صفحات الناس

“أنا عايش”… صرخة أطفال الغوطة الشرقية من وسط الركام

 

 

 

دمشق- رنا جاموس- محمد مستو: من وسط ركام الغوطة الشرقية، التي تتعرض للقصف لليوم الثاني عشر، يخرج صوت أطفالها المحاصرين منذ 5 سنوات، من قبل قوات النظام السوري.

فقد أطلق ناشطون في الغوطة الشرقية، حملة على مواقع التواصل الاجتماعي، بوسم (هاشتاج) “أنا عايش” (أنا ما زلت أعيش)، لإيصال صوتهم إلى العالم.

ومع الوسم، نشر الناشطون صورا لهم وللأطفال، يرفعون فيها أيديهم اليمنى للأعلى، في إشارة إلى أنهم ما يزالون أحياءً بعد القصف الذي تتعرض غوطة دمشق له.

وعلى الرغم من كل الدمار الذي طال شوارعها وأنحائها، فإن البحث عن الحياة والأمل مازال موجودا.

فمشاهد الحركة والمشي على الأقدام والدراجات للناس في الغوطة الشرقية، تقول للعالم بصوت مكلوم “أنا عايش”.

ولقيت الحملة تفاعلاً واسعاَ على مواقع التواصل الاجتماعي في داخل الغوطة وخارجها.

ويكتب الناشطون تحت صورهم التي نشروها: “إذا أردت أن تقف معنا صور نفسك كما أنا صورت نفسي، وانشر صورتك واكتب انا أقف معكم”.

ويطالب هؤلاء، من ينوي الانضمام إلى حملتهم، بدعوة العالم للوقوف مع الغوطة الشرقية وأطفالها.

ويؤكد عدد من الأطفال الذين التقهم “الأناضول” في الغوطة، أن اشتراكهم في حملة “أنا عايش” تأتي على الرغم من كل الظروف القاسية التي يعيشونها.

الطفل “يمان” يقول: “الحمد لله أنا عايش”. ويرفع يده اليمنى تضامنا مع الحملة، ويتابع: “رغم القصف والدمار أنا عايش”.

ويتهم النظام السوري، بـ”الكذب” إذ يقول: “زعموا أن هناك هدنة. أي هدنة هذه؟”.

ويتابع: “قصفونا في فترة من المفترض أن تكون خلالها الهدنة سارية. لقد قتلونا”.

“قتلنا الجوع، فنحن نستيقط على هم وننام على آخر، والقصف مستمر طول الوقت”، يضيف الطفل “يمان”.

أما الطفل “بسام” فيقول: “مازلنا عايشين.. القصف مستمر علينا. لقد تعبنا. نحن نعيش في قلة وجوع″.

من جهته يعبر الطفل “أحمد” عن تضامنه مع الحملة: “نحن عايشين بخير، لكن في خوف مستمر بسبب القصف. انظر إلى الدمار هنا إنه كبير جدا”.

في حين يقول الطفل “سالم”: “لسه (مازلنا) عايشين بالغوطة، والحمد لله صامدين”.

ويتابع “نحن خائفون من القصف، ونعيش حياتنا في الأقبية، ونعاني الجوع″.

ويقف الطفل “عبد القيوم”، والابتسامة على محياه، قائلا: “قصفتني الطائرة وأنا أعمل على بسطة (عربة) للبيع، لكن الحمد لله لساتني عايش”.

وتأتي هذه الحملة، في وقت أظهر فيه تقرير للدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء) في الغوطة الشرقية، اليوم الجمعة، مقتل 666 شخصا بينهم 127 طفلًا، و95 امرأة، في الفترة الممتدة ما بين 19 و28 فبراير/ شباط الماضي، جراء هجمات نظام الأسد وروسيا.

وأشار التقرير إلى إصابة ألفين و278 شخصًا جراء الهجمات بينهم 658 طفلًا، و540 امرأة و7 من موظفي الدفاع المدني في الفترة ذاتها.

والسبت الماضي، أقر مجلس الأمن، القرار 2401، الذي طالب جميع الأطراف بوقف الأعمال العسكرية لمدة 30 يومًا على الأقل في سوريا، ورفع الحصار المفروض من قبل قوات النظام عن الغوطة الشرقية والمناطق الأخرى المأهولة بالسكان.

والغوطة الشرقية هي آخر معقل كبير للمعارضة قرب دمشق، وإحدى مناطق “خفض التوتر”، التي تمّ الاتفاق عليها في محادثات العاصمة الكازاخية أستانة عام 2017.

وتتعرّض الغوطة، التي يقطنها نحو 400 ألف مدني، منذ أيام لحملة عسكرية تعتبر الأشرس من قبل النظام السوري.

القدس العربي

بأي ذنب يُقصف أطفال الغوطة؟

يعيش عشرات آلاف الأطفال في الغوطة الشرقية للعاصمة السورية دمشق تحت الحصار والقصف منذ سنوات، وإن بدت الأيام الأخيرة أكثر صعوبة، بعدما أجبرهم القصف على العيش أياماً في أقبية غير مجهزة، تحوّل بعضها إلى قبور جماعية.

حين تسأل مازن (8 سنوات) عن القصف، يروي  بصوت يحبس غصة، كيف طلب منه والده التوجه إلى القبو مع أمه وأشقائه، فيما بقي في البيت ليجلب لهم بعض الحاجيات، إلا أن غارة جوية قصفت المنزل قبل أن يخرج منه. يضيف أنّ والدته تبكي كثيراً اليوم وتدعو له بالمغفرة. “أدعو الله أن أرى أبي مجدداً”. يتوقّف عن الكلام ويخرج من القبو. بعد الهدنة الأخيرة، بات الأطفال يستطيعون الخروج من القبو لبعض الوقت يومياً.

من جهته، يقول أحمد (9 سنوات) : “عندما نسمع صوت الطائرة أو يبدأ القصف، نركض إلى القبو وأجلس مع جدتي وأمي وأشقائي نستغفر الله وندعوه أن يرحمنا ويحمينا”. يضيف: “لم نفعل شيئاً لنقصف، لكنهم يريدون قتلنا”. على مقربة منه، يقف طفل من عمره تقريباً، يقول: “حياتنا قهر وذل وطيران حربي في السماء فقط لا غير”، قبل أن يبتعد مسرعاً. أما زكي (11 عاماً)، فيقول : “كل يوم رعب وخوف وقصف”، لافتاً إلى أن “في القبو حيث نعيش، جلب ثلاثة شبان لوحاً لتعليمنا القرآن. في إحدى المرات، وزعوا علينا البسكويت وكان طعمه لذيذاً”.

عائشة (7 سنوات)، تخبر أنها وعائلتها تعيش في قبو وتخاف من الطائرة. وتردّد، حالها حال كثيرين: “يا لطيف”، بينما والدتها تقرأ القرآن. أما شادي (8 سنوات)، فيروي  كيف جاءت الطائرة، محدّداً موقعها في السماء، وكيف ركض مع والدته وشقيقته إلى القبو، إلا أن القصف أدّى إلى مقتل كثيرين. يقول: “راح أناس كثيرون”، وهو ينظر إلى مكان القصف وكأنه ما زال يرى جثث القتلى أمامه.

مأمون (10 سنوات)، يقول : “استشهد عمّي تحت أنقاض هذا البيت، حين سقط صاروخ على مقربة من باب القبو الذي كنا نجلس فيه، ما أدى إلى إصابة نصف عدد الأشخاص في القبو”. كان يستغفر الله، فسألناه عن السبب ليجيب: “حتى يحمينا الله. كما أن الكل يستغفر”. من جهته، يقول زهير، الذي بدا أصغر من مأمون ببضع سنوات : “بقينا في القبو أكثر من أسبوع. ما من طعام. يومياً، تخبرني أمي بأن رجلاً سيجلب لنا الطعام لكنه لا يأتي، وأنا جائع”.

إلى هؤلاء، يحكي عدنان (9 سنوات) عن الطائرات الحربية والمروحيات التي كانت تقصف منطقته السكنية، والبراميل المتفجرة، وكيف كان يرى كتلاً من النار تسقط من الطائرة. ويذكر أنه رأى جثة رجل متفحمة، وسمع آخرين يرددون أنه “مجهول الهوية”.

أما بشرى (8 سنوات)، فتقول : “أكره القصف لأنه يؤدي إلى موتنا، ويجبرنا على النزول إلى القبو المعتم المليء بالغبار. لا أستطيع التنفس، وأشعر بأنني سأموت”. تضيف: “القبو بارد كثيراً وليس فيه طعام. أشتهي تناول رغيف خبز ساخن”. من جهته، يقول صالح (7 سنوات)  إنّه “بسبب البرد الشديد في القبو، أذهب مرات عدة إلى المرحاض في الطابق العلوي، وهذا أمر مرعب. أتمنى أن يتوقف القصف ونترك القبو”. ويسأل: “ماذا فعلنا حتى يقصفنا النظام ويقتلنا؟ أرغب في اللعب في الشارع من دون خوف، وأعود إلى بيتنا”. يشتهي رغيف خبز مع مياه وسكر. في الوقت الحالي، بالكاد يتناول بعض البقوليات والأرز والبرغل.

في السياق، يقول المحاصر في الغوطة الشرقية، وأحد كوادر الدفاع المدني فيها، أبو بشير دغمش، : “الرغيف لدى ابن الغوطة بات رفاهية كونه غير متوفر. في صغرنا، كنا ننتظر الشوكولاتة والبسكويت والعصائر، إلا أن طفل الغوطة لا يعرف هذه الأشياء، وقد تشعر أنه بات أكبر من عمره”. يضيف: “كان أبنائي يلعبون لعبة اسمها فرد وسكين، بينما كنا نلعب جوز وفر. صرنا نخشى على أطفالنا من هذه الأفكار. وخلال ساعات الهدنة، تجد الأطفال يلعبون بالحجارة، فيما يجمع آخرون أكياس النايلون وبعض الأقمشة ويحوّلونها إلى كرة”.

ويلفت دغمش إلى أن عائلته اختارت عدم النزول إلى القبو لأنه لا يصلح للعيش، عدا عن الازدحام في داخله، واصفاً إياه بـ”القبر الجماعي”. بقي في بيته، وحين يسمع صوت الطائرة، يهرول وباقي أفراد العائلة إلى الممر الداخلي أو المرحاض، مبتعدين عن الغرف المطلة على الشارع، والتي يُرجّح أن يطاولها القذائف. ويُبيّن أن أطفاله “مثل جميع أطفال الغوطة، يتناقشون حول نوع الطائرة التي تقصف أو أنواع القذائف، ويحاولون معرفة مكان القصف من دوي الانفجار”. يضيف: “اعتادوا الدعاء والاستغفار كلما اشتد القصف، فلا حول لهم ولا قوة”.

لا طعام ولا تعليم

يقول الناشط في الغوطة الشرقية براء أبو يحيى إنّ “وضع الأطفال مزرٍ في الغوطة الشرقية. هم محرومون من أبسط حقوقهم في اللعب. في القبو، يُطلب منهم عدم الحركة، ما يزيد من الضغط عليهم، في حين لا يملكون ألعاباً والطعام غير متوفر”. يلفت إلى أن “التعليم توقف من جراء القصف، وقد مرّت عشرة أيام من دون أن يروا ضوء الشمس.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى