صفحات الناس

«أصوات» سوريّة تروي قصصها من السويد/ رؤوف بكر

 

 

تحفل المأساة السورية بكثير من الروايات التي تبدو كأنها خارجة من الجحيم. وكي تصل أصوات المعذَبين إلى أرجاء العالم ليبقى شاهداً على معاناتهم السيزيفية، أتت فكرة معرض «أصوات» الذي سيقام في متحف الثقافات العالمية بمدينة غوتبورغ السويدية وينطلق في 23 أيلول (سبتمبر) الجاري على أن يستمر حتى خريف 2018. والمعرض، وفق القائمين عليه، خرج من عباءة مشروع «سورية 200» الذي انطلق عبر التلفزيون السويدي الرسمي في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي. وتقوم الفكرة على تقديم تجارب 200 سوري اضطروا للفرار من وطنهم والمجيء إلى السويد، وتروي أسباب مغادرتهم وكيف وصلوا إلى أوروبا، وتصوّر حياتهم في مجتمعهم الجديد. والهدف هو تسليط الضوء على حياة كل فرد باعتبار أن له كينونة خاصة به وليس مجرد رقم مصنف ضمن فئة اللاجئين فحسب.

ومن بين 200 قصة، اختار المتحف 12 لعرضها أمام الزوار خلال معرض «أصوات»، بينما يمكن متابعة القصص الأخرى عبر وسائط مختلفة داخله. وسيتاح محتوى المعرض على موقع الإنترنت بثلاث لغات هي العربية والسويدية والإنكليزية، بينما ستنظَّم على هامشه عروض مختلفة للفن المعاصر لخمسة فنانين سوريين.

وتختلط مشاعر السوريين الذين عرضوا حكاياتهم في «أصوات» بين خائف وحزين ومتفائل وراغبٍ في العودة ومن فقد الأمل في ذلك واكتفى بمشاعر الاشتياق إلى حياته الماضية ولم تسعفه الظروف في أن يحمل ذكرياته معه. وقد لا يكون في إمكان أحد الإجابة عن سؤال: «ماذا يعني أن تترك كل شيء وراءك وتبدأ من الصفر في بلدٍ غريب؟» سوى من عايش التجربة بنفسه بكل ما تحمله من شجون.

ويتذكر فادي (44 عاماً من حمص) كيف خطفته مجموعة مسلحة، ما دفعه إلى التفكير بالرحيل لكي ينقذ أفراد عائلته ويمنحهم مستقبلاً أفضل، وكيف ركب القارب متجهاً من تركيا إلى اليونان في عتمة الليل. ويقول: «لا أحد يستطيع العيش في بلاد بلا قوانين».

أما دلال (20 عاماً من حماة) فتطمح إلى متابعة دراستها في السويد. وقد دفعتها ظروف الحرب، كغيرها من السوريين، إلى الرحيل بعدما أضحى الذهاب إلى المدرسة أمراً محفوفاً بالأخطار، لكنها مع ذلك تعبّر عن اشتياقها إلى الناس وكل ما يمت بصلة إلى تفاصيل الحياة في سورية.

ولا يبدو عبدالله (18 عاماً من ريف دمشق) سعيداً في متستقَرّه الجديد في ظل عدم تمكنه من التعرف إلى أصدقاء سويديين، على رغم أنه يؤكد في الوقت ذاته أن العودة ليست خياراً. ويروي كيف نام في خيمة بالعراء وفي القطارات وسط البرد القارس. ويتحدث عن رغبته في مواصلة التحصيل العلمي.

من جهة أخرى، تتحدث رهام (30 عاماً من دمشق) عن خسارتها عملها في شركة بريطانية تعمل في سورية ونجت من الموت بأعجوبة قبل أن تفر في قارب صيد سمك رائحته كريهة مع 300 آخرين إلى إيطاليا. واليوم، تعمل وتعيش في مدينة غوتبورغ (جنوب غربي السويد) التي تصفها بأنها «دمشقي الجديدة».

ومن المؤكد أن المعرض سيشكل مناسبة فريدة لتقديم نماذج حية لأناس خسروا حيواتهم واستعادوها وإن جزئياً في السويد. كما سيوفر فرصة نادرة لرجل الشارع السويدي لكي يطلع عن كثب على الكوارث الإنسانية التي خلفتها الحرب في سورية. ويعتبر متحف الثقافات العالمية جزءاً من مجموعة المتاحف الوطنية للثقافات العالمية التابعة للحكومة السويدية، وتديرها وزارة الثقافة، ويشدد على نشر الابتكار والتفاعل والانفتاح والأمل والحوار.

الحياة

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى