عليها “يوم الأرض”.

 

عامان ولاتزال ديرالزور مباحة جواً من طيران “التحالف الدولي” الذي يستهدف بنيتها التحتية ومنشآتها النفطية من جهة، وطيران النظام والطيران الروسي اللذين يستهدفان المدنيين. عامان ولازالت ديرالزور مستباحة.

 

خريطة الغاز السورية: متغيرات الهيمنة والإستثمار

مرشد النايف

تسعى حكومة الأسد لإسترجاع بعض طاقتها في انتاج الغاز، التي تلاشت بسبب وقوع معظم منابع الطاقة بيد “داعش”، فافتتح وزير النفط السوري، الثلاثاء 19 تموز/ يوليو الجاري، وبطريقة احتفالية بئر أبو رباح في ريف حمص الجنوبي الشرقي، ليضيف هذا الحقل رقماً انتاجياً متواضعاً يراوح بين 200 و300 ألف متر مكعب من الغاز يومياً. في الأثناء، يبقى حقل الشاعر، الذي ينتج نحو 3 ملايين متر مكعب من الغاز يومياً، أكبر حقول الغاز السورية خارج الخدمة. ويضم الشاعر 6 آبار غاز و3 نفط، ويصل غازه المنتج عبر أنابيب طولها 77 كلم، إلى محطة للمعالجة تقع في منطقة الفرقلس (أو ما يسمى معمل غاز جنوب المنطقة الوسطى).

 

يأتي هذا الإفتتاح قبل شهرين من موعد إنتهاء حفر بئرين جديدتين، هما أبو رباح 13 و14. وتراوح تقديرات الإنتاج لكل بئر بين 150 و200 ألف متر مكعب يومياً. وهي “كميات جيدة ستشكل رافداً إضافياً لتغذية محطات الطاقة الكهربائية بالغاز الحر”، وفق ما تعرضه وزارة النفط على موقعها الإلكتروني.

 

الضربة القاصمة

تلقت البنية التحتية في حقل الشاعر مطلع تموز/ يوليو 2016 ضربة من داعش، إذ فجّر التنظيم محطة لتجميع الغاز في الحقل، طاقتها التخزينية 2.8 مليون متر مكعب من الغاز الطبيعي. وتم خلال العملية التي بثتها وكالة “أعماق”، تفجير أنابيب نقل الغاز ومحطات المعالجة والضخ. وتأتي هذه الضربة في وقت يتراجع إنتاج الغاز في سوريا من مستوياته القياسية المسجلة في 2011 عند حافة 30 مليون متر مكعب يومياً إلى 10 ملايين متر مكعب يومياً، والمسجلة خلال النصف الأول من العام الجاري، وفق وزير النفط السابق سليمان عباس، في حزيران/ يونيو الماضي.

 

وسيطر “داعش”، في أيار/ مايو الماضي، على معظم حقول الغاز القريبة من تدمر في ريف حمص الشرقي، كحقلي الهيل والأرك. فيما يعتبر حقل الشاعر أكبرها، وهو ما انعكس سلباً على إنتاج الكهرباء. مع الإشارة إلى أن محطات التوليد السورية تعتمد على الغاز لتوليد الكهرباء بنسبة 90% (البقية من الفيول المستورد)، وفق تصريحات نقلتها الصحف المحلية عن وزير النفط الجديد على غانم.

 

جغرافيا “التوليد”

العجز في ميزان الطاقة السوري مستمر. ولا قيمة نوعية لإضافة كميات جديدة من الغاز إلى رقم الإنتاج الكلي، لأن معظم أنابيب النقل بين الآبار ومحطات التجميع تعرضت للتلف نتيجة الأعمال الحربية، وفق عدد من خبراء النفط السوريين، في حديث لـ”المدن”.

 

من جهته، يقول خبير الطاقة لؤي صقار في حديث لـ”المدن” إن نقص الغاز أو الفيول كان العامل الحاسم في تراجع إنتاج الطاقة الكهربائية، من نحو 44 مليار كيلو واط في عام 2010 إلى ما بين 15 و19 مليار كيلو وات حالياً، وبنسبة تراجع تقدر بأكثر من 60%. ويشير صقار إلى أن نظام الأسد يعاني منذ عام 2011 من النقص في التوليد. ويترافق ذلك مع ضعف في خطوط النقل، ونقص في محطات التحويل.

 

ويوجد في سوريا 11 محطة لتوليد الكهرباء، واحدة في محافظة الحسكة (أقصى شمال شرق) والتيم في دير الزور، ومحطة في حلب هي الأكبر في سوريا، إذ ترفد الشبكة العامة بنحو 20% من إجمالي الطاقة الكهربائية في البلاد. وهذه خرجت عن الخدمة في العام 2013، وما تبقى في المنطقة الوسطى والساحلية والجنوبية (حمص واللاذقية وريف دمشق)، انتجت في 2015، 19 مليار كيلو واط/ ساعة (14 مليار منها منتجة على الغاز). وأكبر محطات الإنتاج هي جندر التي تقدم 27% من الإنتاج، تليها الزارة التي تقدم 23%. والمحطتان تقعان في ريف حمص. وذلك وفق بيانات المؤسسة العامة لتوليد الكهرباء لعام 2015.

 

هذا التراجع في الإنتاج جراء تضرر المحطات والآبار، أثر على الإقتصاد الوطني العام. وكانت وزارة الكهرباء قدّرت العام الماضي الأضرار غير المباشرة التي ضربت الإقتصاد الوطني نتيجة أزمة الكهرباء، بـ1500 مليار ليرة سورية (نحو 3.1 مليار دولار على سعر الصرف الحالي 480 ليرة لكل دولار). فيما تحتاج إعادة الأمور إلى نصابها، إلى استثمارات تقدر بنحو 20 مليار دولار تنفق على محطات توليد تقليدية ومتجددة.

 

جغرافيا سيطرة “داعش”

يسيطر “داعش” على أهم منابع النفط وحقول الغاز في سوريا. فأكبر حقول النفط في دير الزور تقع في قبضته، وهي العمر والتيم، بالقرب من مطار دير الزور العسكري. وفي المحافظة نفسها يبسط التنظيم سيطرته على حقل كونيكو للغاز. كذلك، يبسط التنظيم هيمنته على جميع حقول النفط في الريف الشرقي، وهي خشام والتنك والخراطة والحسيان والجفرة وديرم والورد. وفي الريف الغربي، من جهة الرقة، يبسط التنظيم سيطرته على حقل الملح. أما قرب مدينة الطبقة القريبة من الرقة، فيسيطر على حقول الحباري والثورة والجبسة وتوينان في ريف الرقة الشرقي. ومازال “داعش” يتمسك بحقل مركدة النفطي، جنوبي الحسكة.

 

النظام يصعّد غاراته ويستهدف مستشفيات بحلب  

ارتفع عدد قتلى غارات النظام السوري وروسيا على حلب وريفها ومناطق سورية أخرى إلى أكثر من تسعين شخصا، واستهدفت الغارات سبعة مستشفيات داخل حلب، في وقت تصاعد القصف في ريف دمشق.

 

وقال مراسل الجزيرة في حلب إن الغارات التي يشنها الطيران الروسي وطائرات النظام أدت إلى مقتل 91 شخصا وجرح المئات في مناطق عديدة أخرى، مشيرا إلى أن معظم القتلى والجرحى من حلب وريفها.

 

وأشار المراسل إلى أن الطائرات استهدفت بشكل كامل سبعة مستشفيات في مدينة حلب، إضافة إلى بنك للدم داخل المدينة، كما استهدف القصف عددا من المراكز الطبية الميدانية في مدن وبلدات بأرياف حلب.

 

وشمل القصف كلا من حريتان والأتارب وكفر حمرة بريف حلب الشمالي والغربي، مما تسبب في توقفها عن العمل وتأزم الأوضاع الطبية والإنسانية لقرابة أربعمئة ألف مدني داخل المدينة.

 

وأضاف المراسل أن قطع طريق الكاستيلو من جانب قوات النظام السوري حال دون تمكن المدنيين من الخروج من المدينة إلى ريف حلب.

 

وأشار إلى أن المعارك بحلب تتركز في محيط طريق الكاستيلو الذي تسعى قوات المعارضة لبسط سيطرتها عليه لتأمين المنفذ الوحيد للأحياء التي تسيطر عليها في حلب والتي يقطنها نحو أربعمئة ألف نسمة.

 

وفي ريف إدلب، قال مراسل الجزيرة إن 12 شخصا قتلوا الجمعة وأصيب عشرات جراء غارات للطائرات الروسية على مدينة جسر الشغور الخاضعة لسيطرة جيش الفتح التابع للمعارضة.

 

تجدد القصف والمعارك

وفي غوطة دمشق الشرقية، قال مراسل الجزيرة إن ثلاثة عشر مدنيا قتلوا وأصيب آخرون نتيجة غارات روسية بصواريخ موجهة استهدفت أسواقا ومخبزا في بلدتي مسرابا وحمورية.

 

وقد استهدفت الغارات أحياء في مدن وبلدات دوما والشيفونية والريحان وكفر بطنا وسقبا بالغوطة الشرقية، مما أسفر عن سقوط جرحى ودمار واسع في الممتلكات.

 

وأشارت شبكة شام إلى أن مروحيات النظام ألقت براميل متفجرة على أحياء بمدينة درايا، تلاه قصف مدفعي عنيف، كما أشارت إلى أن اشتباكات عنيفة دارت في بلدات ميدعا وحوش القارة.

 

من جهة أخرى، قالت مصادر محلية سورية إن ثلاثة أطفال قتلوا وأصيب آخرون إثر قصف صاروخي من حزب الله اللبناني على قرية “كفر العواميد” بمنطقة وادي بردى في ريف دمشق.

 

وفي دير الزور قُتل عشرة أشخاص في مدينة التِبْني بريف دير الزور الغربي في غارات للنظام. ويأتي ذلك بعد إعلان تنظيم الدولة الإسلامية إسقاط مقاتلة للنظام.

 

وفي منبج، قالت مصادر بالمدينة إن الاشتباكات العنيفة متواصلة بين “قوات سوريا الديمقراطية” ومقاتلي تنظيم الدولة في المدينة بعد انتهاء مهلة 48 ساعة أعطيت لمقاتلي التنظيم للانسحاب منها.

 

يأتي ذلك بعد اتهامات لهذه القوات بالمساعدة في استهداف المدنيين من قبل التحالف الدولي والذي ذهب ضحيته عشرات القتلى، وذلك بتعمدها تزويد طائرات التحالف بإحداثيات لمواقع مدنية بذريعة وجود مسلحين ومقرات تابعة لتنظيم الدولة فيها، سعيا منها لإفراغ هذه القرى والبلدات من المكون العربي.

 

كتائب نور الدين زنكي  

“كتائب نور الدين زنكي” فصيل إسلامي مسلح سوري؛ نشأ بُعيد اندلاع الثورة السورية 2011 لإسقاط نظام بشار الأسد. يتمركز في مدينة حلب وريفها، ويجمع بين العملين العسكري والمدني، وهو مكون أساسي من مكونات “جيش المجاهدين”.

 

النشأة والتأسيس

تأسست “كتائب نور الدين زنكي” يوم 1 نوفمبر/تشرين الثاني 2011، وانتهجت منذ بدئها العمل العسكري في محافظة حلب ردا على عسكرة النظام للثورة التي بقيت شهورا بعد انطلاقها ثورة احتجاجية سلمية.

 

التوجه الأيديولوجي

يقول قائد الحركة الشيخ توفيق شهاب الدين -في لقاء مع الجزيرة يوم 14 مارس/آذار 2014- محددا المرجعية الفكرية لها: “نحن مسلمون وسطيون، لا نقصد الوسط بين الخير والشر وإنما نعني روح الإسلام”.

 

ويضيف شهاب الدين “لسنا نحن الوحيدين الذين سيحددون مستقبل سوريا السياسي، هناك الكثير من الناس ساروا وكافحوا وناضلوا لإسقاط هذا النظام، وعندما يسقط النظام هؤلاء هم من سيحدد مصير سوريا المستقبلي السياسي”.

 

المسار الميداني

يقوم نشاط “كتائب نور الدين زنكي” على شقين، شق عسكري ميداني لإضعاف النظام الحاكم تمهيدا لإسقاطه، وشق خدمي مدني لإغاثة المدنيين وتدبير شؤونهم ومصالحهم في المناطق التي تسيطر عليها الكتائب، دعما لصمود سكانها وكسبا للحاضنة الاجتماعية التي تسند الكتائب وتدعمها عسكريا وسياسيا.

 

فعلى مستوى الإنجازات العسكرية؛ خاضت الكتائب -التي تشكو من نقص السلاح النوعي لمواجهة طيرانه الحربي والبراميل المتفجرة- معارك كثيرة ضد الجيش السوري الموالي للنظام، كان من أبرزها اقتحام مقر كتيبة الهندسة في خان العسل وغنيمة كل معداتها وأسلحتها، واقتحام حي الراشدين غربي مدينة حلب.

 

وكانت كتائب نور الدين زنكي أول فصيل معارض يدخل حي صلاح الدين بعد معارك شرسة مع قوات النظام والشبيحة في يوليو/تموز 2012. هذا إضافة إلى مواجهات عديدة في كل من حوّر وسرمدا والراعي وعنتان وطريق الكاستيلو.

وعلى صعيد الخدمات المدنية؛ تشرف الكتائب على الإدارة المحلية في مناطق سيطرتها، فتقدم لسكانها خدمات الأمن والقضاء والتعليم والصحة والإغاثة عبر مجالس محلية في القرى والبلدات والأحياء.

 

وقد أنشأت الكتائب منذ تأسيسها “مكتبا اقتصاديا” يُعنى بجلب التمويل لها من المتبرعين في الداخل والخارج، من أجل شراء السلاح ودفع رواتب المجندين وتوفير المصالح الخدمية لمناطقها “المحررة”.

 

وتؤكد قيادة الكتائب أن قرارها “مستقل”، وأنها لا تتبع لهيئة أركان الجيش السوري الحر ولا لقيادة الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، لأنهما “شُكلا في الخارج ولم تكن لهما جذور حقيقية في الداخل ولا يقدمون دعما لأهله”. وتدعو إلى “تشكل هيئة سياسية من الداخل، ولا يمكن ذلك إلا بتوحد العسكرة، أو على الأقل تكون الفصائل والكتائب معدودة”.

 

وترى أنه لا بد في التكتلات بين الفصائل المعارضة للنظام السوري من اعتماد “البعد الجغرافي” عمادا لاندماجها لكي تنجح، ولذلك فإنها شكلت “جيش المجاهدين” مع عدة فصائل مسلحة معارضة في حلب، من بينها “لواء الأنصار” و”أمجاد الإسلام” وتجمع “فاستقم كما أمرت”.

 

وتقول الكتائب إن علاقتها جيدة بالفصائل الإسلامية الأخرى مثل حركة أحرار الشام وجبهة النصرة وإنها تقاتل أحيانا جنبا إلى جنب مع بعض هذه الفصائل، لكنها تصف علاقتها بتنظيم الدولة الإسلامية بأنها “سيئة جدا فقد أشعل فتيل الحرب بيننا وبينه، ونرى أن لا مكان له في سوريا، وقتالنا له مستمر حتى النهاية لأن مشكلته الكبرى هي إصراره على تكفير كل السوريين”.

 

وفي 21 يوليو/تموز 2016 استنكرت كتائب نور الدين تسجيلا مصورا يظهر أفرادا قيل إنهم تابعون لها وهم يقطعون رأس أحد جنود النظام (عمره 19 عاما) في مدينة حلب، مما أثار انتقادا واسعا لها في وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي.

 

وأكدت الكتائب أنها اعتقلت جميع الأشخاص الذين ظهروا في التسجيل وبدأت التحقيق معهم لمحاسبتهم وفقا لحكم محكمة مختصة، وأنها لا تقبل لأحد أن يستخدم اسمها للقيام بـ”جريمة لا تتناسب مع مبادئ الحركة والثورة، وتنتهك الشرائع السماوية وحقوق الإنسان بما في ذلك حقوق الأسرى”.

 

من هو نور الدين زنكي

 

نور الدين محمود زنكي (11 فبراير 1118 – 15 مايو 1174 / 511 – 569 هـ) وهو أبو القاسم محمود بن عماد الدين زنكي بن آق سنقر. يلقب بالملك العادل، ومن ألقابه الأخرى ناصر أمير المؤمنين، تقي الملوك، ليث الإسلام، كما لقب بنور الدين الشهيد رغم وفاته بسبب المرض. وهو الابن الثاني لعماد الدين زنكي. حكم حلب بعد وفاة والده، وقام بتوسيع إمارته بشكل تدريجي، كما ورث عن أبيه مشروع محاربة الصليبيين.

شملت إمارته معظم الشام، وتصدى للحملة الصليبية الثانية، ثم قام بضم مصر لإمارته وإسقاط الفاطميين والخطبة للخليفة العباسي في مصر بعد أن اوقفها الفاطميون طويلا، واوقف مذهبهم. وبذلك مهد الطريق أمام صلاح الدين الأيوبي لمحاربة الصليبيين وفتح القدس بعد أن توحدت مصر والشام في دولة واحدة. تميز عهده بالعدل وتثبيت المذهب السني في بلاد الشام ومصر، كما قام بنشر التعليم والصحة في إماراته، ويعده البعض الخليفة الراشدي السادس.

https://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%86%D9%88%D8%B1_%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%8A%D9%86_%D8%B2%D9%86%D9%83%D9%8A

 

المرصد: غارات للحكومة السورية توقف العمل في أربعة مستشفيات بحلب

بيروت (رويترز) – قال المرصد السوري لحقوق الإنسان يوم الأحد إن ضربات جوية نفذتها الحكومة السورية مساء السبت تسببت في توقف العمل في أربعة مستشفيات بمحافظة حلب.

 

وأضاف أن من بين المستشفيات المتضررة ثلاثة مستشفيات في مدينة حلب حيث توجد مناطق خاضعة لسيطرة الحكومة وأخرى تحت سيطرة مقاتلي المعارضة. والمستشفى الرابع في ريف حلب الغربي.

 

ولم يذكر تقرير المرصد على الفور سقوط ضحايا وقال إن الضربات نفذت قرب المستشفيات.

 

وتضررت مستشفيات كثيرة خلال الصراع السوري الممتد منذ خمس سنوات. وكان العشرات قد قتلوا في ضربة جوية على مستشفى بمنطقة يسيطر عليها مقاتلو المعارضة في حلب في أبريل نيسان. وأصابت صواريخ أطلقتها المعارضة مستشفى في المنطقة الخاضعة لسيطرة الحكومة بعد ذلك بأيام.

 

(إعداد ياسمين حسين للنشرة العربية – تحرير سها جادو)

 

الجيش الألماني يدرب 100 مهاجر سوري في مشروع تجريبي

برلين (رويترز) – قالت وزيرة الدفاع الألمانية أورسولا فون دير ليين في مقتطفات من تصريحات لها تنشر يوم الأحد إن جيش بلادها يدرب أكثر من 100 مهاجر سوري للعمل في مجالات مدنية من أجل المساعدة في إعادة إعمار بلادهم في نهاية المطاف.

 

وأضافت الوزيرة لصحيفة فرانكفورتر الجماينه أن البرنامج التجريبي يركز على تدريب المهاجرين في مجالات متنوعة مثل التكنولوجيا والطب والشؤون اللوجيستية.

 

ولم يتضح على الفور ما إذا كانت الوزيرة الألمانية تعتزم توسعة البرنامج ليشمل المزيد من المهاجرين الذين وصلوا إلى ألمانيا العام الماضي وعددهم مليون مهاجر.

 

وقالت للصحيفة “الفكرة هي أنهم سيعودون إلى سوريا ذات يوم وسيساعدون في إعادة الإعمار” لبلدهم الذي دمر.

 

وأضافت أن من الممكن أن تلعب ألمانيا دورا في تدريب قوات الأمن السورية حين تصبح هناك حكومة سورية مسؤولة.

 

ومضت قائلة إن بوسع اللاجئين السوريين أداء مهام مدنية للجيش الألماني لكنهم لا يستطيعون أن يصبحوا جنودا فيه.

 

وأثارت فون دير ليين جدلا داخل حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي الذي تنتمي له في الآونة الأخيرة حين قالت إن من الممكن في حالات معينة أن يعمل مواطنون من دول الاتحاد الأوروبي في وظائف عسكرية بالجيش الألماني.

 

(إعداد دينا عادل للنشرة العربية – تحرير حسن عمار)

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى