صفحات الثقافةوفائي ليلا

إنه يحبّ أفلام الكاوبوي وإطلاق الرصاص على كل شيء يتحرّك/ وفائي ليلا*

 

 

أبي وأمّي كانا يديران حرباً كونية شاملة رحنا ضحاياها جميعاً.

البنات تمّ تصريفهنّ بزيجاتٍ سريعة ومستعجلة. الأولاد تمّ رميهم من نافذة المنزل إلى الطريق؛ الكبير إلى السفر، الأوسط إلى الشارع، والصغير إلى الجيش. بيعت كل المقتنيات وعدّة الشغل التي جمعها الكبير. تحوّلت غرفة الأوسط إلى مستودع للأحذية، والأرزّ، وكراكيب البيت. الأصغر عوجل بزواجٍ فاشل بإدارتهما، فقضى عمراً كاملاً يقضم فيه أظفار الندم  والخيبة.

أبي وأمّي شاركا جدّياً في قتلنا. طارادنا من مكان إلى آخر؛ الأب رسم عنا سيناريوات مرعبة وراح يوزّع بروشوراتها على العائلة التي تسترخي في تفكك واضح. يلفّق الخرائط، وصور التورط كاملة: المسروقات، وكل الأدلة الدامغة.

أمّي اكتفت بالطهو والتنصل من أيّ مسؤولية كانت تنسبها بالخفاء إلى أبي، الذي قاسمته أمجاده كاملةً، بتواطؤٍ لم ننتبه له البتة.

حين مرض ذاك الأخير، انقضّت عليه والتهمته.

أمّي الآن لبوءة كاسرة، بلا رجلٍ ولا أولاد. تصلّي خائفةً وجزعة بعدما كسرت صورة جدّي المقيت الذي أورثنا جميعاً عائلةً حمقاء، أولاداً شقراً وأمهات وآباء لا يستحقون أيّ وسام.

ملاحظة: جميع المذكورين آنفاً أشخاص غير حقيقيين، على خلاف القصة.

* شاعر سوري

النهار

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى