إيّاد العبداللهصفحات الرأي

أهل الجهاد: أمانة السماء، خلافة الأرض!/ إياد العبدالله

 

 

في كتابه رسالة في اللاهوت والسياسة، تناول الفيلسوف الهولندي سبينوزا1 بعض أصول الثيوقراطية المتضمنة في «التفكير اليهودي» آنذاك، فيذهب، على سبيل المثال لا الحصر، إلى أن خروج اليهود من مصر لم يكن دافعه الرغبة بالتحرّر وإنما الخضوع للأمر الإلهي، وأن هذا الخضوع ذاته كان وراء انسحابهم من التفكير بمجتمعاتهم وتنظيم أمور حياتهم، وترْك الأمر برمّته للإرادة الإلهية وتقريراتها. وهو ما يعني أن حاكمية الله لم تكتفِ بالسلطة، بل امتدّت لتطال كل تفصيل في حياة الناس تقريباً، وستغدو كل سلطة أو تشريع لا يراعي التشريع الإلهي اعتداءً على الإله وحاكميته. ما قاله سبينوزا يكاد ينطبق على أهل الجهاد الحاضرين، الآن، على الأرض السورية: ثمة شريعة إلهية قالت كل شيء وانتهى الأمر، وكل ما يخرج عنها أو ما هو مستحدث ما هو إلا بِدعة، و«كل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار»، حسب حديث أثير للنبي يشدد عليه الجهاديون الغرباء عن هذا الزمان الرازح تحت وزر الجاهلية. وفق ذلك فإن كلاً من الحداثة والتحديث والقانون الوضعي وأنظمة الحكم، حتى التي تربّع على عرشها إسلاميون كما في تركيا ومصر قبل انقلاب تموز 2013؛ والأحزاب وقيم الديمقراطية والمواطنة والمدرسة والتعليم الحديثان… الخ؛ كل هذه بِدَع دخيلة وافدة من بلاد الكفّار الصليبيين واليهود، وبالتالي فإن «اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم»2 كما يقرّر العالِم السلفي ابن تيمية، ولا يَصلُح حال هذه الأمة إلا بما صَلُح به أولها، كما يقول فقيه السلَف مالك بن أنس.

الجهادية هذه مرتاحة ومطمئنة حيال عندياتها، بل هي تحسبها حقائق ناجزة وخالدة ومن بداهات العقل والوجود ولا يستوي تفكير أو حياة من دونها. بل تصل حِدّة هذيانها اليقيني إلى درجة مثيرة حين تعتبر أن الآخرين\الكفار يعرفون أين الحق والصواب، ولكنهم يُنكرونه! وهذا مصدر مؤامراتهم التي لا تنتهي على الإسلام والمسلمين. العنف الذي يولّده هذا اليقين نكاد نلحظه على جميع المستويات، بدءاً من الخطاب ذاته، سواء وهو يشرح شرعيته أو يسمي أعداءه أو وهو يرسم غاياته ومراميه المنشودة، وصولاً إلى الأعمال التي تبرّر نفسها استناداً إلى هذا الخطاب.

وربما يتيح لنا ذلك التكلم عن عنف مبدئي متضمّن في الجهادية، من دون أن يلغي هذا المقاربات الذاهبة إلى بيان دور عنف الأنظمة أو العالم في تبلور هذا الخطاب وتطرفه. ولقد عرف العالم الحديث العديد من الأيديولوجيات التي تضمنت مثل هذا العنف المبدئي في خطابها أولاً، وفي ممارساتها تالياً، كالشيوعية والفاشية مثلاً.

لا ينشغل الجهاديون بالتنظير للسياسي ومؤسساته وآلياته الذي يُفترض أن يتضمّنها مشروعهم الساعي إلى إقامة الدولة الإسلامية وتحكيم الشريعة؛ يتم التعامل مع هذا المستوى وكأنه تحصيل حاصل، وبديهي يستقي ملامحه من التجربة الذهبية التي شيّدها المسلمون الأوائل. أكثر ما ينشغل به الإسلاميون هم الأعداء. ثمة شرّ أصيل قابع في كل ما هو خارج عنهم وعن تصوّراتهم، وكل الوسائل مباحة من أجل القضاء عليه وتحقيق الهدف العظيم. يتم مسخ السياسة إلى فعالية لكسب السلطة وحسب، مرة واحدة وإلى الأبد، واستناداً إلى منطق الحق الإلهي. «السياسي» بوصفه تلك الفعالية التي تطال بناء الحياة المشتركة والحفاظ عليها عبر مؤسسات وفعاليات وأدوات تتوسل الاجتماع والسياسة والاقتصاد والثقافة لبناء الجماعة التاريخية (الوطنية في الدولة الحديثة) ثم الحفاظ عليها وعلى ذاكرتها، هذا كله غائب، بل ومستهجن عند هذه الجهاديات المقاتلة. البنيان الذي يسعى الجهاديون لتشييده لا يحتمل السياسة ويكفّرها ويعتبرها فعالية معتدية على التوحيد والشرع الإلهيَّين، ولا سيما أن «الإلهي» فيه كل شيء. السياسة فَعَالية طاغوتية، والحرب موضوعة في أصل المشروع الجهادي، وحاضرة في جميع تصوّراته، فالجهاد كما بشّر النبي قائم إلى قيام الساعة!

أمة الله!

1

ثمة حديث عن الرسول، ذكره ابن حنبل، يحدد فيه الأطوار التي ستمر بها دنيا المسلمين على صعيد الحكم والسلطة حتى قيام الساعة. الحديث يقول: «تكون النبوة فيكم ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة، فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون ملكاً عاضاً، فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة»3.

أحاديث كثيرة مروية عن النبي، تنشغل في رصد المستقبل ومراحله ومآلاته، من الصعب استحضارها في بحثنا هنا، لذلك سنكتفي بذكر بعضها مما ورد في مجمع الزوائد، وهي أحاديث، كما سنرى، لا تتفق فيما تقوله أو تتنبأ به. بخلاف الحديث آنف الذكر، نجد سيناريو آخر يذهب في طريق آخر، حيث يرد فيه: «إنه بدأ هذا الأمر نبوةً ورحمة، ثم كائنٌ خلافةً ورحمة، ثم كائنٌ ملكاً عضوضاً، ثم كائنٌ عتوّاً وجبرية وفساداً في الأمة، يستحلّون الحرير والخمر والفساد، يُنصرون على ذلك ويُرزقون أبداً، حتى يلقوا الله عز وجل»4. الخاتمة ذاتها يقف عندها حديث آخر منسوب إلى أبي عبيدة بن الجراح، عن النبي أنه قال: «إن فيكم النبوة، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة، ثم تكون ملكاً وجبرية»5. وفي حديث لابن عباس عن الرسول، نجد الأمر يسير على هذا النحو: «أول هذا الأمر نبوة ورحمة، ثم يكون خلافةً ورحمة، ثم يكون ملكاً ورحمة، ثم يكون إمارة ورحمة، ثم يتكادمون عليها تكادم الحمير، فعليكم بالجهاد، وإن أفضل جهادكم الرباط، وإن أفضل رباطكم عسقلان»6. وبعد أن تكون الإمارة بعد الملك في حديث ابن عباس، نجد الأمر معكوساً في حديث آخر مع تقرير آخر لخواتيم الأمور، يرويه الطبراني على هذا النحو: «سيكون من بعدي خلفاء، ومن بعد الخلفاء أمراء، ومن بعد الأمراء ملوك، ومن بعد الملوك جبابرة، ثم يخرج رجل من أهل بيتي يملأ الأرض عدلاً كما مُلئت جوراً…» الخ7. ويختم الحافظ نور الدين هذا الباب من مجمعه بحديث يغرّد لوحده خارج التحقيبات السابقة، يقرر فيه النبي: «ثلاثون نبوة وملك، ثلاثون جبروت، وما وراء ذلك لا خير فيه»8.

يكاد لا يخلو أي اعتقاد ديني من مثل هذه المرويات عن العالم وشكل نهايته، والإتيان على ذكرها في بحثنا هذا تكمن دوافعه في بيان حضورها واستعمالها في زمن الثورات العربية مؤخراً من قبل الجهاديين الجدد. في السياق السوري، تكتسب مثل هذه الروايات حضوراً خاصاً، ولا سيما مع التطييف الذي أخذ يميز جانباً لا بأس به من الصراع الحاصل على الأرض السورية، بعد بروز جهادية شيعية إلى جانب جهادية سنية عتيقة على هذه الأرض، بالإضافة إلى مرويات أخرى نجدها عند العلويين خصوصاً، والدروز أيضاً. بالنسبة للجهادية الشيعية، أصبحنا نقع على تعبيرات تفيد بأن ما يحصل الآن من حرب بين «الحق والباطل» هو من علامات قرب ظهور المهدي، وتأتي بعض اللطميات والأناشيد الطقوسية على ذكر بعض المناطق التي تبدو حاضرة في روايات نهاية العالم المعتمدة عند جماعات تنتمي تاريخياً ودينياً إلى الشجرة الشيعية، كدرعا وحرستا مثلاً.

عند العلويين ثمة رواية منسوبة إلى الجفر9، وهو غالباً كتاب لا وجود له ولا سيما أنهم لا يعترفون بهذا الكتاب الذي يحمل نفس الاسم ويباع في المكتبات؛ ملخص هذه الرواية أن «عائلة علوية ستصل إلى حكم سوريا وستبقى في الحكم أربعين عاماً ستنتهي بحرب ضد العلويين، وتسيل الدماء في الأرض، ليظهر بعد ذلك المهدي المنتظر»10.

وبالعودة إلى ما بدأنا به، تشكل هذه المرويات وأمثالها، المتناثرة في كتب الحديث والصحاح، المرجعية التي يستند إليها الجهاديون السنّة في تثبيت روايتهم عن العالم ومستقبله. وكأي قراءة أيديولوجية، لا ينشغل الجهاديون بالتناقضات العامرة في هذه الأحاديث، أو في مدى تطابق التاريخ اللاحق لوفاة النبي مع ما تنبأ به من مراحل وأحداث، ورغم أنهم يُقرّون بصحة الكثير من هذه الأحاديث بعد أن تثبت علماء الأمة الكبار من صحتها ومن أن رواتها رجال ثِقات، إلا أنهم يقومون بانتقاء ما يفيدهم في تحصين معركتهم القائمة الآن وإضفاء نوع من الشرعية والقدسية الإلهية عليها، بحيث تغدو هذه المعركة تكليفاً من الله وتنفيذاً لمخطط إلهي وعد الله فيه المؤمنين بأن يرثوا الأرض وما عليها. وفق هذا سيحتل الحديث الذي رواه ابن حنبل موقع الصدارة في الرواية الجهادية11، فنحن الآن في مرحلة الملك الجبري التي بقيت ما شاء الله، وقد أذن الله الآن بزوالها لإقامة دولة الخلافة على منهاج النبوة، والتي لا مرحلة بعدها وستبقى حتى قيام الساعة.

2

إذا كانت الحتمية التقدمية كما أظهرتها الماركسية في نسختها الستالينية –والتي رأت أن التاريخ يسير نحو نهاية يقف عندها وهي الشيوعية– تستند إلى قدَرية تاريخية تدّعي أنها عارفة بقوانين التاريخ الصارمة وقابضة عليها؛ فإن الحتمية الجهادية في آخر طبعة لها تستند إلى قدرية إلهية لا تخرج عن سنن كونية ومخطط إلهي صارم وعد الله في نهايته المؤمنين بالسيادة. وكما كان للحزب اللينيني –حزب «ما العمل؟»– ضرورة يحتاجها التاريخ بوصفه أداته الواعية في ترجمة قوانينه وصياغتها، يظهر الجهاديون الجدد وكأنهم أداة الله الواعية التي تجسّد تدخلّه في هذا العالم في سبيل تحقيق وعده.

في تعليقه على ما استجد في دنيا العرب من ثورات، يعلق الشيخ الجهادي أبو عبيدة عبد الله العدم12 قائلاً: «لقد اعتقدت في يوم من الأيام أن قيام الدولة الإسلامية يحتاج إلى عشرات السنين بل ذهب شيخنا أبو مصعب السوري13 فك الله أسره إلى أنها تحتاج إلى خمسين سنة على أقل تقدير نظراً للحالة المزرية التي تحياها الشعوب المسلمة وتسلط العدو الخارجي والداخلي عليها (…) والذي أعتقده الساعة أن الله قد اطلع على ضعفنا وعجزنا وقلة حيلتنا فأذن بالتغيير من عنده سبحانه وتعالى بجند لم يكن لأحد أن يتصور بعد هذه السنين من التدجين أن يقوم لهم قائم»14. وهذه الجند لن تكون إلا الشعوب العربية، المدجنة، والتي لا معنى لأن يكون قهرها وتفقيرها والنيل من كرامتها من قبل أنظمة الطغيان سبباً لهذه الثورات، فلا شيء يتحرك في هذا العالم إلا بإذن الله. يقول الشيخ العدم: «إن هذا التغيير الإلهي في المنطقة العربية والذي تحقق بحركة الشعوب التي جرت وفق السنن الكونية التي أودعها الله سبحانه وتعالى هذا الكون –والتي لا تحابي أحداً– إنما هو بإذن الله بداية النهاية للملك والحكم الجبري المتسلط على رقاب المسلمين منذ عشرات السنين، والذي نرجو أن يتبعه بعون الله خلافة على منهاج النبوة كما بشر بذلك الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح الذي رواه الإمام أحمد وغيره…»15. وهكذا فإن المفردات التي تحيل إلى الوعد الإلهي، وما يترتب عليه من تكليف وتدخل إلهيين أيضاً، تكاد لا تفارق جميع الأدبيات الجهادية، ولاسيما بعد قيام الثورات العربية. لقد توسل الاستبداد العروبي الذي يطمح أهل الجهاد إلى وراثته بعروبة تهجس بالهوية ومدججة بجرح نرجسي ومشاعر الغبن والخديعة التي صَحَت عليها على وقْع مدافع الجنرال الفرنسي غورو وهي تدكّ دولتها العربية الأولى في دمشق، وهو ما سيدعم من تهويمات المؤامرة في حوليات عروبية قادمة سترفع الاستعمار إلى موقع يجعله أصل الشرور جميعها. وصول هذه العروبة إلى السلطة، على يد العسكر الذين سيُحيلون شعاراتها إلى برنامج للحكم، لن يقف عند حدّ عسكرة الدولة والمجتمع عبر وضع الحرب كأصل للدولة، ليقتصر دور المجتمع على دعمها في معركة المصير؛ بل ستطال العسكرة حتى العروبة نفسها عبر قراءة الماضي نضالياً، بمفردات الصمود والانتصار والمؤامرة ثم ووضعه ضمن ديالكتيك يُفضي بدوره إلى مستقبل وحدوي وعروبي (الماضي العربي، المستقبل العربي) تتحقق فيه رسالة الأمة ومبتغاها. معمعان هذه الملحمة لن يكتمل دون وجود الحزب الضرورة ومن ثم القائد الضرورة الذي يقع على عاتقه عبء توصيل الرسالة وصون الأمانة وصناعة النهايات السعيدة، مما يجعله خير ممثّل لكل ما يحمله تاريخ الأمة من قيم وآمال، وامتداداً مشرفاً لعظماء أنجبهم هذا التاريخ، ولطالما استحضرت العروبة المعسكَرة صلاح الدين الأيوبي لما يمكن أن يوفّره من لعب حول رمزية القدس التي أصبح تحريرها شعار العروبة المركزي.

هذا التمثيل التاريخي المزعوم من قبل الاستبداد العروبي يقابله عند جهاديي هذا الزمان تمثيل إلهي لا يقلّ زعماً بل يزيد ويزيد، مع استحضار لفترة الإسلام الأولى واستئثار بشخوصها المؤسسين كالنبي وخلفاءه الراشدين والصحابة، حيث باقي العالم ينوس بين الجاهلية والردّة. أما الملحمة الجهادية التي تترتب على ما سبق يمكن تلخيصها بالتالي: الصراع بين الإيمان والكفر أزلي، وهو بالتالي أبدي حتى قيام الساعة أو يأذن الله بغير ذلك… وإذا كنا نحن أمة المؤمنين، فلا بد أن يكون الآخرون، كل الآخرين، أمة الكفر، فالصراع بين الحق والباطل هو صراع بين أمة الحق وأمة الباطل، ولا يوجد منطقة وسطى ما بين الجنة والنار، إذ الله «يخاطب المؤمنين على أنهم أمة واحدة ويخاطب الكافرين على أنهم أمة واحدة»16. وشارحاً هذه الملحمة، يقول الشيخ أبو أيوب الأنصاري: «الصراع بين الإيمان والكفر طريق قائم متصل منذ ظهور الكفر في تاريخ البشرية، وقد توارث الكفار عقائدهم من جيل إلى جيل، كما توارثوا العداء للإسلام على مرّ العصور، ليستمر التدافع حتى قيام الساعة سنة شرعية وقدرية، كذلك يتوارث المسلمون عقائدهم جيلاً بعد جيل كما توارثوا العداء للكفار على مرّ العصور، وهذا يؤكد استمرارية الحق وكذلك الباطل إلى أن يقضى الله أمراً كان مفعولاً»17. وبتفصيل أكثر يقول: «… فعندما ترتفع راية بني صهيون أو راية الصليب فهذا النصر إنما هو في الحقيقة نصر للشيطان أولاً وأتباعه الكافرين من كل الأمم السابقة على مرّ العصور، فالنصر الذي يحققه أبناء القردة والخنازير وعُبّاد الصليب والمرتدّون إنما هو نصر لقوم هود وعاد وثمود وفرعون وهامان وقتلة الرسل والأنبياء وأبى جهل وأبى لهب وشارون وبوش، وكل من سبق في قائمة أعداء دين الله، بل هو نصر للكفار في الأرض اليوم على اختلاف مِلَلِهم ونِحَلِهم، وكل نصر يحققه أبناء التوحيد إنما هو نصر للرسل والأنبياء والموحّدين على مرّ العصور، فهو نصر لأصحاب الكهف ونصر لأصحاب الأخدود ونصر لأتباع الرسل والشهداء من كل الأمم المسلمة، بل نصر لكل مسلم على وجه الأرض»18. إلا أن أهل الباطل في هذه الدراما الإلهية ليسوا مخيّرين في أن يكونوا في هذا الموقع المضادّ لأهل الحق، فلا شيء خارج عن تدبير الله وأمره، إنهم صناعة الله ليمتحن بهم من خلَّفهم على الأرض، إنهم «ضحايا» الإرادة الإلهية التي صاغت الملحمة على هذا النحو! «فالمجرمون هم سنّة من سنن الله القدرية التي زرعها في طريق أهل الحق ليقتلعوها بأيديهم، قال تعالى { قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ} ولا شك أن إزالة عقبة المجرمين ونفي خبثهم وإماطة أذاهم من طريق أهل التوحيد لا يمكن أن تزال إلا بقلوب تقية نقية تربت على الإيمان بالله والكفر بالطاغوت… وليس على موائد الديمقراطية العفنية، والوطنية الوثنية، وما شابهها من الأنداد لرب العباد»19.

3

 

هذا الصراع محكوم بالنصر طبعاً، نصر أهل الحق على أهل الباطل، فهذا هو وعد الله الذي ضمَّنه في آياته وبشَّر به رسوله في أحاديثه، وهذا ما طمأن به أبو بكر البغدادي20 أمة الإسلام، وكان وقتها أمير ’دولة العراق الإسلامية‘ وحسب، فقد قال: «أمَّة الإسلام، أمَّتي الغالية، إنَّ النصر والغلبة والتمكين لجند الله وعد رباني، وسنّة إلهية كونية ماضية إلى يوم الدين، مهما وُضعت أمامها العوائق وأُقيمت في وجهها العراقيل، ومهما رصد لها الباطل من قوى النار والحديد، ومهما سخَّر من وسائل الدعاية والافتراء والتزوير، ومهما أعدَّ لها من قوى الحرب والمقاومة»21. إلا أن للنصر درجات، إذ أن «أعلى صور النصر بلا شك هو التمكين لدين الله من خلال دولة، دولة تعلو فيها راية التوحيد، دولة تتحاكم إلى شرع الله في كل كبيرة وصغيرة يتمثل فيها الإسلام واقعاً حياً يمشى على الأرض، يصول ويجول بقوته ويُقلق مضاجع الكافرين، دولة الرحمة بالمؤمنين والاستعلاء والشدّة على الكفر والكافرين، دولة يعيش فيها المسلمون في أمن وأمان في ظل شريعة الله دولة الرابط والوشيجة بين أبناءها هي وشيجة الإيمان لا غيرها، دولة تغزو وتقاتل باسم الله في سبيل الله من كفر بالله (…) فالتمكين لدين الله هدف وغاية لكي يسود شرع الله أرضه وتعلو فيه راية التوحيد خفاقة عالية، وهو وعد الله الذي لا يُخلف الميعاد (…) { يُرِيدُونَ أَن يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} وهي بشارة الرسول الخاتم (ص) حين قال: ثم تكون خلافة على منهاج النبوة»22. ويبدو أن وعد الله بالنصر والتمكين تجسد عبر الإعلان عن قيام ’دولة العراق الإسلامية‘، وهي دولة كما يعرفها الشيخ الأنصاري، بأنها «الامتداد الطبيعي لمسيرة الأنبياء والرسل ودولة الإسلام التي حكمت أكثر من ألف عام، وهي امتداد طبيعي لواقع الحركة الإسلامية الجهادية في القرن الأخير، وقيامها ضرورة شرعية وحتمية وفطرية لتحقيق العبودية الخالصة لله وحده بالحكم بشرعه والجهاد في سبيله، قامت بالله وفى سبيل الله وتحقيقاً لوعد الله»23.

إلا أن هذه النغمة ستتغير إلى حد ما بعد الإعلان عن قيام ’الدولة الإسلامية في العراق والشام‘ (داعش)، إذ لن يكتفي أيديولوجيو هذه الدولة بكونها امتداد «لمسيرة الأنبياء والرسل»، بل ستتم إزاحة هذا إلى الوراء ليبدو وكأن الله قد تدخل بذاته في عالم البشر عبر تأييده ودعمه لداعش. فـ«الدولة الإسلامية في العراق والشام ليست وليدة اللحظة، وليست ضرباً من القول وليست من محدثات الأمور والواقع، بل هي امتداد للتكليف الإلهي للأمة منذ بدأ الوحي، حتى يرث الله الأرض وما عليها. فالمنبع للفكرة والعمل عليها هو الوحي الإلهي، بشقّيه (الكتاب والسنة النبوية المطهرة)، ولا غرابة أن ترفع ’الدولة الإسلامية في العراق والشام‘ شعار ’كتاب يهدي وسيف ينصر‘»24. وهو ما سيدفع الشيخ عبدالله بن عبد الرحمن الشنقيطي إلى تشبيه ولادتها بـ«تسونامي» سيهز العالم أجمع: «فميلاد هذه الدولة قد يكون نقطة فاصلة في التاريخ الحديث، وقد يؤدي إلى تغير في خرائط الدول، وتغير في السياسة، وتغير في الاقتصاد، وتغير في ميزان تفاعل الأديان والأيديولوجيات، وتغير في ميزان القوى العالمية، والقضاء على كل ما حققه الاستعمار من إنجازات، مما يعني أن نتائج الحرب العالمية الثانية قد تتحول إلى مجرد ذكرى!»25. ولهذا فعندما يعبر الشنقيطي عن حيرته حول هذه القوة التي تمتلكها داعش، والتي «استطاعت من خلالها أن تفرض نفسها على عالم يرفضها كله ويحاربها كله» يجيب: «لا شك أنها قوة من الله عز وجل!»26.

التسلل إلى الثورات

1

عندما بدأ الشيخ أيمن الظواهري27 بإصدار سلسلته «رسائل الأمل والبِشر لأهلنا في مصر»28، لم يكن «الربيع العربي» قد بدأ. سؤالان يبدأ بهما الشيخ حلقته الأولى من هذه السلسلة، ربما كان من المرتّب أن يكونا المحور الذي ستدور حوله جميع الحلقات لولا قيام ثورتي تونس ومصر. هذان السؤالان، «الأول هو: ما هو هذا الواقع الذي تعيشه مصر وتعيشه مثلها الكثير من بلدان عالمنا الإسلامي؟ والسؤال الثاني هو: كيف نغير هذا الواقع إلى ما أراده لنا الإسلام من عزّ في الدنيا وفوز في الآخرة؟»29. ومجيباً عن السؤال الأول، يقرر الظواهري أن «واقع مصر هو واقع الانحراف عن الإسلام بكل ما يستتبعه ذلك من فساد وإفساد وظلم وقهر وتبعية، فهناك الفساد العقائدي، والفساد السياسي، والفساد الاقتصادي والمالي، والفساد الاجتماعي والخلُقي». أما عن الدولة المدنية التي سيرفعها المتظاهرون كبديل عن حكم العسكر المستبد، فيرفضها الظواهري بعد أن يقرر أنها ليست شيئاً آخر غير الدولة العلمانية الديمقراطية، فيقول في هذا: «والدولة الديمقراطية لا تكون إلا علمانية –أي لادينية– لأن الحاكمية والمرجعية فيها ليست لله سبحانه وحده بل لهوى الأغلبية، والدولة العلمانية الديمقراطية يسمونها تلطفاً أو خداعاً بالدولة المدنية، وهو لفظ يُكثر من ترديده للأسف بعض المنتسبين للعمل الإسلامي، فالدولة المدنية في حقيقتها هي الدولة اللادينية التي تتحاكم لهوى الأغلبية دون الالتزام بأية قيمة أو خلُق أو عقيدة»30.

أثناء إعداده للحلقة الثالثة من هذه السلسلة، قامت ثورة تونس ومظاهرات مصر كما يسمّيها، وهو حدث سيكون كفيلاً بتحويل المسار الأولي المرسوم للسلسلة نحو متابعة هذه الأوضاع الطارئة، والسعي نحو موطئ قدم فيها، ولا سيما وحضور تنظيمات الإسلاميين في هذا الربيع كان هزيلاً ومتأخراً، وقد كان هذا حال التيارين الإسلاميين الرئيسيين في كل من تونس ومصر، بينما وقف جلّ السلفيين في هذه الأخيرة ضد الحراك الشعبي المنادي بإسقاط النظام، بحجج مختلفة كان أبرزها ما يتعلق بوأد الفتنة وما تواتر من أحاديث عن الرسول حول الطاعة للحاكم. وأيضاً، هزّت نتائج هذه الثورات السلمية تنظيم ’القاعدة‘ وأمثاله عندما استطاعت أن تحقق عبر إطاحتها بابن علي ومبارك خلال أيام، ما عجز عنه التنظيم عبر سنين طويلة، وهو المدجّج بالإمكانيات العسكرية وبالأيديولوجيا الجهادية المتكاملة حول هذه الأنظمة بوصفها طواغيت وبيادق بأيدي الغرب الكافر، حيث يتوسّل العنف سبيلاً وحيداً لإزالتها.

وعلى الرغم من التطورات التي سترتبط بثورتي ليبيا وسوريا، حيث العنف المروع الذي مارسه كلاً من نظامي القذافي والأسد تجاه الحراك الشعبي المطالب بالحرية في كلا البلدين، والذي دفع الأمور إلى حد الانفجار الأهلي، وكل هذا سيعيد الاعتبار لـ’القاعدة‘ من جديد، إلا أن مصر ستحوز على حصة الأسد في حلقات الظواهري التي صدرت على امتداد عام وتسعة أشهر. وسيلتزم الظواهري بالتأكيد فيها، في أكثر من موضع، على أنه لا يدعو إلى العنف، وأن هذه المرحلة في مصر هي مرحلة دعوة وبلاغ، وذلك على الرغم من أنه يرى بأن «ما تم في مصر حتى الآن يمكن اختصاره بأنه ثورة شعبية انتهت إلى انقلابٍ عسكري. لقد سلم الطاغية حسني مبارك الحكم لرجاله في القوات المسلحة»31، ولهذا يستصرخ المسلمين من أهل مصر قائلاً: «فيا أمّة المصحف ويا أنصاره وجنوده، خوضوا معركة المصحف، وانطلقوا دفاعاً عن المصحف وعن أحكامه وشرائعه في انتفاضة دعوية تحريضية شعبية تحشد أمّة المصحف دفاعاً عن المصحف»32. وأثناء الصدام الذي حصل بين مسيحيين أقباط والجيش، يتخوف الظواهري من أن يكون هذا هو بداية لتكرار ما حصل في السودان الذي انفصل جنوبه، ويتهم البابا شنودة بأنه وراء ما حصل وبأنه طامح لاستقلال الأقباط في دولة. وحول الموقف من الأقباط يقول: «أكرر موقفنا من نصارى الأقباط، وأننا لا نسعى لمعركة معهم، لأننا منشغلون بمعركة مع عدو الأمة الأكبر، ولأنهم شركاؤنا في الوطن، الذين نود أن نعيش معهم فيه في سلام واستقرار»33. ويطالب «المسلمين في مصر بالوعي والانتباه واليقطة، وأعلم أن هناك من سيحاول ترجمة كلامي بأني أهدد بتفجيرات واغتيالات، وهذه سياسة الإعلام مع ’القاعدة‘ والمجاهدين عموماً. أنا لا أهدد بتفجيرات واغتيالات، ولكني أقول إن على المسلمين أن يكونوا في غاية اليقظة، لأن المخطط حولهم كبير وخطير وبشع، وهم المستهدفون. وأنا لا أدعو لقتال في مصر في هذه اللحظة، وأكرر وأؤكد في هذه اللحظة، فلا يعلم إلا الله ماذا سيحدث في اللحظة المقبلة، فالمعركة الآن في مصر هي معركة الدعوة والبلاغ والبيان وحشد الأمة وتوعيتها لتسلك سبيل النجاة وتتجنب سبل الضياع»34. إلا أن احتمال الدعوة إلى العنف واللجوء إليه في مصر يبقى قائماً من خلال اشتراطات الظواهري التي تتكرر في حلقاته، والتي تحوم جميعها حول أسلمة مصر دولةً ومجتمعاً، وتحديد هوية مصر بالإسلامية حصراً، وبالطبع بالإسلام الذي تعتقده ’القاعدة‘.

فيما يخص سوريا، سيأتي ذكرها للمرة الأولى، وبشكل مقتضب، في الحلقة السادسة التي صدرت بعد ثلاثة أشهر من تاريخ قيام الثورة السورية، حيث يخاطب فيها أهل الشام قائلاً: «فأدعو أهلنا في شام الرباط والجهاد إلى مواصلة المقاومة والمدافعة لذلك النظام الجائر الظالم المستكبر القاتل لشعبه والفارّ عن أرضه، النظام الهارب عن الجولان والمرتكب للمذابح من حماة إلى درعا»35. الحلقة الحادية عشرة (والأخيرة) من هذه السلسلة، ستحمل العنوان التالي: «القاهرة ودمشق بوابتا بيت المقدس»، وهي الحلقة الأطول في هذه السلسلة، والقسم الأكبر منها سيكون مخصصاً لمصر والمآلات فيها. لكن الجدير بالذكر بأن الظواهري هنا لا يصف النظام السوري بأنه «نظام علوي» أو «نُصيري» على عادة ما تقوله الأدبيات السلفية والسلفية الجهادية، وعلى طريقة من سيعلن له البيعة لاحقاً، الفاتح أبي محمد الجولاني أمير ’جبهة النصرة‘، الذي أعلن منذ بيانه الأول بأنه قادم لنصرة أهل الشام ضد النصيرية والنظام النصيري، رغم أن تاريخ حلقة الظواهري هذه عن سوريا يبيّن أنها صدرت بعد سنة ونصف من قيام الثورة السورية، وبعد تسعة أشهر من إعلان ’جبهة النصرة‘ عن نفسها. يذكر الظواهري هنا قولاً للشيخ حافظ سلامة أثناء جنازة الشيخ رفاعي سرور: «… الولد أيمن الظواهري، ربنا يحميه، وربنا يقويه، وربنا ينصره. وأقول له: يا أيمن عليك الآن بسوريا إذن يا ولد، سوريا في أمس الحاجة إلينا اليوم يا ولد». ويعلق الظواهري قائلاً، ومرة أخرى بلغة تقلّ فيها التهويمات السلفية والطائفية المعتادة: «لبيك يا شيخنا ويا والدنا، إن شاء الله نبذل ما نستطيع من تحريض المسلمين على نصرة إخوانهم في سوريا، الذين يفتك بهم الجيش البعثي العلماني، والإجرام الدولي الذي يسمونه بالمجتمع الدولي والشرعية الدولية يعطي [الأسد] وقواته رخصة بالقتل ومهلة بعد مهلة لكي يقضي على ثورة الشعب السوري المجاهد المرابط، لأنهم يخشون من أن تقوم في شام الرباط والجهاد حكومةٌ تنصر الإسلام والمسلمين وتتوجه لتحرير الجولان وبيت المقدس». وفي مكان آخر يعلن تأييده لأهل الشام في ثورتهم، ويرى أنهم «يخوضون معركة الإسلام ضد قوى العلمانية والفساد والظلم في شام الرباط والجهاد»36.

على امتداد حلقاته، يخاطب الظواهري الثائرين من موقع الالتحاق بهم ودعمهم، دون أي ادعاء بدور لتنظيمه ’القاعدة‘ في إشعال الثورات، وهو ما لن نجده عند آخرين ممن ينتمون إلى التيار الجهادي، القاعدي أو سواه.

2

 

في دراسة صادرة عن موقع «شموخ الإسلام» (الذي يعتبر أهم المواقع الجهادية وأهم مراجع العمل والتثقيف الجهاديين) وموقّعة باسم شنكاي النجدي، يتساءل الكاتب ويجيب في الوقت ذاته: «كيف حدثت الثورات؟ ولماذا الآن بالتحديد؟ فالظلم الذي ثار الناس ضده ممتد من عقود طويلة، ما الذي تغير في نفوس الناس وعقلياتهم ووعيهم وفهمهم ليثوروا؟ ما الذي تغير في المشهد العالمي لينتج عنه ظروف مُمَكنة للثورة؟ فلا يعقل أن قام بعض الشباب من النوم في صبيحة يوم من الأيام وقالوا لبعضهم لنصنع ثورة نغير بها حالنا ونثور بها على من ظلمنا. لا شك أن الثورات لم تحدث من العدم، ولا شك أنها حدثت نتيجة لتغير كبير في العقل الجمعي للأمة وتبدل في وعي شبابها، وتغير كبير في الظروف العالمية والإقليمية، وأزعم أن أحد أكبر المساهمين في إحداث هذا التغير هي ’القاعدة‘ بجهادها بالسيف والكلمة، حيث أنها غيرت وجه العالم وأحدثت حراكاً في العالم الإسلامي لم يحدث منذ سقوط الخلافة الإسلامية، ولولا هذا التغير والتحول لما حدثت الثورات»37. وبكلمة أخرى له يقول: «فلولا الله ثم ’القاعدة‘ بمنهجها واستراتيجيتها وصدعها بالحق لَمَا حدثت ثورة ولا هم يحزنون». أما كيف استطاعت القاعدة إحداث هذا التغير، يذكر الكاتب عدة نقاط أهمها: «1- تدمير حاجز الخوف وعكس الهزيمة النفسية، 2- نشر الوعي المضادّ للطبقة الحاكمة ورفع سقف النقد تجاه الحكام وأعوانهم». بالنسبة للنقطة الأولى يقول: «فغزوتا نيويورك وواشنطن كانتا الشرارة الأولى التي أطلقت الثورات في العالم العربي، من خلال إطلاقها التحول الكبير في نفوس الناس، فبدأت طوابق الخوف والهزيمة النفسية، المعشعشة في نفوس الشباب، تنهار مع انهيار طوابق برجي التجارة ومقرّ البنتاغون، ومع هزيمة الأمريكان في العراق وأفغانستان»38.

وبعد عامين سيكتب الشيخ أبو سعد العاملي39 ما يؤيد هذا الكلام قائلاً: «لنكون منصفين لا بد من القول بأن هذه الثورات كانت نتيجة تراكم تضحيات ومعاناة للحركة الجهادية الصامتة في بلداننا، وذلك خلال العقود الماضية حيث كان شباب الصحوة المباركة وقادتهم والكثير من علمائهم يقاومون ويجاهدون هذه الأنظمة المرتدة لوحدهم…». وبشرح أكثر استفاضة يقول: «تأثير الحركات الجهادية وبصمة التيار الجهادي واضحة وبينة في هذه الثورات، فقد كانت النواة التي فجرتها والرصيد التاريخي الهام الذي سقتها واستلهمت منها الشعوب الثائرة تلك الشجاعة الفريدة وذلك الإقدام العظيم لمواجهة آلات قمع الأنظمة، وأنا أعتقد أن هذه الثورات تعتبر ثماراً لتلك المسيرة الجهادية عبر عقود من الزمن (…) فدور الشعوب في هذه الثورات كان مجرّد تنفيذ ووضع للقشة التي قصمت ظهور هذه الأنظمة المرتدة، وهي عاجزة على مواصلة هذه الثورات بدون التواجد الفعلي لقادة الجهاد إلى جانبها للتوجيه والتنسيق والتنظيم، وفي حال غياب هذه القيادات الجهادية عن الساحة ستظهر قيادات زائفة على شكل السامري الذي ظهر أثناء غياب موسى عليه السلام حينما ذهب لميقات ربه عز وجل، فالقيادة السامرية ظاهرة تترقب غياب القيادة الربانية لتركب على موجة التغيير الحاصل واستغلال الفورة القائمة لتفسد في الأرض وتحرف مسار هذا التغيير وتعود بالناس إلى عبادة العجل وملذات الحياة بعيداً عن المطالب العادلة الربانية التي قامت هذه الثورات من أجلها أصلاً»40. إذن هذه الشعوب قاصرة، ولا يمكن أن تكون أمينة على مصيرها، وتاريخها يثبت سهولة انجرارها بعيداً عن أحكام الله، لذلك لا بد من قيادة ربانية تأخذ بيدها إلى بر الأمان، ونخبة تُعيد تربيَتها وتدخل إليها الوعي من خارجها على غرار المهمة التي تضطلع بها الطليعة في حزب «ما العمل؟» اللينيني؛ ولن يكون هؤلاء (القيادة والنخبة) إلا المجاهدين، فهؤلاء «دائماً ما يتقدمون على غيرهم في الفكر والفهم لأنه وعد الله لهم: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا}، وهم دائماً ما يرفعون أمتهم إلى مستواهم في الفهم والإدراك، وهم كذلك يدركون أن المسألة خاضعة لسنن الله الكونية»41.

لكن بعيداً عن هذا الرأي، يعترف عبد الله بن محمد42، بدور غير الإسلاميين في اندلاع هذه الثورات، فيرى في كتابه المذكّرة الاستراتيجية أن الثورات العربية «قد بُنيت في كل بلد على مشارب مختلفة وأهواء متنوعة منها الإسلامي والعلماني والوطني والقومي، وسوادها الأعظم من الجماهير البسيطة، ومع ذلك توافقت هذه الجموع بشكل غير مسبوق على إسقاط هذه الأنظمة مهما كلف الأمر وبأي ثمن! والحقيقة أن هذا التوافق الاستثنائي هو السبب الرئيسي في إسقاط نظامَي بن علي ومبارك وجعل ثلاثة أنظمة أخرى على حافة الانهيار، فالمراقب لطبيعة قرارات وإجراءات كل نظام لقمع الثورة يرى أنها تصبّ في اتجاه واحد وهو تفتيت هذا التوافق وتجزئة عناصره وهو الأمر الذي لم ينجح فيه أحد منهم!»43.

إلا أن هذا التوافق الذي عجزت الأنظمة عن ضربه وهي تواجه هذه الثورات، محكوم عليه بالفشل، أما لماذا فيجيب عبد الله بن محمد بما يتطابق مع ما كانت تدعيه هذه الأنظمة، ومستشرقين، من أننا شعوب محصّنة ضد الديمقراطية والتعايش ولا نُحكم إلا بالعصا، ولكن في الوقت الذي تغرد الأنظمة مقدمةً نفسها على أنها الاستثناء الحداثي والتقدمي الممكن والوحيد في هذه البقعة من العالم، تأتي الماهوية الإسلامية لتُعلي من فضائل ما تزعمه من فرادة وخصوصية وتمايز بوصفها حقائق مطلقة وعصية على أي تغيير. إذن عدم التوافق برأي هذا الاستراتيجي «في الأصل يرجع إلى أن العرب قوم لا تصلح لهم الديمقراطية بحال! وهذا ما دندن عليه بعض علماء الاجتماع في الغرب –وهذا من حفظ الله لهم– والدليل على ذلك أن لبنان وهي الكيان الوحيد الأقرب للنظام الديمقراطي في العالم العربي هو نفسه أكثر هذه الأنظمة اضطراباً، ولذلك نرى أن مع كل أزمة سياسية في لبنان يتجدد الحديث عن الحرب الأهلية! (…) فالمشكلة ليست في النظام الديمقراطي –على مساوئه– على وجه التحديد ولكن في طبيعة العرب وخصائصهم الاجتماعية التي لا تنقاد إلا للقوي! فالبرامج التي وضعها الخبراء والمختصون الأمريكان في النمو الثقافي والاجتماعي وللتحول نحو الاقتصاد الحديث والنظام الديمقراطي كان من الممكن أن تأتي أُكُلَها لو كانت في بلدان أمريكا الجنوبية أو شرق آسيا أو حتى وسط إفريقيا، ولكنهم وبعد أن أنفقوا مئات الملايين على هذه البرامج اكتشفوا أنهم كانوا يحرثون في مياه البحر!»44. ستفشل هذه القوى إذاً في الاتفاق على شكل النظام الجديد، تسود الفوضى وتعمّ كل شيء، ولهذا ينظر عبد الله بن محمد إلى الثورات بأنها حصان طروادة: فخّار يكسّر بعضه، ثم نأتي نحن ونقطف! فيرى بأن هذه الثورات «كيوم ’بعاث‘ الذي قُتلت فيه صناديد الأوس والخزرج واضطربت فيه موازين القوى في المدينة ليُفتح المجال بعد ذلك أمام أي قوة فتية تصلح للقيادة وتستطيع ملء الفراغ، فكان الأمر كما وصفته عائشة رضي الله عنها: كان يوم بعاث يوما قدمه الله لرسوله، فقدم رسول الله (ص) المدينة وقد افترق ملؤهم وقتلت سرواتهم»45.

3

في كلمة تحريضية على القتال لأهل السنّة عامة، وفي مصر خاصة إثر الانقلاب الأخير فيها، للشيخ أبي محمد العدناني الشامي46، هاجم فيها «مرجئة العصر المعطّلة لفريضة الجهاد»، يرى أن حصر الشعوب أهدافها في إزالة الأنظمة المستبدة القائمة واستبدالها بأنظمة أخرى، ديمقراطية، يعني أننا ما زلنا لم نغادر مجال العبودية والذل. يقول: «إن أمتنا الغالية اليوم تعيش في عبودية وذل، والدليل على ذلك ما عُرِف بثورات الربيع العربي، التي خرجت تطالب بالحرية والكرامة (…) إلاَّ أن المسلمين في هذا الخروج ضَلّوا طريقَهم؛ فلا عرفوا الداء ولا اهتدوا إلى الدواء –إلا ما شاء الله– فظنوا أن الخلاص بتغيير الأنظمة وتبديل الحكّام، وظنوا أن الوسيلة لرفع الظلم ونيل الكرامة بالمظاهرات السلمية! (…) فلتعلموا يا أهل السنّة الثائرين في كل مكان: أن داءَنا ليس هو الأنظمة الحاكمة، وإنما القوانين الشِركية التي بها يحكمون؛ فلا فرق بين حاكم وحاكم ما لم نغيّر الحُكم، لا فرق بين مبارك ومعمّر وابن علي… وبين مرسي وعبد الجليل والغنّوشي؛ فكلهم طواغيت يحكمون بنفس القوانين، غير أن الأخيرين أشدّ فتنة على المسلمين». إن أحد مظاهر العبودية والذل هو الدعوات السلمية للتغيير، فالسلمية ليست إلا مخالفة لأحكام الله واعتداء على سننه وتعطيل لأعظم فرائضه، أي فريضة الجهاد الماضي حتى قيام الساعة؛ وبهذا تغدو السلمية ديناً كفرياً قائماً بحد ذاته على التضادّ مع الإسلام، الذي يبدو عند العدناني وأترابه وكأنه دينُ قتل وقتال في عالم مليء بالأشرار والخصوم، «الصدام قدَر محتوم… والدعوات السلمية إلى المزبلة، وقد آن لنا أن ندرك ونقر ونعترف أن السِلمَ لا يُحقّ حقاً ولا يُبطل باطلاً. لقد آن لدعاة السلمية أن يكفوا عن دعواهم الباطلة، فلا يمكن لأهل الكفر أبداً أن يُسالموا أهلَ الإيمان، ولا يمكن لإيمانٍ أعزلَ مسالمٍ أن يقفَ في وجه كفر مسلح مجرم صائل». يتكلم العدناني عن أهل الكفر وليس عن أنظمة حاكمة أو جهات بعينها، وقد بدا من تطبيقات داعش على الأرض، أن أهل الكفر هؤلاء ليسوا إلا كل أهل الأرض ما عدا داعش، بما في ذلك المسلمون منهم ممن لا يذهبون مذاهبها، فإذا كانت هي الإسلام الحق فهذا يعني أن كل الإسلام خارجها هو باطل، وأهله مرتدّون. وهو ما نراه ماثلاً في حكمه أن «مَن زعم أن تغيّر المنكر وإحقاق الحق ورفع الظلم يكون بالدعوة السلمية بلا قتال ولا دماء فقد زعم أنه أعلمُ وأرأف من النبي، وأن هديَه أفضلُ من هديه، حاشاه صلى الله عليه وسلم، ومَن زعم أن دين الله يقوم بالدعوات السلمية فقد ضرب بكتاب الله وسنّة نبيه عرضَ الحائط واتبع هواه»47.

الموقف الذي سيتبناه الشيخ أبو بصير الطرطوسي48 سيختلف عن موقف العدناني حيال الدعوات للتغيير بالوسائل السلمية. ورداً على سؤال عن مشروعية العسكرة في مصر بعد الانقلاب العسكري الأخير فيها، وعدم جدوى الوسائل السلمية للوقوف بوجهه، يجيب الطرطوسي: «لا تعارض بين المنهجين ‒السلمية والعسكرية‒ وبالتالي لا يجوز أن نضرب منهجاً بالمنهج الآخر، فكلا المنهجين مشروع، يكملان بعضهما البعض، قد دلت عليهما نصوص الشريعة». ويستعين بمجموعة من الأحاديث النبوية ليبين مشروعية العمل السلمي. وبما أن العدو المراد إزالته داخلي، يضع أبي بصير مجموعة من الضوابط، نذكر بعضها هنا في هذا الاقتباس الطويل:

«منها (…) الخيار العسكري في التعامل مع المنكر السياسي الداخلي، لا ينبغي اللجوء إليه، إلا بعد نفاذ الإصلاح والتقويم والتغيير عن طريق الوسائل السلمية…

ومنها: لا ينبغي أن نعمل الوسائل العسكرية، أو نلجأ إلى الخيار العسكري في البيئة أو الميادين التي تعمل فيها الوسائل السلمية، أو في البيئة التي لم تستنفد الوسائل السلمية قدراتها وعطاءها بعد… كما ينبغي أن لا نعمل الوسائل السلمية في البيئة أو الميادين التي تنشط فيها الوسائل العسكرية، أو يكون القرار فيها للوسائل العسكرية…

ومنها: عند استخدام الوسائل العسكرية، واللجوء إلى خيار القوة… ينبغي أن يحصل تقييم دقيق لطبيعة العدو الداخلي المراد التعامل معه: هل تجدي الوسائل السلمية معه نفعاً أم لا؟ وعلى ضوء ذلك يصدر الحكم والقرار من ممثلي المجتمع من أهل الحل والعقد بتبني الخيار الأنسب، والأنجع، سواء كان الخيار العسكري أم الخيار السلمي (…) وهو ما حدا بنا لأن نقول منذ اليوم الأول من الثورة السورية المباركة ‒يوم كانت سلمية‒ أن الطاغية المجرم القرمطي بشار الكيماوي لا يجدي معه نفعاً، ولا يمكن التفاهم معه أو تغييره إلا من خلال القوة، واستخدام الوسائل العسكرية…

ومنها: عند تبني أحد الخيارين أو المنهجين في التعامل مع المنكر السياسي الداخلي ينبغي أن يراجح بدقة، وتقوى، وفِقه بين المصالح والمفاسد، فما رجحت المصلحة منه عُمل به، وما رجحت مفسدته دفعناه، وتخلينا عنه…

ومنها: الأضرار الناجمة عن اللجوء إلى القوة والوسائل العسكرية، مهما تعاظمت، يجب أن تكون أقل ضرراً من المنكر السياسي المراد إزالته وتغييره، وأقل ضرراً من ضرر إقرار فساد وظلم وكفر المنكر السياسي سيداً، وحاكماً على البلاد والعباد..»49.

ورغم أن السؤال عن مصر لا يعطي أبا بصير رأياً صريحاً حول أي المنهجين أنجع فيها لمواجهة الانقلاب، لكنه كان حاسماً برأيه حول سوريا منذ اليوم الأول حول عدم نجاعة السلمية مع هذا النظام ولا بد من اللجوء إلى العسكرة لإزالته!

الهوامش

 

رسالة في اللاهوت والسياسة، باروخ سبينوزا، 1670، أمستردام. عرّبه حسن حنفي وصدر في القاهرة. [↩]

عنوان كتاب لابن تيمية موجود على الرابط: www.islamicbook.ws/amma/aqtdha-alsrat-.pdf. [↩]

مجمع الزوائد ومنبع الفوائد، الحافظ نور الدين علي الهيثمي المصري، تحقيق: محمد عبد القادر أحمد عطا، ج5، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، ط1: 2001، ص245. رغم إحالة مجمع الزوائد هذا الحديث لأحمد بن حنبل، إلا أن ثمة رواية أخرى لهذا الحديث هي الأثيرة لدى جهاديي اليوم، مطابقة تماماً للحديث أعلاه من حيث الرواة واللفظ، ولكن مع إضافة مرحلة جديدة تأتي قبل الأخيرة (قبل الخلافة على منهاج النبوة)، وتقول هذه الإضافة: «ثم تكون ملكاً جبريةً فيكون ما شاء الله أن يكون ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها». وبعد مراجعة نسختين من إصدار كل من مؤسسة قرطبة ودار المكنز والمنهاج، وجدنا أن هذه الصيغة الأخيرة هي الموجودة فيهما. [↩]

مجمع الزوائد، مرجع سابق، ص246. [↩]

المرجع السابق، ص246. [↩]

المرجع السابق، ص246. وعسقلان مدينة فلسطينية محتلّة شمال قطاع غزّة. [↩]

المرجع السابق، ص246 و247. [↩]

المرجع السابق، ص247. [↩]

يبدو أن الجفر يتمتع بحضور يتجاوز الشيعة والعلويين، ففي حديث بيني وبين شخص من أهالي القلمون، وهو مقاتل في ’الجيش الحر‘، قال لي ما أُثبته حرفياً: «… من فترة صارت معارك بالمدينة العمالية شرق العاصمة، بعد المعركة بشي كم يوم جاء منخفض مطر شرق العاصمة، يا أخي مشي الدم مع المطر في الشوارع.. في المدينة العمالية موجود عَمَار قديم من زمن الرومان.. قبة اسمها قبة العصافير، وموجود اسمها بالجفر… وصارت الأمطار تمشي بالشوارع لونها أحمر… في كبار السن قالوا بالجفر مكتوب بأنو هونيك بيمشي الدم للركب»! [↩]

في نقاش بين صديقة وأحد عناصر الأمن (وهو من أصول علوية)، سألته هي ممازحة: «من أجل ماذا تقاتلون إذا كان الجفر قد أخبركم بأن حكم بيت الأسد هو أربعين عاماً؟»، أجابها بلهجة متحدّية: «سنغيّر الجفر!». [↩]

راجع الهامش رقم2 في آخر البحث. [↩]

أبو عبيدة المقدسي أو عبد الله العدم، إعلامي جهادي من أصول فلسطينية سعودية و«أمني» في تنظيم ’القاعدة‘، مقيم في أفغانستان على أرجح تقدير. [↩]

أبو مصعب السوري أو مصطفى ست مريم نصّار، منظّر وإعلامي جهادي، كان ينشط في تنظيم ’الطليعة المقاتلة‘ الإسلامي السوري في الثمانينات وبين الأفغان-العرب في التسعينات قبل أن يتحول إلى قيادي واستراتيجي ومرجع نظري في تنظيم ’القاعدة‘ والتيار الجهادي، سلّمته المخابرات الأميركية للنظام عام 2005. [↩]

ثورة الشعوب: هل هو نهاية الملك الجبري، الشيخ عبدالله العدم، مركز الفجر للإعلام، 2011، مرجع الكتروني يمكن تحميله من هنا: https://archive.org/download/osod_g111/thwra.pdf. [↩]

المرجع السابق. [↩]

الوعد الحق والواقع الحي، الشيخ أبو أيوب الأنصاري، مراجعة الشيخ أبي أحمد عبد الرحمن المصري، مؤسسة الأقصى الإعلامية، 2010، مرجع إلكتروني يمكن تحميله من موقع الأرشيف العالمي: https://archive.org/download/dawla.wa9i3.wa3d/3.pdf. [↩]

المرجع السابق. [↩]

المرجع السابق. [↩]

الدولة الإسلامية في العراق والشام: البصيرة في حقيقة المسيرة، «قلم موحّد»، مؤسسة المأسدة الإعلامية، مرجع الكتروني يمكن تحميله من هنا: https://archive.org/download/hakikaa/hakika.pdf. [↩]

أبو بكر البغدادي أو إبراهيم عوّاد البدري، قائد ’دولة العراق الإسلامية‘ سابقاً وتنظيم داعش (الدولة الإسلامية في العراق والشام) حالياً وأحد أشهر وأخطر زعماء العالم اليوم، نصّب نفسه خليفة على المسلمين في حزيران 2014. [↩]

«ويأبى الله إلا أن يتمّ نوره»، أبو بكر الحسيني القرشي البغدادي أمير ’دولة العراق الإسلامية‘، نخبة الإعلام الجهادي، قسم التفريغ والنشر، صادرة عن مؤسسة الفرقان للإنتاج الإعلامي، 2012، موجود على الرابط: https://nokbah.com/~w3/?p=2814. [↩]

الوعد الحق والواقع الحي، مرجع سابق. [↩]

المرجع السابق. [↩]

«الدولة الإسلامية في العراق والشام: الثابت والمتغير»، منشور في المنبر الإعلامي الجهادي، مرجع إلكتروني موجود على الرابط: http://alplatformmedia.com/vb/showthread.php?p=106849. [↩]

«تسونامي الدولة الإسلامية في العراق والشام»، الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن الشنقيطي، 2014، موجود على الرابط: http://justpaste.it/dzht. [↩]

المرجع السابق. [↩]

أيمن الظواهري طبيب مصري ومنظّر جهادي، كان ينشط مع ’الإخوان‘ في مصر قبل أن يصبح زعيم تنظيم ’الجهاد الإسلامي‘ السلفي، يرأس حالياً تنظيم ’القاعدة‘ ويرجّح أنه مقيم في أفغانستان. [↩]

لتحميل كامل حلقات هذه السلسلة، موجودة على الرابط: http://www.tawhed.ws/c?i=426. [↩]

«رسائل الأمل والبشر لأهلنا في مصر»، أيمن الظواهري، صادرة عن مؤسسة السحاب للإنتاج الإعلامي، الحلقة الأولى، 2\2011 [↩]

المرجع السابق. [↩]

«رسائل الأمل والبشر لأهلنا في مصر»، أيمن الظواهري، مؤسسة السحاب للإنتاج الإعلامي، الحلقة الخامسة، 3\2011. [↩]

«رسائل الأمل والبشر لأهلنا في مصر»، أيمن الظواهري، مؤسسة السحاب للإنتاج الإعلامي، الحلقة السادسة، 5\2011. [↩]

«رسائل الأمل والبشر لأهلنا في مصر»، أيمن الظواهري، مؤسسة السحاب للإنتاج الإعلامي، الحلقة الثامنة، 11\2011. [↩]

المرجع السابق. [↩]

«رسائل الأمل والبشر…»، الحلقة السادسة، مرجع سابق. [↩]

«رسائل الأمل والبشر لأهلنا في مصر»، أيمن الظواهري، مؤسسة السحاب للإنتاج الإعلامي، الحلقة الحادية عشرة، 9\2012. [↩]

«جدليات الحرب والسلم بين ’القاعدة‘ والثورات العربية»، شنكاي النجدي، شموخ الإسلام، 2011. والمقال لم نأخذه من الموقع مباشرة، لأنه يحتاج إلى تسجيل وهذا غير متاح إلا بعد تزكية من أحد شيوخ الجهاد أو المعروفين في الساحة الجهادية، لكنه موجود على الرابط: http://www.arrahmah.com/read/2011/05/21/12763-3-5.html. [↩]

المرجع السابق. [↩]

أبو سعد العاملي كاتب ومنظّر جهادي شهير، كان من أوائل الشيوخ الذين باركوا ’جبهة النصرة‘ عند إعلانها عن نفسها في سوريا، كما بارك ’أنصار الشريعة‘ في تونس و’أنصار الشريعة‘ في اليمن وحثّ المسلمين المصريين على التوحّد مع ’جماعة أنصار بيت المقدس‘ في سيناء والضبّاط المنشقّين من الجيش للدخول في «حرب مفتوحة» في مصر، وهو من شيوخ الجهاد الذين لم يتخلّوا عن تنظيم داعش وما زالوا يدعمونه في حربه مع ’النصرة‘ و’الجبهة الإسلامية‘ وكتائب ’الجيش الحرّ‘ المحلّية. [↩]

«تبعات الثورات: من أجل قطف الثمرات»، الشيخ أبو سعد العاملي، مؤسسة المأسدة الإعلامية، موجود على الرابط http://bit.ly/1oObaAD. [↩]

المرجع السابق. [↩]

عبد الله بن محمد هو ناشط افتراضي وكاتب وأحد مفكّري الجيل الثالث من جهاديّي العالم، يكتب في مدونته شؤون استراتيجية ويغرّد على حسابها المرفق في تويتر، ويعتبر من مخوّني داعش ومؤيّدي ’جبهة النصرة‘ والمقاومة السورية والفلسطينية المسلّحة و’حزب العدالة والتنمية‘ التركي. [↩]

المذكرة الاستراتيجية، عبدالله بن محمد، مؤسسة المأسدة الإعلامية، 2011، ص4-5. اعتمدنا نسخة pdf يمكن تحميلها من الرابط: https://archive.org/details/mozakra1432. [↩]

المرجع السابق، ص5. [↩]

المرجع السابق، ص4. [↩]

أبو محمد العدناني شخصية غامضة من أصول سورية على الأرجح، اعتقلته سابقاً السلطات العراقية بسبب نشاطه الجهادي في العراق وهو اليوم المتحدّث الرسمي باسم تنظيم داعش. [↩]

«السلمية: دين من؟»، الشيخ أبو محمد العدناني الشامي، كلمة موجودة على الرابط http://www.youtube.com/watch?v=JKuEAPD4y9. [↩]

أبو بصير الطرطوسي أو عبد المنعم مصطفى حليمة، ولد في طرطوس وغادرها إلى لندن إثر هزيمة انتفاضة ’الطليعة المقاتلة‘ عام 1982، يعتبر إلى جانب أبي خالد السوري (محمد بهايا) وأبي مصعب السوري (مصطفى نصار) أحد المرجعيات النظرية للسلفية السورية وعرّاب ’حركة أحرار الشام الإسلامية‘، ويعتبر أحد شيوخ الجهاد المناوئين لتنظيم داعش العراقيّ-القيادة. [↩]

«إنكار المنكر السياسي بالوسائل السلمية»، عبد المنعم مصطفى حليمة (أبو بصير الطرطوسي)، موجود على الرابط: http://www.abubaseer.bizland.com/articles/read/a%20162.pdf. [↩]

 

موقع الجمهورية

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى