صفحات الثقافة

أهمّ شاعرات ألبانيا، ميموزا أحمدي


“مع استعدادكٍ للعطاء لا أحد بانتظارك!”

ترجمة وتقديم فوزي محيدلي

ولدت ميموزا أحمدي في “كراج” بألبانيا عام 1963 وهي تعتبر واحدة من الشعراء المعاصرين في ألبانيا والأرجح أنها الشاعرة، الأنثى، الأكثر شهرة.

بعد ديوانين صدرا لها في ثمانينات القرن العشرين، أتى ديوانها الأكثر شهرة يحتوي 53 قصيدة بعنوان “هذيان” (1994). ومن بين آخر أعمالها “تلقيح الأزهار”.

شاءت ميموزا احمدي توسيع الآفاق، فضلاً عن استكشاف الامكانيات المقدمة لها بواسطة حواسها. ومن خلال دفعها أمتَها الألبانية بطريقتها الخاصة، عبر درب وعرة مليئة بالمطبات باتجاه أوروبا. وسعت في السنوات الأخيرة الى حفز مجتمعها الألباني المتعب ليكون في دائرة الضوء مما قد يؤدي الى بروز قيم انسانية جديدة أكثر صدقاً وأصالة.

استقبل الجيل الجديد من القراء شعر أحمدي بحماسة، وذلك لتناغمه مع الثقافة الغربية. وقد أدى استعمالها كتعابير صادقة وصريحة خاصة بالرغبة النسوية، كما سيولة وشفافية لغتها، الى جعلها شاعرة كلاسيكية حداثوية. ويلاحظ ان شعرها الأنثوي يذوب تحت القوة الولهة لريشتها.

تُرجمت أعمال أحمدي الى الايطالية، الفرنسية والانكليزية. ومع شهرتها كشاعرة، كتبت القصة القصيرة والمقالات. كما وخاضت مجال الموسيقى فاشتركت في مهرجانات موسيقية ألبانية عديدة، ومارست الرسم.

شاركت ميموزا أحمدي عام 2001 في الانتخابات المحلية للعاصمة تيرانا كمرشحة عن الحزب الديموقراطي، ولكنها هزمت. فازت عام 1998 بجائزة مهرجان سان ريمو للشعر.

[حين الحب ليس مجرد وسيلة

حين الحب ليس مجرد وسيلة

تنبلج كلمات مدهشة، تتحطم النجوم،

الألوان ترتجّ مع أصوات الأبدية،

ويغدو الشكل العالمي، وعاء الكون،

هو الحب، وذلك

حين لا يكون هذا الحب مجرد وسيلة.

أواه، يا إلهي، اين أنت؟

هل بالصدفة أنت مستاء؟

[الموت

أواه، يا للصّمت الأبدي الكليّ القدرة،

منك أنهض في مسعى مني

للعودة إليك.

لكن أكثر قسوةً هي العودة..

كنت طفلة في وقت ما،

الآن أنا ناضجة.

[رسالة إلى الماما

ماما،

لا تدعي أحداً سواك يقرأ هذه الرسالة

ليس لأنها سرٌّ، بل لأني لست قوية كفاية بعد

للتعامل مع ما أخبرك إياه.

لتيرانا نفس ذاتها القديمة،

الأزقة الضيقة والبيوت الواطئة،

الطرقات الشتوية التعبة،

بناية من خمسة عشر طابقاً في الوسط

مبنية كالمدينة الفاضلة،

حراس في الشوارع يتمركزون قرب السفارات

شرطة كنقار الخشب المشتغل في تموز المتضائل.

أشعر ان شيئاً ما سيحدث يا ماما،

لم تكن الحكومة مرّة بهذه القسوة ضد الناس

لم تكن الخيانة موضة شائعة بين الرجال مثل الآن،

لم يحدث ان المزيد من النساء الفارغات والضائعات

انجرفن خلال الليالي في نوم عميق كهذا.

أقول لك، يا ماما، الخطر يدعوني

بابتسامته التي بلا أسنان، الخاصة بحب جائع،

مع وجود صدع فيه،

وجزء من الصدع في المجتمع.

انهم يقدمون لي الوظائف الشتى، العديد من اصدقائي ومعارفي،

كلهم ذوو اسماء محلقة في المجتمع، لكن واطئة في شدائد الحياة،

يساعدونني لتسلق السلم عبر استغلالي،

لكنهم يتسببون بسقوطي، وليس رفعي ابداً.

أمي العزيزة، أصغي إلي، لا تقلقي،

فبأشعاري سأفرمهم وأطحنهم

كما تفعل آلة فرم اللحمة.

[ أغنية

إذا كنت ستنهض

ليكن، ليس كزهرة

إنما كبركان.

إذا كنت ستحلّق

ليكن، لكن ليس كعصفور

وإنما مثل شمس.

إذا كنت ستسقط

ليكن، لكن ليس كورقة الشجر

إنما مثل البرق.

ولأكن أنا

الزهرة، العصفور والورقة.

[إنه لأمر فظيع

سيكون أمراً فظيعاً

الاستيقاظ على نفس المنوال كل صباح.

لكن سيكون الحال أسوأ

لدى رؤية نهاية اليوم

بعيون الصباح.

[في خارجي وداخلي

في خارجي

أرى العالم كله يقوم بلفّ المعركة مع الحلم

لكن في داخلي أيضاً

يتردد صدى صوته.

في خارجي

انهم يمارسون الحب، يقتلون، ويلدون

الملايين.

لكن في داخلي أيضاً،

الحب،

الجريمة،

الولادة،

هي بنفس الحيوية والاندفاع.

[إنطفاء

كنت ذات مرّة أزرق اللون. صرت الآن داكناً جداً

هل تدري معنى ذلك؟

تذكر كيف انطلق

شعاعي في سمائك كسهم

تذكر

إدمان الأمان جعلك داكناً.

الآن ويداك في جيبيك صرت تهزأ من الآخرين،

لكن لماذا لم يعد وجهك

يحمل ابتسامة السكينة النبيلة؟!.

قمت وأشبه بتحذير في أماسي نيسان

بمقاطعة كلٍّ من كلماتي بصمت وازن كالرصاص

يا الأزرق اللون، يا الأناني الأزرق،

ببطء انطفأتَ بين يديَّ.

[الحواس، يا الحواس

يا الحواس، أوّاه أنت من أوائل ضحاياي

تفتحتِ ثانية، تتشربين ثانية، ومطهّرة

تعودين الى الحياة.

يستغلك عقلك كما الشيطان،

وقد أغوته جريمة محصّنة تجاه القانون.

يا الحواس، يا ضحاياي المقدسة،

إذاً من جديد هلّت هذه الليلة،

صافية،

(أواه، يا ربي، كم جميل وأنت بهذا الصفاء!!)

يا حواسي، تقومين بالسحب والامتصاص، لكن دون الاحساس بإنجاز.

لا شيء يستجيب لكِ، لا شيء ملككِ،

ومع ذلك عليك ان تعطي

لكن الليلة، مع استعدادك للعطاء، لا أحد بانتظارك،

لا أحد يريدك، أواه يا حواسي،

والدماغ، ذاك الشيطان السحري،

ينتحب الآن.

يا للأسى

رؤية شيطان ينتحب!..

[الواضح أنك حمار

يا له من وجه، كان ذات يوم جذاباً، وهو مشوّه الآن،

في آثارك أقابل الموت الذي رموك به،

أقابله كذلك في النساء اللواتي خسرتهن، واللواتي تركتهن، واللواتي هربن منك

ليبقين على قيد الحياة في مكان ما

اعتماداً على الصدقات العاطفية.

وجهٌ، جذابٌ حتى في يومنا الحاضر، رغم كل الدمار، الشك،

التحلل،

جسد تجرّه انت في الأنحاء وتخفيه في ارض ملعونة

نِسَبٌ هائلة لكن مثيرة للأسى في نفس الوقت.

حلقة في أُذنك ـ شيء ما لاعطاء معنى للعبث

كل يوم تقامر، بصفةٍ ما، للنجم، أنت

تتلاشى في الرمال،

وكل ليلة تكسب شيئاً من خلود الموت.

أواه، الآن وأنت تلفظ أنفاسك، فيما أنت تحتضر،

تدفع بمجسّات فظيعة من الصمت المعتل الى الهواء..

بضربة بسيطة من سوطك، تلتقط، تسجن؛

تشبك، وتخضِع

بشفاه عقيمة، الجسد الفاقد الاحساس.

لطالما واجهتُ أنا آثار انغماسك، انحلالك،

طريقتك غير المباشرة في التعبير، في التلوث،

في المكر، المغالطة، التقلب، اللاوجود،

في ذاك اللاثبات الذي لا يمكن بناء شيء عليه.

المشاعر المترفة، والمدمرة في جوهرها،

تمزق، كما تفعل القطط، بصدور النساء المهجورات.

كروح جذابة جرت الى الضلال، لا تتوقف عن اقتراف الخطأ،

انت تعلم كيفية التصرف، لكن لا أخلاق داخل روحك.

أنا مُلكك، وأنت تستحوذ علي، كما فعلت دائماً

ثمة الدعم، أنفاس، مخرج من زقاق مقفل طرفه الآخر،

لكنك لا تفهم لأنك حمار

ولهذا السبب أهواك

بشكل فظيع

المديح! أي كلمة هذه؟

كيف بلغتني؟

كيف وفدت؟

(لا بد انه اختراع

بعض طموح، وضيع، وغير طبيعي).

أعود ما إن أصل، وأبلغ الطبيعة.

ها هنا أقف، بهدف إبداء رأيي، لكني أنسحب مجدداً.

يا لجمال، ولكن، يا لفناء الانسان،

كم هو ودّيّ لكن يا لوحدته.

يا لهذه القوة وهذا الارتياب…

أواه، يا لمراجعتك

التي لا تنقطع لذاك الاسترخاء اثناء الطيران

كل شيء مطلق يغدو غير متوقع.

هل لا يتّصف بالجمال سوى

ما له الحق بالتظاهر او الادعاء؟.

لماذا تتجنبيني، يا المخلوقات الحقيقية،

في تحول زائل، يصبح نهاري البارحة

يصبح يومي الحاضر هو البارحة،

وبشكل سريع يتجاوز فهمي

(أتعتقد بوجود حياة دون ذلك؟)

الرغبة تحنّ الى غد ما

هو بالنهاية ليس لي.

لماذا تتجنبيني، يا المخلوقات

أعيش حياة اشياء غير موجودة ابداً

وليس لدي سوى ذاتي بين يديّ..

أواه، هل ثمة هناء أكثر من ذلك؟

هل ثمة أسى أكبر من هذا؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى