صفحات العالم

إضعاف الأسد بدلا من إسقاطه


ماهر أبو طير

برغم المذابح في سوريا،الا ان هناك تغيراً في البوصلة الدولية تجاه الاسد،من سيناريو اسقاط الرئيس الى اضعافه،تمهيدا للمرحلة المقبلة.

بشكل واضح يلمس كثيرون ان المجتمع الدولي،وجامعة الدول العربية،لايطرحون شعار اسقاط الاسد،اذ حدث تراجع عن هذا الشعار،بشكل جزئي،نحو اضعاف النظام السوري،واضعاف الاسد،توطئة لتسوية اقليمية،تقوم على اساس فك تحالفه مع ايران وحزب الله،من جهة وتخفيف حدة النظام ازاء ملفات عدة.

برغم هذا التغير في الموقف الدولي،الا ان كل السيناريوهات تضع في حسابها،احتمال سقوط نظام الاسد بمعزل عن التوجه الدولي،على يد السوريين،لان التوجه الدولي في نهاية المطاف لايضمن بقاء الاسد،بقدر مراهنته على قدرة الاسد على الخروج من مستنقع الدم بأقل الكلف.

السيناريو الموازي تماما لسيناريو اضعاف الاسد لا اسقاطه،يتناول نتائج الثورة السورية،وعما سيحدث في سوريا اذا سقط النظام،والمخاوف الدولية تتحدث عن الوريث وترى انه قد يكون من داخل ذات النظام القائم حاليا،لا من خارجه،مع اعتبار ان هذه الفرصة قليلة الحدوث لان سقوط رأس النظام سيؤدي في الاغلب الى تساقط كل اوراق النظام.

العواصم الغربية امام مأزق كبير لان الحسبة تجاه سوريا تخضع للميزان الاقليمي،فمن جهة يراد تحطيم المحور الايراني السوري،وتوابعه في المنطقة،واخراج سوريا من هذا المعسكر في الحد الادنى،للاستفراد بتسويات سياسية او عسكرية مع ايران،ومن جهة اخرى تتبدى المخاوف من كلفة سقوط النظام لصالح بروز الاسلاميين في سوريا،وتأثيرات ذلك على امن اسرائيل،التي تجد نفسها لاول مرة في باب الذي يفضل اضعاف النظام لا اسقاطه،هذا من التذكير باستحسان واشنطن جزئيا لان يرث دمشق السياسية،اسلام سياسي سني،لمواجهة المشروع الاسلامي الايراني الشيعي،وهنا عقدة الخيارات،وتناقضاتها.

محللون يقولون ان دولا غربية كثيرة ترى في حراكات الشارع العربي جانبا مفيدا هذا على الرغم من تراجعات الدعم الدولي لهذه الحراكات،وهذا الجانب المفيد يتعلق برؤية انتهازية ترى في ترك الشارع ليعبر عن رأيه عبر صناديق الاقتراع فرصة كبيرة لمرور الاسلاميين السنة في المنطقة،بما يشكلونه من قوة اسلامية سياسية،ُيفترض مسبقا ان تعاند المشروع الاسلامي الايراني الشيعي،وهذا يعني توظيف الاقتراعات في العالم العربي لمهمة محددة،سيتم التعامل مع نتائجها الابعد لاحقا،اذا تم انهاء المعسكر الايراني وتحالفاته في المنطقة.

المراهنة الان على اضعاف النظام توطئة لتسوية اقليمية كبرى،تؤدي الى عزل ايران،عبر اضعاف اهم حليف لها،وعبر السماح بتشكيل قاعدة عريضة للاسلاميين السنة عبر الاخوان المسلمين والسلفيين وغيرهم في مواجهة وظيفية مع طهران الشيعية،فيما سيناريو سقوط النظام كاملا يبدو مرعبا لكل الاطراف،لان مابعد الاسد،غامض ومفتوح على كل الاحتمالات،والتقليب جار لكلفة الخيارات وكلفها.

تبقى قدرة دمشق الرسمية،وتحالفها مع طهران،على اعادة خلط الاوراق في المنطقة،محل الاختبار،خصوصا،ان واشنطن وحلفاءها،ليسوا اللاعبين الوحيدين في المنطقة،وقد تتعرض كل السيناريوهات الى مفاجآت واعادة رسم من جديد.

* نقلاً عن “الدستور” الأردنية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى