خورشيد دليصفحات سورية

أنان في سباق مع الزمن


خورشيد دلي

قبل أقل من أسبوع على موعد تقديم المبعوث الدولي والعربي كوفي أنان تقريره النهائي بشأن الأزمة السورية ثمة قناعة عامة بأن خطته المعروفة بنقاطها الست فشلت، إذ أنها لم تنجح وبعد ثلاثة أشهر من العمل بها في تطبيق بندها الأول، أي وقف العنف.

بداية، ينبغي القول ان مسؤولية هذا الفشل لا تقع على عاتق أنان وخطته بقدر ما تقع على عاتق المجتمع الدولي من جهة وأطراف الأزمة السورية من جهة ثانية، فعلى المستوى الدولي ثمة حرب روسية – غربية منعت من التوصل إلى مخرج للأزمة، فالفيتو الروسي في مجلس الأمن منع منح شرعية دولية للفصل السابع وفي الوقت نفسه برر التقاعس الغربي المدروس! فيما جاء الموقف الغربي ليعطل المبادرات الروسية بحوار بين أطراف الأزمة السورية. وانطلاقا من الكباش الدولي هذا، واصل النظام السوري نهجه الأمني، وبموازاة ذلك اتجهت المجموعات المسلحة للمعارضة إلى المزيد من العسكرة للحراك السياسي والشعبي ضد النظام بغض النظر عن المبررات والظروف، وعليه مآل أو مصير خطة أنان يعكس هذا الواقع المر للأزمة السورية.     أنان- الدبلوماسي الرفيع – وفي مواجهة هذا الوقع المر والصعب، يدرك ان ثمة وقت مستقطع لبقاء الأزمة دون حسم أو حل، وهو بحسه الدبلوماسي هذا أراد أن يدخل من الثقوب الموجودة ليعطي دما جديدا لخطته ولو خارج التفويض الممنوح له دوليا وعربيا، فبدا وكأنه انتقل من خطة محددة إلى ما يشبه البحث عن جهد سياسي لحل الأزمة، فكان اعلانه في دمشق عن اتفاق مع الرئيس السوري بشار الأسد بشأن وقف العنف وتعيين مفوض للحوار مع المعارضة المسلحة دون المزيد من التفاصيل، فيما جاء اعتراف النظام السوري بالمعارضة المسلحة وللمرة الأولى إقرارا بالواقع الميداني بعدما كان يصف هذه الجماعات بالإرهابية والقاعدة والعصابات.

ومن دمشق طار أنان إلى طهران حليفة دمشق ومن ثم بغداد، ليعلن لاحقا عن استعداد العاصمتين للمساهمة في حل سياسي للأزمة السورية، والمقصود بالحل السياسي هنا ما نتج عن مؤتمر جنيف من اتفاق على مرحلة انتقالية ولكن بصيغ غامضة، أدت لاحقا إلى تفسيرات مختلفة من قبل المشاركين بشأن مصير النظام السوري، على نحو هل سيكون النظام طرفا في المرحلة الانتقالية أم ان التغيير سيدفعه خارجا ؟

جهود أنان هذه، تزامنت مع المشروع الجديد الذي قدمته موسكو إلى مجلس الأمن الدولي، والذي من أبرز بنوده : وقف أعمال العنف بشكل فوري، توفير المزيد من الدعم لخطة أنان، التمديد لبعثة المراقبة الدولية لمدة ثلاثة أشهر، هذه البنود تبدو وكأنها دعم إضافي لتحرك أنان الذي يستمد مشروعيته من استثمار عامل الوقت في ظل غياب توافق دولي. فالروس والإيرانيون لا يقبلون مخرجا للأزمة دون النظام السوري بغض النظر عن الأسماء فيما بات من الواضح ان الغرب ومعه العديد من الدول العربية والإقليمية ( السعودية، قطر، تركيا ) وكذلك المجلس الوطني السوري والجيش الحر .. يريدون حلا دون النظام.   هذا الواقع المؤلم للأزمة السورية، يبقي الوضع على الأرض أمام تطورات ميدانية عاصفة، قوامها المزيد من القتل والدمار والخراب، وعلى المستوى السياسي يوفر فرصة زمنية أخرى لخطة انان على شكل تطوير خطته سياسيا في ظل غياب خطة أخرى أو مخرج للأزمة، فرصة تضع أنان في سباق مع الزمن لاستثمار الوقت المتاح قبل أن تصبح الأزمة تحت الفصل السابع أو تقلب التطورات الميدانية المعادلات السابقة لصالحها.

ايلاف

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى