صفحات العالم

أصدقاء وأشقاء وأعداء الشعب السوري


فواز العجمي

ما يحدث في الشقيقة سورية الآن من تخبط عشوائي وما يدور حولها من مؤيد ومعارض يعود إلى حالة الأمة العربية بأكملها، فهذه الأمة بدأت تتخبط وتتقزم وتتشرذم وتدور في فلك الآخرين منذ أن غابت عنها الهوية القومية العربية وبدأت تطفو على السطح القُطرية الضيقة وأصبح كل قُطر عربي يتحرك بروح “الأنا” وغابت عنها روح “نحن”، فأصبحنا نسمع الأردن أولاً. أو مصر أولاً ولبنان أولاً.. وهكذا حتى تمزق النسيج القومي العربي.. وهذا يعني أن هذه الأمة فقدت “الاستراتيجية” التي تحدد لها من هي.. ومن هو عدوها الحقيقي.. ومن هو صديقها الحقيقي.. وماذا تريد.. وما هي آمالها وأحلامها.. وما هي آلامها وجراحها، وهل هي أمة عربية واحدة أم أنها “كيانات” طائفية وقومية ومذهبية.

إن فقدان هذه الاستراتيجية العربية انسحب على النظام السوري، فأصبح لا يفرق بين العدو والصديق وبين الصديق والشقيق، مما جعله يتخبط في حلول أزمته الداخلية التي يعيشها الآن، فأصبح هذا النظام يرى بروسيا الصديق الصدوق والأخ الودود وفي الصين أيضاً ويرى في أشقائه العرب العدو اللدود وفي شعبه المطالب بحقوقه في الحرية والعدالة والكرامة عدواً إرهابياً لأنه توقف عن ترديد الهتاف المعهود في الدكتاتوريات العربية.. بالروح.. بالدم.. نفديك يا بشار!!

النظام السوري بدأ يرى في كل أشقائه العرب بلا استثناء أعداء له لأنهم انحازوا إلى مطالب الشعب السوري وبدأ يصب جام غضبه على قُطرين عربيين فقط من بين كل هذه الأقطار العربية الأخرى وهما السعودية وقطر لأن هاتين الدولتين رفعتا صوت الشعب السوري عالياً بوجه هذا النظام وطالبتا بتطبيق الإصلاحات التي أقر النظام السوري بها، بل ان الرئيس بشار الأسد أشار إليها وأنها فوق طاولته منذ عام 2005م.

هؤلاء الأشقاء للشعب السوري طالبوا هذا النظام بسرعة تنفيذ ما آمن وطالب به هذا النظام نفسه واستمرت هذه المطالبة شهوراً عدة لكن هذا النظام لم يستمع ويصغي لأشقائه ولم يقدر لهؤلاء الأشقاء رغبتهم ومحاولاتهم المستمرة علاج الأزمة السورية داخل البيت العربي ورغم خروجه إلى العالم ومجلس الأمن الدولي فإن الأشقاء حرصوا على بقاء هذه الأزمة داخل البيت العربي وأغلقوا جميع الأبواب أمام التدويل عندما رفضوا أي تدخل عسكري أجنبي بالشأن السوري.

لقد حان الوقت للنظام السوري أن يفيق من هذه الغفلة وهذا الضياع وهذا العمى الذي جعله لا يفرق بين العدو والصديق والشقيق ويعلم جيداً أن أشقاءه العرب يبحثون له عن مخرج مشرف يحمي الدم السوري ويحفظ سلامة وأمن واستقرار سورية، ولعل المخرج من هذه الأزمة هو القبول باقتراح سمو أمير دولة قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني بنشر قوات عربية لوقف نزيف الدم السوري وتحقيق الأمن والاستقرار والمحافظة على وحدة واستقلال سورية لأن هذه القوات العربية هي قوات أشقاء والشقيق لن يكون عدواً لشقيقه العربي بل انه سيدافع عن الشعب السوري، كما يدافع عن شعب وطنه لأن الشعب العربي شعب عربي واحد وبهذه الحالة نحمي سورية الشقيقة من أي تدخل أجنبي ونحافظ على الدم السوري ونحرم أعداء سورية وأعداء الأمة العربية من تحقيق مخططاتهم الاستعمارية الحديثة في زرع الفتنة في الأقطار العربية وتمزيق الأقطار العربية وتفتيتها خدمة لمشروع الشرق الأوسط الكبير الذي بدأت الإدارة الأمريكية تنفيذه بالعراق الشقيق، لهذا يجب على النظام السوري أي يراهن على موقف أشقائه العرب بدل المراهنة على مواقف مصالح روسيا والصين التي نخاف من رماديتها لأنها مواقف مصالح آنية سرعان ما تتبدد وتتبخر، أو مواقف إيران لأنها مصالح أيضا آنية، بينما مواقف الأشقاء فهي ثابتة وراسخة.

الشرق القطرية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى