صفحات سورية

أيها السورييون : شدوا الأحزمة

 


صلاح بدرالدين

العارفون ببواطن نظام الاستبداد الحاكم والملمون بطبيعته الأمنية – العسكرية الفئوية من بنات وأبناء شعبنا وهم الغالبية الساحقة لم ولن يتوسموا أي خير منه لا الآن ولا في القادم من الأيام كما لم ينتظروا أي جديد لافي خطاب رأس النظام الثالث منذ بدء الانتفاضة ولا في خطبه القادمة اذا قيض له البقاء فقد حسم الشعب أمره منذ حين وقرر الشباب المنتفضون مبدأ الاسقاط وهم يرددونه أمام الملأ وفي وجه أعضاء أجهزته الأمنية وميليشياته و – شبيحته – ومرتزقته ولن ينتظر بعد الآن مايجود به الحاكم زيفا من وعود لفظية مكررة منذ أن ورث سلطة الفساد والافساد والقهر والقمع والقتل بالاصلاح فقد أثبتت السلطة مرة أخرى عجزها وفشلها عن الاستمرار وافتقارها الى أي برنامج وطني لمعالجة الأزمة واذا ماتركنا علائم التردد والخوف البادية على وجه رأس النظام خلال خطابه الانشائي المكرر نلحظ الحقائق التالية :

الأولى – الانفصام الواضح بين السلطة والشعب والهوة الساحقة بينهما والتي بانت بصورة فاقعة من مضمون خطاب الأسد فحتى القلة القليلة من المترددين أو المراهنين من بعض الشرائح على مهزلة ادعاءات الاصلاح أو لجنة الحوار اقتربت الآن أكثر من انتفاضة الشباب وشعارها في ازالة الاستبداد متيقنة بعد طول ترقب وانتظار من دنو النظام نحو طرف الهاوية وباتت قضية الانهيار ليست الا مسألة وقت فقط .

الثانية – النظام حسم أمره بسبب العجز عن التعاطي الموضوعي والعقلاني مع الوقائع الحية باتجاه انتهاج التجربة الليبية كمغامرة طائشة على مبدأ – علي وعلى أعدائي – وقد أفصح الأسد عن نزعة تحدي الشعب السوري بل تهديده بالويل والثبور وعظائم الأمور واصفا اياه ظلما وتجاوزا بالارهاب والاجرام وسفك الدماء والطائفية والتخريب ومعلنا بوضوح عن استمراره بالحل العسكري – الأمني متخذا جانب القتلة والشبيحة بل امتداحهم الذين أهرقوا دماء أكثر من 1300 شهيد من أطفال ورجال ونساء سوريا وعبثوا بالممتلكات وجرحوا الآلاف واعتقلوا أكثر من 15 عشر ألفا وشردوا أكثر من ثلاثين ألفا الى تركيا ولبنان والأردن .

الثالثة – لاشك أن الأسد قد تمرن مطولا حتى يستطيع الوقوف أمام كاميرات التلفزة متماسكا ومتقمصا مشهد المضلل الهادىء والمفتري الذي لايرف له جفن والمتجاهل بابتسامات مصطنعة عمق الأزمة وهول الحالة السورية ومأزق النظام كأنه يتكلم من كوكب آخر وبذلك يكون قد أحرق كل أوراقه أمام السوريين والعالم الخارجي .

الرابعة – ظهر من خطاب الرئيس الوارث مدى طائفيته المقيته باستثارة وترهيب شركائنا في الوطن من أتباع المذهب العلوي ودعوته الصريحة الى المواجهة والحرب الأهلية عبر المزيد من توريط الجيش والقوات المسلحة وخاصة من الفصائل والألوية الموالية له بازهاق أرواح المواطنين المسالمين وكأنه يلوح باستخدام كل المحرمات من أجل الحفاظ على رأسه حتى لو أدى الأمر الى بث الفرقة والانقسام بين المكونات الوطنية السورية القومية منها والدينية والمذهبية فهل يعلم الحاكم المستبد نتائج وافرازات اقتحام قواته الخاصة لمدن وبلدات السوريين ؟ ألا يعني ذلك وبوضوح الدعوة للانقسام والفتنة .

الخامسة – ان الرد الأنسب والأمثل هو استمرار شباب الانتفاضة في الالتزام بالاسلوب السلمي ومواجهة زبانية السلطة بالصدور والشعار السياسي والتعامل الحضاري وتعميق التلاحم بين كل المكونات الوطنية والتركيز على الهدف الأساسي وهو اسقاط النظام كأولوية وحيدة في هذه المرحلة .

السادسة – بالرغم من استقلالية الانتفاضة وانطلاقها من الشعب والجماهير ورفضها لأي تدخل خارجي من أي نوع كان وترحيبها بأي تضامن عالمي من القريب والبعيد مع القضية السورية والتغيير الديموقراطي من دون أي ثمن مقابل نشهد أن النظام يسير وعن تخطيط باتجاه اختلاق الأسباب الخارجية واستجلاب العوامل الاقليمية والدولية بهدف الخلط المتعمد وتزييف الحقائق حتى يتسنى له الزعم والادعاء بأنه يواجه أجندة خارجية ومؤامرات معادية في حين نرى أنه هو من بدأ في استجلاب أدوات خارجية لدعم نظامه الآيل للسقوط من قوى عسكرية وميليشياوية من ايران وحزب الله وقبل ذلك هو من أبرم اتفاقيات أمنية وعقد صفقات مع الحكومة التركية وهو من يتواصل سرا مع الأوساط الاسرائلية لطمأنة الدولة العبرية وكسب نفوذها في الغرب كل ذلك في سبيل الحفاظ على الحكم والتشبث بكرسي السلطة على حساب الوطن والشعب والمبادىء والكرامة .

السابعة – واذا كان النظام يمارس لعبته السياسية والاعلامية والدبلوماسية واذا كانت الانتفاضة الشعبية مستمرة ومتواصلة غير عابئة بمخططات النظام فان المعارضة الوطنية في الخارج أمام الامتحان وعليها الالتزام الكامل بما اتفق عليه من خلال اللقاءات والمؤتمرات وهو عدم الانجرار وراء مؤامرات ومكائد النظام والوقوف من وراء الانتفاضة وليس أمامها أو الوصاية عليها والابتعاد عن أجندات خاصة من الجوار والخارج الأبعد وعدم الاندفاع نحو استحضار تجارب الآخرين وعدم التفكير ولو للحظة أنها قد استحصلت على الشرعية الوطنية والثورية لتقود الشعب السوري عن بعد بل هي مازالت في موقع تقديم الخدمات للانتفاضة وتلبية احتياجاتها وتنفيذ شعاراتها اذا أرادت أن تحمل شرف تسمية المعارضة الوطنية النزيهة خاصة وأن الغالبية المشاركة في النشاطات الخارجية تعاهدت على هذا المبدأ أما اذا تطورت الأمور باتجاه تطبيق سيناريوهات أخرى مثل فرض مناطق سورية منزوعة السلاح باشراف الأمم المتحدة أو المؤسسات الدولية الأخرى – والنظام يتحمل المسؤولية المباشرة عن ذلك – فان الانتفاضة بالتشاور مع مختلف أطياف المعارضة في الداخل والخارج هي المنوطة أولا وآخرا بتقرير الموقف المناسب والى حين ذلك فان المعارضة الوطنية في الخارج منوطة أيضا بمتابعة العمل الاعلامي والتعبوي والتواصل مع محكمة الجنايات الدولية وتنظيم اللقاءات للتشاور والاتصال مع المجتمع الدولي والدول الأعضاء في مجلس الأمن من أجل كسب الموقف الداعم للقضية السورية بما في ذلك عقد المؤتمرات كتظاهرات وطنية خارجية لدعم الانتفاضة على غرار ماحصل بأنتاليا وغيرها .

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى