رياض خليلصفحات سورية

أوكازيون: روسيا تبيع سوريا


رياض خليل

وثوق السلطة السورية بدعم الروس كان ينطلق من مبدأ : ” مرغم أخاك لا بطل ” ، ومن القول العامي الشائع : ” من القلة ماله علّة ” ، ومن المثل المعروف :” الغريق يتعلق بقشة ” ..

مدرسة الشك والتخوين والمؤامرة

السلطة السورية ليس من طبعها الوثوق بالغير أو بأحد ، دولة كان أم جماعة أم فردا ، بل إنها لاتثق حتى بنفسها ومكوناتها ، التي صنعتها بنفسها ، والمبدأ المقدس الذي تؤسس عليه وتنطلق منه في سياساتها هو : الشك ثم الشك ثم الشك ، وبالتالي التخوين المسبق الجاهز لكل شيء من حولها . وعليه لايحتمل هذا النظام أسلوبا غير الأسلوب العسكري الأمني لإدارة ملفاته الداخلية والخارجية . وعليه أيضا أؤكد أن السلطة السورية لم تثق يوما لا بروسيا ولا بغيرها ، ولكنها الضرورة هي التي اضطرتها للوثوق بها ، من باب : الضرورات تبيح المحظورات ، ومن باب أن لكل قاعدة استثناء . وسبق أن تحدثت في مقال سابق بعنوان : سوريا وروسيا : تحالف غير مقدس ، نوهت فيه عن طبيعة العلاقة السورية الروسية التي أشبه ماتكون بلعبة قمار وتجارة سوداء . وتنبأت بالنتائج ، لأنها تعتمد على مقدمات موضوعية ، وخبرات وتجارب تاريخية طازجة . وهاهي السلطة السورية تواجه الخيانة الزوجية للروس بمرارة وألم وغضب ، وترسل على الفور كبار مسؤوليها الدبلوماسيين ، لترى مالأمر ، وما إذا كان بالإمكان رذّ القضاء والقدر والمتوقع من قبل الزبون الروسي الذي لايستطيع أن يخون مصالحه ويسيء إلى قوانين وأعراف السوق السوداء والبيضاء والبين بين .

الموقف الروسي : التوقيت والملابسات:

أقصد بلفظة : ” الروس” نظام الأخوين بوتين وميدفيدف ، اللذين يديران شركتهما المساهمة المحدودة .

لماذا ماطل الروس حتى الآن ؟ بالتأكيد لهم حساباتهم العامة والخاصة وحتى الشخصية التي لامجال للتفصيل بها في هذا المقام . ولكن ثبت أن المعايير الأخلاقية وحقوق الإنسان هي آخر مايفكر به الروس . إذن ثمة أسباب دفعتهم لتغيير موقفهم في اللحظة المناسبة ، ومن أهمها أن الملف السوري يوشك أن يفلت من قبضتهم ، هذا إن لم يكن قد أفلت فعلا من الناحية الجزئية النسبية ، والاستخبارات ا لروسية ليس نائمة ، بل تتابع المشهد على الأرض ، وتكاد تكون أحد اللاعبين الرئيسيين فيه . والتحولات والتطورات الميدانية ، إضافة إلى التحولات والتطورات السياسية الداخلية والعربية على وجه الخصوص .. تشير إلى اقتراب انعطاف نوعي في المسار السوري لغير صالح النظام ، وعلى كافة المستويات ، والتي منها المستوى العربي والدولي الغربي والأممي ، وأبرز مافيه تقرير ” بيلاي ” وأثره على الرأي العام في كل البلدان . كما أن مسار الأمور كان يتجه إلى الالتفاف على الموقف الروسي بكل الأشكال الممكنة ، وهذا ما استدركه الروس ، وتحاشوا ” سواد الوجه ” مجانا . ولم يشاؤوا أن يخرجوا من ” المولد بلا حمّص” كما يقول المثل الديني عندنا . لم يشأ الروس أن يخرجوا من اللعبة خاسرين .. ومجانا . ولذلك سارعوا إلى أخذ زمام المبادرة ، ليسجلوا نقطة لصالحهم ، ولو في الوقت المتأخر أو الوقت الضائع لمباراة المساومة القاتلة ، التي كان ثمنها الدماء والأرواح والضحايا .

لقد أدرك الروس إنه لم يعد بوسعهم إحياء الجثة ، ولو بالصعقة الكهربائية . وأنه من الغباء والخسارة المراهنة على حصان يحتضر ، وهو أقرب إلى الموت منه إلى إي إمكانية الحياة والانبعاث ، وربما حصل الروس على مايرومونه ، أو على ماأمكنهم الحصول عليه قبل التضحية بالثور السوري الذي يخوض مباراته الضارية الشبيهة بتلك التي نشاهدها في ملاعب مصارعة الثيران في أسبانيا .

ماسيحصل في مجلس الأمن سيقلب ميزان القوى المنقلب أصلا على الحلبة السورية ، وهو مالايبشر بالخير ، لأن الحل لن يأتي إلا من خلال فصل دموي أشرس وأشد تراجيدية وقسوة من كل ماشهدناه حتى ا لآن ، هذا حسب رؤيتي المتواضعة ، وأرجوا أن لا تكون صائبة . وأن تحل الأمور بأقل مايمكن من الخسائر البشرية والمادية والمعنوية لسوريا عموما . كما أتمنى أن يغلب العقل والمنطق وحسابات ميزان القوى على المصالح الضيقة ، وأن نوفر الدماء ، ماأمكن إلى ذلك سبيلا

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى