مراجعات كتب

أسرار وخفايا الحركة الأصولية المنصوصة في كتاب “إدارة التوحش” الأصولي

 

المبحث الأول

التعريف بإدارة التوحش وبيان السوابق التأريخية لها

قلنا فيما سبق إن المتأمل في القرون السابقة وحتى منتصف القـرن العشرين يجد أنه عند سقوط الدول الكبرى أو الإمبراطوريات – سواءً كانت إسلامية أو غير إسلامية – ولم تتمكن دولة مكافئة في القوة أو مقاربة للدولة السابقة من السيطرة على أراضي ومناطق تلك الدولة التي انهارت تتحول بالفطرة البشرية مناطق وقطاعات هذه الدولة للخضوع تحت ما يسمى بإدارات التوحش.. لذلك تعرّف إدارة التوحش باختصار شديد بأنها: إدارة الفوضى المتوحشة..!!

أما التعريف بالتفصيل فهو يختلف تبعاً لأهداف وطبيعة أفراد هذه الإدارة، فلو تخيلناها في صورتها الأولية نجدها تتمثل في: إدارة حاجيات الناس من توفير الطعام والعلاج، وحفظ الأمن والقضاء بين الناس الذين يعيشون في مناطق التوحش وتأمين الحدود من خلال مجموعات الردع لكل من يحاول الاعتداء على مناطق التوحش إضافة إلى إقامة تحصينات دفاعية.

قد ترتقي إدارة احتياجات الناس من طعام وعلاج إلى تحمل مسؤولية تقديم خدمات مثل التعليم ونحو ذلك، وقد يرتقي حفظ الأمن وتأمين الحدود للعمل على توسيع منطقة التوحش.

لماذا أطلقنا عليها [إدارة التوحش] أو [إدارة الفوضى المتوحشة] ولم نطلق عليها [إدارة الفوضى]؟

ذلك لأنها ليست إدارة لشركة تجارية أو مؤسسة تعاني من الفوضى أو مجموعة من الجيران في حي أو منطقة سكنية أو حتى مجتمعاً مسالماً يعانون من الفوضى ولكنها طبقاً لعالمنا المعاصر ولسوابقها التأريخية المماثلة وفي ظل الثروات والأطماع والقوى المختلفة والطبيعة البشرية وفي ظل الصورة التي نتوقعها في هذا البحث يكون الأمر أعم من الفوضى بل إن منطقة التوحش قبل خضوعها للإدارة ستكون في وضع يشبه وضع أفغانستان قبل سيطرة طالبان.. منطقة تخضع لقانون الغاب بصورته البدائية يتعطش أهلها الأخيار منهم بل وعقلاء الأشرار لمن يدير هذا التوحش، بل ويقبلون أن يدير هذا التوحش أي تنظيم أخياراً كانوا أو أشراراً إلا أن إدارة الأشرار لهذا التوحش من الممكن أن تحول هذه المنطقة إلى مزيد من التوحش..!!

الصورة المثالية لمهمات إدارة التوحش التي نرومها:

بيَّنَّا فيما سبق مهمات إدارة التوحش في صورتها الأولية بشكل عام، إلا أننا قبل أن ننتقل إلى نقطة أخرى نحب أن نوضح مهمات إدارة التوحش في الصورة المثالية التي نرومها، والتي تتفق مع مقاصد الشرع، هذه المهمات هي:

– نشر الأمن الداخلي.

– توفير الطعام والعلاج.

– تأمين منطقة التوحش من غارات الأعداء.

– إقامة القضاء الشرعي بين الناس الذين يعيشون في مناطق التوحش.

– رفع المستوى الإيماني ورفع الكفاءة القتالية أثناء تدريب شباب منطقة التوحش وإنشاء المجتمع المقاتل بكل فئاته وأفراده عن طريق التوعية بأهمية ذلك.

– العمل على بث العلم الشرعي [الأهم فالمهم] والدنيوي [الأهم فالمهم].

– بث العيون واستكمال بناء إنشاء جهاز الاستخبارات المصغر.

– تأليف قلوب أهل الدنيا بشيء من المال والدنيا بضابط شرعي وقواعد معلنة بين أفراد الإدارة على الأقل.

– ردع المنافقين بالحجة وغيرها وإجبارهم على كبت وكتم نفاقهم وعدم إعلان آرائهم المثبطة ومن ثم مراعاة المطاعين منهم حتى يُكف شرهم.

– الترقي حتى تتحقق إمكانية التوسع والقدرة على الإغارة على الأعداء لردعهم وغنم أموالهم وإبقائهم في توجس دائم وحاجة للموادعة.

– إقامة التحالفات مع من يجوز التحالف معه ممن لم يعط الولاء الكامل للإدارة.

السوابق التأريخية والمعاصرة لإدارة التوحش:

– السنوات الأولى من بعد الهجرة إلى المدينة:

إدارة التوحش قامت في تأريخنا الإسلامي مرات متعددة، وأول مثال لها كان بداية أمر الدولة الإسلامية في المدينة، فباستثناء الإمبراطورية الرومانية والفارسية وبعض الدول أو الدويلات التي كانت على أطراف الجزيرة كان النظام القبلي في الجزيرة يقوم على نظام مشابه لنظام إدارة التوحش، ويمكن اعتبار المرحلة الأولى من العهد المدني – قبل استقرارها وإقامة دولة تأتيها الزكاة والجزية وتقيم وتعتمد الولايات حولها وتعين العمال والولاة – يمكن اعتبار تلك الفترة السابقة لذلك أنها أديرت فيها المدينة بنظام إدارة التوحش، نعم لم تكن المدينة قبل هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم تُعاني من التوحش بل كانت تدار من قبل قبائل كالأوس والخزرج بنظام شبيه بنظام إدارة التوحش ثم عندما هاجر الرسول صلى الله عليه وسلم للمدينة وأعطت العناصر الرئيسية فيها الولاء له أديرت المدينة في هذه الفترة الأولى بشبيه هذا النظام من قبل المسلمين، بل بالنظام المثالي لإدارة التوحش الذي بينا ملامحه فيما سبق.

– أما على مدار تأريخنا الإسلامي ففي حالات خاصة عديدة، حال الفترات العصيبة عند سقوط خلافة وقيام أخرى أو خلال تعرضنا لهجمات خارجية كالهجمة التتارية والهجمات الصليبية خلال مثل هذه الفترات العصيبة قامت مثل هذه الإدارات وارتقى بعضها بإقامة دويلات صغيرة ثم تجمع لإقامة خلافة أو دولة متجاورة مع دول أخرى أو مع خلافة، وأوضح مثال لذلك كما ذكر الشيخ العلامة عمر محمود أبو عمر – فك الله أسره – هو فترة الحروب الصليبية حيث قال:

(أغلب من تكلم في هذه الفترة الزمنية عالجها من جهة بعض الأشخاص الذين أحدثوا أثراً تجميعياً للجهود المتفرقة السابقة لأعمالهم، فنرى كاتباً يعالجها من جهة القائد نور الدين زنكي أو من جهة القائد صلاح الدين الأيوبي، وهكذا.. فيظن القارئ على غير دراية أن هذا الجزء من التأريخ الإسلامي في معالجة الصليبيين تم عن طريق الدولة الجامعة لأمر المسلمين وهذا خطأ بين، فالقارئ المتمعن لتلك الفترة الزمنية يرى أن المسلمين عالجوا أمر الصليبيين عن طريق تجمعات صغيرة، وتنظيمات متوزعة متفرقة، فهذه قلعة حكمتها عائلة من العائلات، جمعت تحت إمرتها طائفة من الناس، وهذه قرية ارتضوا حكم قائد عالم منهم وجاهدوا معه، وهذا عالم انتظم معه جماعة من تلاميذه وارتضوا إمامته وهكذا، ولعل خير من يشرح لنا هذه الأوضاع على حقيقتها هو كتاب [الاعتبار] للأمير أسامة بن منقذ، وأسامة هذا من قلعة شيزر، وعائلته آل منقذ هم حكام هذه القلعة، ولهم دور مشهود في الحروب الصليبية، وأسامة شاهد عيان لحروب المسلمين ضد الصليبيين.

وقبل أن أنتقل إلى نقطة أخرى، المهم التنبيه على أن دور القادة الكبار أمثال آل زنكي والأيوبيين هو تجميع هذه التكتلات والتنظيمات في تجمع واحد وتنظيم واحد، ومع ذلك فقد بقي هو الدور الأكبر لتلك التكتلات الصغيرة القائمة على الحق في معالجة الحروب الصليبية..) أ.هـ.

سبق هذه التكتلات الصغيرة التي سيطرت على بعض القلاع والمدن الصغيرة وتزامن معها القيام بعمليات نكاية وإنهاك (إن شئت فاقرأ بالتفصيل ما كتب في ثنايا السطور عن الحروب الصليبية تدرك أن الإنهاك الذي كان يقوم به طائفة العلم والجهاد هو الذي حقق النصر في المعارك الكبرى لا المعارك الكبرى ذاتها، بل لم تكن هذه المعارك الكبرى كحطين إلا محصلة لمعارك صغيرة لا تكاد تذكر في التأريخ لكنها كانت الأرقام الأولى لتشكل النصر الكبير النهائي).

ومن الأمثلة العجيبة لإدارات التوحش ما نقله الشيخ عبد الله عزام – رحمه الله – عن قيام مائة رجل مسلم بإدارة منطقة جبلية بين ما يعرف بايطاليا وفرنسا الآن وفرض ما يشبه الجزية على ما يجاورها من المناطق واستمر ذلك فترة من الزمن.

كذلك من الحركات التي أقامت إدارات للتوحش بل طورت منـها وجمعت شتات المناطق المدارة بما يشبه دولة لفترة من الزمن [حركة الإمام السيد] التي جددت دعوة التوحيد والجهاد بالمربع السني في منطقة الهند وكشمير وباكستان وأفغانستان وعلى الرغم من قصر عمر هذه الحركة ككيان استمر فقط من بداية القرن التاسع عشر إلى بعد منتصفه بقليل إلا أن تأثيرها ممتد حتى الآن، بل إن ما قامت به من أعمال ضد أعداء الله وعلى رأسهم الإنجليز يعتبر مصدر إلهام لحركات الجهاد في كشمير والهند وأفغانستان، بل لعل امتداد بقاياها كان له أثر قوي في انفصال باكستان عن الهند – بغضِّ النظر عن مدى الانحراف في الحكومة الباكستانية التي قطفت ثمرة الجهاد- في منتصف القرن العشرين، بل إن رجال الجهاد الأفغاني مازالوا يستلهمون العبر من سيرة ذلك الإمام، كيف لا وقد عرف جبال أفغانستان وعرفته؟

هذا بالنسبة للمسلمين أما الكفار فهناك عشرات بل مئات الأمثلة لـ [إدارات توحش] أقامها الكفار في أوروبا وأفريقيا وباقي القارات في العصور السابقة.

أما في العصر الحديث فبعد معاهدة [سايكس بيكو] وارتقائها واستقرار وضعها بنهاية الحرب العالمية الثانية وبروز هيئة الأمم المتحدة وإحكام النظام الجاهلي السيطرة على العالم بأنظمة الجنسية والورق النقدي والحدود المُسيجة بين ما يُسمى دول العالم أصبح من الصعب إقامة مثل هذه الإدارات، إلا أنه بالرغم من ذلك قامت العديد من إدارات التوحش خاصة في الأماكن التي تبتعد عن المركز وتتيح ظروفها الجغرافية والسكانية تسهيل ذلك.

وهناك أمثلة عديدة لتجمعات معاصرة سواءً إسلامية أو يسارية أو غير ذلك منها:

الفصائل المقاتلة في أفغانستان في المراحل الأولى للجهاد والمراحل الأولى لحركة طالبان حتى قيامها بإقامة دولتها – أعادها الله في عز ورفعة – بغض النظر عن مدى قرب هذه الإدارات من الصورة المثالية الواقعية الإسلامية أو بعدها عنها أو حتى مخالفتها لها.

كذلك حركة [أبي سياف] وجبهة [تحرير مورو] بالفلبين، كذلك حركات الجهاد بالجزائر في بعض فترات الجهاد في التسعينات بغض النظر عن انحراف البعض.

كذلك الفصائل الإسلامية وغيرها في الصومال بعد سقوط دولة [سياد بري].

كذلك بعض المراحل الزمنية لبعض المناطق في جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق والشيشان.

تجدر الملاحظة هنا أننا لا نعتبر حركات مثل حماس والجهاد الإسلامي بفلسطين الآن والجماعة الإسلامية بمصر في فترة التسعينات وكذلك الجماعة المقاتلة في ليبيا ومن يشابههم قد أقاموا بعد إدارات توحش وإنما هم كانوا – وبعضهم مازال – في مرحلة ما قبل إدارة التوحش وهي مرحلة يطلق عليها مرحلة [شوكة النكاية والإنهاك] وهي مرحلة تسبق في العادة مرحلة إدارة التوحش في حالة إذا كان في حسابات من يقوم بالنكاية أن التوحش سيحدث ومن ثم الإعداد لإدارته، وإلا فان بعض مجموعات النكاية تقوم بالنكاية دون أن تضع ذلك في حساباتها، وأحياناً تقوم بالنكاية لإضعاف دولة لحساب دولة أخرى أو قوة أخرى ستتسلم حكم الدولة المُنهكة أو أرض التوحش وتقيم مكانها دولتها دون المرور بمرحلة إدارة التوحش.

هذا وسيأتي في المبحث القادم بيان أهداف والتعريف بمرحلة [شوكة النكاية والإنهاك] وهي المرحلة التي نمر بها الآن.

نعود للأمثلة المعاصرة لإدارات التوحش ونركز هنا على الحركات غير الإسلامية ومنها:

– حركة جون جارنج بجنوب السودان المسماة [الجبهة الشعبية لتحرير السودان].

– حركات اليساريين في أمريكا الوسطى والجنوبية، ولعل اليساريين أبدعوا في بعض النواحي العملية في إدارة مناطق التوحش هناك وبعضهم أقام دول.. ولكنهم يديرون هذه المناطق بمبادئهم القذرة التي لا تقبلها المناطق المحيطة عادة مما يجعل مناطقهم غير قابلة للتوسع لرفض السكان الانتقال من الحكومة المركزية والانضمام لإدارة التوحش أو لإقامة دولة على أنقاض الدولة المركزية.. ويكفي أن نعلم أنه بعد انهيار الاتحاد السوفيتي وانقطاع جانب مما كانت تعتمد عليه هذه الحركات في التمويل أصبحت جل هذه الحركات تعتمد في تمويلها على تحصيل أموال مقابل إيجاد ملاذات آمنة للخارجين عن قوانين البلاد هناك، أو كبار تجار المخدرات بل يقومون بأنفسهم بزراعة المخدرات والاتجار فيها، كذلك نهب السكان المحليين وخطفهم وأخذ فدية مقابل إطلاق سراحهم أو إبقائهم كرهائن ودروع بشرية، ومجتمع التوحش الذي يديرونه وإن كان به قضاء إلا أنه مليء بالانحلال الخلقي تبعاً لمبادئ الإباحية التي يعتنقونها، كذلك مناطقهم يتم تأمينها دفاعياً بصورة جيدة، حتى أن أمريكا قد أصابها الجنون من عدم قدرتها على تدمير هذه الجيوب والقضاء عليها وإلحاقها بأنظمة الدول التي تدور في فلك أمريكا أو ما يطلق عليه زوراً الأمم المتحدة، إلا أننا نسجل أننا نعتقد ونؤمن أن الحرب هناك بين منظومتين يجتمع فيهما الكفر والظلم.

المبحث الثاني

طريق التمكين

– مراحل المجموعة الرئيسية:

مرحلة [شوكة النكاية والإنهاك].. ثم مرحلة [إدارة التوحش].. ثم مرحلة [شوكة التمكين – قيام الدولة -].

– مراحل بقية الدول:

مرحلة [شوكة النكاية والإنهاك].. ثم مرحلة [التمكين] الفتح وشوكة التمكين يأتيان من الخارج.

هذا مع ملاحظة أن من المحتمل أن تمر بعض الدول غير الرئيسية بنفس مراحل الدول الرئيسية تبعاً لتطورات الأحداث.

الدول المرشحة كمجموعة رئيسية:

رشحت الدراسات القريبة لحركة التجديد والمرتبطة بالأحداث الجارية مجموعة من [الدول] – على الصحيح المناطق – ينبغي التركيز عليها من قبل المجاهدين حتى لا تتشتت القوة الضاربة للمجاهدين في دول لا مردود من وراء العمل المُركز فيها، بالطبع هذا الترشيح المبدئي النظري يتيح لأهل كل بلد إمعان النظر واتخاذ القرار ومن ثم يمكن التركيز في النهاية على بلدين أو ثلاثة تم التحقق من استعداد أهلها للتحرك، هذا بالنسبة للعمل المُركَّز، لذلك يجدر التنبيه إلى أن الدراسات لم تغفل عن قيام باقي التجمعات المسلمة في العالم بالقيام بعمليات نكاية كتشتيت لتفكير وقوات العدو كذلك، كإرهاصات للجهاد القادم من خارج الحدود بعد ذلك.

ونستطيع القول أن الأمر فيه من المرونة بحيث يتغير تبعاً للتطورات، وقد تم نشر هذه الدراسات في ثلاثة الأعوام السابقة لأحداث سبتمبر، أما بعد الأحداث وما تلاها من تطورات فقد أعلنت القيادة بعض التعديلات فاستبعدت بعض المناطق من مجموعة المناطق الرئيسية على أن يتم ضمها لتعمل في نظام بقية الدول وأدخلت بلدين أو قل منطقتين إضافيتين ألا وهما بلاد الحرمين ونيجيريا ومن ثم أصبحت الدول المرشحة مبدئياً لتدخل في مجموعة المناطق الرئيسية هي مناطق الدول الآتية: الأردن وبلاد المغرب ونيجيريا وباكستان وبلاد الحرمين واليمن.

هذا الترشيح مبدئي – بالطبع – وإلا فإن لأهل كل منطقة من هذه المناطق – ما صدقوا مع الله ثم مع أنفسهم – النظر بدقة أكبر في إمكانية تحركهم بصورة مركزة أم لا – هذا أولاً – أما ثانياً فإن المقصد من الترشيح أن هذه هي أقرب الدول المرشحة إلا أنه لا بأس بل قد يكون من الأفضل الاقتصار على بلدين أو ثلاثة يتحركون بصورة مركزة على أن تتحرك باقي الدول على نفس طريق ومراحل بقية الدول غير الرئيسية.. نسأل الله الثبات على الأمر والعزيمة على الرشد.

تنبيه هام جداً: عندما أقول اليمن مثلاً وأسبقها بكلمة منطقة أقصد من ذلك عدم التقيد بحدود الأمم المتحدة بحيث يتحرك المجاهدون بحرية في حدود اليمن والحجاز وعمان، أما عندما أقول مناطق أو منطقة التوحش فلا أقصد قطراً بالكامل وإنما في العادة منطقة التوحش تكون مدينة أو قرية أو مدينتين أو حتى حي أو جزء من مدينة كبيرة.

مقومات الترشيح:

بالنظر إلى الروابط المشتركة بين الدول التي يمكن أن يحدث فيها مناطق توحش نلاحظ أنه يجمعها بعض أو كل المقومات الآتية:

– وجود عمق جغرافي وتضاريس تسمح في كل دولة على حدة بإقامة مناطق بها تدار بنظام إدارة التوحش.

– ضعف النظام الحاكم وضعف مركزية قواته على أطراف المناطق في نطاق دولته بل وعلى مناطق داخلية أحيانا خاصة المكتظة.

– وجود مد إسلامي جهادي مبشر في هذه المناطق.

– طبيعة الناس في هذه المناطق، فهذا أمر فضل الله به بقاعاً على بقاع.

– كذلك انتشار السلاح بأيدي الناس فيها.

ومن تصاريف الأقدار المبشرة – بإذن الله – أن أغلب الدول المرشحة في جهات متباعدة مما يصعب مهمة أي قوات دولية في الانتشار في مساحة واسعة في عمق العالم الإسلامي.

أما باقي مناطق العالم الإسلامي والتي بها مد إسلامي جهادي لا تخطئه العين – خاصة بعد أحداث سبتمبر وما تبعها من أحداث – إلا أنها تعاني من قوة الأنظمة الحاكمة لها وقوة مركزيتها خاصة لعدم وجود جيوب ومناطق تسمح تضاريسها الجغرافية بالتحرك كما في المناطق المختارة، إضافة إلى طبيعة بعض شعوب هذه المناطق، إلا أن هذه المناطق – كما سنبين بالتفصيل – عليها أن تبدأ في النكاية – بل هي بدأت بالفعل كما في تركيا وتونس وغيرهما -.

فالأمر باختصار – وسيأتي التفصيل -: مرحلة شوكة النكاية والإنهاك عن طريق مجموعات وخلايا منفصلة في كل مناطق العالم الإسلامي – الرئيسية وغير الرئيسية – حتى تحدث فوضى وتوحش متوقعة في مناطق عديدة بالدول الرئيسية المختارة طبقاً للدراسات كما قلنا، بينما لن تحدث فوضى في مناطق باقي الدول لقوة الأنظمة فيها وقوة مركزيتها.. ثم ترتقي مناطق الفوضى والتوحش إلى مرحلة إدارة التوحش، بينما تستمر باقي مناطق ودول العالم الإسلامي بجناحين جناح الدعم اللوجستي لمناطق التوحش المداراة بواسطتنا وجناح شوكة النكاية والإنهاك للأنظمة حتى يأتيها الفتح من الخارج بإذن الله.

(أقصد بالدعم اللوجستي [المال]، [محطة انتقال أفراد]، [إيواء عناصر]، [الإعلام].. الخ).

الأهداف الرئيسية لمرحلة [شوكة النكاية والإنهاك]:

1- إنهاك قوات العدو والأنظمة العميلة لها وتشتيت جهودها والعمل على جعلها لا تستطيع أن تلتقط أنفاسها وذلك في مناطق الدول الرئيسية المرشحة وغير المرشحة كذلك، بعمليـات وإن كانت صغيرة الحجم أو الأثر – ولو ضربة عصا على رأس صليبي – إلا أن انتشارها وتصاعديتها سيكون له تأثير على المدى الطويل.

2- جذب شباب جدد للعمل الجهادي عن طريق القيام كل فترة زمنية مناسبة من حيث التوقيت والقدرة بعمليات نوعية تلفت أنظار الناس، (أقصد بعمليات نوعية هنا أي العمليات النوعية المتوسطة على غرار عملية بالي وعملية المحيا وعملية جربة بتونس وعمليات تركيا والعمليات الكبرى بالعراق ومثل ذلك، ولا أقصد عمليات نوعية على غرار عملية سبتمبر، والتي شغل التفكير فيها قد يُعطل عن القيام بالعمليات النوعية الأقل منها حجماً، كذلك إذا كان هناك إمكانية للقيام بمثيل لها فالأفضل عدم التسرع بدون معرفة رأي القيادة العليا، فضلاً على أنها في الغالب قد تحتاج إمكانيات ودعم وتغطية لا تتوفر في الغالب إلا عن طريق القيادة العليا، بينما عمليات على غرار بالي والمحيا مثل تلك العمليات لا تنتظر مشاورة القيادة العليا لكونها أذنت بها مسبقاً ويُمكن أن يكون معدلها بطيئاً مع الانتشار ومع العمليات الصغيرة المكثفة التي ذكرناها في النقطة السابقة، ومن ثم بعد فترة مناسبة – يُعمل فيها على ترقية أصحاب العمليات العادية الصغيرة – يمكن جعل معدل العمليات النوعية المتوسطة تتصاعد بحيث يقترب من معدل العمليات العادية الصغيرة).

مع ملاحظة: أنه يجب أن تُحسب قيمة العملية العادية الصغيرة جيداً ونتائجها فأحياناً تؤدي العملية الصغيرة لمفاسد أو مشاكل أو كشف لمجموعات أخرى تُحضِّر لعملية نوعية متوسطة، وإذا كان من يقومون بعمليات صغيرة قادرين على الترقي وتطوير أنفسهم للقيام بعملية نوعية متوسطة فعليهم ذلك حتى لو تم إلغاء العملية الصغيرة من أجلها، إلا أنه في الجملة أفضل طريق للترقي للمجموعات الناشئة للقيام بعمليات نوعية هو القيام بعمليات صغيرة في البداية، ما التزموا بتحركات واحتياطات سليمة.

3- إخراج المناطق المختارة – التي اتخذ القرار بالتحرك المُركز فيها سواءً كانت كل المناطق المرشحة أو بعضها – من سيطرة الأنظمة ومن ثم العمل على إدارة التوحش الذي سيحدث فيها.. مع ملاحظة هنا أننا قلنا أن الهدف هو إخراج هذه المناطق من سيطرة أنظمة الردة وهو الهدف الذي نعلنه ونعقد النية عليه، لا إحداث الفوضى.

مع ملاحظة: أننا قد نفاجأ في سقوط مناطق في أطراف أو في عمق دول [غير مرشحة] في الفوضى والتوحش، وهنا لا يخلو الأمر من احتمالين إما أن توجد تنظيمات إسلامية في تلك المناطق قادرة على إدارة هذا التوحش أو لا توجد وفي هذه الحالة إما أنها ستقع تحت قبضة تنظيمات غير إسلامية أو بقايا أنظمة حاكمة أو عصابات منظمة.. الخ.

هنا لابد التنبيه على شبهة هامة يقول الشيخ العلامة عمر محمود أبو عمر فك الله أسره:

(وهنا لا بد من التنبيه على ضلال دعوة بعض قادة الحركات المهترئة بوجوب الحفاظ على النسيج الوطني أو اللحمة الوطنية أو الوحدة الوطنية، فعلاوة على أن هذا القول فيه شبهة الوطنية الكافرة، إلا أنه يدل على أنهم لم يفهموا قط الطريقة السننية لسقوط الحضارات وبنائها).

4- الهدف الرابع من أهداف مرحلة [شوكة النكاية والإنهاك] هو الارتقاء بمجموعات النكاية بالتدريب والممارسة العملية ليكونوا مُهيئين نفسياً وعملياً لمرحلة إدارة التوحش.

الأهداف الرئيسية لمرحلة [إدارة التوحش]:

نستطيع أن نضع هنا أهم النقاط التي ذكرناها تحت عنوان ”مهمات إدارة التوحش في صورتها المثالية“:

1- نشر الأمن الداخلي والحفاظ عليه في كل منطقة مُدارة.

2- توفير الطعام والعلاج.

3- تأمين منطقة التوحش من غارات الأعداء عن طريق إقامة التحصينات الدفاعية وتطوير القدرات القتالية.

4- إقامة القضاء الشرعي بين الناس الذين يعيشون في مناطق التوحش.

5- رفع المستوى الإيماني ورفع الكفاءة القتالية أثناء تدريب شباب منطقة التوحش وإنشاء المجتمع المقاتل بكل فئاته وأفراده عن طريق التوعية بأهمية ذلك لدنيانا وآخرتنا، بل وتبيين وجوبه المتعين، وأنه ليس معناه أن يمارس القتال كل فرد في المجتمع ولكن أن يكون جزءاً أو ترساً من المنظومة القتالية على الصورة التي يتقنها والتي يحتاجها المجتمع.

كذلك في هذه المرحلة هناك أهداف نعمل لها في باقي المناطق غير المرشحة والتي لم تسقط في التوحش أهمها:

– الاستمرار في النكاية والإنهاك بقدر الإمكان.

– إنشاء شبكة دعم لوجستي لمناطق التوحش – المُدارة بواسطتنا – المجاورة والبعيدة.

وإذا حدث تعارض بين القيام بالنكاية والقيام بالدعم اللوجستي يقدم الأنسب والأفيد.

خطة العمل والتحرك:

ضربات متسلسلة لأمريكا تنتهي بضربة سبتمبر تستحقها أمريكا شرعاً وستنجح قدراً – بإذن الله – إذا تم استيفاء أسبابها – وقد نجحت والحمد لله -، وكانت النتيجة الحتمية لهذه السلسلة المتصاعدة [سقوط هيبة أمريكا عند الشعوب، وعند أصحاب الرتب الدنيا من جيوش الردة].

ومع اشتعال الأحداث واقتراب النار من المنطقة حدث مد للتيار الجهادي فاق أضعاف ما خسره في أحداث التسعينات وهذا المد عادة ما يحدث مع الأحداث والعمليات الكبيرة تبعاً لحجمها.

من ثم ستعمل أمريكا على الانتقام، وهنا سيحتدم الصراع، فإما ستشن حرب محدودة وفي هذه الحالة لن يشفي غليلها ولن تنجح في تطويق هذا المد المتصاعد، وتكون أمريكا قد أسقطت دولة أفغانستان التي كان مخططاً لها ذلك أو كانت ستنهار بدون أحداث سبتمبر (راجع المبحث التمهيدي).. لكن ستبدأ في مواجهة تحول هذا المد إلى عشرات الآلاف من مجموعات سبتمبر بل ويوجهون لها الضربات ولن تجد دولة تنتقم منها ككيان فالباقي عملاء.. كذلك تبين لها أن الأنظمة التي توفر لها الدعم لم تحميها من الهجمات ولم تحافظ على مصالحها الاستراتيجية ومصالح ربيبتها إسرائيل في المنطقة.. فلا بديل لها إلا السقوط في الفخ الثاني.. أما الأول فقد ذكرناه وهو غزو أفغانستان فإن مجرد فشل أمريكا في تحقيق جميع أهدافها العسكرية في هذا البلد وبقاء هذا البلد طيلة عام أو عامين أو أكثر يقاوم يعكس نظرة لدى الشعوب ولدى بعض الشرفاء من جيوش الردة أن مواجهة أمريكا ممكنة، أما الفخ الثاني فهو أن تجعل جيوشها التي تحتل المنطقة وتتخذ منها قواعد عسكرية بدون مقاومة في حالة حرب مع شعوب المنطقة، والمُشاهد حتى هذه اللحظة أنها تحركت تحركات زادت المد الجهادي، وأوجدت أفواجًا من الشباب تفكر وتخطط للمقاومة، بعد أن كانت هذه القوات موجودة ومستقرة والشعوب نائمة بجوارها ولا تشعر بأي خطر، وكذلك بدأ يتكشف للإدارة الأمريكية أنها تُستنزَف وأن سهولة الدخول في أكثر من حرب في وقت واحد كان كلاماً نظرياً يصلح على الورق فقط، وأن بُعد المركز عن الأطراف مؤثر تأثيراً بالغاً على تمكنها من حسم الحروب، وكل هذه النتائج تتعاظم يوماً بعد يوم والحمد لله من قبل ومن بعد.

وها هي يوجه لها ولحلفائها الضربات في مشارق الأرض ومغاربها.. وهذه هي الحالة حتى هذه اللحظة، فما هي الخطة التي نحرك بها الأحداث من الآن إلى أن نحقق أهدافنا التي ذكرناها كاملة – بإذن الله -؟

– تنويع وتوسيع ضربات النكاية في العدو الصليبي والصهيوني في كل بقاع العالم الإسلامي بل وخارجه إن أمكن بحيث يحدث تشتيت لجهود حلف العدو ومن ثم استنزافه بأكبر قدر ممكن.. فمثلاً:

إذا ضرب منتجع سياحي يرتاده الصليبيون في أندونيسيا سيتم تأمين جميع المنتجعات السياحية في جميع دول العالم بما يشمل ذلك من شغل قوات إضافية أضعاف الوضع العادي وزيادة كبيرة في الإنفاق، وإذا ضرب بنك ربوي للصليبيين في تركيا سيتم تأمين جميع البنوك التابعة للصليبيين في جميع البلاد ويزداد الاستنزاف، وإذا ضربت مصلحة بترولية بالقرب من ميناء عدن ستوجه الحراسات المكثفة إلى كل شركات البترول وناقلاتها وخطوط أنابيبها لحمايتها وزيادة الاستنزاف، وإذا تم تصفية اثنين من الكتاب المرتدِّين في عملية متزامنة ببلدين مختلفين فسيستوجب ذلك عليهم تأمين آلاف الكتاب في مختلف بلدان العالم الإسلامي.. وهكذا تنويع وتوسيع لدائرة الأهداف وضربات النكاية التي تتم من مجموعات صغيرة ومنفصلة، مع تكرار نوع الهدف مرتين أو ثلاثاً ليتأكد لهم أن ذلك النوع سيظل مستهدفاً.

الأهداف التي نطلب التركيز عليها وأسباب ذلك:

قلنا أنه ينبغي علينا ضرب جميع أنواع الأهداف الجائز ضربها شرعاً إلا أننا يجب أن نركز على الأهداف الاقتصادية وخاصة البترول، قد يقول قائل سنُواجَه بحملة إعلامية توجه لنا كل التهم بداية من العمالة إلى العمل على إفقار وإضعاف البلاد اقتصادياً و.. و..

وسيذكرنا البعض أنه عندما وجهت الجماعة الإسلامية بمصر هجماتها إلى السياحة تحت شعار أنها تدمر هدفاً محرماً وتضعف اقتصاد نظام الردة، لم تحسن استغلال فكرتها والاستمرار فيها، كذلك لم تحسن الرد على الحملات الإعلامية للنظام، ولنا عودة مع هذه النقطة.

أما بالنسبة لمهاجمة الأهداف الاقتصادية التي يستفيد منها العدو، وخاصة البترول فسبب ذلك أن هذا هو بيت القصيد – أو المُحرك على الأقل – عند العدو وما قطع قادته البحار إلا من أجله واستهداف تلك الأهداف ستدفعه لحث الأنظمة المنهكة في حماية باقي الأهداف الأخرى – الاقتصادية وغير الاقتصادية – إلى ضخ مزيد من القوات لحمايته، فيبدأ يحدث عجز في قواتها خاصة أن قواتها محدودة، حيث أن هناك قاعدة لأنظمة الردة تقول: إن قوات الشرطة والجيش بصفة عامة وقوات مكافحة الإرهاب والحماية ضد العمليات الإرهابية بصفة خاصة يجب أن تكون مصونة من الاختراق، فمثلاً جهاز المباحث في مصر أفضل له أن يتكون من خمسة آلاف ضابط مضمون الولاء من أن يتكون من عشرين ألفاً بهم مجموعة مخترقة الجهاز من الجماعات الإسلامية، لذلك فقواتهم محدودة مُنتقاة، لذلك ستجد الأنظمة تضع أولويات:

أولاً: الحماية الشخصية للعائلات المالكة والأجهزة الرئاسية.

ثانياً: الأجانب.

ثالثاً: البترول والاقتصاد.

رابعاً: أماكن اللذة.

وتركيز الاهتمام والمتابعة على تلك الأهداف يبدأ منه التراخي وخلو الأطراف والمناطق المزدحمة والشعبية من القوات العسكرية أو وجود أعداد من الجند فيها بقيادة هشة وضعيفة القوة غير كافية العدد من الضباط وذلك لأنهم سيضعون الأكفاء لحماية الأهداف الاقتصادية ولحماية الرؤساء والملوك، ومن ثم تكون هذه القوات الكثيرة الأعداد أحياناً الهشة بنياناً سهلة المهاجمة والحصول على ما في أيديها من سلاح بكميات جيدة، وسيشاهد الجماهير كيف يفر الجند لا يلوون على شيء، ومن هنا يبدأ التوحش والفوضى وتبدأ هذه المناطق تعاني من عدم الأمان.. هذا بالإضافة إلى الإنهاك والاستنزاف في مهاجمة باقي الأهداف ومقاومة السلطات.

ولكن ما قلته هنا لا يكفي ليتفهم القراء مسألة البترول دون اعتراضات وشبهات، فعلى القراء مراجعة العناوين التالية في المبحث القادم:

– اعتماد القواعد العسكرية المجربة.

– فهم قواعد اللعبة السياسية للمخالفين والمجاورين والتعامل معها بالسياسة الشرعية.

– الاستقطاب – خاصة الجزء الخاص بالمال والجزء الخاص بالإعلام -.

كذلك فليرجع القراء إلى العناوين التالية من المقالات الملحقة بالبحث:

– مقال [معركة الصبر].

– مقال [الاستقطاب والمال].

– مقال [السنن الكونية بين الأخيار والأغيار].

كل عنوان أو مقال يتناول في جزء منه ما يُجلي هذه النقطة الخاصة بالاقتصاد والبترول في الأذهان وتسهل استيعابها، ويُبين كيفية استهداف تلك القطاعات دون إهدار دماء أو أموال معصومة.

نعود لباقي الخطة.. عند حدوث التوحش: إذا كانت مجموعاتنا قريبة من مكان التوحش أو هناك وسيلة للوصول إليه وهناك عيون وأفراد تدين لنا بالولاء في منطقة التوحش علينا دراسة الوضع ومدى إمكانية نزولنا لإدارة هذا التوحش فإذا تجمعت بعض مجموعات النكاية في كيان واحد ونزلت لتدير منطقة من مناطق التوحش فعليها أن توازن مع مناطق التوحش بجوارها بين التكتل والانتشار بما يُشعر العدو بقدرة على الردع ويُشعره بعدم الاطمئنان، الردع الذي يطول القادة والأتباع فيخوف القادة ويجعل الأتباع تفكر في التحول للانضمام للمجاهدين لتموت على الشهادة بدلاً من أن تموت مع الكافرين الظالمين، هنا قد يجنح العدو للمسالمة – طبعاً بدون اتفاق – ويقنع العدو نفسه بالخطوط الخلفية لحماية الاقتصاد والمال فهو الغرض الذي حشد قواته له.

وبرجوع العدو للخطوط الخلفية ينسحب من مواقع ويزداد الانفراط الأمني والتوحش ويبدأ المجاهدون في استكمال التطور والمتابعة والتدريب والارتقاء لخطوات قادمة وتبدأ سمعة المجاهدين وأسهمهم في الارتفاع.

وكلما رأى العدو هذه الروح لن يكون أمامه إلا الانضمام إلى المجاهدين أو مزيد من الانسحاب وما ينتج عنه من مزيد من التوحش الذي علينا بعد دراسة منطقته والاتصال بطلائعنا فيها التقدم لإدارته.. وهكذا.

فك الاشتباك للخطة السابقة في نقاط محددة:

هذه الخطة تحتاج إلى:

– استراتيجية عسكرية تعمل على تشتيت جهود وقوات العدو وإنهاك واستنزاف قدراته المالية والعسكرية.

– استراتيجية إعلامية تستهدف وتركز على فئتين، فئة الشعوب بحيث تدفع أكبر عدد منهم للانضمام للجهاد والقيام بالدعم الإيجابي والتعاطف السلبي ممن لا يلتحق بالصف، الفئة الثانية جنود العدو أصحاب الرواتب الدنيا لدفعهم إلى الانضمام لصف المجاهدين أو على الأقل الفرار من خدمة العدو.

بعد فترة مناسبة نعمل على:

– تطوير الاستراتيجية العسكرية بما يدفع قوات العدو إلى التقوقع حول الأهداف الاقتصادية لتأمينها.

– تطوير الاستراتيجية الإعلامية بحيث تصل وتستهدف بعمق القيادة الوسطى من جيوش الردة لدفعهم للانضمام للجهاد.

– خطة واستعداد وتدريب لاستغلال نتائج النقاط السابقة – حدوث الفوضى والتوحش -.

– إقامة خطة إعلامية تستهدف في كل هذه المراحل تبريراً عقلياً وشرعياً للعمليات خاصة لفئة الشعوب والخروج من أسر استهداف أفراد الجماعات الإسلامية الأخرى فإنهم يفهمون كل شيء..!! وإنما الشعوب هي الرقم الصعب الذي سيكون ظهرنا ومددنا في المستقبل، على أن يكون في هذه الخطة من الشفافية بل والاعتراف بالخطأ أحياناً ما يكشف أكاذيب وحيل العدو ويرسخ انطباع الصدق عنا عند الشعوب.

– هذه الخطة الإعلامية عندما تواكب مرحلة إدارة التوحش بصفة خاصة هدفها – الذي يجب أن تقوم اللجان الإعلامية بتخصيص من يخطط لها من الآن – هو أن يطير جموع الشعوب إلى المناطق التي نديرها خاصة الشباب عندما يصل إليهم أخبارها بكل شفافية وصدق بما يشمل ما فيها من نقص في الأموال والأنفس والثمرات.

مع ملاحظة أننا عندما نقول أن الشعوب هي الرقم الصعب ليس معناه أننا نعوِّل عليها حركتنا، فنحن نعلم أنه لا يُعوَّل عليها في الجملة بسبب ما أحدث الطواغيت في بنيتها، وأنه لا صلاح للعامة إلا بعد الفتح، ومن لا يستجيب من العوام ومتوقع أن يكونوا هم الكثرة، فدور السياسة الإعلامية الحصول على تعاطفهم، أو تحييدهم على الأقل، ولكننا نُقدر أن لنا في الشعوب – بإذن الله وقدره – مخزوناً للتحرك الفعال، على شرط أن نقوم بما علينا في أساليب استقطاب أخيار هذه الأمة من بين الشعوب، نسأل الله أن يغفر لنا خطايانا لنكون منهم، فعلى فرض أننا نحتاج لمعركتنا الطويلة حتى تنتهي كما نريد – بإذن الله – نصف مليون مجاهد – افتراضاً – فإن إمكانية ضم هذا العدد من أمة المليار أسهل من ضمهم من شباب الحركة الإسلامية الملوث بشبهات مشايخ السوء، فشباب الأمة على ما فيهم من معاصٍ أقرب للفطرة، وخبرات العقود السابقة أثبتت لنا ذلك، أما الأحداث الأخيرة فقد وضح للجميع أن العامي بفطرته تفاعل معها أفضل بمراحل من قعدة الجماعات الإسلامية الذين سلموا دينهم لأحبار ورهبان السوء.

وننبه: أنه أحياناً يغلب على تفكير الذي يصوغ المادة الإعلامية توجيه أغلبها للرد على شبهات مشايخ السوء، حتى وهو يوجه مادة للشعوب، وهذا مطلوب لا شك إلا أنه ينبغي التركيز أكثر على تخيل صحيح لعقلية العوام وما أكثر الأفكار التي تعوقهم عن الالتحاق بصفوف الجهاد، خاصة أن لهم طريقة في التفكير وعاطفة تختلف عن عقلية [المسلكين!!].

نقلا عن الرأي الثالث

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى