إحسان طالبصفحات سورية

افتقار الخطاب الرسمي السوري للعقلانية

 

    احسان طالب

    بسذاجة متناهية وإغفال شديد البلاهة للوقائع على الأرض أعلن وزير الإعلام السوري قرب انتصار النظام على الثورة ، ولما سأله أحد الصحفيين عن ادعاءات المعارضة بسيطرتها معظم المناطق في سوريا أجاب باستخفاف غريب: أية سوريا؟ كان ذلك في مؤتمر صحفي عقده في دمشق 23-12-2012. أكد فيه الوزير على ثبات الموقف الروسي من القضية السورية واستمرار الدعم اللا متناهي للنظام في مواجهة شعبة بحجة حماية الدولة والدفع نحو حل سوري خالص ينبثق من إرادة السوريين وحدهم. قبل يوم واحد من مؤتمر الوزير عمران الزعبي صرح السيد لافروف رئيس الدبلوماسية الروسية باستحالة وجود حل يحقق تغيير النظام أو تنحي الرئيس بشار الأسد ، وفي تناغم معهود توافقت وجهتا نظر المسؤولين بل تطابقتا ، ما يوحي بخطاب موحد تنتهجه الإدارتان السورية والروسية ، ذلك الخطاب المبني على تناقضات وتصريحات متضاربة شكلا ومضمونا كمحاولة للتضليل وإضاعة الوقت وذر للرماد في العيون للالتفاف على الحقيقة وتمرير خط سياسي يرسخ الاستبداد ويحمي الفساد ويناصر البغي والطغيان على شعب مقهور يناضل لنيل حريته وحقه في اختيار نظام الحكم وانتخاب ممثليه بعيدا عن القهر الأمني والخنق الإعلامي. قبل أيام معدودة أتيح لنائب الرئيس السوري إجراء مقابلة صحفية ـ ما زالت ملابساتها غامضة ـ مع جريدة خاضعة لحزب حسن نصر الله الإيراني اللبناني ـ جريدة الأخبار ـ طالب فيها بانتقال سياسي عبر حكومة وحدة وطنية تشاركية بين السلطة والمعارضة تفضي إلى تقليص سلطات الرئيس تمهيدا لتنحيه كحل لأزمة لا يبدو أنها ستحسم عسكريا لصالح أي طرف من أطراف النزاع كما صرح السيد الشرع، الغريب أن يقول وزير الإعلام عن نائب الرئيس ” إنه واحد من 23 مليون سوري” أي ليس له أي صفة خاصة أو مكانة مميزة يعني مثله مثل بائع اليانصيب في الشارع هكذا! كذلك كان الحال عندما انشق رئيس وزراء سوريا الأسبق رياض حجاب واعتبر موقفه شخصيا أيضا بل وعاديا، وهو نفس الوصف ينطبق على جهاد مقدسي المتحدث الرسمي باسم الخارجية السورية، إنها الدولة الأمنية بامتياز تلك التي لا يعني فيها كلام نائب الرئيس شيئا ولا يهز طرفها انشقاق رئيس الوزراء ويغير في عنجهيتها وتكبرها هرب المتحدث الرسمي ناهيك عن انشقاق وهروب عشرات الآلاف من ضباط وصف ضباط وجنود وانتقالهم لمواجهة النظام بدلا من الدفاع عنه ،

    يوم 22-12-2012 قصف الطيران الحربي فرنا لصناعة الخبز كان يقف حوله مئات من السكان المدنيين يقع في قرية حلفايا التابعة لريف مدينة حماه السورية ، نجم عن القصف مئات القتلى والجرحى تناثرت أشلاؤهم في الطرقات مع غياب ملحوظ لأية رعاية صحية أو توفر لسيارات الإسعاف أو تجهيزات طبية ، تلك المنطقة حسب المعارضة تم تحريرها من القوات النظامية قبل أيام قليلة فقط. تجدر الإشارة هنا إلى أنها ليست المرة الأولى بل تكرر الحدث مرات عدة في أماكن عدة بذات المواصفات وذات الحيثيات، في انسجام مع خطاب السيد الزعبي، اعتبر إعلامي مشهور الحادثة من فعل المعارضة المسلحة ! نعم ! المعارضة المسلحة تحرر المنطقة من قوات النظام ثم تقوم كل مرة بإلقاء القنابل المتفجرة على رؤوس أهلها ومن وقف بجانبها واحتضنها ، ومع ذلك يستمر الأهالي المدنيون في تلك المناطق بإيواء المسلحين ودعمهم والتظاهر دعما لمشروعهم السياسي وتأكيدا للشعارات التي يقاتل تحت رايتها المسلحون . ببساطة متناهية خطاب السلطة لا يحترم العقل ويستخف بالمتلقي. إنه خطاب جنون أفسده الغرور والتكبر وتجاهل الشعب والحقيقة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى