زين الشاميصفحات سورية

إذا انكسرت الثورة السورية … فعلى الربيع العربي السلام


زين الشامي

لم ترَ غالبية من السوريين خصوصا المجلس الوطني المعارض في خطة المبعوث الدولي كوفي أنان لإنهاء الأزمة السورية أي بصيص أمل لحل الازمة او انهاء حكم الرئيس بشار الأسد، فهذه الخطة ذات البنود الستة، وحتى لو كانت تطالب النظام بشكل صريح بوضع حد للعنف ضد المحتجين وانهاء المظاهر المسلحة من الشوارع والمدن، إلا انها لا تطالب السلطات السورية بجدول زمني او مدة محددة لتنفيذ ذلك رغم تلك التصريحات النارية التي تأتي من هنا وهناك والتي تطالب بالوقف الفوري لاستخدام العنف.

فمنذ اعلان دمشق قبولها رسميا بنود الخطة، لم يمر يوم واحد الا وقتل فيه العشرات على أيدي قوات الجيش والأمن، كذلك لم يتغير شيء في طريقة التعاطي مع المتظاهرين والتي بقيت على حالها منذ اندلاع الاحتجاجات في مارس – آذار من العام الماضي، ولم تتغير طريقة التعاطي الامنية العنيفة ليس ازاء خطة المبعوث الدولي كوفي أنان فحسب، بل ازاء كل الخطط والقرارات والمبادرات التي صدرت عن الجامعة العربية والجمعية العامة للامم المتحدة ومؤتمر اصدقاء سورية ورغم مطالبة الرئيس الأميركي باراك اوباما للرئيس بشار الأسد بالتنحي، ورغم كل العقوبات التي سنّتها كل من الولايات المتحدة وأوروبا واليابان وكندا وغيرها من دول العالم.

نعم، ان النظام السوري، يبدو كما لو انه أبكم وأطرش وخارج كوكب الارض، يعمل ويفكر بطريقة ونهج واحد يعتمد اساسا ونهائيا على مبدأ انهاء الاحتجاجات بالقمع العنيف حتى لو كلف ذلك مئات الألاف من الضحايا، وحتى لو تهدمت كل المدن السورية فوق رؤوس ساكنيها.

بكل تأكيد يستند النظام في عدم لامبالاته واستهزائه بالولايات المتحدة واوروبا والجامعة العربية، على دعم كل من روسيا وايران سياسيا وعسكريا، او ربما على اسرائيل التي لا تبدو انها متحمسة كثيرا لرحيل هذا النظام، لا بل هي مستفيدة كثيرا من الوضع الراهن، حيث الدولة السورية ومؤسساتها في طريقهم الى الانهيار، والاقتصاد يدمر، والمجتمع يتفتت ويتذرر، وحيث الثورة تتجه الى آفاق ونهايات لا تشبه الآمال التي انعقدت عليها حين بدأت.

قبول النظام السوري لـخطة أنان تتيح له الكثير من المناورة، اذا لم نقل انها لا تدعوه اصلا للتنحي، وهو الامر الذي يعني في النهاية ضربة لكل الجهود التي بذلت في السابق من اجل اسقاط النظام وخيانة لكل دم السوريين المنتفضين الذي هدر في الشوارع على مدار اكثر من عام وصدمة لكل المتفائلين بثورات الربيع العربي وما قد تجلبه من تغيير على عموم دول وشعوب المنطقة.

من ناحية أخرى، وفي ظل اعلان جميع الدول الغربية الكبرى وفي مقدمهم الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانية، انه لا نية لديهم ولا خطة للتدخل العسكري في سورية متذرعين بتعقيدات الحالة السورية، وفي ظل تعطيل هذه الدول نفسها لكل المبادرات والدعوات من قبل المجلس الوطني وبعض الدول العربية لتسليح الجيش السوري الحر، وأيضا في ظل رفض الكثير من فصائل المعارضة السورية لمبدأ التدخل الخارجي، فإن المشهد يبدو اكثر من سوداوي، ورغم اننا منذ البداية كنا ضد عسكرة حركة الاحتجاجات، لكن ان يترك المتظاهرون يواجهون الدبابات والمدفعية ورصاص القناصين وان يعتقلوا ويعذبوا وتحاصر المدن ويمنع عنها الخبز والماء والكهرباء دون ان يلوح في الأفق أي حل يضع حدا لهذا الكابوس اليومي، فإنه من الطبيعي ان نتعاطف مع مطلب التسليح من أجل الدفاع عن النفس وحسم الامور بيد السوريين انفسهم رغم التكلفة الباهظة لذلك.

وعليه، وفي ظل هذا الواقع المأسوي الذي يميل جميعه لصالح النظام، حيث تمده روسيا وايران بكل الوسائل والاسلحة والدعم الذي من شأنه ان يقمع المنتفضين فيما لا يملك عناصر الجيش الحر الا اسلحة خفيفة ويفتقدون لكل ما من شأنه ان يساعدهم على الاستمرار، فإن علامات انتصار النظام وقدرته على سحق الانتفاضة تبدو ممكنة رغم كل الآمال العريضة التي رافقتها في البداية.

وللأسف فإن ذلك سيعني في ما لو تحقق، ان هذا النظام الوحشي سيبقى لعقود مقبلة، وسيعمل على تبديد كل ما تحقق من مكاسب للشارع العربي ضد الانظمة الاستبداية العربية.

وفوق ذلك سيعطي دفعا لكل قوى «الممانعة» في المنطقة التي لا شأن لها سوى سرقة ونهب خيرات بلدانها وقمع شعوبها بحجة «المقاومة» والمعركة ضد «العدو الصهيوني».

ان انكسرت الثورة السورية، فعلى الربيع العربي كله السلام، ليس على الربيع العربي فقط، بل على كل احلامنا عن دول الحريات والديموقراطية والعدالة والمؤسسات. ان بقاء النظام السوري رغم انف السوريين وغالبية دول العالم يشبه فشل الاطباء في استئصال اكبر وأخطر الكتل السرطانية في جسد الانسان.

الراي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى