أحداث وتقارير اخبارية

أحداث الاثنين 28 أذار 2016

بوتين يضم «لؤلؤة البادية» إلى «سورية المفيدة»

لندن – ابراهيم حميدي

فاجأ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين كثيرين لدى تدخله العسكري في سورية في أيلول (سبتمبر) الماضي بعد ساعات من لقائه الرئيس الأميركي باراك اوباما في نيويورك. وفاجأ أيضاً النظام السوري وحلفاءه بموعد سحب قسم من قواته من سورية تزامناً مع بدء مفاوضات جنيف في ١٥ الشهر الجاري.

مفاجأة بوتين الجديدة، اسراعه الاتصال بالأسد لتهنئته بسيطرة القوات النظامية وحلفائها على مدينة تدمر الاثرية وطرد الارهابيين من «لؤلؤة البادية»، في انتصار رمزي وإعلامي كبير بعد أيام من الهجمات الارهابية على بروكسيل من عناصر محسوبة على «داعش». «القيصر الروسي» اتصل بالاسد بعد ثلاثة أيام من محادثاته مع وزير الخارجية الأميركي جون كيري في الكرملين لـ «البحث في مصير الأسد»، وبعد ساعات من رفض واشنطن «الترحيب» بتقدم النظام الى تدمر.

ماذا يريد بوتين؟

وفق معلومات، أبلغ بوتين الجانب السوري وحلفاءه انه ينوي سحب معظم طائراته من سورية تحت عنوان «بقاء الوجود الروسي الى ما لا نهاية وخفض العمليات العسكرية وتركيزها ضد داعش والارهابيين». دمشق وطهران، طلبتا ان يكون الانسحاب تدرجياً في برنامج متفق عليه بين الاطراف الثلاثة. لكن بوتين، الذي لم يكن مرتاحاً لتصريحات مسؤولين سوريين وسلبيتهم من العملية السياسية، قرر فجأة بدء سحب المقاتلات والقاذفات العسكرية، بحيث لم يبق لديه سوى ١٢ قاذفة في سورية من أصل نحو ٨٠ طائرة، اضافة الى عشرات المروحيات وضباط رفيعي المستوى في هيئة الأركان وقوات خاصة على الارض.

كان وقع «مفاجأة» بوتين كالصاعقة على النظام عدا حلقة ضيقة كانت على علم بقرار بوتين. كانت وجوه المسؤولين والموالين للنظام في الشوارع جامدة الثلثاء والاربعاء الماضيين. كما ألغت الخارجية السورية جميع المواعيد، لغياب التعليمات ونقاط الإرشاد. ويعتقد بأن نائب وزير الخارجية فيصل المقداد، الذي كان في طهران، ورئيس الوفد الحكومي بشار الجعفري الذي كان في جنيف، سمعا بقرار بوتين من الاعلام.

لكن «القيصر»، رصد ردود الفعل وقال بعد مرور يوم او يومين، ان الانسحاب كان بـ «التنسيق» مع الأسد وانه لا يرمي الى «الضغط عليه»، اضافة الى ان الامكانية موجودة كي تعود الطائرات «خلال ساعات». وبعد محادثات وزير الخارجية الأميركي جون كيري الخميس الماضي، أعلن نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف إن الولايات المتحدة تفهّمت موقف موسكو بأنه ينبغي عدم مناقشة مستقبل الأسد في الوقت الراهن في مفاوضات جنيف.

بوتين محير لحلفائه وخصومه. النظام الذي كان قلقاً طمأنه بوتين. المعارضة وحلفاؤها الذين كانوا مرتاحين أقلقهم بوتين. تكرر هذا امس، عندما قال الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف: «هنأ بوتين في محادثة هاتفية زميله السوري على تحرير القوات السورية مدينة تدمر من الارهابيين، مشدداً على اهمية الحفاظ على هذا الموقع التاريخي الفريد من نوعه».

الأسد تلقى اتصال بوتين، الذي دعم الطيران الروسي قواته بأربعين غارة، بعد ساعات من لقائه وفداً فرنسياً، اذ نقلت «وكالة الأنباء السورية الرسمية» (سانا) عن الأسد قوله إن استعادة تدمر تُعد «انجازاً مهماً ودليلاً جديداً على نجاعة الاستراتيجية التي ينتهجها الجيش السوري وحلفاؤه في الحرب على الارهاب».

استعادة «لؤلؤة البادية»، من «داعش»، تعكس فوز بوتين على اوباما في سباق دحر التنظيم. «سيد الكرملين» سبق «سيد البيض الأبيض» في انتصار رمزي كان التحالف الدولي بقيادة أميركا يسعى اليه بالسيطرة على الرقة معقل «داعش» شرق سورية وقرب العراق.

بعد استعادة تدمر، تطرح اسئلة: هل ستستمر القوات النظامية بغطاء روسي بالتقدم نحو حدود العراق لربط البادية السورية بـ «الإقليم السني» غرب العراق؟ هل تمضي في عملياتها في مطاردة التنظيم الى دير الزور والرقة التي يقوم فيها تحالف كردي – عربي بقتال «داعش» بغطاء التحالف الدولي؟ هل تقف القوات النظامية عند تدمر بعدما خرجت عن خطوط «سورية المفيدة» بحيث تتكفل أميركا وحلفاؤها على الارض بقتال «داعش» في ما تبقى من شرق سورية؟

 

المعارضة السورية تتهم نظام الأسد بالتواطؤ مع «داعش»

الدمام – منيرة الهديب، لندن – ابراهيم حميدي

اتهمت المعارضة السورية نظام الأسد بالتواطؤ الواضح والصريح مع تنظيم «داعش» الإرهابي، مؤكدة أن إعلان النظام أمس سيطرته على مدينة تدمر ما هو إلا «خطة تسويقية» يتفاخر بها أمام المجتمع الدولي كمحارب للإرهاب، وعزت المعارضة السورية ذلك إلى الخسارة المعنوية للنظام في الجولات الأخيرة لمفاوضات جنيف. وقلل رئيس المجلس الوطني السوري جورج صبرا من أهمية دخول النظام إلى مدينة تدمر وسط سورية، مؤكداً أن النظام سلمها للتنظيم الإرهابي «داعش» بيده العام الماضي.

وأوضح صبرا في تصريحه إلى «الحياة»: «في العام الماضي تراجع النظام السوري من مدينة تدمر أمام تنظيم داعش، حتى وصل إلى مشارف دمشق وحمص، إذ سلمها للتنظيم بيده، والآن يحاول بالتعاون مع التنظيم الإرهابي التسويق لنفسه كمحارب للإرهاب من خلال إعلانه السيطرة على المنطقة». وأضاف: «يريد النظام بذلك أن يقدم أوراق اعتماده للمجتمع الدولي كإحدى الجهات المعنية بمحاربة الإرهاب، في الوقت الذي هو الأساس في نشر الإرهاب بسورية والمنطقة، فضلاً عن كونه عزز داعش بالذات»، وتابع: «من دون شك هناك تعاون واضح بين داعش والنظام إذ أطلق النظام أخيراً من سجونه عدداً من متطرفي التنظيم الذي كانوا النواة الأولى في تأسيس داعش، كما أن أجهزته العسكرية انسحبت أمام داعش وسلمتها العديد من المناطق، إضافة إلى تغذيتها اقتصادياً من خلال شراء النفط».

وزاد صبرا: «سيطرة النظام على تدمر مجرد تسويق دولي عمل النظام عليه بعد أن خسر معنوياً في جولة المفاوضات الأخيرة في جنيف وظهر بأنه لا يريد الحل السياسي إنما يضع العقبات أمام الوصول إلى نتائج إيجابية». فيما وصف رئيس إدارة العمليات في هيئة أركان الجيش الحر سابقاً قائد الفرقة الثانية في القلمون العميد هاني الجاعور إعلان النظام سيطرته على تدمر بـ«اللعبة المشتركة»، لافتاً إلى أن المعارضة تنظر إلى هذا الحدث على أنه لعبة مشتركة بين النظام السوري وتنظيم داعش. وقال لـ«الحياة» إن النظام كان يسيطر إلى تدمر بعشرة آلاف مقاتل، إلا أنه أخلى المدينة قبل وصول التنظيم إليها العام الماضي على رغم عدم تجاوز التنظيم لـ ٤٠٠ مقاتل، مضيفا: «نحن نعتبر داعش والنظام على تنسيق تام بينهما، وأن داعش عبارة عن فصيل بيد النظام ينفذ أوامره». بدوره، أكد قائد الجبهة الشرقية الدكتور محمد العبود لـ«الحياة» أن نظام الأسد لم يسيطر بعد على كامل مدينة تدمر، التي كانت أصلاً بيده وهو من تخلى عنها لداعش لأغراض سياسية، مؤكداً أن إعادة تسلمها لا تعني المعارضة في أي حال من الأحوال، لافتاً إلى أن التفاهمات بين نظام الأسد وقيادات داعش كثيرة وما يجمعهما أكثر مما يفرقهما. وأشار العبود إلى أن النظام يحاول من خلال هذه الاستراتيجية (تسليم وتسلم بينه وبين داعش) أن يوضح للعالم أنه شريك في محاربة الإرهاب، مؤكداً أن مثل هذا الأسلوب غير مجد، فاللعبة اصبحت مكشوفة.

 

مدير «سي أي آي» ناقش في موسكو مسألة رحيل الأسد عن السلطة

موسكو – رويترز

نقلت وكالة الإعلام الروسية عن السفارة الأميركية في روسيا قولها اليوم (الإثنين)، إن مدير «وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية» (سي أي آي) جون برينان أثار مسألة رحيل الرئيس السوري بشار الأسد عن السلطة.

وأضافت أن برينان ناقش أيضاً أثناء زيارته لموسكو مطلع الشهر الجاري، الالتزام بوقف إطلاق النار في سورية.

ونقلت وكالة «إنترفاكس» عن نائب وزير الخارجية الروسي أوليغ سيرومولوتوف قوله اليوم، إن برينان عقد اجتماعات في مقر جهاز الأمن الاتحادي الروسي وغيره وإن زيارته لا علاقة لها بقرار موسكو بدء سحب قوتها من سورية.

وكان الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف نفى اليوم، أي اتصالات بين برينان والكرملين أثناء الزيارة.

 

النظام السوري يسيطر على تدمر بعد تكبد خسائر كبيرة

بدعم ميليشيات إيرانية ولبنانية… وأنباء عن مقتل 170 عنصرا من قوّاته

تدمر ـ «القدس العربي» من حسين الزعبي: دخلت قوات النظام مصحوبة بميليشيات «حزب الله» اللبناني وميليشيات إيرانية بغطاء جوي روسي إلى مدينة تدمر، بعد معارك هي الأعنف التي تشهدها المدينة بين قوات النظام وعناصر تنظيم «الدولة». وأوضح الناشط التدمري محمد الأسعد أن عناصر التنظيم انسحبوا تدريجيا باتجاه منطقة «السخنة».

النظام الذي خسر تدمر لصالح التنظيم قبل نحو عام، جاء تقدمه حاليا بعد اشتباكات على محاور ومداخل تدمر بدأت منذ نحو أسبوعين، بعد أن استقدم تعزيزات عسكرية من بينها «فوج مغاوير البحر» من اللاذقية ويقودها نبيل عسكر رحمون، وكذلك ميليشيا «فهود حمص» التابعة للدفاع الوطني ويقودها شادي جمعة، وميليشيا «صقور القنيطرة» ويقودها محمد الحج، حسبما ذكر المصدر محمد الأسعد لـ»القدس العربي».

ونقلت وكالات أنباء روسية عن وزارة الدفاع قولها، أمس الأحد، إن السلاح الجوي الروسي نفذ 40 طلعة جوية فوق مدينة تدمر السورية خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية وأصاب 117 هدفا وقتل أكثر من 80 «متشددا».

معركة تدمر التي حظيت باهتمام خاص من قبل القيادة السياسية الروسية، فضلا عن العسكرية، استعان خلالها النظام بمجموعة «الرضوان» التابعة لميليشيات «حزب الله».

تنظيم «الدولة الإسلامية» من جانبه عزز قواته خلال الفترة الماضية من خلال استقدام أرتال من محافظتي دير الزور والرقة، ودافع بشراسة عن المدينة التي شهدت ساعات ليل الجمعة/ السبت حرب شوارع، سبقتها غارات حربية تجاوز عددها المئة نفذها الطيران الحربي الروسي خلال ساعات قبل الاقتحام، بينما يقدر الأسعد مجموع الغارات التي استهدفت أحياء مدينة تدمر السكنية والطرق الواصلة بين تدمر والسخنة والرقة بنحو ألف غارة خلال الأسبوعين الماضيين، بينما أطلقت قوات النظام 500 صاروخ من نوع «غراد» وقذائف «فوزديكا» أسفرت عن تدمير 80٪ من أحياء المدينة من بينها 32 موقعا أثريا.

وأوضح الأسعد أن ناشطي المدينة أحصوا عبر علاقاتهم داخل المدينة ومن خلال صفحات التواصل الاجتماعي المؤيدة للنظام مقتل أكثر من 170 عنصراً من قواته بينهم 13 ضابطا، أحدهم برتبة لواء وآخر برتبة عميد وأثنان برتبة عقيد وواحد برتبة مقدم وواحد برتبة رائد وثلاثة برتبة نقيب وأربعة برتبة ملازم أول.

وفي الوقت الذي اعترفت فيه روسيا بمقتل أحد مستشاريها العسكريين في معارك تدمر، قال الأسعد إن التنظيم تمكن من قتل 8 من المقاتلين الروس، أما قتلى التنظيم فبلغ عددهم 25 عنصرا بينهم 9 من أبناء تدمر.

معركة تدمر اعتبرها الكثير من المراقبين «معركة روسيا»، وفي هذا السياق قال المقدم محمد الصالح لـ»القدس العربي»، «إن معركة تدمر «هي موضوع روسي بحت من أجل السيطرة على كل مصادر الطاقة في صحراء تدمر، وبالتالي إغلاق كافة الطرق على إيران والخليج من تصدير الغاز إلى أوروبا».

بينما يشير العقيد «محمد العمر» في حديثه لـ»القدس العربي» إلى أن أحد أهداف المعركة على الأقل من جهة النظام هي فتح خط تواصل مع محافظة الأنبار العراقية، وبالتالي المزيد من الضغط على تنظيم الدولة»، مشيرا في الوقت نفسه إلى أن التنظيم قد يضغط بالأوراق النفطية في مناطق السخنة وغيرها.

المقدم الصالح يرى أن موضوع العراق منفصل عما يحدث في سوريا، وأن المسألة عبارة عن توزيع مصالح، روسيا في سوريا والولايات المتحدة في العراق، وأن لكل من الطرفين حدودا، فالروس لن يسمحوا بمرور النفط والغاز إلى المتوسط عبر صحراء تدمر «.ويضيف أن الدور الأمريكي ربما يكون حاسما في وقت لاحق في دير الزور والرقة.

الإعلامي محمد العبد الله من جانبه يشير إلى أن النظام سيحاول استثمار السيطرة على المدينة من الناحية الإعلامية لما لتدمر من أهمية تاريخية وشهرة عالمية، وسيحاول أن يقدم نفسه كنظام علماني حضاري يواجه تنظيما ظلاميا متشددا».

مدينة تدمر الواقعة في منتصف سوريا والتابعة إداريا لمدينة حمص باتت خالية من سكانها (الـ 80 ألفا)، نزح 60 ألفا منهم باتجاه مدينتي إدلب والرقة، أما من تبقى فقد اضطر للخروج منها مؤخرا باتجاه الصحارى المحيطة، في حين توجهت بعض العوائل إلى الحدود الأردنية وأخرى باتجاه محافظة الرقة.

 

امتدح الدور الروسي في سوريا وإيران كيري: موسكو ليست متزوجة من الأسد!

واشنطن ـ «القدس العربي» ـ من تمام البرازي: امتدح وزير الخارجية الأمريكي جون كيري الدور الروسي في سوريا وإيران. وفي مقابلة مع برنامج «فيس ذا نيشن» على شبكة «سي بي اس» الأمريكية، رد كيري على الانتقادات القائلة إن روسيا انتصرت وحصلت على قواعد في سوريا بسبب السياسة الأمريكية، قائلا «إن هذا أمر سخيف وهراء، لأن الروس كان لديهم موقع قدم في سوريا منذ سنوات وقد بنوا الدفاعات الجوية السورية، ولدى أمريكا تسهيلات في قاعدة إنجرليك التركية وقاعدتان في البحرين وقطر ولا تريد قاعدة في سوريا، ولا يوجد أي تهديد من وجود قاعدة روسية في سوريا».

وأضاف أنه «من مصلحة الولايات المتحدة إذا استطاعت روسيا أن تحقق الاستقرار عبر عملية سلمية تنهي الحرب في سوريا التي تهدد أوروبا والأردن ولبنان وإسرائيل».

وقال «إن روسيا ساعدت في التوصل للاتفاقية النووية مع إيران، وفي التخلص من الأسلحة الكيميائية في سورية، وتساعد في وقف الأعمال العدائية في سوريا. وإذا ساعدت في تحقيق عملية الانتقال السياسي في سوريا فهذا كله يفيد الولايات المتحدة استراتيجيا».

وحول مصير الأسد، قال إنه لا يستطيع القول متى سيذهب الأسد، ولكن إذا لم يتنح ويسمح بالفترة الانتقالية، فلن يكون هناك سلام في سوريا. وأضاف كيري: الروس ليسوا متزوجين من الأسد وهم يعتقدون أن الشعب السوري يجب أن يقرر عبر العملية السلمية مصير الأسد.

 

حركة نزوح كبيرة غرب درعا جراء المواجهات بين «الجيش الحر» وفصائل مرتبطة بتنظيم «الدولة»

مهند الحوراني

درعا ـ «القدس العربي»: شهدت بلدات حيط وسحم الجولان وجلين والشيخ سعد في الريف الغربي من درعا جنوب البلاد، حركة نزوح كبيرة للمدنيين الذين قدر ناشطون عددهم بالآلاف، نحو بلدات زيزون وتل شهاب، وذلك نتيجة استمرار الاشتباكات العنيفة وبمختلف انواع الأسلحة بين فصائل «الجيش الحر» وفصائل إسلامية من جهة و«حركة المثنى» الإسلامية و»لواء شهداء اليرموك» المتهمين بمبايعة تنظيم «الدولة» من جهة أخرى، ويسلك المدنيون في رحلة نزوحهم عبر وادي اليرموك طرقاً وعّرة وشاقة على الأطفال والنساء وكبار السن، خصوصا ً أولئك النازحين من بلدة حيط التي يحاصرها «شهداء اليرموك».

ويعد هذا الطريق عبر وادي اليرموك الطريق الوحيد لإخلاء الجرحى والمصابين من بلدة حيط، الذي يتم نقل المصابين عبره عن طريق الحمار.

وكان في استقبال النازحين ومد العون لمساعدتهم فرق الدفاع المدني في الريف الغربي لدرعا والتي استطاعت رغم الإمكانيات البسيطة من نقل العديد من النازحين نحو مناطق أكثر أمنا ً في زيزون وتل شهاب.

أحمد النابلسي أحد الناشطين في الدفاع المدني غرب درعا يقول لـ«القدس العربي»، «نتيجة للاشتباكات الحاصلة بين فصائل المعارضة السورية متمثلتا بالجبهة الجنوبية وبين تنظيم داعش، في مناطق حيط وسحم وجلين وتسيل وعدوان فقد اضطر الأهالي للنزوح من منازلهم».

وسلك النازحون بحسب النابلسي «طريق الوادي للعبور إلى مناطق أكثر أماناً، وقد قصد النازحون قرية زيزون وطفس والمزيريب وتل شهاب مكانا ً لهم وقدر عدد النازحين بحوالي (15 ألف) نازح، وتواجد الدفاع المدني السوري في مشهد النزوح وقدم واجبه تجاه أهله بنقل العديد، من النازحين الذين تعرضوا للإجهاد إثر الطرق الوعرة التي سلكوها وكانت حوالي خمس ساعات مشياً على الأقدام».

وأضاف «يكمن دورنا في نقل العائلات النازحة إلى المدارس والبيوت التي تم تجهيزها لاستقبال النازحين في المزيرب وطفس وزيزون وتل شهاب، وكذلك نقل الجرحى إلى المشافي الميدانية والعمل على ايصال بعض الحالات الخطيرة إلى الأردن».

إلى ذلك سقطت عائلة كاملة مكونة من أبوين وطفلين جراء قصف مدفعي استهدف بلدة تسيل في الريف الغربي لدرعا مصدره تل الجموع، لترتفع حصيلة القتلى بين المدنيين منذ بداية الاقتتال بين تشكيلات الجيش الحر وفصائل إسلامية من جهة و«حركة المثنى» و«لواء شهداء اليرموك» من جهة أخرى منذ أسبوع تقريباً، الى 19 قتيلاً وعدد من الجرحى بحسب مكتب توثيق الشهداء في درعا.

وتوالت الاتهامات من قبل ناشطين للفصائل المقاتلة بمسؤوليتها عن سقوط الضحايا في تسيل فيما ناشد أهالي البلدة كافة الفصائل المقاتلة، بينما ناشد ناشطون الفصائل كافة بأن تتخفف من وطأة القصف وأن تعمل على حماية المدنيين وفتح طرق آمنة لخروجهم.

 

هل ستكون خلية بروكسل آخر محاولة لتنظيم «الدولة» أم هناك شبكات أخرى تخطط؟

البيروقراطية والحدود المفتوحة وغياب التنسيق أسباب لعدم الكشف عن المنفذين

إبراهيم درويش

لندن ـ «القدس العربي»: كشفت هجمات الأسبوع الماضي على مطار زافنتيم ومترو مالبيك في بروكسل عن مشاكل تعاني منها المؤسسات الأمنية الأوروبية.

وجاءت تصريحات مسؤولين أتراك نقلت عنهم صحيفة «الغارديان» يوم السبت لتظهر إنعدام التعاون الأمني بين الدول الأوروبية في ملاحقة المشتبه بتورطهم في نشاطات إرهابية ومحاولاتهم السفر إلى سوريا.

وقال مسؤول أمني تركي إن بلاده طلبت منذ عام 2012 قائمة بأسماء المشتبه بهم حتى تقوم بترحيلهم وتسليمهم لسلطات بلادهم. وبدون هذه القائمة فليس أمام السلطات التركية إلا خيار حبس وترحيل من يحاول السفر إلى سوريا بتهمة خرق الحدود بطريقة غير قانونية.

وقدم المسؤولون سلسلة من الأمثلة عن سفر بريطاني مشتبه به وبجواز سفره المقيد لدى الشرطة الدولية «انتربول» ونجاح ألماني في الوصول إلى تركيا ومعه منظار وزي عسكري، فيما استطاع نرويجي تهريب زي عسكري ومخزن ذخيرة وقطع من بندقية إي كي ـ 47 في حقيبته وأكد للمحققين الأتراك أنه كان يرغب في السفر إلى سوريا.

وجاءت تصريحات المسؤولين الأتراك بعدما قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن سلطات بلاده رحلت الشخص الذي فجر نفسه في المطار وهو إبراهيم البكراوي العام الماضي بينما أطلقت السلطات البلجيكية سراحه لعدم وجود أدلة لتورطه في الإرهاب. وقال الأتراك إن الذين تم ترحيلهم عادة ما يحصلون على جوازات سفر جديدة ثم يعودون مرة أخرى ويدخلون إلى سوريا.

وفي تفسير للموقف الأوروبي «المتهاون» قال مسؤول آخر إن الأوروبيين ربما رغبوا في تصدير مشكلة التشدد التي يواجهونها إلى سوريا والتخلص من الرموز المرتبطة بالإرهاب. فيما قال مسؤول آخر إن عدم التعاون ربما كانت له علاقة بعدم ثقة المسؤولين الأوروبيين بأردوغان الذي جاء من أرضية إسلامية.

مشاكل

ومهما كانت تصريحات الأتراك إلا ان حادث بروكسل يكشف عن عدم نجاح السلطات الأمنية البلجيكية في تجميع الخيوط وربط النقاط فيما بينها بطريقة كانت ستمنع الهجمات الإرهابية التي سقط فيها 31 شخصاً وجرح المئات.

ويرى دان دي لوتش من مجلة «فورين بوليسي» أن الهجمات الأخيرة تكشف عن مشاكل عدة تواجه المؤسسات الأمنية الغربية التي تحاول إحباط العمليات الإرهابية التي يقوم بها متطرفون تابعون لتنظيم «الدولة» والمتمثلة في البيروقراطية وعدم التشارك والتنسيق بين المؤسسات الأمنية واستغلال الجهاديين الحدود الأوروبية المفتوحة والإختفاء بين المجتمعات الإسلامية المعزولة والمهمشة والتي تعيش داخل الأحياء الفقيرة في مولنبيك/بروكسل والضواحي الباريسية «بانلو».

ويقول إن حملات المداهمة والاعتقالات في الفترة التي تبعت الهجمات وشملت مدنا في ألمانيا وفرنسا وبلجيكا تكشف عن الحاجة للتوازي مع نشاط الشبكات الإرهابية التي تواصل القتل.

وتقول المخابرات في الدول الأوروبية إنها تكتشف في كل يوم مؤامرات لو نجحت لأدت لقتلى على قاعدة واسعة.

ويرى دي لوتش أن مستوى التعاون بين دول الاتحاد الأوروبي في مجال مكافحة الإرهاب عادة ما يكون أقل رغم سلسلة الهجمات التي تعرضت لها خلال الخمس عشرة سنة الماضية. وعبر السناتور الأمريكي أنغوس كينغ الذي قال انه قابل مسؤولين في باريس وبرلين عن قلقه من مظاهرالتنافس والتدخلات السياسية التي تمنع تدفق المعلومات بين دول الإتحاد الأوروبي ولكن بين الدول نفسها، تماما كما كان الوضع بين الإستخبارات الأمريكية «سي آي إيه»، ومكتب التحقيقات الفدرالي «أف بي أي» قبل هجمات أيلول/سبتمبر 2001.

وقال «من المفارقة انه لا يوجد هناك تشارك في داخل بروكسل نفسها» مضيفاً أن «الأوروبيين في الوضع نفسه الذي كنا فيه قبل 9/11».

وأضافت المجلة أنه تم تحذير القادة الأوروبيين بشكل متكرر. بعد هجمات مدريد عام 2004 والتي قتل فيها 192 شخصاً وبعد هجات تموز/يوليو 2005 في لندن والتي قتل فيها 52 شخصاً وبعد هجمات باريس في تشرين الثاني/نوفمبر 2015 والتي قتل فيها 130 شخصاً حيث تم حث المسؤولين الأوروبيين على التأكد من تبادل الشرطة والمخابرات وسلطات الهجرة المعلومات وأن يكونوا متقدمين على المتشددين في خططهم.

فجوة

ورغم حدوث تقدم إلا أن الفجوة لا تزال واسعة. وبحسب إريك روساند، المسؤول السابق في الخارجية الأمريكية والمتخصص في مكافحة الإرهاب «ولكن مؤسسات الإتحاد الأوروبي بطيئة الحركة».

وأضاف أن منسق مكافحة الإرهاب وهو المنصب الذي استحدث بعد هجمات مدريد عام 2004 لا يتمتع بأي سلطة «فهو ذو لقب كبير ويصدر تقارير رائعة لكن صلاحياته محدودة وبدون مصادر».

وكان منسق شؤون مكافحة الإرهاب في الإتحاد غايل دي كيرشوف قد أصدر تقريراً هذا الشهر حذر فيه من أن التشارك المعلوماتي بين دول الإتحاد الأوروبي لا يعكس خطورة التهديد ودعا إلى تشارك إضافي في المعلومات وأمن الحدود. وتحدث التقرير عن أن الكثير من الدول الأوروبية ليست جاهزة بما فيه الكفاية من ناحية قاعدة بيانات الحمض النووي والبصمات وأرقام لوحات السيارات التي تعود للمشتبه بعلاقتهم بالإرهاب.

وفشلت دول في الإستفادة من قاعدة البيانات المتعلقة بمن تمت إدانتهم في قضايا إرهاب. ولم تقم كل الدول الأوروبية بالتواصل مع قاعدة البيانات المتوفرة لدى الإنتربول.

ويتحدث الكاتب عن الحواجز البيروقراطية المتعلقة بقوانين الخصوصية الفردية التي تؤثر على عمل المؤسسات الأمنية وقدرتها على ملاحقة المشتبه بهم والتنصت عليهم.

ولم تلغ السلطات البلجيكية قانوناً يمنع الشرطة من القيام بمداهمات ليلية إلا بعد هجمات باريس. وعبر مسؤولون أمريكيون حاليون وسابقون عن حالة إحباط مزمنة مع الدول الأوروبية التي لم تتخذ إجراءات سريعة لتعزيز جهود مشاركة المعلومات حول المسافرين على الطائرات.

وبحسب مسؤول في الخارجية الأمريكية «هذا لم يكن ليمنع الهجوم ولكن سيستمر في المستقبل في حال استمرت أوروبا بعدم التشارك في المعلومات حول كل مسافر فيما بينها». وكانت الدول الأوروبية قد ناقشت موضوع التشارك في قوائم المسافرين على الطائرات من وفي داخل دول الإتحاد الأوروبي عام 2011 واتفقت في كانون الأول/ديسمبر على القانون والذي سيقوم البرلمان الأوروبي بالتصويت عليه هذا العام.

وفي الوقت الذي تقوم فيه الدول الأوروبية بالرد على الهجمات بإجراءات متشددة كما فعلت فرنسا التي قررت العمل بإجراءات موسعة لقوانين الطوارئ عبرت منظمات حقوق الإنسان عن مخاطر من مبالغة الحكومات الأوروبية في ردودها التي تؤثر على الحريات المدنية. وتواجه مؤسسات مكافحة الإرهاب الآن شبكة واسعة من الناشطين الإرهابيين أوسع مما توقعت.

ونقلت المجلة عن مصادر قضائية في بلجيكيا يوم الجمعة تأكيدها وجود روابط بين هجمات باريس وبروكسل. فقد قام نجم العشراوي المسؤول عن صناعة الأحزمة الناسفة التي استخدمت في باريس بتفجير نفسه في بروكسل يوم الثلاثاء.

ونقلت المجلة عن مسؤول أمني فرنسي سابق قوله إن مشكلة أوروبا تكمن في دمج ما لديها من معلومات في عمل الأجهزة الأمنية ـ المخابرات والشرطة ومكافحة الإرهاب. ووصف المسؤول السابق هجمات بروكسل وباريس بأنها موجة جديدة من الإرهاب في أوروبا.

ولا تشبه الهجمات التي واجهت أوروبا في السبعينيات من القرن الماضي مثل بادرماينهوف ألمانيا والكتائب الحمراء في إيطاليا.

ولا تشبه العنف الذي مارسته الجماعات الإسلامية الجزائرية في فرنسا في العقد الأخير من القرن العشرين.

وقال «المشكلة ليست قتال العدو البعيد» في إشارة لتنظيم «الدولة» في سوريا والعراق بل والقريب «فالعدو ليس في الخارج ولكنه في الداخل».

وعلى خلاف الحقب التاريخية السابقة فقد سهلت الحدود المفتوحة حركة الجهاديين الذين تركوا أحياءهم المعزولة في المدن الفرنسية وانطلقوا للانضمام لجماعات الجهاد في سوريا. وأصبحت بلجيكا في الأعوام الماضية نقطة التجنيد الجهادي «الساخنة» في أوروبا.

وبدأت الشرطة البلجيكية في الآونة الأخيرة ببناء علاقات ثقة مع المجتمعات المسلمة في الأحياء الفقيرة ـ عائلات وائمة وعمال خدمة اجتماعية.

رائحة كريهة

وفي تقرير لصحيفة «نيويورك تايمز» قابلت فيه مالك العمارة التي أقام فيها المنفذون الثلاثة مصنعاً مؤقتاً للسلاح بشارع ماك ـ روس كشفت كيف لم تقم السلطات البلجيكية بالربط بين الخيوط.

ويقول صاحب العمارة الكسندارينو رودريغوز «كانت هناك تحقيقات قبل وبعد الأحداث» مما يعني أن الشرطة كانت لديها شكوكها «فلا يمكنك القبض على الأرنب بدون أن تعرف أين يعيش»، ومع ذلك فمعروف أن بلجيكا لم يكن لديها تاريخ استعماري مع العالم الإسلامي كما في حالة بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة.

وتنبع المشكلة من وجود أعداد كبيرة من المسلمين الذين يعيشون في الأحياء المعزولة جعلت من بلجيكا في مركز صراع أوروبا مع الإرهاب.

ومع ذلك فقد أثارت التحضيرات الطويلة للهجمات وبدون أن تعرف السلطات الأمنية بها وعلاقتها مع هجمات باريس غضب السياسين والرأي العام والحلفاء في أوروبا وفي الخارج. وسأل النائب في البرلمان البلجيكي ماركو فان هيس وزير الداخلية «لماذا كل هذا العجز المستمر».

وترى الصحيفة أن بلجيكا مثلت مشكلة كبيرة في الكفاح ضد المتشددين. وكان تفكيك شبكة إرهابية في فيرفييه في جنوب البلاد والتي أحبطت عملية كبيرة نصراً للسلطات الأمنية لكنه غطى على المشكلة ولم يحلها وقد انفجرت لاحقاً في هجمات باريس وفي بروكسل الأسبوع الماضي بقنابل صنعت في حي سكاربيك.

وتساءل النواب عن قدرة الأخوين إبراهيم وخالد البكراوي على التخفي في شارع ماكس-روس نفسه منذ بداية العام رغم تاريخهما في الجريمة ومحاولة الأخ الأكبر السفر إلى سوريا. وفي حالة صلاح عبد السلام الناجي الوحيد من هجمات باريس تساءل النواب عن سبب بقائه طليقاً لمدة أربعة أشهر حتى اعتقاله في 18 آذار/مارس.

وتساءل عدد من النواب عن سبب تأخر التحقيق مع عبد السلام الذي كان سيكشف عن معلومات كافية لإحباط الهجوم.

ولكن المدعي العام أصدر بياناً يوم الجمعة قال فيه إن التأخر نابع من تعرض عبد السلام للإصابة استدعت نقله للمستشفى. وبحسب صحيفة «لوموند» الفرنسية فقد سأل المحققون عبدالسلام عن الأخوين البكراوي وقدموا له صوراً لهما ولكنه نفى معرفته بهما.

نجم العشراوي

وسواء عرف عبد السلام مخططي تفجيرات بروكسل أم لا إلا أنه كان يعرف بعضاً منهم مثل نجم العشراوي الذي نشأ في حي سكاربيك وقام بصناعة الأحزمة.

وقبل الهجوم على باريس أوقفته السلطات النمساوية على الحدود المجرية ولكنها لم تعتقله وقام بعد ذلك باستئجار شقة في حي أوفليه استخدمها مفجرو باريس. وكان العشراوي مثل عبد الحميد أبا عود من المحاربين السابقين في سوريا.

وقال بيرنارد كليرفيت، عمدة سكاربيك إنه كان يعرف عن سفر العشراوي إلى سوريا ولكنه لم يكن يعرف ماذا يفعل. واعتقد أنه لن يعود وقام بشطب اسمه من قوائم الناخبين عام 2015 ولم يكن بيده عمل أكثر من هذا. وعلى خلاف مولنبيك التي تعيش فيها غالبية من المهاجرين فحي سكاربيك يقدم مزيجاً من الغنى والمهاجرين.

ومن هنا فمعرفة العشراوي بالمنطقة ولكون والد الأخوين البكراوي يدير محلاً للجزارة فيها تفسر سبب اختيار سكاربيك كمكان للتحضير وصناعة الأحزمة الناسفة. ويقول صاحب العمارة إنه شاهد العشراوي يزور البناية ثلاث مرات تقريباً وأن البناية كانت فارغة منذ شرائه لها عام 2015 حيث بدأ عمليات إصلاح فيها.

وكان الأخوان البكراوي هما أول من استأجر عنده وقدما له وثائق مزورة للحصول على عقد إيجار.

ويقول إنه كلما زار الشقة وجد باب غرفة المعيشة مغلقاً والنوافذ مفتوحة والروائح الكريهة منبعثة، رائحة منظفات أو مواد كيميائية ورغم هذا فلم يشك في شيء غير طبيعي دفعه للإتصال بالشرطة.

إلا أن دخول وخروج سكان الشقة في الطابق العلوي أثارا شك رشيد غادي الذي يعيش في المنطقة منذ سنين. ودفع السكان للفت انتباه المسؤول عن التحقق من هويات السكان في الحي. ولم يكشف عن هوية الأخوين البكراوي إلا متأخراً.

ومهما كان العجز الأوروبي في الكشف عن خلية إرهابية محكمة متشابكة ومرتبطة فيما بينها وتتصل ليس بباريس ولكن بالهجوم على مجلة «تشارلي إيبدو» الساخرة. فالسؤال الحاضر الآن هل تمثل عملية بروكسل نهاية للعمليات الخارجية لتنظيم «الدولة» أم انها بداية لموجة هجمات منسقة؟

هل هي العملية الأخيرة؟

وفي هذا السياق نقلت صحيفة «أوبزيرفر» البريطانية ما قاله وزير العدل البلجيكي كوين جينز «يجب علينا أن لا نكون فخورين بما حدث»، «فربما فعلنا أمراً ما كان يجب عمله». فلو قرأت الشرطة تقرير الأتراك عن البكراوي لتحركت سريعاً وألقت القبض على المشتبه بهم.

وأشارت الصحيفة إلى راوبط الدم والصداقة التي لعبت دوراً في تشكيل الشبكة الإرهابية. ففي باريس كان صلاح عبد السلام وشقيقه إبراهيم.

وتكرر المشهد في علاقة إبراهيم وخالد البكراوي وقبلهما الأخوان كواشي اللذان هاجما المجلة الساخرة «تشارلي إبيدو».

ويرى ريك كولسيت من معهد جيت للدراسات الدولية «ارتبط كل الأفراد ببعضهم البعض، سواء التقوا في العراق وسوريا أو ارتبطوا بروابط الصداقة في بروكسل. وهو ما نراه منذ تشرين الثاني/نوفمبر وقد تذهب أبعد من هذا إلى شارلي إيبدو».

وأضاف «يقوم المقاتلون الأجانب بتجديد الصلات مع المتعاطفين معهم ممن لم يسافروا إلى سوريا والذين يعرفونهم من المدرسة ونوادي الرياضة. ولهذا يكون لديك أشخاص لديهم خبرة في الأسلحة والقنابل وأصدقاء محليون يقدمون لك الدعم اللوجيستي».

وتشير الصحيفة إلى ان أعضاء الشبكة إما فجروا أنفسهم، او قتلوا في مواجهة مع الشرطة او اعتقلوا. وهناك ما يزيد عن 20 شخصاً ممن يشبته بعلاقتهم بالإرهاب خلف القضبان.

وكان أبا عود قبل مقتله العام الماضي قد حذر من 90 انتحاريا في أوروبا يحضرون لعمليات. وهو ما يراه الرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند، الذي قال للصحافيين إنه تم سحق خلية وهناك بالتأكيد خلايا آخرى.

ويقول كولسيت «كل الأدلة تشير إلى أن هناك خلايا أخرى في دول أوروبا المختلفة تعمل غير هذه التي تم تفكيكها».

ويقول إن هناك 130 عائداً من الحرب في سوريا ومن الصعب التفريق من هربوا منهم بسبب خيبة أملهم بما شاهدوه في «الخلافة» من المقاتلين الآيديولوجيين الذين يريدون القيام بهجمات.

وهناك عدد من العائدين ممن سجنوا. ولهذا فمراقبة كل الذين عادوا تظل مهمة صعبة ويحتاج كل فرد منهم 30-40 شرطياً لمراقبته 24 ساعة. كما أن العلاقات الوثيقة بين الأشخاص والذين قدموا الدعم لعبد السلام بعد هروبه من باريس عقدت من مهمة الشرطة.

استمرار الخطر

وعلى العموم فالرسالة الأخيرة من بروكسل وبعد التعرف على المشاركين كما تم مع الذين خططوا ونفذوا هجمات باريس هي أن الحكومات الغربية لم تعد قادرة على توفير الحماية للمواطنين.

فبعد أكثر من عقد ونصف عقد على هجمات أيلول/سبتمبر التي قتل فيها 3.000 شخص لم يكن الناس خاصة في العالم الإسلامي بعيدين عن مخاطر التهديد الإسلامي.

فتفكيك خلية أو شبكة في أوروبا لن ينهي تنظيم «الدولة»، وحتى لو تم القضاء على الأخير فهذا لا يعني نهاية التشدد الإسلامي الذي يرى جيسون بيرك أن عمره 150 عاماً وارتبط في البداية بالنقاش الداخلي بين المسلمين حول التعامل مع الحداثة الأوروبية وأخذ أشكالاً عدة إلا أن العنف بدأ في الستينات من القرن الماضي ثم جاءت القاعدة والجهاديون في أفغانستان وما تبع ذلك معروف.

فالأجواء التي تبعت غزو كل من افغانستان والعراق خلقت ظرفاً للتشدد الإسلامي.

وفجر المتشددون أنفسهم من مراكش إلى بالي. ورغم تراجع مخاطر الظاهرة بحلول عام 2011 إلا أن تداعيات ما بعد الربيع العربي خلقت ظرفاً جديداً سمح للتفكير الجديد من التشدد الإسلامي الذي ولد في بوتقة غزو العراق بالظهور.

فالمشروع القديم لإحياء الأمة وبناء مجتمع مسلم حقيقي عبر العنف تمظهر عام 2014 من خلال تنظيم «الدولة». وهو في النهاية مظهر من مظاهر الإرهاب الذي يعيش العالم الحديث معه. وتنظيم «الدولة» في النهاية يمثل احدى دورات العنف التي تختفي ثم تحل محلها أخرى جديدة. وإن كنا لا نعرف ماهية التهديد المقبل لكننا سنواجه واحداً هو في طور التشكل.

 

ماذا بعد تدمر؟

أسامة أبوزيد

أحكمت قوات النظام وحلفاؤها، الأحد، السيطرة على مدينة تدمر، أكبر مدن البادية السورية في ريف حمص الشرقي، ما قد يُغير من خريطة المعارك الدائرة في المناطق الصحراوية، في مواجهة تنظيم “الدولة الإسلامية”. وكانت تدمر قد سقطت في يد التنظيم في أيار/مايو 2015، بعد انسحاب قوات النظام منها، من دون قتال تقريباً.

 

استيلاء قوات النظام والمليشيات على تدمر، لم يكن ليتم لولا الدعم الروسي المباشر، وفي حين قالت وزارة الدفاع الروسية بأن مقاتلاتها شنّت 41 غارة ضد 146 هدفاً لـ”الدولة الإسلامية” بين 22 و24 آذار/مارس، إلا أن السكان المحليين أشاروا إلى تدمير الغارات لأكثر من نصف المدينة. وادعى تنظيم “الدولة الإسلامية” قتل 5 مقاتلين روس، فيما أكدت روسيا لاحقاً مقتل ضابط واحد من قواتها الخاصة قرب تدمر. وبحسب موقع “ISW”، فقد أدخلت روسيا في المعركة أسلحة متطورة، منها أنظمة إطلاق صواريخ متعددة، وحوامات “Mi-24 Hind gunships”. وشارك في المعركة من جانب قوات النظام والمليشيات الموالية لها، أكثر من 5 آلاف عنصر، منهم المئات من مليشيا “حزب الله” ومليشيا “لواء فاطميون” الأفغانية. كما أن مقتل عدد من مليشيا “الحرس الثوري” الإيراني في 16 آذار/مارس بالقرب من تدمر، يؤكد أن إيران شاركت بقوة في الإعداد والتحضير للمعركة.

 

ومن المتوقع أن تتجه قوات النظام بعد تمركزها في مدينة تدمر، إلى مهاجمة مدينة السخنة الواقعة على بعد 50 كيلومتراً من تدمر، على طريق تدمر-ديرالزور، والواقعة تحت سيطرة التنظيم. إلا أن مصدراً لـ”المدن” من السخنة، يقول إن المدينة ستكون بمثابة “كابوس على النظام”، على عكس تدمر. فالسخنة التي تعتبر ثاني أكبر المدن في البادية السورية، بعد تدمر، يحاول تنظيم “داعش” إعادة تجميع قواته المنسحبة من تدمر فيها، وجعلها قاعدة لإرسال مفخخاته.

التقدم نحو السخنة سيعزز محاولة قوات النظام الوصول إلى مدينة ديرالزور المحاصرة من قبل التنظيم. في وقت يتحدث فيه إعلام النظام عن تقدم قواته من مدينة ديرالزور باتجاه الجنوب، لربطها مع تدمر، ما سيفصل، إن تحقق، مناطق سيطرة تنظيم “الدولة الإسلامية” في العراق عما تبقى من مناطق تخضع لسيطرته في الرقة وريفي حلب وحماة الشرقيين، في سوريا.

 

وقالت مصادر “المدن”، إن المرحلة القادمة للنظام قد تكون إعادة إستكمال المعركة نحو الرقة، عبر طريق سلمية-الرقة، والتي بدأت في منتصف شباط/فبراير، عبر التوجه إلى مدينة الطبقة شرقي الرقة. وإن تمّ ذلك، سيؤدي إلى انسحاب التنظيم من أماكن سيطرته في ريف حلب الشمالي والشرقي، خوفاً من وقوعه في حصار هناك وانقطاع الإمدادات عنه. وتتمركز قوات النظام حالياً، في منطقة بئر نبج على بعد 35 كيلومتراً من مدينة الطبقة ومطارها العسكري في الرقة، الذي شهد مقتل وإعدام العشرات من قوات النظام على يد تنظيم “الدولة الإسلامية” في آب/أغسطس 2014.

 

الحدود العراقية مع سوريا، هي أحد الأهداف القادمة للجيش السوري. ويتضمن ذلك عزل كتائب “الدولة الإسلامية” المتواجدة في القلمون، شمالي دمشق، عن بقية مناطق التنظيم في سوريا والعراق. عزل تلك المناطق، سيمنع “داعش” من التوجه إلى الحدود اللبنانية، ومدينة طرابلس تحديداً.

 

إلا أن السعي للسيطرة على مساحات كبيرة وسط الصحراء، يحتاج إلى أعداد كبيرة من المقاتلين، وهذا ما لا يتوافر لقوات النظام التي استفادت من واقع “وقف الأعمال العدائية” مع المعارضة، لجلب تعزيزات عسكرية إلى تدمر من جبهات آخرى. التعزيزات شملت مقاتلي الميلشيات الشيعية العراقية واللبنانية، وفي طليعتهم مليشيا “حزب الله” اللبناني. الأمر الذي ساعد النظام السوري وحلفاءه في التقدم تحت إدارة عسكرية روسية، إلا أن ذلك لم يمنع من سقوط مئات القتلى في صفوف قوات النظام، ومن بينهم ضباط برتب عالية. بعض المصادر ذكرت مقتل 580 عنصراً من “الدولة الإسلامية”، وسط ترجيح بخسارة قوات النظام لعدد مماثل.

 

بعد السيطرة على مدينة تدمر، أُنهِكَت قوات النظام، خاصة على صعيد قوات المشاة فيها، رغم دعم “حزب الله” والمليشيات العراقية والإيرانية. الأمر الذي قد يُجبر قوات النظام على التمركز في تدمر، وعدم إطلاق أي معركة أخرى خلال الفترة القادمة، خاصة بعد تحقيق النظام أهم أهدافه في تدمر على الصعيد السياسي، في إبراز ذاته كـ”محارب الإرهاب”. فلم تمضِ ساعات على استعادة النظام لتدمر، حتى ظهر الرئيس السوري بشار الأسد إعلامياً، وهو يتباهى بذلك الانتصار.

 

وعلى بعد 5 كيلومترات جنوب غربي مدينة تدمر، تحاول قوات النظام السيطرة على مدينة القريتين في ريف حمص، التي تعد بوابة جبال القلمون على الحدود السورية-اللبنانية. وسيطرت قوات النظام على النقطتين 850 و849 في اتجاه سلسلة جبال الحزم الثاني، وعلى النقطة 876 في اتجاه جبل الرميلة شمال غربي القريتين. واعتبرت تلك العمليات تحضيراً لتطويق مدينة القريتين قبل إقتحامها.

 

مناصرو تنظيم “الدولة الإسلامية”، قالوا إن معركة تدمر لم تنته بعد، وما هي إلا جولة للنظام استعاد بها المدينة، وإن عشرات المفخخات ستجعل من تدمر “محرقة وقبراً كبيراً” لقوات النظام ومن يسانده. وكان مقاتلو التنظيم قد حاولوا مساء الأحد التسلل إلى حقول شاعر النفطية، في محاولة للسيطرة عليها، إلا أن قوات النظام تمكنت من صدّ الهجوم.

 

كما ادعت وكالة “أعماق” التابعة للتنظيم، أن مقاتلي “الدولة الإسلامية” شنّوا هجوماً على “كتيبة المهجورة” وحاجز مجاور لها بالقرب من مطار “T-4” العسكري غربي تدمر على طريق تدمر-حمص، ما أوقع عشرات القتلى في صفوف قوات النظام، وتسبب في اغتنام قاعدة صواريخ “كونكورس” مضادة للدروع.

 

الليرة السورية تتهاوى والنظام يلاحق تجار دمشق

رائد الصالحاني

شهدت أسواق دمشق الرئيسية، الأحد، عمليات دهم واعتقال لبعض التجار بتهمة التعامل بالقطع الأجنبي. وكثفت أجهزة المخابرات السورية مدعومة بقوى من “المكتب السري الجمركي” تواجدها في أسواق المرجة والحميدية والحريقة، حيث جرت عمليات تفتيش بحق المارة بحثاً عمن يتداول بالدولار الأميركي. وتُعرف هذه الأسواق في دمشق، كسوق سوداء لتصريف العملات الأجنبية، منذ زمن بعيد.

 

وتهاوت الليرة السورية إلى ما دون 520 للدولار الأميركي الواحد في السوق السوداء، خلال فترة قصيرة. وبدأ هذا الهبوط المتسارع مع إعلان “وقف الأعمال العدائية” في سوريا مطلع شباط/فبراير، وتلاها هبوط آخر، فور إعلان الإنسحاب الروسي الجزئي.

 

وشهدت أسواق دمشق، في اليومين الماضيين، تخبطاً كبيراً، بالإضافة إلى عدم استقرار أسعار المواد، وفقدان بعض السلع من الأسواق بالتزامن مع هبوط سعر صرف الليرة.

 

ويقول تجار العملة في منطقة “الحريقة” إن الطلب على القطع الأجنبي زاد بشكل كبير في السوق السوداء، مع انخفاض سعر صرف “البنك المركزي” ووجود فارق كبير بين سعر السوق السوداء وسعر الصرف الرسمي. ويحاول النظام ضبط السوق عن طريق حملات الاعتقالات بحق بعض التجار، في محاولة لايقاف تداول العملة الصعبة بشكل غير قانوني.

 

وقال رجل أعمال، يملك مطعماً في دمشق القديمة، لـ”المدن”، إن ما يحصل من هبوط لليرة أمرٌ طبيعي، في ظل توقف المعارك بشكل جزئي في محيط العاصمة دمشق، والبدء في الحديث الجدي عن نية أميركية-روسية، للوصول إلى حلّ يضمن استمرار وقف إطلاق النار، ما أدى إلى نشاط السوق على جميع الأصعدة، وازدياد الطلب على العملات الصعبة في السوق السوداء، مع انخفاض سعر الصرف لدى “البنك المركزي” ما قد يُلحق خسائر كبيرة عند التجار.

 

أحد تجار “سوق الهال المركزي” في دمشق، أشار في حديثه لـ”المدن”، إلى أن انخفاض الليرة السورية الأخير، يعود إلى التدخل الروسي في سوريا، والذي لم يكن بالحسبان. فقد ظن كُثرٌ أن هذا التدخل سوف يرفع من قيمة الليرة، خاصة بعد التقدم الذي حققته قوات النظام وحلفاؤها على الصعيد العسكري. إلا أنه وفي فترة دامت 177 يوماً، من التدخل الروسي المباشر، تراجعت الليرة السورية مقابل الدولار بما يقارب 141 ليرة سورية، ثمّ تلاها انخفاض آخر بعد إعلان الانسحاب الروسي الجزئي، حتى وصلت العملة إلى ما هي عليه حالياً.

 

أحد حرفيي الذهب في “سوق الصاغة”، قال لـ”المدن”، إن حركة بيع الذهب تعتبر جيدة بالنسبة لسعر الذهب في الوقت الحالي، والذي تجاوز 17 ألف ليرة سورية، للغرام الواحد. وقد لجأت الناس إلى تحويل العملة السورية الفائضة لديهم إلى ليرات من الذهب، وذلك مع التشديد الأمني الكبير على المتداولين بالعملة الصعبة.

 

وأضاف أن هذه الهبوط المستمر لليرة السورية، يتعلق بأنباء نشرها النظام في السوق، عن نيته طرح قطعة نقدية جديدة من فئة 2000 ليرة سورية، وهي طباعة محلية غير معترف بها عالمياً. ولا يُمكن التأكد من تلك الأنباء حتى الآن، وإذا صدق الأمر ستكون النتيجة هبوطاً متزايداً لليرة خلال أيام قليلة.

 

ويرى باحثون اقتصاديون أن الانسحاب الروسي أثر بشكل كبير على انخفاض سعر الليرة السورية، ما انعكس بشكل مباشر على ‏الوضع المعيشي للمواطن. وشهدت السلع زيادة في الأسعار بما يقارب 10 في المئة، خلال الساعات الـ24 الماضية، فيما امتنع الكثير من التجار عن بيع المواد التموينية خوفاً من ارتفاع جديد للأسعار. ووصل سعر كيلوغرام السكر في أسواق دمشق إلى 350 ليرة سورية، في ظل غياب أجهزة التموين وحماية المستهلك.

 

ويرى محللون أن تراجع “المصرف المركزي” عن وعوده بضخ الدولار، أثار شكوكاً لدى المتعاملين معه، حول عدم وجود احتياطي أجنبي لدى المصرف. فيما بلغ سعر الصرف في المركزي ما يقارب 450 ليرة سورية للدولار الواحد.

 

وحمّل ناشطون وإعلاميون موالون للنظام حكومة وائل الحلقي، وحاكم “مصرف سوريا المركزي” مسؤولية تدهور الليرة، ناسبين ذلك إلى اهمالهم دعم الليرة السورية، وعدم وضعهم حداً للتداول غير القانوني بالدولار الأميركي. فيما نسبت مواقع موالية للنظام، نقلاً عن خبراء اقتصاديين، أن هذه التدهور جاء نتيجة الضغوط العسكرية والسياسية التي يتعرض لها النظام السوري في مؤتمر جنيف، بالتزامن مع وقف لإطلاق النار ما تسبب في تنشيط السوق بشكل ملحوظ.

 

وكانت مواقع معارضة، قد ذكرت أن مظاهرات خرجت الأحد، في سوق الحريقة، من قبل التجار اعتراضاً على التدهور الاقتصادي الذي يشهده السوق. ونفى ناشطون من دمشق، تلك الحادثة مؤكدين أن السوق لم يشهد سوى إغلاق للمحال التجارية التي امتنعت عن بيع المستهلكين.

 

“شرطة حرة” في أعزاز

خليفة الخضر

بالتعاون بين “المحكمة الشرعية” و”المجلس المحلي” في مدينة أعزاز شمالي محافظة حلب، تمّ تفعيل جهاز “الشرطة الحرة” في المدينة، ليكون صمام أمان للحد من الجرائم الجنائية التي شهدت تطورات متلاحقة في الشهور الماضية. وتُمثّلُ “المحكمة الشرعية” في أعزاز “الجبهة الشامية”.

 

عضو “الشرطة الحرة” في أعزاز الملازم أول عاشق محمد، قال لـ”المدن”، إن مركز “شرطة أعزاز الحرة” بدأ عمله، وأن فاعليته ستظهر خلال الأيام القادمة، بعدما أعلنت قيادة “شرطة حلب الحرة”، منذ شهر تقريباً، عن إحداث مركز للشرطة في مدينة إعزاز بمساعدة من الفعاليات المدنية والعسكرية في المدينة.

 

وأضاف محمد، أن المركز يضم حوالي 100 عنصر، منهم 50 شرطياً في المركز و25 عنصراً لتنظيم المرور و25 عنصراً لمركز التأهيل والإصلاح. وأشار محمد إلى أن المهام الموكلة للمركز ستكون تلقي شكاوى المواطنين، وتعقب الجرائم والمجرمين وتحويل المتهمين إلى مقر “المحكمة الشرعية” في المدينة. ومن مهام العناصر أيضاً القيام بالدوريات، وتنظيم سير المرور، إضافة إلى قسم يُعنى بتأهيل وإصلاح الموقوفين.

 

المركز يضم منشقين عن وزارة الداخلية، ممن لديهم خبرة في التحقيق الجنائي وكتابة “الضبوط”، بالإضافة إلى شباب يجري تأهيلهم في دورات لـ”الشرطة الحرة” في معسكرات في الداخل السوري.

 

التأخر في إنشاء المركز، في أعزاز ذات الموقع الاستراتيجي، كان بسبب “مشاكل مع الفصائل العسكرية التي رفضت سابقاً تسليم المركز لجهة حيادية كالشرطة الحرة” بحسب الملازم محمد. وسبق أن تمّ تأسيس مركز لـ”الشرطة الحرة” في أعزاز في العام 2012، ولكن بعد دخول تنظيم “الدولة الإسلامية” إلى المدينة توقف عمله.

 

الملازم محمد أكد أنه يجري الإعداد لافتتاح مراكز أخرى، منها مركز “مخيم الشام” في قرية سجو شمالي أعزاز، ومركز خاص في المخيمات المجاورة، إضافة إلى مركز مخيم سجو، ومركز باب السلامة. وأعرب محمد عن أمله في استمرار التنسيق مع الفصائل الموجودة في أعزاز، “التي باركت تواجدنا وطلبت ذلك”.

 

ويأتي تفعيل مركز “الشرطة الحرة” في أعزاز، كردّ على إدعاءات “قوات سورية الديموقراطية” حول وجود “جبهة النصرة” وفصائل “إرهابية” في أعزاز. وهو أمر تستخدمه “سوريا الديموقراطية” لتبرير حملاتها العسكرية على المدينة، بحجة “محاربة الإرهاب”.

 

و”قوات سوريا الديموقراطية” تحاصر أعزاز من الغرب، ومن الشرق يحاصرها تنظيم “الدولة الإسلامية”، ومن الجنوب تحاصرها قوات النظام ومليشيات “الحشد الشيعي”. ومن الشمال نشرت وسائل الإعلام التركية خبر الانتهاء من بناء جدار عازل على طول الحدود السورية-التركية، لمنع النزوح إلى تركيا، ما يجعل الحصار شبه مطبق على المدينة.

 

نشطاء المدينة ينفون وجود أي عنصر من “جبهة النصرة” في أعزاز، ويقول الناشط الإعلامي محمود حسانو، إن “قوات سوريا الديموقراطية” تحاول عبر شبكاتها الإعلامية الترويج لوجود “جبهة النصرة” في أعزاز، لتبرير الجرائم التي ارتكبتها “سوريا الديموقراطية” بحق المدنيين الذين هجّرتهم من مدينة تل رفعت المُجاورة والقرى المحيطة بها. وكذلك لتبرير قصف “سوريا الديموقراطية” المتكرر على مدينة أعزاز، ومشاركتها في حصار مدن ريف حلب الشمالي بعد تقدم قوات النظام ومليشيات “الحشد الشيعي” ونجاحهم في الوصول إلى نبل والزهراء.

 

“وحدات الحماية” و”جيش الثوار”، المنضويان تحت راية “سوريا الديموقراطية”، فرضوا اتاوت وضرائب على سيارات نقل الوقود الخاصة بتزويد المشافي والمولدات الكهربائية في محافظة إدلب ومدينة حلب، وكذلك على المواد التموينية القادمة من معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا في ريف محافظة إدلب. وأصبحت “قوات سوريا الديموقراطية” التي تدعي “محاربة الإرهاب”، تمارس جرائم “إرهابية” تتضمن حصار المدنيين في ريف حلب الشمالي وتجويعهم.

 

لذا، يرى النشطاء بأن تفعيل دور “الشرطة الحرة” يُكذّبُ إدعاءات “سوريا الديموقراطية”، حول استهدافهم للمدينة بسبب وجود “جبهة النصرة”. ويشير بعض النشطاء إلى أن وجود منظمات إغاثة أجنبية عاملة في المدينة، ينفي بدوره وجود “النصرة”.

 

وتتعرض إعزاز ومدن ريف حلب الشمالي المحاصرة، لقصف يومي من طيران النظام السوري والطيران الروسي. وكان الطيران الروسي قد استهدف مشافي أعزاز والبنى التحتية فيها، بشكل ممنهج. وتتعرض المدينة أيضاً للسيارات المفخخة التي يرسلها تنظيم “الدولة” لبث الرعب بين المدنيين.

 

وكان يسكن في أعزاز قُبيل اندلاع الثورة السورية 40 ألف مواطن، ولجأ إليها عدد كبير من النازحين، ما جعل عدد المقيمين في المدينة يصل حالياً إلى 100، بحسب “المجلس المحلي”. وتضم المدينة الصغيرة المحاصرة تسعة مخيمات منها النور والضاحية والشهداء وأهل الشام.

 

اشتباكات بين النصرة والدولة ومعارك بأطراف تدمر  

أفادت مصادر للجزيرة أن قوات المعارضة المسلحة صدت هجوما لفصيل “شهداء اليرموك”

-المرتبط بتنظيم الدولة الإسلامية- على بلدة حيط بريف درعا الغربي، حيث تدور معارك مستمرة بين الطرفين منذ عدة أيام.

وفي سياق متصل، أعلنت المجموعات المقاتلة في درعا البلد، التي كانت تنتمي إلى فصيل “حركة المثنى” الذي يوصف بأنه موال لتنظيم الدولة، انفصالها عن الحركة وتأسيسها كيانا جديدا باسم “كتيبة المرابطين”، وذلك بسبب ما سمته في بيان لها “الأخطاء في الساحة الجهادية”.

 

وفي السياق نفسه، قال تنظيم الدولة إنه قتل أكثر من عشرة من مقاتلي “جبهة النصرة” خلال تصديه لهجوم شنته النصرة على مواقع التنظيم في القلمون الغربي، بريف دمشق.

 

من جانبها، قالت مصادر محلية للجزيرة إن سبعة من مسلحي تنظيم الدولة قتلوا وجرح آخرون في الاشتباكات الجارية مع جبهة النصرة، وأكدت أن الاشتباكات لا تزال مستمرة في المنطقة.

 

أطراف تدمر

في سياق مواز، قال مراسل الجزيرة في حمص إن اشتباكات ما زالت تجري بين قوات النظام والمليشيات الموالية له وبين تنظيم الدولة الإسلامية عند أطراف مدينة تدمر بريف حمص الشرقي بعد ساعات من إعلان دمشق سيطرتها عليها.

 

وقالت وكالة أعماق التابعة للتنظيم إن ثلاثين من قوات النظام قتلوا جراء استهداف رتل بسيارة ملغمة على أطراف مدينة تدمر. كما استهدف التنظيم تجمعا لقوات النظام بسيارتين ملغمتين في منطقة البيارات غربي تدمر، إضافة إلى تدميره دبابة وعربة ناقلة للجنود بصواريخ موجهة في جبل الطار شمال المدينة.

 

وكانت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) قد قالت إن قوات النظام المدعومة بمجموعات الدفاع الشعبية وبغطاء جوي من الطيران الحربي الروسي، سيطرت على مدينة تدمر بعد معارك مع تنظيم الدولة.

 

وأكد المرصد السوري لحقوق الإنسان استمرار الاشتباكات على الطرف الشرقي لتدمر وحول السجن وداخل المطار، مشيرا إلى أن معظم مقاتلي التنظيم انسحبوا باتجاه الشرق تاركين تدمر تحت سيطرة النظام.

 

ويمثل فقدان السيطرة على تدمر إحدى أكبر انتكاسات التنظيم منذ أن أعلن الخلافة صيف عام 2014 في مساحات واسعة من سوريا والعراق.

 

استعادة تدمر.. دعاية للنظام أم تمدد نحو الشرق؟  

أمين الفراتي-ريف حمص

 

استعادت قوات النظام مدعومة بالمليشيات والطيران الروسي، السيطرة على مدينة تدمر (شرق حمص) من تنظيم الدولة الإسلامية؛ وذلك بعد حملة عسكرية استمرت أكثر من عشرين يوما وأسفرت عن دمار أحياء في المدينة.

 

وأعلنت القيادة العامة لجيش النظام السيطرة على المدينة وعلى التلال المحيطة بها صباح الأحد، مشيرة إلى أن تدمر ستكون قاعدة ارتكاز لتوسيع العمليات العسكرية ضد تنظيم الدولة على محاور عدة، أبرزها دير الزور والرقة.

 

واعتبر النظام أن السيطرة على تدمر دليل على أن جيشه “هو القوة الوحيدة الفاعلة والقادرة على مكافحة الإرهاب واجتثاثه”.

 

وكان تنظيم الدولة سيطر على مدينة تدمر ومحيطها في أوائل مايو/أيار الفائت، إثر معارك لم تدم سوى أسبوع أفضت إلى انسحاب قوات النظام، حيث ذكرت مصادر مطلعة في حينها أن النظام تعمد تسليم المدينة للتنظيم كي يضغط على المجتمع الدولي، على اعتبار أن المدينة مدرجة على لائحة التراث العالمي.

تدمير للتاريخ

وذكر الناشط الإعلامي خالد الحمصي أن ما لا يقل عن 40% من مدينة تدمر تعرض للتدمير، مضيفا للجزيرة نت أن الطيران الروسي شن أكثر من 1500 غارة على المدينة خلال أسبوع، منها ستمئة خلال الأيام الثلاثة الأخيرة، لافتا إلى أن المدينة خالية تماما من السكان.

 

ويرى أغلب المحللين أن خروج النظام من المدينة والعودة إليها هو للحصول على انتصارات إعلامية تساعده في الهروب من استحقاقات سياسية ربما تؤدي إلى سقوطه، وللظهور أمام الرأي العام العالمي مدافعا عن التراث الإنساني أمام الإرهاب.

 

ويشير سفير الائتلاف الوطني السوري في روما بسام العمادي إلى أن ما جرى في تدمر محاولة من موسكو لتعزيز موقع نظام بشار الأسد محاربا للإرهاب، ولفرضه على المجتمع الدولي بهذه الصفة، وفق قوله.

 

ودعا العمادي الهيئة العليا للتفاوض التابعة للمعارضة إلى التمسك بموقفها حول عدم بقاء الأسد وأركان حكمه في المرحلة الانتقالية، وعدم السماح له بترجمة ما جرى في تدمر سياسيا على طاولة التفاوض في جنيف، معتبرا أن المجتمع الدولي “غير مكترث بالسوريين ومستقبل بلادهم”.

دعاية مفضوحة

وشاطره الكاتب والمعارض السوري محمود الحمزة الرأي، حيث رأى أن ما جرى في تدمر “دعاية إعلامية مفضوحة ولعبة طرفاها نظام الأسد وتنظيم الدولة الإسلامية، تحت إشراف إيراني روسي مباشر”.

 

وأعرب للجزيرة نت عن اعتقاده بأن النظام كان سلّم تدمر للتنظيم لغايات سياسية، وأنه رجع إليها لإيصال رسالة للمجتمع الدولي مفادها أنه وروسيا يحاربان الإرهاب.

 

كما اعتبر الحمزة أن النظام غير قادر على الاستفادة سياسيا من “سيناريو تدمر” في الجولة القادمة من مفاوضات جنيف، مضيفا “هو للاستهلاك الإعلامي الداخلي والعالمي بالدرجة الأولى”.

 

ويُعتقد أن استعادة جيش النظام لتدمر ستفتح شرق سوريا أمامه، حيث يسيطر تنظيم الدولة على معظم محافظتي دير الزور والرقة، ولكن المحلل العسكري العقيد مصطفى البكور استبعد أن يتحرك النظام في الوقت الراهن باتجاه الشرق، مرجحا سعي الأسد وراء “نصر إعلامي مزيف للحصول على شهادة حسن سلوك” بهدف إقناع المجتمع الدولي بالضغط على المعارضة للتنازل عن شرط تنحيه.

 

وأعرب البكور في حديث للجزيرة نت عن اعتقاده أن الفترة المقبلة ستشهد هجمات جوية “مدمرة” من قبل الطيران الروسي ومقاتلات النظام على مدينتي الرقة ودير الزور لتدميرهما كما دُمّرت تدمر، مضيفا “يمكن أن يتكفل الأكراد بالرقة، وبعض الفصائل الأخرى بدير الزور، وبتوجيه ودعم روسي أميركي مشترك”.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى