صفحات سوريةعلي العبدالله

أي شوفينية أي حوار


علي العبدالله *

     في مقالة للأستاذ حسين عبدالعزيز تحت عنوان ” المعارضة السورية بين الشوفينية والاعتدال ” (الحياة : 29/11/2011 ) حديث عن المعارضة السورية ومقارنة بين ما يسميه معارضة ” الداخل ” ومعارضة ” الخارج ” فيه الكثير من عدم المعرفة وسوء التقدير .

     بداية لا يمكن لمعارض أو مستقل التحدث عن معارضة ” داخل ” ومعارضة ” خارج ” فهذه لعبة السلطة السورية التي تسعى لإبقاء المعارضة السورية مقسمة ومشتتة فالتوحيد أو الائتلاف في جبهة ليس غير مقبول من وجهة نظرها ومصلحتها بل وممنوع لذا فأنها تسعى بشتى الطرق لمنع هذا الاستحقاق بكل الوسائل ومن بينها تقسيم المعارضة إلى معارضة ” داخل ” ومعارضة ” خارج ” والتشكيك بوطنية معارضة ” الخارج ” كي تقطع الطريق على محاولات الائتلاف أو التوحد .

    أما النقطة الثانية فالتسمية التي يطلقها الأستاذ عبد العزيز على المجلس الوطني حيث يضيف من عنده سمة الانتقالي وهي غير واردة في الاسم الرسمي للمجلس فالاسم كما حدده المؤسسون هو المجلس الوطني السوري.   والنقطة الثالثة من نقاط عدم المعرفة قوله بامتلاك هيئة التنسيق للجغرافيا والتاريخ ، وهو قول ينم عن عدم معرفة يبلغ حد الجهل ، فالمجلس الوطني السوري ليس خارج جغرافية سورية فجزء رئيس من مكوناته موجود في الداخل السوري : إعلان دمشق للتغيير الوطني الديمقراطي ومجموعة من تنسيقيات الثورة . التاريخ بدوره ليس غائبا عن قوى المجلس فهل هناك من يستطيع أن ينكر نضال حزب الشعب الديمقراطي وقائده الأستاذ رياض الترك أو ينكر حضور حركة الإخوان المسلمين في المشهد السياسي السوري ، ناهيك عن أن اللحظة السياسية التي تعيشها سورية : الثورة ، والتي فتحت التاريخ على مصراعيه بجهود وتضحيات شباب الثورة السورية المباركة وبدء تاريخ جب التواريخ الماضية المسكونة بالإحباط والهزيمة ، تستدعي إعادة نظر في الأفكار والبرامج والخطط في ضوء الثورة المشتعلة ، هنا بداية تاريخ جديد وشروط نضالية جديدة .

     النقطة الرابعة ما ذهب إليه الأستاذ عبدالعزيز في قوله قبول النظام بهيئة التنسيق وتيارات أخرى كمعارضة وطنية ، إذ من المؤكد إن النظام لم يعترف حتى الآن بالمعارضة ، لا هيئة التنسيق ( هناك ثلاثة من المكتب التنفيذي للهيئة في السجن ، وقد اعتدي على مكتب الأستاذ حسن عبد العظيم مرتين وملئت جدرانه بكلمات مهينة اقلها خاين وعميل ) ولا تيار بناء الدولة ، حتى انه تجاهل توصيات المؤتمر التشاوري الذي عقده وترأسه نائب رئيس الجمهورية الأستاذ فاروق الشرع ، انه لا يعترف إلا بما يخدم بقائه في السلطة .

   أما سوء التقدير ففي قراءة الأستاذ عبدالعزيز للمجلس الوطني وهيئة التنسيق وموقفيهما بمعزل عن اللحظة السياسية التي تعيشها سورية ، فالحديث عن اعتدال هيئة التنسيق وراديكالية المجلس الوطني لا يمكن أن يكون حديثا مجردا وموضوعيا في آن ، فالموقف في مناخ الثورة غيره في مناخ الصراع السياسي العادي أو الممهد للثورة فلكل أوان أذان ، كما يقال ، ففي مناخ الثورة يصبح للاعتدال مدلول مختلف عن مدلوله أيام الاسترخاء والنضال السلبي تحضيرا للثورة أو التغيير الثوري ، يصبح موقفا مضادا للثورة لأنه يهدر فرصة الثورة بالميل نحو حل وسط مع السلطة أي سلطة يبقيها أو يبقي جزءا من مكوناتها في النظام السياسي فما بالك والسلطة التي نواجهها بهذا السوء والدموية . وهذا ما نجح المجلس الوطني السوري في التقاطه منذ تأسيسه وجسده في تبنى موقف الثورة في إسقاط النظام بكل مكوناته استجابة لمستدعيات اللحظة التاريخية التي تعيشها سورية الآن ، وهذا ، وعلى الضد من قراءة الأستاذ عبدالعزيز ، ما أدركته هيئة التنسيق متأخرة عندما تبنت صيغة التفاوض مع النظام على مرحلة انتقالية بدل الحوار معه .

هنا تسقط أحكام الكاتب حول الموضوعية والخبرة السياسية والمراهقة السياسية ، والتيار الثوري ، يقصد المجلس الوطني ، المتحرر من قبضة النظام الأمنية – دون أن ينتبه إلى أن قوله هذا فيه اتهام لهيئة التنسيق بوقوف الخوف من القبضة الأمنية وراء موقفها من النظام والثورة وهذا يسقط عنها الموضوعية والخبرة السياسية والاعتدال التي سبق وأسبغها عليها – التي وزعها على هيئة التنسيق والمجلس الوطني السوري دون تدقيق ، ويسقط معها قوله عن المجلس الوطني السوري ” وسمح له أن يكون رأس حربة لدى بعض الدول الغربية ” لأنها تهمة لا تمت إلى الواقع بصلة وتثير الشكوك حول موضوعية الكاتب وحياديته ، أما استهجانه لرفض المجلس الوطني السوري الحوار مع السلطة وربطه – الاستهجان – بعدم وقوف مجمل الشعب ضد النظام فيثير سحبا من الشك حول موقف الأستاذ عبدالعزيز من شرعية الثورة على النظام الاستبدادي . لقد رفض المجلس الوطني السوري الحوار مع النظام لأنه مؤمن بشرعية الثورة وعدم شرعية نظام يقتل المواطنين لأنهم خرجوا عليه يطالبون بالحرية والكرامة .

في الختام فاني اعترف بعجزي عن إدراك مغزى ورود مفردة الشوفينية في عنوان المقال وعدم ورود شيء في المتن يشير إلى هذه الشوفينية أو يعين حيثياتها.

* – كاتب سوري .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى