صفحات سوريةغسان المفلح

اغتيال الحرية هدف العسكر والفساد/ غسان المفلح

رغم أن الحق وحده لايكفي لانتصار القضايا العادلة، لكن يجب ألا تضيع البوصلة بين الحق ووسائل تحققه.

الثورة السورية كشفت حجم الزيف والتزييف الذي تختزنه وتمارسه الشريحة الفكرية والثقافية السورية. إضافة لبعض تجمعات المعارضة.

هذا الزيف له عنوان واحد وهو اغتيال الحرية، واعلاء قيمة البسطار على قيمة الانسان. الحجة جاهزة وهي العلمانية والخوف من الاسلاميين. حتى اصبح المرء يميل إلى أن عشق البسطار العسكري لدى هؤلاء مرتبط بالايديولوجيات العسكريتارية التي نشأوا عليها وفيها، اضافة لبيئاتهم الحاضنة عند بعضهم، عندما يتلفت مثقف ما حوله، ليجد غالبية اقرباءه وجيرانه ومعارفه ينتمون للعسكر وظيفة ومصلحة وفسادا، هذا المثقف او الناشط لايستطيع ان يجمع حوله خمسة اشخاص، يرفعون شعار( اوقفوا القتل) مثلا!! يصبح من قتل مدنيا سوريا بقرار من الطغمة العسكرية الفاسدة، ضحية وشهيدا ويجب الدفاع عن حواضنه الثقافية. هذه الحواضن تكون لدى هذا المثقف سورية وهي تقتل وتنهب وتشبح، وتصبح علوية عندما تتعرض لأي هجوم، والمدني الذي قتلوه يتحول إلى جلاد هو وحواضنه الاجتماعية(غالبا هم سنة وهذا عامل موضوعي) ويجب ان يستمر البسطار العسكري حاكما وقاتلا وقامعا ومدمرا. سافترض طيب النوايا عندما يقول احدهم مبررا ( كل هؤلاء ضحايا الطغمة الحاكمة الجندي والمدني) وأنا أوافقه طبعا، لكن النتيجة التي يخرج فيها، أن هذه الطغمة يجب ان تستمر في حكم سورية!! كيف؟

 لانريد تكرار أن قضية الحرية في سورية، حوصرت من قبل المجتمع الدولي منذ اللحظة الأولى لانطلاق الثورة. ولماذا حوصرت؟ من أول يوم في الثورة ونحن نكتب وننبه إلى دور النفط وإسرائيل، في محاولة اجهاض الثورة، او تدمير البلد، لكن من قام بتدمير البلد ليس المعارضة على علاتها، بل السلطة ومواليها، والسبب الاساس، أنها تشاطرت وارادت تحويل الثورة لميزان قوى عسكري فقط، إما أن تنتصر او تهزم. ليس لأن فيها أخلاق الفارس بل لأنها لاتنتمي لهذا البلد. يتذاكى بعضهم أيضا أن الدكتاتوريين، لايهبطون في المظلة بل هم نتاج هذا المجتمع وهذه الثقافة، تصريح يحمل المجتمع مسؤولية انتاج النظم الديكتاتورية. الموضوع صحيح لو كانت المجتمعات غير مجتمعاتنا التي فعلا أنزل النظام الدولي ما بعد الاستعمار التقليدي، ونظام الحرب الباردة أنزل تلك الانظمة بالبارشوت. الثورة كشفت هذه القضية واماطت اللثام عن قدرة القوى الفاعلة في النظام الدولي، في تغيير الانظمة أو بقاءها. سورية وحماية الطغمة الحاكمة رغم ما فعلته وتفعله من جريمة لم يشهد التاريخ مثلها بحق شعبنا. والتجربة المصرية أيضا، وثورة إيران 2009 التي تركت وحدها حتى قمعت. لايمكن أن يستمر نظام سياسي دون أن يكون للغرب عموما، مصلحة في استمراره وأمريكا خاصة. هذا الموضوع لاعلاقة له بنظرية المؤامرة بل له علاقة بموازين القوى الدولية والاقليمية، أمريكا الآن على سبيل المثال من القوة بعكس اوهام بعض اليساريين واحلامهم، من القوة في المنطقة أن كل اعداءها يتقاتلون. كما تراهم هي انهم اعداء. من تحمي بشار الاسد هي أمريكا لا جعجعة نصر الله ولا اسلحة روسيا ولا أموال طهران وحرسها الثوري. الغاية تدمير البلدان المحيطة بإسرائيل واعادتها دوما إلى ما تحت خط الفقر السياسي والاقتصادي والثقافي والقانوني. من اللبننة إلى العرقنة إلى السورنة وأخيرا المصرنة الآن، هذا ما كتبته منذ لحظة الانقلاب الاولى. الحرية تخلق دولا قوية، لكن البسطار يخلق دولا فاسدة وفاشلة..النتيجة هي الاستمرار باغتيال الحرية في المنطقة. مشكلة الاخوان المسلمين في العالم العربي ومصر خاصة، أنهم يحتمون بتركيا لكن لايقتدون بتجربتها الرائدة. لا وفوق ذلك يركضون خلف طهران…

التشدد الاسلامي

 بعضهم يحاول الاستفادة من وجود تنظيمات جهادية على الارض السورية كتنظيم دولة العراق والشام فرع للقاعدة(دعش) والاستفادة من بعض متشددي الصناعة الارهابية في العالم ليدفن معالم الجريمة الاصلية والمستمرة بحق شعبنا، من قبل الطغمة الحاكمة.. لكي يعود البسطار فوق رؤوس هؤلاء..ليس لأنه افضل من التشدد الاسلامي أبدا بل لأن لهم مصلحة في ذلك سواء كانت مادية أو طائفية. يريدون أن تنسى الجريمة الاصلية وتدفن في ملقات الارهاب وقضايا أخرى.

كل التنظميات الملثمة هي ملثمة لأنها تعرف انها خارجة عن القانون، لو كان ثوريا لما تلثم، بل لأنه صنيعة الاستخبارات، لايوجد في العالم ارهاب قطاع خاص او ارهاب مجتمع اهلي، الارهاب يحتاج لدول تموله، واجهزة استخبارات، وكانت الاستخبارات السورية تفتخر أنها تصنع الارهاب وتصدر لدول المنطقة، العراق 2009 عندما حاول المالكي تقديم شكوى بهذا الخصوص ضد الطغمة الاسدية واهملت الشكوى بضغط إيراني وامريكي. مع ذلك لنلاحظ موقف قسم من المعارضة السورية، وقسم من اعضاء هيئة التنسيق تحديدا (أيام ما سمي بالمقاومة العراقية بين 2003 و2009 والتي كان يتزعمها بقايا بعث صدام حسين وتنظيم القاعدة…كان بعض عتاة هيئة التنسيق هم محامي الدفاع الاول عن هذه المقاومة…وكلنا يتذكر ملف اعتقال خلية القاعدة في مدريد وتيسير علوني…من كان قائد الدفاع عنهم؟ ومن كان يدير حملة الدفاع هذه بالتنسيق مع قناة الجزيرةالآن اصبحوا ضد القاعدة.. ليس لأنها قاعدة كما يدعون بل لأنهم يعتقدون أنها ضد النظام…) المشكلة حتى ليس بوجود الارهاب بل المهم اغتيال حرية شعبنا. كيف اصدق من كان يدافع عن الارهاب في العراق، يصبح ضده في سورية، مع أنه نفس التنظيم ونفس الاشخاص حتى!!؟

 الارهاب بالنهاية تنظميات خارجة عن القانون، مهما كبرت. بالامكان السيطرة عليه في الحرية..

اغتيال الحرية هي التي تسمح للعسكر والفساد ان يستمر…

ايلاف

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى