صفحات المستقبل

ابتسم فأنت شبيح

 


و ما أدراك ما الشبيح يا صاحبي ، و لست أدري إن كانت ستكفي سطور هذه المقالة لتوفيه حقه و قد ملأت سمعته الآفاق فلم تبق وسيلة إعلام صفراء أو خضراء إلا و أتت على سيرته و لم يبق معارض أو شاهد عيان إلا و تحدث عن مآثره و أفعاله التي تخلو من الإنسانية و الضمير ، حتى ظننت أن قوم يأجوج و مأجوج قد استعيدوا من سجن الإسكندر ذو القرنين و عادوا ليعيثوا في الأرض فساداً و إفساداً .

فمن هم الشبيحة و قد كثرت الأقاويل عنهم ، فالرواية تعود إلى أواخر السبعينات و الثمانينيات في عصر الحصار الذهبي الذي ضرب على سوريا و نشأت كمجموعة منظمة هدفها التهريب عبر الحدود و كانت ذات صبغة طائفية محددة ، و امتازت بالولاء التام لقائدها الذين يسمونه ب ” المعلم ” … و قد تحدث كثيراً عن أفعالهم التي قيل أنها تمت تحت نظر النظام و رعايته و لكن الوقائع على الأرض تثبت أنها في عدة مرات تصادمت مع النظام و اضطر في آواخر التسعينات إلى شن العديد من الحملات عليها و إغلاق مرافئها غير الشرعية و إخماد تحركاتها بشكل شبه كامل و ما بقي منها سوى الاسم الذي أخذ يطلق على الشباب في الساحل دون أي معنى كأسلوب خطاب فحسب : كيف الشبيحة و مرحبا يا معلم ، و بالتأكيد لم يكن الشباب آتين من غزوة تهريب و لم يكن المعلم آتياً من أمر عمليات …

و منذ بداية الأحداث أعيد إحياء الاسم  كمرادف لعمليات القتل و الاغتصاب و السرقة و لم تبخل القنوات إياها علينا بالحديث و التحليل  عن مجازر ترتكبها تلك الفئة يداً بيد مع قوات الأمن بحق المتظاهرين ثوار الحرية الشجعان ، و فجأة تحول الشبيحة من عدد قليل من الأفراد محصورين بمكان محدد إلى مئات الآلاف و انتشروا على مساحة الوطن من اللاذقية و جبلة و بانياس لنجدهم يقتلون أهل درعا يداً بيد مع حزب الله و الباسيج الإيراني ، و يقتحمون تلبيسة و بابا عمرو و باب السباع ، يعتدون على المتظاهرين في السويداء ، و يشكلون فرق موت في حماه و جسر الشغور ، يقتحمون الشريط الشائك في الجولان و يعتدون على مصور الجزيرة و يكسرون كاميرته ، ثم يقومون بمظاهرة أمام البيت الأبيض و في اسطنبول و أنطاليا ، و يمنعون الموسيقار الذي نسيت اسمه من المشاركة في حفلة في هولييود و المفكر برهان غليون من مناظرة في برلين ، و أخيراً يرفعون أطول و أكبر علم سوري في دمشق …

و للعلم حكاية أخرى ففيما انشغل الآلاف في صناعته و حياكته و مئات الآلاف في مده و رفعه ، انشغل البعض في حساب تكلفته و نقله طبعاً من باب الحرص على أموال الشعب و أيتامه و فقرائه و نازحيه ، و ليسمحوا لي هنا بأن أعبر بعض ملاحظاتي كوني أحب الحساب جداً ، كم يصرف السوريون على توافه لا قيمة لها  … أعتقد أن ما يصرفونه في يوم واحد يكفي لعلم طوله عشرات الكيلومترات ، و ساعات الفرح التي عاشها هؤلاء الشباب أغلى و أهم من أن نقدرها بحساب القروش و الفرنكات ، القسم الثاني من المعلقين قدس الله سرهم و حفظهم الله و كثر من أمثالهم لأن ميزان الله صب بين أيديهم فاحتجوا أن البعض داس العلم و عليه كلمة الله بعد شي كيلومتر  من مكان الدعسة و بالتأكيد لم يكن فعل إهانة ، يا ليتكم فتحتم فمكم عندما ألقي نفس العلم بالنار من جماعة أنتم أهلها   لأنما الأعمال بالنيات و لكل إمرئ ما نوى فدبروا غيرها إذا بتريدوا ، أما القسم الثالث فهم أصحاب القلوب الكبيرة الذين احتجوا على مهرجان الفرح في عرس الدم و لم يعلم التافهون أنّا نعد شهدائنا لمواسم العز ، نفخر باستشهادهم و نستقبلهم بالزغاريد ، يقبل الواحد منا على الموت غير هياب لأنه يعرف أن أبناؤه و أهله في أيد أمينة لن تضام فهو في سورية ، و يكفي أن يقال أهل الشهيد لتفتح له أبواب المجد و العز و الفخار فباستشهادهم يرتفع الوطن و تعلو راياته خفاقة لا تنكس .

نحن شبيحة سوريا هم أسمونا … نمنا مواطنين و استيقظنا شبيحة و أبواق ، و إن كان حبنا لبشار سيكسبنا هذه الصفة فنعم نحن  شبيحة و لنا  الشرف فنحن نعرف من نحن و لن ننتظر شهادة منكم  و أكتبوا على قبري هنا يرقد الشبيح الذي رفض أن يدمر  وطنه لأجل حرية لا تعرف أباها .

http://nawarshash.com/?p=271

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى