صفحات العالم

أخطأنا مع سوريا… حان الوقت للتعديل

 

 

آجلا أم عاجلا سيتعين علينا أن نرفع عن مواطني إسرائيل تهديد «حزب الله» في الجبهة الشمالية

حتى قبل ثلاث سنوات كان لا يزال ممكنا العمل على إزاحة بشار الأسد عن الحكم، مع احتمال كبير أن تكون مثل هذه العملية مقصرة، بل وربما منهية للحرب في سوريا، منقذة حياة عشرات آلاف الناس ومقلصة أزمة اللاجئين الذين يغرقون العالم الغربي. مثل هذه المبادرة في ذاك الحين كانت بيقين عال ستمنع الواقع المتحقق في سوريا هذه الأيام بتأثير من إيران. أما إسرائيل فقررت ألا تفعل شيئا، وأن تنظر من بعيد إلى الفظائع التي نفذت في سوريا. برأيي كان هذا خطأ.

صحيح حتى نهاية 2017 فإن نافذة الفرص للتدخل في سوريا وإزاحة الأسد قد أغلقت، حاليا على الأقل. والآن علينا أن نركز أساس الجهود على الفعل الدبلوماسي مع رئيسي الولايات المتحدة وروسيا، ومن خلالهما إيضاح الخطوط الحمر لإسرائيل والمطالبة بإبعاد الإيرانيين وحزب الله شرقا إلى طريق السويداء ـ دمشق ومن خارج هضبة الجولان. الآن، مطلوب من أصحاب القرار ومن واضعي السياسة تفكير إبداعي ومبادرة ـ وإلا، مثلما يحصل في هذه اللحظة فإن جهات أخرى هي التي ستصمم الواقع الإقليمي والواقع الأمني والسياسي على حدودنا الشمالية. إذا لم نبادر، فإن هذا ما سيحصل. إمكانية أخرى، مثلا، هي مبادرة إسرائيلية لاعتراف دُولي بسيادتها في هضبة الجولان شرطا لكل تقدم في المسار الفلسطيني.

ثمة جهات تعتقد أن عدم الفعل وانعدام المبادرة هما خطة عمل. أنا أعارض هذا النهج. في 1995، حين كنت قائد المنطقة الشمالية، في ذروة القتال ضد حزب الله وبعد عدم المصادقة على مخططاتي لتحقيق النصر على حزب الله، توصلت إلى الاستنتاج بأنه يجب إعداد خطة تنفيذية وسياسية للخروج من لبنان. وسمح لي رئيس الأركان في حينه، الراحل امنون ليبكن شاحك بأن أعرض موقفي وخطتي على رئيس الوزراء اسحق رابين. كل هيئة الأركان عارضت، مستندة إلى تقدير شعبة الاستخبارات وشعبة التخطيط اللتين اعتقدتا بأن استمرار الوجود في منطقة الحزام الأمني في جنوب لبنان هي أفضل الشرور وأنه ليس صحيحا الخروج من هذه المنطقة من دون اتفاق مع الرئيس السوري حافظ الأسد. أما الآن فأعتقد خلاف ذلك. أعتقد أن من الأصح الدفاع عن إسرائيل من الحدود الدولية، وقدرت بأنه لن يكون ممكنا تحقيق اتفاق مع الأسد. أما رأيي فلم يؤخذ به. وعلى عدم الفعل دفعنا خمس سنوات أخرى من الحرب القاسية والخسائر بالأرواح، إلى أن تبنى رئيس الوزراء في حينه ايهود باراك توصيتي وأخرج الجيش الإسرائيلي من لبنان.

إن الجبهة الشمالية المتبلورة أمام ناظرينا هذه الأيام تمثل تحديا أمنيا مركبا لإسرائيل. صحيح أن حزب الله ضعف جدا في الحرب السورية، وقتل آلاف من مقاتليه في المعارك وأصيب ألاف آخرون وخرجوا من دائرة القتال، ولكن عندما تنتهي الحرب في سوريا سيعود حزب الله إلى الديار في لبنان بينما تعلم جنوده وقادته تجربة قتالية وتدربوا، ليعود ليهدد إسرائيل مع مخزون من عشرات آلاف الصواريخ التي تستهدف المس بمواطنيها. هل ستختار إسرائيل هذه المرة أيضا عدم الفعل وتسمح لحزب الله بالانتعاش واختيار الزمن المناسب من ناحيته للحرب المقبلة؟ هل سنسمح لإيران وللأسد بتصميم الواقع الأمني على الحدود الشمالية؟

شيء واحد واضح منذ الآن، آجلا أم عاجلا سيتعين علينا أن نرفع عن مواطني إسرائيل تهديد حزب الله. لا مفر من الاستعداد بجذرية لهزيمة حزب الله في هجوم قصير من عدة أيام. أعرف أن هذا ممكنا وأن الجيش الإسرائيلي قادر على عمل ذلك: فالاستعداد، الجاهزية والتحضير لاستخدام القوة هي أيضا الردع الأفضل، وعليه فإنها أيضا الأداة الأنجع لتقليص احتمال الحرب. السؤال المطروح هو هل الحكومة الحالية قادرة على العمل بالمبادرة والشجاعة اللازمتين؟ حتى الآن ثبت أن شكل عملها هو إحداث الكثير من الضجيج والقليل من الأفعال.

 

عميرام لفين

يديعوت

القدس العربي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى