صفحات سوريةغسان المفلح

إيران والحلقة المفرغة/ غسان المفلح

 

 

لايوجد في السياسة الامريكية ثوابت إلا ما تقتضيه المصالح إلى درجة الكلبية. حيث لكل مرحلة سياساتها وكما يقال: لكل زمان دولة ورجال. السياسة الامريكية اختلفت تماما بعد الربيع العربي. لم تعد الوسائل القديمة مجدية في التعامل مع شؤون المنطقة. لماذا نناقش السياسة الامريكية، رغم أن الموضوع متعلق بالمشروع الفارسي؟ منذ بدء الربيع العربي والادارة الاوبامية تغازل اعلاميا على الاقل السياسة الايرانية، المبنية على حجري زواية لاتحيد عنهما، الطائفية وماتعنيه من توتير المجتمعات العربية، ثم عسكرة تواجدها من خلال الطائفية في تلك المجتمعات. إيران جربت في السابق الاخوان في مصر بزعامة عاكف، لكنها فشلت في تكريس نفوذها عبر هذه الجماعة، حيث تم تنحية عاكف وزمرته عن قيادة الاخوان. فهل سلحت ايران احدا في مصر؟

عسكرة التواجد الايراني في العراق مع فصائل كثيرة على رأسها قوات بدر التابعة للعامري، رغم تواجده في الحكومة العراقية، ولبنان مع حزب الله واليمن مع الحوثيين، وسورية تحاول حتى اللحظة أن تجعل آل الاسد مثلهم مثل حزب الله والحوثيين، لكنها رغم الدعم الكبير لهم، تدرك ايران ان عين الاسد على تل ابيب وتغطيتها له امريكيا. بعد ان سيطر الحوثيون على صنعاء، بمساعدة جيش علي عبد الله صالح وابنائه وعشيرته وبقايا نظامه، لولا هؤلاء لما استطاع الحوثيون التقدم باتجاه صنعاء. اضافة إلى حيادية الحراك في اليمن الجنوبي. علت الاصوات مرة اخرى عن تحالف غير معلن امريكي ايراني. قضم النفوذ الذي تحاول ايران القيام به، هو في النهاية يعتبر قضم لمناطق النفوذ الامريكية. هل هذا يلغي امكانية أن تتشارك ايران وامريكا النفوذ في بعض المناطق كما حصل في العراق؟ نعم الامكان هنا موجود، تكتيكي مرحلي من قبل امريكا، كما هي حال العراق. لكن بالمؤدى الاخير لاتقبل الولايات المتحدة من يقاسمها النفوذ الفعلي. لهذا نجد أن مشروع النفوذ الايراني في المنطقة، يحتاج لديكتاتور يتبعه. من هو الديكتاتور المرشح لذلك؟ الاسد كمرشح لا يسلم عنقه لايران لأنه يعرف أن القرار في أن استمراره من عدمه، هو في يد الولايات المتحدة والشق الاسرائيلي منها، خاصة لكون سورية لها حدود مع اسرائيل. مشروع النفوذ الامريكي اكثر سعة ورحابة، بمعنى أنه يستطيع التعامل مع مناطق نفوذ فيها دول ديمقراطية، لهذا احيانا يدعم الديمقراطية في بعض الدول. لكن ما اتضح بالنسبة لبعض دول الربيع العربي، أن أمريكا قررت ادخال هذه الدول في حلقة مفرغة. الشعوب تدفع ثمنها. الحلقة المفرغة، حيث البشر تدور في دائرة من العنف والتشكيلات المتعددة الاجندات، صوملة مزمنة. كلما تجد هذه الشعوب بديلا ما تحاول اميركا اجهاضه، من أجل استمرار شعوبنا في مأساتها مع هذه الانظمة اللاشرعية واللاقانونية والمجرمة، مثال اليمن والعراق ولبنان وسورية وليبيا. إنها حلقة مفرغة من دماء شعوبنا. علي عبد الله صالح ارتكب جرائم ضد الانسانية هو وابنائه، لماذا تحويه امريكا؟ لأنه فقط تنازل عن الحكم ولو أنه ترك لاولاده حصة الاسد في السيطرة على الجيش. الآن ما الذي حققه الحوثيون في اليمن لايران؟

دخول قوة جديدة على القوى التي تساهم في هذه الحلقة المفرغة أي في الصوملة المزمنة لا أكثر ولا أقل. قاعدة وحوثيون ونظم مجرمة، تماما كقاعدة العراق وجحافل المليشيات الشيعية الموالية لايران وأخير داعش لسورية والعراق. لبنان حزب الله موجود بفعل القوة العارية، لكنه لم يستطع شرعنة هذه القوة، وبالتالي شرعنة النفوذ الايراني. من ينظر الآن إلى مناطق النفوذ الايراني كلها تحصد دماء شعوبنا، وامريكا مرتاحة لهذا لأنها وجدت طرفا متوفرا دوما لقيام حروب اهلية وطائفية عند الضرورة فلاداعي لكي تقوم بذلك نيابة عنه. لكن ايران مهمتها تنحصر فقط في هذا الكم الهائل من العنف لا اكثر ولا اقل. لبنان بلا رئيس والعراق حروبا وليس حربا واحدة، سورية واليمن كذلك. في هذه الطريقة داعش لن تنتهي وجحافل ايران لن تنتهي وكله ارهاب. مرة امريكا تحارب حزب الله ومرة تحارب داعش، ومرة اخرى تترك بعض المجتمعات لمصيرها حتى تنتهي لوحدها ماساة، الصومال مثالا. لذلك لايوجد لا صفقة ايرانية امريكية ولا يوجد أمكانية لقيام نفوذ ايراني مشرعن في تلك المناطق، بل استمرار اسباب الحروب الاهلية. الاسد يختلف لأنه زبون اسرائيلي قديم يتجدد بتجدد الجريمة. كما الطائفية سياسة قديمة جديدة ايضا.

ايلاف

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى