صفحات الثقافة

أنحازُ إلى الشُّعوب في حِراكِها السِّلميِّ


زليخة أبو ريشة

لا أستطيع تحت أي مسمّىً أن أصمت عن مؤازرة شعبٍ يتحرَّك باتجاه قِيَمِ العدالة أو المساواة أو الحرية.. فهذا حِراك ليس مشروعاً فحسب، بل ضروريٌّ وجوهريٌّ لمعنى الحياة ذاتها. إذ كيف تستحكمُ الأنظمةُ أن تفرضَ وصايتَها على عقول البشر، وعلى مقاديرهم: سياسةً واقتصاداً واجتماعاً وتعليماً وإدارةً، ليزدادَ جشعها في التخريبِ والاستغلالِ والسَّيطرة والفساد أشكالاً وألواناً، من دون أن تتصوَّرَ أو تتخيَّل، مجرَّدَ خيالٍ شاحبٍ أو متردِّدٍ، أن من حقِّ هذه الشعوبِ أن تختارَ وتعبِّرَ وتتمشّى في الحرية كسائر البشر؟ وتلك الأنظمة، مِنَ التي سقطت على شعوبها من على دبّابة الانقلابِ، أو تسلَّلت إلى السلطة في براشوت الإصلاح والخروجِ على الديكتاتور (بن علي)، أو من بابِ الاغتيالِ والغباء والعناد (مبارك)، أو التوريث، كيف بالله إذا ارتضت أخلاقُها وفسادُها وطغيانُها أن تستغلَّ وتستغلَّ وتستغلَّ، لا ينبئها (ذكاؤها) أن تتعامل مع تنبُّه شعوبها ووعيها بحنكةٍ ليس منها البطشُ؟ كيف يفوتُها أن تقرأ درس التاريخ الذي من يعانده ينكسر؟ ولا تتعلَّمُ مما يجري إلا أغبى الدروس وأكثرها دمويَّةً؟ من ينصحُ هذه الأنظمة أن البطشَ يلقِّنُ الشعوبَ درساً لا تجد بعده اعوجاجاً أبداً ويضعها على سراطِ الطاعةِ والانصياعِ للأمر؟؟

عجبي لا ينتهي من أنظمةٍ تتشقَّقُ أشداقُها وهي تعِدُ بالإصلاح، بينما الإصلاحُ على رمية حجرٍ في عقر دارها، ولا يحتاجُ إلى عبقريَّةٍ للاقتصاصِ من التعلُّلِ والتحجُّجِ والتراخي، وكأنَّ الغضب يمكن تأجيله، أو كأنَّ الموتَ على ظلالِ الكرامةِ يمكنُ أن يفسَّرَ بالريبةِ؟

قولوا باللهِ لهذه الأنظمةِ أن تستعمل مخَّها، لا ذاك الشريرَ والفهلويَّ.. أن تكفَّ عن التجاسرِ على الحقائق البسيطةِ والزجِّ بها تحتَ مسمى العقل الكليِّ القدرةِ و(التآمر الخارجيّ)، و(المندسين) و(الأيدي الخفيَّة)، مفترضةً أنَّ الشعوبَ غبيةٌ، والتاريخَ أغبى!! فبعد معاركَ – مهما طالت – سينخلعُ الظالمُ والمتبجِّحُ والطّاغيةُ مثل قدَرٍ، مطروداً من الأملِ، ومن الخروجِ الآمن، ومن مساندة الحلفاء، ومن احترامِ الشعوب!

سنقول لهذه الأنظمة المتبجِّحة بالأمن والأمان المخادعَيْن، أوالعروبة الكاذبة، والبطولات المزيَّفة، أو التي لها تاريخٌ في أنهار الدم وآلاتِ التعذيب، إن شعوبك ستنتصرُ كما قرَّر التاريخ لسواها من قبلُ، ولتلك التي نراها بالحراكِ السلميِّ تسيرُعلى طريق الحرية.

دعونا لا نفقد الأمل…..

الغد

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى